الفصل الرابع

انكمشت ريحان بمكانها دون كلام نعم صمتت ذلك الصمت الملعون الذي يدمي القلب ويختق الروح لكنه لا يقتلها يستهوي ويتلذذ بتعذيبها،كانت هي تتمزق بصمت وتموت بصمت وتتأذى بصمت وتعود وتنظر إليه بتقزز بصمت أيضا فحتى الدموع جفت حينها واحتقنت داخل جفونها وأبت التحرر تزيد من عذابها لكن وجهها يحكي كل الآهات التي تعاني وكل الغصات التي عاشت وتعيش لحظتها.
وصلوا بعد مدة الى مستقره أين يشبع رغباته ويعيش متعته لكن بالنسبة لها فقد وصلت إلى الجحيم إلى بيت الجبل.
نزل أمير اولا وسلاحه خلف ظهره ليذهب ناحيتها وينزل بها قصرا فسحبها من يدها بكل غضب وكانها جاريته لا ليست من طين البشر حالها حال الشاة التي تسحب للذبح بينما هي اختارت الصمت وقتها وفي داخلها تردد وتصرخ بكل ما اوتيت من قوة تدعو رب العزة أن ينجيها مما هي فيه فلم يعد بيدها شيء غير الدعاء.
نزلت وادخلها بيت الجبل.
كان بيتا جميلا هادئا بطراز عصري انيق يحوي حديقة خلابة كيف لا وهو بيت المهندس المشهور أمير تارهون.
ادخلها للداخل كما رغب يبتسم تلك الابتسامة المستفزة وكأنه انتصر لكن على من؟ إنها ليست لا عدوا ولا منافسا إنها أضعف من كل هذا،لفت هي بصرها التعب يمينا وشمالا للمنزل الواسع ثم نظرت إليه لتقول:لم تصر علي هكذا يمكنك إحضار من شئت من النساء أشكالا ألوانا ومن كل الجنسيات أيضا وكل الأعمار ومتى شئت واتركني لاذهب رجاء لوجه الله اعتقني أنا اترجاك.
أمير:لأنك عنيدة وانا اريدك انت هكذا،اجلسي هيا اسرعي
ريحان بغضب:لا اريد لن أجلس
أمير ببرود:حسنا كما تشائين لا تريدين لا تريدين ابقي واقفة كالبلهاء إذا لنر كم ستتحمل رجلاك الضعيفتان تلك.
تركها وتوجه للمطبخ ليقوم بسحب كاس وملئه بمشروبه له ثم عاد إليها وهي لا تزال واقفة بالصالون الفخم ذاك.
كان ينظر إليها بتلك النظرات التي تأكل جسدها الطاهر وتاكل قلبها البريء بينما هي واقفة مكانها تنظر إليه بترقب والى ردات فعله والكاس بيده.
اقترب منها ليقول:اتريدين
لتجيب:استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم يارب ارحمني.
أمير:والله امرك عجيب انسيتي من اين احضرتك يا حلوة؟؟
من كازينو للقمار وكنت واقفة باالبار الذي يضيف الخمور فلا تتظاهري بالبراءة.
ريحان:انت ذئب بهيئة بشر لا بل احقر من ذلك.
قام برمي كاسه بقوة أرضا حتى انكسر وتفتت قطعا صغيرة ثم اقترب منها كالبركان ليصرخ بوجهها كيف تجرئين انت؟
ريحان:اياك ان تقترب مني
أمير:انت ملكي أصبحت لي لكن انسانيا ساتركك الليلة ترتاحين هنا بهذا البيت ولعلمك البيت محروس كما رأيت فاباك والهرب أو المحاولة حتى ثم قام يلمسها من وجنتها لتبعد يده سريعا عنها وقال:الى اللقاء حلوتي موعدنا غدا لن اتاخر عليك.
كانت ريحان لا تزال واقفة مكانها دون التلفظ بشيء ليحمل بعد معطفه ويهم بالخروج لكن قبلا التفت ناحيتها ليقول:نظفي المكان ثم خرج مبتسما ابتسامة نصر ليتوجه بعدها إلى الرجلين الذين يحرسان المنزل ويطلب منهما حراسة البيت جيدا لأنها من المؤكد ستحاول الهرب والافلاة من قبضته.
ليركب سيارته ويتنفس نفسا عميقا ويقول:واخيرا انت ملكي ثم حمل هاتفه واجرى اتصالا به مع شخص ليقول:ستنال اكراميتك....
رمت ريحان بنفسها على الأريكة بعد أن ارهقت تماما ولم يعد بمقدورها الحركة فقد كانت تحاول تمالك نفسها أمامه والتظاهر بالقوة بصعوبة ثم بدأت بالبكاء وهي تردد:لا يمكن أن يكون هذا حقيقي من المؤكد أنه كابوس وساصحو منه،لتنام المسكينة بعد مدة قصيرة من خروجه دون وعي.
عاد أمير الى القصر بوقت متأخر كان معضم من هناك يغط بنوم عميق وتوجه مباشرة لغرفته لكنه لمح ضوء خافتا يأتي من غرفة سونا شقيقته تردد بطرق الباب كي لا يزعجها لكنه قام بطرقه في الاخير برفق،كانت سونا بالداخل جالسة بسريرها تقرأ من كتاب فهي بأيام كثيرة يهجرها النوم وما أن سمعت دق الباب حتى قالت:من هناك؟
أمير:هذا انا أمير حبيبتي.
سونا:ادخل اخي
أمير:مرحبا
سونا:اهلا أمير متأخر كعادتك.
أمير:وانت مستيقضة لحد الساعة كعادتك.
سونا:تعلم أن النوم منذ تلك الحادثة هجرني تماما وقد تعودت على ذلك.
أمير:الم تنسي حبيبتي بعد؟
سونا:أن نسيت بذاكرتي فقدماي المشلولتان لن تنسى
ان نست ذاكرتي فهذا الكرسي يذكرني كل حين بذلك القذر وبفعلته وبالحالة التي وصلت إليها حينها وبفعلتي في لحظة غفلة وكيف ابكيتكم وآلمت روحكم وكيف ذهب مستقبلي في طريق معتم بينما هو هرب للخارج ويعيش حياته بكل سعادة.
أمسك أمير بيد شقيقته ليقول:لا بأس غاليتي لقد تجاوزنا الكثير والكثير معا وسنتجاوز كل الصعاب التي تعيقنا معا مادامت ايدينا بايدي بعض لن يمسنا سوء قط.
سونا:لا تتركني اخي لا تدر لي ظهرك كما فعل ابي لاجل شيء لاذنب لي به فلا سند لي غيرك من بعده.
أمير:انت قطعة من قلبي كيف اتركك حبيبتي لكن انت كوني قوية دائما ولا تدعي الياس ينشر سمومه بقلبك الطيب واما ابي فانت تعرفينه رغم قسوته الخارجية لكن قلبه طيب.
سونا:ليس معي اخي،لكن لا تهتم انا ساجابه كل الصعاب مادمت معي
أمير: تعالي هنا وهو يشير لها بأن تضع راسها بصدره ليقوم بتقبيل رأسها بحب ثم أكمل قائلا: كوني دائما هكذا قوية فلا شيء يستحق دمعك والآن دعيني اساعدك كي تنامي لقد تأخر الوقت.
سونا:قبل أن أنام أخبرني انت عن احوالك
أمير:في احسن حال
سونا:اها هل هذه علامات عشق جديد ام انني مخطاة
أمير:اعوذ بالله من الخبث والخبائث
سونا ضاحكة ماذا قلت انا؟
أمير:انا لا احب
سونا:يبدو انا نازلي جعلتك تكره كل أصناف النساء بالكون
أمير:لا يوجد بحياتي الا ثلاث نساء امي وانت واوزجي فقط لاغير
سونا:والى متى ستبقى هكذا؟
أمير:الى ما لا نهاية انا سعيد بحياتي وجدا ايضا
سونا:انت ضائع
أمير:شكرا
سونا:العفو
أمير:هناك شيء آخر ابهجني
سونا:اللهم اسمعنا الاخبار الطيبة هيا أخبرني ماهو سريعا
أمير:ليس الآن بوقت آخر حين يتحقق ما اريد
سونا:كما تشاء
أمير:ان شاء الله والآن ساذهب لغرفتي لانام اشعر بتعب شديد
سونا:شكرا اخي شكرا لوجودك
أمير:تصبحين على خير حلوتي
سونا:وانت من اهله.
توجه أمير لغرفته ثم قام بتغيير ثيابه واستلقى بفراشه لكن قبل نومه تذكرها وتذكر ملامحها البريئة ليقول وهو كذلك:انها فعلا جميلة جدا وهذا اهم شيء ثم غط بعدها بنوم عميق.
أتت أشعة الفجر الناعمة...
فتحت ريحان عيونها بصعوبة فهي متعودة على الاستيقاظ وقت الفجر حتى دون منبه لآداء فرضها.
قامت من فوق تلك الأريكة منهكة كل أطراف جسمها تؤلمها نظرت لحالها لتقول:اف كيف نمت انا هكذا دون وعي حتى ثم نظرت ساعة الحائط و الى الخارج لتدرك أنه وقت الفجر لتقول:ساذهب للصلاة وبعدها اجد طريقة للخروج ويجب أن استعيد بطاقتي وهاتفي من ذلك المكان القذر آه ياربي ساعدني بقدرتك ساعدني فلا ملجأ منك إلا إليك.
قامت تتفقد ذلك المنزل الشاسع وزواياه ذهبت للمطبخ اولا لشرب قليل من الماء وتفاجأت بأن الثلاجة مليئة بكل انواع الطعام ثم توجهت للحمام حيث توضأت وخرجت لتأدية صلاتها لكنها لم تجد شيأ تستتر به.بقيت محتارة بمكانها ثم قامت وتوجهت الطابق العلوي حيث دخلت غرفته كانت غرفة جميلة فهو يجيد انتقاء كل شيء وله ذوق خاص تاملت تلك الغرفة للحظات وديكورها واثاثها الفاخر قليلا فهي لم تطأ منزلا مشابها لهذا بحياتها ثم فتحت خزانته علها تجد شيئا يصلح للصلاة لكنها لم تجد غير بعض ثيابه التي لمستها باشمأزاز لتقول :ما احقرك وما اقرفك؟
عادت للاسفل بعد أن يئست بإيجاد شيء ثم بدأت بالتفكير بطريقة للهرب.
توجهت للباب لتجده موصدا من الخارج باحكام جذبته وجذبته لكن بلا فائدة لتستسلم بعد حين،ثم توجهت لنافذة المطبخ وبقيت تراقب الرجلين الذين يحرسان المنزل.
مر بعض الوقت وهي تراقب دون كلل أو ملل لتنتبه بأن أحد الرجلين قد توجه ناحية الباب الخارجي للخروج بقيت تراقبه حتى تأكدت من خروجه لتنتفض من مكانها سريعا وتتوجه لباب الصالون الزجاجي الذي يطل على الحديقة.
فتحته برفق شديد وخرج ثم أعادت إغلاقه برفق ومشت بهدوء عند الزاوية وبقيت تراقب الرجل الثاني حتى غاب عن نظرها بعد حين لتنطلق إلى الباب الخارجي سريعا فتحته بهدوء ثم خرجت مباشرة منه وأخذت تركض في اتجاه لا تعرف اين وجهتها حتى لكنها أخذت تركض وتركض وهي تبكي بشدة فرحا لنجاتها من قبضة الذئب أمير حتى اختفى المنزل عن انتظارها ثم بدأت تردد وهي لا تزال نركض تركض:الحمد لله الحمد لله لكن لسوء حظها ارتطمت فجأة بصدر رجل حتى وقعت أرضا من قوة الصدمة ليقول الرجل:انتبهي
وما أن رفعت راسها حتى وجدته ذلك الرجل الذي كان يحرس المنزل فهو قد توجه حينها لاحضار فطور له ولصديقه لا اكثر.
نظر إليها ليقول:انت؟
رمى الاكياس جانبا لينحني إليها سريعا ويقوم بحملها.
حاولت الافلاة من قبضته وهي تضربه بقوة وتقول:دعني وشاني ياحيوان اتركني ياهمجي اتركني ليرد:والله انك.شجاعة ولا تخافين وتهربين دون خوف من عواقب فعلتك أن تم امساكك.
ريحان:انزلني يا حيوان انزلني.
لكنه لم يكترث لصراخها ليعيدها للمنزل وما ان دخل بها حتى وجد صديقه الذي تفاجأ به يحملها على كتفه ككيس الشوال بمكانه واقفا ليقول:كيف هربت؟لقد كنت واقفا طوال الوقت هنا
الرجل:اسال نفسك لم اتركك الا لدقائق وقد كدت توقعنا بمشكلة عظيمة مع امير بيك أنسيت توصياته بأن نكون حذرين للغاية ما اغباك ليرد الثاني:صدقني لم اغفل للحظة حتى
ليرد الآخر:هشش هشش والآن افتح الباب لاعيدها للداخل وانت اذهب وأحضر الفطور لقد تركته بالطريق أرضا.
اعاد ريحان للمنزل وهو يقول:اقسم لو أعدتها مرة ثانية ستنالين مني مالا يحمد عقباه.
أخذت ريحان تصرخ بوجهه وتقول:انت لا تخيفني البتة انت حشرة عبد مذلول عند سيدك.
لكنه تمالك نفسه بصعوبة وقام باقفال الباب وتركها.
أخذت تضرب الباب المقفل بقوة وهي تصرخ:افتح الباب افتحه دعني اذهب،ثم رمت بظهرها عليه وجلست أرضا وهي تبكي حتى ضعف صوتها وهي تترجاه بأن يفتح لها الباب ويتركها تذهب لكن دون جدوى.
مر وقت على ذلك استفاق خلالها أمير وجهز نفسه ثم توجه للإفطار مع العائلة وما أن جلس حتى لاحظ عدم حضور سونا ليسأل والدته عنها لكن والده أجاب:اتركها لما تحب وتهوى تأتي لا تأتي هي حرة.
أمير:ابي يجب أن نتفهم حالتها
حكمت:أمير لا تدللها بشكل زائد انا والدها ولا افعل كما تفعل.
أمير:ابي لطفا علاقتي باختي خط احمر
حكمت:انت من تحشو برأسها هذه الأفكار حتما
أمير:ابي
حكمت:حسنا لنغير الموضوع
أمير:لا ابي لن نغير الموضوع فقط بل سأختفي من امامك تماما
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي