الفصل الأول

إهداء
لكل من أراد رفيق لرحلته ولم يلق سوى نفسه، لكل من خذلته الحياة ولم يحظ بصديق كما تمنى، لا تحزن فربما تلتق يومًا به، وربما تبق وحيدًا طيلة العمر، لذا لا تنتظر؛ أن تشارك أحدهم ما تحبه وتهواه ،إفعل ما تهواه وحدك واستمتع بوقتك لا تدري لعل سعادتك الآن لا تعود مرة ثانية.

مقدمة

من الصعب العيش وحدك على كوكبنا عليك أن تختار من يشاركك رحلتك بعناية ورفق؛ لكي لا يصيبك الندم، أو تشعر

بالخذلان وتقف الحياة من حولك وتقف مكبل الأيادي بسبب شخص فعل بك ما يحزنك وهشم فؤادك، هذا ما سيحدث لك إن كنت ضعيفًا غير قادر على النهوض من المحنة مرة أخرى


تُرى هل ستتخطى "حور" تلك المِحنة بصدر رحب أم ستتعركل حياتها بأكملها وتقف بسبب أهلها !هل سترسم طريقًا جديد لحياتها أم ستموت ولا تنجو من المهالك.











في منزل "حور



سناء:إنتِ يا زفتة يا إللي اسمك حور البيت متروقش ليه لحد دلوقت؟!




حور بحزن:حاضر يا طنط أمل هخلص بس تطريز المفرش ده وهقوم أساعدك حالا.



سناء بضحكة :هههه لا يا بت ضحكتيني مفرش إيه يا أم مفرش، تقومي حالا تروقي الحتة زمان أبوك جاي من شغله ومش عايزاه يلاقي البيت متكركب يلا إخلصي.



حور:حاضر قايمة أهوو.





تشعر بالعبودية في منزلها ، قيود من كل إتجاه ولا تجد طريق للفرار ، أباها لا يجرؤ على الحديث ولا الدفاع عن صغيرته؛ كي لا يخسر زوجته لا تعلم ماذا تفعل ؟ وكيف ستتحمل تلك الإهانة وإلى متى! تمنت لو أن أمها جوارها الآن تهون عليها ما يحدث ، تتسأل كل ليلة لما تغير أباها وما فعلته له تلك المرأة كي يعاملها بهذا الجفاء .






سناء بغضب:إنتِ يا بنت يالا خلصي إللي وراكِ وبطلي
تكلمي نفسك زي المجنونة كان زمانك مرمية في مستشفى العباسية دلوقت لولا بس أنا محتاجاكِ لسه هدور على
خدامة وكمان أدفع ليها فلوس يالا خلصي بلاش مرقعة بدل ما إنتِ عارفه هعمل فيكِ إيه!


حور بخوف:حاضر حاضر هوا والبيت كله هيكون بيلمع




حور :فتاة بسيطة تبلغ من العمر أربعة عشر، ذات جسد نحيف، وعيون بنيه وشعر مموج قصير، تعيش مع والدها "عبدالقادر" في منزل صغير في قرية تُسمى "حسن الشربيني"



عبدالقادر :أب في الخمسين من عمره، عنيف، صبور أحيانًا لا يحمل فيه قلبه معنى الرحمة، تزوج بعد وفاة زوجته بشهرين



تلك السيدة الشريرة "سناء".



سناء: سيدة تبلغ من العمر خمسة وثلاثين عامًا، ذات جسد ممتلئ، وعيون زرقاء، وبشرة كاللبن الصافي.




إنتهت حور من أعمال المنزل وهي تشعر بالتعب ولا تقدر على فعل شيء آخر ، جلست على أريكتها وهي تبكِ لم تتوقف عن البكاء حتى دق المنبه ليذكرها بموعد الدرس ، قامت مسرعة لتغسل وجهها وتحضر كراستها وتذهب لدرسها خوفًا من أستاذ "حليم" لأنها تعلم لو تأخرت كعادتها سيوبخها أمام أصدقائها وسيضحكون عليها



في الشارع نجد صبية يلهون، يسخرون من الناس، لا يفكرون سوى في أذية الغير لينطق أحدهم ويقول بسخرية






سالم بضحكة عالية :هههه شايف يا "شاهر" البت حور بتجري إزاي ووقعت على وشها ههههه أحسن تستاهل أنا أصلًا مش طايقها.



شاهر وهو يشعر بالندم على أفعاله مع صديقه :حرام عليك يا أخي بدل ما نروحوا نساعدوها دي زمان دماغها إتفتحت إلحق الناس كلها إتلمت هناك أهي تعالي نشوف إيه حصلها.



ذهب سالم مع صديقه ليرى ما حدث ليرضي فضوله لا أكثر وهنا وجدوا الشيخ "أحمد" يهرول ناحية "حور" ويحملها ويتجهه ناحية مستوصف القرية وبعد مرور ساعة أتى أهلها والكل تعجب من رد فعلهم





سناء : مش تاخدي بالك يا مقصوفة الرقبة، عاجبك كده يا عبدالقادر أهي دي أخرة تعليم البنات أنا قولت ليك بلاش تكمل تعليمها وإنت مفيش منك فايدة



عبدالقادر :يعني أحرم البت من علامها يا سناء إحنا في إيه ولا في إيه يا ولية اسكتي بقى خلينا نطمن على البنت ونشوف الدكتور هيقول إيه؟!



سناء بخبث : إنت حر بس إللي هتصرفه عليها مرتين ممكن تصرفه عليها مرة ويبقى ضربنا عصفورين بحجر واحد.


عبدالقادر بحيرة:قصدك إيه يعني؟!


سناء:قصدي نجوزها ونخلص منها ومن همها وهي بقى تكمل علامها في بيت جوزها براحتها ولا متكملش مش مهم، فلوسك ياخويا إنت أولى بيها.



عبدالقادر :تصدقي عندك حق.



قام رجل كبير من على كرسي الإستراحة بعدما سمع حديثهما



الرجل: إيه يا راجل بقى ده كلام دي بنتك ولا لاقيها قدام باب جامع؟! حرام عليك تعمل كده في ضناك بدل ما تقلق عليها وتدعيلها تقوم بالسلامة بدل ما الشرطة تعملك محضر إهمال وتحبسك لعدم إهتمامك بيها.





عبدالقادر :يا واقعة سودة؟! حبس إيه يا سيدنا البت هتقوم وهتكون كويسة وبخير.



سناء:جرا إيه يا عم إنت... إنت بتتدخل في إللي ملكش فيه ليه؟!



الرجل:أهي نصيحة لوجهة الله وأنا مالي، حسبي الله ونعم الوكيل فيكم أهل.



سمعت الراجل بيحسبن علي وفضل يقولي:ما إنت مش عارف قيمة الضنا؟! ولا عارف إحساس إن يكون عندك بنت تراعيك



ليجهش الرجل ويبكِ ولم يسمعا سوى جملة واحدة منه:

الله يرحمك يا "هدير" يا بنتي

لو كنت موجودة مكنتش إتمرمطت دلوقت في المستشفيات وشوفت أشكال تسد النفس



لم يتأثر عبدالقادر بحديثه طالما حلم بأن يكون لديه صبي يحمل اسمه بدلا من خلفة تلك الفتاة الشؤم وهنا تردد صوت الأفعى داخله : لازم تخلص منها وبلاش مصاريف





عبدالقادر :يلا يا بت إتجدعني وشدي حيلك؛ عشان عاملك مفاجأة زينة.



حينما سمعت حور تلك الكلمة فرحت بشدة وتيقنت أن والدها عاد لصوابه مرة أخرى.


حور بلهفة:الله مفاجأة إيه يا بابا؟!



عبدالقادر :هجبلك عريس وتتجوزي وتتستري، مبسوطة مش كده! ومال ضحكتك اختفت أول ما قولت عريس يا بت.



سناء:براحة عليها يا حاج هي فرحانة بس لسه مش مستوعبة.



حور بغضب:فرحانة على إيه؟! إنتوا عايزيني أتجوز عشان تخلصوا مني لو سمحتوا إمشوا من هنا وسبوني يالا وأنا هعيش لوحدي وهشتغل وهصرف على دراستي



سناء:فالحة أووي يا بت، إنت طول عمرك فاشلة ومفيش منك منفعة بلا هم.



سمعت كلامها إللي يكسر جبل وسكت، وإستغليت فرصة دخول الشيخ "أحمد" عشان يطمن علي.



حور :إلحقني يا شيخ أحمد إلحقني أهلي عايزين يجوزوني غصب عني، ومش عايزني أكمل علام.



الشيخ أحمد:ليه كده يا حاج عبدالقادر دي بنتك شاطرة وهيكون ليها مستقبل كويس، ليه عايز تجوزها؟!




عبدالقادر :زهقت منها ومن مصارفها



الشيخ أحمد:حد بس يزهق من البنات؟! ربنا يهديك يا حاج



عبدالقادر بغضب :وهو إنت شايفني مجنون عشان تقولي ربنا يهديك




الشيخ أحمد:مش قصدي حاجة وحشه، بس حد يكره

الهدايا، ربنا يهدينا ويهدي الجميع يارب ولو مش عايز حور
أنا هاخدها تقعد عندي وهتكفل بمصاريفها كلها.



عبدالقادر ببرود:بركة يا جامع خدها وريحني منها، بس هتاخدها يبقى لازم تدفع أنا عرفتك أهوو



الشيخ أحمد:لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، متقولش كده بس قدام البنت ربنا يهديك، أنا هاخدها وهدفعلك إللي إنت عايزة مبسوط كده إنتَ، بكرة تندم على أفعالك دي ومحدش هينفعك.



سناء:تقصد إيه يا سيدنا الشيخ بكلامك ده.



الشيخ أحمد:أنا موجهتش ليك كلام يا ست إنت، ربنا يهديك إنتِ كمان.



عدت الأيام بسرعة على الموقف ده ومن بعدها عيشت في بيت الشيخ أحمد ومراته "فاتن"




الشيخ أحمد:فتى يبلغ الثلاثين من عمره ذو بدن رياضي، ولحية خفيفة، وعيون بنيه، وبشرة قمحية.





فاتن:سيدة في الثالث والعشرين من عمرها، لم يكتب لها الله أن تجنب بعد، ذات بشرة بيضاء وعيون ملونة وأقل ما يقال عنها كالبدر ليلة 14.




حور: أنا عايزة أشتغل يا شيخ أحمد مش عايزة أكون عالة على حد.



أحمد :ليه كده يا حور هو حد زعلك؟!



حور:لأ بس أهلي إللي من لحمهم ودمهم سابوني وإتخلوا عني إنت هتفضل متحملني عمر كامل كل ده بس عشان


إنت لسه مفيش عندك عيال أول ما ربنا يكرمك هتنساني وهترمي في الشارع.



أحمد:ياربي على تفكيرك يا حور ليه بس كده يا بنتي؟!



حور:تفكير صح يا شيخنا، أنا مش حمل كسر مرتين، وربنا يسامحها مرات أبويا هي السبب في إللي أنا فيه.



أحمد:طب ممكن يالا تروحي تذاكري عشان تجيبي مجموع عالي، وأفتخر بيكِ وأقول إني ربيت صح وتنسى كل إللي حصل معاك قبل كده وتفكري في نجاحك وبس.



حور بابتسامة :حاضر يا شيخ تمام.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي