٢

في صباح اليوم التالي..

بقسم الشرطة..

ذهبت «اميليا» إلى مكتب «تشارلي» لتتحدث في قلق:
  -ما الأمر؟ لماذا استدعيتني إلى هنا؟!

طالعها «تشارلي» بنوع من التفكير:
  - هناك شيء غريب حدث.

تحدثت «اميليا» مترقبة قلقه:
  -مالذي حدث؟ «تشارلي» رجائًا لا تتحدث بهذا البطء وقول ماذا هناك؟!

أكمل «تشارلي» حديثه:
  -هناك أحد قام بالدخول ليلًا بعد انتهاء الدوام إلى «جاك» وقام بتعريضه للتعذيب!

عقدت «اميليا» حاجبيها في عجبة:
  -كيف؟! ومن سيدخل برأيك؟ وماذا عن الحارس الذي يقف عند زنزانته؟!

حرك «تشارلي» رأسه نافي:
  -لا أدري هذا كل ما اعلمه «اميليا».

تحدثت «اميليا» مقترحة:
  -إذن لنتحدث رفقة الحارس هناك.

حرك «تشارلي» رأسه مجيب:
  -سأفعل.

اكملت «اميليا» سائلة:
  -هل راجعت كاميرات المراقبة اولًا؟

حرك «تشارلي» رأسه مجيب:
  -أجل رأيتها بالطبع قبل أن اتصل بكِ، حسنًا فالنستدعي حارس الزنزانة لإستجوابة حول ماحدث ليلًا.

حركت «اميليا» رأسها:
  -أجل.

بعد بعض الوقت..

تحدث «تشارلي» إلى حارس الزنزانة:
  -إذن من قام بالدخول لزنزانة «جاك» ليلًا؟

طالعه الحارس ليتحدث في جهل:
  -لا أدري سيدي، فالتراجع الكاميرات لتعلم.

تحدث «تشارلي» مجيب:
  -فعلت، ولكن الذي فعل أوقف الكاميرات، تعلم هذا؟

طالعه الحارس ليتحدث نافي:
  -إن كنت تشك بي سيدي فأنا لم أفعل شيء، أنا حقًا لا يد لي بهذا، ولم يدخل أحد إلى الزنزانة طوال وقوفي.

اشاح «تشارلي» نظره صوب «اميليا» الواقفة بجانبه؛ وكأنه يقول لها ماذا الأن!

تحدثت «اميليا»  إلى الحارس:
  -حسنًا فالتذهب أنت.

طالعها الحارس لينهض ذاهبًا.

تحدث «تشارلي» فور خروجه من مكتبه:
  -ماذا الأن؟ لقد سمعتي ماقال.

طالعته «اميليا» بقلة حيلة متحدثة:
  -لا خيار لنا «تشارلي»، بيني وبينك يراوضني شعور لا أدري اصحيح أم لا.

طالعها «تشارلي» متسائل:
  -شعور ماذا؟

أجابت «اميليا» ناظرة له:
  -ماذا إن هو من فعل هذا بذاته؟!

عقد «تشارلي» حاجبيه في خفة مجيب:
  -كيف؟! لا اعتقد هذا.

حركت «اميليا» رأسها مكملة:
  -مؤكد هذا سيكشف إذا كان صحيح أم لا، فقط كل ماعلينا هو الأنتظار.

يجلس «أدم» بمكتبه، ناظر امامه كل مايفعله هو الشرود، قاطع حديثه الداخلي وروايته الذي يصنعها عقله له طرق باب مكتبه.

انتبه لهذا الصوت ناظر صوب باب المكتب حتى يتحدث:
  -أدخل.

قامت بالدخول لتنظر له متبسمة في لطف:
  -كيف حالك «أدم»؟

تبسم «أدم» برسمية متحدث:
  -بخير، تفضلي.

اقتربت «ليلى» حتى تجلس، طالعته في هدوء سائلة:
  -هل لديك عمل؟

حرك «أدم» رأسه نافي:
  -حتى الأن لا، ماذا هناك؟

تبسمت «ليلى» نافية:
  -لا شيء، جأت لإلقاء سلامي عليك.

حرك «أدم» رأسه ببسمة هادئة:
  -شكرًا للطفكِ «ليلى».

توسعت بسمتها، وكأن نطقه لإسمها يجعل قلبها يترفرف سعيد، استكملت شجاعتها محالة البوح بما بداخلها:
  -هل لديك مانع إذا شربنا القهوة ليلًا معًا؟

طالعها «أدم» يفكر هل لديه مواعيد غدًا، حرك رأسع نافي:
  -لا بأس، لنشربها ليلًا.

تبسمت «ليلى» أكثر ناهضة:
  -إذن، سأود للعمل، بعد انتهاء عملك مر علي إذا انتهيت قبلي، وأنا سأفعل هذا.

حرك «أدم» رأسه مجيب:
  -سأفعل.

خرجت من مكتبه وقد كانت السعادة بقلبها لا توصف، وكأنها امتلكت العالم بأكمله الأن!

نهض «أدم» يمر بمكتبه، يفكر بشيء ما، يضم اصابعه ويسند ذقنه صوبهما.

يفكر بما عليه القيام به، وكأن احدهم يخبيء سر ما!

بأحد الفلل الكبيرة..

تجلس «فيكتوريا» تتعاطى الممنوعات مستمعة إلى بعض الموسيقى الهادئة، وكأن تلك اليوجا خاصتها!

التفتت حين استمعت هذا الصوت المحبب لقلقبها.

تحدث «كيفن» بود:
  -مرحبًا عزيزتي.

التفتت «فيكتوريا» لترا هذا الشاب أبيض اللون، صاحب الوشوم التي ترتسم فوق رقبته وزراعه، يمتلك عينان تتخالط بهم الأبوان، يحلق شعره ليس نهائيًا، نهضت محتضناه ببسمة عاشقة:
  -اشتقت لك، أين كنت ليلة أمس؟!

ابتعد «كيفن» ليطالها ببسمة، يبعد خصلاتها المتردة عن وجهها في هدوء:
  -عمل عزيزتي، يبدو أنني جئت بغير موعدي!

ضحكت «فيكتوريا» ساخرة:
  -بحقك، هذا غير موعدك؟

تحدث «كيفن» أخذ منها تلك السيجارة؛ ليرتشف بعض الرشفات الحارة:
  -ماذا فعلتِ رفقة هذا العجوز؟

وضعت «فيكتوريا» يدها فوق زراعيه في بسمة ونظرات عاشقة:
  -فالتصعد لتبديل ملابسك أولًا، ثم تأتي لنتحدث.

تبسم «كيفن» مجيب:
  -إذن هيا بنا؟

رفعت «فيكتوريا» يدها بمظهر طفولي متحدثة:
  -هاا.

تبسم «كيفن»؛ فهو معتاد لحركتها تلك.

حملها صاعد بها للأعلى.

انتهى من تبديل ملابسه والتي تساعده بها هي، جلس فوق السرير وهي بجواره، يشعل سيجارته ويستمع لما تقول.

تكمل «فيكتوريا» مابدأته من حديث حول لقائها ب«مارتن»:
  -واعطاني موعد لليلة بقصره وها أنا انتظر.

حرك «كيفن» رأسه يطالعها ببسمة هادئة:
  -سأتي معكِ إذن.

تبسمت «فيكتوريا» سعيدة لما قال:
  -حقًا كيفن؟

احتضنته بشدة حين أشار برأسه بخفوت ليؤكد حديثه، تحدثت سعيدة بقدومه معها:
  -لا تعلم كيف كنت قلقة من هذا الرجل، لم تريحني نظراته، ولا حديثه كذلك، جيد أنك قلت هذا دون أن اجادلك مثل كل مرة.

تبسم «كيفن» مقبل وجنتها:
  -لا بأس، لم أدعكِ تذهبي بمفردكِ فيكي.

تبسمت «فيكتوريا» محتضناه أكثر، فكل شيء بسيط يفعله لأجلها تتضارب السعادة بكل أنش بها.

مرت ثوانِ ض من هذا الحنين المتبادل، لتبتعد مبادرة بالحديث، تطالعه في توتر حين بدأت الحديث:
  -أريد أن اتحدث معك بشيء ما.

حرك «كيفن» رأسه ومازال يرتشف سيجارته:
  -أمم.

اكملت «فيكتوريا» محاولة اظهار الأمر ببساطة ماترى:
  -قلت العام الماضي سنتزوج، وقد مضى، هل سنفعل هذا العام؟

طالعها «كيفن» بهدوء غير الظاهر بعيناه ومازال يسحق سيجارته:
  -أممم، وهل تعلمين أنني أملك نقود لهذا الأن؟

اجابته في هدوء مابدأت حديثها:
  -لا بأس، لا بأس بالزفاف لا بأس بالثياب، لا بأس بأي شيء، في كلا الأحوال نجلس بفلة كبيرة ولا احتاج لشيء.

أبعد «كيفن» نظؤاته عنها نافي:
  -وأنا لا أرغب بأن يكون زواجي بتلك الطريقة.

مازالت تطالعه «فيكتوريا» لتكمل بإقتراح:
  -حسنًا إذن إن كنت تريد زفاف، فالنقم ببيع الفيلا ونجلس بمنزل جميل أيضًا وستصبح حياتنا سعيدة.

طالعها «كيفن» من جديد ليتحدث ساخر:
  -يبدو بأنكِ اشقتقتي لحياة المشردين «فيكتوريا».

نفت مايقول متحدثة:
  -ليس هكذا «كيفن» لم أقول بأننا سنجلس بالشارع، كل ماسنفعله هو الجلوس منزل، إن كنا لا نملك نقود وتريد أن تجري زفاف، لما لا نسير كما بقدرتنا الأن، وبعد هذا إذا أتى المال نقم بإعادتها، بل أفضل منها.

يطالعها «كيفن» ونظراته تعترض عن ماتقول، تحدث وقد كان يتناول سيجارته بشراهة عكس ماكان عليه:
  -أنسي هذا الأمر «فيكتوريا» وكفى هراء.

مازلت تطالعه وقد تملكها الحزن والضيق مجيبة:
  -«كيفن» لماذا تعترض على هذا؟!

أجاب كيفن بهدوء يحذرها به غير ناظر لها:
  -قلت أنسي الأمر.

تحدثت «فيكتوريا» صارخة به:
  -تبًا لتلك الكلمة «كيفن»، لماذا لا ترغب بأن نتزوج؟ أنت لا ترغب ذلك أعلم ولكن لماذا؟

أمسك «كيفن» بخصلاتها وقد قصد تألمها من طريقته، أجاب بذات هدوئه الذي يخيفها أكثر من غضبه:
  -قلت أنسي الأمر، إذن تنسي الأمر، لا ترفعي صوتك علي «فيكتوريا» وإلا تعلمين مالعقاب.

تطالعه «فيكتوريا» بعينان مازالت تنزف الدموع في كل مرة:
  -تلك ليست طريقة.

ضحك «كيفن» مجيب بذات سخريته:
  -إذن مالطريقة؟

اكملت «فيكتوريا» بدموع متساقطة:
  -لا تضحك، تعلم مأريده، تعلم أنك تخدعني بكل مرة وأنا اتقبل هذا.

تحدث «كيفن» بذات بروده:
  -إذن لا يسمى خداع.

مازالت تتساقط دموعها في حزن لمحبتها العمياء له، فهي لا تستطيع الأبتعاد، وماعليها سوى التقبل:
  -لم أذهب لهذا المعتوه اليوم.

تركها «كيفن» لينهض ببرود مطفيء سيجارته بأحد المطافيء:
  -ليس بإرادتكِ.

اجابته «فيكتوريا» بدموع تسقط حرة:
  -بلى بإرادتي، إن لم تفعل لي ما أريد لم أفعل لك ماتريد.

أخذ «كيفن» نفس هادء عميق؛ يحاول تهدئة ذاته به، اخرجه ببطئ ليلتفت في هدوء صافعها بكامل قوته.

تألمت من قوتها، وكأن الصراخ انتهى في مرات عدة، سقطت فوق السرير مما اطاحت بها الصفعة من قوة.

صرخ «كيفن» ممسك بخصلاتها بعنف أكبر، ليجعلها تنظر له وقد اصبحت عيناه تشتعل غضبًا:
  -لا تعارضي ماقلت، سأقطع لسانكِ إذا فعلتِ في المرة القادمة، ماذا بعد وغدة حقيرة ترفع صوتها علي، تتمردين الأن ونسيتي كل مافعلته، نسيتي أنني من اوصلتكِ إلى هذا البيت، إلى تلك الغرفة الواسعة، نسيتي أنا السبب بإرتدائكِ تلك الملابس افاخرة، وتقولي إما تفعل إما اعارضك، تبًا لسخافتكِ اللعينة.

دفع رأسها في عنف ليذهب من الغرفة وقد كان يستشيط مما قالت، وكأن احدهم حين يغضب يخرج جميع مابداخله من اشياء لا يجب البوح بها!

جلست «فيكتوريا» حافة السرير من جديد، تطالع باب الغرفة بهدوء غير مسبق، بكاء بصمت لا شهقات لا اهتزاز منه! دموع تهبط في سلام تام، ابعدت تلك الدموع رافعة رأسها في هدوء؛ تكبح نزولها من جديد، فهي ليست تلك الرافعة يداها تجفف دموعها! كل ماتفعله هو ابعاد تلك القكرات المزعجة عن وجنتيها بظهر يدها دون مبالاة.

بشركة «مارتن»..

يجلس «ماكس» يتحدث رفقة «مارتن»، فهو ليس هذا الضابك صاحب الوجه المتعارف لدى الجميع.

تحدث ماكس ببسمة مصطنعة يصطنع بها الود:
  -أعلم أنك لم ترى وجهي كثيرًا، فكل مايخص شركتي يظهر به «مارك» ذراعي الأيمن ومن يدير شركتي.

يطالعه «مارتن» متسائل:
  -تقصد «مارك سيزر»؟

حرك «ماكس» رأسه مجيب:
  -أجل هو «مارك سيزر» تعلمه مؤكد.

حرك «مارتن» رأسه:
  -بالفعل اعلمه.

تبسم «ماكس»، بل ارتاح قلبه قليلًا؛ حين شعر أن محتمل نجاح خطته كبير:
  -اخبرك بأن هو من يظهر بكل شيء خاص بالشركة، في الحقيقة لا أحب الظهور للوجهة كثيرًا، ولكن حينما ابلغته بشأن التعاقد معك، أحببت أن يكون هذا بيني وبينك شخصيًا، حتى لا تغضب حين تعلم أن المدير ليس بذاته من تعاقدت معه.

تبسم «مارتن» مجيب:
  -بالفعل ظننته مؤسس الشركة، أو صاحبها على الأقل، في كلا الأحوال سعدت بلقائك سيد..

مد يده لمصافحته ليصافحه الأخر مجيب بذات بسمته:
  -«ماك»، سيد «ماك».

ارتسمت البسمة أكثر فور ثغره مجيب:
  -سررت بلقائك سيد «ماك»، حسنًا إذن لا بأس لدي إذا وددت أن تتعاقد معي، متى ترغب في الإتفاق عن كيفية العمل معًا؟

طالعه «ماكس» متحدث ببسمة:
  -ماذا عن اليوم؟ لنحتسي شيئًا معًا ليلًا ونتفق عن كيفية العمل.

عقد «مارتن» حاجبيه في خفة نافي:
  -اعتذر لا يمكنني الليلة، فأنا لدي حفلة بقصري و..

قاطعه «ماكس» مجيب:
  -إذن لنتقابل هناك، لا بأس بالإتفاق الليلة ولكن حتى لنعلم بعضنا أكثر لنتقابل ليلًا ولا بأس إا دعوتني للمجيء.

طالعه «مارتن» في تردد؛ فهو لم يكن سيفعل؛ وهذا لأن من سيأتي يعرفهم جيدًا، بل مهمون لدى عمله كذلك، ولكن لا خيار له:
  -كما تريد سيد «ماك» إن كنت تريد المجيء فافعل.

تبسم «ماكس» لينهض:
  -إذن لأرحل أنا، شكرًا على المقابلة سيد «مارتن».

نهض مارتن بوداع له:
  -لا داعي للشكر، أراك ليلًا.

خرج «ماكس» بعد وداعه له، تنفس الصعداء حين ترك الشركة بأكملها؛ فقلبه كان يطلب النحدة من قلقه بأن لا يستطيع اقناعه، وأن يفسد أحد خطته بشأن «مارك»، ولكن كل شيء مر، وهذا ماكان يتمنى حدوثه.

في الليل..

تجلس «ليلى» بأحد الكافيهات الهادئة، تتناول المياه منتظرة قدومه، فهي حادثته منذ قليل واخبرها بأنه في طريقه اليها.

تطالع «ليلى» الساعة كل دقائق، وكأن الدقيقة في انتظاره تمر بصعوبة بالغة.

ارتمست البسمة فوق ثغرها حين رأت قدومه، نهضت وكأت سعادتها بقدومه الذي قلقت بأن لا تكتمل جعلتها تريد الترحيب به!

ذهب «أدم» لها بهيبته العظيمة تلك، تحدث في أسف وبسمة هادئة لتأخره:
  -تأخرت عليكِ.

حركت «ليلى» رأسها جالسة كما فعل:
  -لا بأس بإنتظارك، قلقت فقط أن يكون حدث معك شيء.

تبسم «أدم» متحدث:
  -هل طلبتي شيء؟

حركت «ليلى» رأسها نافية:
  -احضروا فقط المياه، كنت انتظرك.

طالع «أدم» النادل مشير له.

طلب مايريد حين أتى ليعاود النظر إلى «ليلى» التي تحدثت والخجل والسعادة يحتلان وجهها:
  -هل حدث معك شيء بالعمل اليوم؟

حرك «أدم» رأسه نافي:
  -كل شيء طبيعي.

عقدت «ليلى» حاجبيها في خفة:
  -سمعت بشأن ماحدث لجاك، ياله من أمر عجيب.

تبسم سخرية مجيب:
  -المرء يصاب بثواب افعاله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي