الفصل الرابع

الفصل الرابع

نظر جاسر إلى روڤان بدهشة اعتلت ملامحه وهي تشير إليه وتطلب منه الخروج من منزلها قائلة:
—ليس لك علاج عندي، غادر بيتي على الفور، فلن اسمح لك بالتطاول علي في بيتي أيها الأحمق.

كانت روڤان تتحدث بملامح جادة مقرونة بكبرياء وثقة واضحين، بينما وقف جاسر يطلعها بنظرات حارقة مغلولة، ثم اتجه صوب الباب، وقبل أن يخرج استوقفته أمه قائلة:
—جاسر، انتظر لحظة من فضلك.

وقف جاسر ولم يلتفت، اقتربت والدته من روڤان وحدثتها قائلة:
—ابنتي، أعتذر منك فابني حاد الطباع وما يعانيه من ألم جعل الأمر يزداد سوءً، لكنه في الحقيقة شخص عطوف فمن أجلي إن كان بيدك شيء يمكنك عمله لتخفيف آلامه، فلا تبخلي به عليه.

ر ڤان تعلق قائلة:
—سيدتي، لم تخطئي بحقي لتعتذري، هو الذي عليه الأعتذار لي إن كان يود أن أقوم بعلاجه.

عادل وقف مذهولًا منا يسمعه من هذه الفتاة الجريئة التي لم يقابل في حياته مثيلًا لها.

جاسر قاضبًا جبينه نظر إليها بنظر حادة مغلولة ثم علق قائلًا:
-هه جاسر عدنان الفيومي يعتذر لكِ أنت أيتها...

يشتد عليه الألم فلا يستطيع أكمال حديثه فيخر أرضًا من الألم، تسرع الأم إليها وتترجاها أن تخفق ما به من ألم قائلة:
—أرجوكِ ابنتي أسرعي بعلاجه.

روفان وقد رقت لكلمات الأم، نظرت إلى جاسر وحدثته قائلة:
—أجلس هنا ولا تتفوه بكلمة واحدة أيها المتعجرف سيء الخلق.

نظر إليها متعجبًا وما إن تهيأ لردٍ عنيف على اسلوبها الصارم المقتضب حتى أشارت إليه والدته قائلة:
—جاسر، من فضلك بني أجلس حتى تقوم الطبيبة بعلاجك، ولا داعي لعنادك فلن يزيد الأمر إلا سوءً.

وبدون أن يتفوه جاسر بكلمة جلس واستسلم لروڤان.

عادل شعر بذهول مما فعلته هذه الفتاة، فهذه هي المرة الأولى التي تعامل فتاة هذا التعامل الجاف مع أخيه جاسر بل وتسبه أيضًا.

فعلق بوجه مبتسمًا:
—أخي جاسر تبدو طبيبتك بارعة للغاية، وشديدة الثقة بنفسها، وجميلة جدًا أيضًا.

نظر إليه جاسر بغيظ وأشار له قائلًا:
—عادل، أصمت وإلا فسأبرحك ضربًا.

اشار له عادل وقد وضع أصابعه على فمه إشارة لإلتزامه بالصمت.

اقتربت منه روڤان وابتسمت بإقتضاب دون حديث، فكان صمتها أبلغ من اي إجابة، لطالما كانت هذه معاملتها مع الجميع احترم تُحترم.

ودون أن يدري أو يلاحظ أحد قامت بحقنه بمصل مضاد لذلك الذي قامت بحقنه به بالأمس دون أن يدري.

شعر جاسر بوخذ الأبر فعلق قائلًا:
— أنتِ، ما الذي تفعليه بي؟!

روڤان بثقة:
—أتريد أن تعرف؟ أقوم بحقنك بمادة ربما تقضي عليك، أنت ليس من حقك الاعتراض والسؤال فهذا عملي.

جاسر يحدثها:
—وأنا الذي أتألم وليس أنتِ أيتها المتعجرفة.

روڤان تعلق قائلة:
—لقد نعتني بالمتعجرفة، يا لك من شخص فظ ناكر للجميل.

أراد جاسر النهوض ليقوم بالرد عليها ولكنها قامت بوخذه بالأبر فتألم بشدة فعلقت قائلة:
—لا تتحرك فيزداد الألم فكما تعلم أقوم بعلاجك بالأبر الصينية،وحتى ينجح الأمر إلتزم بالهدوء.

استسلم جاسر وبداخله يتوعدها قائلًا:
—ما إن تنهي عملك فسأعطيكِ درسًا لن تنسيه أيتها الحمقاء، فأنتِ لا تعلمين من هو جاسر عدنان.

وفي الوقت نفسه روڤان تعلق قائلة:
—أعلم أنك تتوعدني، ولكن أنا هنا لكسر كبرياءك أيها المغرور، ولأعلمك كيف تتحدث مع الجنس الآخر بطريقة لائقة.

وبعد أن أنتهت الجلسة، اقتربت روڤان من السيدة عايدة والدة جاسر وامسكت بيدها السليمة ثم حدثتها قائلة:
—سيدتي، لن تعاود الآلام المبرحة ابنك بعد اليوم، وإن كان متبقي له جلسة حتى يقضي على الألم نهائيًا.

الأم تعلق قائلة:
—اشكرك أيتها الطبيبة البارعة، وإن كانت لدي رغبة تصل لحد الرجاء.

روڤان تعلق قائلة:
—سيدتي، لعله خير ما الأمر؟!

السيدة عايدة تخبرها قائلة:
—لم أشاهد جاسر من قبل يتألم كما رأيته بالأمس، وأقسم لك منذ البارحة وأنا لم أرى الراحة، وحالتي كما ترين فرجاءي ابنتي أن تاتي معي، وما إن يتعافى جاسر فيمكنك العودة إلى منزلك وقتما تريدين.

روڤان تعلق قائلة:
—سيدتي، يستطيع جاسر أن يأتي في أي وقت لإكمال جلساته، ولا داعي لمعاناتك فالمجيء إلى هنا.

جاسر بغلظة:
—أمي، لقد تحسنت ولا داعي لمزيد من الجلسات.

جاسر يقوم بإخراج دفتر شيكاته ويحدث روڤان قائلًا:
—كم تريدين نظير ما قمتِ به من عمل؟

روڤان تعلق قائلة:
—لقد أخبرتك بالأمس إنني أساعد الآخرين بدون مقابل مادي سيد جاسر.

جاسر يخبرها قائلًا:
—وأنا لست كالآخرين، أنا جاسر عدنان الفيومي، لا فضل لأحد علي لقد قدمتي لي خدمة وأنا سأدفعل لكِ مقابل خدمتك هذه.

روڤان تعلق قائلة:
—تريد أن تدفع مقابل ما تلقيته من خدمة أليس كذلك؟

جاسر يومأ برأسه ويقول:
—بالطبع، كم تريدين أيتها الطبيبة؟

روڤان تحدثه قائلة:
—حسنًا، المقابل الذي أريدك أن تعطيني إياه هو أن تشكرني وتخبرني بإمتنانك لي.

لم يستطع عادل ان يتمالك نفسه فعلت ضحكته وعلق قائلًا:
—رائع جداً هيا يا جاسر فلتفعل ما تريده الطبيبة الرائعة،هيا أخي هيا.

ابتسمت روفان وعلقت قائلة:
—أشكرك سيد عادل على مجاملتك اللطيفة، أنت شخص لطيف للغاية.

تعجب جاسر فروڤان تتحدث معه بشكل مختلف تماماً عن ذلك الذي تتحدث به مع أخيه، فقام بإخراج بعض المال ووضعه على الطاولة وتهيأ للمغادرة، فحدثته روڤان قائلة:
—سيد جاسر المرة القادمة رجاءً أخبرني قبل أن تأتي، فلا يصح أتأتي إلى هنا دون ميعاد سابق.

عض جاسر على شفتيه السفلى من الغيظ وغادر إلى سيارته وهو يهمهم قائلًا:
—سأعلمك كيف تتحدين مع جاسر عدنان الفيومي أيتها الحقيرة.

جلس جاسر داخل سيارته ينتظر خروج والدته وأخيه عادل من منزل روڤان، وبداخله بركان ثائر يحدث نفسه قائلًا:
-كيف استطاعت هذه الفتاة ان تتحدث معي بهذه الجراءة التي لم أعهدها مع فتاة من قبل؟!

الأم تقترب من روڤان وتخبرها قائلة:
—تبدين صغيرة بالسن ولكنك بارعة بعملك للغاية، كم أنا ممتنة منك يا بنيتي.

روڤان تعلق قائلة:
—سيدتي، أشكرك على كلماتك الرقيقة وثناءك علي، وبيتي الصغير مفتوحًا لكِ في أي وقت.

عادل والإبتسامة تعلو وجهه يحدثها قائلًا:
—سيدتي، شرفت بلقائك ولا اخفي عليك لقد أعجبني ثقتك بنفسك كثيراً، وجراءتك التي ليس لها مثيل.

ابتسمت روڤان وعلقت قائلة:
—أنت شخص ودود للغاية، وخفيف الظل ولا اعلم كيف تتعامل مع أخٍ كهذا.

خرج عادل ووالدته من منزل روڤان، فأراد  عادل قيادة سيارته فأخبره جاسر قائلًا:
—- أخي، سأقود أنا السيارة، فقد تحسنت حالتي كثيرًا.

ابتسم عادل وعلق قائلًا:
—حسنًا أحي الحبيب، حمدً لله على سلامتك.

شعرت الأم بالراحة وهي تشاهد جاسر يعود لطبيعته بعد أن زالت آلامه فتعلق قائلة:
—لم أكْ اتخيل أن تكون هذه الفتاة برغم صغر سنها إلا إنها بارعة في عملها للغاية. 

جاسر يحرك رقبته فلا يشعر بأي ألم فيعلق قائلًا:
—نعم بارعة، ولكنها فظة ومتعجرفة.

نظرت الأم إلى عادل وتبادلا الإشارات معًا فعلق عادل قائلًا:
—نعم متعجرفة ووقحة ولا تنسب الفضل لأهله.

نظر إليه جاسر قاضبًا جبينه وحدثه قائلًا:
—من تقصد بذلك؟!

عادل يعلق قائلًا:
—عنبر الخادمة.

تضحك الأم ويبادلها عادل الضحك ولم يجد  جاسر أمامه سوى مشاركتهم في ضحكاتهم.

وصلت الام وابنائها إلى منزلهم، فشعرت الأم ببعض التعب فأخبرتهم قائلة:
— ابنائي سأصعد إلى غرفتي لأنال بعض الراحة.
اقترب جاسر من والدته وعانقها ثم قال:
—أمي، اعتذر إليك فقد اثقلت عليك فمنذ البارحة وأنتِ لم تذوقين طعم الراحة.

ابتسمت الأم وربتت على وجهه بحنان ثم علقت قائلة:
—بني، لا عليك فوالدتك بخير، حمدًا لله على سلامتك.

صعدت الأم إلى غرفتها، واقبلت حياة فحدثت عادل قائلة:
—عادل، أين كنتم بحثت عنكم فلم أجد أيًا منكم بالمنزل؟!

عادل يخبرها قائلًا:
—حياة، تعالي معي سأخبرك بكل شيء فقد حدث أشياء كثيرة، لن تصديقِين ما سأخبرك به.

وضع عادل ذراعه على كتف اخته واصطحبها إلى حديقة المنزل؛ ليروي لها ما حدث.

حياة بعد أن أخبرها عادل بما حدث تتعجب وتعلق قائلة:
—أخي، هل حدث ما تقوله بالفعل؟!

ابتسم عادل وعلق قائلًا:
—ليتكِ كنتِ معنا فترين بنفسك، فتاة رائعة وجريئة لم تهتم بإرضائه كما تفعل معه بقية البنات، كانت تحدثه حديث الند بالند.

ابتسمت حياة وعلقت قائلة:
—أخي، كم أود رؤيتها.

عادل يعلق قائلًا:
—هل تعتقدي ان جاسر سيذهب بقدمه إلى هناك مرة أخرى؟!

حياة تعلق قائلة:
—ولكن في هذه المرة لا بد أن يطلب الأذن قبل أن يذهب.

تبادل الأخوين الضحك وكأنهما قد وجدا ما يسلون به وقتهما.

(منزل المقدم عادل منصور)
يعود المقدم عادل منصور من مأموريته التي استمرت لمدة أسبوعين، فيجد زوجته عصمت  في انتظاره كما إعتادها، جميلة ومتألقة اسرع إليها معانقًا إياها قائلًا:
—كم اشتقت إليكِ زوجتي الحبيبة؟!

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
-أنا أيضًا اشتقت إليك كثيرًا زوجي الحبيب.

المقدم عادل منصور يعلق قائلًا:
-ما هي اخبار المهمة التي تقومين بها؟

عصمت تعلق قائلة:
-تمام، لقد قمت بالتخطيط  لكل شيء، والتوفيق من عند الله.

ابتسم الزوج وعلق قائلًا:
-في حالة احتياجك لأي شيء فاخبريني على الفور ولا تترددي.

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
—زوجي الحبيب إنني أحب أن أتصرف في عملي كما أريد؛ حتى إذا فشلت في أمر لا أجعل منه شماعة أعلق عليها فشلي.

الزوج والابتسامة تعلو وجهه يعلق قائلًا:
-هذه هي عصمت الناجي التي اعرفها جيدًا، لا تحب أن يتدخل أحد في عملها حتى أقرب الناس إليها.

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
—زوجي الحبيب، أنت اعلم الناس بي، أنا أفصل تمامًا بين كوني زوجة وبين عملي كنقيب شرطة.

وضع الزوج ذراعه على كتف زوجته وعلق قائلًا:
—ولأجل هذا فأنا أعشق فيكي الزوجة، وأقدر ضابط الشرطة.

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
-حسنًا يا زوجي الحبيب هل انهيت مهمتك؟

المقدم عادل منصور يعلق قائلًا:
—لم أنتهِ من مهمتي بعد فربما تمدد بعض الوقت، فقد تم إنتدابي للعمل في بور سعيد لمدة ثلاث أشهر يتخللها أجازة كل أسبوعين.

عصمت تعلق قائلة:
-وكم تمتد هذه الاجازة يا ترى؟

الزوج يعلق قائلًا:
-تمتد لمدة يومين فقط يا زوجتي الحبيبة.

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
-يومين فقط، هذا كرم كبير من سيادة المقدم.

ضحك الزوج وعلق قائلًا:
-ما رأيك أن تأتي معي؟

عصمت الناجي تعلق قائلة:
—ليتني أستطيع فلدي أعمال هامة علي القيام بها.

وبعد انتهاء اليومين يعود الزوج إلى عمله في بور سعيد بينما تستأنف عصمت عملها هي أيضًا.

ياسمين تتحدث مع روڤان وتقول:
—هل تعتقدي أن شخص كجاسر سيعود إلى هنا مرة أخرى؟

روڤان بثقة تعلق قائلة:
—سيأتي يا صديقتي، ولكن هذه المرة ليس لأجله بل من اجل والدته فكما رأيتي تعاني كن شلل بإحدى يديها ولدي إحساس كبير أنه إلى هنا طالبًا مني علاجها.

ياسمين تعلق قائلة:
-وهل يمكنك حقًا شفاءها وهي مصابة بشلل؟!

روڤان تعلق قائلة:
-حينها سأفعل ما استطيع لمساعدتها على الشفاء.
ياسمين تعلق قائلة:
—لا  اخفي إعجابي الشديد بكِ وبذكاءك.

ابتسمت روڤان وعلقت قائلة:
-أشعر أن السبب في شلل تلك المرأة هو عامل نفسي وليس عضوي.

جاسر جالس يتناول قهوته، ثم يذهب لغرفة والدته ليتفقد أحوالها فيراها تتألم بشدة، وما إن تشعر بوجوده حتى تتظاهر بالعافية فيدنو منها ويخبرها قائلًا:
—هل تعتقدين أنني بذلك سوف أقتنع أنكِ بخير يا أمي؟

الأم تعلق قائلة:
—لا عليك يا بني فأنا بخير ما دمت أنت بخير.
جاسر بضيق يعلق قائلًا:
—لكنك تتألمين وهذا أكثر شيء يجعل قلبي يتمزق ألمًا عليك.

الام تعلق قائلة:
—أنا والألم وجهان لعملة واحدة يا بني، أصبحنا لا نفارق بعضنا، احيانا اشعر بأن القدر قد كتب علي الألم حتى لا أنسى أشياء حدثت  بالماضي.

تعجب جاسر وعلق قائلًا:
—ما الذي يذكرك به القدر من الألم يا أمي، دائماً أشعر أن هناك أمر تقومين باخفاؤه عني،وكثيرًا ما ينتابني الفضول إلى معرفة ما تخفينه عني. 

الأم تعلق قائلة:
—يذكرني القدر  بالخيانة والغدر فكلاهما قد تجرعت منهم الألم يا بني، لا أريد أن أخوض في ذلك الآن ولكن لكل شيء وقته.

جاسر بضيق:
—حسنًا ولكن ما الذي أفعله حتى أخفف عنك هذه الألام؟

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—اعطني المسكن من الدرج فهو يقلل الألم ويجعلني اتحمله.

أسرع جاسر وأحضر المسكن ولكنه يحدث نفسه قائلًا:
—المسكن ليس بالعلاج لا بد أن هناك علاج لحالة أمي.

ثم يتذكر روڤان وهي تقول:
—كنت لدى جارة لي أقوم بعمل بعض الجلسات لها فهي مصابة بالشلل.

تذكر جاسر تلك الكلمات وحدث نفسه قائلًا:
—أنتِ مرة أخرى، ترى هل يمكن لهذه الفتاة أن تشفي أمي؟!

وفي اليوم التالي روڤان جالسة ترتشف قهوتها،  فتسمع طرق على باب منزلها تسرع نحو الباب، تنظر من خلال الثقب السحري فتشاهد جاسر واقفًا ببابها، فتعود حيث كانت تتابع شرب ما تبقى من قهوتها.

مازال جاسر واقفًا بالخارج يطرق بابها، ولم يتسلل اليأس إليه فهو يعلم بوجودها بالداخل فصوت التلفاز يظهر ان هناك احدًا بالداخل، وما جاء به لن يجعله يمل ويغادر.

أنهت روڤان شرب قهوتها ثم وقفت خلف الباب تتحدثت قائلة:
-من الذي يطرق بابي هكذا؟!

جاسر بغضب يعلق قائلًا:
-لو كان أهل الكهف نيام بالداخل لإستيقظوا على طرقي، هلا قمتي بفتح الباب؟!

روڤان تفتح باب المنزل وتحدثه قائلة:
-يا لك من شخصٍ جهول، تأتي لزيارتي بدون أن تخبرني مسبقاً، وتطرق بابي كشخص دائن يريد تحصيل ما له من أموال من المديونين المختبئين بالداخل!

جاسر وقد اشتعل غضبه بعد سماعه لما قالته روڤان يتحدث قائلًا:
-أقسم لكِ لو شخصًا آخر حدثني هكذا لكنت أبرحته ضربًا، ولكنك امراة ومن شيم الرجال ألا يمدوا ايديهم على النساء.

ضحكت روڤان وعلقت قائلة:
-وما الذي منعك من ذلك أيها الوغد؟! اه نسيت أنت رجل، ومن شيم الرجال ألا يمدوا أيديهم على النساء، لكنهم يأتوا بدون موعد، ويطرقون الأبواب بشكل غير لائق أليس كذلك؟!

جاسر وقد أصبح يلتقط أنفاسه بصعوبة من الغضب المتزايد بداخله، يمسك بقبضة يده ويصوبها لوجه روڤان التي أغمضت عينيها فيحول جاسر الضربة في اللحظة الاخيرة إلى الطاولة فيشقها نصفين.

روڤان تعلق قائلة:
-حسنًا أعطني خمسمائة جنيهًا فورًا من فضلك.

تعجب جاسر وعلق قائلًا:
-لماذا تريدين هذه النقود؟!

روڤان تعلق قائلة:
—ثمن هذه الطاولة، التي قمت بكسرها يا هرقل زمانك.

تعجب جاسر ثم جلس وهم بالحديث قائلًا:
-لقد جئت إلى هنا....

وهنا قاطعته روڤان قائلة:
-لن أستمع لحديثك حتى تدفع ثمن ما أتلفته.

جاسر قام بإخراج محفظته ثم أعطاها الخمسمائة جنيهًا التي طلبتهم وعلق قائلًا:
-من قبل عرضت عليكِ المال نظير ما قمتِ به من عمل فقمتي بالرفض فما الذي حدث الآن؟!

ابتسمت روڤان وعلقت قائلة:
—لم أريد أن أتقاضى أموالًا نظير ما فعلته من عمل فأنا أفعل ذلك دون أجر، أما الخمسمائة جنيه هذه فثمن الطاولة التي قمت بكسرها، ألم تستمع لهذه المقولة: "من أتلف شيء فعليه إصلاحه".

جاسر نظر إليها نظر حادة يملؤها الغل ثم يتحدث قائلًا:
-لا اعلم ما الذي يجعلني صابرًا عليكِ هكذا؟!

روڤان بثقة:
-لأنك تحتاج إلي يا سيدي المندفع؛ ولذلك فانت حريص على سلامتي.

جاسر يقبض يده ثانيةً فتعلق روڤان قائلة:
-هل لديك بحافظة نقودك الكثير من الأموال التي تريد دفعها لي نظير ما تحطمه في بيتي؟!

ابتسم جاسر وعلق قائلًا:
—روڤان، هل يمكنك أن تأتِ معي باقصى سرعة؟

تعجبت روڤان وعلقت قائلة:
-أتي معك مرة واحدة! إلى أين تريد أن تأخذني يا سيدي؟!

نظر جاسر متعجبًا ثم علق قائلًا:
-إنني أتحدث بجدية فوالدتي مريضة وأريدك أن تاتِ معي وتقومين بعلاجها.

روڤان تعلق قائلة:
-سيد جاسر، أنا لا أذهب إلى بيت أحد، من يريد ان أعالجه يأتي إلى هنا وأنا أقوم بعلاجه.

جاسر يعلق قائلًا:
-روڤان، من فضلك والدتي تعتصر ألمًا وترفض السفر إلى الخارج للعلاج، وأنا على يقين أنها لن تأتِ إلى هنا.

صمتت روڤان قليلًا ثم علقت قائلة:
-حسنًا ولكن ما إن أنهي جلساتي فسأغادر على الفور، ولا أريد المزيد من المضايقات.

ابتسم جاسر ابتسامة يملؤها الرضا وعلق قائلًا:
-حسنًا واتمنى أن يجدي علاجك نفعًا، او على الأقل يخفف من آلامها.

روڤان رافقت جاسر إلى منزل عدنان الفيومي، وما إن دلفت إلى داخل المنزل حتى طلب منها الأمن الخاص بالمنزل ترك الهاتف الخاص بها، فنظرت إلى جاسر وعلقت قائلة:
-ما هذا الذي تطلبوه؟!
-أنا لن اترك هاتفي، أنا لا اعلم ما الذي سيحدث معي بالداخل، لن أتخلى عن هاتفي، وإلا سأعود إلى منزلي على الفور.

رفض الأمن دخول الهاتف إلى منزل عدنان الفيومي إلا بأمر من عدنان الفيومي نفسه، فعلق جاسر قائلًا:
—روڤان، من فضلك اطمئني فلن يحدث معك شيء.

روڤان بذهول تعلق قائلة:
-سيد جاسر، ما الذي أراه؟! هل ستدخلني مبنى للمخابرات العامة؟!

ضحك جاسر وعلق قائلًا:
-لا بل منزل عدنان  الفيومي رجل الأعمال الشهير، الذي لا يسمح بدخول الهواتف النقالة إلي منزله.

روڤان تعلق قائلة:
-لم أسمع بهذا الأسم من قبل، في اي مجال يعمل رجل الاعمال هذا؟!

ابتسم جاسر وعلق قائلًا:
—بالطبع لم تسمعِ باسمه، فهو رجل اعمال يقوم بعمل اعمال للناس.

ثم يضحك جاسر ويخبرها قائلًا:
-هل حقًا لم تسمعِ باسم عدنان الفيومي من قبل؟!

روڤان بثقة تعلق قائلة:
-هل يمكنك أن تخبرني من هو هذا الشخص الذي يمنع دخول الهواتف إلى منزله؟!

جاسر يعلق قائلًا:
-هذا الرجل هو والدي ايتها الطبيبة النابغة.

صمتت روڤان ولكنها اصرت على عدم ترك هاتفها مع رحال الأمن.

وامام إصرار روڤان على الدلوف إلى داخل المنزل بهاتفها ورفض الأمن دخول الهاتف إلى الداخل خرج عادل الفيومي من المنزل متسائلًا:
-ما هذه الضوضاء؟!

نظر عادل فإذا به يرى روڤان فتحدث إليها مبتسمًا:
-روڤان، كيف حالك،لماذا تقفين هنا هيا إدلفي إلي داخل المنزل سريعًا؟!

ابتسمت روڤان وعلقت قائلة:
-سيد عادل مرحبآ بك، لكنني لا يمكنني الدلوف إلى منزلكم بدون هاتفي.
عرف عادل ما يحدث عند الباب فدلف مسرعًا إلى والدته وقام باصطحابها معه لعلها تنجح في إقناع روڤان بالعدول عن اصرارها،فالجميع  يعلم أن الأمن ينفذ أوامر والده التي لن يسمح باختراقها من قبل أي شخص مهما كانت صلته.

الأم اقتربت من روڤان وتحدثت قائلة:
-روڤان، مرحيًا بكِ يا ابنتي كيف حالك؟

ابتسمت روڤان وعلقت قائلة:
—سيدتي، إنني بخير ولكنني جئت لأطمئن عليك ففوجئت بما يحدث فهل لي بالجلوس معك خارج هذا المنزل الغريب!

السيدة فيروز(والدة جاسر) تعلق قائلة:
-روڤان أين سنجلس؟!
روڤان تعلق قائلة:
-نجلس هنا بحديقة المنزل.

ابتسمت السيدة فيروز وعلقت قائلة:
-ابنتي، هذا لا يصح لقد جئت إليك في منزلك وقمتِ بالترحيب بي، فدعيني أرحب أنا أيضًا بكِ في منزلي،وعلى طريقتي الخاصة.

روڤان تعلق قائلة:
-عندما جئتم إلى منزلي لم أطلب من أحدٍ منكم خلع حذاءه وأنتم تطلبون مني ترك هاتفي بالخارج يال العجب!

السيدة فيروز تعلق قائلة:
-هذه هي القوانين الخاصة بمنزلنا ولا يمكن لأحد أن يتجازوها، فاتركي هاتفك وتعالي معي وكوني مطمئنة فكل شيء على ما يرام ولا داعي للقلق.

وأمام رجاء السيدة فيروز،لم تجد روڤان امامها سوى أن تتنازل وتدلف إلى منزل عدنان الفيومي، وذلك بعد أن قامت بإغلاق هاتفها وتركه بالخارج مع الأمن.

وما إن دلفت إلى داخل هذا المنزل الكبير حتى بدى عليها الأعجاب والدهشة علقت قائلة:
-بيتكم واسع وكبير ولكنه أشبه بالسجن الكبير.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي