الفصل الثاني خيانة

الفصل الثاني (خيانة)

ألتفت الأمير على الصوت، ثم نادى جنوده:
_أيها الجنود، أنتبهوا جيدًا، وخذوا حذركم.

علت أصوات الجنود هاتفة:
_أمرك مولانا الأمير.

قامت معركة بين مملكة العظماء، وقرية أتلانتس دامت فترة زمنية قصيرة جدًا؛ فالفارق بين الطرفين معروف، نتيجته فوز مملكة العظماء، ووقوع الكثير من الجنود أسرى في أيديهم، غير الجرحى.

حزن كل الناس على ما حدث، ودخل الأمير غرفته حزين، لا يعرف ماذا يفعل؛ فمملكته كل يوم في ضعف شديد، أخذ يحدث نفسه.

"ماذا بعد يا أيها الأمير! ماذا ستفعل! مملكة العظماء لا ترحم، ومملكتك كل يوم تتراجع، ما الحل؟ أنقذنا يا ألهي من بطش هؤلاء".

ما أكمل الأمير حديثه مع نفسه، حتى وجد حارسه ينادي؛ فأذن له بالدخول:
_عذرًا مولاي، الفتاة عادت لوعيها ثانيةً مولاي، والسيدة خولة أخبرتنا أن نخبر جلالتك.

هب الأمير واقفًا، وأسرع؛ ليرى من هي الفتاة خوفًا أن تكون جاسوسة، ذهب الأمير إلى منزل السيدة خولة، ثم أستأذن بالدخول:
_السلام عليكِ سيدة خولة.


أجابت السيدة خولة:
_وعليكَ السلام مولاي، نور أستيقظت، وأصبحت في حالة جيدة.

أبتسم الأمير يزن قائلًا في فرح:
_ما شاء الله، حمدًا لله على سلامتكِ سيدة نور.

ظلت نور تنظر حولها لم تعِ أين هي؟ ولا من هؤلاء؟ ثم قالت:

_أين أنا؟ ومن أنتم؟ ماذا تريدون مني؟ أنا أريد أن أذهب إلى أمي، أتركوني وشأني، ماذا تريدون؟ أرجوكم لا تفعلوا بي شيء، أمي لن تتحمل إن حدث لي مكروه، أمي، من الموكد أن أمي تفتقدني.

ظلت نور تصرخ، وتتمتم بكلمات كثيرة، يزداد نحيبها، وبكاها، والسيدة خولة تُهدأ من روعها، ولكن دون فائدة.
_أتركيها سيدة خولة.

نظر الأمير إلى نور ثم تحدث:
_أتفعلين كل هذا لكي لا نعلم أنكِ جاسوسة من مملكة العظماء؟

تعجبت نور مما تسمع؛ فهي لا تعلم ما هذا، لتردف قائلة:
_لا أعرف شيء عما تقوله، وما الهراء الذي تتحدث عنه؟

غضب الأمير غضبًا شديدًا، ثم تكلم بصوت عال:
_هراء، حديثي أصبح هراء، ألا تعلمين مع من تتحدثين؟ ألم تقولي لها سيدة خولة من أنا؟

غضبت نور، فبالرغم من كل شيء، لا تحب أن يتعدى أحد حدوده معها:
_لا يهمني من أنت، كل ما يهمني أن أذهب من هنا، أنا أريد أن أذهب إلى أمي، لا أريد أي شيء آخر.

أزداد غضب الأمير، وأحمر وجهه كثيرًا:
_ولماذا ما زالتِ جالسة؟ أذهبي إلى أمك يا طفلة.

هبت نور واقفة من على سريرها، لا يُهمها مرضها؛ فهو ينعتها بالطفلة، وهذا أكثر شيء تكرهه نور:
_أنا طفلة، أنت عديم النظر، لا تفهم أي شيء، بل أنت الطفل يا أبله.

حاولت السيدة خولة فض هذا الاشتباك، ولكن دون جدوى؛ فالأثنين يستشيطان غضبا من بعضهما.

لم يعد الأمير يستطيع تمالك أعصابه؛ فما أمامه سوى فتاة تتطاول عليه، وهو أمير هذه المملكة:

_أسمعي يا فتاة، إن أردتِ الذهاب؛ فأذهبي ولا تجعليني أراكِ ثانية، نحن من أخطأنا حين حميناكِ من ذئاب الصحراء، وأنقذناكِ من الموت، وآخر الأمر تصرخين، وتفعلين كل هذا، لا أعلم حقًا أي تربية تربتيها أنتِ؟


هدأت نور لوهلة؛ فهي لا تفهم أي شيء مما يدور حولها:
_صحراء، أنا أتذكر أني كنت عالقة بصحراء لا أعلم عنها شيء، أنا أفتقد أمي كثيرًا، أمي وحيدة، ليس لها أحد في الحياة غيري، أرجوكم أخبروني، أين أنا؟

تحدث الأمير، وهو لا يعلم، أيغضب منها ومن لسانها المتسلط؟ أم يحزن عليها؟:
_أنتِ في قرية أتلانتس.

عبست ملامح نور؛ فهي لم تسمع عن هذا المكان قبل ذلك، ثم قالت متسالةً:
_ماذا؟ أيوجد على الخريطة مكان بهذا الاسم؟

نظر الأمير يزن إليها بنظرة غريبة؛ فهو مازال يشك في أمرها، وأحيانًا تتحدث بكلمات مبهمة، ولكنه تكلم في هدوء:
_لا أعلم ماذا تقصدين بخريطة هذه، ولكن ما مشكلتك أنتِ؟ لا أفهم.


تعجبت نور، كيف لا يعرف معنى خريطة، توقف عقلها لوهلة، ولكن سرعان ما تذكرت أنها قرأت عن شيء يُدعى السفر عبر الزمن، وتذكرت كيف كانت شغوفة جدًا بهذا الأمر، خافت لوهلة أن يكون حدث معها؛ فتسألت في سرعة:

_في أي سنة نحن؟

أستغرب الأمير، وبدأت شكوكه تزداد؛ فأعتقد أنها حيلة تفعلها:
_لا أعلم لما أنت غريبة هكذا، ولكن نحن في عام 1580.

فزعت نور، هي تعلم أن هناك سفر عبر الزمن، كانت تتمنى أن تجربه، ولكن لا تعلم أنه ممكن أن يحدث معها، أيقنت أنه لا يوجد مفر للعودة إلى أمها، ورؤيتها مرة أخرى، بكت نور كما لم تبكِ من قبل، وكل من حولها لا يفهم ما يحدث.

تكلمت السيدة خولة بعدما رأت انتفاض جسدها وبكائها الشديد؛ فذهبت إليها وأخذتها بحضنها:
_أهدأي يا بنيتي، كل معضلة ولها حلها.

كان يزداد بكاء نور أكثر، وأكثر؛ فهي كانت تشعر بحنان أمها في السيدة خولة:

_كيف ستحل هذه؟ هذه المعضلة ليست لها حل، أنا عالقة هنا في الماضي، لن أرى أمي ثانيةً، لن أرى جامعتي، ولا أصدقائي، لن أرى العالم الذي كنت أمقته كثيرًا، اليوم علمت أني أحبه كثيرًا سيدة خولة.

بكت السيدة خولة على بكاء نور، بل تأثر الأمير، وكل من كان بالغرفة، وتسائلت متعجبة:

_كيف يا بنيتي؟ لا أفهم عليكِ، كيف أنك عالقة بالماضي؟

بدأت نور تهدأ؛ لتحاول شرح الأمر:
_سيدة خولة، أنا من عام 2023، لا أعلم ما حدث، أنا لم أعد أفهم شيء.

تعجب كل من بالغرفة، وعلت الهمهمة، وأعتقدوا أن نور فتاة مجنونة، ولكن يوجد من يفكر بها بشكل آخر، تحدث الأمير، وعقله أيقن أنها جاسوسة؛ فهو لا يستطيع أن ينسى الماضي:
_وكيف عدتِ إلى الماضي إذن؟

قصت لهم نور كل ما حدث معها، ولكن الأمير لم يصدق الأمر؛ فقلبه يحمل الكثير من الشك، وعقله أيقن أنها جاسوسة، ولكن ليس بيده دليل؛ فلم يعترض على شيء.

أردف الأمير قائلًا:
_سيدة خولة، أعتني بالسيدة نور؛ فما زالت مريضة، وإن أحتجتن شيء؛ فأرسلن إلي فورًا.

أجابت السيدة خولة في احترام شديد:
_أمرك مولاي.

نظر الأمير إلى نور يريد أن يصدق حديثها، ولكن عقله يأبى أن يصدق؛ فهو وقع في هذا الفخ قبل ذلك، والمملكة لا تحتمل الخسارة مرة أخرى؛ فيكفي ما حدث.

رحل الأمير، وألتفتت السيدة خولة إلى نور قائلة لها:
_ماذا تريدين أن تصنعي يا نور؟

أجابت نور في ألم، وحزن شديد:
_ماذا سأفعل يا سيدة خولة؟ فلم يعد بمقدرتي العودة إلى أمي، أصبح كل شيء ثقيل على كتفاي.

حزنت السيدة خولة على نور؛ فهي أحبتها كأبنتها:
_عساه خيرًا يا بنيتي، لا تحزني؛ فكل الأمور ستمر.

أبتسمت نور قائلةً:
_وكيف سأعيش هنا سيدة خولة؟

تهيأت السيدة خولة للجواب، ولكن قاطعها دخول حارس الأمير يستأذن للدخول:
_السلام عليكن.

أجاب الجميع:
_وعليك السلام.

نظر الحارس إلى السيدة خولة، ثم قال:
_سيدة خولة، مولاي الأمير أرسل معي أن أخذ السيدة نور إلى منزلها.


تعجبت السيدة خولة، وتسائلت قائلة:
_أي منزل تقصد أيها الحارس؟

أجاب الحارس قائلًا:
_المنزل الذي أمر مولاي الأمير أن يُجهز للسيدة نور؛ لكي تعيش فيه.

أبتسمت السيدة خولة، وقالت للحارس:
_أذهب إلى الأمير، وأخبره أن السيدة خولة تستأذنك أن تترك نور؛ لتعيش معها بالمنزل.

طأطأ الحارس رأسه بالقبول قائلًا:
_أمرك سيدة خولة، سأذهب في الحال.

أبتسمت السيدة خولة، وهي تودع الحارس، ثم ألتفتت إلى نور قائلةً:
_أتمانعين العيش معي؟ أنا أردت أن تعيشي معي خوفًا عليكِ؛ فأنت لا تعلمين أي شيء هنا.

أبتسمت نور، وهي سعيدة بأكتساب أم لها قائلةً:
_أنا لا أمانع إطلاقًا سيدة خولة؛ فأنا أشعر أنكِ مثل أمي.

فرحت السيدة خولة، وأحتضنت نور من شدة فرحها، وهي تقول لها:
_إذن، تقولين لي أمي، أو أمي خولة كما تشائين.


شددت نور من إحتضان السيدة خولة، وهي سعيدة جدًا:
_سأناديكِ أمي خولة من بعد الآن.

ظلت نور، والسيدة خولة يتسامران، ومرت الأيام سريعًا، وفي هذه الأيام لم تكف نور عن البحث عن طريقة للعودة بها إلى الواقع الذي تنتمي إليه، عرفت نور مكان سيدة يقال أنها تعلم بهذه الأمور.

وفي ليلة من الليالي أخذت نور قرارها بالذهاب إليها في الليل؛ لكي لا يشعر أحد، خرجت نور من المنزل على أطراف أصابعها؛ لكي لا يشعر بها أحد، أخذت تدعو أن تصل بخير، ولا يراها أحد، وبينما هي تسير؛ فإذ بها تجد الأمير يزن.

تفاجأ الأمير عند رؤيتها؛ فذهب إليها قائلًا في غضب:
_ماذا تفعلين هنا سيدة نور؟ ولما أنتِ هنا في هذا الوقت؟

تلعثمت نور من شدة المفاجأة؛ فهي لم تتوقع أن تجد أحد في طريقها، والأكثر أن يكون الأمير يزن، ظلت نور تُتَهته بكلام غير مفهوم؛ فغضب الأمير، وصاح بها:
_ألم تسمعي ما أقوله؟

رفعت نور بصرها تنظر لأعين الأمير، ثم قالت:
_بريق من الأمل، وجدته؛ فحاولت التمسك به، والعثور على ما تبقى منه.


غضب الأمير؛ للإبهام الذي تتكلم به، ثم صاح بها:
_تكلمي بوضوح قبل أن تفلت أعصابي؛ فلن أرحمكِ وقتها.

أرتعبت نور من هيئة وجهه الذي يتحدث بها، ثم قالت في تلعثم:
_علمت أنه يوجد سيدة تعلم بما حدث لي، وأنها بإمكانها أن تُرجعني إلى عالمي.

نظر الأمير إلى أعين نور نظرة طويلة، يرى الصدق بهما، ولكن عقله يأبى التصديق، ثم قال لها:
_أم أنكِ جاسوسة خرجت في الليل؛ لتنقل الأخبار لمملكة العظماء؟

غضبت نور بشدة؛ فهذه ليست أول مرة يتهمها بمثل هذه التهمة البشعة:
_حقًا أنا لا أفهم لما تتهمني بعد كل فعل بالخيانة، أنا لست خائنة، من الممكن أن أفعل أي شيء، ولكن إلا الخيانة؛ فلا أكره في حياتي أكثر منها.

شردت نور بخيالها، ثم قالت دون وعي منها:
_يكفي أنها السبب في سخطي على الواقع، وتدمير حياتي، ومرض أمي، يكفي أني حُرمت من أبي بسببها، أنها أكثر شيء أكرهه في حياتي.

تعجب الأمير من كل علامات الإستفهام التي وضعتها نور أمامه، ثم قال لها:

_أنتِ من تضعين نفسك في هذه الشبهات يا نور، إن أتيت إليّ وطلبت مني أن أوصلكِ، أو حتى كنت أمرت بإحضارها إليكِ، ولكنك ماذا فعلتِ؟ خرجت في الليل كالسارقة تتلفتي حولك خشية أن يراكِ أحد كما لو أنك تفعلين جريمة.

عرفت نور خطأها فقالت:
_أعتذر عما بدر مني مولاي الأمير، وأرجو المغفرة، سأعود إلى المنزل في الحال.

أبتسم الأمير، وقال لها:
_لا بأس سيدة نور، ولكن ينبغي عليكِ أن تكوني أكثر حرصًا من الآن.

فرحت نور، وقالت في فرحة عارمة:
_أمرك مولاي الأمير.

قبل أن تذهب نور سمعت الأمير يتحدث قائلًا:
_وأريد منك شيء أخر.


تعجبت نور مما قد يريده منها؛ فتحدثت:
_وماذا يريد الأمير؟ فكل أوامر الأمير مجابة.

أبتسم الأمير إبتسامة ماكرة؛ فهو يعتقد أن حديثها هذا سيتحول بعد ثواني:

_ذكرتي الخيانة، وأنها أكثر شيء تكرهينه، وأنا أريد أن أعرف لماذا.

بدأت الدموع تترقرق في أعين نور:
_لا أريد للذكريات أن تقتلني مرة أخرى.

تحولت إبتسامة المكر إلى نظرة الحزن:
_تحدثي يا نور، أخرجي ما بداخلك، صدقًا حينها ستشعرين أن كل ثقيل أصبح الآن خفيفًا جدًا.

نظرت إليه نور كأنها تترجاه أن يتركها، وأحزانها، ولا يعيد إليها آلامها مرة ثانية، ولكن وجدت في عينيه بريق يحثها على الكلام:

_أمي تزوجت أبي، لم تحمل أمي طيلة عشر سنوات، كان أبي يدعي أنه يحب أمي، وكانت أمي سعيدة جدًا بهذا الحب، كان كل من يعرف أبي، وأمي يقول عليهما أنهما روميو وجولييت هذا العصر الحديث، وكانوا يحترمون أبي كثيرًا.

فهو رجل لم ينجب، ولم يتزوج على زوجته، أمي ظلت تلح على أبي كثيرًا بالزواج، كانت تقول له أنها لن تحزن، ولكن أبي كان يرفض، بعد عشر سنوات، ظلت أمي فيهم تتردد على الأطباء، تارة مع أبي، وتارة بدونه.

وفي يوم من الأيام بعد عشر سنوات ظنت أمي أنها حامل في مولودها الأول، في اليوم التي تأكدت أمي أنها حامل فعلًا، علمت بخيانة أبي لها، علمت أنه متزوج ولدية طفلة، كان أبي متزوج منذ تسع سنوات.

أمي لم تستطع أن تتحمل فكرة الخيانة، وأبي تخلى عن مسؤوليتي، وكأنه لم ينجب إلا هذه الفتاة، كرهتها لم أرها في حياتي أبدًا، وما تمنيت يومًا أن أراها، حتى أبي زارني مرة، وأنا ابنة الست سنوات، ولم أره مرة ثانية.

أعلم أنه حي، ولكن ما لا أعلمه، لما لم يريد مرة واحدة أن يراني؟ الخيانة جعلتني أسمع أمي تبكي وحدها كل يوم فور دخولها إلى غرفتها؛ لتنام، كل يوم كنت أكره فيه أبي.

أختنقت نور من البكاء؛ فنظرت إلى الأمير، وجدت دموعه تأخذ طريقها على وجهه؛ فقالت:
_مولاي، أنا ذاهبة، لم أعد أقوى على الكلام.

لم تقف؛ لتسمع الجواب، ورحلت، وهي تبكي دون أي كلمة، ومرت الأيام، وذات يوم كانت نور تمشي في شوارع قرية أتلانتس ألتقت بمن أنقذها من الصحراء؛ فذهبت إليه؛ لتحييه:
_السلام عليكَ، أتتذكرني؟

ألتفت الرجل إلى الصوت، وجد نور تلك الفتاة التي أنقذها من الصحراء، حياها قائلًا:
_أهلًا بكِ، كيف حالكِ الآن؟

أبتسمت نور ثم قالت:
_أصبحت في حال جيد الحمد لله، شكرًا لك؛ فلولاك كنت ميتة الآن.

أبتسم الرجل إبتسامة خفيفة:
_لا داعي للشكر أيتها السيدة؛ فأنا لم أفعل شيء، هذا واجبي لا أكثر.

حيت نور الرجل، وشكرته، ثم ذهبت، وفي مكان آخر، تحديدًا في غرفة المكتب الخاصة بالأمير، يجلس الأمير على كرسيه يناقش أمور المملكة مع وزراءه، أستأذن جندي من الجيش بالدخول:
_السلام على مولاي الأمير.

أجاب الأمير دون أن ينظر إلى الجندي؛ فهو منشغل بما في يديه:
_وعليكَ السلام أيها الجندي، ماذا تريد؟

أجاب الجندي وهو مطأطأ الرأس قائلًا:
_كنت أسير بالشوارع مولاي، ورأيت رجل يرتدي زي مملكة العظماء يقف مع السيدة نور، يتحدثان.

هب الأمير واقفًا؛ فما سمعه لا نتيجة له سوى أن نور جاسوسة، ثم قال:
_فلتذهب، وتأخذ معك الجنود، وتأتونني بهذا الرجل في الحال، وإياكم أن يهرب منكم.

هز الجندي رأسه بالموافقة، ثم رحل سريعًا، ذهب إلى المكان؛ فلم يجد الرجل، ظل يبحث عنه، ولكن لم يجده إطلاقًا، رجع إلى الأمير:
_مولاي، لم نجده أبدًا، وتتبعنا أثره؛ فوجدناه قد دخل مملكة العظماء.

غضب الأمير، وأحمر وجهه، ثم نادى حرسه قائلًا:
_أجمعوا الناس، وأعدموا هذا الفتاة أمام الناس جميعًا؛ لتكون عبرة لكل أهل قرية أتلانتس؛ فمن يخون؛ فلا جزاء له سوى الإعدام أمام الجميع.

ذهب الحارس إلى نور، وأمر بإحضارها بعد أن حُشد الناس جميعًا؛ ليروا عقاب الخائن، ذهبت نور معهم، وهي لا تفهم أي شيء، أخذت تحدثهم، ولكن لا جواب، رأت أمامها الناس في حشد كبير، وحبل الأعدام أمامها.

أخذت الدنيا تصغر في عينيها، وترى أن كل شيء حولها يدور بها كما لو أنهم يضحكون عليها، كانت تصرخ كلما أقتربت إلى الحبل، كيف ستعدم، وهي لم تفعل أي شيء.

لم تعد تسطيع الوقوف، دموعها تسيل دون توقف، تصرخ بأعلى صوت، كل من يقف أغلقت أذانه؛ ففي نظر الجميع هي الخائنة التي فرض عليها الإعدام.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي