Olric

جوكر`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-11-12ضع على الرف
  • 55.2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

فتاة تقود عجلات الدراجة بسرعة كبيرة و كأن هناك من يطاردها ليقبض على فرصة فوزها.

كان شعرها البني المموج و الطويل  يتطاير خلفها و يرتفع كثيراً عن ظهرها بينما تقود دراجة هوائية، اذيال فستانها معقودة حول خصرها لينكشف بنطالها الذي تستر فيه ساقيها مع حذائها البني بنصف ساق.

هذه تكون رايما، بطلة من ابطال الرواية و التي تقود دراجتها على عجل.


ثم ظهرت من نهاية الشارع الذي خرجت منه رايما امرأة ترتدي فستان خدم و يكاد يغشى عليها بسبب ما رأته، لكن خوفها من العواقب لم يسمح لها ب السقوط، لتصرخ بصوت عالي و هي تحاول اللحاق بها: ليدي رايما. ارجوكِ انزلي عن هذه الدراجة، انتِ انسة نبيلة.. ايتها الكونتيسة! ارجوكِ.

لم تستمع رايما لما قالته تلك المرأة خلفها، بل اسرعت بالقيادة و هي تضغط على اسنانها و تعقد حاجبيها بغضب، بينما انظارها تتجه لبوابة كبيرة جداً على بعد 700 متر امامها.

فتحدثت في داخلها بحنق "يا الهي لقد تأخرت.. تباً لكَ يا جول.. كل هذا بسببك"

[انها الكونتيسة المستقبلية رايما جيمس دي لافاس، هي في السابعة عشر من عمرها، وتكون ابنة الكونت جيمس دي لافاس، قائد الجيش العسكري للامبراطورية تحت خدمة الملك]

تتجه على عجل نحو بوابة المدرسة وهي تقود دراجة هوائية خضراء اللون. لون بشرتها حنطي و عينيها واسعتان بلون اخضر كالعشب، و ذات شعر مجعد بني و طويل.

وصلت الى وجهتها و لم تنتظر ان تلتقط انفاسها، بل ترجلت عن دراجتها وانطلقت تهرول نحو البوابة الكبيرة.



..

وفي مكان اخر، خلف بوابة الاكادمية. حيث ثلاثة شبان. احدهم فوق سطح غرفة الحارس و اثنان يقفان خلف البوابة.و كل منهما يقف بجهة مختلفة يقابلان بعضهما. و يمسك كل منهما بطارف حبل سميك.

تحدث توماس من فوق السقف بينما يلوذ بجسده خلف المدخنة: انها هنا، لقد وصلت.

:واحد اثنان ثلاثة.. هيا شُد.
تحدث  أولريك هامساً بعد ان سمع صوت توماس و هو يخبره بقدومها.

.
و عند انتهاء العد شَد أولريك و بولين الحبل، لتكون النتيجة سقوط رايما على الارض. و هي مصدومة بشكل كامل، لتجلس على ركبتيها و تقوم بنفض التراب عن وجهها و ردائها و يديها.

فظهر كلاً من اولريك و بولين  امامها وهما يضحكان، لكن سرعان ما اختفت الابتسامة الحمقاء عن وجهيهما بعد ان امعنا النظر فيها.

ليتحدث المدعو ب اولريك بعد ان شعر بعِرق بارد يتخلل عاموده الفقري: سحقاً.. هذه ليست من رفضتك!

بولين لا يختلف حاله عن الاخر: اوه سحقاً.

ثم جاء توماس يلهث من بعيد ليتحدث و هو يشعر ب انه قام ب انجاز عظيم: السطح عالي جدا، وااه لقد نلنا منها؟

نظر اولريك الى توماس و كان يريد ان يشتمه لكنه فضل الانسحاب. ليهرب مبتعدا عن مسرح الجريمة . بينما رايما ماتزال واقعة تحت تأثير الصدمة، تسمع مايقولونه بدون تركيز.




..

وفي هذا الوقت وفي مكان اخر يختلف كلياً بالمكان و الزمان حيث العجلات الخشبية للعربات تصدر اصوات لتمتزج مع اصوات الطرق على الحديد.

البشر يجرون العربات ، و يجرون الحبال ، و يرفعون الصخور ، و يسيرون في خطوط منتظمة. اقدامه مكبلة ، جلودهم مسودة و اصابعهم متقشفة و اضافرهم مكسرة. اقدامهم عارية، تلتحم بالارض المخشرفة و حصاها القاسية

السوط يرتفع للاعلى و يهبط فوق رؤوسهم و ظهورهم.

عجائز و اطفال لا يقل اعمارهم عن السبعة اعوام منغمسون في هذه المعاناة و المعاملة الوحشية مع سائر الاعمار من االبشر.

يكاد الهواء النقي ينعدم من المنطقة بسبب المداخن ، فيشعر البشر بفقدانهم للقدرة على التركيز بالاضافة للتعب و الوهن نتيجة للاعمال الشاقة التي يشعرون بها.

و كل هذا يحدث تحت قيادة  شعب الاورك، اللذين يقومون ب أسرهم و اخضاعهم. اقبح المخلوقات، و اكثرهم جلادة قلب، دنائة نفس و جشع. و الذين يعملون تحت امرة زعيمهم في هذا العالم الذي احتله ملك الظلام.. الذي يقبع على كرسيه، و يدق ذراع الكرسي بأظافر اصابعه الطويلة وهو ينظر الى كل شيء من حوله بملل.

لون جلد بشرته يلمع و يتغير متدفقاً كأمواج البحر في الظلام الحالك. تقف الى جانبه بعض من النسوة المشعوذات، و يحطن به من كل جهة.

همست احداهن بصوتها الرفيع كعجوز شمطاء: هل مولاي يشعر بالجوع؟

ظهر صوته المخيف: لا.

تحدثت مجددا: ان كان يشعر بالجوع، لقد احظرت لك عذراء جميلة من القبيلة، شقراء جميلة، ذات عيون زجاجية... بشرتها بيضاء ناصعة كالثلج، تنتظر يديك حتى تكمل لها جمالها. ثم التضحية بها لاجل هدنة السلام.

قال: هذا يحدث طوال الوقت

ردت المشعوذة: اجل، و كل مرة يعجبك ما نحظره، اليس كذلك يا مولاي؟. لو ان مولاي احب ان يتأكد فالفتاة موجودة في غرفتك ايها الملك العظيم.

استعاد هذا الوحش الملقب بالملك شكله البشري، لتظهر الهالات السوداء تحت عينيه ذات اللون الازرق، مع شعره الاشقر الذي يصل لشحمة اذنيه.

نهض من مكانه بينما المشعوذات من حوله تحني الظهور وجلاً منه و احتراماً. فخطى بقدميه نحو غرفته و دفع الباب، فوجد الفتاة تجلس على حافة السرير.

-اغلقوا الابواب و انصرفوا الى اعمالكم . .

قال ذلك بينما يخلع سترته الملكية لترتطم بالارض و تفترشها تزامناً مع اغلاق الباب من قِبل الخدم و المشعوذات.

اقترب منها فوجدها معصوبة العينين ترتجف خوفاً مما قد ينتظرها. بل ما لا تعلم انه ينتظرها .

ابعد عن عينيها العصبة، ثم رفع ذقنها لينظر في وجهها.. فتحدث: جميلة جداً انتِ..

لم تجرؤ الفتاة على ان تنظر في وجهه فظلت تنظر الى جهة اخرى رغم حجزه لوجهها بين اصابع يديه الباردة كالجليد.

تحدث مجدداً: انظري الي، اذا كنتِ تريدين ان تعيشي

سمعت الفتاة ما قاله لتنظر اليه على فورها، و هنا اصابتها دهشة كبيرة؛ لشدة جمال وجهه و بنية جسده،  و رغم وجود السواد اسفل عينيه الا انه لم ينتزع شيٱ من وسامته..

ابتسمت الفتاة بخوف: مولاي! . . ما هو المطلوب مني؟

تحدث: ان تطيعيني و تخدميني ولا تفعلي شيئاً الا بأمر مني. و هكذا ربما لن امل منك و سوف ابقيكِ على قيد الحياة، ايتها الجميلة.. ماذا قلت؟

وقفت الفتاة على قدميها و امسكت يده و قبلتها ثم وضعت باطن يده على خدها و تحدثت: كل ما تريده هذه الفتاة القرويةالمتواضعة.. هو حب جلالة الامبراطور و حمايته، لاشيء اخر. ان تحبني و تحميني و ان لا تقتلني.

انهمرت دموعها في نهاية جملتها، لتنظر في وجهه و عيناها الفيروزيتان بفتنتها تبث الضعف و التوسل لمن ينظر اليها. هذا الملك المتوحش ،الطاغية و الشرير الذي لا يشفق على احد و لا تهمه سوى مصلحته المطلقة.

لكن يبدو كما لو انه ضجر وحدته، و شعر بحاجته لتكوين اسرة قوية، مع فتاة من البشر. بعد ان قضى اعوام عديدة و ليالي طوال و هو يفترس قلوبهم.

ابتسم تلك الابتسامة المبهمة والتي تدخل الرعب الى القلب رغم جمالها. ثم قبض على شعرها الاشقر من خلف عنقها و شدها ناحيته.

فهمس في اذنها ليجعلها تقشعر و ترتعب اكثر: هل سوف تكونين قادرة على مواجهتي هكذا كل ليلة بقدميك المهتزتان؟

هي لم يكن لديها اي خيار اخر، فـ جَل ما تريده هو ان تبقى على قيد الحياة  قدر المستطاع، و رغبة الانسان في البقاء على قيد الحياة غلابة كذلك الامر، ف اجابت دو ن اي تردد: سوف ابذل كل ما في وسعي يا مولاي..


ابتسم مرة اخرى ثم مزق القماش الرقيق الذي كان يحول بينه و بينها، ثم تقدم ليدفع بها الى السرير.


خوفها الذي يبدو واضحاً ليس الا بسبب معرفتها الحقيقية؛ بما يحمله هذا الرجل من شرور خلف ابتسامته الساحرة و جسده البشري، ليس سوى وحش يستطيع ان يتحول متى يشاء اين مايشاء..


و في خارج الغرفة حيث يقف الخدم جميعاً تبجيلاً لصاحب المنصب الكبير، و باقي المشعوذات يقفن بعيداً عن باب الغرفة بمسافة متران تقريباً، و يمنع الجميع من التقرب اكثر.. ثلاثة جنود من الاقوياء .

و هؤلاء الجنود الاقوياء نصف اجسادهم عبارة عن و حوش، عديمي الرحمة و الانسانية تماماً كما هو حال ملكهم الذي حولهم ليصبحوا هكذا، و يقدموا له خدمة موثوقة اكثر من خدمة مشعوذة قد تقوم بالطعن بظهر سيدها و تخونه في اي لحظة.


لا يمكن ان يثق احدهم ب مشعوذة أو ساحرة سوداء في العمل ، فبطريقة ما لا يزال هذا الملك الشرير يحتفظ بكل ما هو مفيد بالنسبة له قريباً منه وبعيداً ب الوقت ذاته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي