01

ماري تلك الفراشة الجميلة التي كانت تطير متنقلة في قريتها وبين أقرانها تملؤها البراءة والبساطة واللطف.


فتاة ريفية نشأت وترعرعت في أسرة بسيطة فقيرة الحال وكثيرة العيال سمراء اللون كحنطة الصيف، وتمتلك عينين واسعتين بنيتان، ووجه طفولي بريء.
خجولة جدا هادئة تحب عائلتها المؤلفة من أم وأب وستة شبان وخمسة بنات بما فيهم هي.


الأب يعمل جاهدا لتأمين متطلباتهم اليومية لا يبخل عليهم بشيء والأم تساعده وتقوم بكل أعمال المنزل أيضا.


كانت أجمل صفة تلفت انتباه ماري هي علاقة الحب العظيمة بين أبيها وأمها وفي ذلك السن الصغير لم تكن تفهم معنى هذا الحب وتلك الألفة بينهما.


أخوانها الصبية هم: ساهر ومحمد وباسم ومعد وعامر
أما البنات فهن: ميرا وأريج وعهد وصفاء ورنا.


الأخ الأكبر هو ساهر ويتبعه محمد ثم ميرا ثم أريج، باسم، معد، ماري، عهد، صفاء ورنا.



ساهر هو القدوة لماري
لقد كانت تراقبه بخجل ولاتظهر حبها الشديد له واحساسها بالفخر تجاهه وكم كانت تتمنى أن تصبح مثله.

ساهر: أراك أشطر الطالبات و ستحققين أفضل النتائج
كانت كلمات ساهر تشعرها بأنها شخص مميز ويجعلها تحلم وتحلق بأحلامها إلى السماء.

ولم تنسى أسلوبه الحنون في التعامل معهم جميعا وبالأخص هي كم كان يلاطفها ويلاعبها ويجلب لها الهدايا.





وعندما كان يسافر إلى جامعته في مدينة بعيدة كانت تشعر بالحزن والشوق الشديدين بل و تركض إلى فراشها وتضع رأسها تحت الغطاء كي لايراها أحد وهي تبكي وتشعر بالاختناق.




ماري تلك الفتاة اللطيفة كانت تحب إخوتها كثيرا لكن دون أن تظهر هذا الحب بسبب صفة الخجل الشديد التي تميزها وتحولت في ما بعد إلى عيب من عيوبها.




كانت علاقتها مع الكبار حب واحترام ولكن بطابع الخجل مع عدم قدرتها على التعبير عن مشاعرها، أما وجهها الأخر المليء بالشقاوة كان يظهر مع معد وباسم فقط.


معد الفتى اللطيف الذي يكبرها بسنتين و كان حنونا طيبا مع الجميع وخصوصا مع أمه.


معد: أمي لا تحملي طبق الطعام أنا سأفعل

الأم: حبيبي سلمت يداك

معد في المطبخ: أمي دعي عنك تنظيف الصحون أنا سأفعل.

كان معد الأكثر تميزا بين اخوته في قلب أمه ام ساهر.
لقد كان الأكثر تميزا لديها لما يميزه من صفات يتفوق بها عن البقية.


أما باسم فقد كان في بداية الأمر شقيا قاسيا لديه بعض الأفكار الموروثة مجتمعيا عن الفتاة يشكل عام أي أن نظرته ليست متحررة تجاه بنات الجنس الأخر.


لم يكن يعبر إلا بالغضب عن مشاعره، ولكنه مع الزمن أصبح صديق ماري الصدوق يحبان بعضهما وكأنهما توأمين كم كان حنونا لطيفاألا أن الظروف غيرته.


كانا توأمين في اللعب وفي الشقاوة والتصرفات الصبيانية لدرجة أن أمها كانت تناديها( حسن صبي). لأنها تتصرف كالصبيان.




أريج فتاة ذكية و فائقة الجمال، وعهد جميلة جدا وطائشة، لقد كانت مختلفة عن باقي أخواتها ويشغلها جمالها وصديقاتها ولم تكن تحب العلم أبدا.

صفاء جميلة و تحب أن تكون متميزة في كل شيء عن باقي قريناتها.


وأخيرا رنا فتاة رائعة الجمال جريئة ولطيفة متفوقة في دروسها.



في هذه الأسرة نشأت ماري أسرة جمعها الحب رغم كل قسوة الظروف.


نشأت علاقة صداقة بينها وبين أبيها وتنامت إلى حد الالتصاق به والتعلق الشديد، كان الأب حنونا لطيفا ذكيا يمتلك حس الدعابة ويعتبر أولاده وزوجته أصدقاءا له.


الأم كانت تتصرف بحكمة ،عادلة محبة لأسرتها.. لم تكن في البداية علاقة ماري بها قوية لأنها كانت تشعر بأنها قاسية بعض الشيء و الطفل بطبعه يميل للين أكثر.

لم تكن تعرف يومها أن هذه الأم ملاك حقيقي سيهتم بعائلته لأبعد الدرجات.


وفي أحد الأيام بلغت ماري سن الحادية عشر وأصبحت في الصف الخامس الابتدائي، فأخذت تراقب أمها وتحاول تقليدها.


ماري: أمي أريد أن أتعلم أعمال المنزل

الأم: شاطرة ماري راقبيني جيدا.

وبالفعل كانت أول محاولة للطبخ في ذلك السن.


فشجعتها الأم وقالت : ياااه ما أطيب هذه الأكلة لأنها من صنع ماري، سأخبر ساهر عندما يأتي إلينا في عطلته القادمة بما تصنع البطلة ماري وكم كبرت وأصبحت من أشطر البنات وكم تساعد أمها.


شعرت ماري بأنها تملك العالم بهذه الكلمات وطأطأت رأسها خجلا وطارت تركض كالفراش لتلعب مع لينا صديقة الحارة فتخبرها بما أنجزت.


ماري: لينا لينا احذري ماذا فعلت.

لينا تلك الفتاة التي تكبرها بسنة ذات الشعر الأشعث ترد باستهزاء: وماذا فعلت

قالت هذا وهي تضع يديها على خصرها وتتمايل ساخرة.

ماري: لقد أصبحت كبيرة أساعد أمي في المطبخ و أعمال المنزل.

لينا: اممممم وأنا أفعل هذا مع أمي، طيب هيا بنا نلعب لعبة العد والاختباء.


كانت ماري تجمع مابين الطفولة البريئة جدا ومحاولات ارضاء محيطها فعندما كانت تستيقظ كل يوم كانت تخجل أن تلقي التحية على أمها وأبيها وتراقبهما بخجل من بعيد ثم تركض لحمل المكنسة فتبدأ بالكنس والتنظيف ثم تسأل أمها وهي تجلس مع أبيها في غرفة الجلوس.


ماري: هل أصنع لك الطعام يا أمي علميني كيف أصنع هذا الصنف.

الأم: أنا فخورة بك يا ماري قأنت تتمتعين بدرجة من اللطف والاهتمام على عكس البقية.


تضمها الأم وتشرح لها الطريقة فتركض ماري إلى المطبخ و تطبق الطريقة بحذافيرها وتمسك ملعقة وصحنا وتركض إلى أمها.

ماري: أمي تذوقي لي طعمه هل يحتاج الملح و هل ينقصه شيء.

الأم: روعة ما تصنع البطلة

الأب: حبيبة بابا تكبر حياك الله.


ثم يمسك نقودا من جيبه ليعطيها تشجيعا لها
فترفض لأنها كانت تشعر بالمسؤولية تجاههما بطريقة غريبة منذ الصغر

الاب : أمسكي حبيية بابا
ماري :لا يا أبي أنت تتعب


هكذا بدأ الاحساس بالمسؤولية في قلب تلك الفراشة يكبر تجاه والديها .
و تشجيع المحيط في هذا الأمر كان جميلا ساعدها على التعلم بسرعة إلا أنها لم تتخط صفة الخجل أبدا وخاصة أنها شعرت بأن محيطها يدعم تلك الصفة على أنها مديح.


فقالت ميرا لاحدى صديقاتها التي كانت تجلس معها وتحتسيان كأسا من مشروب المتة المنتشرة في بلادهم: أن ماري شاطرة جدا وخجولة.

الضيفة: أحسنت ياماري.


أصبحت ماري في ذلك السن تمتلك شخصية داخلية مختلفة عن شخصيتها الخارجية.


وكم كانت تفرح عند عودة المسافر من أهلها وتحزن لسفره دون الافصاح عن تلك المشاعر و خاصة ساهر وميرا الاخوة الأكبرلها.


تخرج ساهر وتوظف في نفس المدينة البعيدة التي درس فيها، ساهر الابن الأول للعائلة وقد كان مصدر فخرها وقدوة لماري.

وتخرج محمد وأصبح موظفا في دائرة النفوس.

أما ميرا فقد دخلت مدرسة التمريض وبعد سنوات تخرجت وأصبحت ممرضة.


رافقتها ماري في عدة مرات إلى المشفى الذي تعمل به وكانت تراقب الجميع بصمت وتستمع للأحاديث بين ميرا وزميلاتها والأطباء المسؤولين عنها.


الطبيب: أحسنت ميرا سلمت يداك أتقنت عملك

ميرا: واجبي حضرة الطبيب
كانت تلاحظ ماري الاختلاف في الأسلوب فسألت أختها


ماري: أختي ميرا لماذا تعاملين أنت المرضى بلطف أما الأخريات فتصرخن أحيانا في وجه المرضى والمرافقين.

ميرا: لايجوز يا حبيبتي أن نصرخ بهم فالتمريض و الطب عمل انساني والله أمرنا بأن نعتني ببعضنا.

فتبتسم ماري ويعزز جواب أختها صفاتها الداخلية.


وهكذا أصبحت ماري تمتلك صفاتا فهمتها من المحيط
ميرا علمتها لطف التعامل وأبوها علمها أن الحنان والحب شعار والأم علمتها الاحساس بالمسؤولية.


وساهر زرع فيها حب التميز
لكن خجلها كان يمنعها من القدرة على التعبير.

لقد كانت ماري جيدة في المدرسة لكنها لم تكن الأولى فخجلها كان يجعل المعلمين لا يلاحظونها أبدا.


ومرت الأيام والشهور وروتين الحياة يتكرر إلى أن وقع القدر القاسي وجهل الأهل في تلك الأيام وانشغالهم في أعمالهم، شغل أم ساهر عن الانتباه إلى أن بناتها يكبرن ونسيت أن تشرح لأريج عن ما قد يحدث من تطورات للفتاة في سن البلوغ.


بل على العكس كان حديث الأهل عن أدبيات الفتاة المليء بالحذر قد أوصل أريجا للمرض النفسي الذي قلب حياة العائلة رأسا على عقب.

هذا المرض القاسي الذي لم يكن أحد يسمع به وفجأة دخل هذه العائلة فأريج نتيجة معلوماتها الخاطئة عن الفتاة و سماعها لأحاديث زميلاتها في المدرسة صدمت عند بلوغها.


وظنت أن أمرا مخيفا حدث لها ورغم محاولات الأم في الشرح لها بأنه أمر طبيعي يصيب كل الفتيات لكن المرض عشش رأس الفتاة.


كانت ماري تراقب بطفولتهاالبريئة تلك الأحداث المخيفة لعالمها الصغير فأريج الذكية و الجميلة تضحك وتبكي، تشك وتصرخ وتظن أن الأهل سيقتلونها.


وبدأت رحلة الأم القاسية مع ابنتها أريج فكلما سمعت بطبيب تذهب إليه برفقتها في كل المحافظات حاولت جاهدة انقاذ ابنتها.



لكن كل الأطباء أجمعوا على أن هذا المرض صعب الشفاء ويحتاج الحذر ومراقبة المريض لأن نهايته قد تصل الانتحار.


خاف الأهل كثيرا جدا فأريج تلك الزهرة البرية تذبل أمامهم ولا حل لها إلا المهدئات الدوائية.


كانت علاقة معد قبل مرضها مميزة جدا فكم لعبا معا و التصقا لدرجة تعدت كل معاني الصداقة والأخوة.


كان معد يتقمص دور عمدة البلد المصري و أريج تلعب دور المعلمة فتكات و يسجلان أصواتهما على أشرطة الكاسيت.


معد: ازيك يابت يافتكات

أريج :أهلا يا سي العمدة

معد: قوليلي يابت هو المعلم أحمد جوزك فين

أريج: أخد البهايم و راح الترعة.


ماري كانت تضحك كثيرا لتصرفاتهم و كذلك باسم.

لكن القدر غير كل شيء فأريج تزداد سوءا رغم وعي الأم التي بذلت كل جهد لانقاذ بنتها.

لكن القدر تدخل ضمن انشغال الأسرة بحياتها الصعبة وظروف الأهل القاسية.


وفي أحد الأيام جاء معد من المدرسة متعبا يشكة ألم الرجلين و أخبر الأم


معد: أمي أشعر بأني سأموت
الأم : لا سمح الله يا حبيبي لا تخف سأحاول أن أخفف ألمك.


وأعطته مسكنا ولكنه لم ينفع
فغضبت أريج وقالت قلقا عليه: خذوه إلى الطبيب أنتم قساة القلب.

الأب: سنفعل يابنتي

أريج: أنت مجرم ستقتلونه
صرخت الأم بها ناسية أنها مريضة لا تدرك ما تقول.


كانت ماري تشعر بالخوف على أخوها الذي نام قرب المدفأة و ازداد وضعه سوءا وتقول لنفسها: معد حصة أمه الحنون مريض جدا جدا.


وفي المساء نقل بحالة اسعافية إلى مشفى المدينة القريبة من قريتهم، رافقه الأب والعم أحمد.
الطبيب: لماذا تأخرتم عليه هكذا إنه في وضع صعب.


الأب: أرجوك أيها الطبيب أنقذ ابني.

يمسك العم يد أخيه و يهون عليه وينظر إلى الطبيب وكأنه يسأله باستخدام حركة العينين.

فقال الطبيب : سنفعل ما بوسعنا.

لكن الكادر الطبي في هذا المشفى أهمل الحالة و ازدادت الأمور سوءا فمعد مصاب بحمى شديدة جدا.


قلق العم على حال ابن أخيه فنقله إلى مشفى أخر فورا وهناك جن جنون الأطباء فالطفل كان يحتاج إلى بعض الأدوية عندما وصل إلى المشفى السابق لكن اهمال الكادر زاد وضعه سوءا.


حاول الأطباء الجدد قدر المستطاع انقاذه لكنه كان في وضع حرج جدا.

وفي اليوم الثاني عاد العم وأخبر العائلة بأن معد بوضع جيد وأنه يتحسن.

الأم بلهفة وقلب مقهور: أرجوك كيف هو معد خذني معك إليه.

العم : اهدأي معد بخير جئت لأخذ له بعض البدلات و الأغذية

الأم: طمأن الله قلبك، الحمد لله حمدا كثيرا، انتظرني سأجهز لك الأشياء التي يحتاجها في المشفى.

غابت الأم حوالي الساعة جهزت له مايحتاج ووضعت له الأطعمة التي يحبها

ثم عادت وقالت بقلق: تفضل يا أخي، أخبرني رجاء متى سيعود إلى البيت.


العم: دعاؤك له يا أختاه.

الأم: يارب كن مع ابني و أعده إلي سالما يارب.

فودعها العم وغادر

لكن قلب الأم اشتعل كالنار ولم يهدأ لسانها وقلبها عن الدعاء.

ماري تبكي بصمت وتراقب أمها من خلف الباب وتشعر بالحزن لأجل أمها وأخوها.


وعندما وصل العم إلى المشفى وجد الأب منهارا ودموعه تهطل كالمطر وبصوت مخنوق: لم يعد هناك داع يا أخي لما جلبت لن يأكل معد طعام أمه ولن يرتدي بعد اليوم ملابسه.


سقطت الأشياء من يد العم وقال: لا تقل هذا
وركض إلى السرير ليجد معد وقد فارق الحياة.

الأب : ماذا سأخبر أمه التي تنتظر عودته سالما لها إنه أقرب أولادي لها آاااه يا معد كسرت ظهري يا بني.

العم و هو يبكي : احمد الله يا أخي الموت حق علينا جميعا

الاب : الحمدلله.


في تلك الأيام لم يكن هناك هواتف للاتصال في قريتهم فاضطر العم للاتصال من المشفى بالهاتف الوحيد الموجود في بيت المعلم سالم والاخير بلغ العائلة بالفاجعة.


كانت ماري يومها في المدرسة ولم تكن تعرف ماحدث وفي الاستراحة ما بين الدروس وبينما هي تمشي مع لينا في باحة المدرسة اقترب منها أحد الأطفال وقال لها: لقد مات أخوك معد .

فأجابته: اخرس أخي معد بخير وصحة جيدة عمي جاء وأخبر أمي بذلك إنه يتحسن.


وعندما دخلت الصف نظرت إليها المعلمة هند بحزن وأخبرتها أن تذهب إلى البيت لأن أخاها معد قد توفي وصعد إلى ربه حيث لايوجد الا العدل.


فهرعت تركض ودموعها على خدها ولحقت بها رفيقاتها في الصف وقد أرسلتهم معلمتهم لمرافقتها إلى البيت.

أوصلوها إلى المنزل وكان كل شيء قد انتهى فهي
لم تجد معد بل وجدت أمها ترتدي الأسود منهارة والجميع حولها والحزن يعم المكان .

كان شكل البيت متغيرا لم تعد البهجة فيه، كل شيء كان باهتا حزينا فمعد صديق ماري وباسم المشترك قد رحل إلى السماء.


تراكمت كل الذكريات لها معه ومع باسم عندما كانت ترعى معه الأغنام.


وعندما كانوا يلعبون كانوا يمدون أيديهم إلى أعشاش العصافير وتغضب أمهم منهم خوفا عليهم من الأفاعي .

لعبهم، ضحكاتهم، حنان معد و أحاديثه كل شيء قد انتهى .


فدخلت بصمت و لم تفعل شيئا إلا أن تجلس قرب أمها و تراقبها و تستمع إلى كلماتها الحزينة وسط النساء اللواتي جئن للوقوف معها في مصابها الجلل.


وفجأة سمعت ماري صوتا يقول: ام ساهر أم ساهر لقد وصل ساهر كوني قوية ابنك بحاجتك.

شعرت الأم بضغط على رأسها وعينيها و فقدت نظرها للحظات.

فقالت: لم أعد أرى لم أعد أرى آه يا ساهر

فهدأتها الجارة : يا حيف عليك يا أم ساهر فقدت ابنك و تريدين بحزنك أن تقتلي الأخر.

هنا شعرت الأم بأنها خائفة على ساهر فارتدت الغشاوة عن عينيها و دخل ساهر و دمعه في عينيه.


قبل ساهر يدها ورأسها و ضمها إلى صدره و هي تبكي و تقول: الحمدلله ياحبيبي الحمدلله الف مرة.


بقيت في حضنه بحالة تجعل قلب الكافر يحزن لمدة ساعة ثم أخبرها أن تكون قوية كعادتها من أجلنا وأن عليه الالتحاق بأبيه و الرجال.


قالت الأم بلهجتها العامية: الله يخليلي اياك يا غالي و الله يرحم أخوك.

فقبل رأسها و ضمها بشدة و انصرف.


كانت ماري تراقب كل شيء و يعتصر قلبها الصغير، وأخذت تراقب أريج التي كانت تجلس في زاوية الغرفة منهارة تبكي معد الصديق الألطف في العالم لها.


قامت تبكي و تطرق رأسها بالحائط و تلوم أمها و أبوها وتتهمهم بقتل معد.


الأم: آه يا أريج آه يا حبيبتي رحل صديقك رحل الحنون عنا .


أريج تتقدم إلى أمها وتحضنها بشدة وتنام بحضنها وتضع الأم يدها على رأسها.

في تلك اللحظة لم تكن أريج واعية لتصرفاتها فمرة تحن ومرة تشتم .
فقد كان المرض النفسي متمكنا منها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي