6موكب

ألكساندر.
- "تباً !! إنها لا تكف عن الثرثرة !!".

قلتها بنزقٍ ، بينما أردف ريد ذئبي الأحمق ،
- "عنيدة !! ولكن منحنياتها مثيرة ، أوف أتوق للمسها ألكس".

استدارت أعيني ، وأنا أتمتم بنفور ،

- "اصمت أيها الأبله !! مَن تُمنِّي حالك بها ، مارقة ، وإن قبلتها سأهدم ما سعيت لتحقيقه ، أنسيت ما تورطتُ به مع رامون قائد قطيع أرتميس ؟ "

أجابني ريد بنبرة ساخرة ،

- "أحقاً ؟! ولم أتيتَ بها إلى هنا إذاً ؟!"

تلبكتُ وأنا أفكر في إيجاد رد مقنع ،  وذلك عندما رمقتها بنظرة عابرة ، وأنا أعقف ركبتي اليمنى، أتكأ إلى طرف الفراش ، أريح جسدها المحمول بين يدي ، بعد أن أجبرتني على إسكاتها بالقوة.

أذكر عبوس وجهها عندما نال جبيني من جبهتها ، وبالرغم من أنني التمست الرأفة في ضربتي لها ، ولكن إحساساً بالذنب يسيطر علي ، وقبل أن أتفوه بكلمة ، سبقني ريد مردفاً بتهكم سافر عبر الرابط الذي بيننا ،

- "اللعنة !! بم تفكر ألكس ؟! أتحاول إيجاد أسباباً لتبرر بها تصرفاتك ؟! على أساس أن ما ستنسجه من أكاذيب سيخيل علي..

الأبله الوحيد هنا هو أنت ، أنا وأنت شخص واحد ، أفكارك مُخترقة من قِبَلِي ، لذا لا تجهدنا في التفكير".

تمتمت أقول باستياء يشوبه التذمر ،

- "لقد سأمت من كليكما !! ثم من قال أنني أريد أن أقنعك بشيء ، فإذا كانت أفكاري مكشوفة بالنسبة إليك ، فالمسيطر هنا هو أنا ، الألفا ألكساندر ، قائد أقوى قطيع من فصائلنا.

والليلة بعد إتمام المراسم وعقد الهدنة ، سأُنَصَّب قائد على قطيع أرتميس أيضاً ، شعرة فاصلة بيني وبين حلمي ، أنا متأكد لو أن أبي كان موجوداً بيننا الآن لشعر تجاهي بالفخر".

ريد ساخراً ،
- "وأنا أيضاً فخور بروعة اختياراتك ، أي لعنة أقحمتنا بها يا قائد ؟! أنت حتى لم تر عروسك للآن ، ستتزوج فقط من أجل مصلحتك وصالح القطيع ، هراء !! قمة العبث !! "

أومأت برأسي في استنكار ، أهدر بحدة ،

- " كفاك سخرية !! ماذا كنت تريد مني أن أفعل وتلك الحمقاء قد اختفت بأول لقاء لنا بالغابة منذ عامين ؟!

عامين وأنا لا أكِلُّ من البحث عنها وكأنها إبرة أضعتها بكومة من القش ، ثم اخبرني أي معتوه سيرفض عرضاً مغرٍ كهذا ؟!

فلنفترض أن تلك ال"هيلا" ابنة رامون قميئة كما تظن ، ألن يشفع لها سيادتي على القطيع المقدس خاصة أبيها ؟! "

زأر ريد بغضب مماثل ،

- "العرض في المجمل يثير الريبة ، كيف لأبٍ أن يحط من شأن ابنته كل هذا القدر ؟! يخطبك إليها وفوق هذا يتنازل لك عن منصبه !! قطعاً هناك لغز وراء مساعه.

كما أن هيلا ليست رفيقتنا.

قوتنا مصدرها المارقة يا ذا الرأس الخاوي.
افهم ألكس تلك المتمردة ضاعفت طاقتنا ولم نوشمها بعد ، لك أن تتخيل ما بعد الطقوس ؟!

هلاك يا صاح ، امتلاكها يعني سيادة مطلقة للألفا ألكساندر على المنطقة بأسرها ، أشعر بها ، المارقة بوابة لعالم آخر".

طرق على باب الجناح الذي خصصته لها ، انتزعني من ناقش ، تصاعد إلى صراع بيني وبين ظلي ، ريد دوماً ما كان في طوعيتي ، أما الآن بدأ يخالفني الرأي ، فأجبت الطارق باقتضاب حتى أنني لم أسمح له بالولوج إلى الغرفة ،

- " ماذا هناك ؟!"

وإذا بصوت أحد خدامي من الأوميغا يقول بتهذيب ،
- "سيدي القائد ؟ السيدة ريتشي تستعجل حضور جلالتك"

توقف عقلي عن العمل وكلمات ريد زعزعت يقيني بصواب ما فعلت، فسألته بنزق ،
- "لم العجلة ؟!"

الخادم بِتِذْكِرة ،
- "موكب الزفاف على مشارف القرية ، جلالتك"

تجهم وجهي ، الآن لا مفر، لذا عقبت بضجر ،
- "اعلم الجميع بالاستعداد لاستقبال الموكب ، وأنا سأوافيك"

ريد بتأفف ،
- "أهلاً بالمعارك ، رفيقتنا لن تمرقها".

سيرت وسط رجالي ، تتأبط ريتشي ذراعي الأيمن ، تتهادى بأناقتها المعتادة وأنفها الشامخ.

يقرع صوت دقات قلبي برتم بالرغم من قوته إلا أن ضرباته مقبضة ، عكس لقائي بتلك المتمردة.

لا مكان للبهجة والفرح بداخلي.

جميع أفراد القطيع يصطفون على كلا الجانبين ، سادت روح الحماسة لتظهر على وجوه من يتابعون هذا الحدث ، إلا أنا ، أنني فاقد للشغف.

الورود متناثرة بطول الطريق ، وموكب العروس يقترب تتقدمه المشاعل ، انحنى حاملي الموكب لتلامس قوائمه الأرض ، وتطل فتاة برأسها من بين الستائر المزينة للمحمل .

اقتربت دون اكتراث ، أبسط لها كف يدي.

ترجلت بكل كبرياء وغطرسة ، بعد أن تجاهلت يدي الممدودة إليها ، تقول بامتعاض ،
- "هل يجب علي الانتظار كل هذا الوقت لتتفضل بالحضور لاستقبالي ؟!"

ابتسمتُ بشفاه مزمومة ، أحاول كبت نوبة غضبي ، وأنا أشعر بشماتة ريد ، فهمستُ إليها بصوت خفيض ،
"اغلقي فمكِ ، ودعي الأمر يمر بسلام ، فلا تختبري صبري"

داخل بهو القصر المزين بالثريات ذات الإضاءة الزيتية ، والألحان تعزفها فتيات تحمل الآلات الوترية العتيقة ، بدأت مراسم الاحتفال بأن افتحتتُ فقراته برقصة الهوبي مع شريكتي ، التي أصبحت اللونا الشرعية للقطيع بموجب النذور التي رتلها حكيم القطيع.

دوى صوت صراخ ، وصاحبته تقول بلكن سوقية متدنية ،
- "أنت أيها المخنث ؟! لم أمرت رجالك باحتجازي ، تعال إلى هنا وحدثني كرجل يا ابن الزانية"

ثبات عمَّ الأرجاء والجميع فاغرون أفواههم ، وصدمة علت وجوه الحاضرين ، بينما اشتدت قبضتي على خصر هيلا التي أنَّت بألم حقيقي.

تركتهم على حالهم ، وصعدتُ الدرج بخطوات واسعة ، وكل عضلة بي متحفزة لارتكاب جريمة.

فضيحة لن يمحوها الزمن ، الألفا ألكساندر يهان وسط عشيرته ، وبقصره وأمام كل هذا الحشد ، لا .. وبتلك الألفاظ النابية ؟! لقد حكمت على نفسها بالموت في التو واللحظة.

حارسي الجناح يحاولان منعها من الخروج ، ولكنها لا تستسلم ، بل ظلت تتطاول عليهما بالسباب ، وأظافرها ترسم لوحة دموية على كل إنش تطاله يدها بوجه وجسد الحارسين.

ارتفع صوت صياحي وأنا آمرهما بأن يفسحا الطريق ، ثم قبضت على ذراعها أدفعها إلى الداخل ، أصرخ في وجهها بتحذير أعنيه ،
- "اصمتي ، أيتها الوقحة ، أي حماقة تتفوهين بها ؟! سأقطع رأسك والآن".

لم يهتز ثباتها وإنما قهقهت ، تقول بتهكم ،
- "أخفتني لدرجة أن أقدامي لا تكاد تقوى على حمل جسدي.

اخبر هذين القميئين بأن يدعاني أخرج من هنا وعلى الفور ، بدلاً من أن أعلق رأسيهما كزينة لعرسك أيها الشاذ".

شهقة استنكار صدرت من خلفي ، وإذا بهيلا قد تبعتني إلى هنا ، تسأل بازدراء ،
- "من هذه ؟! وما تلك القاذورات التي تقطر من فمها ؟!"

أجبتُ بحزم وأنا أتناوب النظر إلى كليهما ،
- "أنت زوجتي وهي رفيقتي ، وسأجمع بينكما أنتما الاثنتان ، ولا أريد نقاش في هذا الأمر".

صوفيا وهيلا مرددتان بصوت واحد ،
- "اللعنة !!"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي