جِمار

nashwaaboalwafa`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-05-25ضع على الرف
  • 60.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

تدور روايتنا ما بين قرية الحريدية في ربوع الصعيد بسوهاج وما بين القاهرة.
كانت سيارة النقل الثقيل تشق الطريق بسرعتها العالية، حتى لمح زنجر ذلك الكمين فبدأ يهدأ السرعة، وقف زنجر بهدوء في الكمين البري للتفتيش الروتيني، اقترب منه العسكري قائلًا:
- رخصك، ورخص العربيه.
لم يبالي زنجر وقال مبتسمًا:
- اتفضل، مساك عسل يا دفعه.
لم يرد العسكري وهو يتفحص الرخص وقال للضابط المناوب:
- العربية دي تبع شركة عجاج باشا يا سعادة الباشا.
اقترب الضابط وسأل زنجر:
- إنت تبع عجاج باشا يا أسطى؟
- أيوه يا باشا، أنا والخمس عربيات اللي ورايا دول ولا مؤاخذه تبع شركة عجاج باشا، ومحملين وارد البضاعة الجديدة.
- طب عدي، وسلم لي على الباشا.
- يوصل يا كبير.
ومرت الخمس سيارات نقل المحملة بالأخشاب، الخاصة بعضو مجلس الشعب السابق كمال عجاج في طريقها للمخازن الخاصة به الواقعة بالقاهرة.
كمال عجاج ذلك الرجل القوي بنفوذه وصلاته، يبلغ الآن الخمسين، إنه من أغنى أغنياء قرية حريدية الواقعة في ربوع الصعيد، عضو سابق بمجلس الشعب، ورجل أعمال له العديد من شركات الاستيراد والتصدير، يمتلك أطيان زراعية وأراضي لا حصر لها في أنحاء الجمهورية وليس في قريته فقط.
وقف منير ابن كمال عجاج والذي لم ينجب غيره، رغم محاولاته المتعددة من زيجات كثيرة ينتظر السيارات
ابتسم جزلًا حين وصلوا.
أوقف زنجر محرك السيارة ونزل مبتسمًا:
- يا مسا الأنوار يا كبير، أهو وصلنا بالسلامة وكله تمام.
- عاش يا وحوش، إيه حد ضايجكم؟
- يا بوي مين ده اللي يجدر يضايق رجالة عجاج بيه، اسم الباشا بيعدينا من أيوها حته.
- طب يا أبو لسان تجف على إيدين الرجاله لغاية ما البضاعة تتشون في المخزن، والباجي انت عارفه، زنجر مش عاوز عينك تغفل ثانيه واحده.
- تؤمر يا باشا.
- آني ماشي ولو بوي سال هتجول إيه؟
ابتسم زنجر وقال:
- سعادتك كنت معانا من أول ما وصلنا لغاية ما خلصنا و قفلنا كل حاجه.
- مش هاوصيك يا زنجر، تخلص وتجيب مفاتيح المخزن على الكباريه.
- عيوني، يا مساء الانبساط.
ترك منير زنجر ليشرف على تشوين البضاعة، وذهب لمكانه المفضل حين يكون في القاهرة كباريه النجوم.
وفي الكباريه كانت سماهر تستعد لتؤدي وصلتها الراقصة، ارتدت بدلة الرقص السوداء، ذات التطريز البراق باللون الذهبي، كانت تنظر لنفسها في المرآة، وتتذكر بدايتها...
بعد أن أصبحت وحيدة يتيمة لا معيل لها ولا سند وجاءها المزاج يعرض عليها العمل كراقصة فلقد شاهدها وهي ترقص في أحد الأفراح بالحارة وعلم كم هي متمكنة، ما زالت تذكر كلماته لها:
- هاخليكي برنسيسة ما فيش حد هيبقى معاه فلوس زيك.
- فلوس إيه أنت عاوز تجوزني بره مصر وأموت زي ما عملت في إخواتي!
- يا هابله دي فلوس بره دي عنب، بس طالما مش عايزه بره يبقى جوه.
- عنب ليك ومرمطه وبهدله وذله ليا، أنا تعبت من الشقا ولو هاشقى هاشقى هنا أموت جوه بلدي، وأنا هادور بالمشنه زي أمي، وإلا أفرش في السوق وأعمل طعميه وآكلها بشرفي.
ساعتها ابتسم ابتسامة قميئة وقال:
- شرفك! شرفك إيه يا أم شرف؟ إنتِ فاكره يا بت إن شرفك ده إنتِ محافظه عليه بمزاجك.
- قصدك إيه؟
اقترب منها وأمسكها من طوق الجلباب الذي كانت ترتديه و عيناه تلمعان بلعة شريرة قائلًا:
- شرفك ده متحافظ عليه لحد دلوقتي عشان أنا محتاجه، ومحتاجك، فاهمه يا قطه؟ إنما وقت ما تعصلجي وتقلي بعقلك وتقوليلي سكة الحلال هاضيعه، أنا حايش عنك كلاب الحاره؛ عشان عارفين إنك تحت حماية المزاج، إنما تعصيني قسمًا بالله يتعمل عليكي حفلة من الرجالة ما تقومي منها غير على قبرك يا ست الحسن.
- إنت بتقول إيه؟! إنت بتهزر صح عاوز تخوفني؟
- باقول اللي سمعتيه، وطبعا ما باهزرش، وإن على الخوف لازم تخافي من إنك تعصيني ما هو يا ترقصي تحت طوعي وتتريشي، يا أخلص على شرفك اللي فرحانالي بيه ده وأخليك مرمطون لكلاب السكك ومن غير ولا مليم، ها يا سنيورة تختاري إيه؟
صمتت وقالت بكل استسلام:
- هارقص، بس بشرط.
- إنتي هتتشرطي يا روح أمك.
- معلش يا سيدي، ما أنا كمان هاعملك اللي إنت عاوزه وهاسمع كلامك، وإنت هتستفيد مني.
- قولي يا حلوة.
- ما يبقاش ليا غير في الرقص.
صمت وفكر فهي تمتلك موهبة ستدر عليه الكثير من الأموال، فليطمئنها:
- ماشي الرقص وبس، ولو سمعتي الكلام وبقيتي طوعي ما فيش حاجه هتحصلك غير برضاكِ وموافقتك، وكلمة المزاج ما بتنزلش الأرض.
ساعتها انتقلت من تلك العشة التي لا تصنف على أنها مسكن بالأساس فهي كانت مبنيه من خليط ما بين قطع صاج مفروده وغاب، مجرد هيكل خارجي، إلى شقة المزاج شخصيًا، تذكر ذلك اليوم جيدًا، يومها قالت للمزاج :
- أجيب هدومي حاضر وآجي معاك.
ضحك ملء شدقيه وقال:
- هدوم إيه بس العشه؟ خلاص خدها الأكتع باللي فيها.
- نهار أسود وهدومي.
- يا هابله ودي هدوم دي هلاهيل، خدي كده الأول اقلعي الجلابية اللي كلها رقع دي والبسي الفستان ده.
- أما نروح بيتك.
- هتروحي بيتي بمنظرك ده لأ طبعًا، تعالي معايا.
- على فين؟
- على كوافير نوسه.
وأمسكها من يدها يجرها جرًا ورائه وهي تسير كالمغيبة.
دخل فاتحًا باب الكوافير لتعترض نوسه:
- إيه يا مزاج! ده مطرح حريم يا أخي.
أصدر صوتًا من أنفه، ورفع حاجبًا وقال بغضب:
- حريم إيه يا أم حريم، الحريم دول أنا اللي باعملهم حريم وابعتهوملك، اتوزني كده، وخدي السنيورة دي، عاوزها بتبرق.
حاولت التخفيف من حدة ما قالته سابقًا فهو فعلًا مصدر رزقها ولولا من يرسلهم لها لم تكن لتجد من يدخل الكوافير إلا نادرًا.
لتنظر لسماء كان هذا اسمها الحقيقي، وتسأل:
- مين دي؟
أجابتها سماء:
- أنا سماء.
فقال المزاج:
- لا سماء دي كانت قبل ما تدخلي الكوافير، إنتِ من دلوقتي...
صمت قليلًا يفكر ثم لمعت عينيه قائلًا:
- سماهر.
نظرت له متعجبة:
- يا لهوي هاغير اسمي والناس في الحاره هتعرفني إزاي؟
قال وعيناه تلمعان بنظرة تعرفها نوسه جيدًا، نظرة الظافر بغنيمته:
- إنتِ من النهارده هتنسي أصلًا أي حد في الحاره، إنتِ مش عارفه أنا مضبط لك إيه في دماغي؟
قالت نوسه:
- بس يا مزاج البت مش لسه صغيره على اللي في دماغك ده؟
- وانتي مالك إنتِ، على آخر الزمن ما عادش إلا نص حرمه اللي هتعلمني.
ترقرقت الدموع بعيني نوسه وقالت:
- بتعايرني يا مزاج، اشحال ما كنتش إنت السبب في اللي جري لي؟
- إيه يا روح أمك أنا حر أنا المزاج، وإلا عندك كلام تاني، خدي البت وآخر النهار هارجعلك استلمها، خدي كيس الهدوم ده.
ونظر لسماهر:
- دي هدوم جديده نوفي يا بت من بره ومن جوه، مش هتعرفي نفسك لما تلبسيها، إنتِ أصلا قمر أربعتاشر، إنتِ أكتر حد شكل أمك الله يرحمها من إخواتك كإنك فوله واتقسمت منها، الباقيين كان فيهم من أبوكي أنا مش عارف أمك الخوجايه القمر دي إزاي سكتت على الممرمطه اللي شافتها دي الله يرحمها بقى إنتِ وإخواتك اللي كنتوا كاسرين وسطها كانت روحها فيكم.
نظرت له في تعجب، ليقول:
- ما تبرقليش كده، أنا عارف تاريخكم كله يا بت وإن كان على الهدوم فأنا أبص لأيتها ست أعرف مقاسها في كل حاجه، ولسه لما تشوفي باقي اللي هاجيبه ليكي.
وتركهما مغادرًا.
أمسكت نوسه يد سماهر وهي تقول:
- تعالي معايا.
- على فين؟
- هاتستحمي.
- فين؟
- الحمام جوه.
- طب خليكي أنا هاستحمى لوحدي.
- لا طبعًا إنت عاوزه المزاج يدبحني أنا لازم أخليكِ فله.
ودخلت معها سماهر وهي خجلة وتحاول مدارة نفسها، ونوسه تقول:
- ما تتكسفيش مني أنا زي أختك الكبيره، وبعدين اللي جاي مافهوش كسوف، اسمعي مني أنا شفت كتير وعارفه أكتر، كسوفك ده تنسيه، وقلبك تكسريه بدل ما يكسرك، أنا ما كسرنيش إلا قلبي، المزاج ده هو اللي كسرني، حبيته وما كنتش شايفه غيره في الدنيا، شاب إيه طول بعرض، عضلات وقوة أي بنت تحلم يبصلها، بعيونه السوده الحلوه دي، وشعره الناعم المسبسب، وقعت في غرامه وهو لاف عليا، فهمني إني ساكنه في قلبه وما لوش غير حضني، وخد كل حاجه وبقيت نوسه بتاعة المزاج، لغاية ما حليت في عين أربع رجاله من زباينه، وكان السعر عالي، سلمني ليهم.
شهقت سماهر قائلة:
- يا نهار هباب.
فابتسمت نوسة ابتسامة مغتصبة:
- ما تتعجبيش المزاج ما لهوش كبير ولا عزيز، أي ست في نظره فلوس وبس، إنتِ عزيزه وغاليه طول ما معاكِ مصلحته، غير كده لا، آه سلمني ليهم.
نزلت دموع من عيني نوسة بتلقائية وهي تتذكر ما حدث معها:
- ضحك عليا وقالي هاروح حفلة راجل كبير أرقصله لوحده، ما كنتش مديه خوانه، ما أنا كنت باحبه بقى وفاهمه أني روحه وإنه بيحبني وإني بتاعته هو، وأنا بارقص شاورلي إنه رايح الحمام، ما فيش ثواني مسافة ما اختفى من قدام عيني لقيت ثلاث رجاله غير الراجل اللي كان قاعد يتفرج عليا وأنا بارقص، ما أعرفش جم منين، تقوليش الأرض انشقت وطلعوا منيها، ساعة ما شفتهم قلبي انقبض، بس كملت رقص وأنا مستنيه المزاج يطلع من الحمام، بس اتأخر، ما استحملتش بطلت رقص وقفلت المزيكا، فالرجاله سألوا بطلت ليه، قلت لهم ثواني بس عاوزه أفكر المزاج بحاجه.
فضحك واحد منهم وقال:
- مش وقته خالص، لما نخلص إحنا هنكلمه يجي ياخدك.
بصيت وأنا باتنفض وقلت: يجي ياخدني ليه؟ يعني إيه؟ هو المزاج سابني هنا ومشي؟
قرب واحد تاني وقال: اطمني إنتي معانا، وهنبسطك على الآخر عيبك بس إنك مش بالسوليفان، بس معلش إنتِ داخله مزاجنا، مش مهم السوليفان المره دي، نعوضها في موزه تانيه.
أنا برقت لهم وصرخت وحاولت أهرب، مسكوني، هم بيضحكوا وأنا باصرخ، وهم يضحكوا ويقولوا: براحتك خالص أيوه صرخي كمان ماحدش هيسمعك أصلًا، و بعدين صريخك ده حلو، صرخي كمان، إحنا بيعجبنا الصريخ، ولسه هتصرخي تاني، وكانوا بيضحكوا بطريقه فظيعه، سحبوني على أوضه في بدروم الفيلا اللي كنا فيها، وما لوش لازمه أحكيلك على اللي جرى لي، أنا أتعذبت وصرخت صريخ يكفيني أنا وعشر بنات زيي العمر كله، اللي إتعمل فيا ما يتحكيش، ولما خلصوا كانوا محترمين قوي الصراحه نقلوني مستشفى تبعهم وبعدين كلموا المزاج، لما فقت سمعته بيكلم حد منهم في التليفون وفهمت إن المزاج معترض إنهم بهدلوني بزياده، وإني بسبب اللي عملوه شالولي الرحم، قاله إنه كتر خيره إنه جابنب المستشفى بس البهدله اللي بزياده دي لازم ليها ثمن، آه طبعا خد ثمني تاني، فقت وأنا الدنيا سوده في عيني، بس هاعمل إيه وإلا أروح فين؟ هو مش هيسيبني في حالي ولو شالني من حمايته الكلاب هتموتني وتنهشني ببلاش، وبقيت معاه.
كانت قد أنهت الاستحمام وقامت بعمل حمام مغربي لها وتنظيف كامل لجسد سماهر، سألتها:
- عندك كام سنه؟
- ثمانتاشر.
أنهت ما كانت تفعله وارتدت الملابس التي أحضرها المزاج، فستان كحلي أوف شولدر يظهر كتفيها المرمريتين، ملتصق بجسدها الممشوق، عليه ورود صغيرة متناثرة في أسفل الفستان الذي يصل لركبتها، وبه فتحة جانبية تصل لمنتصف فخذها.
نظرت سماهر لنفسها في المرآة وهي تقول:
- يا نهاري يا نهاري، أنا هاخرج كده عريانه كدهوه، يا لهوي يا لهوي.
ضحكت نوسه:
- اتعودي اتعودي.
وأجلستها على الكرسي لتجفف شعرها بالمجفف الكهربائي للشعر، لم تكن بحاجه لفرده فشعر سماهر كان أسودًا كليل حالك السواد، وحريريًا ليس بحاجة للكي.
بعد قليل وصل المزاج، لينظر لسماهر بإعجاب:
- اللهم صل على كامل النور، أيوه كده الفحم إنجلى وبقى ألماظ حر، تسلم إيديكي يا نوسه، أسطى فعلًا.
وأنقد نوسة مبلغًا من المال قائلًا:
- الشغل شغل حقك أهو، بيزنس إذ بيزنس يا قلب ملك البيزنس.
- ربنا ما يحرمني منك يا مزاجي.
- يا قلب المزاج إنتِ.
قالها وهو يحتضنها، ويقبلها، لتداري سماهر وجهها بينما لاحظ المزاج ذلك فقال ضاحكًا:
- مكسوفه يا قطه، لا اتعودي هتشوفي من ده كتير، نوسه دي الحب كله، أنا ما استغناش عنها، ولا يعدي عليا يوم من غير اتملى من عينيها الخضرا الحلوه دي، ولا ألمس شعرها اللي زي سلاسل الدهب الحقيقي ده، آه على فكرة يا بت يا سماهر أهل نوسه دول كانوا أهل عز، ناس خواجات زي أمك كده بس ماتوا في حادثة على الطريق، أبويا اللي شافهم، وكان بالليل والطريق فاضي وهي اللي كانت عايشه صعبت عليه خدها وما سابش أهلها بلغ الاسعاف جم خدوهم، وعمل لها بقى شهادة ميلاد باسم واحد صاحبه ما كانش بيخلف.
وأخذ يضحك بصوت مرتفع:
- ما هو الراجل صاحب أبويا ده كان شغال في السجل المدني، فزيتنا في دقيقنا يعني.
ابتسمت نوسه :
- يعني هو أبوك إداني له ببلاش، أبويا محمد قالي إنه دفع فيا ساعتها خمسن جنيه بحالهم شوفي يا بت يا سماهر بقى الخمسين جنيه دول من 28 سنه دلوقتي كانت قيمتهم إيه؟ بس دفعهم وهو راضي أصله هو وأمي نبويه ما كانوش بيخلفوا وكان يتقلع لهم عين ويشوفوا ظافر عيل وأمي كانت نفسها في بت وساعة ما شافتني دخلت قلبها هي قالتلي كده.
احتضنها المزاج:
- طول عمرك غاليه، وتدخلي القلب تقعدي وترحرحي.
سألته سماهر:
- هو إنت اسمك المزاج؟
ضحك:
- اسمي الحقيقي جابر، بس ده عند الحكومة بس، إنما الدنيا بحالها عارفة إن اسمي المزاج، عشان أنا اللي باضبط لكل حد مزاجه، اللي نسوان واللي كييف وكل واحد ومزاجه بقى، يالا يا حلوين بقى على البيت، أنا جعان.
ونظر نظرة لنوسة ذات مغزي قائلًا:
- جعان قوي، واقع يا نسنس.
وخرجنا من الكوافير لنركب سيارة المزاج االبيجو 504 التي لم يغيرها للآن رغم مرور خمسة سنوات، كان يسكن في منطقة أرقى كثيرًا من الحارة، نزلنا من السيارة لنجد حارس العقار يهرع نحونا، وهو يقول:
- يا مرحب يا سعادة البيه، أهلًا بالست نوسه.
ونظر لي، فقال المزاج:
- دي ستك سماهر بنت أخو مدامتي نوسه، يا غامق إنت، هات شنطتها من العربيه.
اتسعت عينا سماهر لكنها صمتت.
وكانت الشقة تقع في الدور الثالث، دخلناا وما أن وضع حارس العقار الحقيبة بالداخل وخرج مغلقًا الباب حتى قلت له متعجبة:
- هو إنتو متجوزين؟ بجد يعني؟
ضحك المزاج:
- آه متجوزين وعند مأذون كمان، لازم الصوره تبقى تمام قدام الناس.
ونظر لنوسه:
- جعان يا قطة، مش جعان لا أنا واقع.
فقالت سماهر ببراءة:
- آه أنا كمان جعانه قوي.
ضحك المزاج:
- جوع عن جوع يفرق، المطبخ أهو افتحي الثلاجه واللي يعجبك كوليه، أنا بقى عندي أكل تاني.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي