الفصل الثاني

تنهدت تقى وهي تفكر في عاقبة الإبلاغ عنه، قبل أن تتفوه:
- إشتكى واتفضح فى المدرسة ده كان بابا يموتني فيها.
عقدت غادة ساعديها بغضب :
- لازم تبلغي عنه عشان ميكررش عملته دي تاني
- مقدرش أبلغ عنه
-ومتقدريش ليه بقا ؟
ردت بتردد وبنظرات شاردة :
- أصله أااصله ثم سحبت شهيقًا عميقًا لم يتحمله صدرها الغض.
سألت باصرار:
-اصل ايه متخافيش ياتقى إنتي أكتر من إختي وأنا بخاف عليكى أوي وعايزه مصلحتك.
استجمعت رابطة جأشها بصعوبة لتنطق بهذه الكلمات المؤلمة:
- أنا عارفة ده كويس يا غادة وربنا عالم معزتك فى قلبي فعشان كده هقولك اللي حصل، زين بيهددنى وعايز يجبرنى اعمل معاه مش كويسة ولو مسمعتش كلامه هيفضحني.
صدح صوت الجرس معلن انتهاء وقت البريك.
قالت غادة باستهجان:
هو ده وقت الجرس، بصي انا هجيلك النهاردة البيت وهتحكيلى كل حاجة يمكن اعرف اساعدك وأخرجت من جيبها منديل معطر خدي امسحي وشك،مش عايزه حد يقولك مالك ويسألك كنتي بتعيطي ليه؟
******
حملق في زوجته بغضب وهو يصرخ:
-بنتك ياهانم أتاخرت ليه لحد دلوقتي؟؟ المفروض تيجي من نص ساعة
ردت سامية بقلق:
- مش عارفة ... مش عارفةوالله سبب التأخير ثم أمسكت هاتفها في محاولة للأتصال مرة أخرى بسائق الباص، السواق مش بيرد.
ماهر بغضب :
- أتصلي تاني.
ضاقت صدرها وهي تقول:
- مش بيرد بردو، ربنا يجيب العواقب سليمة.
تقلصت عضلات وجهه وهو يهتف:
- ليلتها سودة لما تشرف الست الهانم، ده أخرت دلعك ليها بقت تتأخر برا البيت.
تغضن جبينها بتعب وهي تردد :
-فين الدلع ده؟ .. فين الدلع اللي بتقول عليه ؟ ده أنت ممشيها زي الألف من البيت للمدرسة ومن المدرسة للبيت ومش بتخليها تخرج وعلطول حبسها في البيت.
أردف وهو يزمجر بإنفعال:
- أهو كلامك ده إللي هيبوظ البت، بنتي وأربيها بالطريقة اللي أشوفها صح، أهو أخرت دلعك البت اتاخرت، ومنعرفش هي فين دلوقتي؟
فركت أصابعها سويًا وهي تمتم بغيظ مكتوم:
- أومال هيبقا أنا وأنت قاسين عليها .. وفيه أيه لواشتريت ليها تليفون كان زمانا أتصلنا بيها، وعارفنا هي أتاخرت ليه.
أجتذب ساعدها لتقف أمامه مباشرة لا يفصل بينهم سوى عدة سنتيمترات ثم قال بتهديد :
- تليفون تاني هو أنا كل ماافقل سيرة التليفون تتكلمي فيه تاني .. قولتلك بدل المرة مليون تقي مش هتمسك تليفون .. التليفون ده بيجي من وراه بلاوي واتكلمت معاكي كتير في الموضوع ده.
ابتعدت قليلاً وهي تجابه عينيه المستعرة بنيران الغضب:
-وانا قولتلك كتير إن بنتك متربية وهتستخدمه صح وبما يرضي الله.
بسط ذراعيه ثم تابع بتهديد :
- أاااسكتي ومتفتحيش سيرة التليفون ده تاني
جرس الباب رن في هذه اللحظة نهض ماهر مسرعًا لكي يفتح الباب.
دخلت تقى وعندما رأت نظرات والدها المرعبة أسرعت الي أحضان أمها
ماهر بلهجة غاضبة :
-كنتي فين ؟
انعقد لسانها من شدة الخوف ثم قالت بلجلجة : -الباااا
سامية وهي تشدد من أحتضان تقى :
- براحة ياماهر، البنت مش عارفة تتكلم من كتر خوفها منك.
زمجر وهو يهتف:
-ماهي لو متكلمتش دلوقتي وقالت أتاخرت ليها ..هديها سبب أنها تخاف بجد وقام بنزع حزام بنطلونه.
أردفت بتوسل وهي تقف أمامه:
- أهدي يماهر هو أنت معندكش تفاهم خالص ( نظرت لتقي وبلهجة مشجعة ) اتأخرتي ليه ياتقي؟
ماهر بغضب :
- أنتي لسه هتطبطى عليها، أبعدي يا سامية من وشي وسيبى البت.
ردت بعناد:
- مش هبعد إلا لما تهدى شوية.
هتف بانفعال:
أبعدي عن وشي السعادي، بقولك أبعدي.
ارتعدت مفاصلها وهي ترى فقدانه للسيطرة فقالت بتوسل:
- أوعدني إنك متضرباهاش الأول، لما توعدني الأول هبعد.
ماهر أقترب منها وعيناه حمراء وأوردت عنقه تنبض بعنف :
- بقولك أبعدي.
سامية بنبرة خافتة خائفة:
- لا مش هبعد.
- يبقا إنتي إللي جبتيه لنفسك، ورفع الحزام فقامت سامية بأحتضان تقى بشدة وأحنت رأسها للأسفل تريد حمايتها من بطش والدها...أنهال بالحزام على تقى المختبئة ...فاستدارت سامية وأعطت ظهرها له، فتلقت هى ضرباته الغاضبة من أجل ابنتها.
فقدت قدرتها على كتم الألم، لتصرخ والدموع تنمهر على وجنتيها:
- كفايه كفااااااية حرام عليك إللي بتعملو فينا...ابوس رجلك كفاية لحد كده ضرب
رد وهو يتنفس بقوة :
- مش كفايه لما أعرف المحروسة بنتك كانت فين وكانت مع مين ؟
حاولت تقى الكلام لكي تنقذ أمها من بطشه، وبعد عده محاولات خرج صوتها الباص السواق كان بيفول الباص والله دي الحقيقة، صدقنى يا بابا.
هتف بقسوة:
-كدابة
- والله مابكدب، اتصل بالسواق دلوقتي وهو هيقولك.
- ماهو الزفت بتصل بيه مش بيرد.
توسلته وهي تبكي:
- بالله عليك يا بابا اتصل تاني.
اجابها وهو يهدر:
- هتصل عشان اتأكد ثم أمسك الهاتف وقام بالإتصال بالسائق مرة أخرى.. سمع الجرس وبعد ثوانى رد السائق.
رد السائق:
- السلام عليكم يأستاذ ماهر ابن حلال كنت لسه هتصل بيك...عشان أقولك إني دخلت افول الباص وتقى هتيجي متأخر.
ماهر بنبرة غاضبة:
-مردتش على رقمى ليه ومرنتش عليا عشان تقولي أنها هترجع متأخر
-معلش يأستاذ راح عن بالي اتصل بيك و التليفون كنت عامله صامت فمسمعتش رنة حضرتك
- أمال لو مكنتش منبه عليك وموصيك عليها
- معلش يأستاذ الموضوع ده مش هيتكرر تانى
ماهر بغضب مكتوم :
-عارف لو اتكرر وتقى اتأخرت مش هسيبك وحسابك هيكون عسير ثم أغلق التليفون بعنف ، ونظر بتأنيب ضمير إلى زوجته وابنته المنهارتان فى بكاء صامت، وبدون أن ينطق توجه إلى باب الشقة بخطى سريعة وأغلق الباب خلفه بعنف.
رن جرس التليفون الارضي
سامية بنبرة يغلفها البكاء:
-السلام عليكم
ردت غادة:
- وعليكم السلام انا غادة صاحبة تقى( عندما سمعت نبرتها الحزينة) باين عليا اتصلت فى وقت مش مناسب.
سامية قامت بمسح دموعها وهي تقول :
- أبدا ياغادة خير فى حاجة.
ترددت وهي تسأل:
-كنت عايزه استأذن من حضرتك أجي أذاكر مع تقى شوية.
-معلش ياغاده مينفعش النهارده، خليها يوم تاني مع السلامة.
-سلام ياطنط متنسيش تسلميلي على تقى
- حاضر ثم قامت بوضع السماعة وأستدارت إلى ابنتها، صحبتك غادة كانت عايزه تيجي تذاكر معاكي وأنا قولت ليها لأ، مكنش ينفع تيجي دلوقتي، ثم أقتربت منها وضمتها فى حضنها ورتبت على رأسها، رفعت تقى رأسها والدموع تغشى عيناه وبنبرة باكية سامحيني يماما، أنا السبب إن بابا ضربك.
حاولت سامية ادعاء القوة ، حاولت على قدر المستطاع ان تكتم اهات الالم وهي تنفي كلمات ابنتها ،قالت بابتسامة متألمة:
- أنا تعودت على كده، جسمي نحس من كتر الضرب ومبقاش يأثر فيا... المهم انتي عندي.
تقى بنبرة خافته:
-سيبيه، اطلقي منه ابوس رجلك يا ماما.
-كنت سابته زمان خلاص مينفعش، روحى اغسلي وشك يا قلب ماما وشوفي مذاكرتك، عقبال مااحضر الغدا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي