الفصل الثاني يوم حزين

عصمت تقود سيارتها وفجأة تشعر بنبضات قلبها تتزايد فتقرر التوقف بسيارتها، تأخذ نفسًا عميقًا وتتسائل:
—ترى ما الذي حدث؟! أشعر أن هناك شيئًا سيئًا قد حدث، يارب سلم.

اخرجت هاتفها واسرعت بالاتصال على جاسر لتطمئن عليه، وما إن قامت بالاتصال حتى اسرع بالرد قائلًا:
—كنت أفكر في حبيبتي التي اشتقت إليها كثيراً، لم أكن أعلم أنها هي الأخرى دفعها شوقها إلي للاتصال بي.

ابتسمت عصمت واطمأنت أن زوجها بخير وعلقت قائلة:
—هل أنهيت عملك؟

جاسر يجلس على المكتب ويمسك بصورتها التى امامه ويقول:
—لا تحاولي الهروب أخبريني ألم تشتاقي إلي؟

عضت عصمت على شفتيها ثم علقت قائلة:
—بالطبع أشتاق إليك ودفعني قلقي عليك إلى الاتصال بك للاطمئنان عليك.

نهض جاسر من مقعده وتأهب لمغادرة مكتبه ثم حدثها قائلًا:
—أين أنتِ الآن؟

—كنت في طريقي لبيت والدي ولكنني شعرت ببعض التوتر فتوقفت بسيارتي، وقمت بالاتصال بك.

غادر جاسر الشركة واستقل سيارته في طريقه إلى حيث تتواجد زوجته، وأخذ في متابعة الحديث معها فعلق قائلًا:
—حبيبتي هل تعاني من أمرٍ ما؟

عصمت والدموع تتلألأ بعينيها تحدثه قائلة:
—لا أعلم ما الذي يحدث معي ولكنني في حالة سيئة للغاية، يسيطر علي احساس أن هناك أمرٍ سيء يحدث، ولكنني سأذهب سريعًا إلى منزل والدي لأتفقد الأمر.

جاسر علق قائلًا:
—عصمت لا تتحركِ وانتظري.

عصمت بتعجب:
—انتظر ماذا؟

وقف جاسر بسيارته أمام سيارة زوجته، نزل من السيارة واتجه صوبها فتح الباب الخاصة بسيارتها وسط ذهول من عصمت.

امسك جاسر بيدها وجذبها نحوه معانقًا لها وهو يردد:
—لن أسمح للخوف والقلق أن يسيطرا على قلب حبيبتي، لا تقلقِ فأنا بجوارك.

شعرت عصمت ببعض الطمأنينة ونظرت إلى جاسر وقالت:
—جاسر، أنت حصني الذي أحتمي به، والحضن الدافيء الذي ألجأ إليه في لحظات الضعف.

ابتسم جاسر وعلق قائلًا:
—لت ادعك تقودين السيارة وأنتِ في هذه الحالة، سنترك سيارتك هنا سيحضرها الحرس وسنذهب سويًا إلى منزل والدك لإحضار آدم.

ابتسمت عصمت ابتسامة يملؤها الإرتياح والطمأنينة لوجود جاسر بجوارها.

استقل جاسر سيارته وبجواره عصمت واتجه صوب فيلا فؤاد الناجي.

اللواء فؤاد الناجي يقوم بإحتساء فنجان القهوة الخاص به ثم يحدث زوجته قائلًا:
—يكفي هذا القدر من اللعب احضري آدم لأجلس معه قبل أن تأتي عصمت وتأخذه.

ضحكت الزوجة ثم علقت قائلة:
— آدم سعيد بالدراجة التي احضرتها له فلنتركه على راحته، عندما يمل سيأتي بنفسه ويجلس معنا، فالأطفال يقضون معظم أوقاتهم في اللعب والمرح.

نظر إليها الزوج وعلق قائلًا:
—عايدة، اذهبي واحضري حفيدي إلى هنا يكفي هذا القدر من اللعب، لا بد أن يعرف أهمية الوقت وألا يضيع أوقاته في اللعب فعليه أن ينظم اوقاته حتى ينشأ نشأة سليمة.

دلفت عصمت إلى منزل والدها ويرافقها جاسر، نظرت عصمت إلى والدها وشعرت أن هناك شيء غريب في وجهه لم تعتاد عليه، اخيرًا انتبهت إلى أن والدها قد قام بحلق شاربه.

تعجبت عصمت وقالت:
—أبي، ما الذي حدث أين شاربك؟!

شعر الأب بالحرج فأسرع بوضع يده على فمه بحركة لا ارادية وعلق قائلًا:
—هذا ما جناه ابنك يا عزيزتي.

نظرت عصمت بذهول وعلقت:
—ما الذي فعله ذلك العفريت الصغير؟!

ضحكت الأم وتحدثت قائلة:
—لا تظلموا حفيدي الجميل فهو لم  يفعل ذلك  عن عمد بل أراد أن يقبل جده فوقف ذلك الشارب في طريقه فلم يجد أمامه سوى أن قام بقصه.

رفعت عصمت حاجبيها لأعلى ووضعت يدها على فمها في ذهول مما فعله ذلك الصغير بجده، بينما تحدث جاسر قائلًا:
— حسنًا، حماتي العزيزة هل يمكنك أن تستدعيه فأنا لم أراه منذ أن جئت إلى هنا.

تعجبت السيدة عايدة الأيوبي وعلقت قائلة:
—لم ترى من؟! آدم يلعب بدراجته في الحديقة.

نظر جاسر إلى عصمت التي أسرعت إلى الحديقة لتتفقد صغيرها ولكنها لم تجده.

الجميع يهرول خلف عصمت وقد بدأ القلق والخوف يسيطر عليهم وكانت المفاجأة القاسية لهم، آدم لا أثر له ودراجته ملقاة أرض متحطمة، كأن هناك من قام بتحطيمها منا يدل أن الصغير قد تم خطفه.

وضعت عصمت يدها على رأسها بينما أسرعت الأم باستدعاء الخدم وحدثتهم قائلة:
—ابحثوا عن آدم في كل مكان فربما يكون مختبأ في مكانٍ ما هنا.

الدموع تنهمر من عين عصمت ولم تستطع قدميها حملها فخرت أرضًا.

أسرع جاسر إلى زوجته، أمسك بيدها وحدثها قائلًا:
—عصمت ربما يكون مختبأ في مكانٍ ما هنا كما قالت والدتك، ارجوا منك الهدوء والتماسك حتى نستطيع إيجاده.

عصمت اومأت برأسها ونظرت إليه وقالت:
—جاسر، ابني قد تم خطفه جميع المؤشرات تدل على ذلك.

ثم نظرت إلى والدها وقالت:
—ابني قد خطف من بيتك سيادة اللواء، لم تستطيعوا حماية صغيري، ليتني لم أسمح له بالمجيء إلى هنا.

اسرعت عصمت باستدعاء فريق البحث الجنائي الذي جاء على للفور، وقام بإفراغ الكاميرات الخاصة بالمراقبة.

عصمت تقف برفقة طاقم البحث الجنائي تشاهد التسجيلات الخاصة بكاميرات المراقبة.

وما إن تاتي لحظة خطف ابنها آدم وتشاهد الرجال الملثمين وهم يقومون بخطف الصغير بينما قام آخر بتحطيم الدراجة الخاصة به، واقتياد الصغير بعد تخديره إلى سيارة مجهولة الهوية حتى شعرت بدوار شديد فاسرع زوجها بالامساك بها قبل أن تسقط على الأرض.

الجميع في حالة إنهيار مما حدث لآدم، جاسر يحدث رئيس البحث الجنائي ويقول:
—ليس لدي أعداء، ولا أعرف من يمكنه أن يفعل ذلك بابني الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره؟!

عصمت تفكر وتحدث نفسها قائلة:
—لا يمكنني أن أستسلم للحزن واترك ابني، لا بد أن أسيطر على مشاعر الحزن حتى أستطيع إيجاده.

نهضت عصمت من مكانها وقامت بإزالة دموعها ثم ذهبت إلى طاقم التحقيق لتشاركهم في البحث عن ابنها والعثور على خاطفيه.

نظر جاسر إلى زوجته متعجبًا، لمحت الأم نظرت الدهشة التي بدت على وجه جاسر فمسحت دموعها وعلقت قائلة:
—هذه هي عصمت ابنتي لا تستسلم للحظات الضعف والحزن وتعالج الامور على الوجه الأكمل.

اسرعت الخادمة وقامت بالهمس في أذن السيدة عايدة الأيوبي التي ما إن سمعت ما قالته الخادمة حتى أسرعت إلى غرفتها لتجد زوجها وقد سقط أرضًا.

صاحت الأم بالصراخ فاسرع إليها الجميع ليتفاجئوا بالمشهد الحزين، اللواء فؤاد الناجي وقد وافته المنية حزنًا على ما حدث لحفيده.

اخذت الزوجة تصرخ خاصة بعد أن قام أحد أفراد التخقيق بالكشف عليه وإخبارهم أنه قد فارق الحياة.

دنت عصمت من والدها ودموعها تتسارع في التدفق من عينيها تمسك بيده وتقبلها وتقول:
—لم أقصد أن أغضبك أو أحملك مسئولية خطف آدم؛ فأنا أعلم مقدار حبك له وخوفك عليه، ولكن لا يمكننك الاستسلام لا بد أن تقف بجواري كعادتك وتساعدني حتى أعيده إلى حضنك.

جاسر وقد تأثر بكلمات زوجته يحاول أن يبعدها عن والدها ولكنها ترفض وتدفع زوجها وتقول:
—جاسر من فضلك اتركني لا بد أن ينهض ليساعدني على إيجاد آدم.

ثم تلتفت إلى والدها وقد قام أحد الخدم بوضع غطاء على وجهه فتزيل الغطاء وتصيح قائلة:
—والدي لم يمت هو فقد مغشى عليه من الصدمة وأنا سأجعله يستعيد وعيه.

ابي من فضلك انهض أقسم لك إنني سأعيد آدم فلا تقلق تعلم إنني قادرة على ذلك وسأجعل هؤلاء المجرمين يدفعون الثمن غاليًا.

تحاول عصمت أن تحمل والدها لعله ينهض معها ولكن دون فائدة فتصيح قائلة:
—لا يمكنك أن تتركني وترحل هكذا.

تحتضن عصمت والدها وسط تأثر شديد من جميع المتواجدين بالغرفة وانهيار الأم بالبكاء.

دنا جاسر مرة أخرى من زوجته وقام بابعادها عن جثمان والدها فانفجرت باكية.

قام جاسر بعناق زوجته محاولًا تهدئتها قائلًا:
—عصمت أرجوكِ إهدئي هناك من يحتاج إلى هدوئك حتى نستطيع العثور عليه.

نظرت عصمت إلى زوجها وعلقت قائلة:
—جاسر، إنه أبي أنت لا تعلم مكانته عندي إنه مصدر قوتي وسندي الذي ألجأ إليه في وقت ضعفي وهزيمتي فأجده يعطيني القوة والآمان، اليوم قمت بقتله بكلماتي للقاسية عليه.

جاسر والدموع تتلألأ بعينيه يحدثها قائلًا:
—حبيبتي لا يمكنك أن تقولي شيء كهذا، هذا عمره الذي قدره الله له.

الجميع في حالة حزن شديدة لم تجف الدموع داخل فيلا الناجي حزنًا على فراق فؤاد الناجي وخطف الصغير آدم.

انتهت مراسم الدفن ورفضت عصمت عمل مراسم عزاء لوالدها وعلقت قائلة:
—العذاء الوحيد لأبي هو عندما يعود حفيده إلينا.

لم تعود عصمت لمنزلها بعد انتهاء مراسم الدفن بل ذهبت إلى مكتبها واجتمعت بفريق العمل الخاص بها للبحث عن ابنها المختطف.

أمرت عصمت بمراقبة الهواتف الخاصة بعائلتها قائلة:
—لا بد من مراقبة جميع هواتفنا لعل الدافع وراء خطف آدم يكون دافع مادي فيقوم الخاطف بطلب فدية.

جلست عصمت تفكر في أي شخص ربما يكن العداوة لها أو لزوجها ودفعته تلك العداوة إلى الأنتقام منهم بخطف صغيرها، لم تستطيع عصمت العثور على أي شخص تربطه عداوة بيهما.

جاسر يقوم بالأجتماع برجاله ويحدثهم قائلًا:
—أريد منكم أن تبحثوا عن آدم في كل مكان وأخبروا الجميع بأنه من يعثر عليه فإنني سأمنحه مكافأة مالية كبيرة.

انهى جاسر اجتماعه مع رجاله، وأسرع بالاتصال بعصمت لعله يجد لديها ما يثلج صدره.

تحدثت عصمت إلى زوجها بصوت بملؤه الحزن والشجن وتخبره:
—ليس لدي ما يطمئن فؤادك ولكنني أريد أن أوجه إليك سؤالًا ربما يساعدنا فالعثور عليه
جاسر، هل لديك أي أعداء في مجال العمل؟! ربما تدفعه تلك العداوة إلى خطف آدم.

صمت جاسر قليلًا ثم علق قائلًا:
—أنتِ تعلمين إنني ليس لدي أعداء بل جلست فترة طويلة أحاول أن أقوم بإصلاح ما افسده والدي، وأعيد الحقوق لأهلها.

انهمرت الدموع من عين عصمت وعلقت قائلة:
—اقسم لك إنني أعرف ذلك ولكنني أكاد أن أجن، من يمكنه فعل شيئًا كهذا بنا؟!

جاسر علق قائلًا:
—عصمت سأمر عليكي لأصطحبك فلا يمكنني أن أتركك تقودين وانتِ بهذه الحالة.


آدم معصوب العينين يبكي ويحاول أن يزيل الشيء الذي يمنعه من الرؤية ولكنه فؤجيء بانه مكبل ومقيد اليدين، لا يعرف مالذي يحدث معه ولامن قام بخطفه وتكبيله هكذا؟!

وفجأة سمع آدم صوت أقدام في طريقها إليه فشعر بالخوف والفزع واخفى راسه بين قدميه.

دلف بعض الرجال إلى المكان المحتجز به الصغير ثم وقفوا بجوارها فسمع الصغير صوت رجل كبير صوته أجش يتحدث قائلًا:
—مرحبًا بك يا عزيزي آدم، لا أريدك أن تخاف هكذا أنت الآن في حضرة جدك عدنان الفيومي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي