ذكريات على حافة النسيان

Bushra`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-13ضع على الرف
  • 5.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الحياة....
اعتقد ان هذه الكلمه أكبر مما أستطيع ان أفهم،وبرغم ذلك عرفت معناها حرفا حرفا.
عندما كنت صغير،اقتصرت حياتي علي عده شخصيات كانت لها دور مهم في تغير نهاية البداية الخاصه بمسرحيه حياتي،علي الرغم من ان شخصياتهم هي المسرحيه من حيث اهميتها،إلا ان بسببهم حدث لي ما لا تحمد عقباه.
اكبر هذه الشخصيات كان ابي وامي واصغرهم كان انا،كل ما استطيع تذكره هو اننا كنا عائلة سعيده،بل سعيده جدا،كانت حياتي كقصه خياليه،يحلم كل طفل صغير ان يعيشها،تماما كتلك اللحظه السعيده المتجسده في افكارنا التي تجول في عقولنا الصغيره قبل النوم عنكا تحكي لنا قصه ما قبل النوم ،ونسبح بمخيلتنا في فضاء الافكار اللا متناهي.
كنت طفل صغير لا يزيد عمره عن ست سنوات لا يعرف في هذه الدنيا غير امه وابيه،برغم صغر سني وعدم ادراكي الجزئي لما حولي إلا انني لم استطع صرف تفكيري عن شئ واحد وهو الشتاء والمطر،لكم عشقت المطر ،ولكم عشقت الشتاء.
عندما كنت صغير لم يبدو لي ان الشتاء مجرد برد قارص يخيفني حتي التجمد،ولم يكن المطر مجرد قطرات من الماء تتساقط من السماء بدون فائده حتي تبتل ملابسي واصاب بالزكام،عندما كنت اتذكر الشتاء كان كل ما يجول في خاطري هو الدفئ،نعم الدفئ،الدفئ الذي اشعر به عندما اكون جالسآ مع امي وابي تحت ظل هذا القصير الواسع المخيف،ولكم عشقت كوب الشوكولاه الساخنه التي تعده لي امي حتي يعيد الحراره الي محاجر جوفي المرتجف من شده البروده،والغريب هو انني لا افتقد الطعم اللذيذ فقط،بل انني حتي افتقد القشعريره التي كانت تجتاح جسدي الصغير لتشعره بالدفئ البارد،الحر القارص،والبروده الدافئه.
ابي...
نعم ابي العزيز الذي كنت اشعر انه مصدر من مصادر الدفئ في قلبي،فقد حفر حبه بيديه داخل قلبي الصغير الذي لم يحتمل القليل من الالام ومات موت الاحياء الاموات،برغم ان كلامي يبدو مخيفآ إلا انها الحقيقه التي لا استطيع الهروب منها،فالموت هو الحقيقه الوحيده بين سراب الحياة،برغم قسوه تعابيري وكلماتي التي اسطرها،إلا ان قلمي لا يستطيع ان يكذب،فقد اكتفى قلبي من الالام المبرحه التي نالها ولا يستطيع التحمل اكثر من ذلك،اعتدت ان ياخذني ابي بعد صلاه الفجر الي احد الشواطئ المشهوره بلندن،كانت متعه حياتي هي مشاهده المحيط والبحر تحت ظل المطر في ظلام الليل الذي قد يبدو للبعض مخيفآ إلا انه قد يكون احيانآ انقى من نفوس بعض البشر،أحببت ان استمع الي ابي وهو يقرا القرآن في خشوع،هذه الكلمات العذبه التي كانت تعيد الحياة الي عالمي وتعيد الطمأنينه الي قلبي الشبه متجمد،برغم الدفئ المنتشر حول اطراف جسدي الخارجيه إلا انني من حين لأخر كنت اشعر بشظايا البرد تلسعني احيانا،عندما كان ينهمر المطر فوق رؤوسنا انا وابي كنت ابتسم وكانني في ذروه سعادتي ،وافرد ذراعاي محلقآ في فضاء افكاري كانني احاول احتضان قطرات المطر الساقطه ، وتذكرت فجاه حضن ابي،اااااه كم كنت اشعر بالدفئ والحنان المغمور بالطمانينه بين يديه.
ولكن هذه المره شعرت ببروده المطر وثلوجه قطراته.
احسست إحساس الارض التي اقف عليها بل وانني شعرت بالاسى والشفقه من أجلها، أوكيف تحتمل هذه البروده القارصه؟
كيف لا تهتز او تتحرك إلا بالبراكين والزلازل؟
اي من شده الحراره من شده الاهتزاز و الخفقان.
تهيئ لي حينها ان الارض تذكرني بقلبي لا تستطيع هزه البروده ولكن الحراره تبعث فيه الحياة كانه يخفق لأول مره في كل مره اشعر بالدفئ في فصل الشتاء.
ياله من إحساس عجيب!!!!!
في أحد الايام وبينما كنت مع ابي،كانت الليله عاصفه،بل وكانت مخيفه،اسمع صوت الرعد المخيف الذي يدوي في اذني وكانني لا زلت اسمعه حتي الان،بعدما صليت الفجر مع ابي بعد ان تعلمت كيف اصلي وبرغم اني كنت اجد بعض الصعوبه في تحدث العربية ونطق القرآن إلا اني اصررت علي التمسك بهذي اللغه الشيقه،فبرغم صعوبتها إلا انها لغه القرآن،ومع اني لا اعلم معاني الكثير من الكلمات الموجوده به إلا انني اشعر براحه غريبه عندما يتلوه لي ابي قبل النوم،كنا في طريقنا الي الشاطئ ولكن سرعان ما انتشر صوت جوال ابي واخذ يثير شغب الضجه التي احتلت قلعه الصمت الموجوده بجو السياره بجانب صوت العاصفه التي لا تهدا،اخذ يرتفع صوته ليزيد الليله رعبآ علي رعبها،وفجأه..........؟
لم اسمع شيئآ،بل انني لم ارى شيئا ايضا،ولكن كل ما اتذكره هو تغير شكل ابي المفاجئ وكانما صعقه برق العاصفه،او اصابه الرعد بصدمه دماغيه مرعبه،لم يتكلم ولم يصدر اي صوت،كان صامتآ كصموت الليل الذي تكتسحه اصوات الحشرات بعد منتصف الليل.
ولكنه إستدار فجأه واتجه عائدآ الي البيت.
لم ادرك ماذا يحدث،ولكني شعرت بالرعب لدرجه انني فضلت السكوت والمشاهده عن التحدث،
" يالغبائي!!! كدت ان انسى ان اعرفكم علي نفسي،برغم وثوقي انكم مع الوقت ستعرفوني،ومع ذلك اسمي محمد أدرس إدارة اعمال في احد الجامعات الامريكيه التي ينتشر بها العرب الموجوده هنا وانا في السنه الثالثه
انا بريطاني عربي الأصل، مسلم كنت اعيش بلندن،ابي اسمه محمود،لا اتذكر عنه اكثر من ذلك غير انه قد عاش بلندن بسبب والدتي قد احبها وتزوجها بعد رفض جدي زواجهما،حيث انه لا يريد ان يتزوج اكبر اولاده بامراه مسيحيه وعلي الرغم من ان والدتي مسلمه إلا انه كان يشكك في ذلك،وحسب العادات والتقاليد التي كانت تتحكم في القبائل العربية الأصل انه يجب علي الكل اتباع كلمه الاكبر منه حيث انه هو كبير العائله،عندما افكر في ذلك شخصيآ ارى انها احد أجمل الاشياء التي يتسم بها العرب،حيث انهم يعرفون المعني الحقيقي للعائله،يساند البعض بعضه الاخر،يعرفون اصول الدين والدنيا،بل انهم حتى يقدرون صله الرحم بشكل يجعل كل من يسمع عنهم برغم عاداتهم التي يمكن ان تبدو غير متحضره للبعض إلا انها تكسبهم هيبه وإحترام ،ولكن جدي رفض زواج والداي بشده ،فطرد والدي من المنزل وبهاذا الشكل ابتعدت عنه العائله كلها وتجنبته لانه لم يتبع كلمه والده وعصى امره ،ولم يعد هناك اي اتصال بين جدي و والدي بعد ذلك اليوم ، إلا ان والدي ظل يتتبع اخباره من اخوه عبد العزيز الذي يحبه بشده،وبرغم انه لم يرضخ لحكم والده إلا انه يكن للكل الإحترام والحب،ولكن والدي من وجهه نظري يعتقد ان الزواج ليس من حق احد التدخل به".
تقدم والدي الي المنزل بعدما فتح الباب باقصى قوته،حتي انه كان يسير بخطوات سريعه وكانما يريد ان يسبق الزمن، وانا خطواتي كانت بمثابه حجم نمله صغيره تسرع بحثآ عن اكلها ولكنها تزال صغيره،
وفجاه اخذ صوت والدي يرتفع اكثر فاكثر،وصرخ صرخه جعلت القشعريرة تسري في جسدي بشكل قد يلاحظه كل من ينظر الي ، بل انني شعرت بان بؤبؤي عيوني يرتعشان من الخوف.
في الحقيقه لم ادرك حينها أيا كان اكثر اخافتآ بالنسبه لي ،تلك الصرخه المخيفه التي اصدرها والدي من اعماقه ام الخوف من المجهول الذي ينتظرني؟
ساره.. ساره.. اين انتي..
ولكن امي لم ترد :ذهب والدي الي غرفه نومه,ووجدها مع شخص اخر في فراشه،كان يعم المكان الصمت،بل وان والدي كاد ان يفقد اعصابه بل وانه فقدها بالفعل وقد كانو نائمين ولا يشعرون بشئ، كل ما اتذكره حينها هو ابي، فبرغم التوتر الذي عم المكان شعرت بالخوف من قسوه الصمت الموجود به، لم استطع ان ارى ما بالغرفه لانني كنت ولد صغير وقصير، وكان جسد والدي الطويل يحجب الرؤيه , بالرغم من انني متاكد انه لم يتعمد فعل ذلك حينها لانني احسست كم هو مشتت لكنني احسست ايذا انه لا يريدني ان ارى هذا المشهد الذي سوف يبقى في ذاكرتي طوال ما حييت، ولكن حينها لم اعرف السبب وكما فعلت في السياره فضلت السكوت ليس خوفآ او قلقآ بل استعدادآ لهبوب العاصفه التي سوف تدمر سقف الهدوء الذي يظلل حياه عائلتي بالكامل.
كنت علي مقربه من جسده، شعرت بالنار التي تحرق قلبه داخلي كاننا روح واحده, شيئا ما دفعني الي ان انظر الي وجهه باحثآ عن اي شكل من اشكال الطمانينه التي اعتدت ان اراها في وجه ابي العزيز, ولكن ما رايته كان اقوي من ان اتحمل الصمت الذي شل حركتي واحتل ردود افعالي كان وجهه شاحب اللون يتصبب عرقآ، شعرت انه يتوهج، نعم يتوهج من الغيظ لم ادع فرصه حتى لتفكيري ونظرت من خلف والدي الي داخل الغرفه ،لارى ماذا اصاب ابي العزيز,وصعقت عن رؤيه والدتي في غرفه نومها مع شخص اخر ،من هذا الشخص؟؟ ماذا يحدث؟؟ ماذا يفعل هذا الشخص في غرفه نوم امي؟؟ هل امي خائفه وجاء الي غرفتها حتي يشعرها بالطمانينه كما يفعل والدي معي، ولكن من هذا الشخص؟؟ولماذا لم اره من قبل؟؟ ولكن سرعان ما تداركت نفسي وشعرت بسخف كلامي حتي علي ولد صغير هذا يبدو سخيفآ قليلا, فاذا كانت امي خائفه لماذا لم تخبر ابي حتي يطمانها, يالسخافتي.
اعتقد انه يجب علي هذه المره فقط ان اصمت.
كل ما احسسته بعد ذلك هو ان ابي كان علي وشك الوقوع من فوق حافه الهاويه، وهذا اذا لم يقع بالفعل، تغيرت نظرات ابي نعم، تغيرت حتى ملامحه و اصبح شخصآ اخر لم اعهده ولم اعرفه، كان سيقتلهم، ابي سوف يقتل امي لا محاله اشعر بذلك اراه في عينيه، هل سبق ان احسست ان الدنيا ترد لك الصاع صاعين من ضربه لم تقصدها؟ هل احسست انك تتالم لدرجه انك لا تشعر بالالم بل انك لا تشعر باي شيئ مجرد جسد بلا روح ؟
اعتقد ان هذه كانت احد الصراعات التي تدور في خاطر ابي ذاك الوقت.
تقدم خطوه الي الامام بعد ان بدأت حاله الشلل العصبي تذوب رويدآ رويدا وفجأأأأأأأأه
توقف...
ولكن الذي اوقفه هذه المره ليس افكاره بل صوت جواله, هذا الجوال اللعين مره اخرى، حينها احسست انني اريد ان اكسره الي ان يصير قطع فتات اصغر من حبات الخبز المبعثره عشوائيا،لم استطع ان اخفي ذعري من صوت هذا الجوال المزعج فقد انتفض جسدي كله لمجرد سماع صوته يرن في اذناي مره اخرى، ما نوع المصائب التي تخطط اقتحام فجر ليلي هذه المره ؟ مهما كان سبب رنينه إلا انني قد احسست ان النهايه قادمه وأن هذه الليله لن تمر بسلام بل انها ستكون ليله لا تنسى في حياه هذه العائله التي علي وشك الإنهيار.
رد والدي علي جواله وقد كانت نبره الغضب لا تزال في صوته الرجولي الخشن, وسرعان ما اخذ والدي يتصبب عرقآ مره اخرى بل ان هذه المره كان العرق يبدو كقطرات المطر المتساقطه بغزاره علي جبينه، وفجأه سقط الجوال من يده، وكأنه نزلت عليه الصاعقه فشلت حركته ولكنها فشلت في شل افكاره اخذ يكرر مات ، مات ، والدي العزيز مات ، ذهب وهو غير راض عني ،كيف؟ كيف يذهب ويتركني؟
ألم يفتقدني؟ ألم يفكر في ولده؟ لماذا يا ابي لماذا؟ ان لله وان إليه راجعون.
واخذ ابي يهذي كالمجنون ويتمتم بكلمات غير مفهومه.
بل والاغرب من ذلك انه نظر الي الامام فجأه , وكأنه تذكر شيئآ قد نسيه بسبب ألامه المبرحه ،واخذ يصرخ في وجه امي والرجل ومن الواضح انهم لم يفهمو شيئآ لانه كان يتحدث العربيه "والله الذي لا إله إلا هو. سوف لن اخذله مره اخرى، لن اخذله بعد موته طالما حييت، وسرعان ما انقلبت غرفه نوم والدي الي حلبه مصارعة واخذ ابي يتصارع مثل الثور الهائج مع امي وهذا الرجل الغريب، لا استطيع ان اقول انني كنت خائف ولن استطيع ان اقول انني حتى كنت مدرك لما يحدث حولي حدث كل شئ بسرعه البرق إلا انه بدى كأنه حلم بل أنه كابوس لا محاله، نعم، كابوس فظيع اتمنى ان توقظني امي منه ولكن هذه المره لم تكن لدي القدره علي الصراخ لطلب المساعده .
كم تمنيت حضن ابي في هذا الوقت ولكن ابي لم يكن موجودآ هناك ذلك اليوم ما رأيته كان شخصآ اخر، اعماه الغضب لدرجه انه نسي وجودي.
كان ياخذني ابي بين ذراعيه عندما كنت استيقظ باكي من احد الكوابيس التي تحتل سماء احلامي الصغيره فتقتل الامان الذي كنت اشعر به بعد سماع صوت ابي وهو يحكي لي حكايه قبل النوم، او هذه القبله الدافئه التي كان يطبعها علي جبيني ويقول لي تصبح علي خير يا عزيزي،نعم انا عزيز ابي، كان غاضبآ لدرجه انه نسي ابنه واخذ يحارب هذا الانسان الذي بدى له شخصيه غير بشريه، ليس حيوانآ ولا بشر بل انه شخص يجب ان يمحوه من خيال ذكرياتنا حتي يختفي طيفه مع الوقت،عندما نظرت الي امي كانت نظره الخوف التي رسمت علي وجهها حينها لا تزال امامي، بل انني ارى تلك النظره في كل مره اغمض فيها عيني لكي افكر بها واتخيلها، ولكن شيئآ ما بداخلي كان يخبرني انها استحقت ما فعله ابي،وسرعان ما عدت الي الواقع من مخيلتي بعدما رأيت الدماء تنتشر امامي من شده التطاحن، وهنا ادركت انه قد ضاع اخر امل لي في ان يكون ما يحدث الان حلمآ بل انه ابعد ما يكون عن الحلم، انه بالتاكيد كابوس حي، انه حي وذات قلبآ ايضا، قلب ينبض بالحقد والكراهيه والغيره المنتشره في ارجاء الغرفه، بل انني شعرت بحراره التطاحن تلسعني مثل لسعات السوط علي جسدي الصغير، اغمضت عيني وتراجعت بهدوء جلست في احد اركان الغرفه، ضممت ارجلي الي صدري ودعوت الله ان ينشر الطمانينه في قلبي الذي يرتجف من شده الخوف، وما افظعه الخوف من المجهول وهذا الشعور بالوحده القاتله والصمت المميت ،لا تستطيع ان تتكلم ليس لك حق ان تتنفس او ان تطالب بان تعامل برحمه، حقك الوحيد هو العيش بروح ميته وجسد مقتول .
ولكن فجأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأه.....
خرج ابي مسرعآ وتركني، بل انه ترك المنزل كله واخذ يركض بسرعه هائله وانا اركض وراءه ،ابي.. ابي.. اين انت ذاهب ، ألا تسمعني؟ لمائا لا تتوقف ؟ لماذا لا تاخذني معك ؟ اضاعت اهميتي مع ضياع امي؟
ابي لا يحتمل قلبي الصغير فراقك.
ابي اتوسل اليك توقف ارجوك.
ولكن سرعان ما ادركت انني ابتعدت عن المنزل وانه لا حياة لمن انادي
فبرغم الصمت الذي حل المكان إلا انني اكاد ان اجزم ان صوت غضب افكاره كان اشد من صوتي فلم يسمعه،فهذا الصوت الذي اعماه عن رؤيتي فانا لا استبعد ان يكون قد حجب اذنيه عن سمعي ايضا
واخذ صوت العاصفه يدوي من جديد.
وهنا سمعت صوت الغضب مره اخرى.
ذكرني صوت الرعد الذي يضرب الارض بكل قوته بصوت غضب ابي الذي ضرب قلبي الصغير بكل قسوه وجرحه ،كلا، بل انه قتله
خفت كثيرآ عندما ادركت انني ابتعدت عن المنزل بدون شعور
حاولت ان اتراجع خطوات الى الوراء لأحدد ماذا سافعل في اللحظات القادمه
إلا انني شعرت ان احدآ قد قرر ذلك نيابه عني
حيث انني شعرت بقبضه يد فوق وجهي وشيئ علي فمي
حاولت ان اصرخ
ان انادي ولكن هيهات
الي من انادي واليوم هو يوم مماتي ؟
بعد لحظات من الوقت مرت بسرعه البرق
فقدت الإحساس بكل شيئ حولي
وانا أردد كلمه واحده" ابي..ابي"
حتي اخذ صوتي يختفي شيئآ فشيئآ الى ان فقدت الوعي
اين انا ؟ هل مت من الألم .؟
ام ان ساعقه قد ضربتني هي الاخرى؟
لا أعلم، ولكني اشعر بالدوار، عيناي تكاد ان تبدو متورمه من شده الألم الذي اشعر به،هذا اكثر مما استطيع ان اتحمل ولكن ماذا حدث؟
كنت اجري خلف ابي ولكنه اختفى.
هل انا احلم؟ ام انني اتخيل حدوث كل هذا كله،وما كل هذا الا كابوس مزعج،ولكن إن كان كابوسآ لما كل هذا الألم.
اريد ان استيقظ.
امي ابي ارجوكم ايقظوني،لا اتحمل لا اتحمل..
بعد برهه....
اخذت افتح عيني ببطئ، لا اعرف من متى وانا هنا ولا اعرف اين انا، ولكن كل ما اعرفه هو انني لن اخرج من هذا المكان لأعود الي حياتي القديمه ابدآ، شعرت في ذلك الوقت ان السياره التي كنت بداخلها كانت تسير بعكس اتجاه حياتي فكل خطوه كانت تتقدمها السياره الي الامام كانت بمثابه الف سنه من الوقت،لن استطيع العوده بالزمن للوراء؟ لن استطيع،سابقى عالق في بوابه الزمن المقفوله ؟ بل ان حياتي الورديه سوف تصبح سوداء بعد هذا وانا لن استطيع فعل شيئ،عندما حاولت النظر من حولي رأيت كائنآ ولكني تمنيت حينها لو انني لم افتح عيني وظللت نائم اتخيل انني أحلم،كان وحشآ علي هيئه رجل مثل تلك الكائنات الاسطوريه التي كنت أراها في كتبي في العصور القديمه
كان اصلع،اسمر البشره، عيناه ذات لونان احادهما رصاصيه اللون والاخري سوداء كالليل،لديه تلك العلامه التي لن استطيع نسيانها طالما حييت، تلك العلامه علي وجهه لم تكن بعلامه بل انها كانت جرح بطول وجهه، اسنانه صفراء اللون وغير متناسقه وعندما نظرت الي يده كان يرتدي خاتمآ من الذهب به الماسه تبرق بريق الشمس في وضوح النهار
كانت اظافره مدببه بشكل مخيف وكانه يكون احد اعضاء العصابات التي أراها في برامج الكرتون المضحك ،ولكن هذا الشخص لم يكن به اي شيئا مضحكآ علي الإطلاق،حتي ان هذه المزحه ثقيله جدا،وأكاد ان اختنق ولن استطيع ان اضحك هذا كل ما كان يدور في خاطري حينها
لم اشعر بذاك الخوف الذي كان يمكن ان يقتلني ،بل انني حاولت ان اخفي مشاعري شعرت بالقليل من الخوف ولكن ليس منهم بل من المجهول الذي لا اعلم اين سيقودني ،ولكني اثق ان الله لن ينساني
عندما توقفت السياره فجأه شعرت وكأن روحي قد افترقت عن جسدي ،حيث ان هؤلاء المتوحشين اوقفو تلك السياره الضيقه بشكل سينيمائي يالسخفي لا يعرفون انني لا اخاف بسهوله بل واني اشعر بالرعب فقط،
اغمضت عيني بسرعه عندما شعرت انه في اي لحظه سوف توجه كل الانظار علي وانه يجب علي ان اتصرف واخرج نفسي من هذا الموقف وإلا لن اخرج من هذا المكان حي على الإطلاق،فقررت ان اتعايش مع الموقف حتي النهايه المحتومه.
فانني لن استسلم فبرغم ضعفي وخوفي إلا انني لن استسلم بسهوله
اخذني ذلك الرجل المرعب بكل قسوه خارج السياره و رماني علي الارض وجرحت ساقي واخذت تنزف.
عندما رفعت نظري وجدت سيده ثريه الشكل،بل انها بدت مثل صديقات امي التي ياتين الي البيت، نعم.. اشعر انني رأيتها من قبل لا أعلم اين لكني اشعر بانها مألوفه ولكن مهلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
تذكرت........
نعم.. هي.. هي.
رأيتها
ولكن لحظه هذا الرجل..
وهذه السيده..
نعم الان تذكرت، الان بدأت استعيد ذاكرتي وألملم بقايا ما قد اهدرته منها،اعتقد انني لن اتذكر اين رأيته ولكني بالفعل تذكرت الرجل الذي كان مع والدتي في غرفه نومها وهذه السيده لقد رأيتهم اكثر من مره مع والدتي في النادي عندما كنت اذهب لألعب معهم
ولكن مهلا لحظه،ماذا يريدون منا بل ماذا تريد هذه السيده مني لماذا احضرتني الي هنا لماذا اشعر من نظراتها انها سوف تقتلني، وانني لن ارى ابي وامي بعد اليوم.
اخذت تنظر الي ثم قالت:
"السيده:اهلا مره اخرى،اعتقد اننا قد إلتقينا من قبل،برغم انها ليست طريقه جيده لإلقاء التحيه ومع ذلك اهلآ بك يا صغيري،اليوم سوف تمرح كثيرآ .
انا بطفوله بريئه:حقآ؟هذا رائع كيف حالك ؟
السيده بصوت مخيف وضحكه شريره:اوووووه،انا بخير ايها الفتى السخيف ولكنني اليوم قررت ان ألعب لعبه مع القدر ، هل ودعت والديك ايها الصغير ؟
انا:الوداع ؟ولماذا اودعهم؟
السيده:لا تستعجل ايها الصغير سوف تعرف كل شيئ بوقته،لدينا اليوم باكمله لتكتشف ،هل يجب ان نبدأ الأن ؟حسنا برغم انني اردت ان العب معك قليلآ بيدي إلا انك اخترت الحل الأسرع،حان وقت العرض ,ابداو اللعبه مع هذا الفتى السخيف مثل والده اللعين ولا تنسو ان تنظفو مخلفاتكم ,فانتم تعلمون لا أحب القذاره ،بعييييييييدآ جدا ،ارسلوه الي ارض الحلوى ليتلقى هديته الحقيقيه،وضحكت ضحكه شريره بصوتها المخيف ثم خرجت بمشيتها التي لن انساها طالما حييت "
لم افهم كلامها في البدايه ولكن سرعان ما اكتشفت انني فعلا لن ارى خيرآ بعد هذه اللحظه ،رأيتهم يقتربون،واحد ،اثنان ،لا بل ثلاث ،اربع
عشر نعم انهم عشر اشخاص.
اخذو يقتربون شيئآ فشيئآ حتى اظلمت الدنيا من حولي ولم أشعر بأي شيئ بعد ذلك إلا الألام المبرحه التي شعر بها جسدي من شده الضرب
الا توجد رحمه ؟
الا يعرفون انه اذا صرخ أضعف شخصآ بهم في وجهي يمكن ان يصيبني بسكته قلبيه تنهي حياتي قبل ان تبدأ،انا مجرد فتى في السادسه ماذا سأتحمل،لماذا لا استطيع ان استيقظ من هذا الكابوس المزعج الذي يقلق نومي ،ولكن المشكله انني لست نائم، ،لا استطيع ان اقول ان هذا الألم والدماء المتطايره مع خصلات شعري الرقيق هي دماء كاذبه
وان الألم مؤقت.
ربما..
ولكن قلبي المجروح سوف يظل يعوي وعاء الذئاب من شده الألم
أكاد اختنق من شده الألم
اين انت ابي ؟
الا تشعر بي ؟
الهذه الدرجه كرهتني ؟ سامحني علي ذنب لم ارتكبه ؟
اتمني ان تغفر لي ولكن ارجوك ساعدني ،اين انت ؟ اين انت ؟
ابرحوني ضربآ
ولكنهم لم يقتلوني.
تركوني اتعذب و قتلوني قتلا بطيئآ حتى اشعر بطعم القسوه التي يحملونها داخل قلوبهم ، مرت لحظات بعد ان تركوني جثه هامده على الارض ، بالفعل كانو لحظات ولكني شعرت انهم سنوات حياتي ألست متنكرين في شكل تلك اللحظات التي تعدها ساعات هؤلاء الوحش
وفجأه..اخترق صوت دقات قلبي المتألم الذي يعم المكان صوت هاتف يرن..
ياللعنه..
كم اكره هذا الاختراع الذي كلما رن
كلما ذكرته جاءت مصيبه فوق راسي
اعتقد هذه المره ان موتي قادم لا محاله أليس كذلك ؟
هذا كل ما شعرت به حينها وكيف اشعر وانا ولد صغير كان اكبر مشاكله هي عندما ياخذ احد دبدوبه المفضل ..وفجأه صار يواجه أعاصير الحياة وحيدآ بدون اهل او حتى احساس ،ولد ميت كليآ، لم اشعر بالخوف التام حينها ، لان قلبي كان ينبض ومع كل دقه من دقاته ادعي فيها الله ان يخرجني من هذا المازق الذي لا تحمد عقباه فالله هو عوني الوحيد وليس لي ملجأ غيره
تذكرت حينها انني تعلمت ان اقرأ سوره الفاتحه والفلق حتى اتعلم كيف اصلي،اخذت ارددها في سري حتي بعدما اغلق ذلك الشخص الكريه الهاتف ، وجاءت اللحظه المنتظره ،لحظه ما بعد انهاء المكالمه يا ويل حالي.
ماذا ينتظرني من مصائب مره اخرى، جاء الرجل نحوي
وحملني ورماني داخل السياره ، عندما كنت انظر الي الطريق اثناء سير السياره ،لاحظ الرجل المشوه ذلك وسرعان ما ضربني ضربه قويه في السياره علي راسي الذي احسست بعدها بان عقلي قد تزحزح من مكانه واخذت اغمض عيناي حتي فقدت الوعي كليآ ،وبالرغم من انني اردت ان اعرف الى اين نتجه وبرغم عدم معرفتي للطريق ايضا إلا انني رفضت ان استسلم للأمر الواقع ،وفضلت المناضله حتى النهايه
مع ذلك كنت شاكرآ فقد كان الألم يجتاح جسدي شيئآ فشيئآ ،ويزداد اكثر فاكثر ، وهذه الضربه قد قضت على كل مناطق الاحساس في جسدي الصغير إلا ان قلبي ظل يتألم بشكل موحش ،اخذ يدق بقوه لدرجه انني شعرت انهم لاحظو ذلك
ولكني استسلمت اخيرآ للنوم في تلك السياره السوداء
بعدها بفتره،اي عندما بدأت في استرداد وعيي، شعرت بشيئ ماذا ما هذا؟!
يا الهي اين انا .
كلا كلااااااااااااااا النجده ساعدوني....

#يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي