2

وبعد حوالي ساعة كانت كارمن قد وصلت إلى المكان التي كانت تريد الذهاب إليه
لتقف بملل في طابور طويل وضخم للغاية وكانت هي السيدة الوحيدة وسط العديد من الرجال


ليضحك عليها أحد الرجال وهو يقول باستهزاء يشير إليها بإصبعه: انظروا أنها فتاة
وماذا تفعلي هنا ايتها الفتاه اتعلمي جيداً اين انتِ الان؟ أ في كامل قوتك العقلية أنتِ؟
أهل حقاً تريدين الالتحاق بكلية الشرطة الم تلاحظي انكى فتاة؟! الم يخبرك أحد أن هذه الكلية خصصت لرجال فقط


لترمقه كارمن بنظرات نارية وكأنها تريد أن تقتله بسبب نظرات الاستهزاء التي رأتها في عيونه ولكنها حاولت التحكم فى أعصابها و رددت عليه بكل برود اعصاب:
وهل يخصك بشيء؟ ما دخلك انت اذا كنت اريد حقاً الالتحاق بكلية الشرطة ام لا.
بالإضافة إنه ليس هناك أي قانون يقول إن هذه الكلية للرجال فقط.

لتتحول ملامح وجهه إلى الغضب وينفذ النيران من أنفه وهو يقول وكانة يريد قتلها الآن: منذ متى يحقّ للسيدات أن تلتحق بمثل هذه الكلية ألم تخبرك والدتك أن السيدات خلقت فقط لكى تخدم الرجال وتربي أطفالها الصغار لكي يكون لهم مستقبل باهر


لتجيبه كارمن سريعاً بصوت حاد وقوى لا يوجد فيه اي ضعف : أخبرني وكيف يكون لاولئك الصغار مستقبل باهر وهما يروا والدتهم الذى جعلتهم يأتوا إلى هذه الحياة خادمة لم تفعل شيء سوا أن تكون خادمة لرجل
اخبرني كيف لسيده أن تلد رجال أقوياء وهي ضعيفة؟


ليرد عليها الرجل بصوته الغليظ الحاد وبملامح وجهه القاسية وعيونه المشتعلة من نيران الغضب: كم انكِ فتاة وقحة حقاً ما تفعليه هذا سوف يحرض جميع النساء على التمرد
وسوف تقلدك جميع الفتيات.

ليكمل حديثه السخيف هذا باستهزاء: أظن أننا فى المستقبل سوف نرى الرجال يجلسون في المنازل ليهتموا بشؤون المنزل وتربية الأطفال!
والنساء سوف تذهب إلى العمل وسوف تلتحق بكلية الشرطة التي خلقت للرجال.


لتبتسم كارمن باستهزاء رغم شددت غضبها من حديث هذا الجاهل وهي تقول: اظن انه أمر مستحيل بالنسبة لك أن تربي الاطفال اظن انه يجب عليك الذهاب الى والدتك لكي تربيك أولاً وبعد ذلك سوف يكون بإمكانك أن تربي الأطفال


ليخرج من عيون الرجل طلقات من النيران المشتعلة بالغضب ليقول في نفسه كيف لفتاة ضعيفة مثل هذه أن توجهه هذا الحديث لرجل قوي مثلي ليزداد غضبه أكثر فأكثر
ليوجه حديثه إلى كارمن مثل طلقات النيران وهو يقول: انكي فتاة وقحه حقاً انك عار على النساء فانتِ لو كنتِ زوجتي لكنت قتلتك الآن وبدون تردد


لترد عليه كارمن بمنتهى الهدوء وهذا بالطبع جعل هذا الرجل يحترق من الغضب فكيف لها أن تكون بتلك الهدوء القاتل؟:
لا اظن هذا أبداً فأنت لا تعلم كم مقدار قوتي.
لتكمل كارمن حديثها بتحدي كبير وهي تقول بسهام عيونها الحادة التى لا تهاب أحد:
وإذا كنت تريد أن تعلم كم مقدار قوتي أخرج الآن من هذا الصف ودعيني أخبرك كم تكون قوتي حتى لا تعود وتستهزئ بأى فتاة أخرى.
أخرج الآن حتى نرى من يستحق أن يلتحق بكلية الشرطة.



لينظر إليها الجميع بذهول ودهشة فكيف لها أن تتحدى رجل بهذا الشكل! حقاً انها فتاة شجاعة ولا تخاف أحد


ليشعر الرجل بغضب كبير، كيف لفتاة أن تتحداه أمام أعين الجميع بكل هذه الوقاحة

ليقف خارج الطابور وهو يقول بكل ثقة وشجاعة :
لقد خرجت من هذا الصف اريد ان اشاهد كيف لفتاة أن تتفوق على رجل مثلي!


لم تجعله كارمن يكمل حديثه حتى مارست عليه كل ما تعلمته في التدريبات.
اخذت تضربه بالحركات الدفاعية التي تعلمتها على يد أحد أكبر المدربين في البلد

ولم تركه ثانية واحدة حتى يدافع عن نفسه

ليبتعد هو عنها بغيظ وغضب وكاد أن يضربها بكل ما يأتيه من قوة ولكن كارمن أسرعت وقبضت على يده بقوة؛ لتصبح يديه خلف ظهره في اقل من الثانية

لتوقعه كارمن على الأرض وهى تقول بشماته: هل رأيت كيف لفتاة ضعيفة مثلي أن تنتصر على شاب قوي مثلك
القوه الحقيقة ليس في العضلات إنما في العقول التي تستطيع أن تفكر جيداً
أظن أنك أدركت الآن من منا يستحق أن يظل في كلية الشرطة ومن يظل في المنزل ويهتم بتربية الصغار

كادت كارمن أن تتحرك ولكن قبل أنا تتحرك نظرت إليه وهي تقول : أرى أن قدراتك القتالية صفر لذلك إذا كنت تريد مدرب اخبرني لكي اعطيك هاتف مدربي الذكي الذي جعلني انتصر عليك اليوم بكل مهاره .



ليصفق لها الجميع بحماس على شجاعتها، أن في ظل هذه الظروف مازال يوجد هناك فتيات تقاتل بهذه الشجاعة.





ليمر اليوم على كارمن سريعاً
ليأتي يوم جديد وصباح جديد واخبار جديده عن مقتل فتيات وخطف أطفال وانهيار عائلات

لتستيقظ كارمن على الصوت الذى يخفق قلبها عندنا تسمعه الصوت الذى اشتاقت إليه كثيراً.

لتنهض كارمن مثل المجنونة من على الفراش وهي تصرخ و تقول : نادررررررررررر
لتركض إليه وهي تعانقه بقوة وتتعلق بعنقه كالطفلة الصغيرة فهو بالنسبة لها عشقها وقلبها


( نادر و هو شاب في الثلاثين من عمره يمتلك جسد قوووي و رياضي و قامه طويلة و هذا لأنه ضابط في الشرطة و ليس ضابط عادي بل هو من امهر الضباط .
كان يشعر بالظلم في بعض الأحيان ؛لأنه كان يقوم بااصعب المأموريات ومع ذلك لم يتم ترقيته إلى الآن وهذا ليس السبب في انزعاجه.
إنما السبب هو أن تم ترقية بعض من ضباط الشرطة في نظره هم لم يستحقوا هذه الترقية ولكن هو كان يعشق عمله لذلك قرر أن يتحمل كل هذا.

كان نادر شاب وسيم للغاية يمتلك تلك العيون السودا و البشرة البيضاء قليلاً وشعر شديد السواد وكثيف للغاية.)

ليعانقها نادر أيضاً باشتياق ويلف بها كالمجنون وهو يقول : لقد اشتقت لكي كثيراً يا سيدة جميع النساء


لتبتعد عنه كارمن
وتكتف يديها وهي تقول بغضب وبراءة طفولية: ولكن سيدة جميع النساء غاضبه منك للغاية.
وتريد مقاطعتك إلى الأبد فاانا لن أعفو عنك ابداً
لتكمل بدراما: لن أسامحك أبداً ياسيدي الضابط

ليرد عليها نادر بنفس طريقتها الطفولية وهو يقول: ولماذا سيدة جميع النساء غاضبة من شقيقها وتريد مقاطعته إلى الأبد
ماذا فعلت أيتها الأميرة؟

لترد عليه كارمن بحزن شديد يشبه حزن الأطفال: لقد اشتقت اليك كثيراً يا سيدي الضابط أكثر مما تتوقع، لقد طالت غيبتك علينا أكثر من كل المرات السابقة وطوال هذه الفترة لم تتحدث معي سوا مرتين فقط لقد ظننت أنك قد نسيت أن لك شقيقة لم تتحمل كل هذا الغياب فكيف لك يا سيدى الضابط أن تتركني كل هذا المدة؟


ليعانقها نادر وهو يقول بااسف: أعلم جيداً يا سيدتي وشقيقتي انني مجرم في حقك واستحق اسوأ عقوبة.
ولكن يجب عليكي أن تعلمي جيداً أن هذا ليس بيدي أبداً فهذا رغماً عني؛ لقد كنت في مأمورية في منتهى الخطورة لذلك كان يجب عليا أن انتبه جيداً.


لتسأله كارمن بفضول غريب وبالطبع هذه عادتها كلما اتى نادر من مأمورية: حقاً من الواضح أنها مأمورية مهمة وخطيرة للغاية.
ومن المتوقع أن يكون حدث بها الكثير من المغامرات لذلك اريد معرفة كل ما حدث في هذه المعركة وأريد معرفة كل التفاصيل وكل المغامرات التي خضتها.

ليبتسم نادر على فضولها الغريب في معرفة كل شيء عن تلك المأموريات التي يذهب إليها ولكن ظن نادر أنه مجرد فضول وهذا لأنه يعلم أن شقيقته تعشق المغامرة والأعمال التي يوجد بها مغامرات ليسألها نادر بابتسامته الساحرة: اريد ان اعرف لماذا كل هذا الفضول لديكِ وما سره؟ لماذا تريدي دائماً معرفة كل شيء عن عملي وما الذي نفعله وما المغامرات التي نخوضها.

حقاً أنه شيء غريب للغاية؛ أن فتاة جميلة ورقيقة وتعشق أظافرها مثلك تريد معرفة كل التفاصيل هذه المعركة!
فأنا أعلم أن جميع الفتيات يصيبها الارتجاف عندما تسمع صوت طلقات النيران ولكن ارى انكِ لست منهن على الاطلاق

كادت كارمن أن ترد
ولكن قطعها صوت والدها وهو يقول من الداخل : أظن أنك اندمجت كثيراً انت و كارمن فى الحديث وقد نسيت والدك تماماً


ليركض نادر اللي الداخل سريعاً و يقبل يد والده و هو يقول بابتسامة: وكيف اتجرا على فعل هذا يا سيدي فأنت أساس هذا المنزل فأنت عمود هذا المنزل فأنا لم استطيع أبداً أن اعبر لك عن مدي اشتياقي لك


ليبتسم كامل و هو يقول: كم انك ضابط مشاغب حقاً وتعلم كيف تجعلني ابتسم رغماً عني.

لتأتى سلوى و هي تقول بصراخ: حسناً يا نادر اتيت إلى هنا في التوقيت المناسب فأنا كنت انتظر قدومك منذ زمن حتى تأتى إلى هنا ولترى ماذا تفعل كارمن شقيقتك.
من الواضح أننا لا نهتم جيداً بتربية هذه الفتاة لذلك نضجت وبداخلها كل هذه الوقاحة.
وأنا أريد منك الآن أن تعود لتربيها مرة أخرى
فهي أصبحت تتجاهل حديثي تماماً.



ليحاول نادر أن يخفف عصبيتها و هو يقول: أسترخي يا والدتي واخبريني ما الجريمة التي فعلتها كارمن وتستحق كل هذا الغضب منك؟ ارى انكِ فى قمة غضبك الان من كارمن.

لتأتي إليها كارمن من الخلف وتعانقها وهى تقول بشقاوة ودلال :أخبرني يا اخي كيف لي ان اكون السبب في غضب تلك الجميلة مني! فهل يوجد انسان عاقل يستطيع أن يغضب هذا القمر؟

لتكمل حديثها وهي توجه حديثها إلى سلوى: اخبرينى يا سلوتي يا قمر يلمع في السماء الصافية ماذا فعلت أنا المسكينة لكي أستحق منك كل هذا الغضب؟


لتبعدها عنها سلوى وهي تقول بغضب: كم انك بارعة في التمثيل حقاً تتظاهري بالبراءة وكأنك لم تفعلي شيء أبداً .
أ تريدي قتلي ايتها الفتاه؟

لتكمل وهي توجه حديثها إلى نادر: هل هذا يعجبك يا نادر هل يعجبك ما تفعله شقيقتك؟
في هذا الوقت الخطر الذى نسمع فيه كل يوم عن مقتل الفتيات واختطاف الأطفال الصغار وهي تتجاهل كل هذا وتخرج من المنزل كل يوم وكأنها بكل حماقة تتحدى كل هؤلاء المجرمون.

لينظر إليها نادر بغضب وهو يقول بعصبيته المفرطة: هل هذا حقاً يا كارمن؟

هل عدتي إلى الخروج من المنزل مرة اخرى الم نتحدث في هذا الموضوع من قبل واخبرتيني انكِ سوف تكوني مسؤولة اكثر عن نفسك؟

لترد عليه كارمن بكل شجاعة: لقد وعدتك يا اخي أن سوف اكون مسؤولة عن نفسي اكثر ولكن لم اعدك في يوم أن أكون سجينة هذا المنزل.

ليجيبها نادر وهو مازال في قمة غضبه من تصرفات كارمن المتهورة: لقد أخبرتك من قبل أنه فترة مؤقتة يا كارمن وبطبع ضباط الشرطة لم يتركوا هؤلاء المجرمون أكثر.
نحن نبحث عنهم في كل الإمكان عليكي أن تصبري قليلاً وافعلي كما تفعل جميع الفتيات في هذا الوقت.
كارمن أن أحذرك أن هذا ليس الوقت المناسب لكي تتصرفي بتلك الحماقة نحن لا نريد أن نخسرك.



ليرد كامل على نادر وهو يقول: حديثك صحيح يا نادر ولكن تحدث مع شقيقتك بلطف أكثر أخبرها عن مدى خطورة تصرفها هذا ولكن بطريقة افضل من هذه.

ليعلو صوت سلوى وهي تقول بتمرد واعتراض: يكفي هذا الأسلوب الطيف لقد تحدث معها كثيراً بلطف ولكن بدون جدوى لقد حان الأن الوقت حتى نتحدث معها بعنف ونجبرها لجلوس في هذا المنزل فأنا لا أريد أبداً أن أفقد ابنتي الوحيدة بسبب حماقتها ، كامل هذا ليس الوقت المناسب حتى تتطبق قوانين التربية الحديثة عليها وتعطيها حريتها الكاملة.
لقد تركتك كل هذه السنين تتعامل معها بطريقتك الحديثة ولم اتدخل في يوم ولكن يكفي
فأنا أم لا استطيع ان اتحمل كل هذا.




لتنظر كارمن وهي تقول بذهول والدموع تلمع في عيونها: هل هذا كله حقيقة هل هذا الحديث حقيقه ! انتم جالسون الان وكأني في محكمة وارتكبت ابشع الجرائم وتريدون سجني الان.
وكل هذا لماذا؟
أنا لم افعل اي شئ كل ما أفعله الأن هو انني أقول لا للظلم ولا للقهر هذا كله لأن أرفض أن أكون سجينة في هذا المنزل؟
هل خلقني الله لكي أكون سجينة في يوم؟
لقد خلقني الله حره فلماذا تريدون أن تأخذوا مني هذا الحرية
انا اخلقت لكى احارب ليس لكى اجلس هنا وارى بعيني حقوقي وهى تسلب مني
انا من حقي أن أكمل تعليمي واعيش في وطني بكل حريتي.
أعلم جيداً أن ضباط الشرطة لن يغفو لهم جفن حتى يكتشفوا حقيقه كل هذه الجرائم
ولكن هل تظنوا أن جلوسي هنا سوف يحل هذه المشكلة في وقت أسرع؟


لتنظر كارمن إلى الجميع بنظرات حزينة ومليئة بالدموع والعتاب وهي تقول: لم تدركوا إلى الآن أنني إنسان ولست طائر حبيس، أنا لا أريد التمرد أبداً ولكن كل ما في الأمر أن ارفض وبشدة أن أكون ضحية لهؤلاء المجرمين.
أنا لم أفعل شيء حتى أكون حبيسة في هذا المنزل.

لتكمل حديثها وهي تبتسم باستهزاء: عن أي عقل ومنطق أنتم تتحدثون؟
تريدون قتلي حتى تحموني من القتل!
نعم جلوسي هنا أشبه بالموت، وأنا أظن أن تنتهي حياتي وأنا طائر حر أفضل بكثيراً من أن تنتهي حياتي وأنا طائر حبيس محروماً من حريته التي منحها الله له.


لتنتهي كارمن من حديثها وتذهب بغضب وحزن إلى غرفتها وتقوم بغلق باب غرفتها بغضب شديد وعصبية.
ليفزع الجميع من صوت غلق الباب الذي يدل على مدى عصبيتها من اسلوبهم معاها في الحديث.

ليوجه كامل حديثه إلى نادر وهو يقول بحنان ابوي: نادر أسرع واذهب خلف شقيقتك، عد وتحدث معها مرة أخرى ولكن كن لطيفاً في الحديث معها

لتقول سلوى باعتراض: ماذا تقول يا كامل! هل أنت جاد في حديثك ؟ كارمن


ليقاطعها كامل بصوته الحاد القوي قبل أن تكمل حديثها فهو يعلم ماذا تقول ويعلم أن طريقته وأسلوبه الطيف مع كارمن هذا لن يعجب سلوى على الإطلاق فهي ترى أن سبب تمرد كارمن هو دلال كامل لكارمن: نعم يا سلوى لا يوجد في حديثي مزح.

أسلوبك القاسي هذا مع كارمن لن يفيد بشئ فهي على حق كارمن ليس دجاجة حتي نريد تركها في المنزل للابد.
يجب أن يكون حديثك معاها أكثر لطفاً حتى تسمع منكِ وتدرك خطورة الموقف
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي