الفصل السادس مسرحية الموت

كان هذا بداية فصل الخريف، فصل تساقط أوراق الشجر والغيوم التي تخفي خلفها ضوء الشمس الرقيق والدافيء وكان يومًا عاديًا في منزل أليكسا وبوب أيضًا.

لم ينفصلا، رفض بوب تلك الفكرة تمامًا وباتت علاقتهما باردة للغاية، بالكاد يتحدثان أو ينظران لبعضهما حتى، لكن على الأقل قل الشجار وعادت أليكسا للقسم وتم الترحيب بعودتها بواسطة هيون وو وچانيت وتوم وسام.

كان الصيف الماضي هادئًا بالنسبةِ لچانيت أيضًا، لقد طلبت الإدارة العليا إغلاق قضية الشرطي ريكارد بعدما فشلت چانيت بالقبض على القاتل أو إثبات التهمة على المشتبه به، لذا أكملت عملها في هدوء وكانت تمضي أكثر أيامها تمرح مع ويليام وهيون وو كما أعتاد ثلاثتهم أن يفعلوا في طفولتهم.

وكان هذا يوم من أيام الخريف الباردة، حيث كانت الشوارع ملونة بأوراق الأشجار الذابلة والغيوم تسبح في السماء والهواء الطلق يجول في المدينة وكأنه بات فردًا جديدًا هنا، فردًا مرحبًا به على الأقل بواسطة هذا الثلاثي.

أستغلوا ذلك الصباح حيث كان يوم أجازة لثلاثتهم وتوجهت چانيت بِـدراجتها في الصباح الباكر، كان شعرها البُني الطويل يُحلق ويتراقص مع الهواء والابتسامة تغطي وجهها القمحي ذو النمش الخفيف.

أوقفت چانيت الدراجة على مقربة من مطعم صغير وتوجهت لشراء بعض الكعكات ذات زينة الخريف وبعض زينة الهالويين بمناسبة إقترابه ثم عادت لقيادة دراجتها الوردية بعد أن وضعت بالكعكات في الصندوق الوردي خاصتها.

كانت محطتها التالية منزل هيون وو حيث استقرت أمام بابه وقبل أن تطرق كان هيون وو قد فتح الباب مع ابتسامة تعبر عن حماسه:
-هيا بنا!!

توجه لدراجته بينما چانيت تقهقه على حماسه واستمر كلاهما بالقيادة نحو وجهتهم التالية..منزل ويليام والذي كان في طرف المدينة في مكان منعزل قليلاً وهادئ وتوجه هيون وو ليطرق الباب بينما چانيت تنتظره قرب دراجتها وبعد عدة طرقات ونداء فُتح الباب وظهر من خلفه ويليام بشعره الطويل الأسود وعيناه الناعسة وصوته العميق:
-من انت؟

هيون وو سخر:
-والدك

ضيق ويليام عينيه:
-والدي ليس قصير القامة، مهلاً! في الواقع والدي ميت

نادت چانيت:
-هيا عزيزي، الطعام سيبرد!
تحدثت كما تتحدث الأمهات ساخرة.

تلاها هيون وو في السخرية:
-إنصت لوالدتك ولا تكُن ابنًا عاقًا

اومأ ويليام وظل واقفًا في صمت ونعاس حينها سحبه هيون وو في نفاذ صبر وأحضر له دراجته من الفناء ثم قال:
-هيا بنا!

قاد ثلاثتهم حتى وصلوا لأعلى هضبة تطل على البحر ثم فرشت چانيت مفرش وردي فوق العشب وأخرجت الكعك والقهوة ثم جلس ثلاثتهم يتناولون الفطور بينما هيون وو قال:
-لقد وضعتُ جدولاً، سنتناول الفطور هنا ونلعب قليلاً ثم سنتجه لشراء أزياء الهالويين ثم سنتناول الغداء في بيتزا المدينة ومن ثم سنعود هنا لمشاهدة غروب الشمس

ابتسمت چانيت بينما تمضغ كعكتها:
-تمامًا كما فعلنا في الماضي

كان ويليام يحاول استيعاب ما يحدث:
-لقد أيقظتوني

تحدثت چانيت:
-كُن شاكرًا أننا لم نتسلل للمنزل

ضحك هيون وو:
-أتتذكرين هذا؟ لقد تسللنا مرة سابقًا، أتذكر أن ويليام أخذ يركض ويختبئ منا

-أجل، لقد عثرنا عليه في سطح المنزل، كان نائمًا حينها

-لا لم يكن نائمًا

-بلى، كان نائمًا، لقد التقطنا الصور له في هذا الوقت

كان ويليام يشعر بالضجر الشديد وحادث چانيت ساخرًا:
-أريد بعض القهوة،والدتي

-كما تحب، ابني العزيز

مر بعض الوقت من المرح حتى قال ويليام في جدية:
-أرغب في أن أشكركم

نظر كلاهما له في تساؤل حينها قال:
-لقد كنت أواجه كابوسًا؛ وأنتم أيقظتموني، لم يعد بإمكاني النوم كما فعلت في الماضي، لكني أحب الواقع أكثر، على مقربة منكم

ابتسم في امتنان واضح حينها تذكرت چانيت صفقتهم وثم بادلته الابتسام:
-أشعر بالتقزز

مازح هيون وو أيضًا:
-هذا الكم الكبير من المشاعر، مقرف!

ضحك ثلاثتهم بعدها.

كانت الأجواء مختلفة في منزل أليكسا، أمرًا مريبًا يحدث هذا الصباح الخريفي، أمر من الواضح أن بوب لا يرغب منها معرفته، سر ربما، وأغلب الأسرار تكون أسرارًا لأسباب غير جيدة.

كان هنالك هذا القاتل الذي ظهر مؤخرًا و قتل شخصية هامة، وقد كانت چانيت هي من تحقق في أمره قبل أن يتم سحب القضية منها دون سبب كالمعتاد وهذا حين اكتشفت أليكسا أن بوب قد أحضر الملف لمنزله أيضًا.

ربما سيقدم القضية لمحقق كبير؛ محقق أكثر مهارة من چانيت أو ربما هو فقط سيخفيه هنا لعدة سنوات حتّى ينساها الجميع كما الملفات السابقة.

انتظرت أليكسا حتى رحل بوب ثم توجهت لغرفته وحاولت فتح الخزنة لكنها فشلت لذا توجهت تاليًا للحاسوب الخاص بِـزوجها وفتحته بعد عدة محاولات ثم بدأت تبحث في الملفات عن تلك القضيّة حتى عثرت عن تقرير يخصها.

كانت مواصفات القاتل التي تمكنوا من الحصول عليها حتى الآن هي:
-أعسر اليد
أشقر
مقاس حذائه 42
يملك سنًا ذهبية

كانت كل جرائمه سوداوية، هو يقتل بوحشية وكأنه ينتقم أو وكأنه مختل فقط ويستمتع بتعذيب الآخرين، هو يجد متعة في هذا.

تذكرت أليكسا أن قاتل الشرطي ريكارد كان يحمل مواصفات مطابقة لتلك عدا السن الذهبي، وتذكرت أن چانيت كانت تحقق في تلك القضية أيضًا، مما يعني أن چانيت تعرف أن بوب يحاول التخفي على شيئًا أو شخصًا ما.

سمعت أليكسا صوت باب المنزل يُفتح من الطابق السفلي لتغلق الحاسوب وتعيد كل شيء كما كان ثم توجهت للخارج سريعًا حيث السلم تحديدًا أمام بوب الذي كان يصعد ولاحظ أنها تلهث ليعقد حاجبيه:
-ماذا كنتِ تفعلين؟

توترت أليكسا قليلاً ثم قررت أنها ليست ملزمة بأعطائه رد لذا قالت:
-فقط دعني أذهب!
قالتها في القليل من الغضب ليبتعد من أمامها وراحت هي تنخفض على السلم الخشبي وتتنفس الصعداء.

كانت أيدي أليكسا ترتجف حين دلفت لغرفتها، وحاولت التربيت على نفسها لعلها تهدأ لكن بلا جدوى لذا توجهت لخزنتها الصغيرة وأخرجت علبة مليئة برماد المخدّرات وأخذتها بالكامل دفعةً واحدةً وبعد دقيقة من التنفس في بطء أخذت المزيد والمزيد.

حينها فُتح باب غرفتها وكان هذا بوب الذي نظر لأعينها، وقد كانت أليكسا سوداء البشرة، لكن السواد حول أعينها كان أشد من الطبيعي، ومقلتيها مغطاة بطبقة ذات اللون الأحمر، تبدو وكأنها مُغيبة، وكأنها منفصلة عن العالم وشفتيها كانت جافة ومشققة؛ كان هذا وجه فتاة ستمُت حتمًا من المخدرات.

سحب بوب المخدرات من يدها وسأل في حدة:
-هل دخلتِ لغرفتي؟

-أعد الميثامفيتامين

-أجيبيني!

-قلتُ أعدها!
رمقته في غضبٍ عارم.

اقترب بوب نحوها ودفع رأسها بسبابته:
-إن أردتِ قتل نفسكِ فلتفعلي هذا بالطريقة السريعة، لا تورطيني مع جثتكِ!

اقتربت أليكسا منه لتأخذ الميثامفيتامين لكنه تراجع للخلف لتقف هي وتقترب منه حينها أخذ يعود بخطواتٍ نحو الخلف:
-يجب أن تتوقفي الآن!!
صاح بها.

دفعته هي بكلتا يديها:
-وهل أنت من ستوقفني؟! هاه؟! الشخص الذي جعلني أصل لهنا؟ اللعنة عليك أيها المنافق! أعطني الميثامفيتامين اللعينة!!

بدأت تدفعه عدة مرات متتالية ليرمي بالعلبة أرضًا ويخرج الرماد بالخارج فوق الأرضية ثم أمسك بمعصم زوجته:
-أنتِ من جعلتي من نفسكِ مدمنة لعينة، أليكسا! إن لم تتوقفي عن هذا، سأضطر لطردكِ من القسم!

رمقته أليكسا في صمتٍ لدقيقة؛ لم تبدو خائفة أو مرتابة، وهذا بالتحديد السبب الذي جعلها مدمنة، أنها رغبت في شيء يجعلها بالغباء الكافي لمواجهة هذا الوغد.

وكان تهديده اليوم مبالغ بهِ، حينها قهقهت أليكسا ساخرة ثم بصقت في وجهه وقالت ساخرة:
-ما الذي تحبه بي، بوب؟ رفضت الإنفصال والآن تهددني بالطرد؟ اللعنة عليك! وهل تظن أني مهتمة بهذا؟ كل ما رغبت به في حياتي منك كان طفلاً لعينًا أيها الوغد!!
صرخت في نهاية حديثها.

أفلتت بيدها من قبضته ثم توجهت نحو الميثامفيتامين الواقعة أرضًا وأخذت تجمّعها بينما بوب مسح البصاق خاصتها ثم توجه نحو خزنة المخدرات.

بوب جدي تلك المرة وأخذ جميع العلب ثم توجه للخارج ولاحظته أليكسا وهو يغادر غرفتها بكامل مخدراتها لتستقيم وتتجه خلفه في سرعة وقد كان هو في المرحاض يفرغ العلب بأكملها.

ركضت أليكسا جهته ودفعته ثم حاولت سحب العلب من بين ذراعيه لتسقط أرضًا وتنكسر حينها دفعها بوب في عنفٍ وصرخ:
-توقفِ! أنتِ لا ترغبين في دخول المشفى مجددًا!

كانت أنفاس أليكسا تتسارع غضبًا وترمقه في حنق وقهر ثم دون سابق إنذار توجهت نحو المرآة وحطمتها بِـقبضتها، لكمتها بقوة لدرجة أن المرآة إنكسرت لشظايا ضئيلة والدماء كان تنزف من أيدي أليكسا بغزارة.

صرخت أليكسا على بوب الذي كان يراقب في صدمة:
-ستتخلص من المخدرات؟ هاه؟ سأدمر منزلك بأكمله أيها الوغد!

توجهت أليكسا للخارج بخطواتٍ سريعة ثم أغلقت الباب على بوب وسحبت مفتاحًا من على مقربة وحبسته بالداخل وكان هو في ذلك الوقت يحاول إستيعاب ما حدث توًا.

توجهت أليكسا وأمسكت بِـكرسيٍ خشبي وضربت به شاشة التلفاز الضخمة لتسقط أرضًا وتنكسر، كانت أليكسا تصرخ في هستيرية وكان بوب يحاول فتح الباب ثم أخذ يضربه بِساقه، في تلك الأثناء كانت أليكسا تدمر المكتبة الزجاجية وتحطم النوافذ.

كانت في حالة إنهيار عصبي وكانت الأصوات بالخارج تخيف بوب لِلغاية، لكن مهما حاول الباب لا يُفتح حينها أخذ يصرخ:
-أليكسا، أقسم إن لم تطلقي سراحي الآن سأقتلكِ!

دفع الباب بقوة لكنه لم يفتح:
-اللعنة عليكِ! فلتفتحي هذا الباب اللعين!!

كانت الجروح والدماء تغطي أيدي أليكسا ومن ثم وقفت فوق التلفاز وقفزت عدة مرات في عنفٍ حتى تهشمت الشاشة تمامًا وكان المنزل بأكمله في حالة دمار وكأن صاروخ من الحرب العالمية قد أصابه وقد كان هذا مقدار غضب أليكسا.

شعرت أليكسا بالألم في يدها لتجلس أرضًا وتحدق في الدماء وراحت تبكي وترتجف في خوف:
-لا، بوب

نادت في رجفة:
-بوب!!

كان بوب في الداخل يشعر بعجزٍ شديد و امتلئت عيناه بالدموع، بينما يسمع بكاء وشهقات أليكسا المرتجفة في الخارج، تلك العلاقة لا منقذ لها، لا أمل بها.

أجهشت أليكسا في البكاء:
-أنا آسفة..أعتذر! أنا شخصٌ سيء

جلس بوب أرضًا أيضًا وراح يبكي في صمتٍ وهدوء لأن هذا لم يعد يُطاق، هو يشعر بالضغط الرهيب واللوم بأكمله يقع عليه.


في يومٍ لاحق كانت أليكسا في مكتب چانيت برفقة هيون وو، كانت ترتدي قفازات خريفية لإخفاء جروحها، وبدأت أليكسا تروي لهما ما عثرت عليه في منزلها، تحديدًا في حاسوب زوجها لكنها لم ترى أي دهشة في ملامح چانيت أو هيون وو.

أليكسا قالت:
-أظن أن الكثير من الأمور الغير قانونية تحدث هنا

أجابتها چانيت في هدوء:
-أعرف هذا بالفعل، وليس في يدنا شيءٌ لنفعله لذا دعينا فقط نتجاهل ما يحدث

كان هيون وو واثقًا أن چانيت لا تملك نية في تجاهل ما يحدثُ؛ ليس بعد مقتل والدها والذي يكون أكثر شخص أحبته في حياتها، لكنه مدرك أيضًا أنها تقول هذا لإبعاد أليكسا لأن أليكسا تعاني بالفعل بسبب بوب.

اومأت أليكسا نفيًا:
-بلى! أنتِ محققة رائعة وأنا أملك مقدرة لمراقبة بوب على مقربة وهيون وو عبقري في التعامل مع الحاسوب، يمكننا أن نغير شيء، على الأقل القبض على ذلك القاتل الأشقر!

طُرق باب المكتب مرتين ثم فُتح ودلف توم حينها سخرت چانيت:
-لقد جاء لتسليم نفسه بالفعل، أشقر وطويل القامة وذو لحية خافتة

أدارت أليكسا أعينها:
-چانيت، لم أتوقع أن تستسلمي يومًا، ليس أمام بوب!

توم راقبهم في عدم فهم:
-هل جئتُ في وقتٍ خاطئ؟

أجابته چانيت ساخرة:
-بالنسبة لكون مواصفاتك تتشابه مع القاتل الذي نتحدث عنه الآن، فـأجل رُبما

اومأ توم في فهم ثم عاد للخارج وأغلق الباب خلفه حينها استقامت چانيت مخاطبة أليكسا:
-أنصتِ أليكسا..أنا لم أستسلم، أنا أنتظر اللحظة المناسبة، لذا أرجوكِ أبقي بعيدة عن هذا، لا أريد توريط أحد في مشاكلي الخاصّة

فهمت أليكسا ما يجول في بال چانيت وشعرت بالإحباط لأنها ليست شخص يمكن الأعتماد عليه وچانيت لا تظن أنها ستصلح للعمل معها، لكن هي مُحقة، لأن أليكسا مجرد مدمنة ومكتئبة لا تملك أمل في الحياة وتتعرض للتعنيف من زوجها، لا تملك أليكسا شيئًا لتقديمه.

في ليلة هذا اليوم كانت تُقام مسرحية لِـويليام وكان يعتلي خشبة المسرح ويمثل المشهد الأخير وكأنهُ أدرك أنه لن يقبض يومًا على قاتل حبيبته وانهار باكيًا.

كان الجمهور يبكي في صمت، والبعض تأثر دون أي رد فعل؛ لأنه تمثيل ويليام كان واقعي للغاية، وقد كان هذا السبب الحقيقي لكونه محبوب ومشهور في مدينته.

في ذات هذا الوقت تلقى بوب بلاغ من فتاة عن رجل يلاحقها وكانت مواصفات هذا الرجل تتطابق مع مواصفات القاتل المتسلسل لذا أخذ بوب فريقًا من الشرطة وتوجهوا نحو الموقع الذي كان قرب المسرح، تحديدًا المسرح الذي يمثل بهِ ويليام حاليًا.

توقفت سيارات الشرطة أمام المسرح وخرج الرجال بأسلحتهم بينما بوب يلقي أوامره وتعليماته ومن ثم سار كل ثنائي في طريق لمحاصرة الموقع.

في ذلك الوقت فُتح باب المسرح ليرفع ويليام رأسه نحو الزائر وقد كانت چانيت الذي قالت:
-إن تحرك أحد من مكانه..سأقتله!

نظر الجمهور بأكلمه لها حينها ابتسمت هي وقالت محادثة ويليام:
-القاتل الذي تبحث عنهُ..هو أنا!

ثم أخرجت مسدسها وأطلقت على ويليام ليسقط ويليام بين دماءه على خشبة المسرح حينها تعالت صرخات الجمهور لتطلق چانيت في الهواء ثم قالت:
-لا تتحركوا!

كان بوب وفريقه الذي كان توم من ضمنه قد حاصروا المسرح والشوارع الجانبية له وبينما يسير بوب ببطء في أحد الأزقة عثر على فتاة تبدو خائفة وحين سقطت أعين الفتاة عليه ركضت نحوه وقالت في رجفة وخوف بينما تلهث:
-ذلك الرجل توجه لداخل المسرح، لقد ذهب من الباب الخلفي!

أومأ بوب وقال:
-توجهي لسيارة الشرطة أمام البوابة الرئيسية، ستعثرين على رجال هناك

في تلك اللحظة ضحكت چانيت وقالت:
-لقد كان هذا جزءًا من المسرحية، أتمنى أننا لم نثير ذعركم، لكن ويليام أراد أن يجعلكم جزء من العمل!

استقام ويليام وأخرج حقيبة دماء من داخل معطفه حينها تنهد الجمهور في راحة وأخذوا يصفقوا في حرارة وإعجاب لكن قطع صوتهم صوت لطلقٍ ناري من الغرفة الخلفية للمسرح.

لم يذعر أحد، ظن الجمهور أن هذا جزء من المسرحية أيضًا لكن ويليام وچانيت علما أن خطبًا ما يدور في الداخل وحاولت چانيت أن تخفي قلقها وتحدثت على نحوٍ طبيعي:
-فليذهب الجميع الآن، لا تتدافعوا وأسرعوا أرجوكم!

انخفض ويليام من خشبة المسرح وسار جهة چانيت:
-لقد وصل

-أظن ذلك

في ذلك الوقت كانت أليكسا قد وصلت للموقع أيضًا وأخذت تبحث عن بوب، لم تحب فكرة أن بوب هو من تلقى ذلك البلاغ؛ الشخص الوحيد الذي لن يقبض على القاتل ذهب ليلاحقه، ظنت أليكسا أن بوجودها هناك سترى شيئًا وبالفعل، تمكنت من سماع صوت الطلق الناري لذا توجهت للغرفة الخلفية من المسرح.

تمكن بوب من سماع صوت الطلق الناري أيضًا وأشار لتوم بتتبعه ثم توجه كلاهما للغرفة الخلفية من المسرح.

كانت چانيت و ويليام أول من وصلا للغرفة وهناك عثرا على فريق الممثلين أصدقاء ويليام وبدا عليهم الخوف حينها سألت چانيت:
-من يحمل مسدسًا؟

أجابتها ممثلة:
-لا أحد، لقد ظننا أن هذا الصوت من الخارج، رجال الشرطة يحاصرون المكان!

عقدت چانيت حاجبيها لأنها لم تتلقى أي بلاغ بما يحدث حاليًا لكنها حافظت على هدوئها وحادثت الممثلين:
-حسنًا لا داعي للذعر، فليرحل الجميع الآن، بسرعة أرجوكم!

وقفت فتاة وسألت في خوفٍ واضح:
-لكن ماذا يحدث؟

أجابتها چانيت بكذبة:
-لقد حصلنا على بلاغ بوجود تجار مخدرات هنا، ليست قنبلة لا تقلقوا!
قهقهت لكن لم يضحك أحد وأخذ الجميع يخرج في هدوء.

رأى بوب الممثلين يغادرون المسرح من الباب الخلفي حينها أمر توم:
-اصطحبهم لمكانٍ آمن
وذهب توم معهم لينفذ أوامر بوب.

تمكنت أليكسا من رؤية بوب من على بعد وأخذت تلحق به وقد دلف هو للجناح الخلفي من المسرح حيث غرف الممثلين وقد كانت الغرفة الكبرى هي الوحيدة ذات الأضواء المنيرة لذا توجها نحوها في حرص.

ألقت چانيت بالمسدي المزيف خاصتها وأخرجت مسدسها الحقيقي وقبضت عليه بكلتا اليدين وحادثت ويليام في جدية:
-يجب أن ترحل أنت أيضًا

أجابها ويليام في جدية:
-كما خططنا

أخرجت چانيت اللاسلكي خاصتها:
-أنا في المسرح ورجال الشرطة يحاصرون المكان، فليخبرني أحدكم بما يحدث

تظاهرت أنه لا علم لها.

أجابها أحد من الجهة الأخرى:
-تلقينا بلاغ عن رجل يشبه القاتل المتسلسل

في تلك اللحظة تبدلت ملامح چانيت وابتسمت وحادثت ويليام:
-لا تقلق، لن أسمح لهذا الوغد بِقتلي!

تحدث بوب عبر اللاسلكي لِچانيت:
-أين أنتِ تحديدًا

أشارت چانيت لِـويليام بالبقاء خلفها ثم سارت نحو الباب في حرص وقالت:
-في الغرفة الكبرى للممثلين، تقع في الجناح الخلفي للمسرح

أخفض بوب اللاسلكي خاصته حين أدرك أنه يسير جهة چانيت وچانيت تسير جهته وقد فقدا أثر القاتل.

خرجت چانيت من الغرفة وقابلت بوب في الممر الطويل والمظلم وفي ذلك الوقت توجه ويليام للشارع عبر باب آخر كما أمرته چانيت.

تحدث بوب في غضب عبر اللاسلكي:
-لقد فقدنا أثره، أبحثوا في الجوار، وراقبوا الكاميرات!!

تحدث له أحدهم من القسم:
-لا وجود لكاميرات مراقبة في الجوار، سيدي!

نظر بوب بغضب نحو چانيت:
-من المفترض أن صوت الطلق الناري كان من تلك الغرفة! كيف فقدتِ أثره بحق الجحيم؟

-فقدت أثره؟ أنا لم أرهُ حتّى! هل تحب إلقاء اللوم على الآخرين؟

-اللعنة عليكِ! أرى لماذا فشلتِ في القبض على قاتل والدكِ، لا تختلفين كثيرًا عن أليكسا، لم يتوجب علي وضعكِ في منصبٍ كبير كهذا-

صمت بوب حين إقتحمت رصاصة قلبه وهوت جثته أرضًا لتبتسم چانيت في راحة وتجفف الدماء من على وجهها حينها سمعت چانيت صرخات أليكسا من نهاية الممر وفي تلك الثانية اخترقت رصاصة جسد چانيت ومن ثم سقطت چانيت أرضًا وسقطت أليكسا أرضًا وانتهى هذا اليوم الذي بدأ من بعده كل شيء.



يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي