لعبة دراكولا

Zayna7`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-04-17ضع على الرف
  • 50.1K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول فيلم

لقد ماتت.

كانت بين ذراعاي، دماؤها تسيل، دموعها تنهمر.

كان هذا في الأول من ديسمبر، اليوم الذي هطل به المطر.

لقد ماتت بعد كل شيء.

ماتت لأنها عبرت شاشة التلفاز، ماتت لأنها لم ترغب في شخص آخر بالموت.

حدث كل هذا، بمجرد أن عبرت شاشة التلفاز، لأني لم ألحق بها.

وبكت الغيوم لأجلها.

ربما، لم يتوجب عليّ المحاولة في إنقاذها.

***

كنتُ وحيدة.

لا عائلة لي، لا أصدقاء.

عشتُ حياة مملة ومتعبة، لا أتذكر الماضي البعيد، لكني أعلم أن أبي تم قتلهُ، ولم أعرف أمي يومًا.

الآن بتتُ في الجامعة، أعمل بدوام جزئي في أيام العطلة، وأيام الأسبوع أذهب للجامعة نهارًا وبعدها أتجه للعمل وبعد العمل أذهب عند عربة طعام لتناول العشاء.

كان مالك تلك الشاحنة شاب وسيم، كنا نتبادل أطراف الحديث أحيانًا لكننا لم نكن أصدقاء.

كان شعره أسود ويبلغ منكبيه، وعيناه ناعسة وجميلة وجسده رياضي وطويل القامة.

كنتُ أتناول الدجاج بينما أشاهد المباراة التي أحضرها ذلك الشاب.

يدعى دانيل بالمناسبة.

نظرت نحو دانيل وسألت:
-هل تدرس؟

اومأ لي:
-سأتخرج قريبًا من مدرسة القانون.

اومأت في فهم:
-هل ستغلق شاحنة الطعام تلك حينها؟

-لا، تلك تعود لعائلتي، لكن إن حصلت على وظيفة، سأتوقف عن العمل هنا.

اومأت في فهم.

وضع بصحن طعام آخر أمامي قائلًا:
-ماذا عنكِ؟

-أدرس، في السنة الثانية، أدرس التمريض.

رفع حاجبيه في بعض الدهشة:
-جميل، ماذا عن عائلتكِ؟

ترددت بالإجابة لكني قلت:
-في الواقع، لا أملك عائلة، حاليًا كما أعتقد.

همهم دانيل في فهم:
-كيف تقضين وقتكِ في المنزل إذًا؟

نظرت له مبتسمة:
-أشاهد التلفاز.

ابتسم لي:
-حسنًا، الليلة سيُعرض فيلم رعب على القناة الثانية، كنت أفكر في مشاهدته، شاهديه أيضًا لنناقشه معًا لاحقًا.

اومأت في خفة.

أظن أن في ذلك اليوم إزدادت علاقتنا قربًا، كما لم يحدث مسبقًا.

في الواقع كنت معجبة به قليلًا، هو وسيم ومجتهد وذكي ومحترم، لكني لست معجبة به كفاية لأتحمس لمحادثة معه أو أي شيء من هذا القبيل.

الأكثر أهمية أن الطعام الذي يعده لا يقاوم، هذا الشاب موهوب حقًا.

بالرغم من ذلك..يبدو مألوفًا، منذ أول مرة التقيت به، ذلك اليوم..أسفل قطرات المطر.

تركت بالحساب على الطاولة واستقمت لأغادر ومن ثم بتت أسير بالشوارع ليلًا، في طريقي للمنزل.

بدأ المطر يهطل في خفة.

أكره المطر، سقوطه يشعرني بأني أكاد أسقط أيضًا.

سقوط المطر كئيب للغاية، كئيب بشدة، وكأن السماء تبكي، لماذا تبكي السماء؟ أمات أحدهم؟

هل الشخص الذي مات مهم لهذا الحد؟ لتبكي غيوم متجمعة لأجله؟ ولتغرق الشوارا حزنًا على فراقه؟

كم أجد هذا كئيبًا، لكن بالرغم من ذلك، أرغب في الموت أسفل المطر، لتبكي الغيوم لأجلي.

لأني لا أملك شخصًا ليبكي علي، لذا فلتبكي السماء علي، ليكتئب الجميع وتغرق الشوارع على فراقي، سأحب حدوث هذا، شاعري للغاية.

تغيرت أشارة المرور لأتحرك عابرة ذلك الشارع المظلم، الذي لا ينيره سوى ضوء شاحنة من على بُعد.

أخذت أسير بخطوات واسعة، والمطل يتسلل لشعري والهواء يعصف بخفة وضوء الشاحنة يقترب والرعد يتردد بين الغيوم.

عبرتُ لأسمع صوت صافرة الشاحنة العالي ومن ثم أكملت الشاحنة لكني لم أكمل طريقي، شعرت بألم عميق في قلبي، سمعت صوت نبضاتي.

شعرت بالخنقة، شعرت بالألم، لكن سرعان ما تلاشت كل تلك المشاعر لأستكمل طريقي متجاهلة ما حدث.

أكملت طريقي للمنزل، صعدت السلالم ثم خلعت الحذاء والمعطف واتجهت بباقي ملابسي لأعداد كوب قهوة دافيء، أرغب في السهر لمشاهدة ذلك الفيلم الذي أخبرني عنه دانيل.

أشعلت التلفاز وأحضرت كوب القهوة بين يدايّ.

وصلني اتصال وكانت سماعات الأذن في أذناي، لذا أجبت على الرقم المجهول لأسمع صوت شخص لا أعلم إن كان فتى أم فتاة يقول لي:
-هل تلك هي روسيندا؟

أجبتُ:
-أجل، من أنت؟

-من أنا؟ ماذا تفعلين الآن؟

-أستعد لمشاهدة فيلم، من أنت؟

-من أنا؟ ماذا ستفعلين بعد قليل؟

شعرت بالرغبة من هذا الشخص وقلت:
-لماذا تسأل؟

-لماذا اسأل؟ لا علم لي، لا علم لي، لكن أتعلمين روسيندا؟ أنتِ مغفلة، مغفلة بشدة.

-عما تتحدثين؟

-أجل، مغفلة لأنك تظنين أنك ذكية، بالواقع أنتِ غبية، لذا لا تتحركي اليوم، لا تشاهدي التلفاز، أذهبي للنوم، نامي للأبد، روسيندا!

-ماذا-؟

لم أستكمل حديثي لأن هذا الشخص أغلق المكالمة وتُركت وحيدة أفكر في ما حدث توًا، ماذا حدث للتو؟

هل أنا مغفلة؟

أيتوجب علي الذهاب للنوم وعدم مشاهدة هذا الفيلم؟ ما الخطب في ذلك الفيلم؟

أكانت تلك المكالمة مقلب سخيف؟

أهه أطفال تلك الأيام لا يملكون أخلاقًا.

لن أذهب للنوم، دانيل أخبرني بأن أشاهد هذا الفيلم، أنا على حافة بناء صداقة بعد العيش وحيدة لمدة طويلة، لن أتراجع بسبب مكالمة سخيفة أو مقلب سخيف.

أكان من المفترض أن يكون هذا مخيفًا أو مضحكًا؟ كان هذا سخيف فقط!

رأيت الفيلم يبدأ لأُبعد سماعات الهاتف عن أذني دون أن ألحظ أن الهاتف يرن.

ارتشفت من قهوتي وركزت في الشاشة.

بدأ الفيلم، عن فتاة تولد، فتاة جميلة ووالدتها تبدو جميلة أيضًا.

لكن الأب لم يكن هناك ذلك اليوم.

كبُرت الفتاة ودخلت للمدرسة، هي ترتدي نفس فستان طفولتي ياللصدفة!

الوالدة كانت تتشاجر مع والد الطفلة الذي عاد فجأة، لا أعلم السبب، لكن الوالدة بدت خائفة جدًا من زوجها.

لم يظهر وجه والد الطفلة طوال هذا الوقت.

غادر الزوج وأخذت الوالدة ابنتها وانتقلوا من المدينة لمكان بعيد وهناك تعرفت الطفلة على صديقها الأول.

ذلك الطفل الذي قدم لها زهورًا كترحيب بها ولعبا معًا طوال اليوم بالثلج لكنها لم تعرف اسمه.

و بعدها بعدة أيام تحديدًا في ليلة ممطرة وقعت الوالدة في حادث وماتت ومن ثم أخذ الوالد الطفلة الصغيرة.

ظهر وجه الوالد، وقد كان هذا الرجل هو..أبي؟

هل هذا هو أم أنه شخص يشبهه؟

ما الذي يحدث؟

كبرت الطفلة، كانت تلك الطفلة تشبهني، وجهها مثلي، شخصيتها مثلي، وحياتها مثلي!

لماذا حياتي الحقيقية تُعرض على التلفاز الآن؟

ارتجفت يدي، وتصبب العرق من جبيني.

ما الذي يحدث؟

كيف تم تصويري طوال حياتي؟

كل صدماتي وأيامي السيئة وأفعالي التي لا تغتفر تُعرض أمامي الآن، الدموع تتصبب من عيني، هذا مخيف للغاية.

لا أرغب في مشاهدة هذا! لا أرغب في رؤية تلك الحياة المقرفة!!

لكن جسدي لا يتحرك، جفوني لا تنغلق، كل شيء في حالة فوضى، صوت التلفاز يزداد علوًا.

أشعر بالبرودة الشديدة فجأة، أشعر وكأني أنفصل عن الواقع.

عرض الفيلم يومي الحالي، أراني أتناول العشاء عند شاحنة دانيل للطعام ومن ثم أغادر بعد أن يخبرني بالفيلم وأسير وتتساقط الأمطار وتتغير إشارة المرور وأعبر الطريق وتسرع الشاحنة.

الشاحنة تصتدم بي يتطاير جسدي وأسقط أرضًا ميتة وتستكمل الشاحنة طريقها وتسقط جثتي أرضًا تنزف للموت.

لكن كيف حدث هذا؟

تحسست جسدي ولم يكن شفافًا، لقد شعرت به، هو حقيقي، ليس شبح.

ألم أمُت؟

مهلًا، هذا مجرد فيلم فحسب.

لا ليس مجرد فيلم.

لا أرغب في الموت، لا أرغب في الموت هُناك!!

كانت تلك الحياة مقرفة للغاية، مؤلمة بشدة وكئيبة بشكلٍ لا يصدق! لا يمكنني الموت هنا والآن وبتلك الطريقة.

استقمت من مجلسي وأعدتُ تشغيل الفيلم وفي اليوم الذي ماتت به والدتي، صباح هذا اليوم تساقطت دموعي وتمنيت أمنية:
-على الأقل، لا تموتي.

وحين ظهر المشهد حيث كنت ألعب مع ابن الجيران بالثلج تزايدت دموعي وتمنيت:
-على الأقل، كن معي حين أموت!

في تلك اللّحظة توقفت الشاشة عن الحراك وتحولت للون الأسود بالكامل وخرج منها عدة أذرع بشرية لكن سوداء لزجة.

أمسكت تلك الأذرع بجسدي لتتسع عيناي بينما تسحبني داخل شاشة التلفاز.

ربما تلك هي روحي دون جسد، وربما هذا هو جسدي دون روح، ربما متت بالفعل وتلك هي النهاية، لكن مع وجود تلك الأذرع وفرصة ولو واحد بالمائة، أرغب في عيش حياة مختلفة.

أرغب في الموت بطريقةٍ أفضل من ذلك، لا أرغب في الموت وحيدة بتلك الطريقة.

لأجل تلك الفرصة الأخيرة، سأفعل أي شيء!!

***

فتحتُ عيناي.

نظرت حولي سريعًا لأجدني في المدرسة الثانوية، كنت بالصف الأول مجددًا.

لم أعيد حياتي بأكملها بل عدتُ بضع سنوات.

هل يمكنني تغيير حياتي في تلك السنوات الأخيرة فقط؟ كما أعلم سأموت بعد أربعة سنوات تقريبًا.

حتى مع عودتي الآن لن أتمكن من إنقاذ والدتي من الموت، ولن أتمكن من إبقاء والدي قربي دون السفر لأسابيع.

سأبقى وحيدة.

هززت رأسي، هذا لا يهم، لقد نلت فرصة لتغيير كل شيء لن أستسلم منذ البداية.

إن كنت لا أملك فرصة لصنع أصدقاء على الأقل تلك المرة سأشتري تلفاز وهاتف جديد.

غادرت المدرسة لأنه لا يهم إن درست أم لا، في كل الحالات سأموت بعد أربعة سنوات.

اشتريت هاتفًا جديدًا ثم عدتُ للمنزل وبدأت بتوصيل الانترنت، لم أحظى بفرصة يومًا لشراء هاتف حديث أو تلفاز في حياتي السابقة.

أبي رفض هذا، بالرغم من أننا نملك الكثير من الأموال، لكني لا أملك شيئًا لأخسره الآن.

طُرق باب المنزل لأهرع نحو ظنًا أنه والدي لكنه كان ساعي البريد.

أخذت الرسائل منه ثم وضعتها فوق الطاولة في ضجر.

ذهبت لإشعال التلفاز وبدأت أرتب القنوات وبينما أفعل استوقفني حديث مذيع في قناة إخبارية يقول:
-تم العثور على جثة اليوم، وكما يبدو تم قتلها بواسطة مصاصي الدماء.

مصاصي الدماء؟ هل هؤلاء الأشخاص حقيقيون حتى؟

استكمل المذيع حديثه:
-أهه، لقد وصلنا خبر طاريء الآن أيضًا، من الواضح أن..أجل، أجل.

تبدلت تعابير وجهه للقلق ثم أكمل:
-لقد تم العثور على الأسرى! بعد ستة سنوات!!

أسرى ماذا؟

ما الذي يحدث؟

فُتح باب المنزل لأرى أبي يدلف له وابتسم له، لقد مر الكثير منذ رؤيته.

ركضت نحوه لأعانقه ليبادلني العناق ومن ثم قلت له:
-أرغب في إخبارك بشيء.

بدا الفضول عليه ثم سحبته من معصمه وأخذته نحو شاشة التلفاز حينها تلاشت ابتسامته وسحب معصمه من بين أصابعي.

شعرت بالقلق لكنه سار نحو التلفاز وأغلقه قائلًا بنبرة صارمة:
-من اشتراه؟

-انا.

-لماذا؟

-لأني أشعر بالضجر في المنزل وحيدة.

حمل أبي الشاشة ثم راماها أرضًا لتنكسر ويرتجف جسدي حينها نظر نحوي وقال في برود:
-لا تفعلي هذا مجددًا، لا تكوني مثل والدتك، قد ينتهي بك الأمر ميتة في حادث سير مثلها تمامًا.

اتسعت أعيني.

مهلاً، في حياتي السابقة لم أشتري تلفازًا وبالرغم من ذلك متت في حادث سير.

مهلًا، أيعني ذلك أن هذا الحادث كان مقصودًا؟ لم يكن من قبيل الصدفة؟

إزدردت ريقي وغادرت نحو غرفتي في صمت، لا أرغب في الحديث مع أبي، لا يبدو وكأنه يفهم.

لطالما تركني لأسابيع وشهور وحيدة في المنزل، بالرغم من أنه كان يزور والدتي كل فترة ليتمكن من أخذي، لكن والدتي رفضت بشدة.

الآن وأنا قربه لا يلقي لي أو لمشاعري بالًا.

تذكرت هاتفي وقررت أن أبقيه سرًا، على الأقل لأتابع أخبار العالم الذي إنقطعت عنه لسنوات طويلة.

بعد مدة خرجت من غرفتي لأرى أبي يقرأ الرسائل الذي قدمها لي ساعي البريد ذلك الصباح وفي وجه أبي تعابير الذعر والصدمة.

تذكرت أن هذا حدث في حياتي السابقة وحين حدث غادر أبي لثلاثة أشهر متتالية وتركني وحيدة.

نزلت السلالم ليمزق الرسائل ويضع بها في جيبه لأسأله في قلق:
-هل حدث شيء؟

-يجب أن أغادر، سأعود قريبًا، لا تقلقي.

-أبي.

لكنه ذهب وأخذ حقيبته وارتدى معطفه وغادر دون قول كلمة أخرى.

كان يتوجب علي قراءة تلك الرسالة، فقط إن كنت أتذكر!

في صباح اليوم التالي توجهت للمدرسة بسبب الضجر، جلست في مقعدي ووضعت بسماعات الرأس ثم انتظرت قدوم الأستاذ.

نظرت للباب حين دلف شاب منه، كان ذلك الشاب هو الشخص الذي أعجبت به طوال فترة الثانوية، كان أسمر وطويل وجسده رياضي بعض الشيء وشعره ناعم وعيونه ذهبية وناعسة.

كان يشبهني كثيراً، في شخصيته، دائمًا يجلس وحيدًا وفي أذنيه السماعات وكنا نتبادل النظرات بين الفترة والأخرى، كان مختلفًا للغاية عن باقي الأشخاص هنا.

لأن تلك فرصة ثانية وقد تكون أخيرة، لن أتوقف هنا، سأحاول أخذ خطوة نحوه.

أمسكت بالقلم خاصتي ووضعت به في حقيبتي بالخفاء ثم حين بدأ الدرس نظرت نحو مقعده وقلت:
-هل تملك قلمًا آخر؟

ابتسم لي وقدم لي قلمًا قائلًا:
-تفضلي.

-شكرًا لك.

لا أرغب في أن أعيده له، أرغب في الموت وهذا القلم في يدي.

سرعان ما انتهى اليوم الدراسي وخرجنا في غروب الشمس.

انتظرته في الممر لأعيد له القلم وحين خرج وحيدًا كعادته ابتسمنا لبعضنا البعض ثم قدمت له القلم قائلة:
-شكرًا لك.

نظر للقلم ثم نظر لي قائلًا:
-يمكنكِ الإحتفاظ به، لكني أملك شرطًا.

-ما هو؟

-فلنتبادل الأغاني.

شعرت بالسعادة الغامرة ثم أخذنا نسير للخارج معًا بينما نتحدث عن الأغاني، ومن الواضح أننا نملك الذوق ذاته.

قلت له:
-كيف يمكنني إرسالها لك؟

أخذت هاتفي وأخذ يقلب به ثم سأل:
-أهذا جديد؟

-أجل، لقد اشتريته البارحة، لم أشتري هاتفًا حديثًا من قبل.

-فهمت الآن.

علمني استعماله وطلب رقمي ليرسل لي الأغاني التي أعجبتني.

كان هنالك عربة مثلجات وكان هذا يوم صيف حار، في غروب شمس مُرهق لذا قال ذلك الشاب:
-هل ترغبين في المثلجات؟

اومأت له:
-بالڤانيليا والفراولة.

أشترى لي واحدًا وأشترى لنفسه واحدًا بالشوكولا وبينما يفتح حقيبته ليخرج النقود رأيت بداخلها علبة رجاجية مربعة الشكل ولونها أحمر داكن.

لم يكن يملك أي كتب أو شيء غيرها.

أبعدت عيناي إحترامًا له ثم أكملنا طريقنا بينما نتناول المثلجات.

كان هذا يوم من آخر أيام الصيف، حين كان الطقس حار والشمس تغرب والغيوم تغطي السماء جزئيًا، حين تبادلنا الموسيقى والأرقام والمثلجات.

لكننا نسينا شيئاً واحدًا.

لم اسأله عن أسمه وهو لم يسألني.

لكني كنت راضية بشدّة، الآن لست وحيدة، والآن أملك شخصًا جيدًا وشخص أعجبت به.

حياتي تسير على نحو أفضل حتى الآن، يمكنني الموت الآن فقط.

عُدت للمنزل وكنتُ جائعة بشدّة لذا طلبتُ بعض الطعام.

بعد أن تناولت الطعام توجهت للنوم لكني سمعتُ صوت باب المنزل يُطرق، تجاهلته لكنه بدأ يضرب بقسوة شديدة لأتذكر حدوث هذا في حياتي السابقة.

حدث هذا لمرة واحدة في حياتي السابقة، لذا الفضول قد تملك مني وخرجت من تحت اللحاف وتوجهت للباب سريعًا.

سألتُ:
-من هنا؟

-من أنتِ؟

-أنتِ من تطرقين الباب، لن أفتح دون معرفة هويتكِ.

-هل أنتِ الخادمة؟ أخبري هذا الوغد أن زوجته هنا ولا مجال للتهرب، لقد رأيتُ الأخبار!

زوجته..؟

دون أن أشعر كنت أفتح الباب لأرى سيدة أخرى، سيدة لا تشبه أمي، لكنها بدت ثرية أيضًا.

تفحصتني تلك السيدة ثم قالت:
-من أنتِ؟

-أنا ابنة هذا الوغد.

بدا عليها التفاجئ:
-لكنه لم يقل أنه يملك أطفالًا.

-لم يقل أنه متزوج أيضًا.

سمحت لها بالدخول وحضرت لها كوب قهوة ثم بدت اهدأ الآن لكن ساقها كانت تهتز وتتجنب النظر لعيناي.

جلست قبالتها وسألت:
-لماذا جئتِ؟

-لأرى ويليام.

-لماذا؟ ما الذي رأيتيه بالأخبار؟

صمتت قليلًا ثم أجابت:
-بعض الأشياء عن شركته، من الواضح أنه مسافر، ولم يخبرني كعادته، لهذا فقط كنت غاضبة.

اومأت في فهم لكني لم أكن مقتنعة تمامًا.

قلت لها:
-هل تملكين أطفالًا؟

اومأت هي نفيًا:
-أنا لا إنجابية، ماذا عنكِ، أين والدتكِ؟

-توفت منذ عدة سنوات في حادث سير.

-هل تتذكرينها؟

اومأت:
-قليلًا فقط، لكني أشتاق لها.

عم الصمت بعدها لتستقم هي:
-حسنًا، شكرًا على إستضافتكِ، سأغادر الآن.

ودعتها ثم عدت لغرفتي وأشعر بطعم المرارة في حلقي، أكان ذلك تأثير القهوة؟ أم أكاذيب والدي؟

حين ذهبت للغرفة أخرجت البوم صور لوالدتي وأخذت أقلب به، لقد اشتقت لها بشدّة.

أملك بعض الذكريات المبهمة والغير واضحة عنها، لكنها جميعًا كانت لطيفة وجميلة.

أبي كاذب كبير ولا يهتم لمشاعر الآخرين، أفهم الآن قليلًا لماذا هجرته والدتي.

فقط إن لم تمُت ذلك اليوم.

أو إن كنت أتمكن من العودة بالزمن ليوم موتها وإنقاذها.

أطلقت تنهيدة ثم تركت ألبوم الصور جانبًا وتذكرت الأخبار التي تحدثت عنها زوجة أبي لأتجه نحو سريري ثم أمسك بهاتفي وأبحث عن أخبار اليوم.

بينما أقلب في جريدة رأيت مقال عن الأسرى لذا فتحته وتذكرت ما رأيته في التلفاز.

كان المقال عن أشخاص تم العثور عليهم بعد عدة سنوات، عدة سنوات من حرب خفية كما وصفوها، حرب بين العلماء ومصاصي الدماء.

هؤلاء الأسرى كانوا مجموعة من العلماء الذين حاولوا القيام بتجارب على مصاصي الدماء لكن انتهى بهم الأمر في عذاب لسنوات.

لا أصدق أن الأشخاص يتحدثون عن مصاصي الدماء بتلك الأريحية والطبيعية.

لم يحدث شيء كهذا في حياتي السابقة، ما الذي حدث؟

تم نشر صور الأسرى لعل عائلاتهم تتعرف عليهم وأخذت أراقبهم لأجد..

اتسعت عينايّ وإرتجفت يدي.

هذا الشخص في الصورة في الهاتف بين يدي هو..دانيل!

دانيل مالك عربة الطعام الذي قدم لي الفيلم الذي تحدث عن حياتي في حياتي السابقة.

أكان واحدًا من العلماء المعاديين لمصاصي الدماء؟

ألهذا علاقة بالفيلم الذي قدمه لي؟

يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي