7فاتنة

ألكساندر
قنبلة ألقيتها في حضورهما بصيغة الأمر ، ولكن داخلي يترقب رد فعل تلك المتمردة ، وللحقيقة لم ينشغل بالي كثيراً ما إذا كانت هيلا ستقبل بوضع كهذا أم لا.

وكما توقعت ، صرخت خرقائي تقول بعناد ،
-" هاااي أنت ؟ من قال لك أنني أرغب في أن أكون إحدى نساءك ؟! سأغادر من هنا وإياك أن تحاول منعي ".

مشاعر مختلطة هيمنت على حواسي، غيظ .. انبهار ... وربما إعجاب ... وبالرغم من بذائة لسانها إلا أنها تبدو شهية كحبة الفراولة الطازجة.

تجاهلتها ، صارفاً النظر عنها ، ومن ثم رمقت هيلا بنظرات استفاهمية ، إذ لا يبدو عليها أي رد فعل مُفسَّر ، فأجابتني بتردد على عكس تلك الحانقة ،
- " گ .. گيف تطلب شيئاً كهذا ؟! كيف تضعني أنا هيلا ابنة قائد القطيع المقدس في مقارنة مع حثالة كتلك ؟! "

قالتها هيلا وهي تنظر إلى صوفيا بتقليل.

فزفرتُ أنفاسي بتمهل ، وأنا أمسح على وجهي بكلا راحتي ؛ استعداداً لانفجار مدمر.

لم أكد أفعل حتى وصلني صوت زمجرتها المعترضة ، وهي تكشر عن أنيابها ، نافضة عنها هيئتها البشرية ، وبدأ بروز عضلاتها بشكل مهيب ، لتكشف الستار عن ذئبتها القوية التي انقضت بالهجوم على هيلا ، تطرحها أرضاً على ظهرها ، غارزة مخالبها بجسد الآخرى التي صاحت بألم.

وبلمح البصر أسرعت هيلا في التحول ، لتجاري ذئبة صوفيا الشرسة.

وأحدهم في عالم موازٍ ، إذ أردف ريد يهمس بعقلي قائلاً بحماسة ،

- " إلى أي جانب ستنضم ألكس ؟ أنا حسمت أمري ، تلك الرعناء ستنجب صغاراً غاية في الروعة ، أنا من حلفاءها وإن أبيت أنت".

صراع حتى الموت يدور ولصوفيا الغلبة فيه ، فلم أجد مناصاً سوى التدخل لفض هذا الاشتباك ، إذ استحال الجناح إلى ساحة قتال ، وبدأ جسد هيلا ينزف بشكل لا يبشر بالخير.

صرخت بنبرة صوت حادة ، أقول بنفاذ صبر ،
- " تباً !! توقفي أيتها الهمجية ، ستقتليها يا عديمة العقل ".

استدار رأسها إلي ، تناظرني بعدائية ، تسدد ضربة في مقتل لهيلا ، ومن ثم قفز جسدها في اتجاهي ، وتلقاها ريد بأماميتيه ، لم نهاجمها بل كل ما فعلناه هو إتقاء ضرباتها ، لا أرغب في إيذائها.
عذراً !! بل ريد من يحرص على ذلك.

أشعر بحماسته تخور ، وهمسات مسموعة بينه وبين تلك اللعينة أثارت اضطرابي ، وذلك عندما بالغ ريد في التودد إليها ، معلناً التمرد ، إذ قال ،

- " على رسلك حلوتي ، هل تلك هي طقوسك في التعارف ؟ "

استمعت إليها تجيبنا ، وكأننا نفس الشخص ، أعني كتواصلي مع ريد ،
- " أي تعارف !! ألم تستمع إلى ما قالته تلك العاهرة ؟! "
- والآن ذكرها يدعوني بعديمة العقل ؟! سأريكم جميعاً الجنون في أبهى صوره ".

قالتها وهي تعاود الهجوم ، فاضطررت إلى إبداء بعض القسوة ، لحفظ كبريائي الذي هُدِر بفعل خضوع ذئبي الذي تبدلت أحواله.

لا تكل ولا تمل ، وكأنما تريد استعراض المزيد من قواها ، عنيدة !! أشعر بنفاذ طاقتها ولكنها استمرت في القتال ببسالة وندية.

لا خيار !! طوقت عنقها اضغطه بشراسة حتى انسحبت ذئبتها ، وعادت إلى طبيعتها البشرية ، تسعل بقوة.

اهتز ثباتي لما رأيتها عليه من وهن ، أعود إلى طبيعتي ، وقلبي يهدر بحدة ، وعيناي مثبتة على وجهها الذي تخضب بالحمرة ، ومع ذلك ظلت تتململ أسفلي.

لا وجود للتعقل أمام أنوثتها الطاغية ، جمالها يغوي الناسك ، مال رأسي إليها ونظراتي مثبتة على شفاهها المغرية ، ووجدتني أتأمل جسدها العاري ، ساحرة !! وكل ما بها فاتن !!

للحظة ظننتها قد استسلمت ولكن تلك الماكرة ، تدحرجت تقلب الأوضاع ، محاصرة جسدي بفخذيها ناصعي البياض ، ليتضح الاختلاف البارز بين بشرة تلك الشقراء وسُمْرتي.

وإذا بها تلتقط شيئاً ما كان بالجوار ، وعلى ما يبدو أن هذا الخنجر الذي صوبت نصله إلى نحري ، كان بحوزتها قبل أن يحتدم الصراع.

نظرت إليها بسخرية ولكنها لم تتراجع ، فقبضت على معصمها بحزم ويدي الأخرى امتدت تمسك بعنقها ، وأنا أضرب ظهر كفها بالأرض حتى أفلتت ما بيدها ، وأعينها تطلق الشرر ، وإذا بها تبصق بوجهي فأغمضت عيني ، أدفعها بعيداً فقد طفح الكيل.

أسرعت تسدل ثوبها ، تخفي عني مفاتنها.
لحظة !! ما ذاك الوشم المنحوت أعلى فخذها ، قطبت جبيني محاولاً التركيز ، أعتقد أنني لمحت شيئاً كهذا من قبل ولكن ذاكرتي لم تسعفني.

دفعتُ الأرض بقدمي ، استقيم من مرقدي ، ورفعتُ صوتي بالنداء ،

- " چااااااااك ؟ "

وإذا بطرق على باب الغرفة ، فألقيت بأحد الأغطية على جسد هيلا الملقى على الأرض بإهمال ، قبل أن أسمح إلى چاكوب بالدخول ، أنه ذراعي الأيمن ، وصديقي المقرب ، كلانا يفهم على الآخر دون حديث ، أمرته بجمود وأنا أشير إلى صوفيا ،
- " خذها إلى القبو ، وقيد يديها وقدميها بالأغلال "

زوى چاكوب حاجبيه باهتمام وتعبيرات وجهه المليء بالندوب إثر المعارك التي خضنها سوياً ، تحمل الكثير من التساؤلات ، تفوه بإحداها ،
- " من هذه ؟! وكيف دخلت إلى هنا ؟! "

ومن ثم التقطت عيناه هيلا الفاقدة للوعي ، فأشار إليها باستفهام يشوبه الصدمة ،
- " هي من فعلت ذلك بعروس الألفا ؟! "

زفرت بضيق6، وأنا أصيح فيه بحنق ،
- " كف عن تساؤلاتك ، خذها من أمامي الآن وإلا قتلتها بيدي "

ما إن استمعت خرقائي إلى أمري الموجه إلى چاك حتى استدارت باتجاه النافذة الخشبية تفتحها على مصرعيها ، وبطرفة عين كانت تقفز من خلالها برشاقة دون تفكير.

فقط لو تمهلت تقلب الفكرة برأسها اليابس لعلمت أنه لا مفر ، من جهة چاكوب الذي لن يتوانى عن تنفيذ ما صدر له من أمر ومن جهة ......

انحنيت بجذعي أحمل هيلا دون اكتراث ، بينما دوى صوت بوق الطوارئ بعد تخاطر مني لرجالي المحاصرين لأسوار القصر ، بينما حذى چاكوب حذوها وتبعها بنفس الطريقة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي