نزال العقول

ديانا محمود الظاهر بيبرس`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-10ضع على الرف
  • 8.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الحياة لا تعطي درسا مجانيا لأحد أبدا، لابد له من مقابل و مقابل قاس أيضا، فمن كان وحيدا في تلك الحياة خاصة في سن صغيرة لا أحد يأبه لأمره و لا لتعليمه.

  يجب علي ذلك الشخص أن يجتهد كثيرا ليكون مميزا عن غيره، فيتعلم وحده و يعيش وحده يصارع للبقاء على قيد الحياة حتى، و إلا علمته تلك الحياة الدرس، و حرصت على أن تدفعه الثمن غاليا!

في صباح يوم جديد، في مكان كان مجهولا لا يعلم عنه أحد أي شئ، تحديدا في تلك الغرفة التي كانت أشبه بالزنزانة و لكن بلا قيود، كانت تلك الفتاة ذات الشعر البني و العينين الخضراء جالسة في هدوء غريب.

بينما ذلك الشاب ذا الشعر البني المجعد كان فاقدا للوعي بجانبها، هي تعلم أنه سيكون شريكا لها في تلك المرحلة الغريبة في المستقبل، كانت تنتظره ليعود إلى وعيه لتعرف كيف هو و ما سبب وجوده ها هنا؟

بينما كانت تجهز في ذهنها الأسئلة التي ستطرحها عليه فتح ذلك الشاب عيناه الزرقاوتين، كان ينظر بهما في ذهول تتملك الصدمة كل مشاعره حين صاح:

-يا إلهي أين أنا؟ ما هذا المكان العجيب؟

قطعت تلك الفتاة صمتها و بدأت تجيبه و هي تمد يدها لمصافحته و قالت بهدوء شديد:

-أنا أدعى صوفيا، و أنت ما اسمك؟

حينها فقط لاحظ ذلك الشاب وجود شخص أخر معه في ذات الحجرة العجيبة، إلا أنه قد دفع يدها بدأ يسير مهرولا بحثا عن أي شئ يجيب تساؤلاته التي لم يجد لها أي إجابة بعد!

-أأنت حقا لا تعرف لم أنت هنا؟

تسائلت صوفيا و هي ترفع حاجبيها مندهشة، فقد كانت تعلم سبب وجودها و كانت تظنه يعلم ذلك أيضا، يبدو أن أياما صعبة ستكون بإنتظارها مع ذلك الشاب العجيب الذي لم تعرف له اسما حتى الآن!

-توقفي عن الثرثرة أيتها الغريبة و دعيني و شأني، أبحث عن كل ما أريد!

رد عليها و هو يصرخ بصوت حازم، فهو لا يملك وقتا لثرثرتها التافهة تلك، يجب عليه أن يخرج من هذا المكان الغريب، فهو حتى لا يعلم كيف أتى إلى هنا!

بدأ ذلك الشاب يسترجع ذاكرته شيئا فشيئا، و لكن لم يجد إجابة أيضا فقد كان آخر ما يتذكره عندما كان جالسا في مكتب مدير دار الإصلاحية التي كان يعيش بها.

-لا فائدة من كل ما تحاول فعله صدقني، لست أدري كيف لا تملك إجابة لتساؤلاتك، و لكن أنا أستطيع مساعدتك بكل تأكيد، و لكن أخبرني على الأقل ما اسمك؟

بدأت كلماتها تلفت إنتباهه إليها، فعاد أدراجه إليه و مد يده لمصافحتها و قال:

-أنا أدعى ألبرت، قلت اسمك صوفيا أليس كذلك، أعتذر لوقاحتي معك و لكن صدقيني أنا مشوش التفكير تماما الآن فأعذريني.
،
-لا عليك أظنني لو كنت مكانك لما تصرفت بطريقة مختلفة كثيرا.

قاطع ألبرت حديث صوفيا بعجلة و قال متوسلا:

-قلت أنك تعرفين سبب تواجدنا هنا أخبريني أرجوك.

-كل ما أعلمه عم الأمر أنهم سيقومون بإختبارنا، لماذا أنا لا أدري و لكن إختيارهم لنا لن يكون بمحض الصدفة بالتأكيد.

-و لكن كيف أحضروني إلى هنا و أنا لم أشعر!

أجابته صوفيا نافية و هي ترفع كتفيها و تضم شفتيها و قالت:

-أنا عن نفسي لقد أتيت بمحض إرادتي، فقد دخلت من ذلك الباب، الذي قاموا بإيصاده بعدها و لم يفتحوه مجددا حتى الآن.

سألها ألبرت عن طريقة دخوله هو الأخر فأجابت:

-أما أنت فقد دخل بعض الرجال من ذلك السرداب الموصد أسفل قدميك، لقد كنت فاقد الوعي أن ذاك.

بدأ ألبرت يصول و يجول في الحجرة ذهابا و إيابا و هي يفكر، متى سيعلم شيئا جديدا عن سبب وجوده هنا، فما قالته صوفيا لم يجب عن كل تساؤلاته بالتأكيد.

بينما كان ألبرت في تلك الحال، و كانت صوفيا تحاول تهدأته، فهم سيخبرونهم بالتأكيد عن إجابات كل تلك التساؤلات، فتح ذلك السرداب مجددا!

دلف منه ذات الرجلان اللذان أحضرا ألبرت إلى هنا، و لكن تلك المرة أحضروا شابا أخر في وعيه تلك المرة، يحاول دفعهم للخروج خارجا من هذا المكان!

-أتركوني، قلت لكم لا أريد، لا يحق لكم إرغامي على التواجد في مكان لا أريده سوف أبلغ السلطات عنكم حال خروجي من هنا بالتأكيد، إبتعدوا و أتركوني!

كان ذلك الشاب مستمرا في مقاومته، حتى قام أحدهما بدفعه بقوة شديدة أسقطته أرضا، و قاما بإغلاق ذلك السرداب مجددا!

إستمر ذلك الشاب في محاولاته لفتح ذلك السرداب، إلا أن كل محاولاته قد باءت بالفشل!

تبادل ألبرت و صوفيا النظرات مشفقين على ذلك الشاب الذي يحاول المقاومة عبثا، إقترب ألبرت منه و قال:

-توقف عن محاولاتك البائسة تلك فهي لن تجدي نفعا أبدا لقد حاولت من قبلك، يبدو أنه لا مجال لنا للهرب من ذلك المكان، إلا عندما يسمحون هم لنا بذلك.

إلتفت ذلك الشاب إليه و أمسك بكتفيه و بدأ بهزهما بعنف غريب ثم قال بملامح متجهمة للغاية:

-لابد انك تعرف شيئا أجبني أيها الغريب، ما هو طريق الهروب من هنا؟

قاطعتهم صوفيا مهدئة إياهم:

-يجب عليكما التحلي بالهدوء الآن، يجب علينا أن نتحد معا حتى نخرج من ذلك المكان.

رد عليها ماثيو بصوت عال:

-إن كنت تعرفين شيئا عن طريق الخروج من هنا فقولي، إن كنت تجهلينه فأصمتي تماما.

تعجبت صوفيا و قالت لنفسها "لماذا يحاول الجميع إسكاتي هنا؟"

ثم أرادت أن تنبههم لأمر يبدو أنهم قد غفلوا عنه تماما، فرفعت ذراعها الأيمن و أشارت إليه بيدها الأخرى و صاحت:

-يا صديقاي، ألاحظ أحدكم تلك العلامة على ذراعه؟

نظر كل منهما إلى ذراعها ثم إلى ذراعه حيث وجدت ذات العلامة في نفس المكان، كما لو كانت عبارة عن بضع خيوط في مكان محدد في ذراع كل منهم.

كان ألبرت متعجبا كيف إستطاع أحد أن يحيط شيئا في ذراعه و هو لا يشعر، بينما ماثيو لم يندهش كثيرا ، فكما أحضروه إلى هنا رغما عنه، أخاطوا شيئا بماكينة غريبة في ذراعه، إلا أنه لم يكن يعرف ما هذا الشئ بالتحديد.

قاطعت صوفيا تساؤلاتهم و قالت مجيبة عنها:

-سأجيبكم أنا فقد رأيت كل ما حدث بأم عيني، لقد قاموا بزراعة شريحة إلكترونية غريبة الشكل في ذراع كل منا، لست أدري لماذا و لكن بالتأكيد هذا هو سبب وجود كل منا هنا.

أنصت كل من ماثيو و ألبرت إلى كلمات صوفيا، كل منهم يفكر في قرار نفسه كيف لتلك الفتاة أن تعلم عن كل تلك الأشياء التي لم نعلم عنها شيئا!

-أنت لم تخبرنا عن اسمك.

وجه ألبرت تلك الكلمات إلى الشاب الذي جاوره، الذي أجابه باسمه حينما قاطعتهم صوفيا و هي تقول:

-يا إلهي ما الذي يحدث هنا؟

نظر كليهما للمكان الذي كانت تنظر إليه، كان هناك ضوء أخضر غريب على ذراعها، بل و على ذراع كل منهما أيضا!

كل ذراع كان يحمل أرقاما محددة تشير إلى شئ مجهول، و لكن يبدو أن تلك الأرقام تكمل بعضها البعض بصورة أو بأخرى.

بدأت الضوضاء تعم المكان، فكل منهم كان يحاول إيجاد سبب لما يحدث عندما قاطعهم ذلك الصوت الأجش:

-مرحبا بكم أيها الصغار في تلك المرحلة الجديدة في حياة كل منكم.

بدأ كل منهم يحاول البحث عن مصدر ذلك الصوت الغريب، فوجدوا مكبرا للصوت في إحدى جوانب سقف الحجرة.

قاطعت بحثهم هذا قهقهة ساخرة صدرت من ذلك المكبر تبعها ذات الصوت الأجش و هو يقول:

-لا أحد منكم يستطيع رؤيتي فقط تستطيعون سماع صوتي ذاك، الذي سأقوم بإخباركم عن المراحل القادمة من خلاله.

-من أنت أيها الحقير، أنت تحتجزنا بصورة غير قانونية و سوف تنال عقاب فعلتك تلك بكل تأكيد لن تنجو بفعلتك أبدا.

صرخ ماثيو بتلك الكلمات مهددا و متوعدا لصاحب ذلك الصوت الذي رد عليه سريعا بصوت وقع صداه في قلوبهم كالرعد:

-إهدأ أيها الشاب المتسرع، سأعذرك على حماسك ذاك فقط لصغر سنك و قلة خبرتك، إلا أنك إن إستمريت في تراهاتك تلك فلن تخرج من ذلك الجحر أبدا مهما حاولت.

أثارت كلماته الرعب في قلوبهم، فحاول كل من ألبرت و صوفيا تهدئة ماثيو، فقد كان صراخه يهدد مصائرهم كلهم معا ليس هو وحده.

إستكمل ذلك الصوت تعليماته و قال:

-أنا أستطيع سماعكم و كذلك رؤيتكم بكل وضوح، و لكن أنتم لا تستطيعون إلا سماعي التعليمات ستأتي إليكم دائما من خلالي أنا فقط، أي محاولة لأي منكم لمخالفة تلك التعليمات فأنا غير مسئول أبدا عن كل ما سيحل به.

هدأ كل منهم ظاهريا على الأقل، فقد كانت أوصالهم ترتجف رعبا من كلمات ذلك الشخص الذي لم يتوقف عن إثارة الرعب في قلوبهم أكثر و أكثر، فكل كلمة ينبس بها كانت دقات قلب كل منهم تزداد، تكاد تخترق ذلك القفص الصدري الذي يحويها.

قطع ألبرت ذلك الصمت الذي ساد المكان بتساؤله:

-كيف قمتم بزراعة تلك الشريحة في أجسادنا و لماذا؟

رد ذلك الصوت مجددا على تلك التساؤلات التي طرحها ألبرت فقال:

-إنها شريحة تزيد من قدراتكم الشخصية، و تضيف ذكاء على ذكائكم لكي تستطيعوا تخطي المراحل القادمة.

كان التساؤل عن تلك المراحل التي صرح عنها ذلك الصوت، هو ما يثير الفضول في قلوبهم و لكن لم تدم تلك التساؤلات كثيرا فقد بدأ ذلك الصوت يجيبهم عليها واحدة تلو الأخرى.

فقد أخبرهم أنهم الآن محتجزون في مكان ناء عن كل الناس، يخضعون لعدة مراحل من لعبة قاموا هم بإعدادها مسبقا، كل مرحلة تحمل في طياتها لغزا معينا.

-إنتبهوا جميعا عليكم بالتعاون معا لكي تستطيعوا الخروج سالمين، فالأمر أكثر خطورة بكثير مما تتوقعون!

كل شخص منكهم سيظهر على ذراعه رقما محددا، ماثيو الرقم على ذراعه يمثل الساعة الخاصة بذلك التحدي، انا الرقم على ذراع ألبرت فهو يمثل الدقيقة التي سيجري بها ذلك التحدي بالتحديد.

أما عن الرقم الذي سيظهر على ذراع صوفيا، فهو يمثل رقم الحجرة أو المكان الذي سيجري به ذلك التحدي.

عاد الصوت ليقول مجددا:

-تلك الحجرة ستكون مرجعكم دائما ستجدون بها كل ما تحتاجونه لتجاوز تلك التحديات، هنالك مكتبة صغيرة على يساركم، لا أدري إن كنتم قد إنتبهتم إليها مسبقا أم لا، بها ستجدون ما يدلكم عن غرفة التحدي و علاقتها بذلك الرقم على ذراع صوفيا.

-و لكن كما سبق أن أخبرتكم، عليكم بالتعاون معا لتجاوز التحديات القادمة، إنتبهوا فمن لا يخرج من تحد معين، فلن يكتب له الخروج من اللعبة كلها أبدا!

بدأت صوفيا بالبكاء فهي لم تتصور أبدا عندما وافقت على ذلك المصير عندما عرض عليها، لم تتوقع أبدا أن تكون بخطر الموت!

عاد الصوت ليقاطع بكاء صوفيا مرة أخرى ليقول:

-إن إتبعت التعليمات كما هي، فلن يصيبك المصير الذي تخافينه لا تقلقي، لا داعي أن أخبركم أنه لا يوجد أي نتاج لمحاولات الفرار، فلا مجال لكم لتخرجوا من هنا إلا عن طريق تلك التحديات!

الآن ها هو العد التنازلي قد بدأ، أولى تحدياتكم قد بدأت معلوماتها تظهر على ذراع كل منكم، أمامكم عشر دقائق و حسب لتحاولوا الوصول إلى مكان التحدي حينها ستجدون باقي التعليمات بإنتظاركم فانطلقوا!

الساعة الثالثة عصرا و ربع الساعة كانت تلك هي الأرقام التي تدل على توقيت التحدي، أما عن رقم الغرفة فقد أشار الرقم الظاهر على ذراع صوفيا إلى رقم سبعة و عشرون.

توجهوا إلى تلك المكتبة التي ذكرها صاحب ذلك الصوت الذي يتلوا عليهم التعليمات، باتوا يبحثون في عناوين الكتب الكثيرة التي كانت أمامهم، فقد كان ينبغي أن يصلوا إلى ذلك الدليل في أسرع وقت ممكن!

-لقد وجدتها.

صاحت صوفيا التي كانت ممسكة بأحد تلك الكتب، فقد كانت تحوي بين صفحاتها خارطة لتدل على الطريق الذي سيسلكونه.

توقفوا بضع دقائق ليدرسوا تلك الخارطة، لكي يعلموا ذلك الطريق الذي يجب عليهم أن يسلكوه لكي يصلوا إلى الغرفة رقم سبعة و عشرون.

ما أن إنتهوا من التمعن في طرق تلك الخارطة حتى فتح ذلك الباب الوحيد في تلك الغرفة، ركض كل منهم لأكثر سرعة ممكنة لكي يصلوا إلى تلك الغرفة في الوقت المحدد، فلم يتبق من تلك العشر دقائق غير سبعة فقط!

-أنظري إلى الخارطة يا صوفيا أي سلم من الإثنين علينا أن نصعد لكي نصل؟

هتف ألبرت بذلك السؤال في وجه صوفيا عندما رأى أمامهم سلمين كبيرين كل منهم يتفرع إلى إتجاهات مختلفة تماما!

نظرت صوفيا بتمعن ثم أجابت:

-على ما يبدو أنه السلم الأيمن.

-على ما يبدو؟ أأنت غير متأكدة؟ لا مجال للخطأ هنا أبدا!

قال ماثيو متسرعا:

-يا بنا إذا.

ما أن أنهى ماثيو كلماته تلك حتى بدأ يصعد درجات السلم ذلك دون أن ينتظرهم حتى! فهو غير مستعد لكي يفقد حياته من أجل ترددهما الغير مبرر!

كادت صوفيا أن تتبعه، فقد قارب ماثيو على الوصول إلى منتصف السلم تقريبا و ها هو يكاد يصل إلى الغرفة المنشودة، إلا أن ما حدث لم يكن بالحسبان قط!

فما أن وضعت صوفيا أقدامها على أولى درجات السلم لكي تتبع ماثيو، قام ألبرت بشدها من ثيابها ليدفها للتراجع للوراء، فها هو السلم يتحرك ببطء ليعكس إتجاهه رغم قرب ماثيو من إنهائه!

عندما حدث ذلك الأمر الذي بث الرعب في قلب صوفيا فصرخت:

-كل الذي يحدث هنا؟ لماذا هذا السلم يتحرك بتلك الطريقة العجيبة؟ لم يذكر ذلك الأمر في الخارطة أبدا.

رد عليها ألبرت بصوت قلق:

-الأهم من لماذا أو كيف هو أن نعرف ماذا سنفعل الآن؟

صاح ماثيو من الأعلى بخوف شديد:

-لقد علقت ها هنا، ساعدوني أرجوكم لا تتركوني.

صاحت صوفيا ما أن سمعت صراخ ماثيو:

-كيف سننقذه، إنه الآن في طريق غير طريقنا، يجب أن نصعد إليه ثم ننطلق جميعنا لمواصلة الطريق.

حينها إعترض ألبرت على كلامها فقد تقلص الوقت إلى خمس دقائق فقط لا غير!

أصرت صوفيا على قرارها و قالت:

-أعلم أن الأمر خطير و قد نفقد حياتنا في نهاية الأمر، و لكن لا تنسى كلمات صاحب الصوت الأجش، لقد نبهنا إلى التعاون و أنه سيكون وحده سر نجاتنا من هنا، لا يجب أن نتخلى عنه أبدا!

حينها فقط أقنعته كلماتها فلابد أن صاحب ذلك الصوت يعرف الصواب أكثر منهم جميعا، أمسك ألبرت حينها بيد صوفيا ليصعدا ذلك الدرج الأيمن للوصول إلى ماثيو في أسرع وقت فلم يتبق الكثير!

-تبقى من الوقت ثلاث دقائق فقط.

صاح ألبرت بتلك العبارة و هو ينظر إلى ساعته التي أعلن أن الوقت قد أوشك على النفاذ و أن حياتهم جميعا، و ليست حياة ماثيو فقط من أصبحت على المحك!

ها هما قد وصلا إلى ماثيو، و أصبح الجميع في ذات المكان، حتى بدأوا جميعا بالركض محاولين الوصول إلى الطرف الآخر من السلم في تلك الدقائق الثلاث المتبقية.

-أنا شاكر لكم لأنكم لم تتركوني وحيدا و لكن هيا بسرعة، لقد أوشكت أوشكت العشر دقائق على النفاذ بالفعل.

صاح ألبرت في وجه ماثيو عندما قال تلك الكلمات:

-كل ذلك حدث بسبب تسرعك هذا، لو لم تتسرع و تسبقنا لما تأخرنا كل ذلك الوقت.

حاولت صوفيا أن تهدئ من روعيهما فقالت:

-يا أصدقاء، توقفوا عن ذلك الشجار الذي لا يجدي نفعا، الوقت ضيق بالفعل فساعدوني لنجد طريقنا على تلك الخارطة!

إستمع ماثيو و ألبرت إلى ما تقوله و بدأوا بالنظر إلى الخارطة معها، فكل منهما يعلم في قرارة نفسه أنها محقة، محقة تماما!

كادوا يتحركون من أماكنهم إلا أن السلم قد عاد لموقعه مرة أخرى بصورة مفاجئة تماما!

طريق واحد على تلك الخارطة قد ظهر فجأة بشكل مميز عن الباقي أشارت إليه صوفيا فركضوا جميعهم لكي يستطيعوا الوصول إليه بسرعة.

بدت حجرة واحدة مضيئة في آخر ذلك الطريق يعلوها رقم سبعة و عشرون، يبدو أنها هي تلك الحجرة المنتظرة أخيرا!

ما أن وصلوا إلى نهاية الدرج حتى إقتربوا من تلك الغرفة فتبينوا بالفعل أنها هي تلك الغرفة التي كانوا يحاولون الوصول إليها بشتى الطرق.

أمسكوا جميعا بيد بعض و ركضوا مسرعين فباب الغرفة أمامهم يوشك على الإغلاق فلم يتبق سوى ثوان قليلة و حسب!

وصل الجميع أمام الباب فقام ألبرت بدفع الباب بقدمه بقوة ليعود مفتوحا على مصراعيه لهم من جديد!

تنهدت صوفيا ما أن وضعت أقدامها بداخل تلك الغرفة و تنفست الصعداء ثم قالت:

-حمدا لله يبدو أننا قد وصلنا في الوقت المناسب تماما!

رد عليها ماثيو و القلق يعتري ملامحه:

-لا تفرحي بسرعة هكذا، فرغم كل ما حدث و ما مررنا به، إلا أن التحدي الأول حتى لم يبدأ بعد!

هز ألبرت رأسه متفقا تماما مع قاله ماثيو و أكمل مؤكدا و القلق في قلبه لم يختلف كثيرا عن زميله:

-نعم، فمن يدري ما الذي يحمله ذلك التحدي لنا و هل سنخرج منه سالمين أم أنها نهاية المطاف التي ستحل علينا قبل أن نبدأ رحلتنا حتى؟

ما أن إنتهى ألبرت من تساؤله حتى أغلق ذلك الباب ورائهم مرة أخرى، فعادوا لكونهم مساجين مرة أخرى و لكن تلك المرة في حجرة أخرى و تحد مختلف عن كل ما مروا به في حياتهم حتى تلك اللحظة!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي