الفصل الخامس

رأينا الكثير من الصراعات على المال والسلطة ولكن أرأيت يومًا صراعًا على الحب؟ أن تُهدم دولة كاملة بحضاراتها وشعبها لأجل حُب مُحرم؟ قرأت الكثير عن الحروب التي قامت بسبب حب بين مملكتين أعداء، روميو وچوليت، قيس وليلى والكثير من القصص التي كانت نهايتها مؤلمة، ولكن لم أسمع عن حرب قامت بين حبيبين, أليس الحب كافيا أن يمنع الفراق؟!
في فيلا فريد الشهاوي
كانت تجلس ملك على كرسي مكتبها وتعبر عن أحزانها في سطور دفترها، ذلك الدفتر الذي يحتوي نزيف قلبها، فتحت صفحة جديدة بيضاء وكم تمنت بداخلها أن تصبح حياتها بيضاء مثل هذه الصفحة، تمنت أن تفقد ذاكرتها فلا تتذكر شيئًا ولا تشعر بشيء، أمسكت قلمها وكتبت "
من إمرأة تعاني جراح الحب إلى مُعذبي:
"اشتقت لك وأما بعد...
مزقت الخيانة أوصالي، أشعر بالعجز فأنا لست كافية للرجل الوحيد الذي يحتل قلبي، لست جميلة حتى أصبح في عينيك كل النساء، ولم يكن حبي يستحق أن تقدره، أكتب إليك لأنني ليس لي سواك، قلبي يحبك وعقلي لا يحتمل سماع اسمك، تمنيتك كيوسف لا تلتفت إلى أجمل النساء، تمنيتك زاهدًا تستكفي بحبي عن العالم، ولكنك كفرعون طاغي لا تهتم بشيء ولا حتى بي......
أنا ياحبيبي امرأة ضعيفة يتآكلها الحنين، لا يرحمني الاشتياق ولا يشفق عليّ قلبي ويتوقف عن حبك.....إن غفرت لك الخيانة لن أغفر غيابك، أين أنت يا حالي وقوتي وجرحي؟ تعالى إلي وأحبني، أحبني وهذا أمر و رجاء وطلب لرحمتك بقلبي"
أنهت كتابتها ووضعت قلمها حين أرتفع صوت بكاء صغيرهًا، دخلت إلى غرفة ابنها وهي تبتسم، قبلته وقالت:
_لماذا تبكي يابطلي ويا أعز ما أملك؟ هل اشتقت لي أم أنك جائع فقط؟
ضحك الصغير فقبلته مرة أخرى وبدلت له ملابسه ثم بدأت في إطعامه، وبعد دقائق أخذته وذهبت إلى شركة زوجها.
كانت تسير في الشركة وهي تحمل ابنها الذي رفضت بأن تترك أحد يعتني به غيرها، كانت نظرات العاملين ما بين فخر بتلك الصغيرة التي تحافظ على شركات زوجها في غيابه، ونظرات أخرى مليئة بالحقد لتلك الجميلة المليئة بالحنان والحيوية، وأخرى لا تبالي بها، ونظرات شهوانية من الكثير من الرجال الذين يرونها فريسة سهلة، وواحدة عاشقة تقف بعيد تراقبها وانتظر حتى دلفت إلى مكتبها ثم دخل مكتبه وهو شارد بها.
دلفت مكتبها ووضعت الصغير في غرفة الألعاب الخاصة به بالداخل ثم وقفت تنظر إلى جميع أنحاء المنبى من النافذة، من كان يظن أن من الممكن لتلك الضعيفة الصغيرة أن ترأس مجموعة شركات بل وتحافظ عليها وترعى طفلها وتنتظر زوجها، ذلك المغفل الذي لم يستطع مواجهتها وتركها وسافر، ظن أنه بذلك يعوضها عن جراحها أو ألآمها، هبطت دمعة منها وهي تتذكر آخر لقاء بينهم.
فلاش باك
كانت تجلس على فراشها في منزل سالي الذي تركته وسافرت للغردقة حتى تأخذ هدنة من صراعها، كانت مُتعبة فمر على ولادتها شهر واحد، بكى الصغير "يوسف" بسبب صوت جرس الباب، نهضت ملك وهي متعجبة فهي لا تنتظر أحد، ولكنها ما إن فتحت الباب حتى اندفع هو نحوها وعانقها ووقف الحرس خلفه على الباب، ذهلت من وجوده واندفاعه نحوها بل وعناقه الساحق لها وكأنه..وكأنه اشتاق لها، تركها عندما تعالى صوت بكاء الصغير وذهب إلى غرفته، كان مترددا ولكنها جاءت خلفه ووضعت يدها على ظهره وقالت:
_إحمله، اسمه يوسف
حمله فريد بدموع وقبله باشتياق وهو يردد:
أسف، أسف، أسف، أسف.
‏نظر إلى يوسف الذي ذهب في النوم، قبله مرة أخرى ثم وضعه على فراشه والتفت لها وعانقها وهو يقول:
‏_أسف ياصغيرتي، أنا أسف، أنا أحبك، أحبك كثيرًا.
‏بكى وهو يدفن وجهه في عنقها، كانت مصدومة من اعترافه فلم يأتي حتى في أحلامها هذا اليوم الذي يعترف فيه بحبه لها، لم تجرؤ حتى أن تتخيل كلمة أحبك منه، ألقت آلامه وجرحه لها ورمت خلافاتهم وراء ظهرها وغفرت خيانته المستمرة وعانقته بذراعيها وهي سعيدة بحبه، فلا يهمها شيء الآن إلا حبه، همست بحنان:
‏_وأنا أيضًا أحبك، أنا هنا بجانبك وبين ذراعيك، أنا مازلت أحبك.
‏_لقد جرحتك كثيرًا وكان بُعدك صعقة حلت عليّ، أدركت أنني أحبك بعد رحيلك، بحثت عنكِ ووجدتك الآن، أنا أسف.
‏قبلها بحب، باشتياق...
‏باك

‏في تلك الليلة نامت بين ذراعيه وهي تشعر بانتصار لأول مرة، امرأة هزمتها الخيانة وجاء الحب ليُحيي ما قتل بداخلها، علمت من مذكرات سالي التي قرأتها سرًا أنها شقيقتها التي باعتها والدتها بسبب فقرهم، شعور مؤلم أن تكون عائلتك الوحيدة لا تنتمي إليها، كانت دائمًا تشعر بكره شقيقتها لها ولكنها علمت لماذا، لأنها ليست شقيقتها، ومع ذلك لم تعد لفريد، لقد ملت خياناته المتكررة، لقد حاربت من أجله ولكنها صدقت استحالة حبه لها، في تلك الليلة كانت تود الصراخ بأعلى صوتها "الرجل الوحيد الذي أحبه وقع في حبي" حتى يسمعها العالم كله، لقد أحبني!....... استيقظت في اليوم التالي لم تجده بجانبها ووجدت رسالة اعتذار وندم طويلة وسخيفة وبجانبها أوراق نقل ملكية الفيلا والشركة باسم صغيرهم، وبعد يومين وصل إليها ورقة طلاقها التي وإلى الآن لم تعترف بها، كان أجبن من الوقوف أمامها وطلاقها، كان قاسيًا متبلد المشاعر لا يشعر سلب منها السعادة بعدما عرفت معناها، جعلها تحلق في الفضاء ثم ألقاها بقسوة من فوق سحاب حبه إلى أرض مليئة بالحزن والأشواك، ورغم كل هذا مازالت تنتظره، أكثر من عامين ونصف ولم يظهر ومازالت تنتظر، لا أحد يدرك قسوة الانتظار لا أحد.
‏هي تعلم أنه بعد عنها لأنه يحتقر نفسه وما فعله، في تلك الليلة كان يهمس بكلمات اعتذار أكثر مما همس باسمها، لقد غفرت له كل خياناته ولكن كيف تغفر له الغياب؟ تخشى أن يهزمها الانتظار أو تصبح صديقة للملل.....
‏دلف إليها حاتم النويري وهو المدير التنفيذي للشركة ومن علمها كيفية إدارتها وأيضًا الوحيد الذي يساعدها فاستدارت له وابتسمت قائلة:
‏_كنت أنتظرك.
‏ابتسم لها وهو يتساءل بداخله كيف لابتسامة صغيرة تشرق روحه وتسعدها إلى تلك الدرجة؟
‏قال:
‏_كنت أنهي ذلك الملف.
_حسنًا، أعطني هذا لأراجعه.
أعطاها الملف وهو يسألها عن الصغير الذي ما إن سمع صوته جتى خرج له متعثرًا في خطواته، حمله حاتم الذي يضحك على ضحكات الصغير، فقالت ملك وهي تنظر إلى الملف:
_إنه يحبك كثيرًا، حتى أنه أحيانًا يهتف باسمك.
_أنا أيضًا أحبه جدًا، وكنت أريد أن أخرج معه في نزهة.
ابتسمت له ملك وهي تنظر له بامتنان فهو يعوض يوسف كثيرًا عن غياب أبيه وانشغالها عنه، فقالت:
_وماذا عني؟
نظر حاتم ليوسف وهو يسأله:
_أنأخذها معنا أم ستسبب لنا الإزعاج؟
قالت ملك بحنق:
_حسنًا لا خروج اليوم وسيكون لديك عمل إضافي أيضًا.
ضحك حاتم بصوت مرتفع، في غضبها تبدو كطفلة صغيرة تحتاج إلى الحنان والحب، مضت ملك على الملف ثم هتفت:
_هيا بنا.
نظر حاتم لحماسها بحب ثم قال ليوسف:
_هيا يا صغيري.
ذهبوا سويًا إلى الحديقة وظل حاتم يلاعب يوسف ويلعب معه وهي تراقبهم فقط، تراقب طفلها بحنان وتتمنى بداخلها ألا تشعره بغياب والده يومًا، تشكر الله بداخلها على وجود ذلك الرجل الذي لولاه لما كانت تقف هكذا بذلك الصمود الواهي، انتهوا من اللعب ثم ذهبوا إلى المطعم ليتناولوا الغداء، بدأت ملك في إطعام يوسف بهدوء وحنان وبين الحين والآخر تقبله وتحادث حاتم في أمور تخص عملهم، وكان يستمع هو إليها بابتسامة يخفي وراءها ألم حبه لها، أحبها وهو يعلم كم هي مخلصة لطليقها الأحمق الذي تركها وذهب، رجولته تحثه على الابتعاد عنها وقلبه يرفض هذا ويصر على البقاء والمحاولة لجعلها تحبه، انتهوا من الطعام فحمل حاتم يوسف النائم وأوصلهم إلى منزلهم.
في روما وتحديدًا في فيلا لورينا
_لم أعد أنتظرك، لا تبحث عني.
_توقفتي عن حبي؟
_لم يكن حبًا كان وهم.
مد لها يده وقال:
_تعالي إليّ، أمسكي بيدي..
_لن أمسك بها هذه المرة، يداك أصبحت غريبة عني منذ تركي في المرة الأولى، لقد تركت يدي وكأني سهلة الترك....
استيقظت لورينا من ذلك الحلم المؤذي بالنسبة لها، حتى في أحلامها لن تمسك يده، لن تقترب منه، عقلها يمنعها من الاقتراب حتى في أحلامها، نهضت بقميصها الأزرق الحريري ودلفت إلى الشرفة فضربها الهواء البارد ولكنها لم تبالي، فتحت ذراعيها وأغمضت عينيها وقالت:
_أريد الحرية، ما أصعب الاستسلام ما أسهل الهزيمة، أريد حياة هادئة بعيدة كل البعد عن المؤامرات والكذب والخداع والتخفي...والحرب
ارتفع صوتها وهي تصرخ قائلة:
_أريد التخلي عن هذا العالم، أريد التحرر من قيدي، الخوف قيد قلبي وحياتي، لقد تعبت من الفرار أطالب بالاستقرار، هل أحد يسمعني؟ لا أريد الصمت أريد الصراخ...
صمتت بعدما أخرجت جزء من انهيارها، تحاول ولو خروج جزء بسيط لا يتعدى ال 1٪ مما تشعر، أعدت قهوتها وكتبت في دفترها "كل الطرق لا تؤدي إليك، كل الطرق مستحيلة"

ارتدت إحدى فساتينها السوداء ذلك اللون الذي بات يرافقها منذ موت والدتها، لا تنكر حبها إلى اللون ولكنها تشعر بالشبه معه، قراراتها سوداوية، أفكارها معتمة، تعيش في ظلام ويأس، تهرب من اليأس إلى الهزيمة ثم إلى القاع فتظن أن لا سقوط بعد الآن ولكنها تتفاجأ بسقوط آخر أشد قسوة وقاع آخر أشد ظلامًا، تبحث عن النور فتجده في آخر الطريق ولكنه يكون نارًا قادمة لتحرقها، تحاول الخروج رغم استحالة الأمر، تعافر وتصمد وتتحمل ولكن سيأتي اليوم لتنهار فيه، إنهيارها سيكون بلا رحمة.
ذهبت إلى عيادتها وهي تتذكر حديث لها كان بينها وبين ديفيد قبل محاولة إنتحارها "ليتني أكثر جرأة لأذهب إليه وأبوح له بكل شيء، ولكن ليس لدي الشجاعة لأقول له اخترت النجاة برفقة عدوك والبعد عنك ولم أختر الموت وأنا على مسافة بضعة أمتار منك، لو كنت أحبه لكنت اخترت الموت، لكنت لم أمسك بيد ليث وأوافق على ذلك الإتفاق الأحمق، البعد عنه هو موتي وأنا على قيد الحياة، لن يسامحني ياديفيد، لن يسامحني"
ابتسامة سخرية ظهرت على شفتيها، هي تعلم أنه لن يسامحها ولكن وماذا عنها؟ هي أيضًا لن تسامحه، لن تسامحه أبدًا.
دلفت إلى شرفة عيادتها وروت الزرع وهي تستمع لأم كلثوم وهي تقول "والهوى أه منه الهوى، ياحبيبي يلا نعيش في عيون الليل" تستنكر بداخلها ما يفعله الحب بالمرء، يجعله تائه، يجعل التفكير يعصف به ويسلب النوم منه، يجعله يفعل أي شيء حتى يتخلص من الاشتياق، الحب يجعل الإنسان في بعض الأحيان أحمق ينكر الحقيقة المؤلمة فقط لأنه يحب، وكانت هي واحدة من هؤلاء الحمقى.
"إزاي إزاي إزاي أوصفلك يا حبيبي إزاي قبل ما احبك كنت إزاي"
هي أحبته منذ عمر الخمس سنوات فلا تتذكر حياتها قبل أن تحبه، ولكنها تتذكر حياتها في حبه، تتمنى لو كانت شخصًا عاديًا، ولأول مرة تتمنى لو لم تكن أحبته....كيف يوقف المرء ذكرياته؟ كيف يتعافى من الحب؟
أطفئت لورينا الأغاني في الوقت نفسه الذي دلفت فيه الممرضة بجانبها فتاة جسدها ممشوق بشدة، شعرها مصبوغ باللون البني وعينيها سوداء، جلست الفتاة أمام لورينا و التي تعرفت عليها على الفور فقالت:
_مرحبًا بكِ
ردت الفتاة بهدوء:
_أنا...
قاطعتها لورينا قائلة:
_عارضة أزياء روما المشهورة إيلا زهران.
_سعدت أنكِ تعرفتِ عليّ يا لورينا.
اكتفت لورينا بإماءة بسيطة تحثها على التكملة فقالت إيلا:
_لست مريضة، أنا أريد أحد يسمعني.
ابتسمت لورينا عندما رأت توترها فعلمت أنها كانت مترددة في المجيء فقالت:
_أنتِ جميلة يا إيلا، ويمكننا التحدث كرفقاء فأنا في الواقع مهندسة ولست طبيبة نفسية، ولكن أنا هنا لأستمع لمن لا يجد من يستمع له، وصديقة لمن لا يوجد أصدقاء لديه.
ابتسمت إيلا بشدة فهي كانت بحاجه الاطمئنان وشعرت بصدق نبرتها، ولكن تغير حالها عندما تذكرت لماذا جاءت فسألت لورينا:
_هل أنا جميلة؟
_لم يخلق الله شخصًا قبيحًا، وأنتِ جميلة جدًا يا إيلا.
_إذًا لماذا لم يحبني؟ أليس الرجال ينجذبون إلى المرأة الجميلة؟ ماذا فعلت لكي يعاقبني الله وأحب شخصًا يحب الجميع إلا أنا.
أخذت أنفاسها ببطء حتى تستعد لسرد ما يؤلمها فقالت:
_أنا إيلا زهران، 22 عامًا، والدتي سيدة روما نانيس سايرن فهي متزوجة من رجل الأعمال المعروف سايرن، ذلك الرجل الذي أحبني كإبنته ولم يبخل عليّ بشيء حتى بعدما جاءت أختي الصغرى، هو يحب والدتي كثيرًا، فهو تزوجها وأنا طفلة ذات الثلاث سنوات.
هنا ضحكت لورينا بداخلها بسخرية وصدمة على ذلك الرجل لا يعرف شيئًا عن ابنته الكبرى ويعامل ابنة زوجته وابنته الصغرى بكل حب فقط لإنهما من المرأة الوحيدة التي أحبها، مسكينة أُرورا.
أكملت إيلا:
_منذ عمر الخمس سنوات وأنا أحلم بأن أكون عارضة أزياء وبالفعل أصبحت كذلك منذ عمر الخامسة عشر، وفي عمر الثامنة عشر رأيته.
تنهدت بألم ثم أكملت:
_المصور المشهور أورهان باريش، تعرفت عليه أثناء جلسة تصوير ثم أصبحنا أصدقاء، ولكني بدون قصد أحببته، ومتى كان الحب يقصد؟ منذ متى والإنسان يختار من يحب؟ كنت بجانبه دومًا، في أوقاته السعيدة أفرح معه، وفي أحزانه أسانده، كنت أمتص غضبه كأني والدته وأخاف عليه كأنه كل ما أملك، لكنه يعلم بحبي له، أقسم لكِ أنه يعلم أنني أحبه، كان عندما يحب فتاة يأتي ويخبرني أنه يحبها، كان يتعمد هذا وكأنه يسعد عندما يراني حزينة، وربما يشعر بالفخر عندما يرى ألم حبه في عيني، أحب الجميع إلا أنا، أحب ابنت خالته ثم تركها، أحب صديقته ثم تركها، أحب صديقتي المفضلة ثم تركها، وفي النهاية جاء ليخطب شقيقتي الصغرى بيلا سايرن وحفلة خطبتهم غدًا، أحب الجميع ولم يحبني وأنا التي كنت بجواره دومًا، كان يرى الجميع ولم يراني أنا، كان يتودد ليقترب من الجميع إلا أنا، الكثير من الرجال يتمنوا تلك اللحظة التي أنظر لهم فيها وهو لم يحبني، لماذا؟
كانت دمعاتها تنساب وهي تتحدث، وقفت وضحكت بشدة ثم قالت:
_أتعلمين؟ لقد صارحته بحبي أمس، أتعلمين ماذا كان رده؟
صمتت لحظة ثم قالت:

_ قال لي "أعلم بحبك ولكني لم أحبك يومًا" لم تقتلني جملته كما قتلتني تلك الشفقة في عينيه
تهاوت على مقعدها مرة أخرى بضعف ثم قالت:
_حبي له جعلني مثيرة للشفقة.
صمتت لتبكي بهدوء، كانت لورينا تراقب انفعالاتها بحزن وهي تتذكر جملة الأميرة ديانا "لقد أحبني البيض والسود ولم يحبني الرجل الوحيد الذي أحبه"
دونت لورينا بعض الملاحظات ثم قالت:
_علاقة مؤذية، لقد أحببتِ شخص مؤذي، كان يستمتع بإيذائك في الوقت الذي تفعلي فيه كل شيء لراحته، إن كان شخصًا آخر لكان ابتعد عنكِ عندما علم بحبك له وأنه لن يستطيع أن يراكِ حبيبته ولكنه لم يفعل هذا بل كان يُزيد من وجعه لكِ ويخبرك بعلاقاته بكل برود، هو مريض نفسي، يتمتع بشعور الأذي وهذا النوع من الأشخاص لا يُحب ولكنه فقط يستمتع.
أاتطاعت لورينا جذب انتباه إيلا، فأكملت:
_عزيزتي إيلا، أحيانًا يكون الرفض أفضل من الاستمرار الكاذب، لا يمكننا السيطرة على قلوبنا ولكن يمكننا عدم التلاعب بقلوب الآخرين، تخيلي معي للحظة أنه أخبرك بحبه وهو بداخله يكذب فقط لأنه يشعر بالشفقة تجاهك ، تخيلي حياتك معه كيف ستكون؟ هو لن يمكنه التظاهر بالحب طيلة العمر وربما بعد سنوات من زواجكم يتركك لأنه وجد حبه الذي لن يستطيع التخلي عنه، وأورهان شخص مؤذي كما قلت لكِ فحينها سيتفنن في تركك بالطريقة التي ستكون أشد ألمًا لكِ.
نظرت لورينا لإيلا ثوان ثم أكملت:
_الذي لم يُحبك الآن لن يحبك ولو بعد مائة عام.
نظرت لها إيلا بعد جملتها الأخيرة وكأنها صفعتها بتلك الجملة.
استكملت لورينا حديثها قائلة:
_أقسم لكِ أن أورهان لا يحب بيلا ولكنه يريد إيلامك أكثر وستري هذا، لا تبتعدي عنهم وتألقي في حفل خطبتهم، أخبري نفسك في لحظات ضعفك واشتياقك "أنك تستحقي الأفضل، تستحقين الحب، تستحقين أن يجعلك أحدهم أعظم انتصاراته، أن يحب أحدهم جمالك الداخلي قبل أن يغرم بجمال وجهك" أنتِ قوية كثيرًا يا إيلا، أنتِ أقوى من علاقة مؤذية ومن حب غير متبادل، أنتِ قوية للدرجة التي جعلتك تستمري في علاقتك معه رغم علاقاته بالفتيات الأخريات متجاهلة ألم الغيرة ووجع التجاهل وحزن الحب، أنتِ تستحقي كل الحب.
كانت إيلا تستمع للورينا بكل إنصات، فحديث لورينا يعانق قلبها المحطم.
مسحت دموعها وهي تقسم على نسيانه، نظرت لروينا وابتسمت بحب ثم قالت:
_أنتِ صديقة رائعة وحبيبة عظيمة.
_أنا هنا دائمًا في كل الأوقات لأستمع لكِ.
نهضت إيلا لتغادر وقبل أن تضع قدمها خارج الغرفة، أمسكت هاتفها وأرسلت له رسالة بها"الآن أقسم لك أنك انتهيت بالنسبة لي" غادرت وهي تمسح رقم هاتفه وذكرياته، غادرت وهي قوية لن يهزمها الحب بعد الآن، كانت تردد "أنا أستحق أفضل من هذا، أستحق كل الحب"
بعدما غادرت إيلا جلست لورينا تنظر أمامها بتمرد، لماذا لا يكن الحب رحيمًا بنا؟ ما الذي يدفع المرء ليؤذي الشخص الوحيد الذي أحبه؟
لا أحد يستحق علاقة غير سعيدة، فنحن عندما نختار شخص ما ونجعله أول اهتمامنا ننتظر أن يفعل هو ذلك أيضًا فلماذا لا يفعل؟ لماذا أحب شخصًا يراني عادية؟
لم تكذب أم كلثوم عندما قالت"أهل الحب صحيح مساكين" جميعنا نتألم من الحب ونظل نحب.
تذكرت ساره تلك المسكينة التي أحبت ذلك الوغد ولم يحبها، أحبته بكل نقاء وكانت تريده هو فقط من العالم وهو لا يريد غيري من العالم.
تذكرت ليلى التي ماتت وكانت تتمنى من بين العالم أجمع شخص واحد يحبها.
تذكرت معشوقها بكبرياؤه وتسلطه الذي منعه بالاعتراف بغلطه، ربما لو لم يتزوج من سيلا لكي يعاقبها كانت ستكون معه الآن برفقة عدي وليلى، ربما لو كان تنازل قليلا لكانت تحارب من أجله العالم بأسره وليس فقط ليث، ولكن ستحارب من أجل من؟ هو تركها، تركها لأنه أناني، لم يغفر لها شيئًا وتركها، كل همسات الحب الذي كان يخبرها بها تلاشت مع أول غلطة منها.
تنهدت ثم قالت:
_لم أعد تلك الحمقاء، لن أعود لك مرة أخرى، سأنهي تلك الحرب وسأبدأ حربي معك لأجل أطفالي، أنت ظالم ومخادع كثيرًا يامحب.
خرجت إيلا من عيادة لورينا وهي تبتسم وتقول:
_أنا أقوى من الحب، أقوى من حياة مزيفة أعيشها، كنت أريد أن أصبح مشهورة وها هي الشهرة بماذا أفادتني؟ الأضواء تسير خلفي ولكن إن سقطت لن يلتفت لي أحد، أحببت شخصًا مؤذيا لم يحبني يومًا، ولكني أقوى من الجميع
وصلت إلى النهر ونظرت له ثم قالت:
_أنا أقوى من خوفي، أخاف من الماء ولكن اليوم أريد السباحة.
قالت جملتها ثم رمت نفسها في النهر وهي تبتسم، تبتسم ولا تحاول النجاة، هي لا تعرف العوم ولكنها تبتسم وتختنق وتغوص في الأعماق، كان عقلها يعرض عليها شريط علاقاتها فيجعلها تبتسم أكثر حتى قالت بداخلها "سأموت وأنا قوية وأحبني، كنت أنتظر أحدًا ينقذني" ثم
دقيقة
دقيقتان
وانتهى أمرها وتوقفت أنفاسها ومازالت تبتسم.
تجمعت الناس عندما رأوها تلقي بنفسها ولم يحاولوا إنقاذها فكانوا منشغلين بالتصوير، جاءت الشرطة وبعض من الصحافيين وقامت الشرطة بإخراج جثتها وكُتب "انتحار عارضة الأزياء إيلا زهران وهي مبتسمة"
في موسكو

دخل المدير إلى غرفة تلك المجنونة وهو يصرخ "إستيلا" انتفضت إستيلا ووقعت من فوق مكتبها التي كانت تجلس عليه في لحظة دخوله إليها، نهضت وهي تنفض بنطالها الأسود وقميصها الأبيض والتقطت الوشاح الأسود الذي تلفه حول رقبتها ثم قالت:
_ما بك؟! لقد أخفتني.
قال المدير بسخرية:
_حقًا؟! هذا جزء بسيط مما سيفعلونه بكِ يا حمقاء.
بدأ يدور حول نفسه وهو يقول:
_ماذا فعلت في حياتي يا الله حتى تعاقبني بتلك الفتاة.
_ماذا فعلت؟
_ستغلق الجريدة بسببك وسأتشرد في الشوارع والطرقات.
_كل هذا؟
المدير وهو يلقي الجريدة عليها:
_لم تجدي حديثًا آخر سوى عن تلك العائلة؟
نظرت إستيلا إلى مقالها ثم قالت:
_أنا أنقل للمواطن ما يحدث ومن حقي التعبير عن الرأي.
_ليس هنا، أنتِ لستِ مثلهم، لن تقدري على مواجهتهم، لقد مر مقال كريستيان على خير فلماذا تضعي نفسك في مصيبة أخرى؟
صمتت إستيلا لدقيقة ثم قالت بعقلانية:
_إن كنت تخشى من هم أكثر سلطة عنك أو أنشأت تلك الجريدة حتى تكتب ما يملوه عليك والذي يتماشى مع أهواءهم فمن المؤسف أن أخبرك أنك اخترت الشخص الخاطئ ليعمل معك، فأنا لست كذلك ولن أكون كذلك، لا يوجد ما أخشاه وسأكتب ما أريد، والآن إن كنت لا تتحمل مقالاتي فيمكنني المغادرة.
قال المدير:
_تمهلي قليلا، إجعلي وقت بين كل مقال والآخر حتى لا يضعونك تحت أعينهم، أنا خائف عليك يا ابنتي.
ضحكت ثم قالت:
_لا تقلق سأجعل المقال القادم بعد غد بدلًا من غدًا.
قال المدير وهو يخرج:
_يا الله أرجوك اجعلهم يقتلونها.
جمعت إستيلا أشياؤها ثم استعدت للمغادرة.
في المطعم المقابل لمقر الجريدة، جلس كريستيان وهو يمضي صفقة سياراته الجديدة مع شخص ما حتى لفت نظره تلك الفتاة البرتقالية وهي تخرج من مقر الجريدة، ابتعد بنظره عنها ولكن سرعان ما عاد ينظر إليها فوجد سيارة سوداء يهبط منها أربعة أجسام ضخمة ويتوجهون إلى تلك الغبية الواقفة وتنظر أمامها، خرج كريستيان من المطعم بسرعة وخلفه حرسه وكاد يعبر الجهة الأخرى ولكن وجدهم يحملون إستيلا ويدخلونها السيارة وذهبوا، قال كريستيان لحرسه:
_إقطعوا الطريق عليهم.
صعد كريستيان بسيارته وصار خلف تلك السيارة و انطلقت سيارات الحرس الخاص به من الطريق المعاكس حتى يقطعوا عليهم الطريق.
في تلك السيارة
كانت إستيلا تجلس في المنتصف فقالت:
_ألا يوجد مشروب هنا؟ هذه الضيافة لا تليق بي.
قال أحد الرجال:
_هذه الفتاة مزعجة كثيرًا.
كادت تهجم عليه ولكن الآخر منعها فقالت:
_ماذا قلت أيها الثور؟ أنا مزعجة بل أنت الذي......
توقفت عن الكلام بسبب اندفاعها إلى الأمام بتوقف السيارة فجأة، فقالت:
_هل وصل بكم البخل حتى تجلبوا سائق لا يعرف القيادة؟
نظر لها الرجال بغضب ثم هبطوا من السيارة حتى يروا من الذين قطعوا عليهم الطريق.
هبط الحرس الخاص بكريستيان ثم كريستيان الذي ما إن رأى ماركوس الذي كان يقود السيارة السوداء حتى قال:
_ماذا تريد بتلك الفتاة؟
انحنى ماركوس لسيده فكريستيان يكون ابن شقيقة ديفيد ثم قال:
_لقد أمر سيدي بأن نلقن تلك الفتاة درسًا.
جاءت من خلفه إستيلا وقالت:
_أنا قادمة معكم بإرادتي فلتعرف هذا.
نظر كريستيان إلى جسدها الصغير الذي يكاد يظهر من خلف ماركوس ثم قال:
_قل له أنني سأتولى أمر تلقينها درسًا.
ابتعد ماركوس عن إستيلا التي ما إن رأت كريستيان حتى قالت:
_هذا أنت؟ ألم تقل أنك عفوت عني؟
ابتسم كريستيان ثم قال:
_يبدو أنك فعلت مصيبة أخرى حتى يأتي ماركوس بنفسه ليأخذك.
قال ماركوس:
_بعدما نشرت مقالها عنك وعلم سيدي بعفوك عنها جعلنا نراقبها ولكنها نشرت مقالا آخر ويبدو أنها لن تصمت حتى نقتلها.
ركضت إستيلا خلف كريستيان بعدما قال ماركوس جملته، فقال كريستيان بسخرية:
_أراكي تحولتي إلى قط مذعور الآن.
_كنت أريد موتة أقل قسوة من هذه.
قال ماركوس وهو يشير إلى رجاله بالانسحاب:
_حسنًا سأخبر سيدي أنها بحوذتك.
نظرت إستيلا لماركوس بغضب ثم قالت:
_لن يفعل لي شيئًا.
ثم أخرجت له لسانها فجذبها كريستيان من ثيابها ثم ألقاها في سيارته وأمر سائقه بالتحرك.
قالت إستيلا وهي تجلس بجانب كريستيان:
_إلى أين ستأخذني؟
لم يرد عليها فقالت:
_أنا جائعة.
_ألم تتأكدي من سلامة عقلك من قبل؟
_لا.
قال بيأس:
_حسنًا أنا سأفعل ذلك.
رفعت شعرها البرتقالي ثم قالت:
_أنا جائعة كثيرًا، لقد أخذو حقيبتي الممتلئة ببسكويتي المفضل.
شعرها البرتقالي يغويه للعبث به، فاق على صوت رسالته فوجدها من مساعده الذي أمره بأن يرسل له المقال الذي نشرته، بدأ كريستيان في قراءة الرسالة "
مليار شخص وعائلات تحكم العالم
"توحيد ديانة العالم.....مليار بشري فقط"
وفقًا لقول كارا موزرا فإن البشر الآن يقوموا باستهلاك نصيب مهول من موارد الكوكب، أكدت الكثير من الأبحاث أن التزايد المستمر للبشر سوف يؤدي إلى نقص في الموارد الأساسية في الكوكب "تزايد البشر ضد قوانين الطبيعة".

وهذه الأبحاث أظهرت مخاوف الكثير ممن يهتمون بالطبيعة بشكل مُخيف وغالبًا هم من مناهضي العولمة، قال كارا موزرا إن الدول المتقدمة بالرغم من أنها على مستوى عالي من الاستهلاك ولكنها تؤيد أخذ التدابير العسكرية والاقتصادية لجعل العالم غير متطور صناعيًا.
تزايد البشر سيزيد الاستهلاك، الأدخنة، المواد السامة..
ومن هنا جاء مشروع المليار الذهبي وهذه ليست النظرية الأولى، تقوم تلك النظرية على استغلال دول العالم الثالث والقضاء عليه، فتلك النظرية تتمحور حول أشخاص الطبقة العليا وهم غالبًا في الدول المتقدمة ذات السيادة الدولية، وهم من يملكون كل سبل العيش لحياة مُرفهة.
خطة المليار الذهبي وهي ليست إلا أحد الانتهاكات التي تقوم بها المجموعة السرية الغير معروفة "دعني أخبرك أنهم السبع عائلات التي تحكم العالم" وهم الأكثر قوة في هذا العالم، وأول الخطط هي ترسيخ أفلام هوليوود التي ترسخ فكرة المشروع في أفلامها المستمرة حول وحوش تقضي على نصف الكوكب، ڤيروسات تبيد الكثير من البشر، بحجة أنهم أصحاب قضية.
ولكن ياعزيزي القارئ تلك كانت الطريقة الأكثر سلمية، فإنتاج الڤيروسات هي الطريقة الشائعة الآن والأكثر خطورة، ألم تسأل نفسك لماذا الصين؟ حسنًا إن كنت سألت نفسك هذا السؤال من قبل أو أنا من طرحته عليك دعني أقول الإجابة بوضوح "لأن الصين أول الدول من حيث السكان وتكاد تصبح بها ربع سكان العالم" فانتشار الڤيروسات سيجعل الدول النامية تختفي بمرور الوقت، دعني أسألك سؤال آخر الملايين التي تنفقها الدول المتقدمة في اللاشيء أليست قادرة على حل المجاعات في الدول الفقيرة؟ نعم قادرة ولكن هم يريدون ذلك حتى تؤدي المجاعة إلى موت الكثير من البشر ويصبح العالم واحد مليار فقط.
العائلات التي تحكم العالم ومخطط الماسونية
الماسونية تهدف إلى توحيد العالم تحت ديانة واحدة وهي اللاديانة، تشير إلى أن الفقراء هم عبء على العالم، العالم يترأسه سبع عائلات تتحكم به، ترفع اقتصاد الدولة التي تريد وتخفي الدولة التي تريد، ومن تلك العائلات هي عائلة آل روتشيلد والتي تملك ثلث اقتصاد العالم، قامت تلك العائلة بتنفيذ مشروع يسمى "مشروع هارب" أو "مشروع الشعاع الأزرق" حيث توصلوا العلماء إلى الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الأمطار والزلازل وارتفاع الأمواج وقاموا بفعل هذه المسببات بطرق صناعية، حيث يخطط مشروع هارب أو الشعاع الأزرق إلى وجود خيال يظهر في السماء ويتحدث عن طريق موجات الصوت "سيعتقد الجميع أنها نهاية الزمان مثلما هو مكتوب في الديانات السماوية” ولكنهم سيحدثونهم عن التوحيد واللاديانة وسيجمعوا من يؤمنوا بهم ومن يرفض سيقتلوه.
دعني أخبرك في نهاية هذا المقال أن ما كتبته هذا هو الشائع في الكثير من الكتب والمواقع الإلكترونية ولكن خطة المليار الذهبي تهدف إلى "قتل مليار شخص من البشر وثم وقف تزايد البشر وتحديد النسل، توحيد الستة مليار إلى ديانة واحدة وهي الماسونية أو مصادقة الشيطان، مشروع هارب يهدف إلى عمل زلازل وبراكين وأمطار كيميائية صناعية بفعل المسببات الصناعية التي توصلوا لها فيؤدي حدوث كوارث طبيعية ظاهرية واصطناعية خفية تؤدي إلى وفاة العديد من البشر واختفاء الدول الفقيرة، تهدف الماسونية إلى وجود الطبقات العليا فقط، السبع عائلات هم من يقومون بإخفاء دولة وإنهيارها أو تقدم دولة وإزدهارها، عائلة روتشيلد هي العائلة الظاهرية لتلك القوة الخفية التي تحكم العالم"
نظر لها كريستيان بذهول وقال:
_أنتِ يا برتقالة تتحدثي عن قضية بمثل تلك الخطورة؟
أشارت إستيلا لنفسها بغباء وقالت:
_أنا برتقالة؟
قال كريستيان:
_هل تدركي خطورة الأمر؟
_أين تلك الخطورة؟ أنا أكتب فقط، هل كل مشكلتي أنني أكتب؟
_ماذا ستجني من هذا سوى المصائب، أنتِ لا تعلمي ديفيد ولكن حسنًا أنا سأنهي الأمر.
نظرت له بضع ثوان ثم قالت:
_أعتذر على قطع انشغالك لإنهاء الأمر ولكني جائعة ألا تفهم؟
تمتم كريستيان لنفسه:
_أنت الذي منعت ماركوس من قتلها فتحمل الأمر.
نظر للسائق وأخبره أن يتوقف أمام أول مطعم يقابله، دلفوا إلى المطعم وجلس كريستيان أمامها وطلب لها الطعام فقالت:
_لماذا جئت خلفي؟
أجابها ببرود:
_لو فتاة أخرى حدث لها هذا كنت فعلت ذلك أيضًا.
_هذا يعني أنك لا تراقبني؟
جاء النادل وأنزل الأطباق فقال كريستيان:
_ولماذا سأراقبك؟
_لا أعلم، ولكن ربما لأنك معجب بي مثلما أنا معجبة بك.
توقف كريستيان عن شرب الماء وقال لها:
_أنتِ يا صغيرة معجبة بي؟
قالت وهي تبتلع الطعام:
_أنت تناسبني كثيرًا، وتروقني أيضًا، نعم معجبة بك ولكن يمكنك الصعود للقمر ولن يمكنك الإقتراب مني.
ابتسم ثم قال:
_كنتِ تختبئي خلف ظهري ثم جلست بجواري في سيارتي إن أردت أخذك إلى منزلي لا أحد سيمنعني.
ضحكت إستيلا كثيرا ثم قالت ومازالت تضحك:
_نعم لا أحد سيمنعك بل سيعطوك الكثير من الهدايا والأموال مع إمضاء عقد بألا تخرجني مرة أخرى.

لمحة ألم ظهرت بين حديثها المضحك أخذ باله منها ولكن لم يعلق،أنهت طعامها فسحبها كريستيان إلى السيارة وأدخلها رغمًا عنها وأمرها بإعطائه العنوان فأعطته له وذهبوا إلى منزلها ورن جرس الباب ففتحت له والدتها صافحها كريستيان ودفع إستيلا للداخل وهو يقول:
_يؤسفني قول هذا ولكن لن تخرج أي منكما بعد الآن.
أنهى حديثه وتقدما رجلان من حراسته ووقفا على باب المنزل، صرخت به إستيلا وكادت تركض خلفه ولكن منعها أحد الرجلان ودفعها للداخل وأغلق الباب، ضحك كريستيان وهو يقول:
_يجب أن تتأدبي قليلا أيتها البرتقالية المشاغبة.
في منزل غراي وأُرورا
كانت تجلس على قدمه ويقرأ لها أخر رواية كتبها وعندما انتهى وجدها شاردة فقبل رأسها وقال:
_أين ذهب بكِ عقلك؟
_أنا لا أحب الحب الصامت، لا أحب التخمين في العلاقات، أحب الوضوح إن تحبني فأخبرني أنك تحبني، أخبرني مرارًا حتى أطمئن، إن مللت مني أخبرني بذلك وسأبتعد ولكن لا تذهب، الأفعال وحدها لا تكفي.
قال بحزن:
_أنا لا أفعل ذلك، لا يمكنني الحديث عن حبك طوال الوقت ولكن يمكنني سرد حبك في مائة كتاب.
_أخشى الملل.
نهضت ونظرت للمكتبة فرأت كتاب يسمى "كبرياء وهوى" قالت وهي تأخذ الكتاب:
_هل يمكنك تركي لأجل كبريائك؟
_كبرياء الرجل شيء مقدس لا يسمح لأحد المساس به.
_وأيضًا كرامة المرأة كذلك يا عزيزي.
ذهب لها وعانقها وقال:
_ما الذي يزعجك يا حبيبتي؟
_التفكير، عقلي لا يهدأ أبدًا بات الأمر يزعجني، عقلي يفكر في أشياء لا أحب التفكير بها، يحادثني بعنف فيجعلني أصمت وأستمع له، أحاول تشتيته عن التفكير فينغمس أكثر في أفكاره المؤذية، يجعلني أشعر بأنني مللت تارة وأريد الرحيل تارة أخرى، أود مشاركتك ما أشعر به وفي الوقت نفسه لا أريد الحزن يتسلل إلى قلبك بسببي.
دفن وجهه بعنقها وقال:
_ماذا أفعل؟
صمتت قليلا ثم قالت بألم:
_أخبرني بأنك تحبني مرارًا، لا تجعلني أشعر بأنني لست في المكان المناسب.
قبلت وجنته ثم ذهبت لارتداء ملابسها والذهاب إلى عملها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي