3

ثم حدث زلزال جعل الاثنان يجلسان قرب صديقهما الغائب عن الوعي، شعرا بالجدران تهتز وتصدر اصواتاً من حولهما فتحدث توماس مذعوراً: يا الهي..! هل سنموت تحت الارض؟

غضب بولين: توقف عن قول هذه الكلمات المشؤومة في مواقف مثل هذه، تباً يا رجل!

هدأ الزلزال بعد ان صمتا؛ فاطمأن الاثنان وزال الخوف عنهما.

قررا ان يكملا ما بدأه،  لكن قدوم المعلم البرت مع المدير _برفقة خادم المدرسة_ جعلهما يمكثان في اماكنهما على الارض.

فشعر توماس ان نظرات الجميع تبث الاتهام: اقسم اننا لم نفعل شيء هذه المرة.

لم يُعطي البرت حديث توماس اي اهتمام بل هرع نحو اولريك ليقوم بحمله مع الخادم، ثم نظر نحو بولين، يقول: احظر الكتاب يا بولين.

نظر بولين  الى يمينه فوجد كتاباً ملقى على الارض، فحزر انه ما يتحدث المعلم عنه، حمله بين يديه ثم لحق بهم برفقة توماس.

همس توماس للاخر: مالذي حدث مع اولريك ياترى؟ ماذا تظن انهم سيفعلون؟

هز بولين رأسه مرتاباً: لا اعرف، لكنهم لم يسألوا ماذا حدث ولماذا اولريك هكذا، اشعر بشيء مريب!

توماس: بالطبع لن يسألوا، فنحن اصدقائه ولن نؤذيه..، يا الهي انت محق.!

استمر الاثنان ب اتباع الكبار بينما يتحدثان. فنظرا الى اولريك الذي يحمله الخادم فوق ظهره بينما البرت يسند ظهر اولريك بيده حتى لا يقع الى الخلف.

توماس خائف مما يحدث امامه وبولين ينتابه القلق والشك، ولن يشعر بالراحة حتى يطمئن على صديقه اولريك.


صعد الجميع الى الطابق الثالث حيث غرف المعلمين والمدير. ففتح البرت باب غرفته وطلب من الخادم ان يضعه على السرير في الداخل.

ليدخل الرجلُ اولاً  حاملاً اولريك. ثم اومأ البرت لـبولين وتوماس اللذان دخلا مطيعان لأمره، فتوقف البرت عند الباب قبل ان يدخل هو الاخر، يتكلم مع المدير: ارسل بنبأ الى المركز، واخبره بما حدث لكي يتأهب.

اومأ المدير برأسه ثم سأله بينما ينظر الى بولين وتوماس: ولكن ماذا ستفعل بشأن صديقيه؟

حرك البرت رأسه: لا اعلم. يجب ان اعرف ماذا حدث معهما، احتاج سماع كل شيء.

المدير: هل كنت تعلم ان هذا سيحدث؟

هز البرت رأسه مجدداً: لم اظن انه هذا هو اليوم.

تنهد المدير ثم قال: ادخل انت، وسأفعل لك ما طلبت.

البرت: حسناً، شكراً لك سيدي المدير..




..

ها هي رايما تصعد على الدرج الخشبي الذي يصدر صوتاً مع خطواتها المستعجلة والخفيفة، فخرج احد الفتيان من غرفته الخاصة، ثم ما لبث ان شاهدها حتى فتح عيناه بصدمة من مرورها من امامه.

فدخل الى الغرفة من جديد ليخبر اصدقائه ما رأه: يا رفاق انها فتاة في مسكننا..!!

قفز اصدقائه من اماكنهم وتوقفوا امام باب الغرفة الخاصة بهم، ينظرون اليها. وكانت قد وصلت الى نهاية الممر، صعدت الدرج التالي واختفت من امامهم، فقال نيد: الى اين هي ذاهبة؟ وكيف دخلت الى هنا؟ هذا مخالف للقوانين!

رد عليه سام: في الاعلى غرف المعلمين والمدير. ربما لديها حالة طارئة.

رد بيتر والذي رأها اولاً: انها جريئة جداً، اكره هذا النوع من الفتيات الجريئات، مزعجات بشكل لا يصدق!.

اضاف نيد وكان لديه رأي مختلف: اظن ان الفتاة الجريئة افضل، اذ هي لن ترفض ان تفعل لك اي شيء تطلبه.

شعر بيتر بالاشمئزاز منه: اخرس ايها الوقح.

ضحك نيد وأضاف: ولكن ماذا قلت؟

تحدث سام وهو  يحاول ان يمزح: دعه ولا تحقق في الامر، لن تنظر اليه لا جريئة ولا خجولة.

دخل بيتر الى الغرفة غاضباً ليلحق به اصدقائه وهما يضحكان عليه، ثم قال سام: دع الباب مفتوحاً حتى نراها عندما تنزل.

رد بيتر بغضب: سوف انشر هذا الخبر في المجلة، ماذا يمكن لفتاة ان تفعل في هذا الوقت من الليل؟

رد نيد محذراً: ماذا تعني؟ هل سوف تتهمها مع احد المدرسين؟ سوف يتم تصفيتك من الأكادمية ان لم تكن تعلم!.

رفع بيتر كتفيه: انا لا يهمني ما سيعقب الامر، ففي النهاية انا لست يتيم مثلكما.

فتح سام عينيه بصدمة: امتلاكك لأبوين لا يسمح لك ان تحتقرنا، ها انت تمتلكهما ويرميانك هنا، معنا نحن اليتيمان، منذ ان كنت في السابعة.

بيتر: اغلق فمك العفن هذا.

سام: انت من عليه ان يخرس ويضع رأسه في الارض ايها المتلصص الواشي.

نيد: ارجوكما اهدئا، سوف يتم معاقبتنا في حال حدوث اي شغب.

سام: انا لا اهتم، سوف اخبر المدير بما قاله هذا العديم الشرف المتطفل.

بيتر: انا رأيتها صدفة ولم اتطفل.

نيد: توقفا، يا الهي.. الا تملان من الشجار؟

دخل الاثنان في عِراك شديد ونيد بينهما يحاول ان يفرقهما عن بعض.


..


في الوقت ذاته وصلت رايما الى غرفة المعلم البرت، فطرقت الباب ليفتحه لها ليتحدث بصوته الهادئ: ماذا تفعلين هنا انسة رايما؟.

رايما: دعني ادخل اولاً،... البرت.

افسح البرت لها المجال، وعند دخولها رأت توماس وبولين يجلسان على الاريكة بأدب.

فـمالت بـرأسها وعقدت حاجبيها بتعجب مع نبرة الاستياء: ماذا يفعل هذان الصفيقان هنا؟.

خفض توماس رأسه خجلاً منها على ما ناداها به في الصباح، فنكزه بولين بكوعه ليتحدث هامساً له:  اعتذر منها.

وقف توماس على قدميه ثم اضاف وهو يشعر بالخجل من النظر اليها حتى: انا جداً جداً جداً اسف انستي. اتمنى ان تسامحيني يا انسة.


اغلق البرت الباب ودفع نظاراته الى عينيه ب ابهامه ثم وضع يديه حول صدره ينظر اليهم.

قضمت رايما باطن فمها وملامح وجهها تبث عدم رضاها عن ما يحدث امامها، وما حدث من بادئ الامر: همممم، على كل حال،  ماذا تفعلان هنا؟

ردها لم يُعجب بولين ابداً ف اطلق فصاحة لسانه: عذراً انستي، هل هذه غرفتك؟ وإن لم اكن مخطأً انا ايضاً يحق لي ان اسألك.

ولكن هل لي ان اعرف ماذا تفعلينه انتِ هنا؟. لكنني لم افعل.. اذاً هذا ليس من شأنك.

ضيقت رايما عينيها الخضراء والتي تغطيها رموشها البنية الكثيفة. ثم لم تقل شيء لان كلامه صحيح رغم وقاحته معها.

فأدركت انه يمتلك ذات الشخصية التي يمتلكها الشاب الاشقر الذي تحدثت اليه في الصباح والذي يكون اولريك.

جلس توماس قرب بولين ينظر الى الاثنين يلاحظ نظرات التحدي والحقد ما بينهما لينطق في داخله: ..الهي اتمنى ان لا نتورط مجدداً.

نظرت رايما الى البرت: اين هو؟ وارجوك اخبرني انه ليس احد هؤلاء الفاشلين.. لأني سوف انسحب.

بلل البرت شفتيه ورفع حاجبيه متحدثاً معها: لسانك، عزيزتي الكونتيسة.

عندما قال كونتيسة نظر توماس وبولين الى بعضهما وبدأت لغة الوجه والحواجب فيما بينهما، اذ توماس يسأله"كونتيسة؟"، وبولين يجيبه بلوي شفتيه ورفع حاجبيه مع حركة هز الرأس وكان يقصد فيها: ماذا قال بحق خالق السماء والجحيم؟

بينما كانا يهمهمان افرغ البرت حلقه ليلفت انتباه كل منهما: أءحم

ف نظر الاثنان اليه وقطعا تواصلهما الصامت.

اكمل البرت وهو يشير الى التي تقف بقربه: هذه الأنسة رايما، ابنة الكونت فيلر الوحيدة، وهي الكونتيسة القادمة.. وايضاً هي معلمة في فن السيف ورمي السهام.

حركت رايما يدها: اذا كنت سأذهب، سأترك اللقب.

البرت: اظن بأنني لن اخذك، لقد ترجاني والدك لكي امنعك.

رايما: ماذا تعني بكلامك؟ لن اسمح لاحد ان يقرر عني.. اليس هذا ما علمته لي سابقاً؟

البرت: انه والدك من طلب ذلك يا انسة..

رايما: انا لا اهتم.. ابي يحب ان يصنع الدراما فقط.

هزت رايما رأسها وأضافت: وأتعلم ماذا؟.. انا سوف اذهب، وأنت لا يمكنك منعي، لا احد منكما قادراً على فعل ذلك لا انت ولا ابي، انا لدي امنيتي.

تنهد البرت مستسلماً..

همس بولين لتوماس:  لقد قالت انها ستنسحب اذا كان احدنا..

فقاطعه توماس: توقف وإلا سمعتك..


بينما يستمر الاثنان في النقاش السري كانت رايما ماتزال مشغولة بمحادثتها  مع البرت: لقد تركت كل شيء خلفي ودخلت هذه المدرسة المزعجة.

تشاركني بعض الفتيات الثرثارات في غرفتي اللواتي لا يصمتن ابداً. حتى خادمتي لم استطع احضارها بسبب الضيق في المكان، وانت لن تمنعني الان.

البرت: انا اسف بشأن هذا، وسوف نتحدث بأمر ذهابك لاحقاً انستي، دعيني اولاً اعرفك على هذان الشابان، هذان هما بولين وتوماس. ولقد حصل بينكم سوء فهم في الصباح على ما اعتقد.

وضعت رايما  يديها حول صدرها: حسناً.. مرحباً بكما، والآن اين هو؟

كشف البرت الستار الذي يحجب السرير عن مجلسهم فظهر لها اولريك وكادت عيناها تخرج من مكانها من الصدمة: اللعنة..  انه هو بالفعل.. لا استطيع تصديق ذلك حقاً.

نظر البرت للاثنان خلفها وتحدث وهو يلمح الى انه لا يجب لهما ان يركزا في اي شيء تقوله: انها صعبة الانقياد لا تدققان كلامها.

اومأ له الاثنان برأسيهما ليخبراه بالموافقة.

عادت رايما الى مكانها ليلحق الثلاثة بها: اجل انا صعبة الانقياد ولن اكون كما تتوقعون مني ان اصبح.

سألها بولين ساخراً: ان تكوني كونتيسة ثرية؟

رايما: اجل، لأن هذا لا يهمني.

بولين في ذهول: واو..

اضاف توماس: هذا مثير للعجب، واو..

هزت رايما رأسها بعدم رضا: استطيع الشعور بالسخرية تنبعث من كلامكما، لكن هذا ليس جديد.

ابتسم البرت ثم اضاف: اجل، الانسة رايما غير مهتمة للمكانة الاجتماعية، انها تحب العوام مثلنا وتنخرط معهم بسهولة.

رفع توماس يده وتحدث بحماس: وانا عامي جداً.

لم تنظر رايما اليه: ليس هذا النوع من العوام.

شعر توماس بالخجل بعد ان تم احراجه: لقد فهمت عليكِ، وأنا اخطأت، انا اسف حقاً.


تنهدت رايما وشعرت بصدق كلماته: حسناً فلننسى الامر رجاءاً، ولنركز على ذلك الصفيق الثالث.


ذُهل البرت من قدرتها على شتم الملك القادم والذي هو اولريك، ف افرغ حلقه محذراً: أءحم.

لم تبالي رايما لما نبه عليه معلمها.

ثم قاطع انشغالهم بالنقاش خروج الانين من فم اولريك، فـتركضوا اليه ليجدوه مكوراً قبضتاه ويعتصرهما بقوة كبيرة الى قرب جسده.

جبينه متعرق جفون عينيه تنكمش. يضغط اسنانه ببعضها من شدة الالم الذي يشعر به.

خاف بولين عليه: مالذي يحدث معه؟

توماس: انا قلق عليه، مالذي يحصل له؟

البرت يبعدهما ويقترب منه: هذا ليس الوقت المناسب للأسئلة.. تنحيا جانباً رجاءاً.

اقترب البرت من اولريك وحاول لمس يده فشعر بتوهج ينبعث منه ليعيد يده اليه: لا استطيع لمسه.

بولين: لماذا؟ ماذا يحدث معه؟

رايما: هذه المرة الاولى التي اشاهد فيها هذا الحدث، اغلق فمك ودعنا نرى و نراقب ماذا قد يحدث الان.

ايدها البرت: انها محقة لا تثر ضجة، فختمُ الكتاب الان يتفاعل مع جسده، ان اولريك يخوض حرباً داخلية مع نفسه. لو انني لمسته وهو في هذه الحالة ربما أحترق.

فتح كلاً من بولين وتوماس عيناهما بصدمة. غير قادرين على الاستفسار اكثر بينما الف سؤال يدور في عقليهما.

هتفت رايما: الن تستطيع استخدام قدرتك عليه او ما شابه؟

لفتت انتباه توماس بما قالته فتحدث في مكانه: قدراته؟؟

البرت: انت تقولين الكثير يا رايما، والاجابة هي لا، لا استطيع. انه محصن الان و اذا تركناه وشأنه ربما هو لن يؤذينا.

ارتفع القسم العلوي من جسد اولريك عن السرير وبدا كما لو ان احدهم اوقع على معدته صخرة حتى ينتفض بهذه الشكل السريع والمسبب للذعر.

بينما عروق جسده تنتفض، وكانت واضحة من خلال ذراعيه المرفوعة اكمامها حتى الكوعين. ومن تحت جلد رقبته ايضاً.

اغمضت رايما عينيها وحركت رأسها بعدم تصديق: يا الهي..! لم اظن للحظة ان يكون هذا الفتى هو الشخص المنشود.

بولين: حسناً. الى هنا وسوف تنتهي كل هذه الألغاز والتلميحات. انتم ستخبروننا الان مالذي يحدث مع صديقي لأنني لم اعد قادراً على الاحتمال.

رايما: وإلا ماذا؟

بولين: وإلا سوف أفقد صوابي. وعندما افعل لن يكون خيراً.

تحدث البرت ليهدأ الشحنة السالبة بينهما: حسناً. لا تخف عليه. اولاً ان صديقكما قوي، لو انه غير كفؤ لَما اختاره الكتاب.

بولين: اي كتاب؟

تحدث البرت بصوت مختنق: الكتاب الفضي الذي جلبته معك، ما حدث هو ان الكتاب قد افرغ كل مكنوناته في جسد اولريك، والله وحده يعلم ما الذي يجري معه الان!

قوس توماس فمه بحزن: هل هذا سيء له؟ يبدو انه يعاني ويتألم.

اجاب البرت: هذا امراً لا مفر منه، هناك مادة جديدة وسحرية تختلط بلحمه وعظامه ودمه وقلبه، عليه ان يتأقلم مع نفسه.

حرك بولين رأسه: انا لا افهم شيء، انت لا تشرح اي. انت تعطينا نصوصاً تشويقية واللعنة.

تحدثت رايما بغضب: سحقاً، اسمعني ايها الابله، صديقك هذا هو المنشود ليقود الجيوش ضد الاشرار والذين سوف يتسربون الى عالمنا ما ان يتم الكشف عن الكتاب الاسود.


اشرت رايما بإصبعها باتجاه اولريك: صديقك فتح كتاب النور، اذا هو الان مالك رمز النور وهو يكون الملك الاخير الذي سينهض.

ولا اعرف لماذا ذلك الكتاب الغبي اختاره من بين الجميع.

ثم نظرت الى البرت وأكملت: لا اظن انه يمد لك قرابة دم حتى، اليس هذا صحيح يا البرت؟ ام ان لك رأي اخر؟

بولين: انه يكون خال اولريك.

نظرت رايما الى البرت بصدمة: ماذا؟ هل هو يكون ابن اختك التي دخلت ذلك العالم ولم تخرج؟ اهي من اتحدث عنها ولا احد غيرها؟ 

وضع البرت يديه حول صدره، ثم اطلق الهواء من فمه بينما يخفض من رأسه، ونظره موجه الى الاسفل، كما لو كان يحافظ وبصعوبة على هدوء اعصابه كي لا تنفجر: اجل، انها هي.

رايما: ولماذا لم تخبرني؟ هل كنت تلميذتك المفضلة لأجل لا شيء؟

تحدث البرت بنبرة جادة: يا انسة رايما ليس من المفترض ان يعرف اي شخص.

اشارت رايما نحو الفتيان بإصبعها: ولكن هما يعرفان!

البرت: اخبرهما اولريك، لا احد سواهما يعلم وهما يحفظان السر منذ طفولته، لقد تم تأمينه لدي ولقد كان حقاً امانة ثقيلة منذ سبعة عشر عاماً وما يزال، انا اخاف عليه كثيراً.

ثم انها ليست اختي بالدم، انها صديقتي، وانا اعطيته لقب عائلتنا حتى اخفيه.


في هذا العالم اولريك ليس له وجوداً وليس له نسل او اقارب. انه ينتمي الى ذلك المكان.

رايما: يا الهي، هذا مستحيل، النبوءة تقول ان الملك الاخير سيظهر من العالم الاخر...

رفع البرت حاجبه الايسر و اغلق نصف عينيه الزجاجيتان: اكمليها هيا.

ابتسمت رايما و اقتربت منه: و انه سوف يعود!.. لحظة..

نظرت رايما في وجه مُعلمها واكملت بينما تفكر بالكلمات ثم قالت: يعود؟!

اومأ البرت برأسه لها بعد ان فهمت واستوعبت هي  هذا الكلام اخيراً. فتحدثت من جديد وصوتها تعتليه نبرة الدهشة بينما تحرك يديها في الانحاء امامه: يا الهي، سوف يخرج الملك الاخير من العالم الاخر!!،


اي هذا العالم!؟؛ وظننت طوال الوقت انه سيكون احد السكان هنا.

وبالفعل هو يسكن هنا ويعيش هنا، لكن اللغز الحقيقي بالجملة الثانية.. (سوف يعود ومعه الامل وشعلة النور..) الكلمات لم تقل سوف يأتي، بل سوف يعود. اي انه سيعود الى حيث ينتمي.

وضعت يدها على فمها ثم ضحكت ضحكة قصيرة مبهجة:  اووه يا الهي كم كنت غبية، ونحن تلميذاك، انا وسيزار ظننا انه يوجد لدينا فرصة متاحة ب ان نصبح هذا الشخص في يوم من الأيام!!



اومأ لها البرت من جديد، بينما توماس يبدو حاله كحال بولين وكلاهما مندهشان ويشعران بصدمة كبيرة من الذي يطأ على سمع اذانهما.

اذ كيف بِصديق طفولتهما والذي يُعد اخاً لهما ان تنقلب حاله وأحواله رأساً على عقب، هكذا فقط دون مقدمات او ذكر يسبق.


وبينما الجميع مشغولون في نقاشهم العميق والمسترسل. كان اولريك يعاني في ذهنه وجسده من مختلف انواع الألم.

لا يدري عن اي ما يحدث أو ما يقال بين من حوله. يغرق في عالمه الخاص، لا يسمع او يدرك البتة.. كما لو أنه تائه، غارق، في أعماق قعر البحر.

لا يجد مخرجاً، لا يدرك حتى اذا كان  هناك مخرج ام لا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي