2 طرد توم من البلدة، وطمع سالي

الفصل الثاني:

(طرد توم من البلدة، وطمع سالي)

"بعد حادثة حريق المدرسة بخمس سنوات "

ذات صباح..
كان توم يحدق بعينيه الجاحظتين وينظر بهما للفراغ، جالساً على كرسيه الخشبي الهزاز _ كعادته _ الذي يصدر صوت صرير كلما أهتز، ويمسك بيده ولاعة، ويفتلها بين أصابعه وهو يُفكر ويتذكر ما حدث معه.

ولكن فجأة طَرق الباب أحدهم بقوة ليُعكر صفو أفكاره.

سالي بصراخ:
_هييي، هل من أحدٍ هنا؟ هل ما زلت أيها الرجل الأبله في المنزل؟

نهض توم من كرسيه غاضباً، وهو يسير باتجاه الباب.

توم بغضب:
_ ماذا تريدين؟ ولما تدقي بابي بقوة، وتعكرين يومي أيتها المرأة المزعجة؟


سالي وهي تُظهر علامات القرف على وجهها:
_يالك من متعجرف، إن ماء خزانكَ يطفو منذ أكثر من ساعة، والآن هو يسيل إلى مزروعاتي، ويقوم بإفسادها، لما لا تنتبه له؟

توم بلامبالة:
_حسناً لا يهمني هذا، أما إن كُنتِ منزعجة من الماء أذهبي وأغلقي صنبور المياه الأساسي من أمام البئر، ولا تجعليني اسمع صوتك مرة أخرى.

سالي بغضب وهي تتأفف:
_يالكَ من مزعج وكسول، فأنا لا أعلم متى سأتخلص من جِيرتك بجانبي؛ فقد سئمت منك حقاً.

توم وهو يبتسم ابتسامة ساخرة:
_ ولما تريدين التخلص مني؟ بما أزعجتك يا بغيضة؟ هل أنت مسؤولة عن تكاليف معيشيتي دون أن أعلم؟! أم ماذ؟

سالي وهي توسع بعينيها:
_ أنت بالفعل مجنون، ألم تنظر لنفسك بالمرآة؟ فمنظرك شنيع ورائحتك كريهك، ودقنك سيصل الأرض.

توم بللامبالة:
_ وما شأنكِ بكل هذا؟

ازداد توتر سالي، وأجابت بعصبية:
_ وجودك كله يزعجني، ثم أنني دوماً اسمع أصوات غريبة ليلاً، قادمة من منزلك، من يأتي إليك؟ هيا تحدث.

توم وهو يحادثها بسخرية:
_لا أحد، أو ربما بعض العفاريت يزورونني، من يدري؟ حتماً تعلمين يا بغيضة لن يزورني أحد من هذه البلدة السيئة، كما لو أنني قطعة قماش بالية، وتركتموها طويلاً على حافة حائط، لتهترأ.

سالي بخبث: غير مرحب بكَ هنا منذ أن أتيت، ولن يرحب، لذا يفضل أن تذهب أنت وعفاريتك، وتجدوا قمامة تحتويكم.

توم وهو يكظم غيضه:
_ حسناً، لنرى من سيغادر هذا المكان.


ثم أطلق صوت قهقهة ساخرة

ارتجفت سالي واستدارت باتجاه البئر وهي تنفث غضباً
وتحادث نفسها قائلة:

_ حسناً، سترى كيف ستُطرد من هنا مذلولاً أيها المغرور أنت وعفاريتك، فأنا لا أجد عفريت هنا غيرك.

تحدث توم بصوتٍ هادئ بعد أن ابتعدت:

_حسناً، أيتها المرأة الشمطاء، سأذهب من هنا، ولكن عودتي ستكون بشكل آخر، وستندمين على كل كلمة نطقتها.

ثم أغلق الباب بقوة وهو ينفث غيظاً، واتجه إلى غرفة نومه وتناول من خزانته بعض كتب التشريح والكيمياء، وبعض الدفاتر الخاصة به، الذي كتب بهن كل التجارب التي يريد أن يجريها.

سار باتجاه صالونه الصغير، وجلس على كرسيه وهو يضع كتبه فوق الطاولة، ثم نادى على قطه الأسود.

توم وهو يحادث قطه ويمسح على وبره:
_ أعتقد بأن الوقت قد حان يا صديقي، فنحن الأقوى، ولن تكون هناك قوة تردعنا أبداً.


ولكن سرعان ما قاطع تفكيره، قرع الباب بقوة مرة أخرى، فنهض وهو يضرب طاولته بقوة ويصرخ.

توم: هل هذه أنت مجدداً؟ لما لا تتركينني وشأني؟

فتح الباب بقوة وهو يعقد حاجبيه.

صاحب المنزل: لما تصرخ هكذا؟ هل أنت معتوه؟

توم: اعتقدت بأنك سالي، فهذه المرأة دوماً تزعجني.

صاحب المنزل: أنها تشتكي منك وكنت أظنها تكذب، ولكن الآن من مظهرك المزري، أتضح لي بأنك مجنون بالفعل.

توم مقاطعاً نظراتها وهو يتأمله:
_ حسناً، ماذا تريد؟

صاحب المنزل: انظر إلى مزروعاتك المتيبسة، لما لم تسقيها؟ ثم ألم تلاحظ خروج حيواناتك من الحضيرة، وحتماً لا تعرف أين هم!

توم بنبرة حادة:
_ هذا الأمر يخصني، والمحصول أنا من زرعته واشتريت بذوره وسماده، ثم ما شأنك إن تركت الحيوانات تذهب أم أبقيتها، هل أنت دفعت ثمنها؟

صاحب المنزل بغضب:
_ أيها المتعالي، هذه الأرض ستموت بإهمالك لها، أنسيت أنها أرضي؟

توم بصراخ: خذها فلتذهب للجحيم أنت وهي، ليس لي علاقة بشيء، أتركاني وشأني، هل تتوقع بعد أن خسرت طفلي وزوجتي ستهمني أرضك اللعينة؟

ثم أغلق الباب بقوة في وجهه وعاد وهو ينفث بشدة.

توم: أنا لم أعد أتحمل رؤية أي أحد من هذه البلدة اللعينة.

نزل من الدرج صاحب المنزل البدين بخطوات بطيئة وهو ينظر ويتأمل المكان حوله.

ثم تحدث بنبرة حادة مع نفسه:
_ يجب أن أضع حداً لهذا المبذر واطرده، لا لا، أنه يدفع لي الإجار كل شهر، لما عليّ طرده؟ لا، لن أطرده.

ثم سار باتجاه بيته وهو يمسك كرشه البدينة

في المساء..
كان توم يجلس في الخارج وينظر للمكان بعينين خاليتين من المشاعر وهو يحادث قطه بغضب.

توم: أتعلم أيها القط؟ أن تكون مهووس بشيء ما، أو تفقد إحساسك بأي شيء، وتحمل عينين خالية من مشاعر الغضب والحب والشفقة والرحمة، حينها ستكون وحش معتوه حتماً.

ثم أمسك وجه القط ووجه نظره لعينيه، قائلاً:
_ هل أنا وحش؟ أجل، أجل، أنا كذلك.

ثم أطلق ضحكات عالية أردفت بصرخات مؤلمة مع دموع حارقة وهو يضرب كل شيء حوله.

ثم نضر نظرة حادة وثاقبة تحمل الغضب، قائلاً:

_ كنت أحلم بأن يكون لطفلي مستقبل جميل، واجتهدت وعملت وتحملت جميع الأهالي المتعجرفة رغم كرههم الواضح على ملامحهم.

ثم نهض بقوة مما أثار الذعر لقطه، الذي سقط من أحضانه خائفاً.

توم بصراخ وهو يضم قبضة يديه بقوة:
_لقد دفنتهم بيداي هاتين، ويلكم مني ومما سأفعله بكم أيها الحمقى.

ثم بدأ ينفث ويتوعد قائلاً:
_ أقترب موعد الانتقام منكم جميعاً، فلن يهدأ لكم بال أو حال بعد اليوم.

ثم نظر لقطه نظرة خبيثة.

توم: تعالَ اليّ أيها القط، لا تخف، نحن أفضل صديقين هنا، وسنبقى هكذا للأبد.

ثم أردف ضحكة ساخرة بصوتٍ مرتفع كان لها صدى قوي في المكان.

كان صوت صراخه دوماً ما يخيف سالي، التي كانت تخاف حتى من مظهره، لذا كان كل همها التخلص منه.


وذات ليلة، وهي تنظر من نافذتها لمنزل توم، قائلة:

_ ما هذه الأصوات الغريبة؟ هل لديه أحد؟ أم أنه يحادث نفسه بصوتٍ مرتفع دائماً، ويُصدر ضجيج؟ أوووف، هذا الرجل سيصيبني بالجنون يوماً ما.

ولكن بالطبع لم تسكت، وأخبرت الجميع عن إزعاجه، والأصوات التي تُصدر من منزله، لذا قدم الجميع شكوى لعمدة البلدة.

وذات صباح ماطر تجمع أهالي البلدة أمام منزله ومن ضمنهم العمدة.

رفع العمدة سبابته وتحدث بصرامة، متحدث مع أحدهم:
_ أذهب وأقرع الباب لنرى ماذا سيقوله.

تسارعت أقدام الرجل، وطرق الباب بقوة عدة مرات، فتح توم الباب وهو يتثائب.

العمدة بغضب:
_ ما بكَ أيها الرجل؟ ما هذا المظهر؟ ألم تستحم منذ...

توم: أجل، منذ خمس سنوات، أي منذ أن قتلتم عائلتي.

العمدة بغضب:
_ لم يقتلهم أحد، ألم يخبروك ماحدث؟

توم بسخرية:
_ أجل أخبروني بتلك الرواية، حسناً، الآن لما تتجمعون هكذا أمام منزلي؟ هل هناك احتفال؟

صرخت سالي من بعيد، قائلة:
_ يا لك من محتال! تتحدث كما لو أنك لا تعرف شيء، هيا أخبرهم عن الأصوات الغريبة.

توم وهو يحادث نفسه بغضب:
_ أعدك بأنني سأقتلع أسنانك هذه أيتها الحقيرة، وأجعل الأصوات تخرج من طقطقة أضلاعك.

العمدة: هيا قل؟ هل حقاً بيتك مسكون؟

توم وهو يضحك بسخرية:
_ مسكون؟ مسكون بمن؟

العمدة: ألم تقل بأن هناك عفاريت تعيش معك؟

أطلق توم ضحكات عالية، أضفت للمكان التوتر والقلق، فلم يجد أحدهم الأمر مضحكاً سواه.

توم بسخرية:
_ أجل أنا أعيش بين عفاريت، وهم أنتم مع الأسف.

العمدة وقد توسعت حدقة عينيه:
_ يال وقاحتك، هيا ارموه خارج البلدة لهذا العفريت اللعين، لا ينقصني مجانين هنا.

توم: سأذهب لوحدي، وأترك لكم بلدة الأوساخ خاصتكم، وسأبتعد و اختفي للأبد، فأنا لم استغرب فعل كهذا منكم.

سالي بصوت حاد:
_ هذا أفضل، هيا فلتذهب بسرعة.

توم بداخله وهو ينظر إليها بعينين حادتين:
_ سترين ما هو الأفضل على الإطلاق.

سالي بصراخ:
_ أترون كيف ينظر لي! أنظروا، إنه مجنون!

التف العمدة للخلف وهو يحاول معرفة المرأة التي تصرخ:
_ فليجعل أحدكم هذه المرأة تصمت، فصوت صراخها بات يغضبني، أنا من أقرر وأتصرف هنا.

همست إحداهن بقرب سالي:
_ فلتصمتي قليلاً، لو استمريتِ هكذا سيقوم بطردكِ أنت أيضاً.


صمت سالي على مضض وهي تنظر بعينين حادتين.

ثم تحدث العمدة بصرامة:
_ حسناً أيها الرجل الغريب، معك للمساء فقط لتفرغ المنزل وتخرج من البلدة.

توم وهو يحادث نفسه: بالطبع سأبقى ذلك الغريب، يا لكم من ناكريّ للعشير.

توم: حسناً، سأخرج بأقرب وقت لا تقلق.

ثم دخل منزله وأغلق الباب.

العمدة في نفسه:
_ يال وقاحة هذا الرجل، لقد أغلق الباب وأنا ما زالت واقفاً، حسناً، لا يهم، سيخرج من هنا للأبد.

العمدة: هيا فليذهب الجميع لمنازلهم.

غادر الجميع من أمام منزله، إلا سالي التي استمرت بالمراقبة، ومن ثم بعد انتظار لساعات رأته يخرج من منزله أخيراً، وهو يجر بحقيبة سوداء صغيرة، بمنظر مزري ورائحة كريهة تفوح منه.

تجمع الأهالي من جديد، وهم ينظرون إليه بنظرات مليئة بالقرف والازدراء، ولكن توم لم يبالي أو يهتم وتابع طريقه بكل ثقة.

همست إحدى النساء تسأل سالي.

امرأة: تُرى لِما حاله يرثى لها؟ وماذا فعل بنقوده؟

سالي باستغراب وهي توسع بحدقة عينيها : عن أي نقود تتحدثين؟ هل حقاً يملك نقود هذا الأبله؟

امرأة: أجل فقد قامت الدولة بدفع تأمين له بعد موت ابنه وزوجته.

سالي بدهشة: وأين ذهب بالنقود؟ هل قام بتوزيعها أم ماذا؟ لا، لا أعتقد ذلك.

امرأة: أظن بأنه قام بإعطائها لإحدى أقاربه، أو تركهن في المنزل ولم يبالي لأمرهن، فهو ترك أرض كبيرة تموت؛ لذا لن يهمه أمر المال.

سالي بنفسها: عليّ أن أبحث في منزله ليلاً علّي أجد شيئاً ما هناك، وأرى بنفسي من أين تصدر تلك الأصوات الغريبة، حتماً يُخبء شيء ما، ويجب أن أعرفه، فقد أموت من الفضول.

وعادت إلى منزلها ضاحكة مستبشرة تنتظر حلول المساء بفارغ الصبر كي لا يراها أحد، فقد أعمى قلبها الفضول والطمع.

"عودة للماضي"

في أحد الأيام بينما كان توم يسير في أروقة المدرسة أثناء الاستراحة أوقفته معلمة الكيمياء ( كاتي) التي كانت معجبة به.

كاتي وهي تسارع في خطواتها:
_صباح الخير أستاذ توم، فلتنتظر قليلاً.

توم وهو ينظر للخلف :
_أوه، أهلاً بكِ أستاذة كاني

كاتي: انتظرتك طويلاً البارحة، ولكنني لم أراكَ حينما خرجت.

توم بحرج وهو يفرك شعره:
_ لقد خرجت بوقتٍ مبكر يا أستاذة.

كاتي باستغراب:
_ ماذا؟! أُستاذة؟ هل من الممكن مناداتي بكاتي دون رسميات؟

شعر توم بالإحراج أكثر

لذا أردفت كاتي وهي تفرك بيديها، وتشعر بالارتباك:
_نحن زميلان عمل، كما أود أن نكون أصدقاء، هل تقبل بصداقتي؟

توم بإحراج، وهو يبتسم:
_أجل، ولما لا؟

كانت كاتي من سكان البلدة الأصليين تعيش مع أمها المسنة، ولكنها الوحيدة التي كانت تعامل توم بلطف.

ومع الأيام توطدت العلاقة بينها وبين توم وأصبح يهتم بصداقتها التي جعلته يشعر بالارتياح، بأن هناك أحداً تقبله.

ومرت الأيام على هذا الحال حتى كَبُرَ ايبرو ودخل المدرسة المتوسطة بعمر الثانية عشر.

توم وهو يحادث نفسه، وينظر لابنه بحب:
_أوووه بني متى كَبُرت هكذا، وأصبحت بهذا الجمال والأدب والذكاء، أنا حقاً سعيد بأن الله قد وهبني أياه، فهو من أجمل هدايا القدر لي.

كان يرمقه دوماً بنظراته المليئة بالحب والسعادة، فهو لم يتخيل بأن يكون لديه طفل جذاب هكذا.


وذات يوم وهو يراقب ابنه من نافذة إحدى الأروقة المطلة على حديقة المدرسة.

قاطع صفو تأمله معلم الرياضيات النرجسيّ.

راني: لما لم تأتي في حصتك الأخيرة البارحة؟

التف توم باستغراب:
_ أهلاً راني، ألن تقول صباح الخير أولاً ؟

رفع راني يديه ونفض معطفه الرماديٌ الفاخر، ثم أمسك بقبعته، قائلاً:
_ يبدو أنك لا تعرفني أستاذ توم، ولكنني شخص جدي وأحب الالتزام.

توم بتمتمة: بل أنت شخص نرجسي، متباهي ومتفاخر بشيء ما، للآن لم أفهمه.

راني: ماذا قلت؟

توم: لاشيء، أحادث نفسي فقط، حسناً، اعتذر بأنني تركت الحصة الأخيرة لك، ولكن كان هناك أمر طارئ وغادرت مبكراً.

راني بتملق وتكبر:
_حسناً، أقبل اعتذارك هذه المرة، ولكن أرجو بألا تعاد.

ثم أعاد قبعته على رأسه وسار وهو ينتفش بصدره، ويتبختر بمشيته.

توم بنفسه:
_ يا لك من لئيم ومغرور.



عودة للحاضر "

في بيت سالي التي تسكن وحدها
كانت تجلس أمام تلفازها وهي ترفع صوته بقوة كي يظن الجميع بأنها فيه.

وبعد حلول الظلام الدامس بدأت تسير باتجاه بيت توم ببطء شديد، وهي تمشي بين المزروعات، وحينما وصلت لوسط المزروعات الكثيرة حولها تَلبسها الخوف الشديد بعد سماع أصوات غريبة، لم تعرف مصدرها.

لذا كانت تنظر حولها وخلفها بعد كل خطوة.

ثم توقفت للحظات بعد سماع صوت عواء مخيف.

فبدأت تحادث نفسها وهي ترتجف:

_ هل يجدر بيّ أن أعود بسرعة؟ أم أن أتابع سيري؟
يا آلهي تَحجرت قدماي من الخوف، ولكن لِما الخوف؟ أنا أسكن منذ زمن هنا، ولم يحدث شيء، كما أنها مجرد كلاب، ولم يتبقى إلا القليل وأصل.

ثم أردفت: هوووف، لم أكن أتخيل بأن المسافة هذه ستصبح طويلة جداً في المساء.

اقتربت من الدرج الخشبي للمنزل، وحينما بدأت تصعد عليه، أصدر صوت زقزقة مخيفة، ثم شعرت بأن هناك من يتبعها، لذا استدارت وتمعنت في نظرها بما حولها، ولم تجد شيء ولكن من خوفها كانت تشعر بأي صوتٍ بسيط تصدره هي أو أي حيوان صغير.

كانت تحمل في يدها سلك معدني لفتح الباب، لذا انحنت ببطء وهي تحاول فتحه وتستدير بين كل حين.

سالي بتوتر وقلق:
_هيا أفتح أيها اللعين، أنفتح بسرعة أرجوك، قلبي سيتوقف من شدة خوفي.

بعد مرور دقائق من توترها الشديد وتعرق جسدها بسبب خوفها، انفتح الباب أخيراً.

دخلت بسرعة وأغلقت الباب خلفها لتلتصق به من الداخل وهي تضع يدها على صدرها لتلتقط أنفاسها، ثم نظرت من النافذة مجدداً لتطمئن بأنه لا يوجد هناك أحد يراقبها.

ولكن سرعان ما التفت وهي تضغط على أنفها بأصابعها، وهي تقول:
_ هوووف، ما هذه الرائحة النتنة، كما لو أن هناك جثة ميتة، ماذا؟! هل من الممكن أن تكون هنا جثة!

اتجهت أولاً لغرفته المظلمة، حيث كانت النوافذ مفتوحة والستائر البيضاء تتطاير من الهواء، وتضرب بالنافذة لتصدر صوتٍ أرعبها.

دخلت بخطوات بطيئة، وبكل خطوة تصدر صوت صرير الخشب المتآكل، ثم انحنت عندما وصلت للسرير لتنظر أسفله.

ولكنها صرخت بصوتٍ مرتفع عندما وجدت امرأة شبيهة بالزومبي تُخرج يديها باتجاهها وتصدر صوت مرعب، كما لو أنها تناديها.

ارتعبت سالي وصرخت بأعلى صوتها وبدأت تزحف للخلف بواسطة قدميها لتلتصق بالحائط، وهي تبتلع ريقها وتنفث الهواء.

ثم أعادت النظر مرة أخرى من مكانها لترى مجدداً، ولكنها لم ترى شيء.

سالي بخوف شديد:
_يا آلهي ما هذا الذي رأيته هنا؟ مَن هذه؟ وأين ذهبت الآن؟ وكيف سأستطيع الهرب من قبضتها لو رأيتها مجدداً؟

بقيت سالي لدقائق بمكانها وهي توسع حدقة عينيها وتنظر للأشجار في الخارج وهي تضرب على النوافذ وتعطي أشكال مرعبة على الحائط بواسطة ظلها.

استمرت سالي بالصراخ بصوتٍ مرتفع وتطلب النجدة ولكن من سيسمعها؟ فلن يكون لأي أحد الفضول لرؤية منزل توم غيرها.

وقفت سالي بهدوء، لتخرج من المنزل علّها تنجو، ولكن ضربات قلبها بدأت تزداد أكثر فأكثر تدريجياً.

خرجت من غرفة نومهم وعادت إلى الصالون الذي يتواجد به الباب الخارجي ولكنها صُعقت حينما رأت عبارة مكتوبة على الحائط من الدماء " الموت قادم"

حاولت أن تكون هادئة وأن تفتح الباب بهدوء، ولكن فجأة هناك من قام بالإمساك بها من الخلف، وأغلق وجهها بكيس من القماش، لتبدأ تصرخ وهي تتوسل ولكن دون جدوى.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي