فَتاة اللوحة

°°°

- ثَلاثُ نِقاطٍ مِن المَحلولِ الأصفرِ ونَكونُ قَد إنتهينا

نطقَ مَليحُ الوجهِ بإبتسامةٍ حُلوةٍ بَعد أن قامَ بتركيبِ العطر الغريب ، والذي أثارَ إستغرابهُ أكثر هو أنهُ قَد إستمتعَ بشدّةٍ أثناء صُنعه

بإستخدامِ الإبرةِ ذاتِ اللونِ الأصفر المُشابهِ للونِ المَحلولِ المَطلوبِ كانَ قد وَضع ثلاث قطراتٍ مِنهُ فوقَ بَقيةِ المُكونات ، ليتَحولَ لونُ السائل الذي فِي العُلبةِ مِن الأزرقِ إلى الأخضرِ الزُمرديّ

تَنهدّ بإبتسامةٍ راضيةٍ يُعيدُ المَحلولَ الزائد في الإبرةِ إلى العُلبةِ الخاصةِ به

يُلملمُ الأبرَ المُخصصةَ لِخلطِ العُطور ، يوصِد العُلبَ يُعيدها إلى الكِيس القُماشيّ الذي كَانتْ بِه ، ثُم يُخبئه في أحدِ الأدراجِ بِخزانته

بَعد أن تَخطّى الغُرابيُّ الصَدمةَ مِما جرى مَعه وَجدَ بأنَ إمتلاكَ عِطر يُحققُ الأمنياتِ أمرٌ مُذهل !!
فإن كانَ كَلامُ السَمراء صحيحاً سَيُحقق الكَثيرَ مِن أحلامِه

بَعد أن إنتهى مِن كُل شيء قامَ بإغلاقِ العُلبةِ الصغيرةِ التي لا تكادُ تُعادلُ حَجمَ إصبعهِ الخِنصر

- إذاً مالذي عليَّ فِعلهُ الآن ؟

نَظرَ في العُلبةِ الزُجاجيةِ المُزخرفةِ والسائلِ الزُمرديّ الساحِر داخِلها بشرود
يزُمّ شفاههُ بتفكيرٍ ثُمَّ يُغمضَ عينيهِ حِينما تسللت الرائحةُ العَطرةُ إلى أنفهِ ليستنشقها بعمقٍ ثُم يزفرَ مُتنهداً

كانَ مَزيجاً غريباً ما بينَ العطرِ الهادئ والثقيل
رائحةٌ حادّةٌ وأخرى ناعِمة
وكأنهُ يرى خلالها إمتزاجَ اللونِ الأحمرِ مِن جانبٍ والأزرقَ مِن جانِب آخر

- ربّاهُ إنهُ ساحرٌ حقاً كَما نَطقت تِلك المرأة

نَطقَ بهمسٍ ذائبٍ يَشعُر برائحةِ هذا العطرِ تتغلغلُ في جسدهِ ما بينَ عروقِهِ وأصغر شرايينه ..
ما بينَ مساماتِ جلدِه الدقيقةِ وحتى بينَ كُل عظمةِ في جسدهِ وأُختِها

- سآخذُ حماماً ثُمّ أضعُ القليلَ مِنه
حتى إن لَم يَكُن يُحقق الأمنيات ، على الأقلّ رائحتهُ مُذهلةٌ حَقاً

وضعَ العُلبةَ الزجاجيةَ بحرصٍ على الطاولةِ الخاصةِ بمرآتهِ ثُم قامَ بإخراجِ بِنطالٍ قُطنيّ رماديّ وقميص بذات اللون
وهرولَ بحماسٍ لأخذِ حَمامٍ مُنعشٍ في هذا الجُو شديد الحرارة

بَعد عشرةِ دقائقَ تَقريباً كانَ المُونِقُ قَد خرجَ مِن حمامهِ يُجففُ شعرهُ الطويلَ الداكنَ بمنشفةٍ سُكريّةِ اللونِ يَكادُ جَسدهُ يُكونُ أكثرَ نُصوعاً مِنها

تقدّمَ ناحيةَ مرآتِه يَنظرُ إلى ذاتهِ مُبعداً المِنشفةَ يَرميها جانِباً بإهمالٍ

خُصلاتهُ الغرابيةُ لَم تُجفف جَيداً كَما يُحبُّ هو
تقطُرُ بعض المياهِ على جبينهِ ، رقبتهِ وكَتفيه
تمرُ على حبةِ الخالِ التي تُزينُ جانبَ عُنقهِ الناصِع

تَنهدَّ بخفةٍ يُعيدُ خصلاتهِ الطويلةَ للخلفِ بَينَما يتأملُ عَضلاتِ يَديهِ التي لَم تتغيّر مُبتسماً

نَظرَ للعِطرِ الموضوعِ أمامهُ ليقومَ بفتحِ الغطاءِ المُغرقِ بهِ ثُم يضعَ على مِعصمهِ القليلَ مِنهُ ثُمّ القليلَ على جانبيّ عُنقه ويعيد الغطاء إلى مَكانِه

دَمج مِعصميهِ مع بعضِهما يَمسحُ عليهما بلُطف ثُمَّ فصلهما يَمسحُ بكُلِّ مِعصمٍ جانِباً مِن عُنقهِ مُغمضَ العينين

ثُم يسيرُ بكفّيهّ ببطءٍ حَتى كتفيهِ فَصدرهِ إلى مَعدتهِ مُتنهداً بِعُمق

غَرقَ جَسدهُ برائحةِ العِطرِ ليُخللَ كَفّهُ التي لا يَزالُ بعضُ العطرِ عالقاً بِها فِي خُصلاتِ شَعرهِ مُبعثراً إياها ثُمَ مُعيداً تَرتيبها دونَ أن يقومَ بتمشيطها أو تَجفيفِها حتى

- أليسَ عيباً أن أمتلكَ كُلَ هَذهِ الفتنةِ ولا أملكَ مَن يَفتتنُ بِي

نطقَ بقهقهةٍ طَفيفةٍ والقليلِ مِن النَرجسيّةِ التي لا تُلائم سِواه على أيّ حال

لِتَزولَ إبتسامَتُه تَدريجياً حينَما تَذكرَ بأنهُ يكادُ يُكملُ خمسةً وعشرينَ عاماً دونَ أيّ علاقةٍ مُستقرّة

عائلتهُ بعيدونَ عنهُ لكونهِ مُقيماً في روسيا مِن أجلِ إكمالِ دراسَته للفنونِ في أكثرِ الأكاديمياتِ المَشهورة وأكثرها عراقة

أصدقائهُ بَعيدونَ عَنهُ كذلك سِوى إدريان والذي يَمتلكُ حياةً مُستقرّةً أكثرَ مِنه

فَهوَ يدرسُ ويَعملُ في الوقتِ ذاتهِ كَما أنهُ يزورُ عائلتهُ كُلَّ فترةٍ ويمتلكُ حبيبةً أيضاً
وسيُقيمانِ خِطبتَهما قَريباً بَينَما لا يزالُ هوَ في مَكانه

كانَ مُعجباً بإحدى الفتياتِ في النادي الرياضي
لَكنهُ لَم يَمتلِك الجُرأةَ للحَديثِ مَعها ، وحينَما قامَ صديقه بدَفعهِ للتحدث معها تَحتَ مُحاولاتهِ للهرب

رأيا شاباً يدخُل إلى المَكانِ ببذلةٍ عَسكريةٍ فيما إمتلئت عَينيّ الفتاةِ بدموعها وهرعَت لعناقهِ أمامَ الجميعِ بِشغف

كانَ هُنالكَ مَن يصرُخُ مشجعاً وهنالكَ مَن يصفرُ ويُصفق ، وهُنالكَ مَن أشاحَ بِعينيهِ عَن ذلكَ المَنظر بغصّةٍ تَملكت حُنجرته وصديقهُ بقربه هو الوحيدُ الذي لاحظَ ذلك يواسيهِ بِصمت

تنهدَّ الغرابيُّ بعمقٍ ليهمِسَ بصوتٍ خافِت

- أتَمنى لَو أعود لرؤيةِ أنجليكا وأن تَقعَ لِي ولا أهتمَ لها كَما فَعلَت هِيَ مَعي سابقاً

نَطقَ حِينَما تَذكَر بأنها كَنَت سَبب تَركهِ للنادي إبتسمَ بِحُزنٍ مُقرراً الرَسمَ قَليلاً علّه يُخففُ مِن الفراغِ الذي يَشعُر بهِ

اليَومُ أجازةٌ مِن جامِعتهِ وإدريان أخبرهُ بألا يُزعجهُ لأنهُ سَيخرُج في مُوعد مع حبيبتهِ ويُفاجئها بِطَلبِ يَدها للزواج

قلبَ الأدعجُ عينيهِ بخفةٍ بينَما يُثبتُ اللوحةَ القُماشيةَ على حاملِ اللوحاتِ يُخرجُ الألوانَ والريشَ الخاضةَ بالرسمِ مُتخذاً مَجلساً لهُ على الكُرسيّ المُقابِل للوحَة

ليُفاجِئه صوتُ هاتفهِ مِن على المِنضدةِ المُجاورةِ لَه فيُلقي بالعديدِ مِن الشتائم للشخَصِ الذي قاطَعَ وَقتَ راحِتهِ مَع مَحبوبتِه الأولى وَهي فُرشاتهُ ولوحاتُه

إلتقطَ هاتفهُ مُقطب الجَبين ليرى بأنّ المُتصلَ صديقُه الوَحيد كَما هُو مُتوقَع

- ماذا تُريد ؟ ، ألَم تَطلُب مِنّي عَدَم إزعاجِك معَ حبيبتِك ، لِما تُزعِجُني الآن ؟

قهقهَ الآخرُ بِخفةٍ بنَبرتِه العَميقةِ ، لِيُجيبَ صَديقَهُ المُستاءَ بنَبرةٍ مُستَمتِعة

- أوه أيُها العازِبُ المِسكينُ الوَحيد ، هَل تشعُر بالغيرةَ ؟

قلَبَ الأدعجُ عَينيهِ ليَعودَ للجُلوسِ مَكانهُ يَضعُ الهاتِف على مُكبر الصوتِ يبدأُ بِخَطِ بَعضِ الخُطوطِ المَبدأيةِ عَلى لوحَتهِ بقَلمِ الفَحم

- ها ها ها يا لكَ مِن شَخص مُضحكٍ إدريان
ما دُمتَ عاشقاً ولهاناً لِما تتحدثُ مَعي ألا يُفترضُ بكَ أن تَكونَ مَع زَوجَتكَ المُستقبليةِ الآن

ضَحكَ الأسمرُ بشدةٍ مِن الطرفِ الآخر
إغاضةُ الأدعجِ أحدُ أكثرِ الأمور المُمتعةِ في العالمِ بالنسبةِ إليه

- لَقد ذَهبت أميرتي لتَجربةِ بعضِ الثياب
نحنُ في المَركزِ التجاري الآن ، أعلمُ بأنها ستأخذُ وقتاً طَويلاً لِذا قررتُ إزعاجكَ حتى يَقِلَ تَوتري

هَمهمَ الغُرابيّ فِي حينِ كانَ يَخُطّ على لَوحتِه عَينين
واسعَتينِ مَع أهدابٍ كَثيفةٍ بِلَمعةٍ بَريئة

- لوكاس أشعُر بالتُوتر ، أتعتقدُ بأنها سَترفُضُني ؟
ماذا إن لَم تَكُن تَرغبُ بالزُواجِ الآن ؟

تَحدثَ الأسمرُ بِجديةٍ هذهِ المَرة ، وَصوتُه يُوضحُ التَوتُرَ الذي يَمُر بِه

تَنهدَّ الأدعجُ يَضعُ القلمَ جانباً يتأملُ ما خطّت يداهُ للحظةٍ راضياً بالنتيجةٍ الأولية
ليُعطيَ كامِل إهتمامهِ تالياً لِرفيقِه المُتوتر

- لا تُفكرّ في الأمر على هذا النحوِ إدريان
هيذر تُحبكَ كَثيراً سَيكونُ هذا أسعدَ يومٍ في حياتها
كَما أنها إن رَفضتَك فَلن تَخسرها ستُؤجلانِ فِكرةَ الزواجِ لِوقتٍ آخرَ فَحسب

إستطاعَ سماعَ تَنهيدةِ الأسمرِ المُثقَلَةِ بَعدَ حديثه
ليَزُمّ شفتيهِ بِخفّة ، هُو أكثرُ مَن يَعلمُ بِتعلقُ صديقهِ بِتلكَ الفتاةَ

لا يَتمنى الأدعجُ في أعماقِه سِوى أن تَكونَ هذهِ الفتاةُ تَستحقُ شخصاً مِثله ، هُو طَيبُ القلبِ وعَاطفيٌّ كَثيراً مَهما حاوَلَ إظهارَ البرودِ واللا مُبالاة

كَما أنهُ مُستعدٌ لِتقديمِ حَياتهِ حَرفياً لأيّ شَخصٍ غالٍ عليهِ ، وَهذا ما يَجعلُ الغرابيَّ فِي قَلقٍ دائمٍ على صَديقهِ الأسمرِ مِن تلكَ الفتاة

- أتعلمُ ماذا لوك ، أنتَ تَمتلكُ الكَثيرَ مِن الأفكارِ الشاعريةِ بالنسبةِ لشخصٍ أعزب لَم يَدخُل أي علاقةٍ حقيقيةٍ مِن قَبل

نبسَ الأسمرُ ذو الخصلاتِ الفضيةِ مُحاولاً كَتمَ ضحكتهِ ليأخذَ الغرابيُّ نفساً عَميقاً ثُم ينطقَ بهدوء

- أتعلمُ ماذا إيدي ؟

نطقَ بإبتسامةٍ صفراءٍ وبصوتٍ ناعمٍ ليَصرخَ تالياً بحدةٍ في الهاتفِ بعلّو صوته

- أتمَنى أن تتعرضَ هيذر لِحادثٍ قبلَ أن تَطلبَ الزواجَ مِنها وتَأتيَ إليَّ باكياً أيها الأرعن

إرتفعَ صوتُ قَهقهاتِ الأسمرِ بَعد أن وَصلَ الغرابيُّ إلى أقصى مَراحلِ الحَنق ليَنطقَ بصوتٍ هادئٍ بَعدَ أن تأتأ بحُزنٍ مُصطنع

- تُؤ تؤ أليسَ هذا قاسياً قَليلاً ؟
لا تَقلقَ هذا لَن يَحصُل لأنني مَع حبيبَتي وأميرَتي سأتلَقى الحادِثَ عَنها وأموتُ بسعادةٍ لإنقاذِها

قَلبَ الغرابيُّ عينيهِ بِخفةٍ ليتَناولَ الهاتفَ ثُمَ يَنطقَ بِتَملمُل

- لِتَحترِقا فِي الجَحيمِ معاً لا أهتَم ، والآن أغرُب عَنّي وإلا قُمتُ بِتَعجيلِ وصُولِكُما للجَحيمِ معاً بطريقةٍ مَضمونة

أنهى الغرابيُّ حَديثهُ بإغلاقِ المُكالمةِ في وجهِ صديقهِ مُبتسماً بَعدَ أن إستَمعَ لِضحكاتِ الأسمرِ المُبتهِجة

لِيُقررَ إكمالَ لَوحتهِ البَسيطة
قامَ بِمزجِ الألوانِ يَقومُ بإفراغِ كُل طاقتهِ السَلبيّةِ خِلالَ هَذهِ الفُرشاةِ والألوانِ التي يُشكلها كَيفما شاءَ وأحَب

تَوضحت مَلامِحُ الفَتاةِ أكثرَ بَعدَ تِلكَ الألوان
حَيثُ كانَت ببشرةٍ تُقاربُ لَونَ بَشرتِه ، وعيونٍ بُندقيةٍ لَوزيّةٍ وحاجِبينِ مُتقوسين

وشَعرٍ غُرابيّ يُشابهُ شَعره طَويلٌ يُغطي القليلَ مِن ملامحها وتقاسيمِ جَسدها

وَجنتينِ مُمتَلئتينِ بِخفةٍ ومُتَورِدتينِ مَع أنفٍ صَغيرٍ مُحمرِّ الأرنبةِ مما أضفى إلى مَلامِحها رِقّةً ولُطفاً إضافيّ

ثُمّ وأخيراً شِفاهُها الكَرزيةُ البَريئة
وكَلمسةٍ إضافيةٍ هوَ رسمَ بَعضَ النُجومِ حَولها
وَهي قَمرهُنّ ، هذا ما فَكّر بِه

وَصلَ في تَلوينِه إلى نُحلِ كَتفيها مُقرراً إضافةَ حَبتيّ خالٍ في كَتِفها وواحدةٌ على بِدايةِ عِظامِ تُرقوتِها اليُسرى

تَلطَخت يَديهِ بالألوانِ كَما لَطخّ القليلَ مِن أكتافِه وذراعيه بِسببِ عَدمِ ثباتهُ والقليلَ من الألوانِ على وَجنتهِ وَفَكّه حينما قامِ بحكّه دُون إنتباه

كانَ مُركزاً بشدّةٍ فيما يَرسُمُ يَعقدُ حاجببهِ بخفةٍ تَكادُ حتّى تلكَ الفتاةُ التي في لَوحتِهِ تَهرُبُ خَجلاً مِن نظراتهِ الثَقيلةِ

تَنهدّ بِعُمقٍ حِينَما رَنَّ جَرسُ البابِ مُقاطعاً إياهُ عَن خَلوَتِه ، ألقى نَظرةً أخيرةً لِلفتاةِ الَتي رَسمها تواً ليَبتَسمَ بخفةٍ ويَنطقَ بِهَمسٍ لنَفسه

- أتمنى لَو كُنتِ حَقيقةً لأحببتُكِ وأعطَيتُكِ العالَم أجمع

أنهى جُملتهُ مُستَقيماً حتى بابِ شِقتِه ليَفتحهُ فَتظهرَ مِن خَلفهِ تلكَ الفَتاةُ التي كانَ مُعجباً بِها سابِقاً في الناديّ الرياضيّ ، أنجليكا

لتتسعَّ مُقلتَي الفتاةِ الزُمرديةُ بَينَما تتأملُ الغرابيّ المُبهرِ وملامحهُ الوَسيمةً مُلطخةً بالألوان

تَلعثمت ليعقدَ الغُرابيُّ ذراعيهِ إلى صدره ثُم يرفعَ أحدَ حاجبيهِ بتساءُلٍ بَينَما يرسِمُ ملامحَ باردةً على وَجهه

تَسارعت أنفاسُ الشقراءِ التي تُقابلهُ حينما حَدقت في ملامحهِ

- إنه إنه كنت أود سؤالك .. انتَ لوكـ .. يا إلهي

نَطقَت بِتلعثُمٍ تَنقلبُ عَينيها للخلفِ مُغمضةً إياها ليَنتهيَ الأمرُ بها فاقدةً الوَعيَ على الأرضيةِ أمامه

رَمشَ الغرابيُّ عِدّةَ مَراتٍ فاغراً فاههُ بِصَدمة
ليَنحنيَ يَنظُر إليها عَن قُربٍ ثُمَّ .. يبتَسمَ بِخفّة !

لَو كان في مَوقفٍ ومكَانٍ آخر ومَع فتاةِ أخرى
لَكانَ هلِعَ بشدةٍ وحاولَ بِشتّى الطُرقِ مُساعدتها

إلا أنهُ لَم يَكترث وشَعرَ فجأةً بأنهُ فقدَ إهتمامهُ القَديمَ بِها وكانَ فَخوراً بِذاتهِ لأنهُ السببُ بِما حَصل مَعها

لَكنهُ لَم يَترُكها مَكانها على أيّ حال
إنما إتصلَ بالإسعافِ وأعطاهُم العُنوانَ ليأخذوها ..
ثُم ذَهب إلى الداخِل لإكمالِ لَوحتِه العَزيزة يغلق الباب خلفهُ ببساطة ..

يا لَهُ مِن شَخصٌ شَهمٍ ونَبيلْ ..

°°°

في صَباحِ اليَومِ التالي إستيقَظ الغرابيُّ على أصواتٍ غَريبةٍ في شَقته

إستعدلَ بجلوسهِ مُتنهداً بِعُمق
لا يزال مُلطخاً بالألوانِ التي جَفّت على جَسدهِ ليتثاءب حتى دَمعت أطرفُ عَينيه

إستقامَ مِن سريرهِ مُتجهاً إلى المَطبخِ ماراً بِقُربِ لَوحتهِ التي رَسمها أمس حَيثُ تَركها في الصالةِ

دَخلَ إلى المَطبخِ يَنظُر إلى مُحتَوياتِ ثَلاجته
عدة قواريرٍ مِن المياه ، بَعض الأطعمةِ التي فَسدَت دونَ أن يأكُلها

تَنهدَّ بعمقٍ يضعُ ملاحظةً في رأسهِ بأن يَذهبَ للتَبضُع فَهو بحاجةٍ ماسّةٍ للغِذاء

أخرجَ إحدى قواريرِ المياهِ مُقرراً شُربَ بَعضِ القهوة أولاً
ثُم الذَهاب إلى مَطعمٍ ما لِتناولِ إفطاره

إستَمعَ لِصوتِ سقوطِ شيء ما في الصالةِ ليعقِدَ حاجِبيهِ بخفةٍ مُتجهاً إلى هُناك بِسُرعة

توسَعت عينيهِ حينَما رأى بأنَّ اللوحةَ التي رَسمها أمس قَد وَقعَت أرضاً ليهرَع إليها يُحاوِلُ إقامَتها

فَيتوقفَ بملامحَ مَصدومةٍ حِينما رأى اللوحةَ وما حَلّ بِها

لَقد كانَت فارغةً تَماماً سِوى مِن النُجومِ والخَلفيةِ الداكنةِ التي رَسمها ليصيحَ بِصدمة

- أينَ أختفَت اللوحة ؟

- اللوحة ؟

جَفلَ الغرابيُ للِصُراخِ الذي ظَهرَ مِن خَلفهِ فَجأة
بِنبرةٍ ناعِمةٍ وصوتٍ أُنثَوي

وَحينَ إلتفتَ تَوسعَت عَينيهِ وسَقطَ فَكّهُ أرضاً

حيِنما كانَت الفَتاةُ التي رَسَمها في اللوحةِ تَجلسُ خلفهُ أرضاً وتَنظرُ إليهِ بِعينيها الواسعةِ ذاتِ اللمعةِ البَريئة

°°°

كانَ الغُرابيُ ينظرُ بصدمةٍ للفتاةِ التي تتوسطُ غُرفةَ المَعيشةِ خاصتِه ، وقَد ظَهرت مِن العَدمِ حَرفياً
فهو لا يَعرفُها ولا يَعلمُ كيفَ ظهرَت في المَكانِ خلالَ ثوان

إنخفضت نَظراتُه إلى جَسدِها
لِيُشيحَ بوجهه بِسُرعة أغمضَ عَينيهِ بِشدةٍ يُعطيها ظهرهُ مُتنهداً بِعُمق ووَجههُ مُتوهج
لا يستطيعُ إستيعابَ ما يَحصُل مَعه أبداً

- لا بُد مِن أنني لَم أستيقظ بَعد وهذا مُجرد حُلم
لَقد حَذرني إدريان دائماً مِن تناولِ طعامٍ دَسم قبل النوم

نطق الأدعجُ بهمسٍ يُكلم ذاتهُ ويومئ لنفسه
مُقرراً قَرصَ نفسهِ ليتأكد إن كان حُلماً أو لا
وحينما قامَ بقرص ذاتهِ بشدةٍ تأوه مُتألماً يُمسدُ مكان قَرصته

أيُعقلُ بأنها الفَتاةُ التي رَسمها في اللوحة حَقاً ؟
هي تَمتلكُ المَلامحَ ذاتَها ، لَكنّهُ لَم يَرسُم سِوى نِصفِ جَسدها يُخفي شَعرُها الطويلُ أغلبَ مَفاتِنها

تَماماً مِثلَ شَكلها الآن ..

لِذا تَنهدَ بِعُمقِ يَقومُ بِخلعِ قَميصهِ يَمُدهُ لَها بيدهِ دونَ الإلتفافِ إليها
لتتناولهُ لا تَعلمُ ما تَفعلُ بهِ تَنظُرُ إليهِ بغباءٍ لِتعانقهُ إلى صَدرها بإبتسامةٍ بَلهاءٍ فَحسب

- هَل إرتَديتِه ؟

نَطقَ الغُرابيُ بتساءُل إلا أنهُ صَفع جبينه بيأسٍ حينما أجابتهُ بذاتِ الجُملة

- هَل إرتَديتِه !؟

إلتَفّ إليها ليرى بأنها تُعانقُ القَميص إلى صَدرِها وتَنظُر إليهِ بِتوهان
لِذا هوَ أخذَ نَفساً عميقاً يجثو عَلى رُكبتيهِ أمامَها يُثبتُ عينيهِ على مُقلتيها التي تَنظُر إليهِ فَقط

ليأخُذَ القَميصَ مِنها ثُمّ يُغمضَ عينيهِ ويُلبسها إياه في رأسها أولاً فغاصت بهِ يُغطي حَتى مُنتصفِ فَخذيها

تَنهدَ للمرة الألفِ هذا اليوم يَفتحُ عينيهِ ليُساعدها على إخراجِ يَديها مِن أكمامِ القَميصِ القَصيرَة

لِتَنظُرَ إلى القَميصِ بِدهشةٍ عَينيها لامعةٌ مُتوسعةٌ وفاهُها الكَركديُ الصَغيرُ مُكوّرٌ بتفاجؤ

تُعانقَ جَسدها وتبتسمَ بوسعٍ ثُم تَنطِق بسعادة بَعدَ أن نَظرت إلى عينيّ الأدعجِ التي لَم تُغادِر مَلامِحها

- إرتَديتِه

لَم يَعلمِ الأدعجُ لِما .. إلا أنهُ قهقهَ بِشدةٍ على حديثها ونَبرتها الطُفولية

بَدت سَعيدةً بالقَميصِ لَكنها لا تعرفُ بما تَنطِق سوى ما سَمعَتهُ مِنه

- أنتِ لَطيفة

نطقَ بَينَما يُخرجُ خصلاتِ شَعرها الطَويلةَ العالقةَ في القَميصِ ، يتأملُها بإبتسامةٍ طَفيفةٍ مُتغاضياً عَن التفْكيرِ بِسببِ خُروجِها مِن اللوحةِ حالياً

لِتَشهقَ هي بِشدةٍ تُغطي وجنتيها المُمتَلِئةَ بيديها ثُمّ تَنطِقَ بنَبرةٍ مُتفاجئة

- أنتِ لَطيفة ؟!

ضحِكَ الغُرابيُّ بشدّة على تِكرارِها المُستمرِ لحَديثه ، يستقيمُ تالياً ناوياً التوجُه إلى المَطبخِ إلا أنها تَشبثت بيدهِ

تَنظُرُ إليهِ بعينيها الدامِعةَ ثُم تَرفعُ يَديها إليه كَطفلٍ يَطلبُ مِن أباهُ أن يَحمله

تُبَوزُ شفاهها المُرتَجفةَ بِخفةٍ ومُقلتيها تَلمعُ مُغرقةً بِدُموعِها ووجنَتيها المُمتَلئةُ مُحمرةٌ بِشدة

- سَتَقتُلني هذهِ الفَتاةُ بِلُطفِها ، أنا مُتأكِد

هَمسَ الغُرابيُّ مُنتَحباً بسببِ وداعةِ مَظهرها
ليدنو مِنها حَتى تُطوِقَ ذِرَاعُه خِصرها ويَدهُ الأخرى تُمسكُ كفها وكأنهُ يَودّ مُراقَصتها ..

أقامَها بهدوءٍ حَتى وَقفت على قَدميها
بَينَما طَوقت هي خِصرَهُ بيديها تَدفنُ رأسها فِي صَدره

ليَقشَعرَّ جَسدُه لِحَركَتها تِلك ويأخُذَ نفساً مُرتجفاً إلى جَوفِه

إقترابُ هَذه الفتاةِ مِنه كانَ غريباً ولطيفاً
كانَت نقيّةً وَجاهِلةً لِكُلِ ما يَحصُل مَعها ولا تَعرفُ شيئاً سِواه ..

- سأذهبُ لإحضار بعضِ العَصير يا ..

صَمت حينَما لَم يَجد ما يُناديها بِه
فَهي حَرفياً عِبارةٌ عَن لَوحةٍ على قَيد الحياةْ ولا تَمتلِكُ إسماً !!

ولا تَستطيعُ الحديثَ أساساً كُل ما تنطقهُ قَد كررتهُ كالببغاءِ مِن حَديثِه

- ياا ؟

نَطقت تفغر فاهها بِلُطفٍ بَينما تَنظُر في عينيه
لِيُقهقه بِخفّةٍ يُساعِدُها على السَيرِ مَعه حَتى المَطبخ

حينَما كانَت ساقيهَا تَرتَجِفان تُحركُهما بِصعوبةٍ كَطفلٍ لا يَعرفُ كَيفيةَ السيرِ بَعد

ساعَدها بالجلوسِ على كُرسيّ بِقربِ طاولة الطَعام
وذهبَ ليَسكبُ بَعض عَصير البُرتقالِ في أحد الأكواب بَينَما تراقبهُ هي بِمُقلتيها الواسِعةِ بشكلٍ مُلفت

عادَ إليها معَ الكوبِ يُناوِلها إياه لِتَنظر إليهِ بتوهانٍ بَينما تَرمشُ عدّة مراتٍ متتاليةٍ

- إنهُ عَصير

- عَصير !!

نبست فيما تُميلُ رأسها ليُهمهمَ لها بإبتسامةٍ واسعةٍ وعيونٍ لامِعة

أمسكَ يَدها بِسُرعةٍ مُقهقهاً حيِنَما كادَت تَسكبُ مافي الكوبِ على عينها وهيَ تُحاولُ النظرَ إليهِ بعينٍ واحدةٍ عَن قُرب

أخذَ الكوبَ مِن يَدها ليقترِبَ بِكُرسيهِ مِن خاصتِها
يُقربُه مِن فَمها يُساعِدها على تَجرُعِ القَليلِ مِنه ، ثُم يُبعده مُنتظراً ردّة فِعلها بحَماس

وهذا ما حَصل عَليهِ حينَما شهقت بِعيونٍ مُتوسعةٍ تَلعقُ شِفاهها بِتلذُذٍ ثُم ترفعَ يَدها تُشير إلى الكوبِ

تَقوم بإغلاقِ كَفها وفَتحه مراتٍ مُتتاليةً طَلباً بإعطائها المَزيد

شَعرَ الغُرابيّ بشيءٍ ما يُدغدغُ خافقهُ مِثلَ نَسماتِ الخَريفِ وأزهارِ الربيع ، شُعورٌ لَم يَشعُر به مِن قَبلُ أبداً

مَزيجٌ مِن المسؤولية والسَعادةٍ بِمشاعِرَ نَقيّة وكأنها الأُبوةُ في عُمرٍ مُبكِر

حينَ تأملَّ ملامِحها الآنيةَ والظريفةَ
يَقومُ بإعطائها كُوبَ العَصيرِ لتتسعَ إبتسامَتُها وتَرتشفَ مِنهُ بينما تؤرجِحُ ساقيها ذهاباً وإياباً بسعادة

إستقامَ الغرابيُّ يَقومَ بإخراجِ هاتِفهِ مُتصلاً بالشخصِ المَطلوب

- ناي .. يا أجملَ وأفضلَ فتاةٍ في العالمِ وأكثرهن موهبة ورِقّة

نَطق الغرابيُّ حالَ فَتحِ الأخرى للإتصالِ بَينَما يَستطيعُ سماعَ صوتِ مُحرّك السيارةِ ليُخمّنَ بأنها تَقودُها

- مالذي تُريدهُ مِنّي لوك ، تَحدث دونَ تَملُّق أو مُقدمات
تعلَم بأنَّ هذهِ الأُمورَ لا تُفلح مَعي

تَنهدَّ الأدعجُ بِخفّةٍ يَخطف نظرةً ناحيةَ الفتاةِ التي تتجرعُ عَصير البرتقالِ بنهمٍ ليبتسمَ بخفّةٍ ثُم يَتحدّث

- أحتاجُكِ بأمرٍ مُهم ، أيُمكنكِ القدومُ غداً ؟ سأدفعُ تَكاليفَ سَفرك أنا أعِدُك

نَطق بتساءلٍ لِتُجيبهُ الأخرى بقهقهةٍ طفيفة

- أكادُ أصلُ إلى مَنزلكَ الآن ..
كانَ يَجبُ أن تَكونَ مُفاجأةً لَكنني لا أستطيعُ أن أُغلقَ فَمي لِوقتٍ طويل كَما تعلم

ضحكَ الغرابيُّ بَينما يُحاولُ إستيعابَ قُدومِها مِن اميركا إلى روسيا لأجله غَيرَ قادرٍ على إخفاءِ حَماسهِ وَشوقهِ لَها

- أفتَقدُكِ كَثيراً ناي

إستَمعَ إلى إنتحابَتها مِن الطرف الآخر تُخبرهُ بأنها تَفتقدهُ كَذلك ، كَما أخبرتهُ بأنها وَصلت فِعلياً قُربَ شِقتهِ وأن عَليها إغلاقَ الإتصال

وَحينَما عادَ ناحيةَ الغانيةِ التي أنهت كُوبها تَنظر إليه بِحزنٍ لأنهُ إنتهى ، جَلسَ في مَكانهِ قُربها يَلفتُ أنظارها

لِتتسعَ عينيهِ بِصدمةٍ حينَما بدأت في البُكاء
هلِع إليها يَضُمها إلى صدره يُربتُ على ظهرها بلطف

- لِما البُكاء ؟ ، أنتِ بِخير ؟

لتشير هيَ إلى الكأس الفارغِ أمامها ثُم تَنطقَ بإنتحاب

- عَصير

ضحكَ الغرابيّ بشدةٍ فَقد إستوعبَ للتوِ أنها تَمتلكُ عَقل طفلٍ فِعلياً 

لذا فصلَ العِناقَ وقامَ بمسحِ دُموعها يَنظرُ في عينيها الجَميلةِ التي تُحدقُ به بِحُزن

- سأُحضرُ لكِ المَزيدَ مِن العصير ، ونأكُل بَعدها طعامَ الفطور مَع ناي ، حَتى تُعيركِ بَعض الثياب

هوَ تَحدث بهدوءٍ لا يَعلمُ إن كانت ستفهمه أو لا
إلا أنه صُدم بإبتسامتها الواسعةِ ثُم عناقها القويّ لَه

- عَصيير

إبتسم الأدعجُ يُفكرُ في كيفيةِ تَقديمها لِناي
وحينَما فَصلا العِناقَ القَصيرَ هو تحدث بهدوء يُبعدُ خصلاتها عَن عينيها برقة

- أعتقدُ أنني سأُسميكِ ليليز ما رأيُكِ ؟

رَمشت عدّةَ مراتٍ لتُكررَ حديثهُ بتساءل

- ليليز ؟

همهمَ الغرابيّ يستمرُّ بِمُداعبةِ خُصلاتها بهدوءٍ
بينما كانَ يَبدو تائهاً في تأمُلِ مُقلَتيها الجَميلة

- أجل إنهُ إسم زهرةٍ جَميلةَ تَمتلكُ العديدَ مِن الألوان
لَكنّكِ تُشبهينَ زهورَ الليليز الأبيض والتي تَرمُز للجمال
وأنتِ جَميلةٌ ونَقيةٌ كذلك ليليز

إبتسمت جَميلةُ القِد تَخفضُ أنظارها بخجلٍ بِسببِ نَظراتِ الأدعج الثقيلة ، ليتَوضّحَ للغُرابيّ طولِ أهدابِها وسُمكُها حِينما كَانت تُلامسُ أعلى وَجنتيها المُتوردةَ كُلما طَرفت بِعينيها

تنهَد بعمقٍ يستقيمُ حتى يسكُب لها المزيد من العصير

إلا أنها أمسكت بيَدهِ تُشير إلى ذاتها وتَنطق بَينَما تَنظرُ في عينيه

- ليليز

قهقهَ الغرابيُ بخفة يومِئ لها لتُشير بإصبعها إليهِ وتُميلُ رأسها بِخفة

فَهِم الغرابيّ أنها تسألهُ عَن إسمهِ هكذا
ليبتسمَ بهدوء يربتُ على رأسها ثُم ينطق

- لوكاس

إبتسمت بوسعٍ لِتنطِق بحذرٍ وكأنها تتساءلُ إن كانت نطقتهُ بشكلٍ صائب أو لا

- لوك .. لوكاس ؟

أومأَ الأدعجُ بعيونٍ لامِعةٍ وإبتسامةٍ واسعة
لتشهق هي بِسعادةٍ ثُم تُكرر نُطق إسمه مُجدداً بسرعة

- لوكاس

بصوتها الجَميل والرقيق ، وهذا جَعلَ قلب أحدهم
يَطرُق أضلُعهُ بِعُنفٍ بشكلٍ لَم يسبق لَه أن يَحصُل معه

زالت إبتسامتهُ تدريجياً عَن وجههِ يستشعرُ هذا الألمَ الغريبَ في خافقه

لَم يَكُن ألماً مؤذياً ، كَلّا .. لَقد كانَ أمراً مُستعداً لخوضهِ طيلةَ عُمره

لِيُفكر في ذاتِه أكانَ إسمهُ بهذا الجَمالِ مِن قَبل ؟


────────────────┈ ✦
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي