11

في ذلك الوقت الصعيب اتصلت رنا بماري واطمأنت عليها ولم تتمالك نفسها وأخذت تبكي، فخافت عليها ماري وقالت: مابك رنا أخفتني عليك أختي.

فردت رنا وهي تجهش بالبكاء: لا لا تخافي أنا بخير فقط اشتقت لرؤياكم ، إن الغربة قاسية

قالت ماري: حبيبتي وأنا اشتقت لك كثيرا جدا ياصديقة الروح.

وشيئا فشيئا سردت لها معاناتها في الولادة و طلبت منها ان تخبر أمها بأمر ولادتها فقط دون الدخول في التفاصيل.


أغلقتا الخط ثم تجهم وجه ماري وقلقت على رنا كثيرا وحدثت نفسها بحزن شديد: آه ياقلبي كم ستتحمل من كسر الظروف، أولا ظروفي أنا في بيت زوجي ثم ظروف أخواتي واخوتي، كم ستصبر أيها القلب.

ثم مر شريط الذكريات المتخبطة في رأسها فتذكرت كل ما أضناها في حياتها منذ كانت طالبة فشعرت بضيق شديد أيقظتها منه ابنتها سيلا وهي تبكي.

فحملتها وقبلتها وقالتلها: أنت وأختك من يهون علي ويحيي الأمل في داخلي.

وهكذا تايعت حياتها المليئة بالأحداث بالصبر والمحاولة تعمل على كسب رضا ربها وأهلها وتحمل محيطها وطبائعه المختلفة عنها.

ومن موقف إلى أخر كانت ضحكة أبيها ولطف أمها ومحبة أخواتها ولمتهم عندما تراهم في الإجازة هي من تخفف عنها.

ورغم تعودها على لغة الكسر التي عانتها لكنها كانت تعتقد أن القادم أفضل فشغلت نفسها بتربية البنات والاهتمام بأهلها وزوجها الذي حاول جاهدا التملق لها والاعتذار

وأنه سيبدأ صفحة جديدة فسامحته تلك الطيبة وأعطته فرصة جديدة بتشجيع من الأهل.

حيث كانت تقول أمها لها: سامحيه يا ماري كل الرجال قد يبعدون عن سرب عائلتهم وقد يخطئون لكن عليك أن تعطيه فرصة جديدة، اعتبريها نزوة هيا ماري.

ومع الزمن تناست الأمر رغم أنها كانت تأمل أن يقدر لها ماصنعت من جميل معه ومع طفله الذي كان يحظى بتربية جيدة عند أخوه وزوجته.

ولكن كما يقول المثل( عوجا) فقد اشترى جوالا حديثا ومع الزمن لاحظت أنه عاد لخيانتها فكم من مرة هلع عند دخولها عليه فجأة وأصبح يتكلم بهدوء على جواله كما كان يضع الجوال تحت مخدته حتى يمنعها من مراقبته.

فعرفت أنه لن يتغير لكنها قررت الصبر من أجل أطفالها ومع الزمن أصبحت معتادة على فعاله، وكم من مرة كان يحادث عشيقته على الجوال وهي تجلس قربه وتعرف ذلك.

وأمضت تلك الأيام في تربية بناتها وتأمين متطلباتهم وأخوهم من زوجته الثانيةرحمها الله والذي تربى في بيت سلفتها.

لم تمض الأيام معه دون منغصات ومشاكل فكم من مرة عاد لضربها وكانت تتحمل من أجل الأطفال.

وفي أحد الأيام بعد أن شتمها وضربها ووبخها أمام بناته قامت باستدعاء أهله وأخوه الأكبر فدار الحديث كالتالي:

أبو أيهم: هلا عقلتما إلى متى ستظلان على هذه السلوكية.

أيهم: لن تتغير مهملة لي وللبيت وللبنات وفوق كل هذا لاتتقن عمل شيء في المنزل.

فقاطعته ماري: لك رب يحاسبك لن أقول غير هذا.

قالت ام أيهم: أنت الآن تتمادين ماهذا الأسلوب في الكلام مع زوجك.

ماري: أعرف أنك لن تتغيري معي مهما فعلت فليسامحك الله.

فقال أيهم: حتى الراتب لا أرى منه شيئا تأكل وتشرب وتلبس على حسابي لم تجلب بمقدار كأس في كل حياتها معي ودائما غير مسؤولة ولاتساعدني في أي شيء.

فضحكت ماري ثم قالت: وهل تقسم أشكوك لله.

ثم نظرت إلى عمها وزوجته وقالت: فلتسألوا كل أصحاب المحلات عن كمية المواد التي أشتريها منهم بشكل دائم.

علت الأصوات بين مؤيد ومعارض لها وازادت حدة الصوت ورغم كل شيء كانت تضعف في الافصاح عن علاقاته.


فأحست ماري أن كل شيء انتهى في قلبها تجاهه فقد ضيع كل شيء بكلامه المسيء البعيد عن الحق، لكن ذلك الضعف في داخلها كان يرفض أن تأخذ القرار بالفراق لأن روحها معلقة بالبنتين.

والأسوأ أن الأيام كانت تمضي بعد كل مشكلة مع انقطاع العلاقة لمدة زمنية تتراوح مابين اليوم والشهر وفي كل مرة كان يعدها بالالتزام وينتهي الأمر بالخذلان مجددا.

خذلان وتقصير واستهتار واهمال ونكران كان يجعلها تموت جزئيا.

وأكثر ما أهانها منه أنه سبب شرخا في علاقتها مع أخيها ساهر فقد كان يتصل به ويشتكي له عليها فاضطر ساهر للاتصال بها.

ساهر: ماذا يحدث معك ياماري

فرحت بصوت أخيها لكنه لم يكن على عادته لقد كان خاليا من الحنان الذي اعتادته فسألته: خيرا يا أخي ماذا تقصد؟.

فأجابها: وصلني أنك تقسين في تعاملك مع زوجك وتتقصدين التقصير في مساعدته غلى الحياة

دهشت ماري لما سمعت ثم قالت: ومن أخبرك بهذا الهراء؟

فقال ساهر: زوجك

هنا ضحكت ماري مع غصة وقالت: هو من أوصلني لحالة الخنق، ظلمني وضربني وأهانني عدة مرات وفي كل مرة كان ينكر كل ما فعلته خلال سنوات، لقد أهلكني الدين في الدكاكين لأطعم أطفالي وألبسهم.

رد ساهر: لاتفعلي مرة ثانية أنهي ماعليك ثم امتنعي عن الدين لأن زوجك أصلا غير معترف بهذا فقد شكاكي لي مرارا، فبكت ماري بقهر وقالت : أعدك لن أفعل ثانية.

وتكررت وعودها بعدم التورط في الدين مرارا إلى أن قاطعها أخوها وكسرها ككل الناس.

فشعرت أن الحياة قاسية جدا لأن أهم شخص في حياتها تخلى عنها وهي تحتاج عونه النفسي أكثر من كل المرات.

أصبح لايتصل بها وإن اتصلت هي يكلمها بجفاء ورغم أنها تعلم أنه يفعل هذا لتصحو وتصحح مسار حياتها لكن ظروفها كانت تزداد تعقيدا.

كم خاطبت نفسها وهي مقهورة ووعدتها أن تقوى على هذه الصعاب وأن تصلح من أخطائها لكنها كانت تفشل في كل مرة.

أخذت تشكو لزميلاتها في العمل مشاكلها علها تجد حلا لديهم فوقعت أسيرة التنمر عند البعض والاهمال عند الأخريات.

ومن كانت تستمع لها في وجهها كانت تتحدث عن طاقتها السلبية عندما تبتعد.

وهكذا عاشت لغة الكسر النفسي مع الجميع لكن ما كان يهون عليها حرقة قلبها الحساس هو وجود أمها وأبيها.

لكن الزمن تغير فدخلت بلادها في حرب مفاجئة عاشت فيها حالة هلع وخوف على بناتها وأهلها وأحبابها.

انقطعت زيارتها لأهلها حوالي الثلاث سنوات رغم أنهم يعيشون في نفس المحافظة لكن الحرب خربت كل شيء ولولا التواصل الهاتفي لماتت من فكرة ابتعادها عن أهلها وعن والديها بالتحديد.

في أحد الأيام اتصلت بها أمها لتتطمئن عليها

الأم: حبيية قلبي كيف أنت، كم اشتقنا لك ولبناتك

ماري: آه يا أمي قلبي محطم لبعادكم وكم أخشى أتصالا يأتيني ليخبرني
ويقول: فلان من عائلتك قد فارق الدنيا ولن تريه أبدا رغم كل البعد الذي عشته.

الام: لاقدر الله يابنتي

ماري: لاقدر الله يا أمي لكن قلبي وروحي يشتاقان لكما ولاأستطيع رؤيتكم، تبا لهذه الحرب.

دعت الأم لها ولم تعطها والدها لأنه كان سيضعف ويبكي عند سماع صوتها وبالمقابل ستجن ماري.

اتصلت ماري بأهل زوجها أكثر بعد الحرب لكنها كانت تشعر دوما بعقدة النقص بينهم فطبيعتهم لاتشبه أهلها أبدا وكم كانت تشعر بأنها درجة متأخرة عن قريناتها بينهم.

استمرت الحرب لعدة سنوات وماري في حالة رعب على أهلها وبنانها ورغم ذلك لم يتغير طبع زوجها ولا أسلوب البقية.

البعد والحرب والضغط النفسي والمادي دمرا كل شيء في أعماق ماري.

لم يعد يعنيها اي شيء إلا أن تطمئن على أحبابها لكثرة ماسمعت من مصائب حدثت بسبب الحرب.

وفي إحدى المرات وصل خبر وفاة سلفهاالصغير في ساحات المعركة فجن جنون العائلة، كان المصاب الأول لأهل زوجها فانهار الجميع للخبر وخاصة أم أيهم.

وعند وصول موكبه كان يحمله رفاقه على أكتافهم في تابوت لف عليه علم بلاده.

كان ذلك اليوم من أصعب الأيام التي مرت بها ماري فحماتها منهارة و بناتها وأبناؤها أيضا.

فأخذت ماري على عاتقها أن تكون الكنة المثالية لتعتني بالجميع وخاصة زوجها الذي اعتقدت أنه سيتبدل بسبب مصابه الجلل.

كان الناس مجتمعين حول البيت بالمئات وهتافات الشهادة تملأ المكان وعندما رأت الأم موكبه جن جنونها

وهجمت على التابوت وهي تصرخ وتكلمه كلاما يقطع القلب، لقد كانت تقول: آخ يا غالي كسرت ظهري، يابني ولاد الحرام حرموني منك، الله يحرمهم عيونهم مثلما حرموني منك، آخ يابني.

ورغم محاولات الناس التخفيف عنها إلا أن ضغط دمها انخفض وأغمي عليها.

وسط حزن شديد من الجميع زاده انهيار الزوجة التي لم تكن تستطيع الصراخ، لقد كانت ترتجف فقط وتجلس قرب التابوت.

لقد كانت ماري تمسك بيد أم أيهم وأم ساهر التي وصلت بصعوبة لتشاركهم المصاب كانت تمسك بيد الزوجة وتحاول التخفيف عنهما بعبارات تناسب الظرف.

كم كانت فترة عصيبة جدا على عائلة زوجها وخصوصا على الأم والأب.

أما أيهم فلم يتغير فقد بقي الشخص المتنمر والمهمل لبيته ولم يستمر حزنه لشهر أو أقل ليعود الشخص نفسه.

مرت الأيام وحملت ماري مجددا ورزقت بصبي أسمته على اسم الشهيد(غيث) فأصبحت أم غيث.

غيث ذلك الطفل الذي نال اهتماما كبيرا لأنه يحمل اسم الشهيد لدرجة أنها أحست أن حماتها أصبحت تعتبره ملكا شخصيا لها ما أثار شجن الأمومة داخل ماري لكنها كانت تشعر تجاهها بالعطف فمصابها جلل.

أم أيهم: اتركي غيث لاتلمسيه اذهبي أنت إلى بيتك

فترد ماري: علي أن أطعمه وأجعله ينام ياخالة
أم أيهم: لا لن تعرفي التعامل معه

أنا سأهتم به، انصرفي واعتن بايلا وسيلا.

تذهب ماري وغصة الأم تحرق قلبها لكنها تقول: إنه وضع مؤقت سنتخطاه، سأتحمل لأنها تشغل نفسهابطفلي عن مصابها.

لكن الجدة أصبحت تتمادى لتمنعها من حمله أو أخذه إلى البيت لدرجة أن ماري أصبحت تشعر بالسخط

فقالت لزوجها أن يكلم أمه فلايجوز أن يستمر هذا الحال لكنه نهرها وقال: دعيه عندها فلولا أنها تعرفك صالحة لتربيه لكانت تركته لك.

غضبت ماري وتشاجرت معه ولم تستطع أن تخبره بما في داخلها من كلام لأن الكلمات التي وقفت في سقف حلقها كانت: لو أن أمك تحسن التربية لكان ذلك ظهر فيك لكنها صمتت واكتفت بالغليان.

واستمر الحال على هذا النحو إلى أن مرض الطفل وارتفعت درجة حرارته جدا فنقل إلى المشفى.

هنا تدخل أبو أيهم وقال لزوجته: لم أتدخل في البداية تقديرا لحاجتك لنسيان غيث ابننا لكن بعد الآن لن أسمح أن تفصلي الطغل عن أمه، أفهمت.

فبكت أم أيهم: أتقصد أنني أنا السبب في مرضه.

فرد عليها: لم أقصد لكن لايجوز أن تعزلي طفلا عن أمه، لاحظت أنها متعبة بسبب هذا لكنها لاتتكلم.

أم أيهم: أقسم أنني لم أقصد لكن جرحي كان يهدأ في احتضان هذا الطفل.

وبقي الطفل مدة أسبوع في المشفى حتى تعافى وأخرج إلى بيت أمه وأبيه، وشيئا فشيئا بدأ الطفل يتعلم وجود أمه لأن ماكان يربطه بها هو الرضاعة الطبيعية أثناء وجوده عند جدته وهذا ما ساعد على استردداه عاطفيا لأمه.

أحست ماري وهي تحمل غيثا وترضعه وأيلا وسيلا من حولها أنها تملك العالم فأخذت تنظر إليهم بكل حب وأمل في القادم وقالت لنفسها: سيعوضني الله بكم عن كل ما تاه مني.

ثم قررت أن تأخذهم إلى بيت جدهم أبو ساهر لتغير نفسيتها القلقة برؤية أمها وأبوها فأيلا وسيلا يعشقان القرية ومن فيها.

استأذنت زوجها وحماتها وحماها وودعتهم وانطلقت مستقلة الباص حتى وصلت فكان أول من فتح لها الباب هو والدها.

أبو ساهر وتلك البسمة اللطيفة على ثغره: أهلاااااا ماري نور البيت، أهلا جدو.

ثم قبل الصغيرتين ودس يده في جيبه وأخرج قطعا نقدية وقال لايلا: هيا اذهبي واشتري السكاكر لك ولأختك

فرحت أيلا وهللت وذهبت إلى الدكان القريب مع سيلا.

فحمل الأب حفيده وأخذ يلاطفه: ماشاء الله ماشاء الله،جدو جدو

وأخذ يهدهد له ويغني و دخل وهو ينادي أم ساهر: انهضي وانظري من في الدار ياغالية

كم كانت تطرب أذني ماري بأسلوب أبيها ودلاله لأمها التي نهضت لتستقبلها لكن ماري لاحظت أن أمها ليست على مايرام.

وعندما سألتها أنكرت الأم كي لاتقلق ابنتها ودخلنا المطبخ معا لتجهيز الطعام.

لاحظت أن حركتها ضعيفة ولم تعد تقوى على الوقوف في المطبخ.

ماري: أمي اذهبي وارتاحي سأكمل أنا

نظرت إليها الأم وهزت برأسها بالايجاب ثم انصرفت لتلتحق بزوجها والصغير الذي حاولت مداعبته لكنها لم تستطع فاستلقت على الاريكة وهي تلهث.

أبو ساهر: هل أخذك إلى الطبيب حبيبتي.
أم ساهر: لا لا تقلق سأكون بخير يا أغلى الناس.


قلق أبو ساهر وأخذ يراقبها حتى وصلت ماري ووضعت الطعام وأكل الجميع بعد أن نادت على طفلتيها اللتين كانت تجدان اللعب مع أولاد خالاتهم وأخوالهم كامتلاك العالم كله.

وبعد انتهائهم تعبت الأم ودخلت لترتاح في غرفتها.
ماري: ما بها أمي يا أبي
الأب: لا أعلم إنها ترفض الذهاب آلى الطبيب، لكنني لن أؤخر هذا سأفعل غدا لن أسمح أن تبقى هكذا بعد الآن.

وعند استيقاظهم في اليوم التالي نادى الأب على ماري بسرعة وقال: أمك تشتعل من الحرارة اتصلي بمحمد وعامر وباسم لاسعافها إلى المشفى.

وبسرعة قصوى أمنت البنات والصغير عند ياسمين زوجة أخيها وذهبت معهم إلى المشفى.

وهناك قال الطبيب أنها تعاني من ارتفاع للسكر حاد وضغط دمها غير مستقر ويبدو أن هذا يؤثر عليها سلبا.

ونهرهم بسبب التأخير ثم أدخلت العناية المشددة
فضرب أبو ساهر على رأسه وضم ماري نحو صدره وأخذا يبكيان.

أبو ساهر: آه يا خليلتي سامحيني
ماري: لاتخشى عليها يا أبي ستنجو

الطبيب: أتمنى أن تعودوا إلى بيتكم فوجودكم لا حاجة له.

أبو ساهر : مستحيل أن أتركها وأذهب هل تريدون ابعادي عن أم الساهر.

وبعد محاولات عديدة أقنعوه أنهم سيعودون إليها بعد ساعتين للاطمئنان عنها و بقيت معها ماري.

وفي تلك الأثناء استقر وضعها مع الادوية والعلاج الاسعافي الذي تلقته
فاتصلت ماري بعهد التي سمعت متأخرة وكانت تبكي بشدة وقامت بطمأنتها عن أمها وطلبت أن تخبر الجميع وخاصة أبوها.


ماري: اهتمي بأبي يا عهد وبأطفالي أعط غيث الحليب الصناعي وانا سأبقى مع أمي لاداع لأن يأتي أحد.

عهد: أولادك وأبي في قلبي يا أختي لاتخش شيئا.
ماري: حييبتي.

استقر وضع الأم ونقلت إلى غرفة خاصة بها وأخذت ماري تهتم بها.

ماري: شد حيلك أم الساهر هل تتدللين على أبي يحق لك ان تتدللي علينا جميعا.

تبسمت الأم وقالت بصوت متعب: يبدو أن الفراق قد حان ياماري.

تبكي ماري وتقول: لماذا هل كرهتنا يا ام الساهر ألا تعلمين أننا بدونك سنتوه لاقدر الله شفاك الله وعافاك.

وفي الليل وأبو ساهر نائم رأى حلما كان فيه مع أم الساهر يمشون في مكان يملأه العشب الأخضر والأشجار الخضراء

لكنها تركت يده واخذت تمشي وتمشي وهو يناديها: أم الساهر عودي، أم الساهر لاتتركيني أرجوك.

فاستيقظ وهو يرتجف ويستعيذ من الشيطان الرجيم فاتجه إلى عهد وطلب منها الاتصال بمحمد ليلتحقا بأمهافي المشفى.


عهد: اهدأ يا أبي الصباح رباح.

أبو ساهر: إن لم تفعلي سأذهب وحدي

عهد: سأتصل بماري
ونطمأن عليها وفي الصباح الباكر فورا نذهب هناك.
اتصلت بماري واخبرتها أن أبوها قلق جدا

ماري: أخبريه بانها بخير ولكن تأتون به في الصباح فورا لأن أمي ليست بخير ولن يسمح لكم الدخول الآن، انتبهي له أرجوك

تمنلأ عيون عهد بالدموع وتتماسك ثم تقول: أرأيت إنهابخير لاتشغل نفسك أرجوك.

يومها كانت ساعات الليل أطول الساعات ولم تمض حتى كاد قلب أبو ساهر وعهد.يكاد ينطبق.

وفي الصباح اتجهوا إلى المشفى وهناك دخل إليها أبو ساهر وأخذ يمسد على شعرها

ويقول: هيا ام الساهر البيت بدونك مظلم هيا كأس المتة الصباحي لاطعم له
كان يقول هذا ودموع عينيه تتساقط على خديه المليئين بالتجاعيد.

نظرت إليه أم الساهر وعيناها مليئتان بالحب وطلبت منه الاهتمام بنفسه وبالأولاد ثم أشارت إلى ماري باصبعها وقالت بصوت يكاد يخرج: ما،ما، مارري.

ولفظت أنفاسها الأخيرة فصعق أبو الساهر وأخذ يناديها: لاتتركيني ياغالية لا أستطيع العيش دونك وسط صراخ ماري وعهد وبكائهما ومحاولة باسم وباقي الإخوة تهدأتهم فقضاء الله قد حل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي