حنايا القلوب"العشق الحلال"

naglaafathi`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-04-07ضع على الرف
  • 86.7K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

iالرواية الجديدة
............حنايا القلوب ........
"""العشق الحلال""""
الفصل الأول
في هذا المنزل البسيط، يصدع صوت المذياع في الأنحاء، يشدوا بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بصوته الشجي الذي يجبرك على حب الاستماع لكلمات الخالق عز وجل، يتراءى من إحدى زوايا المنزل فتاة بسيطة بشعر أسود كالليل، تعد طعام الإفطار لأخيها الأكبر، قبيل ذهابه إلى عمله، لتجد صوته يناديها من الداخل
......:-رؤى، يا رؤى
رؤى: -نعم يا أبيه
يخرج من الغرفة المقابلة لها شاب أناقته تكمن في بساطته، ومظهره المتناسق، يشبهها إلى حد كبير
محمد: -صباح الخير يا رؤى، ايه قدامك كتير على ما تخلصي الفطار ولا إيه، كدة هتأخر
رؤى: -لا أنا خلاص خلصت يا أبيه دقيقة بس احطه على الطرابيزة
محمد: -طيب يلا اساعدك، عشان نخلص بسرعة
محمد محمود الألفي: شاب يبلغ من العمر 27عاما، توفي والداه منذ 13عاما إثر حادث سير مجهول، تولى تربية أخته الصغيرة وهي لا زالت في عمر 7سنوات، كان يعمل ويجتهد كي يعيلها ولا يحتاجون عون من أحد
رؤى محمود الألفي: -فتاة تبلغ من العمر 19عاما، تدرس بكلية التجارة بجامعة القاهرة
يجلس كلاهما يتناولان إفطارهما بهدوء في أجواء صباحية تتميز بالبساطة، يقطع الصمت سؤالها لأخيها بقليل من التردد
رؤى: أبيه هو حضرتك هتمشي على طول؟
ليرد عليها بابتسامة صادقة تنبع بالحنان بعد أن علم الغرض من سؤالها
محمد: أيوة يا حبيبتي اجهزي يلا عشان اوصلك في طريقي
تتهلل أساريرها وتعود البسمة ترتسم على محياها وهي تقول سريعا وتهم بالمغادرة أشبه بالركض: -انا خلاص جهزت يا أبيه
ينظر في أثرها بقلب يملأه القلق على صغيرته، لتعود بعد ما يقارب العشر دقائق،
رؤى: -يلا يا أبيه، انا جاهزة
محمد وهو يحاول تغير مجرى الحديث:- تعرفي يا رؤرؤة انتي تعتبري أول بنوتة تخلص لبس بسرعة كدة
رؤى: -ببسمة بسيطة، لا عادي يا أبيه، انا ممكن اتأخر عادي، بس انت اللي هتتأخر
محمد: -ماشي يا ست اللمضة، يلا نمشي
****************
في نفس المنطقة السكنية البسيطة تقف هذه الفتاة شاردة خلف والدتها، تحضر طعام الغذاء بشرود واضح على محياها، لا تعلم إن كان اختيارها صحيحا أم أنها أخطأت; من وجهة نظرها إنه شاب وسيم تتهافت عليه الفتيات، رغم وسامته لم يحد عن دينه ويلهوا بهذه وتلك، بل هي من سعت للوصول إليه، تفق من شرودها على صوت والدتها
......:-جميلة، بت يا جميلة
جميلة: -ها أيوة يا ماما
الأم: -أيوة إيه يا بنتي انتي سرحانة في إيه واخد عقلك أوى كدة
تخرج منها تنهيدة طويلة، تدل على صعوبة الأمر الذي يشغل فكرها، ويؤرق مضجعها،
جميلة: -مفيش يا ماما بفكر شوية
سناء: -مفيش يا ماما، وبعد التنهيدة الطويلة دي، لتصمت قليلا ثم تعاود سؤالها
بتفكري في ايه يا حبيبتي!
تصمت قليلا ثم تجلس على أقرب مقعد وهي تتنهد بشرود
جميلة: -موضوع الخطوبة يا ماما، مش عارفة حاسة إني تسرعت شوية، مترددة وتفكيري واقف
سناء: -نعم يا اختي، اتسرعتي!
مترددة في ايه، مش هو ده اللي عملتي المستحيل عشان تتخطبى له، جاية دلوقتى تقولي اتسرعت
تهتف بتذمر واضح
جميلة :-يا ماما افهميني هو متشدد اوى، انا لما اتخطبت له كنت فاكرة هنخرج براحتنا، نتفسح مع بعض، بس هو كل ما نيجى نخرج يقول لي لبسك ضيق، لازم حد من اخواتك يكون معانا، ده انا حاسة انه بيخاف يقعد معايا احسن اكله
ترد عليها والدتها بحدة واضحة، معترضة على أسلوبها وطريقة تفكريها
سناء:- انتي بتخرفى يا بت انتي، بقى الراجل محترم، وعارف ربنا، بيحافظ عليكي، تقولي مش بيقعد معانا لوحدنا، بعدين الفسح والكلام ده كله انتي عارفة بكده من الأول ان هو لا بتاع فسح ولا كلام من ده، وظروفه انتي عارفاها كويس، وقبلتي بيها، تيجي بعد كام شهر خطوبة تقولي اصل مش عارفة ايه، اعقلي كدة عشان اخوكي مش هيقبل اللي بتقوليه
تتنهد بضيق وهي لازالت تفكر هل تسرعت في اتخاذ قرار خطبتها أم لا،
تكمل والدتها حديثها: -وبعدين هو قال بكرة تخرجوا شوية
جميلة: -بغضب واضح، ونبرة منفعلة،
اه ومعانا شريف اخويا صح
لتضيق والدتها ذرعا من الحديث معها فتنهي الحوار


**********************************************
تسير إلى جوار أخيها بخطى متمهلة، يختلج قلبها بالخوف، تعلم جيدا أن أجواء الجامعة ثقيلة في معلوماتها وأجواءها، تشعر باضطراب شديد داخلها، لتحاول الخروج من دائرة القلق التي تحاوطها لتهم بسؤال أخيها عن السنوية الخاصة بوالديهم ...
رؤى: -أبيه ...
هنروح النهاردة المقابر، انت عارف ان السنوية النهاردة ...
ليجيب بعد تنهيدة أليمة تنم عن ألم شديد ينخر قلبه، كسكين حاد يقطع أوصاله،
محمد: -عارف يا رؤى ان النهاردة الثانوية، متقلقيش بإذن الله اخلص شغل واجي اخدك ونروح، بس خلي بالك من نفسك، انا عارف انك متوترة، وقلقانة، في حاجة مهمة مش عاوزك تخافي ،أو تقلقي، طول ما انتي ماشية صح، ليكمل وهو يحاوط كتفيها كنوع من التشجيع كتفيها.. وعلى فكرة طريق ربنا هو الصح دايما.
تومئ برأسها كنوع من الخضوع، والراحة لكلام مصدر أمانها،
رؤى: -أبيه انا مش عارفة من غيرك كنت هاعمل ايه، دايما كلامك يحسسني ان انا في أمان، يمكن كنت خائفة اقولك اني قلقانة، بس من غير ما اقول حاجة رجعتني لجزء من الأمان اللي انا محتاجاه، اللي حصل زعزع ثقتي في كل اللي حواليا ...
بس وجودك جنبي كفايا يا أبيه.
محمد: -عارف انك لسة متأثرة من...
عموما خلينا دلوقتى في المهم، شوفي دراستك، ومذاكرتك، ومتفكريش في أي حاجة، خلي تركيزك كله على الدراسة، وحطي دايما طريق ربنا والقرآن دليل ليكي،
خلاص يا صغنونة
رؤى: -حاضر يا أبيه، يلا بقى عشان انت متتأخرش على شغلك، وقفنا كثير.
محمد: -بابتسامة بسيطة .. يلا يا قردة
بعد قليل من الوقت كانا قد وصلا لبوابة الجامعة، لم يشأ المغادرة قبل الاطمئنان على صغيرته، انتظر قليلا إلى ان عبرت البوابة، لاحظ من الخارج كونها تقف تائهة، لم يشأ لفت الأنظار إليها، ظل يدعوا بداخله أن تلتفت لرؤيته، أما هي كانت تسير ببطء، وخوف، يتسلل إلى حنايا قلبها من ماهي قادمة عليه، تنظر حولها كمن يتلمس الأمان، تجد أمانها الكامن داخل عينين طالما غرست بها القوة والعزيمة لاجتياز أصعب الاختبارات، يلوح لها من خارج بوابة جامعتها بمعني أنتي تستطيعين، أنا بجوارك دائما، لا تخافي، وبعد إيماءة من رأس أخيها تقرر مواجهة الرهبة التي تنخر قلبها، تلتفت مرة أخرى وهي عازمة على تخطي رهابها.. بعد تأكده من مغادرتها للداخل، قرر الذهاب لعمله وبداخله يدعوا الله ان يكون معها.
****************************************
هنالك في منطقة أخرى، بل في دولة أخرى، رجل قد خط الشيب رأسه، يجلس على رأس طاولة الطعام بوقار، وهيبة، تتناسب مع سنوات عمره الخمسون، تجاوره سيدة جميلة، ترتدي حجاب بسيط، جميلة إلى حد كبير، رغم سنوت عمرها الأربعين; إلا أن رقتها تخفى عمرها الحقيقي، وإلى جوارها تجلس فتاة تشبهها قليلا تتناول طعامها بهدوء، يقطع والدها الصمت بسؤال ...
......:-رائف فين يا رنا!
منزلش معاكي ليه!
رنا: -رائف نزل بدري يا بابا، راح المينا يخلص ورق طلبية الأجهزة الجديدة
مصطفى: تمام،
.......:-سيبتيه ينزل من غير فطار يا رنا
لتجيب بضيق، وخزي من سؤال والدتها.
رنا: -عادى يا ماما، هو هيفطر في الشركة، او انا ابقى اطلب له أكل، عادى يعنى يا ماما، متشغليش بالك .
ترد فعليها بنبرة غير راضية عن قولها،
فاطمة :-عادي ايه يا بنتي، ده جوزك، وده واجبك، لازم تهتمى بيه شوية
مصطفى: سيبيها يا فاطمة، هي اللي هتندم بعد كدة
فاطمة: بس يا...
لينهي النقاش بنبرة تدل على عدم الحديث في هذا الأمر..
مصطفى: قولت خلاص يا فاطمة، هي حرة
يقطع الأجواء التي طغى التوتر عليها صوت فتاة تعج بالنشاط والحيوية، تهبط إلى الأسفل كما لو كانت فتاة في العاشرة من العمر وليست في التاسعة عشر من العمر، تقبل والدها ووالدتها بتحية الصباح، وتلقى التحية على أختها الكبرى
......:- صباح الخير يا أهل الخير
رنا: -انتي مش هتبطلي الزعابيب اللي بتدخلي بيها دي يا هنا
هنا: -مين انا، ده أسلوب حياة يا بنتي، لو بطلتها يبقي أكيد فيا حاجة غلط
لتقول والدتها بضحكة واسعة
فاطمة: -في دي معاكي حق يا هنا، انتي من غير الهبل ده يا حبيبتي تموتي، تفطسي
تتذمر كالأطفال من مشاكسة والدتها لها لتحدث والدها وهي عابثة كالأطفال
هنا: - عجبك كدة يا بابتي، شوفت فطوم بتتريق عليا، اقول لك سيبك منها وتعالي اتجوزك وانا أفطسك من الضحك
لتشهق والدتها، فاطمة: - اه يا قليلة الأدب
ليخبرها والدها بضحكة لم يتمكن من كبتها كثيرا: -خلاص يا فاطمة متزعليش هنا
فاطمة: -أيوة خليك انت دلعها كدة على طول
فب هذه الأثناء تأتي إليها ضربة على رأسها من الخلف، تجحظ عينيها من فورها، لتقول بابتسامة بلهاء،
هنا: -والله العظيم يا أبيه انت الوحيد ..اللي رافع معنوياتي
ينفجر الجميع ضحكا عليها، فأخيها الأكبر هو الشخص الوحيد الذي يستطيع التعامل معها
.....:-عارف يا قلب أبيه
يتقدم هذا الشاب الأنيق، بحلته الرسمية، المنمقة، ملقيا التحية على الجميع، يبادر بالحديث لأخته الكبرى متسائلا عن زوجها،
سليم: -رائف راح المينا يا رنا!؟
رنا: -أيوة، مشي من بدري يا سليم عشان يخلص الورق بتاع شحنة الأجهزة
سليم: -تمام، كدة نشتغل على طول اول ما الأجهزة توصل
رنا :-تمام، انا همشي انا
تغادر لمقر شركة والدها، بعد مغادرتها مباشرة تطلب هنا من أخيها أن يوصلها في طريقه، فاليوم أول يوم من أيام دراستها
هنا: -أبيه سليم، ممكن توصلني معاك، النهاردة اول يوم في الكلية
سليم: -ماشي، هاخدك معايا وانا ماشي ، بس لو أخرتني زي كل مرة هسيبك وامشي، انتي حرة
مصطفى: -سليم الشغل ماشي كويس ولا ايه أخباره
سليم: -ما تقلقش يا بابا كل شيء ماشي تمام
مصطفى: -تمام، قبل ما تخرج عاوزك في المكتب جوة، في موضوع مهم عاوز اتكلم معاك فيه
سليم: -حاضر يا بابا اتفضل دلوقتى،
ثم يوجه حديثه لأخته الصغيرة بأن تستعد للمغادرة، بعد وهلة من الزمن يتوجه للداخل مع وبقلق; بينما تنظر والدته بقلق في اثرهما
مصطفى الألفي: رجل أعمال، يبلغ من العمر خمس وخمسون عاما، لديه من الأولاد ثلاث
سليم: 27عاما، أنهى دراسته في كلية التجارة قسم إدارة الأعمال، حتى يتمكن من إدارة عمل والده عقب تعاقده، فهو كغيره من شباب عصره، كانت الفتيات يتقربن منه بغية استمالته كونه الوريث لإمبراطورية والده، لكنه لم يشأ إغضاب ربه، والسير نحو الملذات، كان يضع إخوته صوب عينيه حتى لا يفعل شيء يغضب الله فيرد إليه في إخوته، فكان يحتفظ بقلبه لمن قرها الله له...
رنا: -تبلغ من العمر 25عاما، متزوجة، لكنها لم تنجب ....
هنا: -19عاما، مرحة وذكية، تحب عائلتها كثيرا، ورثت عيني والدها الذهبية
رغم أنهم يعيشون بدولة أخرى ; إلا أن والدها لم يقبل نقاشا في موضوع الحجاب، فكان يحتفظ بقواعد دينه وتعاليمه، حيث استطاع بمعاونة زوجته غرس هذه الخصال بأولاده
السيدة فاطمة : -سيدة تبلغ من العمر 45 عاما تحب زوجها كثيرا، لم تريد العمل وكرست حياتها من أجل زوجها وأطفالها
بداخل المكتب كان يجلس سليم أمام والده في انتظار سماع ما يريد والده قوله، فلأول مرة يبدوا وجه والده مبهم المعالم، لم يستطع التكهن عما يريده، إلى أن استرسل والده الحديث بتوتر لأول مرة يلحظه منذ مغادرتهم لمصر واستقرارهم بمدينة كندا
مصطفى: -سليم ...
الموضوع اللي هكلمك فيه انا فكرت فيه كويس، وده أنسب ميعاد اكلمك فيه ....
سليم: -موضوع ايه يا بابا اللي موترك كدة!
مصطفى وهو يرفع رأسه لاستكمال الحديث: -سليم انت عارف احنا بننزل مصر كل فترة ليه؟
ليرد بمزيد من الغرابة: أيوة عشان تزور عمي!
مصطفى: -صح لكن المرة دي قررت ننزل مصر على طول، هننقل كل شغلنا وكل حياتنا هناك، بمعنى إننا هنرجع نعيش في بلدنا وبيتنا من تانى...
سليم وقد ألجمته الصدمة: -حضرتك بتقول ايه!
يعنى بعد ما أسسنا حياتنا وكيانا هنا عوزنا نهده ونرجع مصر!
طب ليه يا بابا!
مصطفى: -السبب هتعرفه بعدين، لكن صدقني يا ابني ده لازم يحصل دلوقتى
سليم بنبرة رجاء: -طيب قولي ليه يا بابا!
مصطفى: -...
************************************
انتهى الفصل الأول ياريت اسمع أراء الجميع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي