الفصل الثالث

داخل غرفة النوم والتي تقضي فيها معظم وقتها بالمنزل، تُشعل شاشة التلفاز أمامها لتشاهد مسلسلاتها المفضلة في غياب زوجها الذي يُصر دائمًا على مشاهدة مباريات كرة القدم وحلقات المصارعة الحرة.

تتكتئ على وسادتها وتتناول المسليات أو الفواكه كما تريد، مدامت ستنظف كل هذه الفوضى قبل أن يأتي أبا الغضب بعواصفه، فلا يوجد حماة تعكر صفوها بالشجار والتدخل في كل صغيرة وكبيره تخصها، ولا شقيقة تراقب عليها وتعُد عليها أنفاسها.

هذه مملكتها ولا يشاركها بها أحد، وقد حصلت عليها كتعويض من الله بعد معاناتها في الزواج السابق، فلا داعي لتذكر هذه الأيام العصيبة الاَن، حتى تستمع باسترخاء بمشاهدة الفيلم العربي المذاع أمامها.

كما تُسلي نفسها أيضًا بمتابعة هذه الرسائل المتتالية الغريبة التي تصل إلى حسابها في تطبيق المحادثات، بعدم معرفة حقيقية او حتى صداقة عابرة مع صاحبها عبر وسيلة التواصل الأكثر شهرة:

-عرفيني عن نفسك
-انا معجب بكِ
-لما لا تردي وتُريحي قلبي المتعب بعشقك يا أجمل من رأت عيني.

أطلقت ضحكة مدوية بمرح يكتنفها مع قراءة الرسائل ودعوات صاحبها الحثيثة لها بالرد والإجابة منذ عدة أيام، وهي تقرأ مستمعة ولكنها لا تريد إجابته حتى لا يظنها سهلة المنال، مع شعورها بتافهة المرسل.

بهذه الجمل النمطية والتي تتكرر معها كثيرًا برسائل عديدة تصلها من عدة أشخاص:
-أين أنتِ يا جميلة؟
- طاوعكِ قلبك على تركي، لأناجي وأتحدث هكذا مع نفسي؟

-أعطفي وردي على قلب محب أرهقه التفكير في عشقك، اليس لديك ذرة من رحمة كي تعطفي على رجل مسكين مثلي؟
- تقرأين في الرسائل ولا تُجيبي، لابد أنك تسمتعين بعذابي أليس كذلك؟

استمرت ضحكاتها بانتشاء وهي تتناول في حبات العنب الصغيرة، وعينيها تنظر بصورة الشاب صاحب الحساب الذي يراسلها وهي تشبه إحدى النجوم الأتراك المدمنة على مسلسلاتهم، بل وتعشق الرومانسية في تدليلهم للنساء، وكم تمنت أن تكون مكانهن.

إنتابها الفضول لتخرج عن صمتها وتكتب له اَخيرًا بجملة واحدة:
-قبل أي شئ فلتخبرني اولًا هذه صورتك الحقيقية أم لأ؟
بعث لها يرد برسائل الفرح مهللًا:

-اَخيرًا اَخيرًا وصلني رد منك يا جميلة، اخيرًا رق قلبك إلي بعد طول انتظار.
طرطقت بفمها صوت اعتراض يكتنفه الدلال قبل أن تضغط وترسل إليه:

-انا لم أعطف ولم أحن، أنا فقط أسألك وأنت عليك الإجابة،
انتظرت قليلًا حتى أتتها إجابته:
-هي ليست صورتي ولكني أجمل من هذا الرجل.
فغرت فمها بغير تصديق، تود الرد برسالة ساخرة.

وكأنه قرأ أفكارها، سبق على الفور برسالة أخرى:
-لو وددت التأكد من قولي، باستطاعتي إرسال الصورة الأصلية إذا أردتي.
كتبت ترد:
-إذن فالترسل الصورة الحقيقة ولا داعي للمماطلة.

وصلتها إجابته سريعًا:
-لن أماطل وسوف أرسل أليك صورتي سريعًا لو أرسلتي أنت إلي بصورتك أيضًا.
أطلقت ضحكة مجلجلة لترسل له رمز ضاحك، تُظهر استخفافها بعبارته.

ثم أغلقت الهاتف بعد ذلك مرددة:
-الغبي يظنني حمقاء حتى يطلب صورتي هكذا سريعًا مع أول محادثة بيني وبينه.

❈-❈
أعاد الهاتف لجيب بنطاله، بعد إنتهاء المحادثة، يتأمل هذه المرة أن تأتي بنتيجة فعالة، فجميع المرات السابقة فشلت ولم يصل بها إلى نصف المسافة التي يرجوها، دائمًا ما تلاعبه وتعلقه وكأنها أدمنت الرسائل وأدمنت حب السيطرة بتعليق الرجال.

هذا الدور الذي تعشقه، ويحتل خيالها الخصب بتفكيرها الذي يذكره بالمراهقات الصغيرات قبل أن يعين على الواقع البائس، ولكنه لا يستبعد فهو كما علم من أحاديثها سابقًا مع زوجته، لم تكمل عامها الدراسي الاَخير في شهادة الثانوي الفني الصناعي.

وقد تزوجت عن عمر صغير، ويبدوا أنها حرمت من هذه الأحاسيس وتريد تعويضها الاَن ومع عصام!
تبسم بداخله على هذا الخاطر الاَخير، فجاره العزيز وصاحبه أيضًا له خبرة طويلة بعلاقاته المتعددة مع النساء جعلته يكتشف طبعها سريعًا بعد زواجهم.

وذلك ما جعله، بخيل في كلماته لها، حتى لا تتكبر عليه وقد أتى بها من بلدتهم خصيصيًا حتى تكون طوعًا له تحت أمره، فلا يكرر ما حدث معه في زواجه الاول من بنت الحضر إبنة خاله، التي كانت تعايره بتعليمها الجامعي إذا ضربها أو تشاجر معها.

-تفكر بي أليس كذلك؟
هتف بها عصام يقطع عنه شروده بعد توصيله لهذه المرأة وابنتها للعنوان المذكور، استفاق عمران ليسأله بمرح مصطنع:

-نعم كنت افكر فيك، فقد خفت أن تأكلك هذه المرأة وابنتها وقد قرات النية في عينيها قبل ذهابكم.
أطلق عصام ضحكته المدوية بصخب قبل أن يتناول الكرسي الاَخر ويقترب بجلسته من عمران:

-لديك حس فكاهي عظيم يا راجل، فلا أحد ينجح بقدرك في إضحاكي، أقسم انك لو أخذت بطولة لفيلم سينمائي، ستقلب الدنيا بفكاهتك.
ردد ساخرًا خلفه:

-نعم سأقلب الدنيا لكن ليس لفكاهتي، وإنما لشكلي الجميل والوسيم الا ترى يا راجل؟
اختف الهزل من وجه عصام وحل مكانه الإشفاق والتأثر من كلماته صديقه التي كان يردف بها وهو يشير بكفه على وجهه.

تنهد بعمق قبل يقول ملطفًا:
-كفى يا عمران، أنا لم أقصد السخرية يا رجل، لقد عبرت عما أشعر به اتجاهك، فلا تاخذ كلماتي على محمل اَخر، أم تظنني اتنمر عليك بقولي؟

أومأ عمران بشبه ابتسامة لا تصل لعيناه، يرد بلهجة لينة يدعي السماحة:
-لا تقلق يا عصام، أعلم جيدًا بنيتك البريئة نحوي، وانا لست صغيرًا حتى لا أميز بين المزاح والجد،

تنهد عصام يردد بارتياح:
-الحمد لله انك تعلم بذلك، أنت رفيقي يا رجل وصديقي وجاري أيضًا، يعز عليا زعلك، فلا تفعل أرجوك وتحزنني.

- لن افعل ولن أحزنك يا صديقي.
قالها عمران بابتسامة افضل قليلًا من سابقتها، ثم اردف يتابع:

-اخبرتي الاَن ماذا فعلت المرأة معك؟ وماذا قالت لك؟ ضحك عصام وهو يتذكر المرأة التي تركها منذ قليل قبل أن يجيبه:

-إنها امرأة مجنونة يا رجل، طوال سيرها معي لا تنفك تذكرني بأنها مطلقة وابنتها الصغيرة سوف تتولى تربيتها والدتها، وعن ميراث أبيها بعدة فدادين زراعية ومعهم حظيرة للماشية، كان ينقصها فقط ان تخبرني برغبتها في الزواج مني صراحة.

استجاب عمران للمزاح الذي يتبادله مع رفيقه، ليرد:
-بدون قولك، لقد رأيت الإعجاب في عينيها، وهي تخاطبك سريعًا وتتجاهلني، انها مراة مجنونة، ولكن لما لا يا تجرب يا عصام؟

المرأة شكلها مقبول وعقلها خفيف أيضًا، انها صيد سهل يا رجل، ولسوف تنفعك بمالها، وربما اشترت لك بيتًا وكتبته بإسمك، اليس هذا اكبر أحلامك؟ إمتلاك منزل؟


تجعد وجه عصام ليرد بامتعاص وهو يدنو ليجلس حول النار ويدفئ كفيه برفكهما جيدًا:
-تغور بحالها ومالها وجمالها، وحتى البيت الملك إذا جاء من طرفها، بعد خبرتي الكبيرة والعلاقات المتعددة في رفقة العديد منهن.

اقولها لك الاَن ومن كل قلبي، لقد زهدت بهن وكرهتهن جميعًا، كلهن سواء ولا توجد واحدة منهن تستحق.
هذا ما توصلت إليه عن خبرة.

غمغم عمران بداخله:
-ليتني امتلكت نصف خبرتك هذه يا عصام حتى أصدق ما تتفوه به، فخبرتي يا صديقي لا تتعدى عزة المتواضعة والتي لحقت بها كجائزة بعد رفضي من معظمهن.

وحيد منذ نعومة أظافرك، والدتي ذهبت وتركتني سريعًا، فلم يكن لدي حتى شقيقات أشاطر معهن همي، وربما قد وجدت لديهن القبول الفطري بحكم الأخوة بيننا، فلا أشعر بهذه الهوة الكبيرة بيني بين صنف النساء.

❈-❈
في اليوم التالي

وفي الميعاد اليومي من الصباح كان جالسًا خلف باب الغرفة يستمع هذه المرة منها ما تقصه على عزة بشأن محادثة الأمس، تتحدث بزهو عن هذا المعتوه الذي ظل يرسل لها الرسائل بالأيام يتغزل في جمالها كي يطلب صورتها هكذا من مجرد أن ردت ببعض الكلمات عليه.

-لقد طلب صورتي يا عزة حتى يرسل إلي بصورته، الأحمق؛ أيظن أن الشوق يقتلني حتى أرى صورته الحقيقة، أو يعتقدني بلهاء حتى انفذ وأرسل إليه هكذا على الفور؟

قطعت لتكمل ضاحكة:
-لا يعلم أن صورة الشاب الوسيم التي يضعها على حسابه هي من جذبني للرد عليه
قطعت لتنطلق في الضحك مرة أخرى تردف:
-لقد جعلني أضحك لفترة طويلة، لا أذكر عددها.

ردت عزة ببعض القلق رغم إصابتها بعدوى الضحك على ما تتفوه به جارتها العزيزة:

- ما كان يجب عليكِ أن تردي يا ابتسام وتعطيه اهتمام، كنت اتركيه كغيره، حتى لا يظنها فرصة الاَن لكي يلح بالرسائل وربما يتجرأ بإرسال صور غريبة كما حدث معك في المرة السابقة .

سمعت منها وسهمت قليلًا بتفكير قبل أن تجيبها بشرزد وهي تحتضن الوسادة الصغيرة:
-اقسم أنه هذا كان قراري بالبداية، ولكن غلبني الفضول في السؤال، بعد إلحاحه في الإرسال وطلب الرد، ولكن أطمئني، لو تواقح أو ارسل بشئ غير لائق، سوف أحظره.

شددت عزة بقولها الذي ينبع من دافع الخوف عليها، على أمل أن تتبع ابتسام النصيحة:
-على الفور حبيبتي، حتى لا يقع الهاتف بيد زوجك في أحد المرات ويكتشف أنك تردين على رسائل الرجال، ونحن لا نضمن رد فعله وقتها، وقد يظن السوء.

أصدرت صوت شهقة عالية مستنكرة ابتسام، أجفلت عزة، لتردف بعدها باندفاع:
-عصام يظن بي أنا السوء! بأي عين يفعل حبيبتي؟ وكيف يجرأ؟ وتاريخ علاقاته النسائية قد ذكر معظمه أمامي دون حياء.

انا لم افعل ربع ما فعله هو مع النساء التي رافقهن، إن كن متزوجات أو بنات عازبات، هو واثق جدًا بي وانا أيضًا لم اخذل هذه الثقة، كل ما هنالك هو مجرد متابعة او ردود بسيطة من باب الفضول وقتل الفراغ، أكثر من ذلك لم أفعل.

تبسمت عزة تربت بكفها الصغير على كتف جارتها لتهدئ لتقول لها بمهادنة:
-أنا أعلم جيدًا حبيبتي بأصلك الطيب، ولابد أن عصام هو الاَخر يعلم، ولكني أوجه كلماتي إليك من باب الحرص، الا يحق لي تنبيهك يا ابتسام؟

أردفت بالاَخيرة لتجد المذكورة تندفع عليها وتحتضنها بمودة صادقة تقول لها:
- يحق لكِ كل شئ يا عزة، فا أنتِ لست جارتي وحسب، بل أنتِ الشقيقة التي عوضني بها الله هنا في المدينة، بعد ابتعادي عن أهلي في البلدة.

❈-❈

وفي الداخل وبعد إنصاته لمعظم الحديث نهض عن كرسيه ومراقبتة الدائمة، ليرتمي بجسده على التخت وقد اخذه التفكير العميق للبحث عن طريقة أخرى يستطيع بها التواصل معها، وقد فشلت كل محاولاته السابقة بهذه الحسابات المزيفة.

يشعر بالتشتت لأقصى حد معها، يعلم أن لديها الإستعداد مع ضعفها أمام غزل الرجال، بالإضافة إلى سذاجتها مهما فعلت وبينت غير ذلك، ولكن أين يجد الطريقة؟ عقله مشغول بها ليل نهار، يتحرق شوقًا لتبادل الحديث معها، ولكنها لا تعطيه الفرصة حتى بالنظر إليه.

لو كان رجلًا وسيمًا أو حتى يمتلك مجرد القبول، لما واجه هذه الصعوبة على الإطلاق، يملك العقل الجيد ولا يملك الطريقة التي تساعده على التواصل معها، يكتنفه شعور قوي بالعجز على حل هذه المعضلة الكبيرة.

كما تغلي رأسه بأفكار عديدة ينسجها عقله الذي يزداد تصميمًا يومًا بعد يوم للتعلق بالمستحيل، ومع ذلك هو يرى نفسه دائمًا يستطيع الإقتراب مع بحثه الدائم عن الوسيلة، نعم هي الوسيلة؛ إن وجدها لن يبقى هناك مستحيل.

ظل على حيرته هذه والتفكير المتواصل حتى غلبه النعاس مع طلب جسده للراحة بعد السهر في نوبة عمله، بالإضافة إلى هذا الإجهاد اليومي والمستمر، استيقظ بعد ذلك مجفلًا على صوت زوجته وهي تلكزه بخفة:

-عمران يا عمران استيقظ.
انتفض مزمجرًا بصوت خشن جعلها ترتد للخلف مرتعدة مع هذه الملامح المتجهة والنظرة المخيفة التي اعتلت وجهه:
- ماذا؟ ماذا تريدين يا عزة؟

ابتعلت ريقها لتجيب بصوت خفيض وحذر:
-إعذرني لو أقيظتك قبل ميعادك اليومي، ولكني كنت مضطرة بعد أن أرسل إليك الدكتور عزيز مع أحد العاملين في المركز.

-الدكتور عزيز؟!
هتف بها ينهض سريعًا من التخت ليكمل يريد معرفة المزيد:
- ولما يأتي الاَن الدكتور عزيز وهذا منتصف الشهر وليس اَخره؟ وفي هذا الوقت من الظهيرة؟

- لا أعلم ولكنه قد بعث لعصام رفيقك الثاني في العمل أيضًا، يبدوا أنه يريدكما أنتما الاثنان
قالتها تجيبه سريعًا، لتجده يغمغم باندهاش قليلًا قبل أن يتحرك نخو خزانة ملابسه.

فخلع عنه رداء النوم ليرتدي الاَخر والخاص بالعمل حتى يلحق بمقابلة الطبيب صاحب المركز الذي يعمل لديه.
الدكتور عزيز.

❈-❈
بعد قليل

كان الإثنان عمران وعصام بداخل العيادة الخاصة للطبيب داخل المركز، يحملان مع بعض الرجال الاَخرون، عدة أجهزة طبية جديدة لتحل محل القديمة، والتي قاما برفعها بعد ذلك لداخل مخزن صغير خصص للأدوات الطبية والأجهزة أيضًا.

حتى إذا انتهوا اَخيرًا وخرج الطبيب يهم بالعودة تفاجئ بتجمع عددًا كبيرًا من الأهالي على الدرج الرخامي وقد منعهم من التقدم رجلان من موظفي المركز بالهتاف لأقناعهم:

- أنصرفوا بالله عليكم، فلا فائدة من التجمع هنا، هذا ليس الوقت المخصص لعمل للطبيب، الرجل قد أتى في مهمة محددة وهو على وشك الخروج الاَن.

تكلمت امرأة من وسط الحشد موجهة خطابها للعاملين:
-نحن أعلم بأن عمله يبدأ في المركز على اَخر ثلاثة أيام في الشهر ولكننا نطمع بكشف سريع أستثانئي، فالطبيب عزيز رجل بر كأبيه الطبيب الصالح رحمه الله

قالت المرأة ثم دفعت بطفلتها ذات الخمس السنوات، لتتابع للرجلين:
-ابنتي تشكو من ألم شديد بأقدامها ولا نستطيع الصبر على فحصها حتى اَخر الشهر.

هتف العامل الاَخر بوجهها بنفاذ صبر :
-لا حول ولا قوة إلا بالله، وما ذنب الطبيب عزيز في هذه المشكلة يا سيدتي؟ بإمكانك الذهاب بها إلى طبيب اَخر أو إلى مستشفى حكومي، تحركي يا سيدتي واتركينا لشأننا هداكِ الله.

ثارت المرأة بالكلمات الساخطة توبخ الرجلين حتى استنفرت باقي المجتمعين معها من أهل المنطقة، ليعلو معها صوتهم المنادي على الطبيب عزيز حتى خرج إليهم
مجفلًا على ألأصوات وخلفه كان عمران وعصام بعد إتمامهم العمل بالمخزن.

-مالذي يحدث هنا ولما هذا التجمع الاَن؟
هتف الطبيب بالسؤال ليفاجأ بالصياح والنداء بإسمه، من هولاء المتجمعين، مع تذمر العمال الذين كانوا يجاهدون لمنع تقدمهم الأفراد نحو الطيبب عزيز.

والذي حاول الإعتذار بزوق وكلمات مهذبة، ولفت نظرهم لضيق الوقت لديه على تلبية مطالبهم.
ليقابل بالاعتراض من معظهم مع ازدياد الإلحاح من واقع عشمهم به، كما عاهدهم دائمًا بحسن أخلاقه وعدم صدهم او خذلانهم قبل ذلك.

لم يقوى عزيز على صرفهم رغم عدم تقديرهم لمسؤلياته الكثيرة والتزاماته العديدة، فاضطر
للتراجع من أمامهم لداخل المنزل ساحبًا معه عمران للهروب من الباب الخلفي من المطبخ والمؤدي للمخرج الاَخر من المنزل، وقد أمر عصام ليأتي بالسيارة إليه.

خطا الاثنان إلى داخل الممر الذي يفصل بين المبنى الكبير والملحق الجانبي الذي يسكنه الحارسان، وقبل أن يصلا إلى وجهتهم توقفا فجأة ليستديرا على إثر شهقة قوية صدرت من خلفاهما، وصوتها يردد بعدم تصديق:
- الدكتور عزيز!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي