الفصل الثاني

الفصل الثاني

داخل الغابة، نجد والدة ربوبانزل تصرخ بأعلى صوتها، وهي تسير كالمجنونة، تبحث في كل مكان، وبعد مدة من البحث، وجدت زوجها قادم نحوها ويبدو عليه الغضب.

أردف الرجل بغضب:
-ماذا يحدث؟ أين كنتِ؟ وأين روبونزل؟

أردفت السيدة بغضب:
-لقد إختفت ربوبانزل، لابد أنها رجعت للقصر.

أردف الرجل بغضب أكبر:
-لقد أخبرتك ألا نخطفها، هذه نتيجة أفعالك، إذا إعترفت علينا سننتهي.

أردفت السيدة:
-سوف أجدها قبل أن تفعل.


في نفس الوقت، على الجهة الآخرى، سقط كل من ربوبانزل ويوجين داخل النهر، وقتها كانت روبونزل تغني في محاول السيطرة على خوفها، كما علمتها والدتها.

فجأة شعروا أنهم يهبطوا للأسفل داخل النهر، وبدى عميق، رغم أن النهر لا يحتوي على مياه كثيرة، وبعد مدة شعروا كأنهم نقولوا إلى مكان بعيد بسرعة عالية.

وبعد مرور ما يقرب بالعشر دقائق، وهم يشعرون بهذه السرعة العالية التي يتحركون بها، أخيرًا، إستقرت أجسادهم على أرضية صلبة.

شعروا وقتها بالدوار الشديد، نظرت ربوبانزل جوارها، وجدت يوجين ملقى على الأرضية شبه فاقد للوعي، إقتربت منه روبونزل ببطئ، وأخذت وقتها تدفعه بخفة.

أردفت قائلة بصوت واهن:
-أنت، إستقظ، أين نحن؟

نظر لها يوجين وهو يحاول فتح أعينه، ثم أردف:
-هل مازالنا على قيد الحياة؟ ظننت أننا ذاهبون للجحيم.

أخذت روبونزل تتأمل المكان من حولها، فهم دخل غرفة كبيرة إلى حدٍ كبير، تحتوي على نافذة كبيرة، تظهر الخارج، والأثاث يبدو عصري.


أردفت ربوبانزل بإستغراب:
-لقد حل المساء بهذه السرعة!

نهض يوجين في فزع بعد أن إنتبه لشيء موضوع على الأرضية، ثم أردف:
-ما هذا الذي خلفك؟

نظرت ربوبانزل إلى ما يشير، فوجدت جثمان شخص، وبجواره بركة من الدماء، أردفت بهلع:
-هل أنت من قتله؟ سوف أخبر الملك عنك أيها القاتل.

أردف يوجين بغضب:
-إصمتي، ودعينا نفهم ما يحدث، وكيف وصلنا إلى هنا، فأنا متى قتلته يا معتوهة، فأنا لم أفارقك منذ أن إلتقينا.

أردفت روبونزل بعد أن إنتبهة لأمر ما:
-ما إسمك؟ أنت تعرف إسمي وأنا لا.

نظر لها يوجين بغضب، ثم أردف:
-يوجد شخص مجهول مقتول أمامنا، مكان غريب نتواجد به، وأنت تسألينني عن إسمي، حقًا لساني يعجز عن الرد.

إقترب يوجين من الجثمان؛ يحاول معرفة كيف قتل، فلحقت به ربوبانزل، ثم أردفت:
-أنا عندي تفسير لما حدث معنا.

نظر لها يوجين بصمت، إستكملت روبونزل قائلة:
-وجودنا هنا بالتأكيد بسبب النهر، فنحن سقطنا به ثم وجدنا أنفسنا هنا.

أردف يوجين بسخرية:
-ما الجديد فيما قولتيه، فنحن هنا بالتأكيد نتيجة لسر داخل النهر.

عم الصمت بالمكان، بعد دقائق أردفت روبونزل بهلع:
-أين بسقال؟ بسقال هل أنت هنا؟

نظر لها يوجين بإستغراب شديد، فصرخت عليه روبونزل:
-أبحث معي، عوضًا عن تحديقك بي كأني لدي أربع أزرع.

أردف يوجين بغضب:
-هل أنتِ مجنونة؟ أبحث عن من؟ هل كان معنا أحد؟

أجابت روبونزل بغضب:
-نعم كان معنا بسقال الحرباء الخاصة بي.

أردف يوجين بصوت شبه مسموع:
-هذه مصيبة رأسي، لقد فعلت أشياء كثيرة سيئة، ولكن لا أستحق أن أحاسب عليها بهذا الشكل.

أردفت روبونزل بتساؤل:
-ماذا تقول؟

قطع نقاشهم صوت صفارة إنذار خاصة بالشرطة، وآخرى خاصة بالإسعاف، ويبدو أن هذا الإنذار ليس لسيارة واحدة، إنما لعدة سيارات.

نظرا كل منهما للآخر بإستغراب، ثم أردفت روبونزل ببعض الخوف:
-ما هذا الصوت؟

لم يكن يوجين أقل منها في الخوف، تمسكت روبونزل بزراعه في خوف شديد، فجأة، دلف العديد من الأشخاص المسلحين، وفردين يرتدون معاطف بيضاء.

أردف أحد الضباط وهو يشهر السلاح في وجوه كل من روبونزل ويوجين:
-إرفعا أيديكم في هدوء، وأي حركة غدر سوف أطلق النار.

أخذت روبونزل تتشبس أكثر بزراع يوجين في خوف شديد، فالرجل الذي يتحدث غليظ الصوت، وملامح وجهه كفيلة أن ترعبها بهذا الشارب الكبير، والملامح الغاضبة.

صرخ بهم الضابط:
-ألم تسمعا؟

كان يوجين الأسرع في رد الفعل، وقام برفع يداه إلى الأعلى، أما روبونزل أخذت تبكي، وقتها أشار الضابط المتحدث إلى زملائه، فإتجه شخص يبدو عليه الغضب، وقام بتكبيل أيديهم بالأصفاد.

في نفس الوقت كانت الصحافة متجمعة بالمكان، ومذيع يتحدث في مكبر الصوت ويقول:
-لقد قتل اليوم الرابع والعشرون من شهر نوفمبر سيادة وزير الداخلية، ووجد داخل غرفته هذين الإثنين، وهما المشتبه بهم؛ نظرًا لوجودهم في هذا المكان، وفي ذلك التوقيت.

على الجهة الآخرى، تم أخذ كل من روبونزل ويوجين إلى سيارة الشرطة، وقام الشخص الذي يقودهم إلى السيارة بالصراخ عليهم بغضب:
-إصعدا.

وبالفعل صعدوا بدون مقاومة، ولكن روبونزل لم تكف عن البكاء، نظرت ليوجين الهادئ، ثم سألته:
-لماذا كل شيء حولنا مختلف؟ وما هذه السيارة التي لا يقودها حصان كما المعتاد؟

نظر لها يوجين ببعض السخرية، ثم أردف:
-هل هذا ما يشغل بالك؟ لا يشغل بالك مثلاً أننا متهمون في جريمة قتل الرجل الموجود في الدخل، أو مثًلا أننا سنعدم على هذه الجريمة؟

أردفت روبونزل بلامبلاة:
-لماذا أنشغل بكل هذه الأشياء التي قولتها؟ فأنا لم أفعل شيء لكي أحاسب عليه، وهم بالتأكيد سيطلقوا سراحنا.

أردف يوجين بسخرية:
-وكيف سيحدث ذلك؟

أردفت روبونزل:
-إنهم بالتأكيد نسوا سؤالنا هل نحن القتله أم لا، عندما يسألون ونخبرهم أننا لم نفعل سيطلقوا سراحنا على الفور، الأمر بسيط.

أخذ يوجين يضحك بصوت مرتفع، ظهرت وقتها النغزة التي تتوسط إحدى وجنتيه، أردفت وقتها روبونزل:
-ضحكتك جميلية، لماذا تعبث بهذا الشكل السيء منذ بداية الرحلة وأنت تمتلك مثل هذه الضحكة؟

نظر لها يوجين بإستغراب، ثم أردف:
-هل بطء في الإستيعاب؟ أنا أسخر منكِ، وأنت تقولين ضحكتك جميلية؟

قطع حديثهم صعود مجموعة من العساكر، وجلسوا بجوارهم، عم الصمت في السيارة، التي بدأت تتحرك، وروبانزل مزهولة للغاية.

أردفت لأحد العساكر الموجودين بجوارها:
-هل لي أن أسألك سؤال؟

نظر لها العسكري في صمت وملامح وجهه واجمة، فإستكملت ربوبانزل بتساؤل:
-كيف تسير هذه السيارة بدون جواد؟

نظروا لها جميع العساكر، ثم أردف أحدهم بسخرية:
-هل أنت تعيشن داخل القرن السادس عشر؛ لكي لا تسير السيارة سوى بالجواد؟

أردف شخص آخر:
-لا تجب عليها، لابد أنها تفعل حيلة؛ لكي يتمكنوا من الهرب.

تدخل عسكري آخر في الحديث، ثم أردف:
-لن يستطيعوا الهرب، لقد تم القبض عليهم في مسرح الجريمة، سيتم إعدامها أمام الإعلام، لكي تسترد الشرطة بعض من مكانتها التي سلبت على أيديهم عندما إغتالا وزير الداخلية.

بعد مدة وصلوا قسم الشرطة، تم توجيه روبونزل ويوجين إلى أحد السجون؛ لكي يتم التحقيق مع كل واحد منهم على حدا.

داخل السجن، تجلس روبونزل ملتصقة بوجين في خوف، ثم أردفت:
-الرجل يقول هل أنا أعيش بالقرن السادس عشر، هل هم يعشون في قرن غير ذلك؟

نظر لها يوجين في صمت، فإستكملت روبونزل بتساؤل:
-لماذا لا تجيب؟

أردف يوجين بسخرية:
-ماذا أقول؟ أنا مثلك لا أفهم ما يحدث، فبعد أن كنت مطارد من رجال القلعة أصبحت حبيس لمكان غريب، برفقة فتاة أغرب، ومهددين بالقتل.

أردفت ربوبانزل بهدوء:
-نبدأ بالإسم، ما إسمك؟ وهل لديك أخوه؟

أجابها يوجين بقلة حيلة عسى أن تصمت:
-يوجين، ليس لدي أخوه، وأبي وأمي متوفيين.

أردفت ربوبانزل بحزن:
-هذا سيء، لابد أنك عنيت كثيرًا.

على الجانب الآخر، داخل غرفة كبيرة تحتوي على العديد من رجال الشرطة أصحاب الرتب العالية، يشاهدون روبونزل ويوجين من خلال شاشة كبيرة موضوعة على أحد الجدران، حيث أن الغرفة المتواجد بها كل من روبونزل ويوجين مراقبة بالكاميرات المخفية عن الأعين.

وكانوا يستعمون لما يقال بعناية شديدة، أردف العقيد "جلال":
-إنهم أذكياء للغاية، لابد أنهم لاحظوا أمر الكاميرا؛ لذا أخذوا يتحدثوا بهذا الشكل، لابد أن كل كلمة تقال لها معنى مشفر.

أردف الرائد "سيف":
-هذا هو التفسير المنطقي الوحيد.

أردف جلال:
-أرسل للعسكري بأن يحضر الفتاة ذات الشعر الأصفر أولًا، لنحقق معها، ثم نحقق مع الفتى إلى أن تظهر نتيجة المعمل الجنائي.


بعد خمسة عشر دقيقة، دخلت روبونزل غرفة التحقيق برفقة العسكري، أخبرها العسكري ببعض الحدة:
-إجلسي إلى أن يأتي المحقق.

بالفعل جلست روبونزل بهدوء، وعندما لاحظت مغادرة العسكري، ونهضت وأخذت تتأمل المكان بإهتمام، ما لفت إنتباهها وجود زجاج بعرض الغرفة.

إقتربت منه وأخذت تنظر من الزجاج عن قرب، كان على الجهة الآخرى، العديد من المحققون ينظرون لها عبر الزجاج العاكس.

حيث أنهم يستطيعون رؤيتها، ولكنها لا تستيطع رؤيتهم، أردف سيف:
-إنها كما قال العقيد جلال ماكرة وذكية، وترسم على وجهها ملامح الطيبة.

فجأة فُتح الباب، ودخل جلال من الباب، أخذ ينظر لها ببرود شديد، عندما إنتبهة روبونزل لدخوله، أردفت:
-هل أنت المحقق؟

تجاهل جلال الإجابة على سؤالها الغبي من وجهة نظره، وأمرها بصوته العميق:
-إجلسي.

بالفعل إقتربت روبونزل من المقعد الخاص بها، ثم جلست عليه في صمت، أردف جلال:
-أخرجي بطاقة الهوية الخاصة بك.

أردفت روبونزل بملامح مستغربه:
-ماذا تعني؟

أردف جلال بنفاذ صبر:
-إثبات شخصية، كم يبلغ عمرك؟

أردفت بتوتر:
-أمس كان عيد ميلادي الثامن عشر.

أردف جلال:
-لماذا لا تمتلكين بطاقة هوية؟

أردفت ربوبانزل بتعجب:
-لا أعلم.

صرخ بها جلال:
-نترك أمر البطاقه، لماذا قتلتيه؟

أردفت روبونزل بهدوء مثير للأعصاب:
-لم أقتله، فأنا لا أعرف من هذا الرجل.

قرر جلال مسايرتها فيما تقول، ثم تسائل:
-إذا إفترضنا أنك لا تعلمين من هذا الرجل، لماذا كنتِ تتواجدين في منزل لا تعرفي صاحبه؟

أردفت روبونزل:
-إنها قصة يطويل شرحها.

تجدد الأمل على وجه جلال، ثم أردف:
-حسنًا أخبريني من البداية، فأنا متفرغ.

أردفت روبونزل بهدوء:
-في البداية أنا وحيدة أمي وأبي، ولدي صديق يدعى بسقال، ولكنه إختفى مني، أدعو الله ألا يكون توفى.

أردف جلال بنفاذ صبر:
-إدخلي في الموضوع يا فتاة لا تختبري صبري أكثر من ذلك.

أردفت روبونزل بغضب:
-أخبرتك من البداية أن الموضوع يطول شرحه، فلا تتزمر الآن.

تغاضى جلال عن حديثها الوقح، ثم أردف:
-أكملي.

أخذت روبونزل تخبره ما حدث معها، إلى أن إنتهت بسقوطها في النهر برفقة يوجين.

صرخ بها جلال وهو يخرج سلاحه، ويشهره على رأسها:
-سأقتلك، هل تظنين أني أحمق لكي أصدق هذه التراهات؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي