أونار

Hadeer mohamed`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-10ضع على الرف
  • 7.9K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

تركض لاهثة كشعاع نور يشق دُجى الليل حولها، فستانها اللؤلؤي الطويل يسبح خلفها بتمرد ومجون، وخصلاتها الذهبية اللامعة صنعت حولها هالة نورية رائعة، فكانت أشبه بحورية ناعمة شقت دُجنة الليل.
خطت أقدامها الرقيقة تتوغل إلى الغابة المُقفرة بتوجس وشعور بالخوف يتصاعد بداخلها،
رفعت عيونها الزرقاء إلى أعلى لعلها تجد نورًا يرافقها في دربها المجهول، فصُدمت بغيمة سوداء تحتل السماء وظلام حالك يحتضن فروع عالية لا يؤتى البصر آخرها لأشجار ضخمة ظنت للحظة أنها تُناظرها بعيون حمراء قاتمة، أوراقها المتساقطة أرضًا قاتمة ألوانها كمن تصلب جسده بعدما فارق الحياة.
رغم الخوف الذي يتفاقم بصدرها إلى أن هناك شيء بداخلها يدفعها للإستمرار والغوص في أعماق تلك الغابة المريبة.

خفتت خطواتها وابتلعت ريقها وهي تنظر للمكان حولها بتمعن، الأشجار متلاصقة بشكل مخيف يهيأ للناظر كجيوش عاتية تحرس شيء مهيب، مدت بصرها لترى ما يختبئ خلف هذا الجدار التي تصنعه تلك الأشجار، ففزعت وعادت خطوة إلى الخلف سريعًا عندما صدر منهم زئير عالٍ دب الرعب في أوصارها، كمن يعترض على توغلها الذي يزداد جرأة.
حاولت التقاط أنفاسها وتهدئة تلك الخفقات بصدرها التي كادت تتوقف من الخوف، لكن ما بداخلها كان أقوى من ذلك الشعور المرتجف الذي يتمكن منها.
مدت بصرها مرة أخرى وتجرأت قدمها اليمنى على الخوض لتُشفي فضول لديها، لكنها تسمرت مكانها عندما عاد الزئير أقوى ورافقته صرخات مدوية انخلع لها قلبها، فوضعت كفيها تصم بهما أذنها وأخذت تتلفت حولها بخوف حتى شعرت بالأرض تنشق من تحتها، لتكشف عن بحر أسود قاتم لونه يحاوطها من جميع الإتجاهات، حاولت الحفاظ على توازنها النفسي وإتزان جسدها الذي يهتز بقوة مع الأرض.
لحظات وهدأت الأرض من فورانها وبدأ السكون يعم المكان مرة أخرى، فبدأت تستعيد وعيها الذي كادت تفقده بعدما حدث، ونظرت بتمعن إلى ذلك الماء الأسود المحيط بها لعلها ترى به شيء يفسر ما يحدث حولها، لكنه لم يسمح لها بالمزيد من الوقت وقرر القضاء على فضولها حين خرجت منه يد قوية وسحبتها بداخله إلى الأعماق، فخرجت صرخاتها مدوية.


انتفضت "بيرنا" من نومها في ذعر وأنفاسها تكاد تتوقف من فرط ضربات قلبها المرتعبة، فتحت عيونها تتفحص المكان حولها لتتأكد أنه مجرد كابوس كالعادة.
وضعت كفيها الصغيرتين على وجهها وهي تتمتم بصوت مهزوز:
-مرة أخرى!
فزعت عندما شعرت بيد تربت على رأسها لكنها هدأت حينما وجدتها المُربية "تريز".
أخفضت رأسها بوهن فسألتها تريز:
-ماذا يا صغيرتي؟

قالت بيرنا بصوت حزين:
-حُلم مُفزع مرة أخرى، لقد سئمت من تلك الكوابيس التي تراودني كل ليلة.

جلست تريز مقابلها ومنحتها إبتسامتة دومًا ما ترسمها على وجهها المجعد ثم قالت:
- قولتيها للتو، إنها مجرد كوابيس ولا يجب أن تؤثر عليكِ بهذا الشكل بيرنا.

رفعت عيونها السماوية إليها وهي تقول بألم تعيشه كل يوم:
-كوابيس كل ليلة تريز! الأمر لا ينتهي إلى مجرد النوم فقط، لكنِ أستيقظ منها خائرة القوى، كمن كان يحارب طيلة الليل.

حزنت "تريز" على حالتها التي تستيقظ عليها كل يوم فمدت كفها وربتت على وجنتها بحنو وتمتمت:
- لا تتركِ له المساحة كي يسيطر عليكِ بهذا الشكل بيرنا، دومًا اجعلي طاقتك إيجابية ورددي دومًا أنكِ استيقظتِ وانتهى ذلك الكابوس المُرعب.

سألت "بيرنا" بتيه ويأس:
-لكنه سيتكرر كلما ذهبت إلى النوم، فلماذا أخدع نفسي وأُمنيها بما لن يحدث؟!

-لتمنحي نفسك بعض الطاقة والسلام حتى تستطيعِ مواجهة الكوابيس القادمة.
قالتها بنبرة مغلفة بالمزاح لكنها كانت تعي ما تقوله حقًا.

لم تدرِ "بيرنا" أتضحك أم تحزن!
فحياتها أصبحت كالكوميديا السوداء، حزينة بجميع مراحلها.
عندما كانت صغيرة تركها والدها هي وأمها وحدهما، يعانيان قسوة الحياة بمفردهما، استطاعت والدتها أن تعيضها فقدان الأب ومنحتها إهتمامها كاملًا، في هذا الوقت تعرفت على تريز التي ساعدت والدتها في تربيتها، لكن دومًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فاختفت أمها في ظروف غامضة وإلى الآن لا يعلم أحد عنها شيئًا.
لم تستطع تريز تركها وحدها فكانت لا تزال في سن صغيرة، أخذتها ورحلت بها إلى مكان بعيد عن صخب المدينة التي كانوا يقطنونها، وأحضرتها إلى ذلك المكان الهاديء الذي يتمتع بالهدوء والسكينة.

قرية نائية بعض الشيء يحيطها الزرع من كل مكان فتبعث الطمأنينة بالقلوب، ومنذ ذلك الوقت وهي لم تبرح هذا المكان.

شعرت "تريز" بشرودها فقالت كي تُحمسها وتُخرجها من تلك الحالة التي هي عليها:
-ما رأيك أن تخرجِ وتتنفسِ بعض الهواء النقي؟

ابتسمت "بيرنا" بحزن وتمتمت:
-وما الفائدة من الخروج وأنا سأكون وحدي؟!

تشجعت "تريز" وقالت:
-لن تكونِ وحدك، سأذهب معك.

-حقًا!
تهللت أساريرها وللحظة نسيت ما كانت تعانيه منذ قليل، ابتسمت لها "تريز" وهي ترى اللهفة بعينيها وأردفت:
-نحتاج لبعض الأشياء بالمنزل، ما رأيك أن نشتريها سويًا؟!

نفضت عنها فراشها واستقامت بحماس قائلة:
-بالطبع، سأدخل إلى المرحاض ثم أبدل ملابسي سريعًا.
وانطلقت من أمام "تريز" وهي تكمل:
-لن اتأخر.
تابعتها "تريز" بعيونها التي تشبه تلك التي تخص الأخرى حتى دخلت الى المرحاض، ثم تبدلت نظاراتها المبتسمة إلى أخرى حزينة وغمغمت قائلة:
-إنه قَدَّرُك يا صغيرتي وما عليكِ سوى الصبر حتى يأتيكِ العون.

بعد قليل،
انهت بيرنا تبديل ثيابها وخرجت إلى تريز التي انتهت هي الأخرى وقالت:
-إنتهيت، هيا بنا.
أوقفتها تريز قائلة:
-أين معطفك بيرنا؟ ألم أخبرك من قبل ألا تخرجي دون إرتداءه؟!

تأففت بيرنا وعادت إلى غرفتها وفتحت خزانتها التقطت منها معطفها الأزرق ثم عادت إلى تريز تقول بحنق:
-لا أعلم لما تُصرين على إرتدائي هذا المعطف الكبير الذي يخفي معالمي كاملة وأصبح فيه كالأشباح؟!

قالتها وهي ترتدي المعطف فاقتربت منها تريز تغلقه لها جيدًا وتضع غطاء الرأس المتصل به على رأسها تغطي خصلاتها الذهبية المفرودة على ظهرها وربطته برباطه الأزرق فإنسدل على وجهها يُخفي معظم وجهها وهي تقول:
-أخشى عليكِ أن تصيبك العين بسوء يا صغيرتي.

لوت بيرنا فمها بضيق من إجابات تريز التي لا تشفي فضولها والغموض الذي يحيط بها، ومهما حاولت الإستفسار منها عما يجوب برأسها وعن تعليماتها الصارمة التي لا تقبل خرقها دومًا ما تراوغها ففقدت الأمل بأن تعلم الحقيقة التي هي على يقين ان تريز تخفيها عنها.

***
تأبطت تريز ذراع بيرنا وخرجا سويًا من المنزل على أمل أن ينعما ببعض الراحة ويريحا عقولهما بما يعتليها من قلق، فعلى ما يبدو أن ليست بيرنا وحدها هي من تعاني، لكن هناك من يعاني في صمت.

أشارت تريز إلى البيت الصغير المجاور لهم وهي تقول:
-يبدو أنه ليس هنا.

نظرت بيرنا إلى حيث تشير وقالت ساخرة:
-وما الفرق، في كلتا الحالتين النوافذ مغلقة والستائر مسدلة والبيت هاديء أكثر مما ينبغي.

أومأت لها تريز بإيماءة خفيفة من رأسها وقالت وهي تسير ببطء:
-نعم، لكن النافذة الخلفية مفتوحة وهذا ما جعلني أعلم أنه ليس هنا، فهو لا يتركها مفتوحة إلا عندما يغادر.
قالت بيرنا وهي تتابع السير:
-شخص غريب الأطوار حقًا، منغلق على نفسه بشكل مريب، يخرج إلى عمله ويعود دون أن يراه أحد، 'التفتت إلى تريز وسألتها' صحيح هل رأيته من قبل؟
ردت تريز:
-رأيته عدة مرات وهو عائد من العمل لكن لم اتبين ملامحه، فهو يرتدي سترة بغطاء رأس غالبًا ما يخفي وجهه.

-أشعر أنه يُخفي خلفه شيء، ودومًا ما ينتابني الفضول لمعرفة هويته.
حذرتها تريز قائلة:
-ليس لكِ شأن به بيرنا، فلا تنسي ليس عليكِ أن تثقِ في الغرباء.
تأففت بيرنا وقالت حانقة:
-ليس مجددًا 'تيري'.
ردت الأخرى بلهجة صارمة:
-سأظل أذكرك بالتعليمات ما دُمت مُصرة على التغافل بيرنا.
ثم نظرت إليها فوجدت الضيق يحتل ملامحها، لانت نبرتها قليلًا وقالت:
-خرجت معك كي تُخرجي نفسك من الجو الكئيب الذي تعيشيه بيرنا، فأرجوكِ انتبهِ للتعليمات إنها ليست لشيء سوى سلامتك.

نظرت لها بيرنا بحيرة لكن ليس بيدها حيلة فأومأت لها بإبتسامة هادئة وتمتمت:
-حاضر تيري، سأنتبه للتعليمات.

***

على أعتاب قرية أخرى بعدما أسدل الليل ستائره،
وقف "آريس" بجسده القوي وملامحه الهادئة رغم عيناه ذات النظرات الحادة، يتأمل المدينة من الخارج
السماء صافية والظلام والهدوء هما المسيطران الآن على الأجواء في هذا الوقت المتأخر من الليل.

لمعت عيناه وهو يتذكر الماضي حين ترك هذه المدينة منذ عشر سنوات، عندما قرر الإنفراد بنفسه وأن ينئى بها بعيدًا، حتى أن غضب والده ورفضه القاطع لقراره بخلاف دموع والدته أيضا التي لم تكف عن البكاء والتوسل إليه لم يردعوه عن قراره.


أبعد آريس تلك الذكريات التي تحتل رأسه كلما جاء إلى هنا، وتحرك بعد أن أخذ نفسا عميقا ملأ به رئتيه متجها إلى منزل والده، لكن ما أوقفه ذلك الصوت الذي يتألم ويئن بخفوت!

إلتفت آريس حوله يبحث عن مصدر الصوت بين الظلام الدامس والأشجار الكثيفة التي تحيط بالمكان، حتى لمح جسد ضئيل يفترش الأرض ويستند على جزع شجرة، فإقترب منه بإستغراب وهو يلتقط رائحة يعرفها جيدا وكلما تخطى الشجيرات الصغيرة زاد يقينه بأنها هي، وحين وصل إلى المكان المنشود إتسعت عيناه من الصدمة مما رأي!
"ليزا! "
قالها آريس بعد أن رمى حقيبته أرضًا وجثى بركبتيه بجانبها يتأمل وجهها الذي تبدل حاله حتى أنه أصبح شاحب كالأموات
" آريس، أخيرا عدت، كنت أنتظرك بفارغ الصبر "
قالتها ليزا بصوت ضعيف بعد أن فتحت عيونها ببطء وإبتسمت له بخفوت وقد بدأ الخوف ينزاح قليلا عن قلبها .
آريس هو صديقها منذ الطفولة وأصبح هو الوحيد أيضا مصدر الثقة بالنسبة لها، بعد أن خذلها الجميع
فمنذ أن تمردت على القوانين وأعلنت عن حبها ل "البرت" الذي لا ينتمي إليهم بل ينتمي إلى جماعة من مصاصي الدماء، طردها كيڤن من القرية وفي كل مرة كانت تحاول العودة كانوا يجبروها على الرحيل مرة أخرى .

" ما بكِ ليزا؟ أخبريني"
قالها آريس بقلق شديد وهو يمسد بيده على وجهها الذي دوما ما كان جميلا فكيف تبدل حاله الآن ؟!

-كنت أخشى أن أموت قبل أن أراك آريس، فلا أحد يستطيع مساعدتي سواك.

قالتها بضعف شديد، فبدأ الخوف والقلق يضربان قلب آريس على حالتها وقال بصوته الرخيم:
-توقفِ عن الحديث ليزا، وتعالِ نعود إلى كيڤن ونحضر الطبيب ليطمئنا على حالتك ويخبرنا ماذا نفعل.
إبتلعت ريقها بتعب وهي ترى خوفه عليها مرسوم بعينيه:
-إهدأ آريس وإسمعني، أنا لا أستطيع أن أذهب إلى كيڤن مرة أخرى، يكفي أني قد جئت إليه عدة مرات من قبل وتوسلت إليه كثيرا وإعترفت بخطئي لكن دون فائدة ، فأصبحت أمنيتي الوحيدة وأنا على مشارف الموت أن أراك يا صديقي لأسلمك أمانتي ويرتاح قلبي وأرقد بعدها بسلام.

قالتها بتلعثم وتعب شديد وهي تحارب كي تأخذ شهيقًا بصعوبة

أوقف آريس الدموع التي لمعت بعينيه وأفاق عقله الذي شعر بأنه توقف عن التفكير وكأن حالتها هذه أصابته بشلل في الدماغ !
قال آريس وهو يمد يده ليحملها:
-سأعود بكِ إلى بيتي.
أوقفته وهي تشدد على الوشاح الكبير الذي تلف به جسدها الضئيل وغمغمت:
-توقف آريس وإسمعني من فضلك فليس أمامي الكثير من الوقت.

قالتها ليزا بأنفاس متقطعة، فما كان على آريس سوى أن ينفذ ما تريد وجلس بهدوء ليستمع إليها:

-أنت تعلم أني خالفت القوانين وإعترفت بحبي لألبرت وكانت النتيجة أن تم طردي من القرية والتخلي عني للأبد، لكن لم يكن بالحسبان أبدا أن يتخلى عني ألبرت أيضا، فكان ضعيفا بما يكفي ولم يستطع أن يواجه أهله من أجلي، وكانت النتيجة أني صرت وحدي تماما.

إبتسامة ضعيفة شقت فمها الذي جفت منه الدماء فصار أزرق اللون
" لكن الله كان بي رحيمًا، فرزقني بأمانة لتمنحني أملاً جديدًا بالحياة"

أنهت كلماتها وأبعدت الوشاح عنها ببطء لتكشف له عن طفلة صغيرة ترقد في حضنها بسلام وهدوء

لم ينتبه آريس أن إبتسامة حنونة رُسمت على وجهه الآن وهو ينظر للجميلة النائمة بين أحضان أمها
-لم أكن أعلم أن الحياة ستنتهي بي سريعًا وسأتركها وحيدة تواجه الخطأ الذي إقترفته أنا
قالتها ليزا بألم وحزن، فرفع آريس عينيه إليها ومد يده يمسك كفها الذي يحتضن الصغيرة فشعر بمدى برودتها، لكنه تجاهل الأمر وحاول أن يقنعها بأن تذهب معه إلى منزله ويحضر الطبيب ليعالجها فقط من أجل الصغيرة.

-دوما هناك أمل ليزا، وربما عليكِ الآن أن تتوقفي عن الكلام وتذهبي معي إلى طبيب، سأعتني بكِ وبالصغيرة وستصبحين بخير، صدقيني.
قالها آريس ، وأخرج هاتفه من جيبه و أجرى إتصالا على صديقه ليأتي إليه و ينقلهم بسيارته إلى منزله:
-فيليب، هل يمكن ان أطلب منك خدمة؟
قالها آريس لصديقه الذي وافق على الفور، فشكره و جلس بجوار ليزا ينتظره متمتمًا:
-سيأتي فيليب وسأذهب بِكِ إلى الطبيب، ستتحسنين وسنعيش سوياً مع الصغيرة بعيدًا عن قوانين كيڤن الصارمة التي لا تتناسب مع جانبنا البشري "

نظرت له ليزا بدفء وقالت بوهن:
" ليت الجميع مثلك يا صديقي، ليتهم يمتلكون قلبًا صافيًا نقيًا مثل قلبك، ليتهم يعلمون أننا لا نستطيع السيطرة على قلوبنا، إنها فقط تسوقنا دون إرادة منا حتى نسقط بالهاوية "

قالتها ليزا بألم شديد وهي تتذكر أيام حملها، كم كانت مريضة وتحتاج المساعدة، لكن حينما ذهبت لأهلها ورفضوها كما فعل كيڤن، عادت مرة أخرى وأغلقت على نفسها حتى أنها لم تخبر ألبرت بأنها تحمل طفله في أحشاءها:
-لا تخبر أحد عن طفلتي آريس، فلن يتركوها تنعم بهدوء، سيأخذوها بذنبي وسينتقمون من أبيها فيها، إنها أمانتي إليك آريس، فحافظ عليها "
لاحظ أن وجهها يزداد شحوباً وزرقة شفتيها و أطرافها تزداد قتامة، فزادت ضربات قلبه خوفاً عليها، وأجرى إتصالًا على فيليب الذي أخبره أنه بالفعل قد وصل.
أسرع آريس يأخذ الصغيرة ليضعها بالسيارة ثم يعود ويأخذ ليزا ،لكنه وجدها تتشبث بالصغيرة وتنظر إليها والدموع تنهمر على وجنتيها، وكأنها لن تراها مرة أخرى.
أخذها منها آريس وقال بقلب متألم على حال رفيقة دربه:
-سأضعها في السيارة وأعود إليكِ"

" لا تترك قلبك للغرباء آريس، لا تتركه يتحكم بك حتى لا يقودك إلى الموت "
قالتها ليزا بأنفاس متسارعة قبل أن تشهق عالياً و تجحظ عينيها غير قادرة على أخذ أنفاسها ، فأسرع آريس بالصغيرة إلى فيليب الذي إلتقطها منه دون فهم، وعاد مرة أخرى ليأتي بليزا، لكن جحظت عيناه وأصابته الصدمة حين لم يجدها !
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي