ساحرة الليل تنقذ الأمير التنين

amiraowais24`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-01-06ضع على الرف
  • 2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

بين حشد من الطلاب على صوت الشجار المرتفع صفعت بيانكي خطيبها لِيمان، وقالت بحنق:

"أنت وغد حقير، لقد وثقت بك حقاً، أنا ظننتك مختلف عن الآخرين."

"بيانكي أنــ..."

لم تمنحه فرصة للتبرير وغادرت مسرعة إلى منزلها، كانت السماء تمطر بغزارة عندما وصلت إلى الباب، لاحظت كتابا غريب الهيئة على العتبة هناك، فركلته بحنق ليسقط على التراب المبتل وهي تتمتم:

"لا ريب أنه هدية منه _ثم أردفت بصوت ساخر_ لا بُد أنه تركه كما يفعل دائماً، يرسل الهدايا بواسطة أحدهم.. ذلك المغفل."

دخلت إلى منزلها بقلب مجروح وملامح غضب على وجهها، وصفعت الباب ورائها وتنهدت بعمق:

"ذلك السافل المنحط، هل ظن أن مشاعري مجرد لعبة ليتراهن عليها؟!"

ثم انحنت لكي تنزع حذائها فلاحظت الوحل الذي علق عليه، فاعتدلت في وقفتها ومسحت على وجهها بضيق واختناق:

"أحتاج إلى أخذ حمام ساخن.."

قررت أن تغتسل قبل الذهاب إلى الفراش، فمددت جسدها بداخل المياه في حوض الاستحمام، بينما أنسدل شعرها الأبيض القصير.

"بيانكي."

بعد فترة لا بأس بها من الاسترخاء سمعت صوتاً يناديها من خلف الباب، فاعتدلت بفزع وهي تقول مقطبة حاجبيها:

"لِيمان، هل هذا أنت؟"

لم يأتها إلا الصمت والسكون، فهزت رأسها وقالت بابتسامه ساخرة:

"أنها مخيلتي ليس إلا... من المستحيل أن يلحق بي بعد أن اكتشفت فعلته المخزية."

"بيانكي."

ظهر الصوت هذه المرة أكثر قرباً وأشد حدة، فتسلل الرعب إلى ذهنها وسري في جسدها رعشة باردة.

فخرجت سريعاً من حوض الاستحمام، وارتدت ثيابها على عجل وهي تتمتم بخوف:

"من قد يكون هذا الشخص؟ وكيف يعلم أسمي؟ هذا لا يبدو كصوت لِيمان.. أوه يا إلهي"

تذكرت ما حدث قبل عودتها من عند لِيمان، فضيقت عينيها وهي تكز على أسنانها تنفي ما يخيله لها ذهنها من أفكار مخيفة:

"أنه بالتأكيد ذلك المخادع، أقسم أنني سوف أقوم بالإبلاغ عنه لقسم الشرطة.. انتظرني فقط.."

لكن كانت المفاجئة عندما فتحت باب الحمام ولم تجد أي شخص بالخارج، ابتلعت بيانكي غصتها التي تحجرت بحلقها وقالت بصوت بدى كالهمس:

"لِيمان، هل هذا أنت حقاً؟"

تقدمت للخارج قليلاً وعيونها تتفحص أركان المنزل، فقالت بصوت أعلى قليلاً:

"أخرج لِيمان وتوقف أرجوك عن مزاحك الثقيل."

كان المكان هادئ تماماً، لا يشوبه إلا صوت الأمطار التي بالخارج، فقالت بحزن وسخرية:

"يبدو أنني أحاول مواساة نفسي بخلق وهم لصوته في أذني."

تأكدت من أن باب المنزل موصد بإحكام، ليجول بخيالها صورة خطيبها، فنكست رأسها بينما ترقرقت الدموع بعينيها ولكن سرعان ما مسحتها هامسة لنفسها:

"كلا بيانكي، لستِ بالفتاة الضعيفة التي قد تهتز بسبب شيء بتلك السخافة."

وقفت أمام المرآة ومحت آثار الدموع، ثم أخذت تمشط شعرها، بينما تخاطب نفسها:

"بالنهاية اتضح أن كل شيء كان مجرد رهان مع رفاقه، وأنا التي صدقته كالحمقاء، حتى أنني قمت بقص شعري لأجله، أنه وغد حقاً؛ فقد جعل قلبي يتعلق به وها أنا الآن..."

حدقت في عيونها ذات اللون الأحمر لبعض الوقت، ثم تنهدت، بينما ماتزال تخاطب نفسها:

"لديهم كل الحق في حديثهم عني بهذا الشكل، فشعري الأبيض وعيوني الحمراء تجعلني أشبه الأرانب وفئران المختبرات حقاً."

هزت رأسها تنفض تلك الأفكار وقالت:

"يا له من تفكير سخيف."

تنهدت مجدداً ثم أردفت:

"حسناً، لقد حان وقت احتضان وسادتي الدافئة؛ فغدًا لدي اختبار."

حركت الغطاء لترفع حاجبيها بعد أن وجدت الكتاب ذاته على وسادتها، تتساءل في نفسها: كيف أصبح هذا الكتاب هنا؟

التفتت بعد أن سمعت صوتاً غريباً، وقالت بحدة واستياء:

"حسناً لِيمان إذا لم تخرج الآن أقسم أنني سوف أبلغ عنك الشرطة بتهمة الاقتحام والتعدي على ممتلكاتي."

لم تجد رداً، صمت تام حل على المكان بينما اختلط صوت تنفسها المضطرب مع صوت المطر الذي يضرب الزجاج بالخارج.

"اللعنة..!"

تنهدت بضيق شديد، وهي تتفحص النافذة:

"إنها مغلقة، فكيف دخل ذلك الشيء؟!"

ثم تأكدت أن كل نوافذ المنزل والأبواب محكمة الإغلاق من جديد وأن لا أحد فيه:

"يجب أن أجد شريكة للسكن منذ الغد، من السيء أن أعيش وحيدة."

عادت بيانكي إلى غرفتها وأمسكت الكتاب بيدها وهي تفكر: هل أقوم بالتخلص منه أم لا؟

ثم حركت الكتاب بين يديها تنظر إليه باستنكار:

"ما هذا الكتاب الغريب؟ كيف يمكن أن يكون جافاً بالرغم من أنني قمت بدفعه في المياه؟!"

لفت نظرها أسم القصة المنقوش بخيوط ذهبية على الغلاف بشكل جميل فرددته بصوت خافت:

"نهاية الليل وانكسار لعنة الساحرة؟!"

قطبت حاجبيها وأثار ذلك الاسم فضولها بشدة.

تلمست غلاف القصة الذي تمت تغطيته بطبقة ناعمة بالون الأزرق، وهي تقول مفكرة بلِيمان:

"بالرغم من كونك رجل حقير، إلا أنك تملك ذوق جيد في انتقاء الكتب، أيها الأحمق لقد نجحت في إثارة فضولي."

قالتها بابتسامة حزينة بينما تجلس على سريرها وتختبئ أسفل الغطاء من برودة الجو.

حدقت في نقش التنين وعصا الساحرة الكبير الذي يتوسط الغلاف، وقالت مستغربة:

"عجباً من هذا الكاتب الذي قد ينفق كل تلك الأموال على مجرد غلاف خاص بقصة؟"

بدأت بيانكي بتصفح محتواه فوقعت عيونها على بضعة أسطر حيث رددتها بصوت مسموع يملئه الإعجاب:

"المعالجة نيلسي، ابنة الدوق الأكبر أوتو، خطيبة الأمير الثاني فاون الذي توج كولي للعهد بدلاً من أخيه الأكبر سالار الملعون!"

قالت آخر جملة بصوت يمتزج بالشفقة، فقالت في نفسها: يبدو أن ذلك الملعون يشبهني.

سهرت بيانكي وهي تقرأ الكتاب، بعد أن قرأت القليل شردت بقصة الفتاة وقالت:

"يا لها من فتاة محظوظة، أظن أن لديها مصير ونهاية جميلة."

ثم تنهدت وهي تفكر بما فعله لِيمان لها فصرخت بغضب:

"اللعنة عليك لِيمان، لن أسامحك أبداً ما حييت، انتظرني فقط لن أكون أنا بيانكي إن لم أجعلك تطلب مني العفو، وسوف ترى."

ثم تابعت بحزن:

"لم حظي عاثر هكذا؟ لماذا لا يمكنني أن أحصل على الحب من قبل أي شخص مهما فعلت؟ هل أنا بهذا السوء؟!"

مددت بيانكي جسدها في الهواء بعد أن قرأت القصة كلها وهي تتثاءب حتى دمعت عينيها من شدة النعاس، فرمشت عدة مرات عندما لاحظت بزوغ ضوء الفجر بالخارج، فقالت بضيق:

"ما هذه النهاية اللعينة؟ لماذا قتلوها؟ أليس من الواضح أن تلك الفتاة هي الدخيل الحقيقي؟ تباً لك لِيمان أنت وقصتك الغبية تلك، أنك حقاً تشبهه."
تنهدت بتعب وهي تقول:

"الويل لي لقد أضعت اليوم كله في قراءة القصة ولم أدرس للاختبار، ماذا سوف أفعل؟"

أغلقت الكتاب بقوة، ثم رمته بقوة فالهواء نحو الحائط البعيد فسقط مفتوحاً على الأرض، ثم أرتفع في الهواء لتفتح صفحاته بشكل سريع.

أظلمت السماء فجأة وأخذ البرق يضرب الأرض بقوته، انكمشت بيانكي على نفسها وأخذ جسدها ينتفض برعب شديد، بدأت القصة بعرض محتوياتها في ذهنها وكأنها فيلم سريع، وفي غمضة عين خرج من الكتاب ضوء أزرق ساطع، أنتشر في الفضاء ساحباً الفتاة إلى أعماقه.

سقط الكتاب على الأرض بينما قد اختفت "بيانكي" بدون أن تترك أثراً خلفها.

يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي