الفصل الثاني

في صباح يوم جميل مفعم بالود والنشاط بين سكان هذه القرية كان هناك فتاتين تسيرين بين دروب هذه القرية واحدة منهما يحتل الغضب ملامحها الرقيقة والأخرى تسير ببرود متناهي تحسد عليه كأنها تستلم جائزة ما وليس كأنها ستتلقى تقريع شديد على يد الفتاة الأولى توقفت أمام أحد بيوت تلك القرية الذي يظهر عليه الطابع الهادئ لسكان هذه البيت دخلتا الفتاتين المنزل ثم أشارة الفتاة الثانية بيدها للفتاة الغاضبة على غرفه الأستقبال لكي تدخلها ثم تركتها وأتجهت إلى مكان ما، داخل الغرفه كانت تقف فتاة الغاضبة وهى تضع يدها على خصرها وتهز قدمها بشدة دلالة على عصبيتها الشديدة وعدم قدرتها على الاحتمال.
الفتاة بعصبية:- يا إلهي تلك الميلا ستقتلني في يوم من الأيام ثم أخذت تدور وتدور فى الغرفة لكي تخفف من عصبيتها لكن بلا جدوى بل يزداد الطين بلاً عندما تتذكر ما حدث فى هذا الصباح وما كان سيحل بهما أن لم يتوقف.
دلفت امرأة إلي غرفة المعيشة والطبية تشع من وجهها.

تحدثت تلك المرأة بتعجب:- ما بكِ يا تولين؟

الفتاة وكان اسمها تولين:- لا شئ يا خالة دانه

دانه بتعجب واستنكار:- كيف لاشئ؟ مَن يراكِ يستنتج وقوع مصيبة فوق راسكِ الجميل.

عند أنتهاء دانه من كلامها دخلت تلك الفتاة ذات الدم البارد وبيدها كوبين مثلجين ثم جلست بكل هدوء على الأريكة واضعة قدم فوق الأخرى وبسمة استفزاز تناظرهم مما جعل الكيل يطفح عند تولين .

تولين بوجه أحمر من شدة الغضب:- أبنتكِ يا خاله سببت لنا فضيحة أمام مَن هب ودب فى السوق.

ميلا ببرود:- ليست أول مرة.

تولين:- لكن هذه المرة زاد الأمر عن حده كل مرة تحاولِ تقليل السعر وعندما لا يرضى البائع تتركين المكان وتذهبي إلى بائع أخر إلا هذا لما؟

ميلا:- أنتِ لاتعرفين شئ.

تولين بصراخ:- إذا أخبريني بما أخطأ الرجل لكي تضربيه أكل هذا من أجل توفير المال؟

ميلا ببرود:- لست مضطرة بالإجابة على اتهامكِ لي.

تولين وهي تشير إلى نفسها:- أنا أتهمكِ؟ أحقاً أنتي مَن يقول هذا؟

هزة ميلا رأسها بالإيجاب طالعتها تولين باستنكار

دانه ببعض الحدة للفتاتين:- أنتما أريد أن أعرف ماذا حدث وبكل التفاصيل المملة هل فهمتم؟ وأنتي ياميلا توقفي عن الحديث بطريقة باردة

أؤمن الفتاتان لها رأسيهما بالإيجاب، ثم أكملت دانه كلامها:- والأن أخبريني يا ميلا لما حدث.

ميلا:- حسناً يا أمي ثم عادت بذاكرتها إلى صباح هذا اليوم.


كانت تفرد ذراعيها وهى تسير فى الطرقات القرية للاستمتاع بهواء الصباح المنعش للنفس وكانت تسير بجانبها رفيقتها فى كل شئ كانت الفتاة الثانية تحمل سلة كانتا تتجهان إلى السوق.

الفتاة الأول:- ياله من هواء منعش ينعش روحي قبل جسدي.

الفتاة الثانية ببسمة:- معكِ حق ياميلا يبدو أنه يوم جميل أنظري إلى السحاب كيف يبرق فى السماء.

ميلا:- معكِ حق لكن فى النهاية سيظل الليل أجمل الأوقات مهما حدث.

تولين:- لا أعلم لما تعشقين الليل أنه مظلم يشبه الشر.

نفت ميلا هذا الجرم بحق الليل:- لا ليس كل ما نراه حقيقة، أين الليل وأين الشر؟ بينهما برزخ يفصلهما عن بعض.

تولين بأستنكار وهى تقف أمام بائع الخضروات لكي تبتاع منها القليل:- كيف ذلك؟ كليهما أسود والأسود رمز الشر.

ميلا وهى تقف معها وتنظر إليها برفع حاجب:- سيان مابين الشر والأسود، لو كان الأسود رمزاً شر ما كان ملك الألوان، فى النهاية لا نحكم لا الأشياء من غلافها ولونِها فقط هناك الكثير من الحقائق علينا النظر فيها.

هزت تولين راسها بعدم اقتناع من رأي ميلا.

تولين وهى تترك الخضروات لأنها لم تعجبها:- إذن لما جميع الأشرار فى عالم الخيال من اللون الأسود؟

ميلا:- لأنها خيال غير ذلك من الممكن أن يكون واحد من بني جنسه هو الشرير لذا علينا عدم الحكم على الشخص من دون العيش معه، ثم أكملت ميلا فى نفسها عيبكِ يا تولين أنكِ من الأشخاص الذين يحكمون على الشخص من لونه وطبقته الاجتماعية هداكِ الله يا تولين.


وقفتا الفتاتين أمام بائع الذي لم تسترح له ميلا أبدأ لكن لم تهتم بالأمر كثيراً أخذت الفتاتين تنتقيا الخضروات بعناية حتي لا يتم تقريعها من قِبَل والدتيهما.


تولين وهي تمسك حبة البطاطا:- ياعم أريد أن تزن لي كيلو من هذه البطاطا وثلاثة كيلو من هذه البندورة.

أخذ يزن لها البائع ما طلبته وعيناه لايتركان مكان فى جسد تولين إلا ونظر إليه من بداية عيناها اللتين بلون السماء الصافية وشعرها الأشقر الجميل وجسدها الذي يشبه الساعة الرملية كل هذا وهو تحت أنظار ميلا الغاضبة من هذا الوقح.

ميلا بغضب:- أحفظ عيناك يا رجل وإلا فقعتهما لك حتى تصبح بلا عينين.


ارتعشت يدا البائع من نظر ميلا له وأنها رأيته يتفحص حرمه صديقتها.

تولين:- ماذا هناك.

ميلا:- لاشئ والأن نريد الحساب إذا سمحت.

البائع أخبرها ثمن الخضروات
ميلا ولقد وجدت ضالتها لكي تتشاجر معه:- ولما كل هذا؟ ثم أن هذه الخضروات لاتستحق أن ندفع لها كل هذه الأموال.

وافقتها تولين الرأي.

البائع:- هذا ماعندي

ميلا وهي ترفع يدها وبها حبة بطاطا أمام عينا الرجل قائله:- أنظر إلى هذه البطاطا يوجد بها سواد وهذا يعني أنها غير صالحة للأكل ولقد استخرجت هذه البطاطس من الخضروات التي ابتعتها منك.
البائع:- لا يهمني فلقد وزنتهم لكما ولا يمكن إرجاعها أبداً.

طالعته الفتاتان بأستحقار
تولين:- حسنا خذ أموالكَ

ميلا:- ماذا؟ هل ستعطيه الأموال مقابل هذه الخضار الغير صالحة للأكل؟ ثم حولت نظرها للبائع قائله بصوت مخيف:- أسمع ياهذا لن نأخذ هذه الخضار إلا بنصف الثمن وإلا...


البائع:- وإلا ماذا؟
ميلا:- سأترك العنان لمخيلتك.

البائع:- لايمكنكِ أذيتي ولا الاقتراب مني سنتيمتر واحد حتى.

ميلا:- حقا؟ أ واثق؟ ثم أقتربت منه بسرعة وضربته في مكان حساس للغاية أخذت ترفع صوتها إلى مَن يسير قائله:- أنظروا إلى هذا البائع المحتال يبيع لنا الخضروات العفنة بأموال باهظة.

تولين وهي تضع يدها على فم ميلا:- توقفي أرجوكِ توقفي سيلتم الجميع حولنا.

ميلا وهي ترفع يد تولين عن فمها:- لا لن أصمت والأن أيها الناس أنظروا إلى هذا الرجل يخدع الأشخاص الذي يشترون منه أنه يعرض الخضروات الجيدة فى صناديق عربته لكي يجذب المشترون لكن عندما يزن لهم يختار من الصناديق التى توجد أسفل العربه وأنها خضروات عفنه غير صالحة للاستخدام وأنه يضع بعض من الخضروات الصالحة فوق الخضروات العفنة حتى لا يشك به المشتري.

أحد الرجال:- أهذا صحيح؟

البائع:- أبدأ هل تصدق هذه الكاذبة؟ أنها محتالة


إحدي السيدات:- بل أنت المحتال لقد أشتريت منه منذ يومين وظننتها خضار جيدة وعندما عدت إلى المنزل وشرعت فى تحضير الغداء لكن وجدتها خضار غير صالحة للأكل.

وتحدثت إمرأة أخري تؤكد كلام ميلا والسيدة الأولي.

البائع وهو يحاول تهدئة الأجواء:- حسنا يا أنسه خذى الخضار بنصف الثمن كما أردتي.

ميلا ببرود:- كان هذا فى البداية الأن أريدها بربع الثمن.

البائع:- لكن هذا أستغلال.

أحد الرجال:- أنظروا لص يتحدث عن الأمانه، أولم تكن أنت المستغل من البداية؟ والأن أعطها الخضروات بربع الثمن.

البائع:- حسنا حسنا.

نظرت إليه ميلا بنصر لكنه طالعها بشر
ميل وهي تمسك تولين التى احمرت خجلا بما حدث واعتلت ملامحها غضبً من هذا الأمر المحرج من وجهة نظرها.

ميلا:- تولين ماذا لما تنظرين إليَّ هكذا؟ ماذا فعلت؟

تولين وهى تصك أسنانها ببعضها:- عندما نعود إلى المنزل سنتحدث

هزة ميلا كتفيها ببرود وأخذت تسير رافعه رأسها عالياً. كل هذا حدث تحت أنظار عيون زرقاء حادة.

العودة إلى الحاضر
ميلا:- هذا ماحدث يا أمي

دانه:- لقد أخطأتِ يا ميلا كان عليكِ ترك المكان عندما طالع تولين بنظرات قذرة.


تولين:- يا خالة لقد طلبت مني الرحيل لكني أنا مَن منعتها لكن لم أكن أعلم بنظراته.

ميلا:- لم أكن أريد هذا لكن أغضبتني نظراته بشدة لهذا لم أرحل إلا عندما تركت له علامة ستجعله لن ينساني أبدأ.

دانه:- أنتي شريرة يا صغيرتي.

ميلا ببرود:- أعلم هذا جيدا

تولين:- انتي كتله استفزاز وبرود فى هذا الكون

ميلا:- عزيزتي شكرا لهذا الاطراء

تولين:- توقفي عن هذا البرود.

ميلا باستعطاف مصطنع:- سيدتي تولين أتريدني أن أترك عملي الذي انتج منه لقمة عيشي؟.


هزة تولين رأسها بالإيجاب فأكملت ميلا:- حتى لو قتلتي نفسكِ فلن أتوقف أو أترك عملي الحبيب.

دانه وهي تمسك حذائها:- بل ستتركيه يا أخر صبري وتكفره ذنوبي.

ميلا بألم:- اه هذا مؤلم سأقول لأبي أنك ضربتني يا دانه

دانه وهي تضرب ميلا أسفل رقبتها:- اسمي ماما دانه يا عديمة الأدب لقد أفسد مينا أخلاقكِ حتى صارت مثل أخلاق ذاك المعتوه.

لا أعلم لما الجميع يلوموني عندما يجدون أولادهم عديمي الأخلاق أنها تربيتكم يا سادة و ليست تربيتي، أردف مينا بكلامه عقب دخوله غرفة الأستقبال

دانه:- حقا؟ اليس انت مَن كان يجمع جميع أطفال القرية وتجعلهم يرقصون ويغنون بأصواتهم البشعة وبصوت عالي يزعج جميع سكان القرية؟ حقا هذه ليست تصرفات طبيب بل تصرفات طفل لم يبلغ العاشرة من العمر.


مينا ببرود:- أنتم مَن كانوا يتركون الأطفال معي، لم أضرب أحد على يديه ليعطيني أبنه كنتم تتركون أطفالكم معي.

ميلا:- عم مينا لا تعلم كم أشتقت إليكَ ياصديق دربي.

مينا بحب أبوي صادق:- وأنا أشتقت إليكِ يامشاغبتي الصغيرة.

دانه بملل:- ااه هذا يكفي لقد كنتما معا بالأمس.

مينا:- حقا؟ لكن لما شعرت أنه مر قرن كامل من دون رؤية ذات العيون الكحيلة.

ميلا:- معك حق يامينا الوقت يمضي ببطئ عندما لاتكون بجانبي.

تولين وهي تصدر من فمها صوت لحن من ألحان الآلات الموسيقية:- تيرا تيرا متى تنتهي فقرة العشق الممنوع هذه؟

ميلا وهي تحتضن خصر مينا بشدة؛- أنتي تغارين مني لأني أحتضن أباكِ

تولين:- لا لستُ أغار عليه.

مينا:- يالكِ مَن أبنة راشدة

ليث وهو يدخل غرفة الأستقبال عندما سمع صوتهم:- أنا حقا أتعجب عندما أري رجاحة عقل تولين وأسأل نفسي هل هذه حقا أبنة مينا؟

مينا:- وأنا أيضا أسأل نفسي أظن أن ميلا هي أبنتي وتولين هي ابنتكم صح ياميلا.

ميلا:- نعم أظن أننا قد تبدلنا عندما صغار.

دانه:- ومتى تبدلتم؟ هل نسيتي أنكِ أكبر من تولين بعامين؟

ميلا:- حقا أنا الكبيرة؟ حسنا عليكِ أن تستمعِ لكلامي ياتولين. نظرت لها تولين باستفزاز ثم هزت رأسها نافية.

ليث:- ألن نأكل؟ أشعر بالجوع الشديد.

دانه:- لاتقلق يا حبيبي ستذهب ميلا لتحضير لنا الغداء.
ميلا:- ماذا؟ ولما أنا؟
دانه:- لقد قلت ما عندي
تولين:- تستحقين هذا.
دانه:- وانتي أيضا ياتولين.
تولين:- ولماذا؟ لا لن أحضر شيئا لأحد.
أشارت دانه بأصبعها ناحية المطبخ

ميلا ببكاء مصطنع:- أبي أنجدني من هذه المرأة الشريرة أنها تكرهني لا أعلم لما؟

دانه:- نعم أنا أم شريرة ولهذا أنتي مَن سيطبخ ويغسل الغسيل وينظف المنزل ويقوم بجميع أمور البيت لمدة أسبوع.

ميلا بفزع:- ااه لما؟ أرجوكِ ليس هذا الأسبوع خاصةً عيد ميلادى بعده.

دانه:- هذا الأمر لايهمني.
ميلا:- أبي أرجوك
ليث وهو يضع يده اليمين على رأس ميلا:- أسمعي كلام والدتكِ ياميلا دائما تذكري أن والدتكِ لاتريد إلا مصلحتكِ هل فهمتي؟
نظرت له بعدم فهم لحديثه المفاجئ هذه لكن أؤمن له بالإيجاب ثم رحت إلى المطبخ.

ليث:- والأن يامينا أخبرني بما يجول بخاطرك

مينا وقد أراح ظهر على الأريكة:- عندما أخذت ميلا إلى الصيد ظهر أمامي وأخبرني أن الميعاد أقترب.

دانه وليث:- ماذا؟ لكن كيف؟

مينا بألم:- هذا ما أخبرني به وأخبرني أيضا أن نهاية البداية أقتربت وآن الآوان.

ليث وهو عينه على تولين التى تتشاجر مع ميلا:- إذا علينا حماية مَن نحب مهما كلف الأمر حتى لو كلف ذلك حياتنا.

دانه وهى تنظر إلى ماينظر إليه ليث:- كنا معا وسنظل معاً إلى الأبد

مينا:- أينما رحلتم أنا معكم حكايتنا بدأت معا وستنتهي معا.
نظرا إليه كلا من دانه وليث بأمتنان.





فى مكان أخر حيث يسير الخادم بين طرقات هذا القصر الكبير الذى يدل على مدى ثراء صاحب المنزل 9ذاهباً إلى الحديقة التى يوجد بها سيده تلك حديقة يوجد بها جميع أنواع الزهور من شكل، نوع ولون كان هناك توقف الخادم أمام الرجل الذي يقف فى منتصف هذه الحديق واضع يديه خلف ظهره رافعا رأسه عاليا.
الرجل من غير الالتفاف:- ما أخر الأخبار؟
الخادم:- لم يجدوا شئ حتى هذه اللحظة يا مولاى.
الملك:- ماذا؟ لقد ذهبوا منذ ثلاثة أشهر ولم يجدوا شئ حتى هذا اللحظة هؤلاء حفنة من الحمقاء وليس فرسان من أقوى الرجال فى مملكة الربيع.
الخادم وهو يرتعش من صراخ سيدة:- سيدي هناك خبر آخر.

الملك:- أخبرني يا نذير الشؤم.
ابتلع الخادم الأهانه:- سيدي القائد الثالث أخبرني أنه يوجد فتاتين ولدتا في ميلاد (زهرة الزوبور) ونشك أن واحدة منهما هي المختارة

الملك وهو ينظر بعيونه الحادة في عينا الخادم المسكين:- أجعلهم يقطعوا الشك باليقين وأخبرهم أنني أريد المختارة فى أقرب وقت وإذا فشلوا فالاجدر لهم عدم العودة إلى المملكة لأني وقتها سأقتلهم ثم صلبهم على عواميد القلعة هل فهمت
هز الخادم رأسه أكثر من مرة:- نعم نعم سيدي لقد فهمت
أشار له الملك بأصبعه بالرحيل، أنصرف الخادم مهرولاً كأن هناك شبح ما يطاردة


الملك وهو ينظر إلى السماء:- أقترب الموعد موعد اللقاء.



فى مكان أخر يوجد شاب ذو عيون زرقاء حادة ناظرا إلى السماء وهو يتذكر تلك الفتاة المجنونة:- فتاة غريبة يوجد بها هالة قوية ياترا مَن انتي؟ وما تلك الهالة؟ أ يعقل أنها؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي