الفصل الرابع

حركت اظافري على بشرة ذراعيه المكشوفة فارتجف على اثر لمستي، امسك بخصري بحزم ودفعني برفق لالتصق بالحائط المجاور للباب
ما الذي افعله؟ انا لم ادع احد من قبل يلمسني، بالطبع كومراد فعل ولكني لم احاول لمسه في المقابل، ليس مثل ذلك الرجل، لمسة هذا الرجل لطيفة، مريحة، آمنة
: حسنًا ألستِ متعة للنظر؟
همس في أذني فارتجفت وأنا اشعر بأنفاسه على اذني ورقبتي مما جعلني أسحب نفسًا عميقًا
بمجرد أن تنبهت لما قاله اشتعلت وجنتاي ونظرت لأسفل، ليضع أنامله أسفل ذقني من جديد كي انظر في عينيه، عينيه الجميلتين، والغريبتين جدًا، عينيه الفضيتين

: لا تنظري بعيدًا عني سيلينا
ابتلعت ريقي ثم أومأت
: ما ماذا م ما هو اسمك؟
سألت بتوتر وبعض الفضول، أنا لم اسأله عن اسمه للآن وكولوم لم يسعفني بينما يناديه ألفا
ضحك على ارتباكي ثم قال بصوت أجش
: أكسيل
طبع قبلة خفيفة على رقبتي فتأوهت تأثرًا بها، وقد ارسلت نبضات كهربية عبر عروقي مما جعلني أشعر وكأنه هناك فراشات تحتفل في معدتي
ضحك اكسيل : هل أحببتِ ذلك؟
سأل بينما يوزع المزيد والمزيد من القبلات الرقيقة على طول عنقي وذقني، إجاباتي لم تتعدى التأوهات الناعمة وهمهمات صامتة، عندما وصل الى عظم الترقوة فقدت عقلي، تأوهت بصوت مرتفع بدون وعي سمعت على أثره صوت زمجرة أكسيل
سحب نفسه فجأة ثم تراجع للخلف، وعلى الفور فكرت في الأسوأ، ألا يريدني؟

بدى متألمًا وهو ينظر لي قائلًا : سيلينا
بدأ حديثه وهو يحتوي كفي في خاصته، يقودني نحو اريكة في جانب مكتبه
: هل تعلمين ماذا نحن لبعضنا البعض ؟ هل تعلمين لماذا تشعرين بذلك الانجذاب نحوي؟
طالعته بعدم فهم مما أجاب عن سؤاله كما يبدو، حيث أنه زفر وهو يمسك بكفي وخلل بين اصابع كفينا، نظر لهم للحظة ثم ابتسم

: سيلينا، هل تعلمين عن رفقاء الروح؟
سألني بفضول وهو ينظر في عيناي، أومأت بخفة فتابع
: هل تعلمين كيف بامكانك التعرف على رفيق روحك؟
عند هذا السؤال حركت رأسي نفيًا، الى أين يريد أن يذهب بهذه المحادثة؟
رفعني أكسيل بسهولة مما جعلني أشهق بمفاجأة قبل أن يجلسني في حجره، نظرت نحوه بصدمة للحظة ولكنه فقط ابتسم لي، تنهدت ثم اسندت رأسي على صدره، احصي نبضات قلبه بينما يخلل هو انامله في خصلات شعري المكسو بالطين، علي حقًا أن اقوم بغسله..

: تستطيعين التعرف على رفيق روحك عندما يتوقف العالم من حولك بمجرد النظر في عينيه، تشعرين وكأنه لا يوجد غيركما، فقط انتم ولا احد آخر
قال وهو يضمني أكثر لصدره
: لمسته لكِ كالمخدر، دومًا تريديها، شرارات تتطاير وتشعرين بفراشات في معدتك
همهم وهو يحرك شعري على الجانب وبينما يفعل لامست أنامله بشرة عنقي مما جعلني أرتجف رغمًا عني بحبور
: يجعلك ايضًا تشعرين برغبة قوية وحاجة له تجعلك عاجزة عن فعل شيء سوى الاستسلام، تحتاجينه بقدر حاجته لكِ
زمجر بخفوت بينما يده تتحرك باتجاه اسفل خصري، يعدل من وضع جلستي بينما يستند على فخذي، شعرت بالخجل فنظرت للأسفل
رفع رأسي كي ينظر بعيناي ثم همهم : جميلة جدًا
ثم قبل عنقي، وعوضًا عن القبلات الرقيقة تلك بدت متطلبة، مليئة بالرغبة
حركت أناملي خلال شعره الناعم الغني ثم جذبته قليلًا مما جعله يطلق صوت زمجرة
يا الهي ما الذي أفعله
: أنتِ رفيقة روحي سيلينا
همس بجوار بشرة عنقي، ابتعدت مجفلة وقد غادرني هذياني فورًا دافعة له في صدره، يبدو أنه لم يكن مستعدًا مما جعلني اتمكن من القفز عن حجره والابتعاد

أنا؟ رفيقة روح لألفا؟ مستحيل، كيف يمكن ذلك بحق الجحيم، أنا أخاف جدًا من كل من يحمل لقب ألفا فكيف اكون رفيقة روح لواحد منهم
طالعته بصدمة، عدم تصديق و.. خوف، خوف أن اكون رفيقة ألفا، خوف مما سيفعل دايمون إن علم بالأمر، خوف مما قد يحدث لي
: سيلينا اهدئي أنا لن أؤذيكِ

قال اكسيل بهدوء لم يخفي ألمه بينما يتحرك في اتجاهي، ذئبتي تصرخ بي كي أركض اليه واقبله حتى يفقد كلانا الوعي، ولكني لن أستسلم

بينما هو يتقدم باتجاهي تراجعت أنا للخلف، أرى الجرح والألم يعلوان صفحة وجهه، وهذا هو ما استوقفني، انا لا أريد ان أجرحه، أنا فقط اريد أن أبتعد عنه
: أرجوك فقط دعني بمفردي
توسلته والدموع في عيناي، لمحات من ضرب دايمون لي تمر في عقلي وكأني أشاهد أحد الأقراص المدمجة، لا اريد أن يحدث ذلك مجددًا، لا يهمني إن كان رفيق روحي، سوف أذهب من هنا

وقبل أن يقول اكسيل كلمة واحدة أسرعت لخارج الغرفة، ثم ركضت خلال الردهة متجاهلة نداءات كولوم وكومراد من خلفي، انطلقت من الباب الخارجي ثم تحولت، لا مبالية بتمزق ملابسي
ركضت
كما افعل دائمًا

ركضت وصوت البرق من فوقي يخبرني أنها سوف تمطر قريبًا، لذا أسرعت، ورغم انهمار الأمطار بغزارة فيما بعد تابعت الركض حتى وصلت للحدود، توقفت ثم نظرت باتجاه الغابة، كل ما علي فعله هو أن أخطو خطوة أخرى واصبح حرة مجددًا، ذئبتي تعوي في رأسي مطالبة اياي بالعودة لرفيقنا

ولكني لا أستطيع، ولا أستطيع أن أعبر الحدود كذلك، هذا سوف يجلب الألم ليس فقط لي بل لأكسيل كذلك، لا أستطيع أن أفعل ذلك به، رغم عدم رغبتي في الاعتراف بذلك
استلقيت فوق أرض الغابة التي تشبه رائحتها خاصته، ثم وضعت رأسي فوق قائمي الأماميين، لماذا حياتي بتلك الصعوبة؟ هل كثيرًا علي أن أطلب حياة طبيعية لمرة واحدة؟ بدون تعقيدات... يبدو كذلك
بينما استمر هطول الأمطار بدأ الطين الذي يغطي وجهي في التلاشي وقد غسلته المياه، تاركًا لي بلا شيء يغطيني سوى فرائي الأبيض، ولكني لا أهتم اذا ما رآني أحد الآن، كل ما أريده هو أن يحتضنني امي وأبي قائلين إن كل شيء سيكون على ما يرام، ولكن لا، القدر يكرهني، لذا ماتا ابواي ولن يعودا مجددًا، وفوق كل ذلك، لدي ألفا كرفيق روح، أجل القدر يكرهني كليًا
بينما أجلس هنا سمعت صوت عواء يأتي من بعيد، واحد على وجه التحديد جعلني ارتجف، أكسيل، انه يطالبنا بالعودة، يرسل رسالة من نوع ما تقول اننا هنا بمكان ما، وبقدر رغبة ذئبتي في العواء لأجله في المقابل لم أدعها تفعل، أريد سلامًا الآن، ووجوده في الجوار لن يدعني أحظى به
ساعات مرت قبل أن تتوقف الأمطار، لازلت أستطيع سماع صوت نداء ذئاب القطيع، لا أصدق أنهم لازالوا يبحثون عني، بعد بضع ساعات أخرى مرت وقد بدأت الشمس في الظهور من فوق الأشجار، مما جعل الالوان الجميلة تأسر نظراتي
سقوط حوافر على مقربة مني استرعى انتباهي مما جعل اذناي تقفان بترقب، وعندها رأيت ذئبًا باللون البني المماثل للون الشيكولاته يتقدم نحوي، تنهدت في عقلي وأنا أقف عن مكان جلستي السابق، مما جعل الذئب يتجمد في مكانه، قبل أن يخطو خطوة أخرى ظهر ذئبان آخران واحد تعرفت عليه على أنه كولوم، بفرائه الذي باللون الأشقر الرملي، والآن بينما أنا أفكر في الأمر أرى أن البني يذكرني بكومراد، إنه يمتلك نفس لون الشعر والأعين
عالمة بأنهم لن يؤذوني عاودت الجلوس من جديد ثم أغمضت عيناي، لحظات وسمعت صوت حفحفة ملابس تلاها صوت خطوات تقترب مني، فتحت عيناي لأطالع كومراد وكولوم يرتديان سراويل قصيرة، حدقت بهم فقط بينما تبادلا النظرات فيما بينهما بعدم ثقة، على ما يبدو لا يعلمون كيف عليهم التعامل مع الأمر، الذئب الثالث قد اختفى عن المشهد برمته.. عظيم يبدو انه قد ذهب لإحضار أكسيل
: سيلينا، هل هذه أنتِ ؟
سأل كومراد بينما يجلس مجاورًا لي، يربت على فرائي ويحك خلف أذني، أطلقت صوت خرخرة كجواب على سؤاله مما جعل كولوم يقترب هو الآخر مربتًا على فرائي بينما يجلس على الجانب الآخر لكومراد
: لماذا لم تخبرينا أنكِ ذئبة بيضاء سيلينا؟ كان بامكاننا مساعدتك
قال كولوم برفق، لم أكترث بحديثه على الاطلاق واستمريت في التحديق باتجاه الحدود، لا يستطيع أحد مساعدتي، ليس بعد
لن أكون حرة مجددًا، سأجبر على البقاء هنا مع أكسيل لكونه رفيق روحي، ولكني لا اريد، أنا حتى لا اريد أن أفكر في الأمر
لا تفهموني بشكل خاطيء، أنا أفضل البقاء هنا على البقاء مع دايمون وقطيعي القديم، على الأقل الناس هنا عطوفين وكريمين، ويستمعون لي عندما أتكلم، قطيعي القديم أبدًا لم يفعل ذلك، اذا تكلمت إما أن يتم ضربي او اجباري على العمل خلال ساعات الليل، أنا سعيدة أن الأمور لم تعد كذلك على الأقل
بدون رغبة مني عاد عقلي لأكسيل، وجهه الوسيم، وعيناه الآسرتان، لونهما الفضي الرائع يلتمع بذاكرتي، أستطيع التحديق بهما طوال اليوم
أنبت نفسي على تلك الفكرة، لا، لن أستسلم له، إنه مثل كل شخص آخر، ألفا، يظن نفسه أعلى وأعظم من أي شخص آخر في العالم، يستطيع أن يكون ألفا أقوى وأكثر القطعان شهرة في العالم، أو الأضعف والأكثر تجاهلًا في العالم ولكنه في كلا الحالتين لن يغير الأمر حقيقة أن مثله مثل كل الفا غيره، متحكم ومتملك
عندما وصل عقلي لذلك الاستنتاج الذي لست واثقة من أنني أتفق معه، وقفت، مبعدة كل من كولوم وكومراد أثناء قيامي بذلك، أنا لا أهتم على أيه حال، جسدي يشعر بالخدر، لا شيء بقى لي هنا
سأرحل ولن أعود من جديد
: سيلينا، سيلينا، ما الذي تفعلينه؟ لا يمكنك فقط الرحيل، لقد قبلتِ الانضمام للقطيع
صرخ بها كومراد عندما فطن لما أوشك على فعله

: بيتا، افعل شيئًا، أي شيء
قالها برجاء يائس لكولوم مما جعلني اشعر بالذنب عندما رأيت الجرح في عينيه، ولكن قراري بقى كما هو
كولوم وقف مكانه مصدومًا، بالكاد استطاع تحريك رأسه بعدم رضا، إنه لا يمتلك أثر علي وهو يعلم ذلك
: لا أستطيع فعل شيء، لقد اتخذت قرارها، لا أمتلك سلطة عليها
همهم لكومراد بينما عيناي تناظران خاصته عند نهاية جملته، وعندها اومأت برأسي باحترام
سحبت نفسًا عميقًا ثم أغمضت عيناي للحظة، أنا اريد ذلك، ظللت أخبر نفسي " أنا اريد ذلك " لن اجبر على البقاء وسأكون حرة من جديد، وهذه المرة لن أقوم بأية أخطاء
تخطيت الحدود للمرة الثالثة بيوم واحد، ثم نظرت للخلف نحو كومراد وكولوم، كولوم يناظرني بما بدى لي كنظرة فخر واحترام، أحنى رأسه بخفة لأجلي وفعلت بالمثل
أدرت رأسي نحو كومراد فأخذني الحزن العميق بعينيه على حين غرة، لقد كان ينظر لي بأسى جعلني اشعر بالاشفاق لأجله، لقد عرفته فقط لأقل من يوم، ولكن حتى ذلك الوقت القصير يستطيع ان يكون صداقات، عدت باتجاهه ثم لكزت كتفه بأنفي بخفة فاحتضن عنقي برفق وهو يقول هامسًا
: أتعلمين، لقد ظننت انني قد وجدت أخيرًا من يشبهني، شخص قد مر بالكثير من الجرح والحزن، شخص بامكانه فهمي
سحبت رأسي بعيدًا كي انظر له ثم تذمرت بصوت مرتفع عندما رأيت الدموع بعينيه، ما الذي مر به يا ترا؟ على الأرجح لن أعرف
: لقد ظننت أنني وجدت شخصًا مر بذات الأشياء مثلي، استطعت ان أرى ذلك في عينيكِ، ولازلت أفعل، أرجوكِ لا ترحلي، أين سيذهبين؟ ستقتلين نفسك في الخارج وانتِ تعلمين ذلك، هل هذا ما تريدين تحقيقه؟ أن تُقتلي؟
سألني بقسوة
ابتعدت عنه كليًا تاركة لذراعيه يسقطان على جانبيه، نظرت الى عينيه الحزينتين ثم أومأت، هذه هي خطتي بالضبط، أن أقتل معناها إنني لن أتألم مجددًا، عدم وجود ألم يعني ألا ينفطر قلبي، ألا ينفطر قلبي تعني ألا أشعر، شيئًا أريده بيأس
أعتصر كومراد عيناه للحظات وهو يسحب انفاس عميقة، اخيرًا فتحهما ناظرًا الي
: أنا أتفهم
همس وانا أعلم إنه حقًا يفعل
أومأت نحوه ثم نحو كولوم المصدوم مرة أخيرة قبل أن ألتفت ثم أتحرك مبتعدة
للاسف لم أبتعد كثيرًا، فجأة ومن العدم أسقطني ذئب رائع حالك السواد على الأرض، وخزات مألوفة سرت بطول عامودي الفقري بينما لامست قوائمه فرائي، وعرفت على الفور آنه أكسيل
وقف فوقي مزمجرًا في أذني، هذا تحديدًا ما كنت أخشاه، إنه لن يدعني أغادر، أبدًا، أنا ملكه وملكه فقط، وعلي أن اتقبل هذه الحقيقة، أعلم أن الهروب أصبح مفقود الأمل به
نظرت نحو الغابة بتوق، وقد أدركت أنه لن يتسنى لي استكشافها، أنا مقيدة بحدود المقاطعة وعلى الأرجح لن يسمح لي أن أبتعد عن ناظري أكسيل، حريتي سرقت من بين يدي كما تسرق الحلوى من طفل، وهذا شيء لن أتمكن من استعادته
لكزني أكسيل في جانبي يحثني على الوقوف، ببطء فعلت ما أراد ثم اتبعته باتجاه الحدود حيث يقف كل من كولوم وكومراد يعلو وجههم شعور واحد.. الاشفاق، أنا لا أريد اشفاقهم على أية حال أنا فقط أريد حريتي
ابقيت رأسي منخفضًا حتى وصلنا لمنزل الألفا، انتظرت بالخارج بينما تحول أكسيل كي يحضر ملابس له ولي، تاركًا كولوم وكومراد يحرساني بالخارج، ولكن كل ما فعلاه هو الجلوس بجواري دون أن يتفوه أحدهم بكلمة
خرج أكسيل مجدداً ثم قذف نحوي برداء أبيض عاري بلا أكمام، نظرت نحوه للحظة.. حقًا؟ من كل ما بالمنزل لن يجد غير هذا؟
زمجر في وجهي بتحذير فتنهدت بخفوت ساحبة الرداء بين اسناني ثم توجهت نحو شجرة، تحولت ثم ارتديته، يحتضن جسدي الصغير بشكل مثالي ويبرز كل الانحناءات الصحيحة، يبرز بشرتي الشاحبة ويتناسق مع شعري الأسود وشفتاي الحمراوين، أستطيع أن أرى الآن سبب اختياره له... منحل
خرجت وأنا محنية الرأس ثم توقفت بين كل من كولوم وكومراد، أنا اشعر بالأمان معهما لا تسألوني لماذا، أنا فقط أفعل، أكسيل قصة مختلفة، فأنا لا أعرف ما أشعره تجاهه الآن
اتجهنا جميعًا للداخل ثم الى حيث بدأ كل شيء.. مكتب أكسيل، بمجرد اقترابنا منه تذكرت الباب وما حدث عند ملامستي له، عندما فتح أكسيل الباب ودلف للداخل التففت للنظر باتجاه الباب نحو الذئبان اللذان شاهدتهما من قبل وفكرت بصمت، ترى ما الشيء المميز بهما؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي