الفصل الثالث

الفصل الثالث

ياسمين تتحدث إلى روڤان وتقول:
—ما الذي تثقين بعودة جاسر إلى هذا الحد؟!

روڤان في ثقة تخبرها:
—ما إن يعمل المصل فلن يتحمل ذلك العنيد الألم.

وصل جاسر إلى فيلا الفيومي وما إن رأه عادل (الأخ الأوسط لجاسر) حتى أسرع إليه قائلًا:
—ما الذي أصابك يا أخي؟!

جاسر يخبره قائلًا:
—حادث بسيط ولكن كما تعلم فأخيك لا يتأثر بمثل هذه الحوادث.

وصل الٱمر إلى والده عدنان الخولي الذي أسرع لرؤية ابنه جاسر والأطمئنان عليه ثم تحدث إليه قائلًا:
—جاسر، هل أنت بخير؟
-ما الذي حدث معك يا بني؟!

جاسر يخبره قائلًا:
—عدنان بك،  لا داعي للقلق فأنا أمامك وليس بي شيء سوى بعض الكدمات البسيطة.

عدنان الفيومي يعلق قائلًا:
—أخبرني كيف وقع ذلك الحادث؟
أخشى أن يكون هناك من يقف خلفه.

جاسر يتحدث إلى والده ويقول:
—عدنان بك، الأمر لا يستحق ما تقوله، وليس كل شيء يحدث يكون مدبرًا، فقد كنت أقود سيارتي وتجاوزت السرعة وفي الوقت نفسه انفجر إطار السيارة، فأصطدمت بقوة مما تسبب في بعض الرضوض والكدمات البسيطة.

عدنان الفيومي يعلق قائلًا:
—لطالما أنهيتك عن القيادة بتلك السرعة، ولكنك كعادتك تعشق القيادة بهذا الشكل واليوم كان يمكن أن يصبك مكروه بسبب عنادك.

جاسر بدأ يشعر بألم في رقبته لا حظ والده تغيرًا في وجهه فعلق قائلًا:
—هل هناك ما يؤلمك يا بني؟

جاسر يخبره قائلًا:
-—عدنان بك، لا تقلق بشأني فمجرد ألم بسيط في رقبتي سرعان ما يختفي، ولكنني سأذهب إلى غرفتي لأنال بعض الراحة.

صعد جاسر إلى غرفته وما إن سمعت والدته بما حدث حتى هرولت إليه والدموع تتلألأت في عينيها، نظر إليها جاسر وعلق قائلًا:
—ما الأمر؟ ما هذه الدموع التي تملأ مقلتيكُ؟!

الام تعلق قائلة:
—إنها دموع الخوف والقلق عليك بني.

ابتسم جاسر تزامنًا مع تزايد شدة الألم وعلق قائلًا:
—أمي، لا تقلقِ بشأني أنا بخير.

الأم تحدث جاسر وتقول:
—بني عدني أن تخفض من سرعتك أثناء القيادة.

جاسر يعانق والدته وقد بدأ يتعرق من شدة ما يحتمله من ألم ويحدثها قائلًا:
—حسنًا يا حبيبتي أعدك بذلك.

نظرت إليه والدته ثم قالت:
—جاسر، ماذا بك هل تعاني من شيء؟!

جاسر يخبرها قائلًا:
—لا شيء يا أمي بعض الألم في رقبتي، مجرد حمام دافيء وكل شيء سيكون بخير.

الأم تعلق قائلة:
—لا بد أن يأتي الطبيب ليتفحصك.

جاسر يخلع سترته، واتجه صوب المرحاض ثم ينظر إلى والدته ويحدثها قائلًا:
—أمي لا داعِ للقلق حمام وبعض الراحة وكل شيء سيكون بخير.

دلف جاسر إلى المرحاض ليستحم بينما غادرت والدته الغرفة وأسرعت إلى عادل أخيه وأخبرته قائلة:
—عادل، أتصل بالطبيب حسام وأخبره أن يأتِ فوراً فجاسر ليس على ما يرام.

وعلى الفور اتصل عادل بطبيب العائلة حسام وطلب منه الحضور على عجل لتفحص أخيه جاسر.

الأم قامت باستدعاء الخادمة رضا وحدثتها قائلة:
—عنبر، أعدي مشروب الحليب بالكركم وإذهبي به إلى جاسر ليشربه، أخبريه إنني التي طلبت منك إعداده؛ كي يشربه.

وبعد قليل جاءت رضا مسرعة لتهمس في إذن الأم بشيء جعلها تسرع الخطى إلى غرفة ابنها جاسر.

وصلت الأم إلى غرفة جاسر لترى ما لم تراه منه من قبل.

جاسر يعتصر الفراش ألمًا، لا يستطيع تحريك رقبته من شدة الألم، الأم وقلبها يعتصر ألمًا على ابنها تصيح قائلة:
—الطبيب، عادل، حياة، عدنان أين الطبيب ابني جاسر يتألم.

تخرج مسرعة، فإذا بعدنان يقف أمامها بأسلوبه الصارم المقتضب يحدثها قائلًا:
—ما الذي تفعليه ألا تكفِ عن ازعاجي؟ وكأنك تتعمدي ذلك لم اعد أجد راحتي في هذا البيت.

الزوجة بنظرة حادة تعلق قائلة:
—من الآن لن اكف عن إزعاجك يا عدنان، لقد تحملت الكثير في صمت، ولكن ما لا يمكنني أن أتحمله أن يصاب أحد أبناءي بمكروه.

عدنان وقد استشعر خطبٌ ما في نبرتها يعلق قائلًا:
—فيروز، ما الأمر؟

وفي هذا الوقت يأتي عادل ومعه الطبيب حسام، نظر عدنان إلى الطبيب حسام، ثم عاود النظر إلى زوجته ولم يعلق بل أسرع بالضغط على مقبض الباب الخاص بغرفة جاسر ليتفاجيء بابنه المعضل غارقًا بعرقه، فيما يصعد صدره ويهبط بلهثات من شدة نوبات الألم المتعددة.

أسرع الطبيب إليه لم يتحمل جاسر أن يقترب الطبيب من عنقه، فصاح متألمًا، فلم يجد الطبيب بد من حقنه بمسكن قوي للآلام.

نظر الطبيب إلى الأب الذي بدى عليه الإنزعاج الشديد على ابنه وحدثه قائلًا:
—عدنان بك، لا داعي للقلق جاسر بك سيصبح بخير، ولكن هل يمكنني أن أعرف ما الذي حدث له؟

عدنان الفيومي يخبره قائلًا:
—حسام، لا أريد لهذا الألم أن يعرف طريقه لجاسر مرة أخرى أفعل أي شيء.

وما إن بدأ المسكن يأتي بثماره، حتى بدى على وجه جاسر الإرتياح فاقترب منه الطبيب حسام وحدثه قائلًا:
—جاسر بك، هل يمكنك إخباري بما حدث معك بالتفصيل؟

جاسر يعلق قائلًا:
—حسام، كنت أقود سيارتي وفجأة سمعت صوت إنفجار بإطار السيارة ولسرعتي الكبيرة بدأت السيارة تترنح فلم اجد بد من الإنحراف عن الطريق والدخول في الرمال، فقد ساعد هذا على توقف السيارة ولكن يبدو أن رأسي إرتطمت بقوة في مقود السيارة.

اومأ الطبيب برأسه ثم علق قائلًا:
—الآن عرفت ما حدث لرقبتك أيها البطل لقد حدث تمزق بالاربطة و تحرك في بعض فقرات الرقبة مما تسبب في هذا الألم الكبير.

جاسر يعلق قائلًا:
—ولكنني بخير الآن، شكرًا لك حسام.

ابتسم الطبيب حسام وعلق قائلًا:
—جاسر بك، لم ينتهِ الألم بل قمت بتسكينه، وسيعاود مرة أخرى ما دام العرض موجود، لا بد من وضع رقبة تمنع راسك من التحرك مع بعض الكريمات والعقاقير  المسكنة للألم، ولا داعي لفعل أي حركات عنيفة سيد جاسر تفهم ما أعنيه.

الأم تسرع قائلة:
—حسام ابني، ألم يتم عمل بعض الفحوصات والأشعة اللازمة للإطمئنان؟!

ابتسم حسام وعلق قائلًا:
—لا داعي لذلك ولكن إن احتاج لأي شيء فلن أتردد في عمله.

غادر الطبيب حسام واخلد جاسر إلى فراشه غارقًا في نومه.

وفي وقت متأخر من الليل، وجميع من فالمنزل نيام عدا الحراسة الذين باتوا ساهرين يحرسون عدنان الفيومي ومنزله، فجأة استيقظت الأم على صوت ضجيح قادم من غرفة ابنها جاسر.

اسرعت الام متحملة على نفسها، تناست ألآمها المبرحة ولم تشعر بشيء سوى ألام ابنها وقرة عينيها جاسر، دلفت إلى غرفته فوجدت يحطم  محتويات الغرفة من شدة الأم فعلقت قائلة:
—جاسر، ما الأمر يا بني هل عاودتك تلك الألام مرة أخرى؟!

جاسر بتألم:
—أمي، أشعر بدنو أجلي.

الأم والدموع تنهمر من مقلتيها تعلق قائلة:
—لا تتفوه بهذه الكلمات مرة أخرى، سأعاود الاتصال بحسام لياتي على الفور.

جاسر بألم:
—أمي، لا داعي لحسام فلن يجدي نفعًا فقد أسرعي بإعطائي المسكن وفي الصباح أعرف ما الذي سأفعله.

قامت الأم بإعطاء جاسر المزيد من المسكنات حتى يستطيع متابعة نومه للصباح، وبعد أن اطمئنت إلى نومه، قامت بفرد الاريكة المجاورة لسريره ، ثم جلست فوقها وعينيها لا تنظران سوى لجاسر، تتمنى أن تطلع الشمس بالعافية والسلامة له.

وفي الصباح استيقظ جاسر بعد أن عاوده الألم مرة أخرى.

فتح عينيه فوجد أمه وقد غلبها النعاس، حاول التماسك وتكتم الألم حتى لا يوقظها، نهض من فراشه محاولًا إرتداء ملابسه، فاصطدم بالخزانه الملابس؛ لتستيقظ والدته فتراه وهو يستعد للخروج فتنتفض قائلة:

—جاسر، إلى أين؟!

جاسر وهو يتحمل على نفسه يخبرها قائلًا:
— أمي، لدي شيء هام علي القيام به.

الأم بغضب تعلق قائلة:
—هل جننت؟! لا شيء أهم من صحتك فليذهب كل شيء إلى الجحيم.

جاسر والألم يكاد أن يفتك به يأخذ نفسًا عميقًا ثم يحدثها قائلًا:
—أمي، عندما وقع لي الحادث بالأمس قامت فتاتين بإنقاذي، أحدهن أخبرتني أن رقبتي تحتاج لثلاث جلسات وإلا فسأشعر بالألام شديدة.

أشدت الألم على جاسر فصمت قليلًا ثم عاود حديثه قائلًا:

—كل ما أخبرتني به حدث بالفعل؛ لذلك على الذهاب إليها فهي ماهرة في مجال العلاج الطبيعي والأبر الصينية.

الأم تقف أمام باب الغرفة ثم تخبره قائلة:
—جاسر، لن تذهب لأي مكان بمفردك، سأتي معك.

جاسر بغضب:
—أمي من فضلك دعيني أذهب فالألام تزداد بشدة، وأنتِ لم تذوقين طعم الراحة منذ البارحة.

أسرعت الأم وقامت باستدعاء أخيه عادل ثم أخبرته قائلة:
—إذهب إلى حيث يخبرك أخيك وأتي بالطبيبة على الفور.

جاسر يعلق قائلًا:
—أمي، ربما ترفض المجيء إلى هنا فهي لا تعرف من أكون، لا داعي لتضيع الوقت سأذهب مع عادل وأحاول أن اقتنعها ان تأتي معي لمتابعة باقي الجلسات هنا.

الأم توافق على ذهاب جاسر ولكنها تصر على مرافقتهم.

استقل جاسر سيارة أخيه عادل بعد أن قامت والدته بإعطاءه المسكن، اصرت الأم على مرافقة ابنائها إلى حيث الطبيبة آملة أن يجد جاسر الشفاء لدي هذه الطبيبة التي تحدث عنها.

وصلت سيارة عادل أمام منزل روڤان، فأسرع عادل بطرق الباب مراتٍ عديدة  ولكن لا أحد يجيب، رجع عادل إلى حيث أخاه وحدثه قائلًا:
—جاسر،  لا أحد بالداخل.

قبض جاسر على يده وضرب السيارة بعنف قائلًا:
—إلى أين ذهبت تلك الفتاة؟!

ثم تذكر ياسمين عندما حدثته قائلة:
—روڤان، ذهبت لجارتنا المصابة بالشلل لمعمل بعض الجلسات والعلاج الطبيعي لها.

أسرع جاسر قائلًا:
—عادل، إذهب إلى المنزل المجاور وقم بالسؤال عن الطبيبة روڤان.

تعجب عادل ولكنه قام بتنفيذ ما طلبه منه أخاه، ففوجيء بروڤان تخرج عليه تحدثه وتقول:
—ما الذي تريده مني؟!

عادل يخبرها قائلًا:
—لقد أصيب أخي في حادث بالأمس وقمت أنتِ بمساعدته.

أومأت روڤان برأسها وعلقت قائلة:
—نعم سيدي تذكرت، ولكن ما الامر؟

عادل يخبرها قائلًا:
—أخي، منذ الأمس وهو يتألم بشدة؛ لذلك جئنا إليكِ لعل لديك ما تفعليه لتخفيف ما يعانيه من آلام.

روڤان تعلق قائلة:
—حسنًا أين هو؟

عادل يشير إلى سيارته ويقول:
—هناك بالسيارة.

روڤان تعلق قائلة:
—هل سأذهب لأعالجه بالسيارة؟! دعه يأتِ إلى منزلي.

تذهب روڤان وتقوم بفتح منزلها، فيأتِ جاسر وعادل ووالدتهما.

نظرت روڤان إلى الأم ثم قالت:
-مرحبًا بك سيدتي في منزلي المتواضع.

الأم تعلق قائلة:
—ابنتي، نعتذر عن مجيئنا بدون سابق إنذار، ولكن ابني جاسر لم يفارقه الألم منذ الأمس.

روڤان نظرت إلى جاسر ثم علقت قائلة:
—ألم أخبرك بالأمس أن عليك الأنتظار حتى أنهي علاجي معك؟

جاسر يعلق قائلًا:
—هل كنتِ تريدنني أن أقضي ليلتي هنا معك متحججة بعلاجي؟!

نظرت روڤان إليه بذهول وعلقت قائلة:
—يا لك من وقح!

تعجب جاسر من رد روڤان بينما أسرعت الأم قائلة:
—ابنتي، لم يقصد ابني ما فهمتي أعتذر منك فهو لا يجيد  التعامل مع الفتايات.

جاسر يعلق قائلًا:
—هيا فلتقومي بعملك رجاءً وكفي عن الثرثرة.
روڤان تعلق قائلة:
—سيدتي، إذا كان هذا الرجل لا يجيد التعامل مع الفتايات، فيمكنني تلقينه درسًا يجعله يركع عندما يرى فتاة.

جاسر بغضب يعلق قائلًا:
-من تظنين نفسك أيتها الفتاة فكلكن سواء.

رةڤان بثقة وبرود تعلق قائلة:
-يبدو أنك لم تتعامل إلا مع نوع واحد من الفتايات عرفته الآن سيد جاسر.


روفان تتجه صوب الباب وتقوم بفتحه ثم تقول:
—ليس لك علاج عندي غادر بيتي على الفور أيها المتعجرف.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي