الفصل الرابع

( الفصل الرابع )

جلستُ في غرفتها فتره لم تكن بالطويلة تم فيها تنظيف الغرفة وعندما شعرت أنها ستبدأ بالإفاقة قمت بأعطائها جراعه منومه حتي تستريح تماماً حتي الغد.

كنت أنظر إليها شارداً حتي أفقت علي رنين هاتفي وكان أدهم هو المتصل وبمجرد أن ضغط على زر الرد قال لي:

-أسنتقابل أم ستفعل كما فعلت في الصباح؟

أجابته قائلا:

- حقاً أعتذر ولكني كان يجب أن أذهب إلي حياه ولا أتأخر أما الجامعه يمكننا أن نذهب غداً أن أردت حسنا.

-لا عليك يا رجل، هل ستقابل الآن أنا بالقرب من المستشفي؟! أريد الاطمئنان عليك.

- أذن قف مكانك وسأكون أمامك في غضون خمس دقائق.

وقفت في غرفتها الملم أغراضي وقمت بعد أن وقعت عيني علي ورقتها الملطخة بالسواد ثم أمسكتها بيدي ونزلت حتي أذهب لأدهم دقائق حتي تقبلت معه كنت قد وضعت الورق علي المقعد الجانبي لسيارتي وعندما جاء ليجلس بجانبي وأمسك الورقة وقرأها وحينها اجتظت عينه، وقال:

- ما هذا الكلام الصادم ؟! إنها حياه اليس كذلك.

نظرت له وهززت رأسي مواقفا علي كلامه، فقال لي:

- مالي أراك مرهقا اليوم.

- لا شيء قطعت الفتاه شرينها وشربت ماء مسموم.

- يومك كان ملي بالإثارة يا للروعة، هل تري حل لفك شفرة هذه الجملة؟!

- لا أظنها جمله مشفره. أعتقد إنه مجرد عرض من أعراض المرض ليس إلا.

نظر أدهم إلي الورقة نظره متفحصه، وقال لي:

- ماذا قالت لك في أول لقاء لكم ؟!

نظرتُ إلي فراغ الشارع أمامي، وقلت له:

- عندما وصلت حياه إلي المستشفي أدخلوها الممرضات إلي غرفة مضيئة وهذا من حسن حظي فعندما أتيت إليها كانت في حاله يرثي لها لا أتكلم عن حالتها الخارجية أتكلم عن حالتها الداخلية فجسدها الضعيفة بقوه وروحها المنكسرة التي تكسر من يراها حاولت أن أقترب منها ولكنها أبتعدت عني، وقالت لي:
( لن تستطيع إيذائي فأن روحي قد أوذيت من قبل ما الذي ستستفيده من هذا كله أنا لن أموت مهما فعلت أنا مخلده في الواقع لا أريد أن أخلد وهناك عذاب فوق عذابي ).

فهمت حينها أنها مريضه بهذا المرض اللعين حاولت أن تقف ولكن دارت بها الدنيا ولم تستطيع رجلها أن تحمل جسدها فسقطت مغشي عليها.

ذهبت مسرعاً إلي طبيب المخ والأعصاب لكي يساعدني فشرحت له الحالة وقلت له أنها ستحتاج إلي جلسات كهربائية فقال لي علي الأماكن المعينة التي أن صدمت بالكهرباء فهناك نسبه لا بئس بها أن العقل سيفيق من ثباته وهذا بعد الجلسات النفسية.

كنت لا أدخل عليها خلال الأشهر التي كانت تأخذ فيها جلسات الكهرباء وكنت أمر الممرضات بأن يعطيها محلول ويطعموها بالقوة كانت تذبل كالوردة كانت تموت لولا بعض القوه التي يستخدمها معها الممرضات ولكن قلبي لم يتحمل عندما وجدت الدماء تسيل منها دخلت عليهم وأمرت بإيقاف كل هذا الهرج وبغض النظر أنها استفادت بالفعل وأن عقلها سمح بسرد بعض الأحداث إلا إنني إتخذت قرار أن لا أعالجها بهذه الطريقة الموحشة.

تعلم أن بعد الذي فعلته اليوم أظن أنه يجب أن أخضعها لبعض جلسات الكهربائية مره آخرى وهذا لمصلحاتها فحتي الطعام لا تأكل لا ينفعها سوي تلك المحاليل التي تغير عليها باستمرار لولا هذا لماتت لقد فقد الكثير من الكيلو جرامات.

هنا استوقفه أدهم مدهشنا:

- لما أنت قلق عليها بما أن مرضها على هذه الدرجة من الخطورة فهذا بكل تأكيد ما ستفعله؛ ليس إلا.

- معك حق أنها المرة الثانية التي تفعل فيها ذالك؛ الأولي شنقت نفسها في مروحه الغرفة حتي لا أجبرها علي السرد ولكني لم أري هذا أحدي الممرضات أخبرتني بذلك أما المرة الثانية.

توقف سيارة بقوه وبطريقه مفزعه، جعلت الدماء نفرت من وجهه أدهم ليصرخ به قائلا:

_ هل جننت كنا سنموت؟!

فأجابه بشهقة:

= أين هاتفي؟! إنها لم تكن الثانية بل الثالثة.

_ ماذا تقول؟!

= تلك الليلة عندما وجدتها داخل الخزانة وحملتها علي زراعي وعتقدت بأنها نائمه فقمت بتخبئت المفتاح أعلي الخزانة لتحتاجه ثانيه فتبحث عنه ليفيق عقلها من ثباته.

_ حسنا لم أفهم شيء.

= لم تكن تحاول الأختباء من النور كما اعتقدت كانت تحاول كتم أنفاسها كانت طريقه من طرق انتحارها.

_ أهدأ يمكن أن يكون تفكيرك غير صائب.

= حتي لو، لن نخسر شئ يجب أن أخرجه حتي لا تؤذي نفسها به.

أمسكَ بالهاتف يحاول الإتصال بمدير المستشفي ليأمر أحد الممرضات بأن تخرج الخزانة وهو يحدث نفسه بصوت مسموع : (( لا اصدق مازال بغرفتها))

حينما شرح أمير الأمر للمدير، وصله بأحدي الممرضات التي إستجابة علي الفور وأخرجت الخزانة ثم أمرها امير أن تسلسل يدها اليسري وقدمها اليمني في السرير.

أنتظر أدهم حتي ينتهي مما يفعل، ثم نظر له وقال:

- أعتقد يا أمير أن هذه المره الأمر بداخلك أكبر بكثير من مريضه وعلاجها ورساله دكتوراه.

وصلت إلي المنزل متأخراً ورغم المحاولات العديدة للنوم التي باءت جميعها بالفشل فكان عقلي منشغل بالتفكير فيها وفي حالها كيف سأتعامل معها في الغد ؟!


لم أكن بمزاج يريد أن يفعل أي شيء ولكن ليس كل ما يريده الإنسان يحدث، أجبرت نفسي علي القيام لكتابه بعض السطور في " رساله الدكتوراه ".

__ عندما نذكر الأمراض النفسية فإن أول ما يتبادر الي الذهن هو الأنفصام، والفوبيا، والأكتئاب وكلها أضطرابات نفسيه قابله للشفاء وشائعه أيضاً لكن الإضطرابات النفسية أكثر من مجرد ثلاثة، أو أربعة أشكال فكثيرون من لم يسمعوا من قبل عما يسمى هم دي كوتار، وأن أردنا أن نفهم أكثر ما هو وهم دي كوتار سنتوصل إلي ماهيه المرض وأنه أحدي الإضطرابات النفسية النادرة يعاني المصاب بها بعدد من الأوهام والأعتقاد الكثير والمعقدة بأن يتخيل أنه فقد بعض أعضاء جسده مثل المخ، أو المعدة، او المعاء، او فقد دماءه ثم يتيقن بأنه غير موجود، أو توفي مجازياً، أو حرفيا بالرغم من أنه لا يزال يتنس وقد يضخم الوضع بأنه غير موجود بل متعفن وفى بعض الحالة الأكثر ندره يعتبر المريض أنه خالداً.

لم يستطيع التحكم في نفسه عندما وقعت عينه علي الورقة أغلق الدفتر وأمسك بالورقة يقلبها يميناً ويساراً عليه يأتي بحل منطقي.

ولكن كانت حياه قد سبقته بعده مراحل قد بنت حولها سوراً ضخم يصعب أختراقه ولم يجد تفسير لهذا إلا أنها في آخر مراحل مرضها كان يعلم جيداً إن السور قد تصدع ولو قليلا لأنها فتحت فمها وتحدثت كان فقط يريد أن يعرف السبب وراء حديثها كان يريد خيط ليسير خلفه لم يشعر بنفسه إلا الساعة السابعة صباحاً عندما استيقظ ووجد نفسه قد نام فوق المكتب من كثره التعب والتفكير --

خرجتُ من غرفتي لأجد أسرتي تفطر فجلست معهم في صمت فبادرني أبي قائلا:

- مالي لا أراك علي عجله من أمرك اليوم كما تفعل كل يومياً.

أحبته وأنا أعبث في هاتفي باحثاً عن رقم أحدي الممرضات :

- سأذهب اليوم بعد الظهر.

ثم قمت لأطمئن علي حياه بعدما وجدت رقم الممرضة واعطيتها بعض التعليمات لتسير عليها حتي مجيئ في الظهيره.

قررت بعدها أن أذهب لأبحث عن طريقه آخري لعلاجها بين المصادر التي تساعني في كتابه بحثي لكني فشلت فشل ذريع وبعد أن أهدرت ثلاث ساعات في البحث لتغير خطتي توقفت أثر وجود طرقات علي باب غرفتي التي أتضح لي أنها أختي زينب جلست بجواري في صمت، فنظرت إليها قائلا:

- ماذا يحدث؟! أطلبِ؛ ماذا تريدِ؟!

- هل هذه معامله وقد احضرت لك عصير وكعك.

- هنا تكمن المشكلة، فأنا لست معتادة علي هذا المعاملة اللطيفة منكي وأعلم أن وراء هذا طلب، فطلبي ووفري وقتِ ووقتك.

جلست صامته لدقائق أخذت منها كوب العصير وصرخت بها، فنطقت بما أذهلني:

- أريد أن أفسح خطبتي وأريدك أن تخبر أبي بذلك.

بعد برهه من الذهول، قلت لها:

- لما؟! .

- أعتقد بأنني فتاه ويجب أن أخجل من الكلام في هذا الموضوع.

- لا أقصد لما تريدي الفسخ؟! كنت أعتقدت أن الأمور بينكم تمام.

- لا لا يوجد شيء تمام.

- أنتظري أن كنتِ فتاه وتخجلين لما لم تخبري أمك بذلك.

- لأن أمي لا تريد الفسخ، وأنا اريد أحد ينصفني.

نظرت أختي إلي الأرض في توتر حينما أبتسمت أنا أبتسامه خبث وأردفت:

_أم أنكِ تريدي شيء آخر غير الفسخ.

- وما الذي أريده أنا غير أن ينتهي كل شيء؟!

_ أن أحل الخلافات التي بينكم مثلا.

- هل أخبرك طارق بشيء ما؟!

- لا ولكنها واضحه، ماذا حدث بينكم؟!

- أنا لا أريدك أن تتدخل في الموضوع أنا فقط أريد رايك ومساعدتك ليس إلا.

_ حسنا تحدثي سريعاً فأنا علي المغادرة.

- منذ يومياً تقريباً حدثته وكان في المدرسة علي وشك أن ينهي عمله، فذهبت إليه أردت أن أقوم له بمفاجأة وعندما ذهبت وجدته يتحدث مع أحد الفتيات وكان مهتم كثير يضحك تارة ويتحدث بجديه تارة ثم سلما عليها وأنصرف.

_ وماذا فعلتي أنتِ بعد أن رأيت ذلك؟!

- خرجت من باب المدرسة وكنت سأرحل إلا أنه أستوقفني ولما أشعر بنفسي إلا وأنا أصرخ عليه لا أعلم لما فعلت ذلك أنا فقط تضايقت من المنظر.

- ماذا قال لكي وأنتِ تتحدثين؟!

- قال إنها رفيقه عمل يضطر للحديث معها كثيراً وعندما قلت له: أن هذا ليس مبرراً، قال: إذا فلتسالي أخوكي إذاً إن كان يتحدث مع رفيقات العمل أم لا.

- أتريدِ رأي، أحياناً ما يفترض بي أن أتحدث مع رفيقات العمل و طارق شخص محترم .

- حقاً تظنني أنا المخطئة.

- نعم بكل تأكيد؛ لقد كبرتي الموضوع والآن أخرجي حتي أبدل ثيابي لأذهب إلي عملي.

- حسناً ولكن أيمكنك أن لا تخبره شيء.

- بالطبع لا تقلقي . متي ستقابلينه؟!

- من المفترض أن يأتي هذا اليوم؛ مساءاً .

- حسنا أذهبِ الآن أريد أن أغير ملابسي ولا تنسي أن تجلسِ بمفردكِ قليلاً لتفكري ماذا تريدي؟! ماذا سيرضيكِ؟! أيمكنكِ حقاً أن تتخطي هذا الخلاف أم ستضعينه في منتصف عينك؟! وإن راضاكِ اليوم وتصالحتما هل ستشكين فيه بعد أن ستنسي ما حدث؟! أفرغِ كل ما بعقلك واخذ قرارك بنفسك.


بالطبع لم انتظر منها أن تجيب علي هزت راسها بالموافقة وأشرت إليها بيدي إلي الباب لتخرج فتبسمت وعندما قامت لتخرج ضممتها إلي صدري وقبلت راسها، واضفت قائلا:

- لا تخافي فأنا دائما معكي.

كانت الساعة في مقربة الثانية ظهراً عندما وصل أمير إلي المستشفي عندما رحل عليها وجدها مسلسلة اليد والساق تبكي دون صوت كانت ستار الغرفة جميعها مغلقه بأحكام وكذلك الضوء؛ مع ذلك كان هناك ضوء النهار في الغرفة .

وعندما رأته فجاءة أجتشت بالبكاء وأصبح صوتها بأنين وصدرها يرتفع وينخفض؛ كانت تجلس كالمعتاد تضم ركبتيها إلى صدرها فأخفت وجهها بيديها فلانا قلبه لحالها، بينما كان شغوف أكثر لمعرفة ما حدث لها أي مصاعب وقعت بتلك المسكينة، وأي صراع هذا الذي عاشته؛ أخرجه من شروده صوتها يعلو بكلمات لم يفهمها كانت مختلط بالدموع كان يريد أي شيء يقوله في هذا الموقف فقتحم صوتها قائلا:

_ صباح الخير.

لم تجيب عل سؤالي بل سمع صوتها المخنوق بالبكاء ونظرت لي بعيونها الممتلاءه بالدموع، وهي تسأل:

- هل أنا مجنونه؟!

رد عليها وهو علي يقين بأن أحد قد قال لها هذا فأجابها قائلا:

- بالطبع؛ لا من قال لكي ذلك؟!

فسألته غير مهتم بسؤاله:

- إذا ما هو مرضي؟! وإذ لم أكن مجنونه فلماذا أنا هنا؟!

فأجابها وهو مصدوم مما يسمع ماذا حدث لها؟! في الأمس كانت تحاول قتل نفسها واليوم تضع يدها علي مرضها، نظر لها مبتسماً وأجابها قالاً:

- انتي تعاني من بعض الاكتئاب.

فسألته وقد بدأت فى البكاء مره أخره:

- وهل هذا غير الجنون؟!

فقال بصوت يملاه حنان:

- المكتئب من وجهة نظر الطب النفسي: شخص استطاع رؤية العالم والناس علي قبحهم الحقيقي، ولم يستطيع التعيش مع كل ذالك القبح، فتقوقع على نفسيه وصنع عالما خاصا به، عالم لا يحتاج فيه بشر مثلكي تماما .

صمت قليلا، وأكملت بصوت جاد:

- من قال عليكي مجنونها؟!

أجابتني بصوت مخنوق من كثرة البكاء والدموع تهطل من مقلتيها كالمطر في غير موسمه، ولكن حبيبتي مطرها في جميع المواسم:

- طلبت الممرضة؛ وعندما جاءتني إحداهن أمرتها أن تضع شيء علي النافذ لكي لا يتسلل الضوء لغرفتي ففعلت ثم نظرت إلي وهي تخرج وقالت لا ينقصنا سوي المجانين أمثالك.

جن جنوني عندما سمعت ذالك منها، وعندما رايتها تبكي، وهي تحكي كنت أقف بجانبها لا أعرف
ماذا أفعل لها ؟! أوسيها ام أتعجب من كم التغير الذي حدث من أمس؟! ألين لها ولحالها أم أقسي عليها لتصبح أفضل؟! أجلس بجانبها حتي أنزع عنها أسوارها أم أذهب لأضرب تلك الغبيه التي أزعجتها؟!

لم تمر سوي خمس دقائق منذ أن أنتهت من الحديث؛ كان الصمت فيهم يعم المكان حتي أنتشلنا من صمتنا صوت دقات الباب.

فتذكرت أني قد طلبت من أحدي الممرضات أن تأتي لي بطعام سهل الهضم.

بالفعل دخلت علي أحدهم تحمل عبوه عصير وثمره فاكهه وعبوه محلول جديده لها؛ وضعتهم علي الكرسي وهمت بالإنصراف، حتي أستوقفتها أنا بسؤال:

- من أغلق ستائر الغرفة؟!

كنت أتكلم وأنا أفتح الستائر مره آخري فيدخل نور الشمس إلي الغرفه من جديد؛ فنظرت الممرضة لي وقالت:

- أنا فعلت ولكنها هي من طلبت مني ذلك.

عندما علمت أنها هي من سبت حياه؛ ففكرت أني أريد أن أكسب ثقه حياه وهذا ربما يحدث فارق في حالتها فقررت أنا أوبخ الممرضة علي ما فعلته فوضعت يدي في جيب بنطالي، وقلت:

_ أنه مبرر جيداً. ولكن هل من مبررات جعلتكي تقومي بسبها؟!

- لا لم أسبها.

- حقاً اتريها مجنونه؛ بل إنها أعقل منكي، لن أقولها مجدداً أن لم تعامليها بإحترام فلن تستمري بالعمل هنا.

لم تستطيع الممرضة فتح فمها وأنصرفت في الحال تتأفف وتسبني وتسب حياه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي