الفصل الثَـانِـي

الفصل الثَـاني.

بعد مرور يومين، في مخبَر الشرطة في الساعه العاشرة صباحاً.

كانوا جميعهم مجتمعين حول مكتب چاك الذي كان ملاصق لمكتب هانا.

الأمر أنه في الأسبوعين الفائتين كانا محورا أهتمام الجميع، كأن إكتشاف إن كانا يتواعدا أم لا جزء من العمل.

كان الجميع منتبه معهم ولكنهما لم يكونا في ذلك الغباء، فقد أتخذا أحتياطاتهما من قبل، ولكن الجميع كان مهتم كونهما يحاولان التكتم على الأمر.

ومنذ قليل أنتهت لعبت القط والفأر تلك عندما كان كلاهما في غرفة المستندات، ولا يوجد أضاءة في تلك الغرفة على الأطلاق.

لذا يبدو أنهم تبادلا القبل، وكان الدليل واضح على وجه كلاهما، فچاك يوجد أثر أحمر شفاه على وجهه إما هانا ف أحمر الشفاه خاصتها كان مرتب إلي حد ما ولكن توجد آثار حول فمها تآبى أن تزول.

«ألم أخبركم جميعكم؟ أن هاذين الأثنين بينهما شيء ما يدور بينهما؟ أريدكم أن تصدقوني بعد الٱن.»
نبست سوزي، كانت هي ربما أكثر شخص متحمس بينهم جميعهم.

ووسط تلك الأحتفالية الصغيرة إذا أردنا أن نطلق عليها أسم ما، رن جرس الهاتف الذي فوق مكتب ليكسي.

لم يسمع أحدهم رنين الهاتف بالطبع وسط هذا، فكان الجميع يتحدث في نفس الوقت.

ولكن لم يتوقف رنين الهاتف، وفي نهاية المطاف أنتبهت لهُ صاحبة المكتب.

«مرحباً، كيف أساعدك؟»

«مرحباً، لقد وجدت هذا الرقم قد أتصل بكل ارقامي تقريباً منذ يومين بعد الظهيرة تقريباً، لذا عندما أنتبهت لذلك عاودت الأتصال الٱن.»

«هل أنتِ والدة لورا بول رولاند؟»

«أجل، أ كل شيء على ما يرام معها؟»
كانت تود أن تصرخ في وجهها، أ تمزحين معي؟؟؟

«لا، لقد توفت منذ أربعة أيام، بوجه الدقة قد قتلت سيدتي.»

«كيف؟؟ كيف قتلت؟ من فعل ذلك في صغيرتي.»
كان صوتها قد بدأ يميل للبكاء.

«لقد توفت نتجية أختناقها من الغازات المنبعثة من الحريق ولكن يبدو أنه كان متعمد، بالنظر إلي الجروح التي ملأت جسدها وعلامات المقاومة التي عليها كما أنها، أنها قد تعرضت للأغتصاب.»

قالت كل ذلك دفعة واحدة دون توقف كأنها لا تهتم، كأنها مثلجة المشاعر أو تقرأ نص ما من مسرحية مدرسية هزلية لا تعني لها شيء.

كأن أفكار كتلك لم تدمر أسبوعها بأكمله.
شعرت ببعض الرضا ربما عندما سمعت شهقاتها، عندما علمت أنه يوجد شخص ما على الأقل مهتم لها، وأنها ليست منسية بالأكمل.

أفكار كتلك مسحت منها جميع الحزن الذي مرت بهِ في اليومين السابقين، لم تستطع أخفاء شبح تلك الأبتسامة التي أرتسمت فوق ثغرها.

«من أين أستطيع أستلام جثتها.»
جملة كتلك لم تخرج بهذا الترتيب ولم تخرج من أول مرة أيضاً ف كان يتخللها الكثير من الشهقات والبكاء، ربما ظلت دقيقة تلك السيدة تحاول أن تنبس بالجملة، كأن لسانها يخشى نطق تلك الجملة، كأنها تفسيرٌ لحلم سيء، أن نطقت تفسيره حدث ووقع.

«ستجدينها في المستشفى العسكرية، على الطريق السريع.»

«شكراً.»

«العفو.»
نبست ليكسي وأقفلت الخط لتذهب بعد ذلك لهم مجدداً وهي في مزاج أفضل قليلاً.

••
في مكان ٱخر،

كان يوجد قصر عملاق مبني بطراز مختلف، لا يشبهه أي حضارة من الحضارات البشرية. أنه فقط شيء متفرد بذاته  بشكل مميز.

كان لون جدرانه وردية شاحبة للغاية بين عشب أخضر كثيف، وكان يوجد تماثيل مختلفة في ساحته، وتلك التماثيل كان البعض منها يخرج ماء 'نافورة'

في وسط ذلك المنظر الساحر كان المكان بهِ بعض الأشخاص، كان الجميع يرتدي أقمشة بيضاء تلمع في الشمس وملمسها ناعم، ولم تكن مفصلة بشكل معقد فقد مربوطة من الخصر بحبل لكي تبقى في مكانها.

في وسط هؤلاء الحشد كان يوجد فتاة صغيرة مكتنزة الوجه بعض الشيء ويطغي وجهها حمرة خفيفة مع أعين واسعة خضراء وفم صغير.

كان شكلها بريء للغاية، كان يبدو عليها التشتت والخوف، فلم تكن تتحرك كالٱخرين ولا حتى تستكشف المكان على الأقل كطبيعة الأطفال الفضولية.

ظلت منظوية في ذلك الركن، ذراعيها يلتفان حول جسدها في محاولة منها لعناق نفسها. تناظر الأرض في صمت. ظلت هكذا حتى أتت فتاة أُخرى، أكبر منها، تقرفصت وجلست أمامها لتربت على شعرها في هدوء وحنو لترفع لها الصغرى عينيها.

«لا تقلقي، أنتِ في أمان هنا، لا أحد يستطيع أن يؤذيكي بعد الآن.»

نظرت لها عدة ثواني، كأنها تحاول معرفة ما إذا كان ما تقوله حقيقة أم لا، وبينما كانت تنظر لها فجأة أعترى وجهها ملامح الدهشة، كأنها أدركت شيء ما فقط الآن.

«ولكن ألا يجب أن أكون ميتة بحلول الآن؟»

«أنتِ بالفعل ميتة لورا، تلك هي فقط روحك وأنتِ الآن فوق في مكان تستريح فيه الأرواح، قبل أن تستكمل رحلتها.»

في ذلك الحين بدا على لورا أنها بدأت تشعر ببعض الراحة والأطمئنان لذا باعدت ذراعيها عن جسدها وجلست بشكل منفتح أكثر قليلاً.

«أية رحلة؟ وكيف متُ وأنا الآن أتحدث؟»

«ألا تتذكري كيف مُتِ؟ ما آخر شيء تتذكرينه؟»

«أنني كنت أحاول النوم ولكنني لم أكن أستطيع يومها.»

«حسناً، تلك هي كانت نهايتك.»
نظرت لها بحزن حاولت أخفائه خلف أبتسامة صغيرة لها.
نهضت ومن ثم مدت لها يدها لتعينها على النهوض هي الآخرى.

وبعدما نهض كلاهما، أخبَرت لورا أن تتبعها.

كانت تسير إلي الأمام ولورا تتبعها حتى توقفوا أمام تلك المياه التي كانت تخرج من التمثايل في الساحة، وحملت بعض المياه بيديها ورفعتهم لفوق لتتسرسب من بين يديها.

«لورا، سأخبرك بشيء ولكن فكري فيه بتأني. لأسباب معينة لن أخبرك بها الٱن أن وددتِ سأخبرك بها فيما بعد.
الٱن أمامك خيارين، الأول هو أن تشربي ذاك الماء وتتخلصين من جميع ذكرياتك التي صنعتيها في حياتك الماضية مع العلم أنكِ ستولدي من جديد في جسد جديد وكل شيء.

ثاني خيار وهو غير مضمون وبهِ مجازفة وهو أن تحتفظي بذكرياتك تلك، وتصبح روحك في جسد طفل أو ربما عجوز أنتِ وحظك، أو تتوه روحك وتصبحي شبح ووقتها ربما ستعلمين كل شيء وستصبحين روح غاضبة وربما تعلقي في الأرض لقرون أو ربما للأبد لا أحد يعلم ماذا سيحدث.

لذا فكري جيداً في قرارك، وعندما تحسمينه تعالي وأخبريني بقرارك، ستجديني في الجوار.»

عندما أنهت حديثها أستدارت وتوجههت نحو القصر لتجد لورا في آثرها بعدما أبتعدت بقليل.

«أنتظري، أنتظري، أيتها السيدة أنتظري.»
ركضت خلفها لتمسكها من ملابسها البيضاء لتجد يديها تمر من خلالها، ولكنها كانت قد جلبت أنتباهها بالفعل من قبل.

«هل إذا لم أشرب من المياه سأستطيع أن أبحث عن أمي؟»
أمتعض وجه الكبرى، قبل أن ترسم أبتسامة مصطنعة بعض الشيء.

«أنظري لورا، ربما أنتِ لا تعلمين ولكن يوجد أشياء سيئة للغاية حدثت أدت إلي وفاتك، ربما أنتِ لا تذكرين لهذا السبب أنتِ هنا ولستِ في مكان آخر، تكنين غضب عارم يحولك لروح شريرة، غاضبة لا تسعى لأي شيء عدا الأنتقام والكره.
وقتها لن تستطيعي أن تتحكمي في الأمر، لأنه سيكون بسبب مشاعرك. ستعلمين كل شيء وستبقين في حزن وغضب للأبد.
لا تجعلي حبك لوالدتك يقودك لهاويتك، أرجوكِ فكري بتأني.»

كانت تود أن تخبرها بصريح العبارة أن والدتها لا تستحق تلك التضحية، وأن والدتها لا تحبها لتلك الدرجة وأنها شخص سيء ولم ينضج بعد، حتى بعد مرور كل تلك السنين ولكن السنين لم تكن كافية لتجعلها أنضج.

لم يكن مسموح لها أن تخبرها بأن العالم لم يكن منصف لها بشكل كافي، وأنها في حالة علمت ما مرت بهِ سيرتسم طريق هلاكها للأبد.

«أنا متأكدة مئة بالمئة من قراري، من المستحيل أن أغير رأي حتى أن بقيت هنا للأبد.»

«حبيبتي لورا، أنا أعلم أكثر منكِ صدقيني لن تجدي ما يسرك، لنفترض أنكِ كنت محظوظة كفاية لكي لا تتوه روحك من البداية وأن تستقر في جسد ما، لن تلبثي ساكنة، ف ستبحثين عن والدتك وستحاولين أن تعلمي ما حدث لكِ،
وفور ما ستعلمي ذلك ستنتهي. أنا أحذرك من ذلك القرار أنه سيء للغاية.»

كان وجهها مشدود وهي تخبرها بذلك، هي تعلم منذ البداية ما الذي سيصل حالها إليه ولكنها لا تستطيع، كما أن تلك النهاية نادراً ما كانت تتغير ولكنها كانت تحاول تغيرها بكل قوتها فلا أحد يعلم ربما قد تتغير في النهاية. مع أنه إذا تغير مصير الفتاة فهي ستتعرض للعقاب ولكنها لا تفكر بهِ الآن هي فقط تحاول.

«لا بأس سأتحمل نتيجته بأكملها.»
تنهدت بحزن عندما علمت أنه لا يوجد رجعة في ذلك، وأن نهايتها المشؤومة ستحدث على الأغلب.

«أتبعيني إذاً.»
أخبرتها بذلك ليتوجهها نحو القصر الكبير، مسكت بيديها وسارت عبر البوابة.
أن شعور العبور من البوابة، شعور كان غريب للغايه للورا، أنه مثل مرور تيار كهربي في جسدك ولكن ليس بشكل مؤلم.

دخلا القصر وكان مثله مثل أي مبنى آخر من الداخل، لا أعني مبنى عادي ولكني أعني طبيعي.

كانت الأسقف العملاقة التي بالخارج، كانت منقوشة ومرسومة من الداخل، كان كل جزء منها يحكي قصة ما،
قصص أسطورية وخيالية وأشياء آخرى كانت نتاج حضارات بشرية عدة.
وكان يوجد حوض رخام مدور وبهِ مياه كان لها شكل مختلف، كانت قطراتها تحاكي الكريستالات في لألأتها ربما.
وكان يوجد أشخاص فاقدين الوعي أو بشكل أصح كان يبدو عليهم ذلك ف كان يوجد أشخاص آخرون يضعونهم في تلك المياه ويبدأون بأستعادة وعيهم.

ولكن ذلك لم يكن طريقهما، فهما أستمرا نحو سلم صاعدين لأعلى.

توقفا أمام غرفة، فتحتها الفتاة عبر وضع يديها علر الباب لثواني ومن ثم دلفا سوياً حالما فُتح.

كانت الغرفة مرتبة للغاية، كانت تحتوي على سرير ومكتبة ليست كبيرة للغاية بجواره، وكانت الأرضية خشبية والجدران لونها أحمر دافيء ليس صارخ.
وسجادة فرو تتوسط الأرضية وفوقها منضدة مدورة صغيرة وعليها فازة زجاجية شفافة بها زهور بيضاء.

وكان يوجد دولاب مواجِه للسرير، فتحته وكان يحتوي على زهور كثيرة مرتبة في أرفف صغير

«كنت أتمنى أن لا يكون ذلك قرارك النهائي، ولكنه قرارك في النهاية»

نظرت لها نظرة توديعية مطولة، قبل أن تفتح الدولاب وتخرج زجاجة بها سائل أزرق .
"أ أنت متأكدة؟"
"أجل."
تنهدت بحزن قبل أن تعطيها الزجاجة وترتشفها مرة واحدة دون تمهل.

في مخبر الشرطة، مجدداً.

"يا رفاق لدي خبر جيد للغاية لكم."
نبس بها فرانك، وهو الشخص الذي بمثابة المشرف لهم في تلك الوحدة. كانت أعمارهم جميعا متقاربة بعض الشيء. لذا لم يكن شيء مريح للغاية أن يكون التعامل بينهم رسمي وجاف للغاية. لذا كانت علاقتهم ودية أكثر ولكن الأختلاف كان في نوعية المهام المطلوبة من كل شخص فيهم.

"ترقيتي؟"
نبست سوزي.
" وكيف سيكون ذلك خبر جيد لنا كلنا؟"

"يا ألهي ليكسي لم أكن أتوقع أنك غيورة لتلك الدرجة، ألا تتمنين الخير لي لصديقتك العزيزة؟ أليس نجاحي من نجاحك."
نبست بطريقتها الدرامية للغاية، والتي أعتاد الجميع عليها.

"حسنا يا رفاق سأخبركم لأن الجو بارد  للغاية وأريد أن أعود للمنزل مبكرا، الأمر هو أن بعض القضايا سنقوم بغلقها، كي نخفف العبأ من علينا قليلا ولكي ننجز قضايا اخرى قد تكون حرجة أكثر أو بعبارة اخرى، تأجيلها قد يؤدي لتفاقم الوضع بشكل سيء. وهذا ما لا نريده لذا منذ قليل قمت بتصنيف القضايا لأكثر من تصنيف. يوجد البضع سنلقي بملفه في غرفة الأوراق دون النظر له والباقي قمت بترتيبه لكل واحد بينكم على حسب درجة أهميته."
أخبرهم بذلك وبعدها دخل لمكتبه وخرج وهو يحمل بعض الأوراق على يده.
"أنظروا لقد نظمت لكم الأمر لكي ننجز علمنا بشكل سريع وبسيط. في الورقة الأولى ستجدون القضايا الأكثر أهمية والتي يجب العمل عليها وأنهاؤها في أقرب فرصة، بعدها أرقام القضايا الغير هامة وأخيراً التي سيتم تسجيلها ضد مجهول."
ربما ذلك ما كان يميز شخصية فرانك وهو النظام، نظامه هو ربما ما ساعد في أن يكون في ما هو عليه اليوم، المهم قام فرانك بأعطاء كل واحد فيهم ورقه.
قامت ليكسي بالتوجه لأخر ورقة في ذلك الورق لتجد أحساسها في محله، وهو أن قضية تلك الفتاة ستغلق. هذا ما كانت متأكدة منه. قضية صعبة، أدلة شبه معدومة، الفاعل سيتم التستر عليه في حالة إذا لم يكن يوجد أشخاص ثقيلة ربما في ظهره.
لأن ذلك الملجأ لاطالما  عُرف بحسن معاملته ورعايته لتلك الأطفال. لذا من المؤكد أن غياب لورا لأكثر من يوم فقد لفت أنتباهم، قررت ليكسي أن لا تفعل أي شيء في الوقت الراهن حتى تتحدث مع مولي، السيدة اللطيفة التي قامت بتربيتها ودعمها حتى وصلت لما هي عليه الان.
وضعت الأوراق على المكتب ولم تُظهر أي شيء على وجهها أو تقول أي شيء حتى تفكر بالأمر وحتى لا تزيد الأمر تعقيداً في حالة أنه لم يكن بسيط منذ البداية.
"حسناً، أستطيع الان أن أخبركم أنه يمكنكم الحصول على بقية اليوم راحة."
كان الأمر مثلما تذهب إلي يوم دراسي ويغيب ذلك المدرس الذي تكره مادته، هكذا كان الأمر بالنسبة لهم.
جميعهم أستعدوا للرحيل، سواء قاموا بأطفاء حواسسيبهم أو ترتيب المكتب سريعاً  أو أرتداء معاطفهم على عجل، في خلال عشر دقائق كان الجميع تقريباً رحل عدا ليكسي وديف الذي كان ينتظرها.
"أ يوجد خطب ما؟"
أومأت له بأجل.
"أخبريني إذاً كي أساعدك إذا أستطعت."
"لا أستطيع أيجاد ورق أخر قضية كنت أعمل عليها، أنها هامة للغاية بالنسبة إلي."
أخبرته بذلك بينما تبحث بتوتر بين كل الأوراق، ليقبض يديها الأثنين بين يديه مما أوقف حركتها فتنظر إليه منتظرة منه تفسير ما لما فعله.
"حبيبتي ربما لن تجديه الان ليس بسبب أنه ضاع ولكن بسبب فرط توترك كما أنه يبدو عليكي الأرهاق الشديد، قد يكون أمام عينيك ولكنك لن تلاحظيه بسبب أن اليوم نفسه متعب لذا دعكِ منه الان ودعينا نذهب."
بدا عليها الأقناع للترك ما بيديها ويقوم ديف بفرد معطفها لها، حيث يكون ينقصها فقط أن تقوم بأدخال يديها الأثنين فيه، ديفيد هو المثال الدقيق لكلمة رجل يعلم كيفية التصرف بشكل مهذب ولبق ولطيف.
أنه ذلك الطفل الذي كان يعلم كيفية التعامل بشكل مثال للغاية، والذي لم يكن يتعرض لأي وضع محرج، أما ليكسي فكانت على النقيض. كانت دوماً تتعرض لمواقف  محرجة وكانت تتصرف غالباً بشكل أخرق وغبي.
أمسك بيداها بيد والأخرى حمل بها حقيبتها وخرجا من المبنى متوجهين نحو سيارته، وبالطبع لم ينسى أن يفتح الباب لها لتشكره وبعدها يذهب ناحية كرسيه.
قام بتشغيل السيارة وخرج من موقف السيارات الخاص بالشرطة.
"إذاً هل ستذهبين لدانييل اليوم؟ أم ماذا؟"
"مممم، لا أعلم. لا أريد أن أذهب ولكني أشعر أنه يجب أن أذهب أ تفهمني؟"
"أجل أتفهمك، من الأفضل أن تذهبي، أعتقد أن الأمر سيكون سلس للغاية، أعني لقد أخبراكي بالحقيقة من تلقاء نفسهم، لذا لا أعتقد أنهما لن يخبراكي ببقية التفاصيل التي تريدين معرفتها."
"ألا تظن أن سؤالي لهم قد يكون وقح بعض الشيء؟"
"لا لا ليكسي، هذا أبسط حقوقك، أنتِ فقط تريدين معرفة من هي أمك ومن هو أبوكِ البيولوجيين، الأمر ليس وقح بأي شكل فقد أذهبي اليوم وأحصلي على كل الأجابات التي تحتاجيها."
"حسناً، سأذهب أتمنى أن لا أعرف شيء حزين، أنا خائفه من الحقيقة ولكن الهروب منها ليس خيار، اليوم سأعرف وأنهي كل شيء. إذا لم يتخليا عني بمحض أرادتهم سأكون سعيدة للغاية، ولكن إذا كان العكس سأتقبل تلك الحقيقة بكل شجاعة، سأخذ وقتي في الحزن والبكاء سأحزن حتى يأتي الوقت الذي سأستطيع تقبلها بشكل كامل دون تهرب منها. ولكن حبيبي أنا لا أزال خائفة، أنا أخشى المواجهة دوماً."
وضع يده فوق يديها التي كانت مستريحة أعلى فخذها وربت عليها  بهدوء.

"ليكس، لا أخبرك أن الأمر سهل، ولكن الحل الوحيد الذي أمامك، هو أن تفعليه، فقط قومي بذلك وأنهي الأمر للأبد"

«إذاً لتوصلني إلي ورشة دانييل، سأتحدث معه اليوم..»

«من الجيد حقاً سماع ذلك.»

في أقل من خمس دقائق كان يقف أمام ورشة دانييل. ترجل كلاهما من السيارة وقام ديڤ بألقاء التحية على كلاهما ومن ثم أستأذن وذهب في طريقه لتبقى ليكسي معهم.

«أ حدث شيء ما في العمل؟ لقد رجعتي مبكراً اليوم.»

«أجل، لقد حصلنا على بقية اليوم راحة، وفكرت في أنني سأجدكما هنا لأنني أود أن أتحدث مع كلاكما في موضعين مهمين للغاية.»

أرتسمت الجدية على وجه كلاهما، وقامت مولي بجلب كرسي لها من الداخل ليجلس ثلاثتهم حول منضدة مدورة وينظر ثلاثتهم لبعضهم البعض في صمت.

وعندما فقدت مولي الأمل في أن تتحدث ليكسي، قررت أن تتحدث هي كي تكسر الصمت الذي كان سائد وقتها.

«إذا ما رأيكوا أن نطلب بعض الطعام؟»

«جيد، أريد باستا بالجمبري والصوص الأبيض.»
نبس داني في ثانية كأنه قام بتحضير الأجابة من قبلها.

«على الأغلب سأطلب برجر دجاج، وأنتِ ليكسي ماذا عنكي؟»

«لا أعلم، أقترحي عليا ماذا أكل.»

«بيتزا بالجبن؟»
قامت بسؤالها لتفكر قليلاً ومن ثم تومأ لها بأجل لتقم بعد ذلك بطلب الطعام لهم.

«إذاً ليكسي، دعيني أخمن هل الأمر له علاقة بالعمل؟»

«أجل، ولكن في الحقيقة يوجد موضوع آخر.»
أخذت نفس عميق وعبثت قليلاً بطرف قميصها قبل أن تتحدث أخيراً.

«قبل كل شيء، أريدكم أن تعلموا أمر ما، وهو أنني لا أقوم بسؤالكم عن الأمر لأنكم لا تقدموا لي الحب والدعم بالشكل الكافي، أو أي شيء من هذا القبيل.
أنا فقط أريد أن أعرف من هما والداي، وكيف أنتهى الحال بي معكم.»

أخبرتهم بذلك وهي منفعلة للغاية من التوتر حتى أن أذنٌ من أذنيها أحمرت قليلاً.

«ياه يا ليكسي، هل تفكرين في الأمر منذ مدة كبيرة يا صغيرتي؟ نحن أسفان لأننا جعلناكي تشعري بكل هذا التوتر لكي تعرفي معلومة صغيرة كتلك، أ تعلمي شيء نحن لم نخبركي لأننا ظننا أن هذا سيكون أفضل لكي من أخبارك، ظننا أنكِ هكذا ستكونين بخير، ولكننا لم يكن لدينا علم كافي بأنكِ ستكونين خجلة للغاية من أن تسألينا.»

تنهدت قليلاً مولي قبل أن تكمل كلامها،

«كانا أباكِ وأمك من روسيا بالأصل، لم يكونا من أمريكا. الأمر هو أن والدك كان يعمل هنا أغلب الوقت وكان يرجع بين الفنية والآخرى للروسيا.
كان يستعد كي يتزوج والدتك، كان حقاً يعمل بأقصى ما لديه وبعدما جمع المال اللازم وأشترى منزل جميل ذو حديقة واسعة تقدم لخطبتها ولكن والدها رفضه، في كل مرة كان يرفضه لسبب ما كان يعود ويحاول مجدداً من أجلها، أستمر ذلك الحال لسنتين.
في نهاية السنتين هربت والدتك ووالدك وأستقروا هنا لم يكونا لديهم الاوراق الرسمية، كانا مهاجرين بطريقة غير شرعية.

المهم كان كل شيء مثالي، حتى حبلت بكِ والدتك وقتها أخذت صحتها تسوء أكثر فأكثر. وبدأ والدك يبيع كل شيء حتى تتحسن صحتها ولكن لم يجدي أي شيء نفع معها.

وبعدما ولدتك أستقرت صحتها نسبياً ولكن لم يدم الأمر هكذا حتى عادت تسوء من جديد حتى توفت في نهاية المطاف.

بعد ذلك كان والدك في شدة حزنه ولكن ذلك لم يوقفه كي يهتم بكِ، كان يبكي بعين والاخرى يرعاكي بها.
كان يعمل في متجر فواكهه، كان يأخذك معه ويهتم بك وبطعامك وبكل شيء. وعندما كان يعرض أحد عليه المساعدة كان يرفض.

وعندما أتممتِ عامين، توفى كذلك، كان منزله مجاور لمنزل أختي الصغرى.
كانت هي وزوجها في صداقة قوية مع أبوك وأمك وكانا يمضيان وقت كثير معهما.

لذا عندما أكتشفا وفاة والدك أخذاكي عندهما في البداية بعد كل تلك الإجراءات الرسمية بالطبع، بعدها كنتُ أنا وداني عند أختي ووقعنا في حبك، ولكنها لم تعطيكي لنا بسهولة.

بعد عدة أسبوع كانت هي وزوجها منشغلين في كذا أمر ولم يكن أحد بينهم متفرغ للرعاية الأطفال، خاصتاً أنهما كانا بعيد عن المنزل، كانا قد سافرا لأنجاز بعض الأعمال.

لذا قمت أنا ودانيي بجمع بعض الملابس لعدة أيام وذهبنا لهناك، قضينا أسبوعين، بعدهما كنتي تعلقتي بنا في خلالهم.

لذا قررنا أن تأتي معنا المنزل، وتلك هي القصة بأكملها، أتريدي معرفة شيء آخر؟»

عندما أنهت مولي سرد القصة، كانت ليكسي غارقة في دموعها بالكامل، كانت تبكي تلك المرة من الفرحة.

إذا عرفت من قبل أن تلك هي الحقيقة لكانت طالبت بها منذ زمن، اليوم علمت أنها ليست مهملة وأنها كانت ستحصل على أسرة جميلة، وأب مُحب وليس مهمل ولكن الحياة والقدر لم يشاءا بمنحها تلك الأسرة.

قامت على الفور بعدها بأحتضان مولي وتقبيلها وشكرتها لإخبارها بتلك الحقيقة.

كان وجهه ليكسي وأذنيها الأثنين لونهما أحمر من كثر تأثرها.

بعدها نهضت مولي لتحتضنها بشكل جيد، ومسحت على شعرها.

_____________________________________

مرحباً.
أرائكم؟الفصل الثَـاني.

بعد مرور يومين، في مخبَر الشرطة في الساعه العاشرة صباحاً.

كانوا جميعهم مجتمعين حول مكتب چاك الذي كان ملاصق لمكتب هانا.

الأمر أنه في الأسبوعين الفائتين كانا محورا أهتمام الجميع، كأن إكتشاف إن كانا يتواعدا أم لا جزء من العمل.

كان الجميع منتبه معهم ولكنهما لم يكونا في ذلك الغباء، فقد أتخذا أحتياطاتهما من قبل، ولكن الجميع كان مهتم كونهما يحاولان التكتم على الأمر.

ومنذ قليل أنتهت لعبت القط والفأر تلك عندما كان كلاهما في غرفة المستندات، ولا يوجد أضاءة في تلك الغرفة على الأطلاق.

لذا يبدو أنهم تبادلا القبل، وكان الدليل واضح على وجه كلاهما، فچاك يوجد أثر أحمر شفاه على وجهه إما هانا ف أحمر الشفاه خاصتها كان مرتب إلي حد ما ولكن توجد آثار حول فمها تآبى أن تزول.

«ألم أخبركم جميعكم؟ أن هاذين الأثنين بينهما شيء ما يدور بينهما؟ أريدكم أن تصدقوني بعد الٱن.»
نبست سوزي، كانت هي ربما أكثر شخص متحمس بينهم جميعهم.

ووسط تلك الأحتفالية الصغيرة إذا أردنا أن نطلق عليها أسم ما، رن جرس الهاتف الذي فوق مكتب ليكسي.

لم يسمع أحدهم رنين الهاتف بالطبع وسط هذا، فكان الجميع يتحدث في نفس الوقت.

ولكن لم يتوقف رنين الهاتف، وفي نهاية المطاف أنتبهت لهُ صاحبة المكتب.

«مرحباً، كيف أساعدك؟»

«مرحباً، لقد وجدت هذا الرقم قد أتصل بكل ارقامي تقريباً منذ يومين بعد الظهيرة تقريباً، لذا عندما أنتبهت لذلك عاودت الأتصال الٱن.»

«هل أنتِ والدة لورا بول رولاند؟»

«أجل، أ كل شيء على ما يرام معها؟»
كانت تود أن تصرخ في وجهها، أ تمزحين معي؟؟؟

«لا، لقد توفت منذ أربعة أيام، بوجه الدقة قد قتلت سيدتي.»

«كيف؟؟ كيف قتلت؟ من فعل ذلك في صغيرتي.»
كان صوتها قد بدأ يميل للبكاء.

«لقد توفت نتجية أختناقها من الغازات المنبعثة من الحريق ولكن يبدو أنه كان متعمد، بالنظر إلي الجروح التي ملأت جسدها وعلامات المقاومة التي عليها كما أنها، أنها قد تعرضت للأغتصاب.»

قالت كل ذلك دفعة واحدة دون توقف كأنها لا تهتم، كأنها مثلجة المشاعر أو تقرأ نص ما من مسرحية مدرسية هزلية لا تعني لها شيء.

كأن أفكار كتلك لم تدمر أسبوعها بأكمله.
شعرت ببعض الرضا ربما عندما سمعت شهقاتها، عندما علمت أنه يوجد شخص ما على الأقل مهتم لها، وأنها ليست منسية بالأكمل.

أفكار كتلك مسحت منها جميع الحزن الذي مرت بهِ في اليومين السابقين، لم تستطع أخفاء شبح تلك الأبتسامة التي أرتسمت فوق ثغرها.

«من أين أستطيع أستلام جثتها.»
جملة كتلك لم تخرج بهذا الترتيب ولم تخرج من أول مرة أيضاً ف كان يتخللها الكثير من الشهقات والبكاء، ربما ظلت دقيقة تلك السيدة تحاول أن تنبس بالجملة، كأن لسانها يخشى نطق تلك الجملة، كأنها تفسيرٌ لحلم سيء، أن نطقت تفسيره حدث ووقع.

«ستجدينها في المستشفى العسكرية، على الطريق السريع.»

«شكراً.»

«العفو.»
نبست ليكسي وأقفلت الخط لتذهب بعد ذلك لهم مجدداً وهي في مزاج أفضل قليلاً.

••
في مكان ٱخر،

كان يوجد قصر عملاق مبني بطراز مختلف، لا يشبهه أي حضارة من الحضارات البشرية. أنه فقط شيء متفرد بذاته  بشكل مميز.

كان لون جدرانه وردية شاحبة للغاية بين عشب أخضر كثيف، وكان يوجد تماثيل مختلفة في ساحته، وتلك التماثيل كان البعض منها يخرج ماء 'نافورة'

في وسط ذلك المنظر الساحر كان المكان بهِ بعض الأشخاص، كان الجميع يرتدي أقمشة بيضاء تلمع في الشمس وملمسها ناعم، ولم تكن مفصلة بشكل معقد فقد مربوطة من الخصر بحبل لكي تبقى في مكانها.

في وسط هؤلاء الحشد كان يوجد فتاة صغيرة مكتنزة الوجه بعض الشيء ويطغي وجهها حمرة خفيفة مع أعين واسعة خضراء وفم صغير.

كان شكلها بريء للغاية، كان يبدو عليها التشتت والخوف، فلم تكن تتحرك كالٱخرين ولا حتى تستكشف المكان على الأقل كطبيعة الأطفال الفضولية.

ظلت منظوية في ذلك الركن، ذراعيها يلتفان حول جسدها في محاولة منها لعناق نفسها. تناظر الأرض في صمت. ظلت هكذا حتى أتت فتاة أُخرى، أكبر منها، تقرفصت وجلست أمامها لتربت على شعرها في هدوء وحنو لترفع لها الصغرى عينيها.

«لا تقلقي، أنتِ في أمان هنا، لا أحد يستطيع أن يؤذيكي بعد الآن.»

نظرت لها عدة ثواني، كأنها تحاول معرفة ما إذا كان ما تقوله حقيقة أم لا، وبينما كانت تنظر لها فجأة أعترى وجهها ملامح الدهشة، كأنها أدركت شيء ما فقط الآن.

«ولكن ألا يجب أن أكون ميتة بحلول الآن؟»

«أنتِ بالفعل ميتة لورا، تلك هي فقط روحك وأنتِ الآن فوق في مكان تستريح فيه الأرواح، قبل أن تستكمل رحلتها.»

في ذلك الحين بدا على لورا أنها بدأت تشعر ببعض الراحة والأطمئنان لذا باعدت ذراعيها عن جسدها وجلست بشكل منفتح أكثر قليلاً.

«أية رحلة؟ وكيف متُ وأنا الآن أتحدث؟»

«ألا تتذكري كيف مُتِ؟ ما آخر شيء تتذكرينه؟»

«أنني كنت أحاول النوم ولكنني لم أكن أستطيع يومها.»

«حسناً، تلك هي كانت نهايتك.»
نظرت لها بحزن حاولت أخفائه خلف أبتسامة صغيرة لها.
نهضت ومن ثم مدت لها يدها لتعينها على النهوض هي الآخرى.

وبعدما نهض كلاهما، أخبَرت لورا أن تتبعها.

كانت تسير إلي الأمام ولورا تتبعها حتى توقفوا أمام تلك المياه التي كانت تخرج من التمثايل في الساحة، وحملت بعض المياه بيديها ورفعتهم لفوق لتتسرسب من بين يديها.

«لورا، سأخبرك بشيء ولكن فكري فيه بتأني. لأسباب معينة لن أخبرك بها الٱن أن وددتِ سأخبرك بها فيما بعد.
الٱن أمامك خيارين، الأول هو أن تشربي ذاك الماء وتتخلصين من جميع ذكرياتك التي صنعتيها في حياتك الماضية مع العلم أنكِ ستولدي من جديد في جسد جديد وكل شيء.

ثاني خيار وهو غير مضمون وبهِ مجازفة وهو أن تحتفظي بذكرياتك تلك، وتصبح روحك في جسد طفل أو ربما عجوز أنتِ وحظك، أو تتوه روحك وتصبحي شبح ووقتها ربما ستعلمين كل شيء وستصبحين روح غاضبة وربما تعلقي في الأرض لقرون أو ربما للأبد لا أحد يعلم ماذا سيحدث.

لذا فكري جيداً في قرارك، وعندما تحسمينه تعالي وأخبريني بقرارك، ستجديني في الجوار.»

عندما أنهت حديثها أستدارت وتوجههت نحو القصر لتجد لورا في آثرها بعدما أبتعدت بقليل.

«أنتظري، أنتظري، أيتها السيدة أنتظري.»
ركضت خلفها لتمسكها من ملابسها البيضاء لتجد يديها تمر من خلالها، ولكنها كانت قد جلبت أنتباهها بالفعل من قبل.

«هل إذا لم أشرب من المياه سأستطيع أن أبحث عن أمي؟»
أمتعض وجه الكبرى، قبل أن ترسم أبتسامة مصطنعة بعض الشيء.

«أنظري لورا، ربما أنتِ لا تعلمين ولكن يوجد أشياء سيئة للغاية حدثت أدت إلي وفاتك، ربما أنتِ لا تذكرين لهذا السبب أنتِ هنا ولستِ في مكان آخر، تكنين غضب عارم يحولك لروح شريرة، غاضبة لا تسعى لأي شيء عدا الأنتقام والكره.
وقتها لن تستطيعي أن تتحكمي في الأمر، لأنه سيكون بسبب مشاعرك. ستعلمين كل شيء وستبقين في حزن وغضب للأبد.
لا تجعلي حبك لوالدتك يقودك لهاويتك، أرجوكِ فكري بتأني.»

كانت تود أن تخبرها بصريح العبارة أن والدتها لا تستحق تلك التضحية، وأن والدتها لا تحبها لتلك الدرجة وأنها شخص سيء ولم ينضج بعد، حتى بعد مرور كل تلك السنين ولكن السنين لم تكن كافية لتجعلها أنضج.

لم يكن مسموح لها أن تخبرها بأن العالم لم يكن منصف لها بشكل كافي، وأنها في حالة علمت ما مرت بهِ سيرتسم طريق هلاكها للأبد.

«أنا متأكدة مئة بالمئة من قراري، من المستحيل أن أغير رأي حتى أن بقيت هنا للأبد.»

«حبيبتي لورا، أنا أعلم أكثر منكِ صدقيني لن تجدي ما يسرك، لنفترض أنكِ كنت محظوظة كفاية لكي لا تتوه روحك من البداية وأن تستقر في جسد ما، لن تلبثي ساكنة، ف ستبحثين عن والدتك وستحاولين أن تعلمي ما حدث لكِ،
وفور ما ستعلمي ذلك ستنتهي. أنا أحذرك من ذلك القرار أنه سيء للغاية.»

كان وجهها مشدود وهي تخبرها بذلك، هي تعلم منذ البداية ما الذي سيصل حالها إليه ولكنها لا تستطيع، كما أن تلك النهاية نادراً ما كانت تتغير ولكنها كانت تحاول تغيرها بكل قوتها فلا أحد يعلم ربما قد تتغير في النهاية. مع أنه إذا تغير مصير الفتاة فهي ستتعرض للعقاب ولكنها لا تفكر بهِ الآن هي فقط تحاول.

«لا بأس سأتحمل نتيجته بأكملها.»
تنهدت بحزن عندما علمت أنه لا يوجد رجعة في ذلك، وأن نهايتها المشؤومة ستحدث على الأغلب.

«أتبعيني إذاً.»
أخبرتها بذلك ليتوجهها نحو القصر الكبير، مسكت بيديها وسارت عبر البوابة.
أن شعور العبور من البوابة، شعور كان غريب للغايه للورا، أنه مثل مرور تيار كهربي في جسدك ولكن ليس بشكل مؤلم.

دخلا القصر وكان مثله مثل أي مبنى آخر من الداخل، لا أعني مبنى عادي ولكني أعني طبيعي.

كانت الأسقف العملاقة التي بالخارج، كانت منقوشة ومرسومة من الداخل، كان كل جزء منها يحكي قصة ما،
قصص أسطورية وخيالية وأشياء آخرى كانت نتاج حضارات بشرية عدة.
وكان يوجد حوض رخام مدور وبهِ مياه كان لها شكل مختلف، كانت قطراتها تحاكي الكريستالات في لألأتها ربما.
وكان يوجد أشخاص فاقدين الوعي أو بشكل أصح كان يبدو عليهم ذلك ف كان يوجد أشخاص آخرون يضعونهم في تلك المياه ويبدأون بأستعادة وعيهم.

ولكن ذلك لم يكن طريقهما، فهما أستمرا نحو سلم صاعدين لأعلى.

توقفا أمام غرفة، فتحتها الفتاة عبر وضع يديها علر الباب لثواني ومن ثم دلفا سوياً حالما فُتح.

كانت الغرفة مرتبة للغاية، كانت تحتوي على سرير ومكتبة ليست كبيرة للغاية بجواره، وكانت الأرضية خشبية والجدران لونها أحمر دافيء ليس صارخ.
وسجادة فرو تتوسط الأرضية وفوقها منضدة مدورة صغيرة وعليها فازة زجاجية شفافة بها زهور بيضاء.

وكان يوجد دولاب مواجِه للسرير، فتحته وكان يحتوي على زهور كثيرة مرتبة في أرفف صغير

«كنت أتمنى أن لا يكون ذلك قرارك النهائي، ولكنه قرارك في النهاية»

نظرت لها نظرة توديعية مطولة، قبل أن تفتح الدولاب وتخرج زجاجة بها سائل أزرق .
"أ أنت متأكدة؟"
"أجل."
تنهدت بحزن قبل أن تعطيها الزجاجة وترتشفها مرة واحدة دون تمهل.

في مخبر الشرطة، مجدداً.

"يا رفاق لدي خبر جيد للغاية لكم."
نبس بها فرانك، وهو الشخص الذي بمثابة المشرف لهم في تلك الوحدة. كانت أعمارهم جميعا متقاربة بعض الشيء. لذا لم يكن شيء مريح للغاية أن يكون التعامل بينهم رسمي وجاف للغاية. لذا كانت علاقتهم ودية أكثر ولكن الأختلاف كان في نوعية المهام المطلوبة من كل شخص فيهم.

"ترقيتي؟"
نبست سوزي.
" وكيف سيكون ذلك خبر جيد لنا كلنا؟"

"يا ألهي ليكسي لم أكن أتوقع أنك غيورة لتلك الدرجة، ألا تتمنين الخير لي لصديقتك العزيزة؟ أليس نجاحي من نجاحك."
نبست بطريقتها الدرامية للغاية، والتي أعتاد الجميع عليها.

"حسنا يا رفاق سأخبركم لأن الجو بارد  للغاية وأريد أن أعود للمنزل مبكرا، الأمر هو أن بعض القضايا سنقوم بغلقها، كي نخفف العبأ من علينا قليلا ولكي ننجز قضايا اخرى قد تكون حرجة أكثر أو بعبارة اخرى، تأجيلها قد يؤدي لتفاقم الوضع بشكل سيء. وهذا ما لا نريده لذا منذ قليل قمت بتصنيف القضايا لأكثر من تصنيف. يوجد البضع سنلقي بملفه في غرفة الأوراق دون النظر له والباقي قمت بترتيبه لكل واحد بينكم على حسب درجة أهميته."
أخبرهم بذلك وبعدها دخل لمكتبه وخرج وهو يحمل بعض الأوراق على يده.
"أنظروا لقد نظمت لكم الأمر لكي ننجز علمنا بشكل سريع وبسيط. في الورقة الأولى ستجدون القضايا الأكثر أهمية والتي يجب العمل عليها وأنهاؤها في أقرب فرصة، بعدها أرقام القضايا الغير هامة وأخيراً التي سيتم تسجيلها ضد مجهول."
ربما ذلك ما كان يميز شخصية فرانك وهو النظام، نظامه هو ربما ما ساعد في أن يكون في ما هو عليه اليوم، المهم قام فرانك بأعطاء كل واحد فيهم ورقه.
قامت ليكسي بالتوجه لأخر ورقة في ذلك الورق لتجد أحساسها في محله، وهو أن قضية تلك الفتاة ستغلق. هذا ما كانت متأكدة منه. قضية صعبة، أدلة شبه معدومة، الفاعل سيتم التستر عليه في حالة إذا لم يكن يوجد أشخاص ثقيلة ربما في ظهره.
لأن ذلك الملجأ لاطالما  عُرف بحسن معاملته ورعايته لتلك الأطفال. لذا من المؤكد أن غياب لورا لأكثر من يوم فقد لفت أنتباهم، قررت ليكسي أن لا تفعل أي شيء في الوقت الراهن حتى تتحدث مع مولي، السيدة اللطيفة التي قامت بتربيتها ودعمها حتى وصلت لما هي عليه الان.
وضعت الأوراق على المكتب ولم تُظهر أي شيء على وجهها أو تقول أي شيء حتى تفكر بالأمر وحتى لا تزيد الأمر تعقيداً في حالة أنه لم يكن بسيط منذ البداية.
"حسناً، أستطيع الان أن أخبركم أنه يمكنكم الحصول على بقية اليوم راحة."
كان الأمر مثلما تذهب إلي يوم دراسي ويغيب ذلك المدرس الذي تكره مادته، هكذا كان الأمر بالنسبة لهم.
جميعهم أستعدوا للرحيل، سواء قاموا بأطفاء حواسسيبهم أو ترتيب المكتب سريعاً  أو أرتداء معاطفهم على عجل، في خلال عشر دقائق كان الجميع تقريباً رحل عدا ليكسي وديف الذي كان ينتظرها.
"أ يوجد خطب ما؟"
أومأت له بأجل.
"أخبريني إذاً كي أساعدك إذا أستطعت."
"لا أستطيع أيجاد ورق أخر قضية كنت أعمل عليها، أنها هامة للغاية بالنسبة إلي."
أخبرته بذلك بينما تبحث بتوتر بين كل الأوراق، ليقبض يديها الأثنين بين يديه مما أوقف حركتها فتنظر إليه منتظرة منه تفسير ما لما فعله.
"حبيبتي ربما لن تجديه الان ليس بسبب أنه ضاع ولكن بسبب فرط توترك كما أنه يبدو عليكي الأرهاق الشديد، قد يكون أمام عينيك ولكنك لن تلاحظيه بسبب أن اليوم نفسه متعب لذا دعكِ منه الان ودعينا نذهب."
بدا عليها الأقناع للترك ما بيديها ويقوم ديف بفرد معطفها لها، حيث يكون ينقصها فقط أن تقوم بأدخال يديها الأثنين فيه، ديفيد هو المثال الدقيق لكلمة رجل يعلم كيفية التصرف بشكل مهذب ولبق ولطيف.
أنه ذلك الطفل الذي كان يعلم كيفية التعامل بشكل مثال للغاية، والذي لم يكن يتعرض لأي وضع محرج، أما ليكسي فكانت على النقيض. كانت دوماً تتعرض لمواقف  محرجة وكانت تتصرف غالباً بشكل أخرق وغبي.
أمسك بيداها بيد والأخرى حمل بها حقيبتها وخرجا من المبنى متوجهين نحو سيارته، وبالطبع لم ينسى أن يفتح الباب لها لتشكره وبعدها يذهب ناحية كرسيه.
قام بتشغيل السيارة وخرج من موقف السيارات الخاص بالشرطة.
"إذاً هل ستذهبين لدانييل اليوم؟ أم ماذا؟"
"مممم، لا أعلم. لا أريد أن أذهب ولكني أشعر أنه يجب أن أذهب أ تفهمني؟"
"أجل أتفهمك، من الأفضل أن تذهبي، أعتقد أن الأمر سيكون سلس للغاية، أعني لقد أخبراكي بالحقيقة من تلقاء نفسهم، لذا لا أعتقد أنهما لن يخبراكي ببقية التفاصيل التي تريدين معرفتها."
"ألا تظن أن سؤالي لهم قد يكون وقح بعض الشيء؟"
"لا لا ليكسي، هذا أبسط حقوقك، أنتِ فقط تريدين معرفة من هي أمك ومن هو أبوكِ البيولوجيين، الأمر ليس وقح بأي شكل فقد أذهبي اليوم وأحصلي على كل الأجابات التي تحتاجيها."
"حسناً، سأذهب أتمنى أن لا أعرف شيء حزين، أنا خائفه من الحقيقة ولكن الهروب منها ليس خيار، اليوم سأعرف وأنهي كل شيء. إذا لم يتخليا عني بمحض أرادتهم سأكون سعيدة للغاية، ولكن إذا كان العكس سأتقبل تلك الحقيقة بكل شجاعة، سأخذ وقتي في الحزن والبكاء سأحزن حتى يأتي الوقت الذي سأستطيع تقبلها بشكل كامل دون تهرب منها. ولكن حبيبي أنا لا أزال خائفة، أنا أخشى المواجهة دوماً."
وضع يده فوق يديها التي كانت مستريحة أعلى فخذها وربت عليها  بهدوء.

"ليكس، لا أخبرك أن الأمر سهل، ولكن الحل الوحيد الذي أمامك، هو أن تفعليه، فقط قومي بذلك وأنهي الأمر للأبد"

«إذاً لتوصلني إلي ورشة دانييل، سأتحدث معه اليوم..»

«من الجيد حقاً سماع ذلك.»

في أقل من خمس دقائق كان يقف أمام ورشة دانييل. ترجل كلاهما من السيارة وقام ديڤ بألقاء التحية على كلاهما ومن ثم أستأذن وذهب في طريقه لتبقى ليكسي معهم.

«أ حدث شيء ما في العمل؟ لقد رجعتي مبكراً اليوم.»

«أجل، لقد حصلنا على بقية اليوم راحة، وفكرت في أنني سأجدكما هنا لأنني أود أن أتحدث مع كلاكما في موضعين مهمين للغاية.»

أرتسمت الجدية على وجه كلاهما، وقامت مولي بجلب كرسي لها من الداخل ليجلس ثلاثتهم حول منضدة مدورة وينظر ثلاثتهم لبعضهم البعض في صمت.

وعندما فقدت مولي الأمل في أن تتحدث ليكسي، قررت أن تتحدث هي كي تكسر الصمت الذي كان سائد وقتها.

«إذا ما رأيكوا أن نطلب بعض الطعام؟»

«جيد، أريد باستا بالجمبري والصوص الأبيض.»
نبس داني في ثانية كأنه قام بتحضير الأجابة من قبلها.

«على الأغلب سأطلب برجر دجاج، وأنتِ ليكسي ماذا عنكي؟»

«لا أعلم، أقترحي عليا ماذا أكل.»

«بيتزا بالجبن؟»
قامت بسؤالها لتفكر قليلاً ومن ثم تومأ لها بأجل لتقم بعد ذلك بطلب الطعام لهم.

«إذاً ليكسي، دعيني أخمن هل الأمر له علاقة بالعمل؟»

«أجل، ولكن في الحقيقة يوجد موضوع آخر.»
أخذت نفس عميق وعبثت قليلاً بطرف قميصها قبل أن تتحدث أخيراً.

«قبل كل شيء، أريدكم أن تعلموا أمر ما، وهو أنني لا أقوم بسؤالكم عن الأمر لأنكم لا تقدموا لي الحب والدعم بالشكل الكافي، أو أي شيء من هذا القبيل.
أنا فقط أريد أن أعرف من هما والداي، وكيف أنتهى الحال بي معكم.»

أخبرتهم بذلك وهي منفعلة للغاية من التوتر حتى أن أذنٌ من أذنيها أحمرت قليلاً.

«ياه يا ليكسي، هل تفكرين في الأمر منذ مدة كبيرة يا صغيرتي؟ نحن أسفان لأننا جعلناكي تشعري بكل هذا التوتر لكي تعرفي معلومة صغيرة كتلك، أ تعلمي شيء نحن لم نخبركي لأننا ظننا أن هذا سيكون أفضل لكي من أخبارك، ظننا أنكِ هكذا ستكونين بخير، ولكننا لم يكن لدينا علم كافي بأنكِ ستكونين خجلة للغاية من أن تسألينا.»

تنهدت قليلاً مولي قبل أن تكمل كلامها،

«كانا أباكِ وأمك من روسيا بالأصل، لم يكونا من أمريكا. الأمر هو أن والدك كان يعمل هنا أغلب الوقت وكان يرجع بين الفنية والآخرى للروسيا.
كان يستعد كي يتزوج والدتك، كان حقاً يعمل بأقصى ما لديه وبعدما جمع المال اللازم وأشترى منزل جميل ذو حديقة واسعة تقدم لخطبتها ولكن والدها رفضه، في كل مرة كان يرفضه لسبب ما كان يعود ويحاول مجدداً من أجلها، أستمر ذلك الحال لسنتين.
في نهاية السنتين هربت والدتك ووالدك وأستقروا هنا لم يكونا لديهم الاوراق الرسمية، كانا مهاجرين بطريقة غير شرعية.

المهم كان كل شيء مثالي، حتى حبلت بكِ والدتك وقتها أخذت صحتها تسوء أكثر فأكثر. وبدأ والدك يبيع كل شيء حتى تتحسن صحتها ولكن لم يجدي أي شيء نفع معها.

وبعدما ولدتك أستقرت صحتها نسبياً ولكن لم يدم الأمر هكذا حتى عادت تسوء من جديد حتى توفت في نهاية المطاف.

بعد ذلك كان والدك في شدة حزنه ولكن ذلك لم يوقفه كي يهتم بكِ، كان يبكي بعين والاخرى يرعاكي بها.
كان يعمل في متجر فواكهه، كان يأخذك معه ويهتم بك وبطعامك وبكل شيء. وعندما كان يعرض أحد عليه المساعدة كان يرفض.

وعندما أتممتِ عامين، توفى كذلك، كان منزله مجاور لمنزل أختي الصغرى.
كانت هي وزوجها في صداقة قوية مع أبوك وأمك وكانا يمضيان وقت كثير معهما.

لذا عندما أكتشفا وفاة والدك أخذاكي عندهما في البداية بعد كل تلك الإجراءات الرسمية بالطبع، بعدها كنتُ أنا وداني عند أختي ووقعنا في حبك، ولكنها لم تعطيكي لنا بسهولة.

بعد عدة أسبوع كانت هي وزوجها منشغلين في كذا أمر ولم يكن أحد بينهم متفرغ للرعاية الأطفال، خاصتاً أنهما كانا بعيد عن المنزل، كانا قد سافرا لأنجاز بعض الأعمال.

لذا قمت أنا ودانيي بجمع بعض الملابس لعدة أيام وذهبنا لهناك، قضينا أسبوعين، بعدهما كنتي تعلقتي بنا في خلالهم.

لذا قررنا أن تأتي معنا المنزل، وتلك هي القصة بأكملها، أتريدي معرفة شيء آخر؟»

عندما أنهت مولي سرد القصة، كانت ليكسي غارقة في دموعها بالكامل، كانت تبكي تلك المرة من الفرحة.

إذا عرفت من قبل أن تلك هي الحقيقة لكانت طالبت بها منذ زمن، اليوم علمت أنها ليست مهملة وأنها كانت ستحصل على أسرة جميلة، وأب مُحب وليس مهمل ولكن الحياة والقدر لم يشاءا بمنحها تلك الأسرة.

قامت على الفور بعدها بأحتضان مولي وتقبيلها وشكرتها لإخبارها بتلك الحقيقة.

كان وجهه ليكسي وأذنيها الأثنين لونهما أحمر من كثر تأثرها.

بعدها نهضت مولي لتحتضنها بشكل جيد، ومسحت على شعرها.

_____________________________________

مرحباً.
أرائكم؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي