الفصل الاول

كانت تسب وتلعن في سرها الشخص الذي تسبب في
معاناتها تلك ،لماذا لا يراعون أن هناك فتيات قصيرات
القامة مثلها لا يستطعن أن يصلا إلي تلك الأرفف
العالية لجلب ما تحتاجه وهنا هي تحتاج أن تصل
إلي معشقوتها الاولى "النوتيلا" بالطعم المفضل لديها
وهو طعم البندق اللذيذ ،لا تدري ماذا تفعل في ذلك
الموقف فوقفت علي أطراف أصابع قدميها ثم
مدت ذراعيها لأعلي محاولة الوصول إليها
ولم يكن في علمها الكارثة التي علي وشك الحدوث

*******************************
كان يتأفف من الموقف الذي وضع فيه
لماذا تصر والدته علي وضعه في
تلك المواقف التي تسبب له الملل والضيق
ماذا يفقه هو في التسوق وشراء الحليب أو الجبن
هو لا يعرف حتي يفرق بين أنواع الجبن فهي بالنسبة
له سواء ،سوف يضع لها أي نوع يصادفه و،،،،،،
يا الله ماذا يحدث أمامه الآن ما ينقصه هو أن يرى فتاة
مدللة تحتار في إختيار نوع الشكولاة الذي ستنتقيه
ولكن مابال تلك الفتاة قصيرة القامة تسب وتلعن
بخفوت،عقد حاجبيه تعجبا مما تفعله تلك الفتاة
لقد رأها تقف علي رؤوس أصابعها وتمد ذراعيها
لأعلي محاولة الوصول إلى ذلك الرف الذي يحتوي على
النوتيلا ،ولكنها سوف تتسبب بكارثة حتما من فعلتها
تلك عليه التحرك فورا وإلا ،،،،،،،
صوت أرتطام عال وزجاج يتكسر ملأ المتجر
حاولت أن تفهم ما قد حدث معها سريعا فبدأت
بفتح عيناها واللتان قد اغلقتهما من الخوف
ثم حاولت التحرك فلم تستطع وأحست بأيدي حديدية
تطوق ذراعيها فنظرت إلى أعلي فوجدت عينان زرقاوان
مشتعلتان تطلان عليها بغضب شديد وفم حازم
يخبرها بنبرة زاعقة
- أنتي أيه معندكيش مخ تفكري بيه ؟
ثم أخذ يهز جسدها الضئيل بين يديه القويتان
عاود الحديث قائلاً
- مش قادرة توصلي للرف أطلبي مساعدة من الناس
اللي بتشتغل في السوبر ماركت مش تعملي نفسك
ناصحة وتتسببي في مصيبة
صمت قليلا محاولا تهدئة أنفاسه اللاهثة ثم أستطرد
مخبرا إياها بنبرة حادة
- عارفة لولا لحقتك علي آخر لحظة كان الرف ده بكل
ما عليه وقع علي دماغك وكنتي هتروحي المستشفى
دا غير المصيبة اللي كنتي حتجيبيها لصاحب المحل
حرام عليكي يا شيخة مفيش تفكير أبدا؟
لم تعلم كيف تجيب أو ماذا تفعل فقط كانت
مأخوذة بتلك العينان التي ظلت تنظر إليهما وهما
يشتعلان بلهيب أزرق مما سبب لها رعشة قوية
جعلها تفق من حالة الجمود التي تلبستها وتنتفض
مبتعدة عنه وتخبره بنبرة حادة
- أبعد عني ملكش دعوة بيا ،،،،،
أنت مالك أتعور ولا أموت حتي ، بتزعق فيا بصفتك أيه؟
نظر إليها متعجباً من هجومها الحاد عليه وكلماتها
المستفزة تلك فأجابها قائلا
- تصدقي عندك حق المفروض كنت سيبتك تموتي ،،،
دا بدل ما تشكريني علي مساعدتي ليكي ،بتقوليلي
أنت مالك وصفتك أيه ،بتزعقي فيا ها ،،،،
صدق اللي قال" أتق شر من أحسنت إليه "
أشارت نحوه بسبابتها محذرة إياه وأخبرته بصوت عال

- أنا ما أسمحلكش تقول عني كدا !
أشار إليها بيده بعلامة عدم الإهتمام وأخبرها قائلا
- بلا تسمحي بلا ما تسمحيش بقي يا شيخة
ظلت تشير إليه بسبابتها وأخبرته متوعدة

- أنت ،أنت ،،،،،،،
ظل يقترب منها بخطوات بطيئة مما جعلها تتراجع للخلف
حتي أرتطم ظهرها بالحائط فتوقف هو عن التحرك
وأمسك بسبابتها وقام بثنيها وأخبرها قائلا
- أنا أيه كملي ،سكتي ليه وخوفتي؟
كانت حقا تشعر بالخوف منه ومن حديثه لها فهو رغم
مساعدته لها لا تعلم عنه شيئا لربما يكون لص أو سفاح
وقاتل محترف عليها أن تصمت وتغلق فمها الذي دائما
ما يوقعها في مشاكل كثيرة
وجدها صمتت وأصبحت هادئة فجأة فتراجع عنها
واخذ يقهقه بشدة ثم أشار إليها بعلامة الجنون
ورحل عنها مبتعدا بخطوات سريعة وصوت ضحكاته
تصاحبه في رحيله
بينما هي عندما وجدته قد أبتعد عنها أخذت تتنفس
بصوت عال وأتجهت للناحية الأخرى من المتجر
حتي وصلت إلى الباب الخارجي وركضت وسط تعجب الجميع
من تلك الفتاة التي تركض راحلة من المتجر

رفع هو حاجبه تعجبا من فعلتها تلك وأخبر ذاته
أنها حقا فتاة مخبولة لا عقل لديها
قام بعدها بدفع ثمن المشتريات وحملها خارجا حتي
وصل إلي سيارته ،قام بالضغط علي الزر الخاص
بفتح السيارة ووضع الحاجيات في المقعد الخلفي
وجلس علي مقعد السائق وأدار السيارة وانطلق
راحلا بها إلي المنزل

**********************************
وصلت إلى منزلها ودلفت إليه لاهثة فرأتها والدتها وهي
تثني ظهرها وتضع يديها علي ركبتيها وتحاول إستجماع
أنفاسها الضائعة فأقتربت منها وسألتها بتعجب
-كنتي فين يا ملك ،وأيه اللي حصل وخلاكي قاطعة
النفس بالشكل ده ؟
أشارت إليها ملك بعلامة الإنتظار فأخبرتها والدتها
بنبرة يملؤها الشك
- أكيد كنتي في السوبر ماركت ،بتجيبي حبيبة القلب
النوتيلا بتاعتك صح يا ملك ؟
أعادت ملك ظهرها إلي الوضع الطبيعي وأخبرتها قائلة
- الله يا ماما ما انتي عارفة إني بحبها ومش بعرف
أفطر حاجة غيرها
وضعت والدتها يدها علي ذقنها وتوعدتها قائلة
- والله لو ضرسك رجع يوجعك تاني لا هديكي
مسكن ولا هوديكي للدكتور
ثم ألتفتت راحلة إلى غرفتها بينما أخذت ملك تهمهم
وتحدث ذاتها قائلة
- طب أعمل أيه أنا دلوقتي وهفطر أيه
ووضعت يدها علي معدتها التي كانت تؤلمها من الجوع

*******************************************
كان صراخها ونحيبها يملأ جنبات المنزل مما جعل قلب
والدتها يرق لها ولألمها فهاتفت شقيقتها والتي أخبرتها
عن طبيب أسنان ماهر وذو شهرة واسعة
أخذت رقم هاتف المركز الطبي وحجزت موعد هناك
بعدها توجهت إلى غرفة ملك وأخبرتها أن تحضر نفسها
من أجل الذهاب إلى طبيب الأسنان

بمشقة كبيرة وألم أستطاعت ملك أن تبدل ملابسها
وتستعد للذهاب فخرجت من غرفتها إلي غرفة
المعيشة حيث تنتظرها والدتها فتسألت ملك
بنبرة يملؤها الألم
- هو بابا هيروح معانا ياماما؟
أجابتها والدتها قائلة
- لا يا بنتي بابا وراه شغل مهم ومش هيقدر يجي معانا
أومأت إليها ملك بتفهم فأخبرتها والدتها قائلة
- ياله بينا ننزل زمان العربية اللي طلبتها بالتليفون قربت
توصل عشان منتأخرش
توجها الأثنتان إلي الأسفل حيث ينتظرا سيارة الأجرة
التي ستقلهما إلي طبيب الأسنان

وصلت السيارة فأستقلاتها وأملت عليه والدة ملك العنوان
بعد أربعين دقيقة من السير توقفت السيارة أمام المركز
الطبي فهبطت ملك من السيارة وانتظرت والدتها والتي
كانت تعطي السائق أجرته
توجها إلى داخل المركز ثم إلي الأستقبال وأخبرا
الفتاة المسؤولة عن الموعد والتي بدورها أعطتهما
الرقم الخاص بهما وكان ثمانية وعشرون
جلستا الأثنتين علي مقاعد الأنتظار وسرعان ما أندمجت
والدة ملك مع إحدي المرضى وبدأ في الحديث سويا
بينما ملك كان الألم يجعلها تئن بصوت خافت وتدعو
ربها أن يأتي دورها عن قريب
*********************************
"ملك محمد إبراهيم "
كان هذا النداء الذي صدر من فتاة الأستقبال وجعل
ملك تحمد ربها أنه قد أتي أخيرا فأستقامت واقفة
ودلفت بصحبة والدتها إلي داخل غرفة توقيع الكشف

عند دخولهما إلي الغرفة وجدا الطبيب يقف وظهره
إليهما وعلى مايبدو يتفحص بعض الأدوات التي
يستخدمها في الكشف علي المرضى
عندما أحس الطبيب بوجود أحد المرضى أدار جسده
وواجهمها وسرعان ما ضيق عيناه تعجبا وتحدث قائلا

- أهلا وسهلا بيكم ،ياتري من اللي تعبان وجاي يكشف
كانت ملك تنظر إلي الأسفل خوفا من رؤية أدوات الكشف
ولكن عندما تحدث الطبيب رفعت بصرها لأعلي
وفوجئت بما رأت أمامها في تلك اللحظة
لقد رأته ،صاحب اللهب الازرق ينظر إليها ويسأل من
المريض من بينهما ،تلك المفاجأة أخرصتها وجعلتها
تشهق بقوة وودت لو أستطاعت الخروج فورا من
ذالك المكان ولكن وجدت والدتها تجيب الطبيب قائلة
- بنتي ملك يا دكتور هي اللي تعبانة ،ضرسها واجعها
ومش مخليها تعرف تاكل ولا تشرب وكله ده من ،،،،

قاطعها صاحب اللهب الأزرق قائلا
- من النوتيلا ،،،،
فوجئت والدة ملك من إجابة الطبيب الصحيحة حول
سبب مرض ابنتها فتعجبت من ذلك وتسألت
- صح يا دكتور ،عرفت منين ؟
نظر إلي ملك والتي اصفر وجهها وبدي عليه الخوف
ثم أجابها بنبرة يملؤها اللؤم
- الأطفال اللي في السن ده بيحبوا الشكولاتة وخاصة
النوتيلا ،،،،
قاطعته والدة ملك قائلة
- أطفال أيه بس يا دكتور ،ملك بنتي عندها عشرين سنة
هي بس قصيرة وجسمها قليل شوية فتبان أنها لسه
صغيرة مش عروسة كبيرة
أجابها ذو اللهب الازرق قائلا
- أيوة ماهو واضح ،،،،
وجه حديثه نحو ملك وأخبرها قائلا
- أتفضلي يا آنسة ملك علي كرسي الكشف
أومأت إليه موافقة وتوجهت إلى المقعد الخاص بالكشف
وجلست عليه ثم جلس أمامها هو علي المقعد المقابل
لها وأخبرها أن تفتح فمها لكي يلقي نظرة علي السن

أنكمشت ملك في المقعد وشعرت بالخوف والخجل في
ذات الوقت فترددت قليلا ثم فتحت فمها للطبيب
تناول الطبيب أدوات الكشف وأخذ يفحص السن
المتعب والذي تشكو منه ملك
بعد فحصه للسن أخبرها بنبرة هادئة
- أنا شفت الضرس ،هو لازم يتعمل ليه حشوة،،
أجابته والدتها قائلة
- طيب يا دكتور أعملها حشو ،يمكن ده يخليها ترتاح
من الوجع شوية ،،
أجابها الطبيب قائلا
- تمام أنا دلوقت هديها حقنة بنج مكان الضرس عشان
نبدأ علي طول
أجابته والدتها قائلة
- ماشي يا دكتور اللي تشوفه
بينما وجه حديثه إلي ملك قائلا
- معلش هتحسي بشوية وجع شوية صغيرة وبعدين
البنج هيبدأ يدي مفعوله تمام ،،،
أومأت إليه متفهمة فبدأ هو بتعبئة أمبول الحقن
ثم أمرها بفتح فمها لكي يحقنها به
كانت ملك متوترة وخائفة وبدأت في ضم قبضتي يدها
وأخذ قلبها ينبض بعنف شديد
نظر إليها الطبيب وأخبرها مطمئنا
- هي شكة صغيرة وخلاص
وبدأ بعدها في حقن ضرسها
كانت لاتدري ماذا تفعل من الخوف ودون وعي منها
قبضت بيدها علي المعطف الطبي الخاص به مما آثار
تعجبه ،أنتهي من الحقن وأخبرها قائلا
- خلاص يا أنسة ملك الحقنة خلصت ،خمس دقايق
والبنج يشتغل ،بعد أذنك هروح أجهز الأدوات
نظرت إليه بتعجب وتسألت لماذا يخبرها بذلك
فأشار لها بعينيه نحو يدها القابضة على معطفه
فتركت المعطف علي الفور وأستدار هو مبتعدا عنها
نهاية الفصل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي