2

الفصل الثاني:

تناولت طعامي معهم، وأخذت العنوان المكتوب على ورقة.
ديفيد:
-إلى اللقاء يا أمي.

نظرت له بحب:

-إلى اللقاء حبيبي.

ونظرت إلى أخته:

-انتظروني مساء، اشتقت لجلساتنا معا.
تبسمت الفتاة ولا أدري لم شعرت بأنهم لايفهمون تصرفاتي.

قلت لنفسي:

"ترى ما هو حجم الاختلاف بيني وبين كريستين هذه؟

وانصرفت؛ لأتوقف فجأة على صوت تلك السيدة التي أصبحت أناديها (أمي):

-انتظري كريستين، لقد نسيت مفاتيح السيارة والجوال خاصتك.

تلعثمت وبدا علي التوتر وحدثت نفسي:

"سيارة! مفاتيح! يا حياتي، يبدو أنه مقلب جديد، أنا لا أعرف كيف سأركبها حتى أستطيع أن أقودها.

نظرت إليها بصمت وضياع.

ففالت الأم وهي تنتظر تنفيذي للأمر وهي تمد يدها:

-هيا خذيها، ما بك كريستين؟

فرددت لها وأنا أشعر بحجم المأزق:

-أجل، أجل، هاتها يا أمي.

واتجهت باتجاه السيارة وأنا أشعر بأنها تراقبني، فركبتها وأخذت يدي ترتجف فسقطت المفاتيح عدة مرات ولكن، ولا أدري كيف حدث هذا قدتها بكل سهولة، وشعرت باستمتاع غريب.


" ولكن ما الذي يحدث؟ هل أنا أحلم؟ أنا أقود سيارة شرطة وبكل سهولة، أقسم أني لا أصدق."

رحت أقودها في شوارع المدينة وأنا مذهولة، فنظرت إلى السماء وأنا أضحك وأبكي كالمجنونة ثم قلت:

"شكرا لك يا الله، أنت معي ولن تتخلى عني أنا أشعر بأني سأفعلها وأثبت براءتي قريبا."

وقادني جسد تلك المرأة إلى مكان العمل دون تعب في سؤال الناس.

وجدت نفسي أقف أمام مبنى كتب عليه( قسم الشرطة).

فقلت:

"كريستين هذه تدعمني رغم أنها لا تعرفني، لقد أهداني الله جسدها ويبدو أن النتائج بدأت تظهر."

وهناك عندما دخلت أذهلني حجم الأصدقاء الذين هرعوا إلي وهم ينادون:

-حمدا لله على السلامة يا كريستين، أهلا بعودتك لنا.

ورحت أتبسم لهم لكنني ودون سؤال دخلت غرفتها.

قلت لنفسي:

"شيء غريب يحدث لي، كدت أصدق أنني كريستين حقا فجسدها يقودني إلى كل مايخصها دون وعي."

وقفت قريبا من الباب ورحت أترقب كل شيء، وقررت أن أقرأ كل الملفات خاصتها؛ لأدرك كيف كانت تحقق في الجرائم، وجلست على مكتبها.

وفجأة يدخل رجل بسيط يحمل فنجان فهوة وهو يغني، ثم يصمت قليلا؛ ليقول:

-أطيب فنجان قهوة لسيدتي الجميلة كيف حالك كريستين؟

فشكرته ورحت أحاوره وأحاول أن أتحايل بالكلمات لأعرف المزيد.

وبينما أكلمه رشفت رشفة قهوة وفاجأت الرجل عندما بصقتها؛ ليقول متعجبا:

-خيرا، خيرا، هل أنت على ما يرام؟

قلت له وأنا أكاد أختنق من الشردوقة:

إنها مرة جدا، كدت أختنق.

فرد علي باستعراب:

-لكنك أنت تحبيها هكذا، فهل غيرت هذه العادة؟

فقلت منقذة الأمر:

-لا لا لم أغيرها برغبتي؛ لكن الطبيب منعني عنها مرة وقال إن شربتها فاشربيها حلوة؛ حتى لا تسبب لي الضرر، أفهمتني؟

هز الرجل رأسه وقال وهو يبتسم:

-أوامرك مطاعة قهوة حلوة ستصبح حلوة، أقسم أنني اشتقت لأوامرك فحمدا لله على سلامتك.

فقلت له:

-شكرا ياعماه.

وبعد قليل رن الهاتف الجوال الذي سلمتني إياه تلك السيدة مع المفاتيح وقد كتب( الضابط فريدرك).

رددت وصوتي يرتجف:

-ألو نعم.

المتصل:

-كريستين حمدا لله على السلامة، مهمة جديدة، وافني مكتبي بسرعة.

فقلت له وأنا أشعر أنني أغرق أكثر:

-حاضر سيدي.

ولكنني اضطررت للتظاهر بأنني أشعر بالدوار أمام الرجل الذي سقاني قهوة.

-أرجوك يا عماه، ساعدني؛ لأصل مكتب السيد فريدرك، أشعر بأنني لست على ما يرام.

قال الرجل:

-ألف سلامة عليك سيدة كريستين، على مهل، على مهل، أعطني يدك.

قلت له:

-يبدو أنني لم أتعاف تماما.

ساعدني الرجل حتى وصلت إلى المكتب فطرقت الباب
وسمعت صوتا يقول:

-تفضل.

دخلت؛ لأجد رجلا عريض المنكبين شاربه أسود عريض وقف فور رؤيته لي وقال لي بفرح بدا على وجهه:

-ممتاز أنت بوضع جيد جدا.

تبسمت له واقتربت من طاولة مكتبه وأخذ يحدثني عن طبيعة المهمة الجديدة، وكان يرفع يديه عاليا وينزلهما؛ ليظهر حماسه.
فقال بثقة:

-أعرف أنك ستحلين اللغز.

شعرت بقوة غريبة لم أفهم سببها وقلت له:

-أجل سأفعلها سيدي.

نظر إلي بحزن:

-هل أنت غاضبة مني كريستين؟

فأجبته:

-عفوا سيدي ولم سأغضب.

فقال:

-تتعاملين معي بأسلوب رسمي على غير عادتك.

قلت لنفسي:

"يا حياتي، وكيف كانت تخاطبه كريستين تلك بأي أسلوب، يبدو أنني سأقع في مقالب متعددة"

ثم تناولت الملف من يده وعدت إلى غرفة مكتبي، وقررت:

"علي أن أركز في تلك الملفات؛ لأفهم طبيعة عمل كريستين وكيفية معاملتها لكل شيء أشخاصا ومهام.

فتحت درج مكتبها، ووجدت مسدسا وسلسلة القبض على المتهم.

فتذكرت أنني لم أمسك سلاحا يوما، نظرت إلى المسدس وحملته وفجأة سمعت صوت طلق ناري خرج منه باتجاه السقف.
خفت كثيرا وقلت وأنا أراقب الغبار الذي نزل من السقف:

"رباه، ماذا فعلت؟ كيف فعلت هذا؟ يا إلهي يبدو أن كريستين هذه كانت قوية جدا! وجسدها لا يزال
يحافظ على قدراتها."

وهنا دخلت شرطية زميلة إلي عندما سمعت الصوت وقالت بقلق:

-كريستين، هل أنت بخير؟

حملقت بها وأنا متفاجأة قلت:

-أجل أنا بخير، خطأ بسيط.

قالت وهي تراقب الغبار الذي ملأ الطاولة وهي تضحك:

-كلفني فريدرك بمساعدتك في مهمتك الجديدة، هل اطلعت عليها.

فقلت لها وأنا أمسك ورقة تكليفها بالمهمة:

-أجل سارة -وطبعا قرأت اسمها من التكليف- سأطلع عليها بالتأكيد للمباشرة في مهمتنا، تفضلي إلى مكتبتك.

وعندما خرجت شعرت برغبة غريبة تجعلني أفتح الدرج، ودون وعي أمسكت سيجارا وأشعلته ورحت أدخن بطريقة لم أعرف نفسي بها.

"ما هذا؟ أنا أدخن كأي أحد يدمن التدخين! لم أكن أحب التدخين والمشروب يوما
والأسوأ أنا أدخن بنفس الطريقة التي كنت أرفضها في الأخرين.

تذكرت لحظتها صديقتي ورود التي كانت تدمن التدخين وكم من المواقف المضحكة كانت تحصل؛ بسبب رفضي للتدخين.

ثم ضحكت بصوت عال وقلت:

"يبدو أنني سأتسلى كثيرا، أين أنت يا كريستين؟

ثم خرجت من غرفتي وطلبت من الحاجب الخاص بي قائلة:

-لا أريد أحدا أن يدخل علي حتى أعط أوامري.

فنظر إلي باستغراب وهز برأسه موافقا.

لكنه سأل سارة التي كانت قربه تمسك ملفا وتدرسه:

-ألا تلاحظين أن صوت كريستين أصبح ناعما وحتى أسلوبها أصبح أكثر لطفا.

فقالت سارة:

-اخرس وانتبه لعملك.

قرأت ما استطعت من ملفات الجرائم التي فكت لغزها بتركيز عال، والغريب أنني فهمت وبسرعة كل شيء.

"يبدو أن الله منحني قدرة التعامل مع هذا الجسد وظروفه وتفاصيله؛ لأنجز مهمتي بسرعة، فالحمد لله سبحانه."

..قلت هذا وأنا في غاية الاحساس بالأمل ثم حملت مصنف القضية الجديدة، وأخذت المسدس والجوال وانطلقت إلى البيت.

وجدتهم بانتظاري.

رحبت بي الأم وهي تقول:

-كيف كان يومك حبيلتي

قلت لها وأنا أبتسم:

-جيد جدا، فقط أكثري من دعواتك لي يا أمي.

نظرت إلي الأم وقالت وهي جاحظة العينين:

-سترافقك دعواتي طوال العمر حبيبتي.

وقالت في نفسها:

-غريب منذ متى وكريستين تطلب دعاءي؟ كدت أنسى هذا الأمر منذ زمن، يبدو أن ما جرى لها قد غيرها تماما.

تركت الأم التي لاحظت أنها تفكر وتبتسم، ثم ذهبت باتجاه الأولاد.

قلت لهم وانا أشعر وكأنهم أولادي فعلا:

-كيف هم أحبتي اليوم؟

قبلتهم، ورحت أريهم ما اشتريته لهم من هدايا.

لقد رأيت في عيني ديفيد فرحا ممزوجا بالاستغراب وكذلك ويدي فقلت لنفسي:

"ترى لماذا؟ كيف كانت طبيعة كريستين تلك مع أولادها؟ ألم تكن تهتم بهم"

تبسمت لهم وقلت للأم:

-هيا أمي أنا جائعة، سأدخل المطبخ فورا.

حملق الجميع بي متعجبين ففلت لويدي:

-ماذا؟ هيا تعالي معي لنجهز الطعام.

ويدي بفرح:

-حسنا أمي قادمة.

قلت لنفسي:

-هناك أمور كثيرة علي أن أعرفها عن كريستين أجهلها وعلي تصحيحها.


تاولت معهم الطعام وحلست قرب ديفيد ورحت أطعمه بيدي.

قال الصبي:

"مابها أمي؟ كم تغيرت بعد هذا الحادث!

كتت ألاحظ نظراتهم لي وأنا أحمل الأطباق معهم إلى المطبخ، فاعتذرت منهم وقلت:

-يجب أن أستريح قليلا فلدي مهمة يجب أن أدرسها جيدا.

وفي الغرفة رحت أقلب ذلك الملف وحاولت فهم التفاصيل ثم حاولت التفكير كما تفكر كريستين في هكذا حالة .

"سأضع كل النقاط الرئيسية وأتشارك النصيحة مع سارة."

كلمتها وطلبت حضورها إلي
خلال ساعتين ريثما أنام قلبلا.

لكنني لم أستطع النوم ورحت أفكر:

"هل سأستطيع حل اللعز فعلا، نعم يحب أن أفعلها أرجوك كريستين ساعديني، علي اثبات براءتي أشعر أن هناك شيء ما جعلني أدخل جسدك لم أفهمه بعد، لكنني سأكتشف السر."

صمت قليلا ثم قلت:

"أعدك كريستين مهما حصل سأحمي عائلتك، أجل أحببتهم كأولادي ولن أتخلى عنهم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي