قوت

لطيفةخالد`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-02-21ضع على الرف
  • 9.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصول الأولى عدد خمسة مع المقدمة

مِنْ أَعْماقِ صَفَحاتِ أَيّامِي شَخْصيَّةٍ قَلَمِي وَالَّذِي اسْتَقَتْ مَعالِمَها مِنْ تَرْبيَةٍ سَهْلَةٍ وَمِن حَياةٍ بَسيطَةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِالْأَرْضِ وَقِوَامُهَا طَبيعَةُ خَلّابَةٌ وَأُناسٌ رائِعينَ
بَدَأَتْ مَعَ الشَّعْرَةِ البَيْضاءِ وَمِنْهَا الَّى كُلِّ مِنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَوافَقٍ مَعَ تَعْيِيرَاتٍ زَمَنيَّةٍ عَلَى هَيْئَتِهِ وَقَدَراتِهِ هَبٌّ وَأَخْتَصِرُ عَنْ جَماليّاتٍ وَابْدَاعَاتِ كُلِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ مَراحِلِ اَلْعُمْرِ بِمَا فِيهَا وَمَا عَلَيْهَا وَمَا تَتْرُكُهُ فِينَا مِنْ أَثَرٍ يَعْكِسُ نَفْسَ كُلٍّ مِنَّا وَيُبَيِّنُ هويَّتَهُ الرّوحيَّةَ فِي التَّعامُلِ مَعَ كافَّةِ الأُمورِ وَكُلِّ الأَشْياءِ
وَقَفُتْ حِينَهَا أَتْلُو وَبِفَخْرٍ مَوْضوعيٍّ عَلَى الطّالِباتِ والْهَيْئَةِ التَّعْليميَّةِ والاِّداريَّةِ وَاسْتَرَقَّتْ بَعْضُ التَّعْليقاتِ مِنْ أَفْواهِ البَعْضِ وَأَكْثَرُ مَا لَفَتَنِي هوَ أَنَّنِي اقْتَبَسَتْ مِنْ مُصْطَفَى لُطْفي الْمُنْفِلُوطِي كِتَابَاتِي وَأَثْسِمَ بِأَنَّنِي وَلِلْمَرَّةِ الأُولَى عُرِفُتْ بِوُجُودِهِ وَلَكِنْ كَعَادَتِي أُعانِدُ لِلْوُصُولِ الَّى المَعْرِفَةِ والْحادِثَةُ تَزَامَنَتْ مَعَ نُزولِ شَقيقِي اِلَّةَ ساحَةِ العَمَلِ لِبَيْعِ الكُتُبِ وَكَانَ يَرْفَدُنِي مِنْهَا بِالْكَثِيرِ بَدَأَتْ أُحَقِّقُ شغَّفي بِالْمُطالَعَةِ وَهَكَذَا تَعَرَّفُتْ عَلَى غالِبيَّةِ الأُدَباءِ والْكُتّابِ والشُّعَراءِ اَلْقُدّاميِّ وَالمُعَاصِرِينَ وَمِن كُلِّ واحِدٍ طُبِعَتْ فِي شَخْصيَّةِ قَلَمِي صِفَةٍ ناجِزَةٍ وَساريَةٌ لِأَنَّ المَوْقِفَ اَلَّذِي وَضَعَنِي بِمَكانٍ لَسُتْ فِيه أَخَذُ بيَدِي وَحَمَلَني الَّى أَمْكِنَةً رائِعَةً فِي مُحيطٍ مِنْ مَجْموعاتِ كُتُبٍ كَثيرَةٍ وَكُنْتُ حِينَهَا لَمْ أَتَجاوَزْ العَشَرَةَ مِنْ السِّنِينَ
وَانْخَرَطَتْ بِايمانْ قُقْوِي بِأَنَّنِي سَأَكُونُ مِثْلَهُمْ يَوْمًا مَا وَسَأُقابِلُ أَهْلَ الفِكْرِ وَأَصْحابَ الأَقْلامِ وَبِكُلِّ تَواضَعٍ سَأَنْتَمي الَّى عالِمِ المُبْدِعِينَ والْمُمَيَّزينَ
وَمُحَفَزَتِي كَانَتْ سِتُّ الدُّنْيَا وَمَلَكَةً قَلْبِي وَالَّتِي وَضَعْتَنِي أُنْثَى وَوَلَدَتْني أَديبَةُ نَجيبَةٍ يافِعَةً وَمُنْتِجَةٌ وَمِن أَزَلي الَى أُبْدي سَأَكْتُبُ وَأَكْتَسِبُ وَمِن مِدادٍ يَفِيضُ كُلَّمَا نَهِلُتْ مِنْهُ وَكُلَّمَا رَفَدِّتُهُ بِأُسْلوبٍ لَا يُتْقِنُهُ اَلَا أَهْلُ الكِتابَةِ وَمِن يَمْلِكُونَ مَوْهِبَةَ السَّرْدِ والنُّطْقَ بِالْقَلَمِ وَبِاللِّسَانِ وَبِعَرَبيَّةٍ مُنَزَّهَةٍ عَنْ كُلِّ مَسَاوَىءِ البَشَرُ وَالدُّنْيَا ساعيَةً الَّى نَشْرِ الحُبِّ والْخَيْرِ والْجَمالِ بِكُلِّ مَا اوْتيَتْ مِنْ أَبْجَديّاتِ وِلادَةٍ لِلْكَلِمَاتِ اَلَّتِي تُصيغُها الْهَامَاتِي فَوْقَ سُطورٍ مِنْ شَعَاعَاتِ الشَّمْسِ السّاطِعَةِ

هِيَ مُذَكِّراتِي مُنْذُ مَا قَبْلَ وِلادَتِي مُرُورًا بِكُلِّ تَفاصيلِ حَيَاتِي وُصُولًا الَّى مَا قَبْلَ رَحيلِي حَقْبَاتٍ مِنْ العُمْرِ العَتيدِ صِرُتْ بِهَا كَبيرَةٌ ناضِجَةٌ تَتوَجَّني الحِكْمَةُ وَيُمِيزِنِي الابِّداعِ
وَمَا أَنَا اَلَا حُروفٌ مِنْ أَبْجَديَّةِ عَائِلَتِي اَلَّتِي مِنْهَا وَرِثَتْ كُلَّ صِفاتِي وَحَسَناتِي وَقَليلٌ مِنْ سَيِّئاتِي
حَياةٌ لَا أَقولُ أَنَّهَا مُشَوِّقَةٌ بَلْ أَكْثَرُ هِيَ مُغامَرَةٌ كَبيرَةٌ وَحِوارٌ طَويلٌ بَيْنِي وَبَيْنَ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَا تَحَوُّلاتِها وَمَا فِيهَا وَمَا عَلَيْهَا
سِيرَتِي النَّفْسيَّةِ وَالأَدَبِيَّةِ والذّاتيَّةُ أَخَّطُهَا بِشَغَفٍ صَبيَّةٍ شَقيَّةٍ وَبَراءَةُ طِفْلَةٍ جَميلَةٍ وَرَصانَةُ كُهولَتِي الرّائِعَةِ وَعَلَى مَشَارِفِ السِّتِّينَ أَعيشُ أَفْضَلَ الأَيّامِ وَرَغْمَ كُلِّ السَّوادِ هُنَاكَ نُورٌ فِي داخِليٍّ يُنِيرُ لِي كُلَّمَا اشْتَدَّتْ عَلَى أَيّامِي اَلْعَتَماتُ
دَعْوَةٌ قَلْبِيَّةٌ لِتَعيشوا مَعِي رِحْلَتِيْ وَلْتَتَنَاقَشْوَا مَواقِفِي وَقَراراتِي وَتُقيموا مَعِي زَخائِرَ أَيّامِي وَزْخِيرْتِي وَأُهْديكُمْ كُلَّ جَواهِري وَكُنوزِي وَمَحَبَّتي
رِوايَتِي هَذِهِ هِيَ كَلِماتِي عَنْ نَفْسِي وَبِواقِعيَّةٍ قَليلَةٍ وَخَيالٍ كَبيرٍ وَخِصْبٍ وَغَزيرٌ يَرْفَدُهُ بَحْرٌ مِنْ الطُّموحِ وَفَضاءً مِنْ الأَحْلامِ وبيادِرُ مِنْ اَلْأَمْنَياتِ
وَلَقَدْ أَسْمِيتُهَا قُوتُ عَساني أَصْلِ الَّى كُلَّ عَقْلٍ وَقَارَىءٍ وَقَلْبٌ وَشاعِرٌ وَأَقْدَمُ لَهُ المادَّةَ الرّوحانيَّةَ ذَاتُ الذّائِقَةِ الرَّفيعَةِ الرّائِعَةِ
وَسَأَخوضُ مَعَ قَلَمِي رِحْلَةٍ عُمْري مِنْ الأَلْفِ الَّى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَيّامٍ بِحُلْوِها وَمُرِّهَا وَبَصْعُوبَتِهَا وَسُهولَتِها وَبِصَخَبِها وَسُكونِها
وَهَا هوَ قَلَمِي يَدْعُو دُوَاتِي كَيْ تَرْفِدَهُ بِمِدادٍ مِنْ العَواطِفِ والاحِّساسِ وَسَتَكُونُ لَهُ مِنْ حَواسِّي السّادِسَةِ وَيَبْقَى هوَ كُلُّ الحَوَاسِّ
قُوتٌ وَمِن اسْمِها صَارَ لَهَا حُضورٌ وَسَتَكُونُ لِي البَطَلَةُ وَوَحَّدَها تَمَثَّلُ لِي مَفاعيلَ جُمْلَتِي وَمَعاني مُفْرَداتِها
وَمِنِّيَ اَليها شَجَرَةَ تُوتٍ اسْتَقيَتْ مِنْ ظِلالِها مَعْرَكَةً وُجودِي وَأَشْبَعُتْ رَغْبَتِي مِنْ ثَمَرِها اللَّذيذِ وَسَأَقِفُ أُشاهِدُها مِنْ أَمْكِنَتِي وَأُتابِعُ قَوْلَها وَكِتاباتِها أَفْعالَها وَمَواقِفَها وَلَنْ أَكونَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يُصْلَحُ أَنْ يَكونَ المَرْءُ الحُكْمَ وَالحَاكِمُ وَالمُدَّعِي والْمُتَّهَمُ
أَنْأِيْ بِنَفْسِي وأَعيَرُ دُوَاتِي وَقَلَمي الَّى رائِعَتِي الجَديدَةِ قُوتٌ
قُوتُ العُقولِ وَقوتُ القُلوبِ وَغِذاءُ الرّوحِ أَقَلَّهُ لِنَفْسِي وَغالِبِهِ لِأَحِبّائِي
قُوتُ وَمَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا بِشَفافيَّةٍ وَصَدَقٍ وَتَقْديمُ الاحِّساسِ عَلَى رَجاحَةِ العَقْلِ وَتَقَلُّباتِ الفُؤادِ
مَسيرَةُ قَلَمٍ وَمُذَكِّراتِ قُوتٍ وَتَحْتَ شَجَرَةِ التُّوتِ كَانَ المَخاضُ وَجَاءَتْ الَّى الدُّنْيَا عَلَيْهَا المَحَبَّةُ وَلَهَا السَّلامُ
أَنْ تَحْيَا بَيْنَ اَلْكُتُبِ وَأَنَّ تَحاوُرَ الأُدَباءِ والْكُتّابِ والشُّعَراءَ وَتَتَعَرَّفَ عَلَى شَخْصيّاتٍ مِنْ عُصورٍ قَديمَةٍ وَحَديثَةٍ وَتَقِفُ عَلَى أَحْلامِهِمْ وَتَتَعَرَّفُ عَلَى طِبَاعِهِمْ وَتَدَخُّلَ الَّى وَجْدَانِيَّاتِهِمْ وَتَعِيشُ مَعَهُمْ قِصَصَهُمْ وَمُغامَراتُهُمْ اَنْهُ لِأَمْرٍ جَميلٍ وَلِحَدَثٍ عَظيمٍ حَيْثُ يَخْتَرِقُ وَحِدَّتُكَ مُبْدِعٌ وَفَنّانٌ وَمُزَخْرَفٌ لِلْوَاقِعِ وَمُلَوَّنٌ لِلصُّوَرِ وَحِكاياتٌ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ وَأَلْفَ كاتِبٍ .
فَلَا صَقيعَ الجُدْرانِ يُهِمُّكَ وَلَا سُكونَ مَكانِكَ يَعْنِيكِ فَضَجيجُ الأَحْداثِ وَأَصْواتَ الأَبْطالِ وَمُناقَشاتِ الحُبِّ والْغَزَلِ والْغَرامِ ساريَةُ الفاعِلِ والْمَفْعولُ والْفِعْلُ الَّى أَنْ تُغْلَقَ دَفَّتَيْ الكِتابَ .
مَعَ طَهَ حُسَيْنٍ وَأَيامِهِ وَمُصْطَفَى لُطْفي الْمُنْفِلُوطِي وَفَضيلَتِهِ وَجُرْجي زَيْدانَ وَبَطَلاتِهِ التَّارِيخْيَاتِ وَجُبْرانَ وَمَعْشُوقَاتِهِ وَنِزارٌ وَمُغامَراتِهِ وَدَرْويشٌ وَوَطَنِيَّاتِهِ وَشَوْقِي وَقَصائِدَهُ وَحَتَّى مَعَ جَميلِ بُثَيْنَةٍ وَعُمَرَ ابْنِ أَبِي رَبيعَةَ وَاَلْعُذْري وَالِابَاحِيِّ وُصُولًا " الَّى اَلْبُؤَساءِ وَفِيكْتُورْ هُوغُو وَأَغاثَا كِريسْتي وَبُولِيسِيَّاتُهَا وَالشَّيَاطِينُ ال 13 وَأَلْغازِهِمْ وَمَعَ اَلْرِ قُمْ الصِّفْرَ والزَّعيمَ اَلْمُتَخَفّيَ وَعِشْقَ أَحْمَدَ المِصْريِّ لِلْهَامِّ اللُّبْنانيَّةِ وَأَبُو مَاضِي وَنَعيمَةَ وَاَلْيازِجي وَسَعيدُ عَقْلٍ وَحافَظَ ابْراهيمْ وَغَيْرُهُمْ كَثيرٌ .
مَعَهُمْ أَبْجَديَّتِي تَتَأَلَّقُ قِراءَةً وَتَتَبَلْوَرُ كِتابَةً فَمَن يُنَادُونَهَا بِ يَاقُوتَ كَرِهَتْ حَرْفُ النِّداءِ وَبَقِيَ لَهَا المُنَادَى " قُوتٌ " .
وَقَادَتْ جَحافِلُ الكَلِماتِ عَلَى صَهْوَةِ الْجِيَادِ العَرَبيَّةِ الأَصيلَةِ وَيَسارَها تَمَسُّكَ بِمِقْوَدٍ وَيَمينِها تَحْمِلُ القَلَمَ وَلِسانَها يَنْطِقُ بِالْهَوَى
وَبِمَا أَنَّ الأَطْلالَ بَاتَتْ ماضيَةً وَاَلْمُباشِرُ مُضارِعٌ والْحُبُّ أَمْرٌ أَصْبَحَتْ الكِتابَةَ عَنْ الحُبِّ ضَرورَةً لازِمَةً وَأَبْجَديَّةِ الحَرْفَيْنِ ساريَةً عَلَى أَنَّ لِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرِينَ مِنْ الحُروفِ الذَّهَبيَّةِ اللَّامِعَةِ الصَّفْراءِ البَرَّاقَةِ وَالَّتِي تَعْكِسُ رُوحَ الحَياةِ وَفِي كُلِّ زَمَنٍ وَمَكانٍ وَبِحُضُورِ نُخْبَةِ الأَقْوامِ .
والْحُبُّ تَارَةً يَكونُ لِلَّتي لَا تَرَى نُورَ الشَّمْسِ البَيْضاءِ وَمَعَ عَنْتَرَةَ كَانَ حُبُّ عَبْلَةٍ كَقَطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ الأَسْوَدِ وَالَى أَنَّ تَطَوُّرَ ت العَلاقاتِ الَّى حُبٍّ عَبْرَ اَلرِّسالاتِ وَبِتَواصُلِ رُوحِ الكَلِماتِ مَعَ جُبْرانَ وَمَيٍّ مَثَلًا "
وَغَسَّانُ كَنَفَانِي وَغادَةُ السَّمّانِ عَلَى سَبيلِ الِانْتِشارِ واذَا مَا فَتَّشْنا عَنْ الحَبيبَةِ فِي قَصيدَةٍ نَرَاهَا اَمّا خَيالٌ أَوْ واقِعٌ مَأْزومٍ أَوْ شَذَى عُطورٍ أَوْ امْرَأَةٌ غَلَبَتْ عَلَيْهَا عَزَّةُ نَفْسِها فَأُحْرِقَتْ كُلَّ الرَّسائِلِ وَرَحَلَتْ .
وَغَريبَةُ الحِكاياتِ وَالَّتِي مُعْظَمُها كَانَ فِي مَهَبِّ الفِراقِ وَبِلَا لِقاءٍ وَلَمْ يُكْتَبْ لَهَا نِهايَةُ الحِكاياتِ تَزَوَّجُوا وَخَلْفوا صِبْيانَ وَبَناٍتْ بَلْ تَرَكُوا بَعْضَ وَتَرَكُوا ارْثَ وَفيرَ مِنْ كَمْ مِنْ العَواطِفِ والْأَحاسيسِ الثَّمينَةِ . وَمَعَ كُلِّ يَقَظَةٍ لِي مَعَ الحُروفِ جَلَساتٌ مِنْهَا لِأَفْضَي بِسِرِّي وَمِنْهَا لِأُفْشي سَريرَتِي وَأَفِيضَ عِشْقًا " لِرَسْمِها وَأَغْلَبِ التَّدْوينِ عَلَى اَلْشَفاهَةِ وَأُحَرِّرُ قَلَمِي مِنْ كُلِّ القُيودِ وَأُحَطِّمَ الأَغْلالَ وَأَفْسَحَ لَهُ المَجالَ لِلِانْطِلَاقِ فَأَمْلَأَ السُّطورَ بِمُرادِفاتٍ وَلَهَا مِنْ المَعاني بِحَسَبِ كُلِّ قَارَىءٍ وَنَاقِدٍ وَكُلِّ مِنْ يَمُرُّ بِهَا كَأَنَّهَا مَرَايَا الذّاتِ .
وَلَا أَمْلِكُ مِنْهَا اَلَا ذَيْلَ الكِتابِ اسْمي الكَريمَ وَرَأْسُ الغِلافِ العُنْوانُ
لَا تَدَرِءُ عَنِّي المَصائِبُ فَجُلُها لَا يَأْخُذُ مِنِّي بِضْعَةَ دَمْعَاتٍ وَلَحَظاتٍ مِنْ الحُزْنِ
والْوُقوفُ مُجَدَّدًا " يَجْعَلُني أَهْزَأُ بِمَفاعيلِ الأَحْداثِ وَلُؤْمِ الأَيّامِ وَازُورَارِ الحَياةِ
كَبُرُتْ وَكَبَّرُ ت مَعِي مَفاهيمَ كَبْرْيَائِي وَعَظُمُتْ فِي نَفْسِي مُقاوَمَةِ الهَوانِ وَبَلَغَتْ مَقْصورَةً لَا تَطَأُها الأَقْدامُ لِذَا اسْتَبْدَلُتْ أَطْرَافِي بِجَناحي اِمَّ القَشْعَمِ وَصِرْتَ أَسْكَنُها بَيْنَ الفَيْنَةِ وَالأُخْرَى وَلَيْسَ هَرَبًا " مِنْ ثِقَلِ الأَتْعابِ وَانَّما لِاسْتِرْدَادِ كَرامَةِ قَلَمِي وَعَزِّ كَلِماتِي . وَبَيْني وَبَيْنَ الدُّنْيَا نُفورٌ مِنْ كُلِّ الأُمورِ والْأَشْياءِ وَالتَّجَاذُبِ نَحْوَ القَلَمِ وَاَلْقِرْطاسِ .
مِنْ قُوتِ لَطيفَةِ خالِدٍ
يَلْزَمُنِي فُصولٌ وَأَكْثَرَ مِنْ عَامِ كَيْ أُتَرْجِمَ لُغَةَ عَيْنْيكَ وَأَفَكَ رُموزَ صَمْتِكَ وأَسْتوْعِبَ عُمْقَ سُكونِكَ
وَأَقْدَرُ قيمَةُ رِسالاتِكَ
فَاَلْقَلْبُ مَشْطورٌ والْفِكْرُ مُشَتَّتٌ
وَلِسانُ الْحَالِ خاضِعٌ لِرَوْعَةِ حُضورِكَ حَتَّى فِي غيابِكَ وَتَحْتَ تَأْثيرِ وَهَجِكَ وَنورِ وَجْهِكَ فِي أَعْمَاقِي وَمَن حَوْلي .
رَفَعُتْ سُطورِي كَلِماتِها تائِبَةُ وَتَوَقَّفَ القَلَمِ لَحْظَةَ الجَفاءِ وَكَانَتْ لِاسْتِرْجَاعِ العَزْمِ وَلِرَفْدِ غَزيرِ المَشاعِرِ وَعَظيمِ الأَحاسيسِ مِنْ قَلْبِ نابِضٍ وَحُلْمٍ سَاجِدٍ وَنَفْسٍ تَتُوقُ لِعِناقِكَ وَتَحْيًّا لِأَجَلِكَ .
كَفِيتْنِي وَأَنْتَ بَعيدٌ وَلَوْنَتْ حُروفِي بِأَلْوانِكَ المُشْرِقَةِ اَلْبَهيَّةِ .
وَأَتَحَفَّتْنِي بِالْكَثِيرِ مِنْ بَناتِ الأَفْكارِ اَلْكاسيَةِ العاريَّةِ تَارَةً وَاَلْمُحَجَّبَةُ تاراٌتْ أُخْرَى .
وَأَهْدِيتْنِي كُؤوسِ النَّصْرِ بِحُبُّكِ وَقَلائِدِ الفَوْزِ
بِقِرْطاسِكَ وَأَوْسِمَةِ الحُبِّ فِي مَواسِمِ الجَفافِ .
لَكَ مِنِّي قَصائِدَ مَجْنونَةً وَنَثَرُ رَشيدٍ . . . .
وَلَا تَسَلْ عَنْ مَشيبِ اَلْالهامِ وَلَا عَنْ انْحِناءِ الابِّداعِ لَنْ يَمَسَّ قَلَمِي عَجْزَ وَلَنْ يَخْضَعَ لِمُرُورِ الزَّمَنِ سَيُجَدِّدُ قوَّتَهُ وَيَسْتَعيدَ شَبابَهُ وَيَكُونُ حَسَنُ التَّعْبيرِ مَعَكَ وَلَكَ وَكَفَى بِكَ رَفِيقًا صَدوقًا حَبِيبًا حَنونًا جَمِيلًا .
هَلْ أَرْوَعَ مِنْ كِتابٍ مِنْ رَحِمِ الحَياةِ عُنْوانُهُ فَصاحَةُ عَيْنْيكَ وَبَلاغَةٌ قَلَمِي وَكَلِماتُهُ وُرودُ عَطِرَةٌ وَأَزْهارٌ نَديَّةٌ بِأَبْجَديَّةِ قُدْموسٍ وَعَشْتَرُوتْ وَبِلَوْنِ أَرْجُوانِ الْمُورْكَسْ .
كَمْ كُنَّا أَغْنياءُ يَا أُمِّي
كَانَ عِنْدَنَا الخَيْرُ الكَثيرُ وَكُنَّا لِلسُّمُوِّ أَهْلٌ وَلِلْعَزِّ أَصْحابٌ لَمْ يَكُنْ يَشْغَلُنا طَعامٌ وَلَا تَأْمينَهُ وَلَمْ يَكُنْ يُقْلِقُنا مَعايِشَ وَلَا أَسْبابُهُ كُنَّا نَهيمَ فَوْقَ الأَرْضِ وَنَدْبٌ بِنَشاطِ المُدْرِكِينَ بِأَنَّهُ مَا لَدَيْنَا يَكْفِينَا وَيَفيضُ لِنُقَدِّمَهُ لِلزُّوَّارِ وَلِلْجِيرَانِ وَلِكُلٍّ مِنْ حَوْلِنا مِنْ البَشَرِ وَحَتَّى الحَيَوانِ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ والطَّيْرُ فِي أَعَالِي السَّماءِ كَانَ يَحُطُّ فَوْقَ شُرُفاتِنا وَأَسْطُحِ بُيوتِنا لِيَنْقُرَ مِنْ الحُبِّ وَمِن مَا يَحْضُرُ لِلْمُؤْنَةِ .
نَعَمْ وَبِاَلْتَوْكيدِ وَبِكُلِّ ايْجَابِيَةٍ كُنَّا أَغْنياءُ المادَّةِ وَأَثْرياءُ النَّفْسِ .
اليَوْمَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا اليَوْمَ رَغْمَ كُلِّ شَىءِ الخَيْرِ مَوْجودٌ والنِّعَمُ تُحيطُنا وَلَكِنْ وَلَيْسَ كَمَا كَانَتْ وَبِغَيْرِ عَادَاتِنَا وَأَنْماطِنا
المَرْءُ يَبْقَى رَهينٌ لِما مَعَهُ واذًا مَا تَغَيَّرَ شَعْرَةٌ يَعْتَبِرُ أَنَّهُ فِي كارِثَةٍ واذَا مَا اسْتَفَاقَ عَلَى حادِثَةٍ يَكونُ فِي فُجاءَةٍ واذَا مَا غَابَتْ عَنْهُ نِعْمَةٌ يَنْسَى كُلَّ مَا لَدَيْهُ وَيُنْدَبُ حَظَّهُ وَفَقَدَهُ لِتِلْكَ النِّعْمَةِ وَهَذَا حَالُنَا اليَوْمَ وَبِحَسَبِ مِقْياسِ أَمْثالِ هَؤُلَاءِ بِتْنَا جَميعُنا فُقَراءُ الْحَالِ قَلِيلِي الحيلَةِ .
لَا أَنْكَرَ تِلْكَ القَفْزَةَ بَيْنَ مَا كُنَّا عَلَيْهُ وَبَيْنَ مَا أَصْبَحْنَا فِيه وَلَكِنْ وَسَعَوْا مِنْ حَواسِّكُمْ وانْظُروا مِنْ حَوْلِكُمْ الشَّمْسِ لَا زَالَتْ تُشْرِقُ فَوْقَ رُؤوسِكُمْ والْمَطَرِ لَا زَالَ يَتَسَاقَطُ فَوْقَ تُرابِكُمْ وَلَا زَالَتْ الأَجْسَادُ تَتَحَرَّكُ وَلَا زَالَتْ الأَفْواهُ تَنْطِقُ وَلَا زَالَتْ اَلْبُطونَ تَأْكُلُ .
قَليلٌ كَثيرٌ لَا فَرْقَ وَعَسَى فِي مَا نَمُرُّ فِيه أَنْ يَكونَ جُوجْلَةً وَتَنْقيَةً وَتَنْزيهٌ وَلِنَتَّفِقْ عَلَى أَنَّنَا تَخَطَّينَا حُدودَ المَعْقولِ وَأَسْرَفْنا عَلَى مَدَى العُصُورِ وَغَرِقِنَا فِي المَفاسِدِ والْفِتَنِ وعُثِنا الخَرابِ فِي الشَّجَرِ والْحَجَرِ قَدْ بَطَرَنا بِحَسَبِ مَا كُنْتَ أَسْمَعُكَ يَا حَبِيبَتِي تَحْكِي بِأَنَّهُ سَيَأْتِي يَوْمٌ عَلَى أَقْوامٍ أَنْ يَعِيشُوا أَباطِرَةً وَسَحَرَةً وَفَجَرَةً وَيَكُونُونَ مِنْ اَلَّذِينَ بَطَروا بِنِعَمِ اللَّهِ وَأَكْثَرُوا مِنْ اَلِاسْتِهْزاءِ والتَّصْغيرِ لِكُلِّ مَا هوَ جَيِّدٌ وَنافِعٌ وَمُفيدٌ سَيَأْتيهم غَضَبٌ يَرْجِعُهُمْ الَّى الصَّوابِ .
وَلِذَلِكَ أَقولُ وَتَحْدِيدًا " مِنْ واقِعِ مَجْنونٍ وَزَمانٍ مَقْلوبٍ أَنَّنَا كُنَّا أَغْنياءَ يَا أُمِّي وَلَيْسَ صَحِيحًا " أَنَّنَا كُنَّا فُقَراءَ
كُنَّا نَتَناوَلُ مَا لَذَّ وَطَابَ وَمِن الخَيْرَاتِ وَنُقْنِعُ بِمَا يَشْتَرَى لَنَا مِنْ أَثْوابٍ وَنَعْلَمُ قيمَةَ الأَشْياءِ وَنَهْتَمُّ بِكُلِّ شارِدَةٍ وَوارِدَةٍ مِنْ أُمورِ اَلْحَياةِ
وَلَالِاطْمِئْنَانِ مَا يَعِيشُهُ الغالِبيَّةُ لَمْ يُؤْذْ مِنَّا طَرْفَ عَيْنٌ وَلَا وَقَعَ صَوْتٌ وَلَا قِلَّةُ مَالٍ وَلَا تَغْييرٌ فِي الْحَالِ .
هَلْ تَعْلَمينَ كَمْ مِنْ الرِّزْقِ كُنْتَ توَزَّعينَ وَلَا تَسْأَلِينَ عَنْ قُدْرَةٍ مِنْ تُقَدِّمينَ لَهُ مِنْ اَلْأَطايِبِ مِنْ الزُّهُورَاتِ وَاَلْمُرَبَّياتِ وَالشِّنْكِلِيشِ وَاَلْكُشْكِ وَالْقَاوَرَمَةِ وَاَلْلَبِنَةِ والْبَيْضِ البَلَديِّ والْقَمْحِ والصَعْتَرِ . . . الِيُومَ يَقُولُونَ عَنْ النّاسِ مِنْ ذِي الأَرْزاقِ القَلِيلَةِ أَنَّهُمْ مُعْوَزّينَ واذَا مَا قَدِموا لَهُمْ يَرْمُونَ لَهُمْ اَلْفَتافيتَ هَلْ تُدْرِكِينَ مَعِي كَم كُنَّا أَغْنياءً .
وَيُجْزِئونَ النِّعَمَ وَيُسْرِفونَ فِي احِّراقِها وَيَمْنَعونَ الْمَاعُونَ وَيُرَدِّدُونَ لَمْ كُلِّ هَذَا الاجِّحافِ فِي مُعامَلَةِ المَصارِفِ والْبُنوكِ وَلَوْ بَسَطْنَا الأُمورَ لَوَجَدْنَا الحُلولَ تَحْتَ يَمينٍ كُلَّ مِنْ اِعْتادَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَلْبِهِ وَالِاسْتِعَانِهِ بِمَا يُمْلِيه عَلَيْهُ فِي مُعامَلَةِ النّاسِ وَنَفْسِهِ .
فِي تِلْكَ العَضَلَةِ اَلَّتِي لَا تَكَادُ تَكونُ بِحَجْمِ قَبْضَةِ اليَمينِ اَلَّتِي تَتَلَمَّسُها تَكْمُنُ الحُلولُ .
فَلَا تَلَقّوْا بِالِاتِّهَامَاتِ وَلَا تَعْتادوا المَلامَةَ وَلَا تَتْرُكُوا آنْفِسْكِمَ لِمَساراتِ الأَنَا اسْأَلوا نَواياكُمْ وَصَدُقُوهَا بِالْأَفْعَالِ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ اَلْباطِنهَ والظّاهِرَةَ وَوَسَّعَ لَكُمْ وَفَرَّجٌ عَنْكُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ الفَرْجِ بَعْدَ الضَّيِّقِ اَلَّذِي أَنْتُمْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّكُمْ فِيه وَلَا أُخْفيكُمْ فُقَراءُ الْمَاضِي أَغْنياءٌ أَكْثَرَ مِنْ الرَّأْسُماليّينَ وَاَلْاشْتِراكيّينَ والْبَنْكِ الدَّوْليِّ وَالمَصَارِفِ المَحَلّيَّةِ فَهْمْ اقْتَنَعُوا بِمَا رُزِقُوا وَرَضُوا بِمَا قُدِّرَ لَهُمْ وَلَوْنوا عَواطِفَهُمْ بِاَلْايمانِ والشُّكْرِ وَالَّذِي بِهِ تَدُومُ النِّعَمَ .
وَلَيْسَ كُلُّ مِنْ وَرَّثَ مَالًا " غَنيٌّ وَلَيْسَ كُلَّ مِنْ تَوَكُّلُ عَلَى الرَّزَّاقِ وَقوَّتُهُ كَفافُ يَوْمِهِ كَانَ فَقِيرًا "
وَكِلْتَا الحَالَتَيْنِ لَا تُرْفَعُ اُنْسانَ وَلَا شَعْبٌ وَلَا تَهْوِي باُنْسانٍ وَلَا شَعْبٍ وَلَكِنْ تَخَطِّي حُدودِ اللَّهِ يُنْهي أُمَمَ فاحْذَروا وَتَرَاجَعُوا وَارْفَعُوا رَايَاتِ الشُّكْرِ وَاعْمَلُوا وَبِحَسَبِ نَواياكُمْ تُرْزَقُونَ
وَيَقُولُ أَنَّ حَبيبَتَهُ هِيَ اَلْأَبْجَديَّةُ وَهِيَ الأُولَى والْأَخيرَةُ وَأَيَّةٌ أُخْرَى لَا تَعْشَقُها مَعَهُ سَوْفَ يَكونُ لَهُ مَعَهَا مَحْكَمَةٌ
هوَ مُجَرَّدُ تَواصُلِ حِوارٍ افْشَاءَ سَريرَةٍ وَبِاعْتِقَادِي لَمْ يَكُنْ حُبًّا " فَمَا تِلْكَ الرَّسائِلُ اَلَا حَديثَ الرّوحِ وَتَصْريحَ شاعِرِ تَمَرُّدٍ عَلَى نِظامِ القَصيدَةِ الفَراهيديَّةِ فابْتُدِعَ الشِّعْرُ الحُرُّ والْقَصيدَةَ المُنْحَلَّةَ والشِّعْرَ النَّثْريُّ وَحِفَاظًا " عَلَى صيغَةِ الشِّعْرِ اعْتَمَدَ الْقَافِيَةُوتْرْكُ وَرَاءَهُ البُحورَ وَاَلْأَوْزانَ والصَّدْرَ والْعَجْزَ فَكَانَ رَائِدًا " لِلشِّعْرِ الحَديثِ
وَعَنْ الحُبِّ كُتُبَ وَأَسْهَبَ وَحَتَّى صَارَ مَدْرَسَةُ الشِّعْرِ الحُرِّ .
أُنْسي الحاجِّ أَلْفَ نَجاحِهِ وَساءَتْهُ الأَغْلالُ وَيَقْفِزُ الَّى العَصْرِ الحَديثِ بِقَصائِدَ جَديدَةٍ وَلَانِسْتَطْعَ اَلَا أَنْ نَقولَ أَنَّهَا شِعْرٌ . وَمِن شَعْرِهِ يُعْرَفُ كَشَاعِرٍ وَأَديبٍ وَمِن مَأْثوراتِهِ أَجْمَلُ الأَصْواتِ البَشَريَّةِ أَقْرَبُها الَّى المُوسِيقَى وَأَبْعَدُها عَنْ الكَلامِ
وَمِمَّا تَقَدَّمَ يَبينُ أَنَّهُ مِنْ مُحِبِّي الأَلْحانِ وَالِايْمَاءَاتِ وَالِاشَارَاتِ وَمَعَ حَجْمِ اللِّسانِ وَاطِّلاقِ المَشاعِرِ .
لِتَسْمَحَ لَنَا صاحِبَةُ رَسائِلِ أُنْسي الحَجِّ الرِّوائيَّةِ غادَةَ السَّمّانِ لَا وَلَمْ تَكُنْ يَوْمًا " أَبْجَديَّةُ أُنْسي الحَجِّ وَمَعَ أَنَّهَا كَانَتْ بِسَعْيِها الَّى عَلاقَةَ حُبٍّ وَتَكامُلٍ مَعَ رَجُلٍ وَمِن مُسْتَوَى مَرْمُوقٍ وَعَلَى قَدْرٍ مِنْ الابِّداعِ وَاَلْنُبوغِ . وَيُكْمِلُ طُموحٌ أُنْثَى مَغْمورَةً ومَغْرورَةُ فَصِفَةُ الغُرورِ ضَرورَةٌ عِنْدَ المَشَاهِيرِ وَاَلْأَنا تُطيحُ بِتَواضُعِ المُحِبّينَ وَرَغْمَ مُرورِ القَدْرِ وَأَسْرارِ القَلْبِ نَوَايَا الأَديبَةِ احْيَاءَ عَلاقَةٍ مِنْ غابِرِ الخَيالِ وَمِن زَمَنٍ كَانَ فِيه الحُبُّ مُجَرَّدُ اعِّجابٍ .
اِبْقَ مَعَ رَسائِلِ غَسّانَ كَنَفَانِي وَدَعَ أُنْسي الحَجِّ لِسُموِّ قَصيدَتِهِ وَعُلوِّ احِّساسِهِ .
فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ وَفِي احْدَى زَوَايَا نَفْسِي أَجَدَني وَسَطَ دُمُوعِي وَأَحْزانِي وَكُلُّ مِنْ دَفَعَني الَّى الهُبوطُ الَّى مُسْتَوَى مُتَدَنّي مِنْ رَاحَتِي وَبَلَغَتْ بِهِ كُلُّ التَّعَبِ وَكَأَنَّنِي فِي جَحيمٍ مُسْتَعِرٍ مِنْ خَليطٍ مِنْ حَطَبِ الاحِّباطِ والْيَأْسِ وَفِقْدانِ الرَّغْبَةِ فِي الحَياةِ وَاَلْجُنوحِ فِي اتِّجاهِ الفَناءِ
الكَذِبُ لِسانُ الغالِبيَّةِ والْخِداعِ صِفَةَ كُلِّ مُحْتالِ دَّجّالٌ مُمَثِّلٍ عَلَى النّاسِ وَمُدَّعِي الحُبِّ والْوِدِّ وَاَلْوِصالِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الكُرْهِ وَأَعْظَمُ مِنْ الحَسَدِ وَلَوْ قُلُتْ قَلْ أَعُوذُ بِرَبَّ النّاسِ وَاَلْفَلَقِ وَاَلْصَمَدِ لِما عافِني وَلَمّا خَجَلَ مِنْ ايْمَانِيْ وَقوَّةِ الْهَامِيِّ
دَعْ عَنْكَ لُؤْمَكَ وَخُذْ هَا مِنِّي فَمِثْلُكَ حَرامٌ عَلَيْهُ الْحُورُ وَلَا يَلِيقُ بِهِ الحِوارُ
مِنْ المُفْسِدِينَ اَلْمُضِلّينَ اَلَّذِينَ يَعْبَثونَ بِكُلِّ هُدُوئِي وَيُبَدِّلُونَ سَّكوني بِاَلْكِسْرَةِ وَيَحولونَ ضَمَّتِي الَّى فُتْحَةً وَعَلَى كُلِّ عاصِفَةٍ وَرِيحٍ تُكْسَرُ جُمْلَتِي وَتَحَطُّمٍ نَصّيٍّ وَتَضَعُ الشِّدَّةَ فِي عَيْنِ مَدَّدٍ والسُّكونِ فِي لامِهِ والْفَتْحِ فِي أَضْعَفَ حَرْفٌ فِيه .
حائِطٌ مَسْدودٌ بِلَا فَتَحاتٍ وَلَا نَوافِذُ كَأَنَّهُ قَلْعَةُ الأَميرَةِ المَسْحورَةِ المَسْلوبَةُ لِقَلَمِها وَالَّتِي سَرْقُو ا مِنْهَا عِفَّةُ حُرُوفِهَا وَكَسَرُوا دَّواتَها وَجَعَلُوا مِنْ مُرادِفاتِها جِدايِلَ مُلْقاةً مِنْ أَعْلَى السّورِ عَلَّهُ يَصْعَدُ اَليها عَبْرَهُ اَلْالهامَ العَظيمُ .
تَتَأَرْجَحُ بَيْنَ البَأْسِ والْيَأْسِ وَبِعَيْنَيْنِ شارَتِين وَفِكْرِ راحِلٌ فِي الفَضَاءِ واحِّساسَ عَذْراءَ بُكَماءَ لَا تَطالُ فَرَحًا " وَلَا تَنَلْ اعِّجابَ وَاَلْلَطَمَ والضَّرْبُ والِاسْتِهْزاءَ وَمِن أَحْقَرَ مِنْ مَكَّنَتْهُ عَلَى حِزامِ اَلْأَمانِ وَأُودِعتْهُ حَقيبَةُ الخَيالِ وَباعَتْهُ واقِعُ الْحَالِ .
مَعَ اليَقينِ بِأَنَّ الدُّنْيَا لَا وَلَنْ تَكونَ مَلِكٌ يَسارِيٍّ وَلَا يَمينيٌّ
وَهِيَ عَدوَّتِي وَلَوْ ابْتَسَمَتْ لِي أَحايينَ وَلَكِنَّها مَجْموعَةُ أَضاليلَ وَكُلُّ مَا فِيهَا أَوْراقٌ ذابِلَةٌ تَتَطايَرُ فَوْقَ مَزابِلِ الشَّوْقِ والْحَنينِ فِيمَا يُسَمُّونَهُ ذِكْرَى أَوْ تُصَوِّرَ أَوْ افْتِراضَ لَقَدْ حَارَبَتْنِي بِسَيْفِي وَسَلْبُتْ مِنِّي فَرَسِي وَدَعَتْني الَّى سَجْنَها البَغيضَ فَكَانَ مَكانِي فِيهَا مُجَرَّدُ قَبْرِ وَزَمَنيٍّ عُقودٍ وَحِكايَتْي القَلَمِ المَسْحورِ
كَتَبْتُها وَكُلي شُجونٍ وَأُقْفِلُتْ الَّى الأَبَدِ بَوّاباتِ السُّرورِ وَعَزَمُتْ عَلَى اَلْنَّحيبِ لَوْلَا تَدَخُّلُ مِنْ قَلَمِي الحَبيبِ
وَعَاهِدَنِي عَلَى حَياةِ كُلِّها حُروفٌ تَتَراقَصُ فَوْقَ السُّطورِ الَّى حِينَ نُقْطَةَ النِّهَايَةِ
فَحَصَلُتْ بِعَهْدِهِ عَلَى قَليلٍ مِنْ الوَفاءِ لِقَلْبِي والْجَزاءِ لِعَقْلي وَأَقْنَعْتَ بَناتُ أَفْكَارِي بِأَنْ لَا يَرْضينَ بِالْقَلِيلِ وَيَسْعَيْن دَوْمًا " الَّى الكَثيرُ . وَارْتَبَطَ الحُبُّ مَعَ كِتاباتِ الأُدَباءِ فِي كافَّةِ الأَزْمِنَةِ وَعَلَى مَدارِ العُصُورِ
وَفِي كُلِّ كِتاباتِ الأَديبِ الأَريبِ جُبْرانُ خَليلِ جُبْرانَ وَلَوْحاتِهِ تُخْبِرُ عَنْ احِّساسٍ عَالٍ وَعَواطِفَ صادِقَةٍ والْمَرْأَةُ هِيَ المِحْوَرُ وَهِيَ اَلْغُموضُ اَلَّذِي بَقِيَ طِيلَةَ أَعْمالِهِ يِسْبَرُ أَغْوارَهُ .
فَنْسْتَقِيٌّ مِنْ أَعْمالِهِ وَلَوْ فِي زَمَنٍ مَضَى وَبَاتَ تَارِيخًا " وَلَكِنَّ الأَثَرَ بَاقٍ وَبَليغٌ وَيَسْطَعُ فِي زَمَنيْ الحاضِرِ وَبِاعْتِقَادِي سَيَبْقَى الَى النِّهَايَةِ .
فَكُلُّ مِنْ رَفْدِ دَّواتِهِ مِنْ بُحورِ الشَّوْقِ والْحَنينِ وَخَطِّ سُطورِهِ بِكَلِماتِ الحُبِّ لَنْ تَخْضَعَ لِمُرُورِ الزَّمَنِ وَلَنْ تَعْجِزَ وَلَنْ تُبْلَى بِالْعَكْسِ هِيَ الفَتيَّةُ النِّدّيَّةُ وَالَّتِي كُلَّمَا قَرَأُناها كُلَّمَا كَانَتْ بِالنِّسْبَةِ لَنَا مَرَايَا مَصْقولَةً تَعْكِسُ وِجْدانَنا وَتُتَرْجِمُ مَشاعِرَنا .
وَلَوْ أَنَّ كَلِماتِهِ كُلَّمَا تَفَتَّحَتْ كَبَراعِمِ الوُرودِ كُلَّمَا نُشِرَتْ جَمالُها وَنَثْرَتْ عِطْرَها وَثَبَتَتْ سِحْرَها وَزَادَتْ مِنْ أَلْقِها وَرَوْنَقِها وَلَكِنَّهُ يَبْقَى الشّاعِرُ المَهْجَريُّ والْأَديبُ العاشِقُ لِلْوَطَنِ لِلْأُمِّ وَلِلْمَرْأَةِ وَلِلْحُرِّيَّةِ وَفِي كِتابِهِ النَّبيِّ اتَّخَذَ قَرارَ العَوْدَةِ تَارِكًا " وَرَاءَهُ وَطَنَهُ الجَديدَ وَشَعْبَهُ اَلَّذِي آمَنَ بِأَقْوالِهِ وَصَدَقَ أَفْعالِهِ وَرَفَعَهُ الَّى مَرْتَبَةَ المُبَشِّرِينَ وَاَلْقَديسينَ فَمَا حِوَارُهُ مَعَهُمْ اَلَا تَرْسيخَ لِمَبادِئِهِ الاِنْسانيَّةِ وَلِنَشْرِ تَعاليمِهِ الحَياتيَّةِ .
اذَا المَحَبَّةُ أَوَّمَتْ اَليكم فَصْدَقُوهَا عِبارَةٌ كَتَبَها وَاخْتَصَرَ فِيهَا كُلُّ مَعاني الحَياةِ . . .
عِنْدَمَا يُحِبُّ جُبْرانُ عَرَبيَّةً قُدْسيَّةً يَكونُ فِي حُنَيْنِ الَّى وَطَنٍ وَعِنْدَمَا يَتَغَزَّلُ بِالْفَرَنْسِيَّةِ الجَميلَةِ مَارِي يَكونُ شَابًّا " يَسْعَى الَّى جَمَعِ الشَّرْقِ بِالْغَرْبِ وَيَسْمُو بِمَشَاعِرِهِ وَأَحاسيسِهِ وَفِي كُلِّ حَالَاتِهِ فِي العِشْقِ وَالهَوَى كَانَ يَبْحَثُ عَنْ المَرْأَةِ وَيُحِبُّها وَفِي كُلِّ مَواضِعِها أَمَّا " أُخْتًا " وَعَشيقَةٌ وَمَحْبوبَةٌ وَصاحِبَةٌ وَصَديقَةٌ حَتَّى بَلَغَ الحُبُّ ذُرْوَتَهُ عِنْدَمَا قَالَ الَى اَلَّتِي تَنْظُرُ الَّى الشَّمْسِ بِأَجْفانٍ جامِدَةٍ وَتَقَبَّضُ عَلَى النّارِ بِأَصَابِعَ غَيْرِ مُرْتَجِفَةٍ .
وَيُكْمِلُ مَسارَهُ العاطِفيَّ وَيَكْتُبُ رَسائِلَهُ لِلْعَرَبِيَّةِ المُحافَظَةِ الأَديبَةِ وَالَّتِي وُلِدَتْ فِي فِلَسْطينَ وَتَرَبَّتْ فِي لُبْنَانَ وَانْتَقَلَتْ الَّى مِصْرَ وَمِن هُنَاكَ الَّى أَمِيرِكَا رَاسَلتْهُ وَبِنْتٌ مَعَهُ جُسورُ العِشْقِ وَتَوَاصَلَتْ مَعَهُ عَبْرَ جِدايِلِ شَعَاعَاتِ الشَّمْسِ .
فَحاكَتْ أَبْجَديَّتُها مِنْ نَبْضِ قَلْبِها وَكَانَتْ عَلاقَتُها مَعَ جُبْرانَ وَطيدَةٍ . اَلَا أَنَّ حُبَّ اَلْعَظْماءِ يَبْقَى عَبْرَ أَثِيرِيَاتِ الهَوَاءِ يَتَطايَرُ مِثْلَ أَوْراقِ الوَرْدِ المُلَوَّنَةِ وَيَنْشُرُ عِطْرُهُ الْفُوَاحَ فِي كُلِّ الأَرْجاءِ .
وَعَلَى مَنْهَجِ النّابِغَةِ اَلْجُبْرانِّي سَارَتْ أَبْجَديَّتي تَسْتَقي مِنْ وَرَدِّ رَسائِلِ الحُبِّ بَيْنَ جُبْرانَ وَمَيِّ مَشاعِرَ جَيّاشَةٍ وَأَفْكارِ وِلادَةٍ
بِصَريحِ العِبارَةِ أَتْخِيَّلِكَ حَبِيبًا " عَلَى نَمَطِ جُبْرانَ تَعْشَقُ بِالْكَلِمَاتِ وَتَهْوَى المَرْأَةُ الأَديبَةُ الأَريِبَةُ وَلَا تَمُدَّنَ عَيْنْيكَ الَّى زَمَنيٌّ فَأَنَا أَرْتَجِلُ الحُبِّ فِي نَثْري وَفِي شَعْري وَ أَنْصِبُكَ بَطَلًا " لِقَصَصي وَرَجُلًا "
لَقْصِيدَتِي وَلَا أَفاضِلُ بَيْنَ كاتِبَةٍ فِي عَصْري الحَديثِ وَبَيْنَ أَديبَةٍ مِنْ طِرازِ المَماليكِ وَبِنَكْهَةِ العُثْمَانِيِّينَ المَعْشوقَةِ اليَوْمَ فَوْقَ الشُّبُهاتِ وَمُتَحَرِّرَةٌ مُتَمَرِّدَةٍ وَتَبْقَى يَا جُبْرانِي مِثاليٌّ وَرَفيقٌ خَياليٌّ وَعَلَيْهُ أَكْتُبُكَ حُبِّي الأَوَّلُ وَأَرْسِمِكَ حَبِيبًا " طَبْعَ وِجْداني بِثَوْرَةٍ شامِلَةٍ عَلَى الظُّلْمِ والطُّغْيانِ عَلَى الكَراهيَةِ والْأُمّيَّةِ والْحَرْبِ وَالفَوْضَى وَكُلِّ مُسَاوَىءِ الكَوْنِ وَأُعَوِّلُ عَلَى مُبَادَىءٍ مِنْ كَلِماتِكَ وَلَوْحاتٍ مِنْ صوَرِ حِكاياتِكَ وَنُصوصِكَ .
تَقْدِيرًا " لِقَلَمي وَمَكْرُمَةٍ لِدَوَاتِيْ بِشاراتٍ وَفِي طَيَّاتِهَا أَخْبارٌ مُفَرَّحَةً وَرِسالاتٌ جَميلَةٌ آنٌ لقَرْطاسي أَنْ يَعْتَلِيَ قِمَّةَ الأَدَبِ بَعْدَ عَناءِ عُقودٍ وَجُهْدٍ قَلْبٍ وَرَجاحَةِ عَقْلٍ
كُلُّ عَمَلٍ يَكونُ مَنْحوتَةً صَخْريَّةً اذًا لَمْ يَكُنْ مَزِيجًا " مِنْ العَواطِفِ والْأَحاسيسِ حَيْثُ يَكونُ ابِّداعًا " يَرُوقُ لِكُلِّ مُتَذَوِّقٍ وَيُثْنِي عَلَيْهُ كُلُّ ناقِدٍ
والْقيمَةُ المُضافَةُ لِعَمَلٍ أَدَبيٍّ تَكونُ بِعَنَاوِينَ عِدَّةٍ تَجْمَعُها مُرَادِفُ كَلِمَةِ الحُبِّ . لِنُكْثِرَ مِنْهُ ونَزخُرُفَ الكَلِماتِ وَنَلونَها بِأَلْوانِ الطَّيْفِ الزّاهيَةِ وَكُلِّ مِنْ يَقْرَأُها يَرَى ذاتَهُ فَهِيَ تَكَادُ تَكونُ بِشَفافيَّةِ الْمَاءِ العَذْبِ والْفُراتِ .
اُكْتُبوا الحُبَّ وَعَيْشوا الوُدَّ فالدُّنْيا فانيَةٌ وَيَبْقَى الأَثَرُ الجَميلُ البَعيدُ عَنْ المادَّةِ والْجَمادِ وَكُلُّ مَيِّتٍ مُحَنَّطٍ بِجَلابيبِ الكُنُوزِ
لَقَدْ كَانَتْ المَدْرَسَةُ مَكانِي وَزَماني وَأَقْضي فِيه نَهاراتِي وَأَيّامي وَكُنْتُ أَخْتارُ مِنْ المَوادِّ وَلَا أَدْرُسُ اَلَا مَا أُحِبُّهُ وَأَشْعُرُ بِأَنَّهُ يَشْبِّهَنِي وَيَتَوَافَقُ مَعَ أَفْكَارِي وَمُيولِي العاطِفيَّةِ وَلِذَلِكَ كَانَتْ مواجَهاتِي مَعَ اَلْحَنونَةِ هِيَ تِرِيدَنِي مُتَفَوِّقَةٌ وَأَسْرَعُ الَّى انِّجازَ دُروسِي وَفُروضِي وَأَنالُ عَلاماتٌ مُمْتازَةٌ وَكُنْتُ حازِمَةٌ اَلْمُهِمُّ أَنَّنِي أَنْجَحُ وَالأَهَمُّ أَنَّنِي أَتَفوَّقُ فِي مَوادَّ لُغَتِي وَحَتَّى فَقَدَتْ الأَمَلَ مِنِّي وَتَرْكَتُنِي لِقَدْري .
عالَميٌّ اَلَّذِي بَنَيْتُهُ فِي خِيَالِي وَنُفَّذتْهُ عَلَى أَرْضِ الواقِعِ عالِمَ المَحَبَّةِ وَلِلنَّاسِ وَلِلْحَيَاةِ وَرِسالَتِي بَدَأَتْ أَخَطُّهَا بَاكِرًا " وَفِيهَا العِظاتُ وَاَلْأُمْثولاتُ كَأَنَّ فِطْرَتِي تَعْدِلُ تَجارِبَ سَنَوَاتٍ وَقُدْرَتِي عَلَى سَبْكِ النَصْصِ تَفوقُ كُلَّ صُنّاعِ الكُنُوزِ والْمُجَوْهَراتِ .
فِي عِنادِي وَفِي وَحْدَتِي وَفِي دَنيَّتِي كَانَتْ أُمِّي تَاجِي وَصَوْلَجانِي تُزَيِّنُ حُضُورِي وتَّنْهاني عَنْ ارْتِكابِ التَّفاهاتِ بِاعْتِقادِها أَنَّنِي كَبيرَةٌ والْكِبارُ يَتَحَلَّونَ بِالْوَعْيِ وَبِحُسْنِ التَّصَرُّفِ وَيَتَعَالُونَ عَنْ الصَّغائِرِ وَيُهْمِلُونَ كُلَّ مَا يَحِدُّ مِنْ التَّقَدُّمِ وَمِن الِانْطِلاقِ .
كَانَ لِي دَفْتَرُ رَافَقَنِي كُلَّ مَراحِلَ حَيَاتِي مُنْذُ تَفَتَّقَتْ عَبْقَريَّةَ قَلَمِي وَبَدَأَ يَخُطُّ الكَلِماتِ اَلَّتِي لَا تُشْبِهُ اَلَا الجَمالَ وَلَا تُكْتَبُ اَلَا الحُبَّ وَفِي كُلِّ الأَحْوَالِ كَأَنَّهَا شَمْسٌ دائِمَةُ الشُّرُوقِ وَمُعْتَدِلَةُ الحَرارَةِ وجَدايِلَها جُسورٌ تَتَأَرْجَحُ فَوْقَهَا بَناتُ الخَيالِ .
أَيْنَمَا بَحَثُتْ عَنِّي تَجَدْنَي وَمَعِي كِتابٌ وَفِيه كِتابُ الأَوَّلُ لِلتَّمْوِيهِ وَالثَّانِي لِلْقِرَاءَةِ وَلَا أَتْرُكُهُمَا اَلَا حَتَّى أَصِلِ الَّى الصَّفْحَةِ الأَخيرَةِ كَمَنْ يَشْرَبُ كَأْسَهُ حَتَّى آخِر نقطةَ
كم كنا أغنياء يا أمي
كان عندنا الخير الكثير وكنا للسمو أهل وللعز أصحاب لم يكن يشغلنا طعام ولا تأمينه ولم يكن يقلقنا معايش ولا أسبابه كنا نهيم فوق الأرض وندب بنشاط المدركين بأنه ما لدينا يكفينا ويفيض لنقدمه للزوار وللجيران ولكل من حولنا من البشر وحتى الحيوان كان له حصة والطير في أعالي السماء كان يحط فوق شرفاتنا وأسطح بيوتنا لينقر من الحب ومن ما يحضر للمؤنة .
نعم وبالتوكيد وبكل ايجابية كنا أغنياء المادة وأثرياء النفس.
اليوم وما أدراك ما اليوم رغم كل شىء الخير موجود والنعم تحيطنا ولكن وليس كما كانت وبغير عاداتنا وأنماطنا
المرء يبقى رهين لما معه واذا ما تغير شعرة يعتبر أنه في كارثة واذا ما استفاق على حادثة يكون في فجاءة واذا ما غابت عنه نعمة ينسى كل ما لديه ويندب حظه وفقده لتلك النعمة وهذا حالنا اليوم وبحسب مقياس أمثال هؤلاء بتنا جميعنا فقراء الحال قليلي الحيلة .
لا أنكر تلك القفزة بين ما كنا عليه وبين ما أصبحنا فيه ولكن وسعوا من حواسكم وانظروا من حولكم الشمس لا زالت تشرق فوق رؤوسكم والمطر لا زال يتساقط فوق ترابكم ولا زالت الأجساد تتحرك ولا زالت الأفواه تنطق ولا زالت البطون تأكل .
قليل كثير لا فرق وعسى في ما نمر فيه أن يكون جوجلة وتنقية وتنزيه ولنتفق على أننا تخطينا حدود المعقول وأسرفنا على مدى العصور وغرقنا في المفاسد والفتن وعثنا الخراب في الشجر والحجر قد بطرنا بحسب ما كنت أسمعك يا حبيبتي تحكي بأنه سيأتي يوم على أقوام أن يعيشوا أباطرة وسحرة وفجرة ويكونون من الذين بطروا بنعم الله وأكثروا من الاستهزاء والتصغير لكل ما هو جيد ونافع ومفيد سيأتيهم غضب يرجعهم الى الصواب .
ولذلك أقول وتحديدا"من واقع مجنون وزمان مقلوب أننا كنا أغنياء يا أمي وليس صحيحا"أننا كنا فقراء
كنا نتناول ما لذ وطاب ومن الخيرات ونقنع بما يشترى لنا من أثواب ونعلم قيمة الأشياء ونهتم بكل شاردة وواردة من أمور الحياة
وللاطمئنان ما يعيشه الغالبية لم يؤذ منا طرف عين ولا وقع صوت ولا قلة مال ولا تغيير في الحال .
هل تعلمين كم من الرزق كنت توزعين ولا تسألين عن قدرة من تقدمين له من الأطايب من الزهورات والمربيات والشنكليش والكشك والقاورمة واللبنة والبيض البلدي والقمح والصعتر ...اليوم يقولون عن الناس من ذي الأرزاق القليلة أنهم معوزين واذا ما قدموا لهم يرمون لهم الفتافيت هل تدركين معي كم كنا أغنياء .
ويجزئون النعم ويسرفون في احراقها ويمنعون الماعون ويرددون لم كل هذا الاجحاف في معاملة المصارف والبنوك ولو بسطنا الأمور لوجدنا الحلول تحت يمين كل من اعتاد أن يضع يده على قلبه والاستعانه بما يمليه عليه في معاملة الناس ونفسه .
في تلك العضلة التي لا تكاد تكون بحجم قبضة اليمين التي تتلمسها تكمن الحلول .
فلا تلقوا بالاتهامات ولا تعتادوا الملامة ولا تتركوا آنفسكم لمسارات الأنا اسألوا نواياكم وصدقوها بالأفعال ترون أن الله أسبغ عليكم نعمه الباطنه والظاهرة ووسع لكم وفرج عنكم فلا بد من الفرج بعد الضيق الذي أنتم تعتقدون أنكم فيه ولا أخفيكم فقراء الماضي أغنياء أكثر من الرأسماليين والاشتراكيين والبنك الدولي والمصارف المحلية فهم اقتنعوا بما رزقوا ورضوا بما قدر لهم ولونوا عواطفهم بالايمان والشكر والذي به تدوم النعم .
وليس كل من ورث مالا"غني وليس كل من توكل على الرزاق وقوته كفاف يومه كان فقيرا "
وكلتا الحالتين لا ترفع انسان ولا شعب ولا تهوي بانسان ولا شعب ولكن تخطي حدود الله ينهي أمم فاحذروا وتراجعوا وارفعوا رايات الشكر واعملوا وبحسب نواياكم ترزقون
لا تدرء عني المصائب فجلها لا يأخذ مني بضعة دمعات ولحظات من الحزن
والوقوف مجددا"يجعلني أهزأ بمفاعيل الأحداث ولؤم الأيام وازورار الحياة
كبرت وكبر ت معي مفاهيم كبريائي وعظمت في نفسي مقاومة الهوان وبلغت مقصورة لا تطأها الأقدام لذا استبدلت أطرافي بجناحي ام القشعم وصرت أسكنها بين الفينة والأخرى وليس هربا"من ثقل الأتعاب وانما لاسترداد كرامة قلمي وعز كلماتي .وبيني وبين الدنيا نفور من كل الأمور والأشياء والتجاذب نحو القلم والقرطاس .
من قوت لطيفة خالد
يلزمني فصول وأكثر من عام كي أترجم لغة عينيك وأفك رموز صمتك وأستوعب عمق سكونك
وأقدر قيمة رسالاتك
فالقلب مشطور والفكر مشتت
ولسان الحال خاضع لروعة حضورك حتى في غيابك وتحت تأثير وهجك ونور وجهك في أعماقي ومن حولي .
رفعت سطوري كلماتها تائبة وتوقف القلم لحظة الجفاء وكانت لاسترجاع العزم ولرفد غزير المشاعر وعظيم الأحاسيس من قلب نابض وحلم ساجد ونفس تتوق لعناقك وتحيا لأجلك.
كفيتني وأنت بعيد ولونت حروفي بألوانك المشرقة البهية.
وأتحفتني بالكثير من بنات الأفكار الكاسية العارية تارة والمحجبة تارات أخرى.
وأهديتني كؤوس النصر بحبك وقلائد الفوز
بقرطاسك وأوسمة الحب في مواسم الجفاف.
لك مني قصائد مجنونة ونثر رشيد ....
ولا تسل عن مشيب الالهام ولا عن انحناء الابداع لن يمس قلمي عجز ولن يخضع لمرور الزمن سيجدد قوته ويستعيد شبابه ويكون حسن التعبير معك ولك وكفى بك رفيقا صدوقا حبيبا حنونا جميلا .
هل أروع من كتاب من رحم الحياة عنوانه فصاحة عينيك وبلاغة قلمي وكلماته ورود عطرة وأزهار ندية بأبجدية قدموس ....

ن تحيا بين الكتب وأن تحاور الأدباء والكتاب والشعراء وتتعرف على شخصيات من عصور قديمة وحديثة وتقف على أحلامهم وتتعرف على طباعهم وتدخل الى وجدانياتهم وتعيش معهم قصصهم ومغامراتهم انه لأمر جميل ولحدث عظيم حيث يخترق وحدتك مبدع وفنان ومزخرف للواقع وملون للصور وحكايات من ألف ليلة وألف كاتب .
فلا صقيع الجدران يهمك ولا سكون مكانك يعنيك فضجيج الأحداث وأصوات الأبطال ومناقشات الحب والغزل والغرام سارية الفاعل والمفعول والفعل الى أن تغلق دفتي الكتاب .
مع طه حسين وأيامه ومصطفى لطفي المنفلوطي وفضيلته وجرجي زيدان وبطلاته التاريخيات وجبران ومعشوقاته ونزار ومغامراته ودرويش ووطنياته وشوقي وقصائده وحتى مع جميل بثينة وعمر ابن أبي ربيعة والعذري والاباحي وصولا"الى البؤساء وفيكتور هوغو وأغاثا كريستي وبوليسياتها والشياطين ال13وألغازهم ومع الر قم الصفر والزعيم المتخفي وعشق أحمد المصري لالهام اللبنانية وأبو ماضي ونعيمة واليازجي وسعيد عقل وحافظ ابراهيم وغيرهم كثير .
معهم أبجديتي تتألق قراءة وتتبلور كتابة فمن ينادونها ب ياقوت كرهت حرف النداء وبقي لها المنادى" قوت ".
وقادت جحافل الكلمات على صهوة الجياد العربية الأصيلة ويسارها تمسك بمقود ويمينها تحمل القلم ولسانها ينطق بالهوى
وبما أن الأطلال باتت ماضية والمباشر مضارع والحب أمر أصبحت الكتابة عن الحب ضرورة لازمة وأبجدية الحرفين سارية على أن لكل حرف منها أربعة وعشرين من الحروف الذهبية اللامعة الصفراء البراقة والتي تعكس روح الحياة وفي كل زمن ومكان وبحضور نخبة الأقوام .
والحب تارة يكون للتي لا ترى نور الشمس البيضاء ومع عنترة كان حب عبلة كقطع من الليل الأسود والى أن تطور ت العلاقات الى حب عبر الرسالات وبتواصل روح الكلمات مع جبران ومي مثلا"
وغسان كنفاني وغادة السمان على سبيل الانتشار واذا ما فتشنا عن الحبيبة في قصيدة نراها اما خيال أو واقع مأزوم أو شذى عطور أو امرأة غلبت عليها عزة نفسها فأحرقت كل الرسائل ورحلت .
وغريبة الحكايات والتي معظمها كان في مهب الفراق وبلا لقاء ولم يكتب لها نهاية الحكايات تزوجوا وخلفوا صبيان وبنات بل تركوا بعض وتركوا ارث وفير من كم من العواطف والأحاسيس الثمينة . ومع كل يقظة لي مع الحروف جلسات منها لأفضي بسري ومنها لأفشي سريرتي وأفيض عشقا"لرسمها وأغلب التدوين على الشفاهة وأحرر قلمي من كل القيود وأحطم الأغلال وأفسح له المجال للانطلاق فأملأ السطور بمرادفات ولها من المعاني بحسب كل قارىء وناقد وكل من يمر بها كأنها مرايا الذات .
ولا أملك منها الا ذيل الكتاب اسمي الكريم ورأس الغلاف العنوان .


قَالُوا وَيَقُولُونَ وَدَائِمَايْرْدِدُونَ أَنَّ الحُروفَ تَزولُ وَأَنَّهَا عابِرَةٌ وَأَنَّهَا مُجَرَّدُ حَمّالٍ لِأَفْكارٍ سَديدَةٍ أَمْ واهيَةٍ
فَيَا كُلُّ مُدَّعٍ مَحْمُومٍ الحُروفِ مِدادَها عُطورٌ مِنْ الزُّهورِ وَاَلْرَياحينِ والْوُرودِ مَلِكَةٌ تَعْتَلِي الغَيْمَ المَسْحورَ وَتُزَوِّدُ السُّطورَ بِكَلِماتٍ مِنْ النّورِ
فَلَا تَخْضَعُ لِمُرُورِ الزَّمَنِ وَلَا تَكونُ سِلَعٌ وَلَا سُوقٌ
تَقْتاتُ مِنْ عَلَى مَوائِدِ المَعَارِفِ وَتَتَزَيَّنُ بِزينَةِ الكَواكِبِ وَلَهَا مِنْ الجِوَارِ عَشَراتٌ وَمِن الجُنودِ أُلوفٌ
فَلَا تَغْتَرْ بِنَشْرِ الجُحودِ لَا مَجالَ مَعَ الحُروفِ لِلِانْحِرَافِ وَلَا بُدَّ مِنْ اَلْسِبورِ فِي أَعْماقِ مَعَانِيهَا واتِّخاذِ بَناتِ الخَيالِ وَرَدًّا " لَهَا واظِّهارِ مَحاسِنِها اَلْبِلاغيَّةِ وَقوَّتِها البَيَانِيَّةِ فَصاحَةٌ وابِّداعٌ وَتَرْجَماتٌ لِكُلِّ عاطِفَةٍ واحِّساسٍ عُرْبونَ الحَياةِ وَسِرُّ الوُجودِ قُوتُ الحُروفِ رُوحٌ لَا تَغْفُلُ وَلَا تَهْدَأُ وَلَا تَنْتَهي .
فَلَا أُبَالِي بِجَبَروتٍ مُتَحَكِّمٍ بِأَقْلامٍ وَلَا مُتَهَكِّمٍ بِدَّواةٍ طَالَمَا كُلُّ اُنْسانٍ قَلْبٌ وَقَلَمٌ وَلِسانٌ فَلَا يُهُمْ وَسائِلَ وَلَا مَعْنَى لِسَفاهَةٍ جَائِرٍ مُتَسَلِّطٍ يَهْدِفُ الَّى أَنْ يَكونَ مُمَحّاَةً وَمِسْطَرَةً وَمِبْراةً
يَحِدُّ مِنْ الابِّداعِ يُشَوِّهُ الكِتابَةَ وَيُمَزِّقُ الأَوْراقَ
ابْتَعَدَ عَنْ مَكْتَبَتِي وَاتْرُكْ أَوْرَاقِي وقَرْطاسي وَلَا تَمُدَّنَ يَدْيكَ الَّى قَلَمِي لَهُ سُطورَهُ وَحُروفَهُ وَلَكُمْ زَخارِفُ وَأَفاعي وَنَثَرٌ مِنْ حَمَأِ مَسْنونَ وَليِّ كَلِماتِي وَقُلوبٌ هِيَ بِمَثَابَةِ قُوتِ الحُروفِ .
لَا يَعْلو فَوْقَ كَلِماتِي كَلِماتٍ تَكَادُ تَكونُ ثَغَاءً وَثَرْثَرَةً وقَرْقَعَةً فارِغَةً فَكُلُّ عَمَلٍ مَبْنَاه وَمَضْمونُهُ جَمادٌ وَصُلْبُ مَصيرِهِ التَّفَتُّتِ والزَّوالُ .
عَافَانَا اللَّهُ مِنْ نِقْمَتِكُمْ وَبَقِيْنَا دَائِمًا " أَكْوانٌ مُشِعَّةً وَكَواكِبَ مُضيئَةً . وَكَلِماتٌ ساطِعَةٌ بَرّاقَةٌ لامِعَةٌ عَطِرَةٌ .
خُذُوا مَا شِئْتُمْ وَاتْرُكُوا لَنَا خَيالٌ وَقَلَمٌ وَطَبيعَةٌ ساحِرَةٍ وَلْيَكُنْ الوَرَقُ مِنْبَرٌ لِكَلِماتِنا وَلْتَكُنْ الكُتُبُ دَساتيرُ حَياتِنا .
أَيُّهَا اَلْمُتَوَهَّمونَ بِتَغْييرِ الحُروفِ وَجَعَلِها تَماثيلَ مِنْ بَلْوَرٍ لَا وَلَنْ تَكونَ مَعَنَا اَلَا رُوحَ وَثّابَةٍ مُتَوَقِّدَةٍ مُتَحَرِّكَةٍ وَعَلَيْهُ لَكُمْ تِج
نعم لكم أنتم أيها المتحكمون بأقلام بلاستيكية وأقلامنا من خشب الأرز الدائم الخضرة والمجاور للثلج الأبيض.
لَا تَنِمُّ اَلَا وَأَمَامَ عَيْنْيكَ كِتابٌ تَفَقُّهُهُ وَلَا تَغْفُو اَلَا عَلَى لِسانٍ يَتَهَجَّدُ كَلِماتٍ
هِيَ رياضَةٌ لِلنَّفْسِ وَتُعَدِّلُ كِفَّتَيْ الْمِيزَانِ لِلْقَلْبِ وَلِلْعَقَلِ
انَّهِلْ مِنْ مُعَيَّنِ الكُتُبِ صَحيحٌ أَنَّهَا صَديقٌ صامِتٌ وَثَّرْثارٌ عَلَى السَّوَاءِ وَلَكِنَّهُ عَجيبٌ اذَا نَطَقَ حَقًّا " فَتِلْكَ الغايَةُ وَانْ كَانَ حَشْوًا " وَهِنَّاتْ فَتِلْكَ مَدارِسُ لِلتَّصْوِيبِ فَلَوْلَا النّاقِصُ مَا مَلَأْنا الفَراغَ وَلَوْلَا المَكارِهُ مَا وَصَلْنَا الَّى مَا نَحْبَهُ وَنَرْضاهُ .
وَكَانَ عَقْدي الأَوَّلِ مَعَ الكُتُبِ والْأُدَباءِ أَكْثَرَ مَراحِلَ حَيَاتِي لِلْقِرَاءَةِ فَكَانَ خُمولِي وكسَّلي يَدَفَعَانَنِي لِلْقِرَاءَةِ حَتَّى لَا أَقِمْ بِجُهْدٍ وَلَا تَتَعَبَّني الحَرَكَةُ .
فَاتَّجَهَتْ الَّى أَنْ أَجْعَلَ أَمْكِنَتِي كُلَّها مَكْتَبَتِي وَهَكَذَا كَانَ . . .
اَلْحَنونَةُ وَانْ كَانَتْ تُعارِضُ خَلْوَتِي وَوَحْدَتِي وَلَكِنَّها اسْتَوْعَبَتْ أُسْلوبِيّ وَرَفيقَ الدَّرْبِ كَانَ يَزُودَنِي وَيكْرِمَنِي بِمَجْموعاتٍ مِنْ الكُتُبِ حَيْثُ كَانَ تَأْمينُها أَهَمَّ عِنْدِي مِنْ الحَلْوَى وَمِن كُسْوَةِ الْعِيدِ وَبِدُونِ مُغَالَاتٍ وَلَا مُبالَغاتٍ .
أَصْدِقَائِي كَانُوا كَثُرَ وَحِواراتِي فِي الصَّحْوَةِ وَفِي المَنَامِ وَكَانَ لِي خَيالٌ نَّديٌّ وَثِرِي يَأْخُذَني الَّى جَنّاٍتْ وَيُريَني الجَحيمَ وَهَكَذَا وُلِدُتْ شَخْصِيَّتَي كَكاتِبَةٍ وَهَكَذَا وَجَدَ قَلَمِي الحَبيبِ .
وَالعَجِيبُ هوَ تَارَةٌ صُنْدوقٍ لِلْفُرْجَةِ يَعْشَقُ كُلَّ أَصالَةٍ وَتَارَةً شاشَةَ حَاسُوبٍ يَهْوَى الحَداثَةَ وَفِي كِلا الأَمْرَيْنِ هوَ قَلَمِي المُسْتَقيمِ الجَميلِ .
أَكْرَمَنِي رَبِّي بِاقْتِنائِهِ وَأَنْعَمُ عَلي بِمُعَيَّنٍ مِنْ الحُروفِ المِدادِ والْكَلِماتِ السَديدَةِ وَاَلْرَشيدَةِ
وَلَوْنَتَهَا بِأَلْوانِ الحَياةِ وَوَقْعَتْها بيَمينٍ شاهِدَةٍ .
وَمَعَ كُلِّ كِتابٍ كَانَ لَهُ أَثَرٌ بَليغٌ فِي ذاتيٌّ سَوْفَ أَخْطُّ بأَنْمَلَتي الْمُرْتَجَفِهِ بِفِعْلِ تُقَدِّمِ العُمْرِ حُبٍّ وَحُنَيْنٍ وَفِي رِواياتٍ وَحِكاياتٍ تَحَدَّثُ عَنْ قُوتِ الحُروفِ والْقُلوبِ والْعُقولِ .

عِنْدَمَا تَبْكِي اَلْحَسّاسينَ
وَتَضْحَكُ العَنادِلُ
اعْلَمْ أَنَّهُ شِتاءٌ قارِسٌ
يَحِلُّ اَلْنُعيقُ مَكانَ التَّغاريدِ
والْعَواصِفُ تَقْتَلِعُ الأَخْضَرَ والْيابِسَ
وَحْدَهَا العَواطِفُ تَمْنَحُنا الدِّفْءَ
وَتَجَلَّلْنا بِهَيْبَةِ الشَّمْسِ وَهَجَها وَحَرارَتِها
وَيَسِيرُ العاشِقُ فِي الدُّروبِ
تَتْبَعُهُ أَقْدامُ السّاحِرَةِ
وَمَعَهَا الأَجْنِحَةُ المُتَكَسِّرَةُ
وَهُنَا يَكونُ جُبْرانُ هوَ العاشِقَ
وَمِيرْيَانَةُ هِيَ المَحْبوبَةُ اَلَّتِي يَجِدُها
بَيْنَ المَرَاعِي وَفِي الجِبالِ وَمَعَ الثَّلْجِ
الناصِعُ
كَمَثَلِ اَلْحُبِّ اَلَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ اَلْحَبيبينِ وَانْ قُلْنَا عَنْهُ عُذْري أَمْ رُوحِي الحُبِّ بِرَأْيٍ لَا يَتَجَزَّأُ هوَ اكْتِمالُ البَدْرِ وَسُطوعُ الشَّمْسِ وَغِيمَاتُ نِيسَانَ وَنَسائِمُ الصَّيْفِ هوَ تِلْكَ القوَّةُ اَلْخارِقَةُ اَلَّتِي تَغْزِلُ مِنْ جِدايِلِ النّورِ جُسورًا " وَتَتَلَمَّسُ أَنامِلُ اللِّقاءِ عُهودًا "
والْغَرامُ مَعَهُ جَمالٌ والْعِشْقُ ابِّداعَ فَتَناغُمُ الرّوحِ هوَ الأَساسُ وَلُغَةُ العُيونِ تُتَرْجَمُ مَا فِي القُلوبِ
يَسيرانِ مَعًا " فِي الواقِعِ أَمْ فِي الأَحْلامِ بِصَمْتٍ وَهَيْبَةٍ وَوَقارٍ كَأَنَّ اَلْحُبَّ اَلَّذِي بَيْنَهُمَا مُقَدَّسٌ وَطُقوسُهُ تَقْضي فَريضَةَ الصَّمْتِ والْوُضوءُ بِرَذاذِ اَلْنَرْجِسِ والْبَرْدِ والصَّلاةُ فِي مِحْرابِ غابَةِ الأُرْزِ حَيْثُ اللِّقاءُ وَرَوْعَةُ العُشّاقِ وَفَضاءاتُ الاحِّساسِ .
وَعَدَدُ نَبَضاتِ القَلْبِ تَكونُ الرَّكَعَاتُ وَعَدَدَ حُروفِ اَلْأَبْجَديَّةِ تَكونُ اَلْسَجَداتُ .
والْقيامُ بِاسْتِقامَةِ وَتاجِ الحُبِّ فَوْقَ الرُّؤُوسِ والْأَجْواءِ كُلِّها فَرَحُ الأَعْيَادِ رَغْمَ الجَليدِ وَاَلْصَقيعِ حَرارَةُ اَلْايمانِ تُشْعِلُ المَكانَ رَوْنَقًا " واجِّلالًا " واحِّلالًا "
عِشْقُ جُبْرانَ لِلْمَرْأَةِ عُمُومًا " بَدَأَ مُنْذُ نُبوغِهِ وَفِي أولَى خُطواتِهِ الأَدَبيَّةِ .
وَلَوْ كَانَتْ الأَجْنِحَةُ مُنْكَسِرَةً اَلَا أَنَّهُ حَلْقَ فَوْقَ الأَرْضِ وَجاوَرَ الأَنْجُمِ وَسَكَنَ فَوْقَ السَّحابِ .

يَسْمُو الحُبُّ لِتُصْبِحَ المَشاعِرَ مُقَدَّسَةً لَا تَخْضَعُ لِقانونِ الحَوَاسِّ وَلَا الاحِّساسِ
مَعَ الحُبِّ الرّوحيِّ كُلُّ الأُمورِ تُصْبِحُ فِي كَوْنٍ فَسيحٍ اسْمُهُ المَحَبَّةُ بِلَا حُدودٍ وَلَا سُدُودِ انْطِلاقٍ كَبيرٍ صَوْبَ النّورِ
اذَا المَحَبَّةُ أَوَّمَتْ اَليكم فَصْدَقُوهَا هَكَذَا قَالَ جُبْرانُ فِي كِتابِهِ الأَخيرِ فَكَيْفَ اذَا حادِثَتَكُمْ وَحَاوَرْتْكُمْ وَأُخْرَجتْكُمْ مِنْ الضَّيِّقِ الَّى أَوْسَعَ مَجالاتِ الحَياةِ .
عِنْدَمَا سَارَ مَعَ حَبيبَتِهِ فِي قَرْيَتِهِ وَفِي وَطَنِهِ هوَ حَتَّى لَمْ يَنْظُرْ اَليها وَلَمْ يُمْسِكْ يَدَها مُجَرَّدُ مَشاعِرِ مُراهِقٍ كَانَتْ فِي خُطواتِها الأُولَى لِتُصاغَ مَحَبَّةً ساطِعَةً فِي مَراحِلِ حَياتِهِ وَحَتَّى الَّى مَا بَعْدَ مَمَاتِهِ .
وَهَذَا هوَ الحُبُّ اَلَّذِي رَسْمَهُ وَكُتُبَهُ وَعاشَهُ مُنْذُ الأَزَلِ وَبِكُلِّ كِتاباتِهِ .
حُبٌّ بِأَجْنِحَةٍ وَلَكِنْ مُنْكَسِرَةٍ وَبِابْتِسامَةٍ وَمَعَهَا دَمْعَةٌ وَبِنَبيِّ مُرْشِدٍ اشْتَدَّتْ هُنَا اَلْآنا فِي شَخْصيَّتِهِ فَجَعَلَ مِنْهَا المُبَشَّرَ المُنْقِذَ الدّالَّ عَلَى تَعاليمَ لِلْحَيَاةِ المُثْلَى وَبِاعْتِقادِهِ .
مَا يُهُمْ قَلَمِي هوَ تِلْكَ الحالَةُ الفَرَّ يُدَةَ المُمَيَّزَةَ اَلَّتِي حَاكَتْ مِنْ الظُّلْمِ عَدالَةً وَمِن الظُّلُماتِ شَعَاعَاتٌ وَمِن العُبوديَّةِ حُرّيّاتٌ .
فَكَانَ خَيْرٌ مِنْ وُثِقَ الحَالَاتِ فِي تاريخِهِ وَأَجْمَلَ مِنْ خَطِّ الأَحْداثِ مِنْ خِلالِ ذاتِهِ وبابِّداعٍ وَخَاصَّةً الحُبَّ وَالَّذِي ارْتَقَى بِهِ فَصَارَ مَعَهُ هوَ نَفْسُهُ المَحَبَّةَ .


وَرّاقُتْ لِي الأَجْواءُ الكانونيَّةُ وَاَلْصَقيعُ قَويٌّ والْجَليدُ شَديدٌ والْبَرْدُ قارِسٌ وَتَساقُطُ الثُّلوجِ عَلَى مُرْتَفَعاتٍ قَريبَةٍ وَمَرَّتْ فِي خاطِرَتِي مُقابَلَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ كَانُونَ فِي بَياضِ النَّواصي وَفِي ارْتِجافِ القَلْبِ وَرَجاحَةِ العاطِفَةِ وَتَغْليبِ الحِكْمَةِ وَكَانُونَ يَلْزَمُهُ كَانُونَ لِلتَّدْفِئَةِ وَأَمَّا عُمْري فَيَلْزَمُهُ قوَّةً لِيَسْتَرِدَّ قَليلٌ مِنْ حَماسَةِ الشَّبابِ وَانْطِلاقَتِهِ وَلَوْ أَنَّنِي نَاهَزَتْ الثَّمَانِيَةُ بَعْدَ العَقْدِ الخامِسِ وَالحَمْدُ لِلهِ وَبِكُلِّ ثِقَةٍ وَفَخْرٍ وَبِلَا مُبالَغاتٍ وَلَا ادِّعاءاتٍ راضيَةٍ بِقَدَري رَفيقَةٍ لِقَلَمي وَسَعيدَةٍ بِكِتابي وَلِمَنْ يَقْرَأْنِي يَزيدُني شَغَفًا " لِلْكِتَابَةِ وَلِبَثِّ رُوحِ الحُروفِ بِكَلِماتِي وَمُرادِفاتِي وَجُمَلي الثَّريَّةِ .
كُنْتَ أَسْتَعِدُ لِمُوَاجَهَةِ يَأْسِي وَسَنَواتِهِ وَكُنْتُ أَحْضَرُ كَآبَتِي وَحُزْنِي وَحَتَّى أَنَّنِي بَدَأَتْ أَرْمِي خُصوصيّاتِي وَحاجيّاتِي المَعْنَويَّةِ والْمادّيَّةِ وَلَكِنْ عِنْدَمَا وَقَفُتْ عَلَى عُتْبَةٍ كَانُونَ وَبَياضِهِ الناصِعِ انْعَكَسَتْ فِي ذاتيٍّ آمَالٍ بِحَجْمِ الجِبالِ المُكْسوَّةِ بِاَلْثُلوجِ وَأُمْنياتِ وَسَّعِ المَدَى الأَزْرَقِ وَرَأَيْتَ أَحْلَامِي تَنْبُتُ حَدائِقَ مِنْ حَوْلي .
عُرِفُتْ كَمْ يُرَوِّجُونَ لِأَرْوَعِ مَحَطّاتِ العُمْرِ بِأَشْياءَ كاذِبَةٍ كَيَوْمٍ مولِدِي حَيْثُ تُشْرِقُ الشَّمْسُ لِلَحَظَاتٍ وَتَخْتَفِي كَأَنَّهَا لَمْ تُشْرِقْ وُلِدَتْ فِي شُبَاطَ المِيلَادِيِّ وَرَمَضانَ الْهَحْرِيِّ فَكَانَ زَماني مُبَارَكًا " فِي الوَقْتِ والرِّزْقِ .
لَمْ أَقِفْ يَوْمًا " عِنْدَ حُدودِ المُسْتَحيلِ وَاللَّا مُمْكِنٌ كُنْتَ فِي حَالَاتِيْ كُلِّها أَنْصَتُ لِصَوْتٍ فِي داخِليٍّ يَهْمِسُ لِي تابِعي وَتَقَدَّمي رَعَاكَ اللَّهُ وَأَعانَكَ
وَهَا أَنَا اليَوْمَ كَانَ حِلْمي أَنْ أَنْشُرَ كِتابي الأَوَّلَ وَصَارَ لِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ عَشَرَةِ كُتُبٍ بَيْنَ الخاطِرَةِ والْمَقالَةِ والْقِصَّةِ والرِّوايَةِ .
وَلَوْ تَوَقُّفَ شَاهِدِي سَأُتابِعُ بِمَا أَسْتَطيعُهُ الكِتابَةَ وَحَتَّى شَهْقُتي الأَخيرَةُ فَالْكِتَابَةُ صَارَتْ نَبْضَ حَيَاتِي وَكَذَلِكَ المُطَالَعَةُ هِيَ بَرْنامَجُ يَوْميّاتِي وَبَيْنَ القَلَمِ والْكُتُبِ والدَّواةِ والْوَرَقِ وَشاشاتُ الحَواسيبِ أَقْضي آخَرَ أَيّامِي لَا بَلْ أَوْجَ أَيّامِي بِفَرَحٍ وَسُرورٍ وَسَعادَةٍ وَحُبورٍ وَتِلْكَ رِسالاتٌ لِكُلِّ مِنْ يَخافُ مِنْ النِّهَايَةِ وَيَخْشَى الرَّحيلَ .
خَفَّفَ مِنْ اَلْمادّيّاتِ وَزِدْ مِنْ المَعْنَوِيَّاتِ وَسَتَكُونُ مِنْ الفَائِزِينَ وَلَوْ بِقَدْرِ صَفاءِ النَّوَايَا وَجَوْدَةِ الأَعْمالِ .
وَلَا أَعْرِفُ مَا هوَ السِّرُّ كُلَّ مَا اقْتَرَبَ يَوْمَ مولِدِي أَكونُ أَكْتُبُ سِيرَتِي رِوايَةً أَوْ خَواطِرَ وَأُجْبِرَ عَلَى اطِّلاقِ العِنانِ لِقَلَمي لِيَبُثَّ شُجونَهُ وَرَّوْعاتِهِ كَلِماتٍ تَدْخُلُ فِي صَميمِ رِوايَتِي قُوتِ الحُروفِ .لطيفة خالد
لَا تِغيبي عَنْ أَيّامِي يَا حَلَقاتِي الدّائِريَّةِ حَيْثُ كُنْتَ أَكونُ الفَرَحَ وَاَلْعيدَ والْبَهْجَةَ وَاَلْمُهْجَةَ وَأَدورَ مُحَرَّكَةٌ نَسَماتِي مُعَطَّرَةً أَجْوَائِي مُلَوَّنَةٌ وُجودِي بِلوْنِ الْأَقْحَوَانَةَ الجَميلَةِ هِيَ أَنَا تَسْتَعْجِلُ رَبيعَها وَتودَعُ شِتاءَها وَتَبْرُزُ فِي الأَرْضِ حُضورُها وَجَمالِها وَرَوْنَقَها
مُنْذُ طُفُولَتَي الرَّقَصاتِ وَالطَّيَرَانِ والنَطِ وَاَلْقَفَزُ هِوَايَتِي وَلَمّا كَبُرُتْ وَعِشْتَ مُراهَقَتِي صِرُتْ مِثْلَ اَلْنَرْجِسِ القَويِّ النّابِتِ بَيْنَ الصُّخورِ وَفِي عَزِّ الصَّقيعِ .
وَبَقيَتْ أَحوَقُ فِي الهَوَاءِ بِكِتاباتِي وَرَقَصاتِي وَلَمّا عايَشَتْ الشَّبابَ بَتُّ خَمائِلَ وَرَدَّ مُلَوَّنٍ يُشِعُّ رَوْعَةً وَسِحْرًا " يَرْتَشِفُ قَطَراتُ النَّدَى بِشَغَفٍ وَيُزَيِّنُ المَطارِحَ وَيَكُونُ هَدَايَا ثَمينَةً .
اليَوْمَ عاصَرُتْ كُهولَتِي اَلَّتِي تَهَجُّمُ مُسْرِعَةَ الَّى العَجْزِ وَمَعَ هَذَا مَا زَالَتْ حَلَقاتِي قائِمَةً وَمَا زِلُتْ وُرودَ وَأَزْهارَ الحُروفِ فِي كُلِّ مُناسَبَةٍ وَحَفَلٍ وَتَكْريمٍ .
أَوْراقُ الوُرودِ لَا تَتَجَعَّدُ وَلَكِنَّها تَذْبَلُ وَالزُّهُورُ يَتَغَيَّرُ لَوْنُها لِتُصْبِحَ صَفْراءَ وَهَذَا رَمْزٌ لِلشُّحُوبِ وَلِلْكَآبَةِ وَمِنْهُ وَعَلَيْهُ عَوَّلَتْ فِي خَلْطِ أَزْمِنَتِي وَأَلْوانِي وَاعْتَمَدَتْ زُرْقَةُ الفَضَاءِ وَخَضِرَةَ الجِبالِ وَبَياضَ الثُّلوجِ فَكُنْتُ فاتِحَةً وَلَمْ أَكُنْ يَوْمًا " باهِتَةً
مُضيئَةٌ كَأْبْجَدِيتِي فِي غابِرِ الأَزْمانِ وَالَى الأَبَدِ
قوَّتِي حُروفٌ وَكَلِماتٌ وَروحُ اللُّغَةِ القَويمَةِ المُبَيَّنَةِ وَالَّتِي بَيانُها سِحْرٌ وَحَرْثٌ وَتَجَدُّدٌ وَتُمَدَّدٌ وَتَنَامِي وَهِيَ مَعانُ قيمَةٌ وَكَلِماتٌ طَيِّبَةٌ
وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الأَحْيَاءُ كُلُّها عَلَى قَلْبٍ واحِدٍ وَلَوْ تَوَقَّفَتْ الأَزْمِنَةُ وَمَلَكَتْ نَفْسِي والصِّبا وَمَعَهُمَا الجَمالُ وَالخَيَالُ لَا يَنْفَعُ مَعَ المَشيبِ صَبّاغٌ وَلَا مَعَ التَّجاعيدِ مِكْواةً
فَمَا فِي الوِجْدانِ مِنْ تَراكُماتٍ وَأُمورٍ وَأَشْياءَ وَاشْعَاعَاتٍ وَاحْبَاطَاتٍ وَفَوْزٍ وَنَجاحٍ وَنَّكَساتٍ وَخَيْباتٍ وَفَشَلٍ وَآمالٍ
كُلُّها تَلْعَبُ بِكَ بِحَسَبِ جاذِبيَّةِ الأَرْضِ وَتَشْدُّكِ الَّى مَكانِكَ فِي زاويَةِ كُلِّ مَا فِيهَا يَنْذَرِكُ بِأَنَّ الدُّنْيَا تَلَفَّظُ قاطِنيها وَأَنَّ العَجْزَ لَيْسَ هوَ الِانْحِناءُ وَأَنَّ التَّقَدُّمَ بِاَلْعُمَرِ مَا هوَ اَلَا مُجَرَّدَ رَقْمٍ مُسَطَّرٍ فَوْقَ هُوِيَّتِكَ المَدَنيَّةِ وَمَعَهُ رَمْزٌ مُسَجَّلٌ فِي نَظَراتٍ مِسْكينَةٍ تُخْبِرُكَ بِأَنَّكَ مِنْ الرّاحِلينَ فِي يَوْمٍ مَا وَأَنَّ المَوْعِدَ يَقْتَرِبُ وَحَزْمُ الْارَادَةِ لَا يُغْني وَلَا يَوْقَفُ مُرورَ الوَقْتِ وَلَا شَىءَ أَهَمَّ مِنْ أَنْ تَكونَ هَادِئًا " وَفِي راحَةِ بَالٍ .
وَلَا أَمَرَ وَلَا شَىءَ وَلَا حَدَثَ يُثْنيَكُ عَنْ قَرارِ الذَّهابِ وَلَا مُغْرياتٍ تَدْفَعُكَ لَاعَادَةِ تَرْتيبُ خَريطَةِ عُمُرِكَ الجَليلِ .
مَا مَضَى كَانَ وَيَا مَا كَانَ والْيَوْمَ وَحْدَهُ سُلْطانٌ وَمَا فِي الغَدِ بيَدِ اللَّهِ .
حُزْمَةٌ مِنْ الأَيّامِ ثَمانيَةُ سِنِينَ وَخَمْسَةٌ مِنْ العُقودِ
كُلُّها بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ جَميلَةٍ لَا بَلْ رائِعَةٍ وَلَوْ بِخَيْباتِي وَبِنْجَاحَاتِي وَبِرَّتابَةِ أَحْوالِي .
يَا يَوْمِيْ اَلَّذِي سَيَكُونُ لِي عِيدٌ وَيَا نِهايَةَ أَنْتَظِرُها أَنْ تَكونَ تَتْويجٌ لِمَحاصيلِ زَمانيٍّ مُشْرَعَةَ الذِّرَاعَيْنِ وَمُسْتَقيمَةِ الْعُودِ ومُسْتَبْشَرَةٌ بِالْفَرَحِ وَلَوْ مِنْ وَحْدَةِ عَصْماءَ وَمِن أَعْمالِ جُدَباءَ وَمِن قُلوبٍ بَيْضاءَ وَسَطَ أَبْجَديَّةِ النّورِ تَجْمَعُ لِي فُصولِي وَتُزَيَّنُ لِي حَاضِرِي وَهَا أَنَا أَكْرَمُ نَفْسِي وَأَعْتَزُّ بِقَلَمِي وَلَوْ بِتُؤَدَةٍ وَعَلَى مَهَلٍ سَأَكْتُبُ قُوتَ الحُروفِ وَتَكُونُ المُخْتَصَرُ المَسْهِبَ لِحِقْبَةِ حَيَاتِي .لطيفة خالد
@ قريبا" يكون 4شباط وأنعم ب58 عاما"والحمد لله .

عِنْدَمَا تُحاصِرُني حُروفِي وَتَكُونُ لِي دَمْعَاتِي وَابْتِساماتِي وَشَفَائِي مِنْ عَلَاتِي حَتَّى حُروفِ العِلَّةِ تُفْضي الَّى وِجْداني رَاحَةُوسْكِينَةَ وَطُمَأْنينَةٌ مِنْ الأَلْفِ فِي كُلِّ مَواضِعِ الكَلِمِ الَّى الْوَاوُ الصّارِخَةُ بِكُلِّ الْآلَامِ وُصُولًا " الَّى الْيَاءُ الثَّقيلَةُ الوازِنَةُ فِي كُلِّ حَالَاتِيْ
فَلَا قيمَةَ العِلَّةِ فِي الحُروفِ وَلَا حُروفَ العِلَّةِ بِعَدَدِ الصَّحيحَةِ .
لأَنْهَلَ مِنْ الشُّرُوقِ شَعَاعَاتٌ وَلْأَرْتُوِي مِنْ النَّدَى قَطَراتٌ وأَقْتاتٌ مَعَ العَصافيرِ حَبّاتِ الحَياةِ تَكْفيني كَيْ أَمْضيَ وَعُكّازِي قَلَمِي وَسَنَّدي كِتابَ وَثَرْوَتِي دَّواةً .
وَمِن مُذَكِّراتِي أَصيَغُ رِوايَتِي وَمِن هُنَا وَأَنَا عَلَى مَشَارِفِ الِانْحِناءِ وَوَسَطِ المَشيبِ وَفِي غَمْرَةِ التَّجاعيدِ أَصْحَحُ جُمْلَتِي وَأَكْتُبُ وَأَنَا عَلَى مَشَارِفِ الِاسْتِقامَةِ وَوَسَطِ النِّصاعَةِ وَفِي أَجْمَلِ أَيّامِي وَلَا أَبْدَلَ فِي مَشاعِرَ شَذْبَها الحَنينُ وَلَا أَغْيَرَ فِي حَواسٍ صَقْلَها القَهْرَ والْعَذابَ وأَقوي ايمَانِيَ وَأَبْلَغَ سَدْرَةَ المُنْتَهَى بِرَضَى وَفَرِحٍ وَبِدُونِ مُغالاةٍ وَلَا غُرورٍ
بِقَلَمِي أَشْطَبُ كُلَّ أَحْزانِي وَبِقَلَمي أَكْتُبُ فَرَحِي وَكُلُّ مِنْ حَوْلي لَهُمْ حَياتُهُمْ وَليُّ حَيَاتِي
لَا لِلضَّعْفِ وَلَا لِلتَّخَاذُلِ فَمَن شَقِّ الصُّخورُ ليَرْتَقيَ والسَّيْرِ فَوْقَ الأَشْواكِ لِيَسْمو يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَعيشَ مَرْحَلَتَهُ بِسَلَامٍ .
لَا خَوْفَ اَلَا مِنْ الشُّرُورِ وَلَا خِشْيَةَ اَلَا مِنْ الظَّلامِ
النّورُ يَتَلَاقَى فِي داخِليٍّ وَاَلْعَتَماتِ تُضيئُها حُروفٌ تَسْطَعٍ فَوْقَ سُطوري
مُنْذُ اليَوْمِ وِلادَتِي كَطِفْلَةٍ مُدَلَّلَةٍ تَكَبَّرُ بِسُرْعَةٍ وَتَجَمَّعُ الحَبْو مَعَ المَشْيِ مَعَ الطَّيَرَانِ
والْغَوْصُ فِي أَعْماقِ البِحَارِ كَأَنَّهَا حوريَّةُ مِرْآتِها عُيونُ الأَطْفالِ
وَأَميرَةٌ فِي حَرَّمِ الجَمالِ وَمَلَكَةِ القُلوبِ صَوْلَجانَها قَلَمٌ وَتاجُها خَيالٌ .
وَصَلَتْ الَّى مواجَهاتٌ أَدَبيَّةٌ مَعَ القُدامَى وَالمُعَاصِرِينَ وَلَوَّحَتْ بِأَوْراقِي أَمَامَ الجَميعِ مَا وَحُدَّتْ فِي الفَوْزِ اَلَا ذاتي التَّوّاقَةِ الَّى الحُروفِ
صَحيحٌ أَنَّ أَعْمارَنا تَسْري مِنْ بَيْنِ أَيَّامِنَا وَالأَصَحِّ أَنَّنَا نَسْتَطيعُ أَنْ نَضْعَفَها بِهُدُوءِ الأَتْقياءِ وَشُجونَ الشُّعَراءِ وَسُرورِ العَارِفِينَ بِأَمْكِنَةِ القَرارِ .
غَزْوَةُ الشَّيْبِ مِنْ أَقْوَى المَعارِكِ بَيْنَ الاُّنسانِ وَبَيْنَ الزَّمانِ
وَلَا تَّلْوينَ وَلَا تَغْييرَ وَسَوَاءٌ وَصَلْنَا الَّى وَقْتَ مُعالَجَةِ الشَّكْلِ نَمْعَنُ فِي الجَوْفِ الافِّراغِ
وَعَلَيْهُ نَجْهَرُ بِزَمَنِ المَشيبِ كَمَا نَشْهَرُ زَمَنُ الوِلادَةِ وَخُروجُ السِّنِّ فِي فَمِ الطِّفْلِ وَمَكامِنَ نَطَقِ الكَلِماتِ الأُولَى وَنَرْصُدُ الخُطواتِ الأُولَى .
لَا نُقابِلُ بَيْنَ الْآزِمَنَةِ وَلَكِنْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ جَماليّاتُهُ وَلَكِنَّ الاُّنسانَ حَصْرَ عَمَلِهِ باظِّهارِ أَيِّ تَطَوُّرٍ كَأَنَّهُ وَحْشٌ مُفْتَرِسٌ .
العُمْرُ مَراحِلُ صَحيحٌ وَلَكِنَّ الصَّوابَ أَنَّهُ واحِدٌ .
مِنْبَري كُهولَتِي وَبِكُلِّ فَخْرٍ وَاعْتِزَازٍ أُثْني عَلَى الحِكْمَةِ اَلَّتِي تَلَازَمَنِي وَأَتَحَصَّنُ بِالْخَيْرِ اَلَّذِي يُحِيطُنِي وَلَا آنْظِرَ اَلَا الَّى السَّماءُ وَالَى المِدادُ وَالَى الطَّبيعَةَ وَكُلُّ مَا يُفَرَغَنِي مِنْ الشِّحْناتِ السَّلْبيَّةِ وَيَزُودَنِي بِطاقَةٍ تَكْفيني لِأَحْيا وَأَتَمَّ رِحْلَتِيْ بِحَياءٍ مِنْ الدُّنْيَا وَوَجِلٍ مِنْ الخاتِمَةِ وَأَمَلٌ بِمَا وَراءَ المَوْتِ .
وَلَا وُقوفَ عِنْدَ يائِسٍ وَلَا بائِسَ وَلَا مِتْباكَ وَشاكٍ مِنْ كُلِّ أُمورِ الحَياةِ الدُّنْيَا .
وَلَنْ أَنْجِرِفَ مَعَ طَواغيتِ الجَهْلِ وَلَنْ أَتَرَدَّدَ فِي اِدارَةِ ناصيَتِي الَّى اِيْ اتِّجاهٌ يَبْعَدُنِي عَنْ التَّفاهاتِ وَالْحَقَارَاتِ .
وَمِن التُّرابِ قوَّتُنا وَمِن الحُروفِ وَعَلَيْهُ أَدْعُو الَّى العِنايَةَ بِحَبّاتِ التُّرابِ والِاهْتِمامِ بِأْبِجِدِيتْنَا العَرَبيَّةِ .
كَيْفَ أَعيشُ وَحيدَةً وَرِفَاقِي وَرَفيقاتِي طَبيعَةَ بَلَدي الخَلّابَةِ بِكُلِّ فُصولِ الْعَامِ وَمَعِي فِي مُضْطَجِعي عَديدٍ مِنْ جُنودِ الكَلِمَةِ والْكُتّابِ .
لَا يَلْزَمُنِي قَصْرَ حَتَّى أَكونَ مَلِكَةً فَمَلِكَةَ الكِتابَةِ تَقْضي أَفْعالَها
وَلَا أَبْتَغِي مَعيشَةَ وَرُزِقَ اللَّهِ بَرَكاتٍ وَلَا أَحِيدُ عَنْ افْشَاءِ سَريرَتِي لِكُلِّ قَارَىءٍ وَكاتِبٍ وَأَديبٍ وَهاوٍ وَمِن الخاصَّةِ وَمِن العَوامِّ .
مِنْ مُحَصِّلَةِ رُوزْنَامْتِيْ أَحْداثٍ مِنْهَا رِدَىءُ وَمِنْهَا جَيِّدٌ وَمِنْهَا باهِتٌ لَا مَعْلومٌ وَلَا بائِنٌ كَمَا هِيَ حَالُ زَمَانِنَا اليَوْمَ وَنَّأْيُتْ بِدْوَاتِي وَقَلَميٌّ وَذاتيٌّ عَنْ كُلِّ مَا يُهِينُ حُروفِي وَكَلِماتِي .
وَطَني مَكْتَبَةٌ وَهويَّتي أَبْجَديَّةٌ وَقِصَّتِي خَياليَّةٌ واقِعيَّةٌ . أَحْبَبْتُهُ وَلَكِنْ
الفِراقُ كَانَ قَبْلَ البِدايَةِ تَرَكْتُهُ وَغَادَرَنِي عَلَى مَضَضٍ وَبَقِيَ مَعِي عُقودٍ وَآثارِهِ فِي لِسَانِي قَوْلًا " وَفِي أَنامِلِي عَمَلًا "
وَفِي نَظَراتِي صورَتِهِ اَلَّتِي ثَبَتَتْ حَتَّى فَقَدَتْ جُزْءٌ مِنْ نَظَري
وَفِي سَمْعي حَتَّى صَارَ سَمْعيٌّ قَليلٌ
وَنَفْسيٌّ حَتَّى عَافُتْ جُمْلَتِي أَنانيَّتِي بَقِيَ حَبيبٌ مَعَ وَقْفِ التَّنْفيذِ واسْتِمْرارِ نَبْضِ الوَتينِ مَا بَقِيَ لِلْقَلْبِ مِنْ الوُجودِ .
وَكُلُّ حَرَكاتِي تَهْدِفُ الَّى نِسْيانُهُ وَصِراعُ الحُبِّ أَقْوَى مِنْ صِراعِ الثِّيرَانِ والدّيْكَةِ وَهواةِ المُلاكَمَةِ .
وَلَوْ أَنَّ الحُبَّ اشْتَكَى وَرَفْعَ عَلي الدَّعَواتِ لَكَانَ حُبُّهُ يُرَافِقُنِي فِي اليَقَظَةِ وَفِي المَنَامِ .
وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُخِيفَنِي النِّسْيانَ وَأَكْبَرُ مَا يُهِمُّني الفِراقُ
وَعَلَى نَمَطِ حُبِّ اَلْعَظْماءِ أَقْنَعَتْ كَبْرْيَائِي بِأَنَّنَا لَا وَلَنْ نَلْتَقِيَ عَلَى هَذِهِ البَسيطَةِ والسَّلامِ عَلَى اللَّحَظاتِ اَلْعامِرَةِ بِالْحُبِّ والْوِدِّ اِدْ وَعِناقِ الأَرْواحِ .
غَدَوُتْ أَكْتُبُهُ فِي لَيْلي وَأَقْرَأُهُ فِي نَهاراتِي وأَرْتَلَ لَهُ كَلِماتِي بِاتِّصالٍ أَوْ حَديثٍ أَوْ تَحيَّةٍ مِنْ عَلَى الشُّرُفاتِ أَوْ عَبْرَ أَثِيرِيَاتِ الهَوَاءِ وَالهَوَى وَمِثْلِ رابِعَةِ العَدَويَّةِ
أَحْبَبْتُهُ عَشَراتٌ وَلَيْسَ حُبّينَ
وَكُلُّهَا لَهُ وَتَرَكُتْ لِي الأَخيرَةَ عِنْدَمَا فَقَدُتْ الحَماسَةَ واعْتَرَفَتْ بِأَنَّ اَلَّذِي كَانَ حُبِّي مَا هوَ رَجُلٌ مِنْ الأَرْضِ اَنْهُ مِنْ الفَضَاءِ وَمِن كَوْكَبٍ آخَرَ وَسَأَكْمَلُ مَسيرَةَ الحَبِّ حَتَّى اللِّقاءِ .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي