8

(الساعة الواحدة بعد منتصف الليل قصر الكونت)

لقد جفاني النوم الليلة و غادرني بت أتقلب في الفراش ،ارجوا لو يشفق علي النعاس ولو لبضع ساعاتٍ فقط لكن لا رجاء، لقد إعتدت في حياتي
اليوميه إذا لم يزرني النوم أقوم بصنع وجبةٍ خفيفةٍ
لمنتصف الليل و أسهر على حاسوبي، لكن أنا عالقةٌ
بزمن لم يخترع فيه حتى الهواتف المحمولة فكيف
الانترنت.

الأمر أشبه بعيشٍ في العصور الحجرية، لكن لا باس
ما زال فكرة صنع وجبة منتصف الليل متاحة، لما
لا أذهب و أرى ماذا يوجد في هذا القصر الملكي،
أراهن أنني لن أجد حتى شكولاته او رقائق البطاطس
لشدة تحفظهم بالطعام الراقي علي ان اوفر ذلك
لنفسي من الان فصاعداً.

أخذت بخطواتي إلى الأسفل الجميع نيامٌ و لا شك فيه بهذه الساعة المتأخرة من الليل، لكن أين يكون
المطبخ أنا لم يتسنى لي إستكشاف القصر بعد
أراهن أنه قرب جناح الخدم.



أكملت هيبارا خطواتها تبحث عن مبتغاه و قد كان
حدسها في محله ،اي ان المطبخ بذات الجهة التي
يكون فيها إحدى أجنحة الخدم، ما إن رأت مملكتها
أمامها حتى سارعت بخطاها نحو و اخذت تتأمل
كبر المكان و سعته و قد قارنته أنه فقط يشمل
مساحة منزلهم بأكمله.

أخذت تجول و تصول في المطبخ تمسك بكل ما راقها، و كم كانت فرحتها لعثورها على كعك الشوكلاته المفضلة لديها، أخذت تدندن و تتمايل
بمكانها و هي تعد وجبتها ما إن إنتهت حتى
عادت و هي تحمل غنائمها الى غرفتها.

ما إن دخلت ووضعت أشيائها فوق السرير أقتربت
من نافذة شرفتها، بنية إبعاد الستائر قليلاً حتى
يتخلل المكان ضوء القمر لفت نظرها شيئٌ ما يسير
و يقفز بشكل سريع ،و بدا لها كشصٍ ما من هيئته
و لكنها لم تستطع التعرف عليه، حتى رأته يدخل
من نافذة إحدى غرف القصر.

كل ما رأته أنه رجلٌ بسبب هيئته من الظلام إعتقدت
أنه يكون أحد الخدم تسلل لأمر ما، هزت كتفيها بلا
مبالاة و عادت إلى سريرها ،تنقض على ما صنعته
يداها و تفتخر بذاتها و مهاراتها في إعداد الطعام.



(في جناح ارتاي)

و أخيراً وصلت ظننت أنني ساتاخر ذاك الارعن لم
يكن فريسةً سهلة، لم يسعفني الوقت لإخفاء جثته
لكن لا يهم طالما لن يصلوا الي، الحقير تسبب لي
بذلك الجرح الغائر في ذراعي إنه يؤلم حقاً و لكن
لا بأس مقابل دمائه و روحه.

في كل مرةٍ أنقض و انهي فريسةً ما تزاداد قوتي
أكثر فأكثر، الان أدركت لما كان ذاك الحقير الكونت
يحاول جاهداً إبعادي عن الإختلاط وسط البشر،
يخشى أن أكتسب القوة التي يهابها و أفتك به
و بمن حوله باكراً.

أكثر جزءٍ يستهويني بعد الدماء فيهم قلوبهم التي
تستمر بالنبض حتى بعد إنتزاعها من أجسادهم،
لقد أصبحت عادةً جديدةً ظهرت مني فجأةً لكنها
كانت الحل الأمثل لإسكاتهم، فقد بات صراخهم
و توسلهم من اجل النجاة مقرفاً و مزعجاً.

علي التخلص من ملابسي و انظف نفسي و هذا
الجرح يحتاج إلى تقطيب، لا بأس سأستعين
بطبيبٍ ما في الصباح، لنأخذ حماماً مريحاً و اذهب
للنوم أنا أستحق الراحة بعد هذا اليوم الحافل.


(نفس المكان في الصباح عند هيبارا)

إستيقظت متأخرةً قليلاً بسبب تأخر نومي بعد أن
أنهيت روتيني اليومي حتى أقرر النزول أخيراً، و عند
مروري لمحت رجلاً يخرج من جناح أرتاي يبدوا من
هيئته أنه طبيب، إستغربت من وجوده و أخذت نظرةً
بعيني تجاه جناح ارتاي.

عند إقتراب الطبيب مني قام بتحيتي بإحناء راسه
لي باحترام، لأنتهز  فرصة سؤاله عن سبب وجوده
بجناح الأمير.



"تحياتي و إحترامي أيتها الكونتيسة!"

"أهلاً أيها الطبيب لكن ما الأمر هل الأمير بخير؟!"

"نعم هو كذلك لقد كان جرحاً بسيطاً لا أكثر و قد
كان بحاجةٍ إلى تقطيب ليس إلا لا تقلقي أنه بخير!"

"جرح؟!! لكن ما سبب جرحه لقد كان بخير البارحة
عندما تركته هل أخبرك بشيئ؟!"

"أخبرني أنه أثناء سيره إنزلق قدمه ووقع على زجاجٍ
قد تكسر و بسببه حدث الجرح!"

"اوه!! وهل هو بخيرٍ الأن ؟!"

"هو بخير لا تقلقي فقط عليه تعويض الدماء التي فقدها و تعقيم الجرح كل يومين عندها سيكون
بخير أيتها الكونتيسة لا داعي للقلق!"

"شكراً لك حضرة الطبيب!"

"هذا واجبي!"

غادر الطبيب بعد ذلك و أعدت انظاري ناحية جناح
ارتاي، ترددت في بادئ الأمر من الذهاب إليه و لكنني
قررت و اتخذت بخطواتي الى جناحه الخاص، فلا بأس بالاهتمام به رغم نفوره الشديد نحو زوجة والده ساندرا التي أتجسدها.

و لكني سأذهب إليه بشخصية هيبارا لا ساندرا،
علي أن أصلح ما أفسدته داخل هذه القصة و نخرج
بأقل الخسائر التي صنعتها هنا، و إن كان بمقدوري
إستبدالها بنهايةٍ سعيدة سأفعله دون تردد. 


"إدخل!!"


سمعت صوته يسمح لي بالدخول بعدما طرقت عليه الباب، ف تحت الباب بهدوء لأطل برأسي أبحث
عن هيئته لأجده يجلس على طرف السرير يقابلني
ظهره العاري، و الضماد يلفه من ذراعه و حتى أسفل ظهره علمت حينها أنه تأذى و بشدة و تلك الإصابات
التي به تثبت ذلك.



"هل انت بخير؟!"



سؤالي جعله يجفل في مكانه يرفع راسه ويستدير
به ناحيتي دون أن يقابلني، ما إن تأكد أنها أنا قلب
عينيه و عاد ينظر لما أمامه، سأحاول أن اتغاضى
تجاهله لي لأنني أدرك مدى توتر علاقتنا معاً، بالأصح
علاقته السيئة بزوجة والده.




"ماذا تريدين هل جئتي كعادتك تتشمتين بي
لأنني آذيت نفسي؟! حسناً هل أنتي سعيدةٌ لرؤيتي
أتألم! أخرجي حالما تنتهين أريد الإنفراد بنفسي!!"



"أنا جئت لأطمئن عليك لا لأسخر كف عن ظنونك
السيئة نحوي، أنا حتى لم أفكر بنفس طريقة تفكريك!!"


"تشه!! منذ متى هذا الإهتمام أنتي اول من يتلذذ
بتعذيبي و إهانتي و لفق التهم علي أمام زوجك
المبجل ليزيد من ألمي!!"


"إسمعني أعلم أن علاقتك بزوجة والدك سيئةٌ للغاية
لكنني لا علاقة بي بها أنا وهي مختلفتان تماماً!"




نظرات الإستغراب و الغير مفهمومة منه يوجهها نحوي، أعلم أنه لم يفهم ما قصدته و قد تعمدت قول
ذلك حتى يضعه بعين الإعتبار، لا يهم فليعتقد أنها
حالة إنفصامٍ من زوجة والده المهم أن يعرف
بالطباع و الشخصية الأخرى، و هي شخصية هيبارا
شخصيتي أنا.





"عدتي لحديثك المجنون مرةً أخرى!"



"لا يهم إعتبرني مجنونه او لنقل شخصيتان بجسدٍ
واحد، لنقل إنفصام الشخصية ألم تسمع بها؟!"


"و منذ متى المنفصم يعترف بشخصياته الأخرى
أم هذا تمثيل أخر مبتذل منكِ!!"


"لا يهمني ما تعتقده الأيام القادمة ستثبت لك
صحة ما اقول و صدق نواياي أيضاً!"


"حسناً إذاً أيتها المنفصمه ما هي شخصيتك
الأخرى دعينا نتعرف عليها!!"



بعد سكونه لعدة دقائق و هو يتأملني بصمت تكلم
أخيراً يريد أن يعرف المزيد، أعلم ان في نبرته
المزيج من السخرية و الإستغراب لذلك لن
ألومه أبداً، و سأتجاهل ذلك فعلاً المهم ان أكسبه
بصفي، حتى أمحي الدمار و الهلاك التي ستحدث
داخل مجريات هذه الرواية.







يتبع......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي