الفصل الرابع

لا اعرف ماذا حدث لي؟
للحظة ثقل لساني وشعرت بعظم ما فقدت، انا التي لم اسمح لأحد أن يتجاوز حدوده معي يوما، مرت سنوات طوال ولم يجرؤ احد أن يرفع عينه ويعايرني بما فقدت، ودار سنوات أصعب ليأتي اليوم ويحدث ما حدث لأكتشف الحقيقة، وهي انني لم أكن يوما قوية ولا شجاعة بل كنت انت اماني وجيشي الوحيد، كنت موجودا فخرس الجميع عن اهانتي، وحين ذهبت استحلوا التجرؤ علي بل يلومونني علي ذنوبهم واخطائهم، تدري لما!
لأنهم يظنون انني دون سند ولا يوجد من يحميني من ألسنتهم…
حمقي!
لا يدركون أنك مازلت حيا هنا…واكملت وهي تتلمس وجه الشيخ حسن في صورته بيد وبالاخري تضعها فوق مضختها الهادرة بغرامه: اشتقت اليك يا حسن، انت الآن بمكان افضل واني والله لم أرد لك يوما سوي أفضل الأفضال ولكن شوقي إليك كوي فؤادي الذي فرغ برحيلك يا حبيبي

قاطعها صوت طرقات خفيضة علي باب غرفتها فسارعت تمسح دموعها قبل أن تدلف جنة قائلة: اشتقت لأمي؟
خديجة محاولة ألا تظهر حزنها: تركتك لدقائق فقط
اقتربت جنة وجلست علي ركبتيها امامها وتبادلتا لحظات طوال من النظرات ذات المعني ولكنها مبهمة في نفس الوقت، نظرات تحمل الكثير والكثير من المشاعر التائهة المتضاربة المكلومة، كسرت جنة حاجز الصمت ممسكة بيد خديجة لتقبلها بامتنان قائلة: لقد علمتيني أن المرء لا يقبل يد احد عدا والديه وأجداده وان هذه الأصول والتقاليد ليبرز المرء الاحترام لهم، وانا كبرت ولم أجد حولي أيا منهم، انت فقط…
انت أمي التي تحب وتعطي دون مقابل وأبي الذي يعطف وجدي الذي يرفق وجدتي وجدتي التي تحن، انت الونس والأنس والأنيسة لروحي، انا ابنتك وانت امي فلا تسمحي لأحد أن يتهمك بالعقم او ما الي ذلك لان العقم بعقولهم ونفسهم المريضة، أما انت فلا عقل يجاري حكمة عقلك ولا فصاحة لسانك ولا لين قلبك وطهارة روحك
تحركت خديجة لتجلس ارضا مقابلها وجذبتها لحضنها بقوة تقبلها بشده وتقبض عليها وكأنها ان تركتها ستخسر أنيستها وتحدثت من بين دمعها: حبيبتي بل انا دونك لاشئ، لولا وجودك ما كانت خديجة حية الي الآن، وكأن الله أرسلك من البداية رأفة بحالي لأنه سبحانه الأعلم بما كان سيحل بي بعد وفاة حسن، لست ابنتي وحسب بل أنت عوض ربي وما اجمله من عوض!
ابتعدت جنة قليلا لتمسح دمع أمها بيديها متحدثة: رغم كل ما لاقيته منذ أن خلقت حتي اليوم ولكن أكثر ما يكسرني هي تلك الدموع، أشعر وكأنني افقد قوتي وصلابتي فتذهب مع تلك الدمعات مهب الريح، لا تبكي فأنت ملجأي انت ملجأ جنة.
خديجة: ‏أن تقومي بإختياري گملجأ يعني ذلك أنك في أمان وانا حصنك حتى لو كلفني الأمر أن أصبح حائطًا بينك وبين الألم، فلا تستسلمي ولا تحزني ان بكيت فأنا لا أبكي سوي تحسرا علي هؤلاء البشر، لا اعرف هل الناس قلوبهم من حجر ام أضحوا دون قلب، لقد كنا كيف للام ان تعذب ابنائها الثلاثة وبدل من يكونوا رفقتها يقسوا قلبها وتفرقهم في هدب الريح العاتية وتبدد أوصال الود التي تختلج قلب اي ابن تجاه والدته، مشاعر جميلة كانت ستنير طريقها لو اختارتهم قبل كل شئ ولكنها ضحت بهم فتحول طريقها لسبيل من الظلمة الكالحة.
تنفست جنة بعمق قائلة: دوام الحال من المحال مؤكدا سيأتي الوقت وستدرك أخطائها ولكن لا تحزني نفسك رجاءا من أجلي انا
خديجة: حسنا يا شقيتي لن أحزن وانظري ها أنا ابتسم وظهرت اسناني لدرجة آلمني فكي
جنة: اممممممم لم اقتنع
خديجة: وكيف ستقتنعين؟
جنة: حين تخرجي لنتغدي سويا فأنت تعرفين طهيي حدث ولا حرج ستأكلين أصابعك من وراءه
خديجة: لا تركنا لك الطعام وانت اتركي اصابعي لست مستغنية عنهم
جنة: بمعني!
خديجة: أنا مرهقة وأرغب في النوم سأنام لساعة استعيد طاقتي وألحق بك
جنة: تتهربين؟
خديجة: لا والله فأنا حقا متعبة واريد ان ارتاح
جنة: اوعديني أنك لن تبكي مجددا او تفكري فيما يحزنك
لامست خدها برفق وأجابت: لا تقلقي صغيرتي سأنام فقط لألوذ ببعض الهدوء
جنة: حسنا سأتركك ترتاحين ولن نتغدي سوا معك
خديجة: علي راحتكم غاليتي

وخرجت جنة تاركة خديجة وحدها لتنام محاولة ألا تفكر في شئ ولكن ليس لها علي عقلها سلطان فأخذ يجول بها بين الذكريات والاوجاع حتي أرق نومها وأوجع قلبها….

أما جنة فلقد خرجت اليهم لتجدهم كلا يجلس حزينا في ركن ولكن حين رأوها تحفزوا جميعا للإطمئنان علي خديجة قائلين بصوت واحد: كيف حالها؟
جنة بهمس: اخفضوا اصواتكم هي بخير ولكن متعبة قليلا سترتاح لساعة وتنام وبعضها تنضم إلينا لا تقلقوا

عاد كل منهم الي موضعه ودلف سليم الي الشرفة ليتنفس بعمق محاولا أن يتخلص من ضيقه، تحركت خلفه دون تفكير لتجلس قبالته ولم تتحدث بل ظلت تراقب ملامحه التي تتغير عدة مرات بنفس الدقيقة مما يدل على اشتعال حرب ضارية داخله
مدت يدها له فنظر يطالع ما تعطيه إياه ليجده مظروفا صغيرا فنظر لها مستفهما، فأجابت: هذا احدي رسائل ابي حسن التي تركها لي
سليم: وهل الشيخ حسن ترك لك رسائلا؟
جنة: أووووهوووو لقد ترك الكثير، أو بمعني أصح ترك لك كنزا كلما ضاقت علي الحياة وشعرت بالضيق افتح صندوقه وكأنني اهرع الي حضن ابي فتعانقني رسائله وتنتشلني كلماته من الضيق وتسافر بي فوق رحاب الفرج
سليم: وهل ستفرطي في احدي هذه الرسائل بسهولة هكذا؟
جنة: لا يطاوعني قلبي أن افرط بحرف واحد ولكن وجدتك حزينا ومهما قلت فلن اهون عليك كما ستفعل هذه الرسالة، فهي قصيرة الكلمات عميقة الأثر ومفعولها كحضن أم لصغيرها حين يولد للحياة ضعيفا يجهل كل ما فيها.
سليم بمكر: معني ذلك أنك تهتمين لأمري؟
جنة بتقرير: لا لا أهتم لأمرك حضرة العريس ولكني تربيت علي ألا ادع حزينا إلا فرجت عنه وجبرت بخاطره فكما يقولون جبر الخواطر لله
شعر بضيق بعض الشئ ولكنه تجاوزه حين أدرك انها مازالت حزينة من بعد خبر خطبته فابتسم بحزن مردفا: لست عريسا وما شابه فيبدو أن هنام سوء فهم وقد اختلط الأمر
جنة: لا أريد تبريرات واصلا هذا ليس وقتا مناسبا للشجار فخذ الرسالة اقرأها وأعرني صمتك
سليم: ولكن من حقي الدفاع عن نفسي
جنة: ولكننا لسنا بمحاكمة وأصلا هذا حقك أن تحب وتختار من ستتزوج بها، يعني من نحن حتي تأخذ رأينا او تخبرنا..
قاطعها بنظرة عتاب قائلا من بين أسنانه: انتم كل شئ، انتم عائلتي…
جنة: عائلتك هي امك واخوتك
سليم: بل عائلتي الحقيقة هي مكونة من ثلاثة أشخاص انتشلوني من ضياعي بالملجأ
جنة: لا أعتقد أن هذه الحقيقة فمكوثك بالملجأ كان لست سنوات وأظن ان عمرك باقيه كافيا لتنسي وتعيش حياتك دون العيش بإحساس طفل
سليم: طفل؟
جنة: أجل انت كما الأطفال يا سليم، تعيش بإحساس طفل
سليم: رغم ان نبرتك وكلامك يحملان القسوة في طياتهم ولكن ليتني اعود طفلا كما الماضي، حينما كان لكل شئ معني وطعم، أما الآن فلقد ضاعت الملامح ورخصت المعاني وقست القلوب وتحجرت، جميعنا أصبحنا كما الاغراض والجماد المتماسك بوهن فما يربطه ليس سوي سمة مفاصل ضعيفة عائمة في الصدأ لا تتحمل اي شدة

وتحرك ليقف مشيرا للناس بالشارع: انظري للناس ألا تلاحظين بهم تغييرا واضحا؟
يبدون كأنهم ليسوا بشرا حقيقيين فهم ليسوا سعداء، يستيقظون من نومهم ليضيقوا علي بعضهم الخناق واضحي صوتهم وكأنه صريخا بطبعه وأصبح ما بالقلب لا يقال علي اللسان، فلقد استعمرهم النفاق!
لا تجدي أحدا يحزن علي غيره بصدق ولا يفرح لفرحة غيره والضحكات لم تعد صافية من القلب ولا الاحضان دافئة،
صمت برهة ودار ببصره في الحارة ليتوقف عند بائع الذرة المشوي الذي يقف علي الناصية: وهذا الذرة..في الماضي كنت اشتم رائحته من علي بعد، ويا سلااام حينما امسكه بيدي واتذوق طعمه مع شيخي حسن كنت في قمة سعادتي أما الآن فها انا ابحث عن طعمه ولا أجده، ابحث عن رائحته وهو امامي علي الناصية ولكنها لا تصلني

جنة: معك حق فهذه أصبحت طبيعة البشر ولكن ماذا عن الاقربين؟
سليم بحزم: أنا لم اخطب بل لم أفكر في الزواج بتاتا، وكل ما حدث هو انني ذهبت لخطبة ندي ابن خالي وطلب يدها للزواج من أخي محمد أما جدتي فلقد كذبت عليك وهذا بالتحديد سبب تواجدنا هنا

شعرت بشئ من الفرحة ولاح شبح ابتسامة علي وجهها ولكن سرعان ما اخفتها بل تركته ودلفت للداخل حيث يتواجد أحمد وروان هاربة منه، لا تعرف السبب ولكنها استكفت مما سمعته وارتاحت لذا فهربت خوفا من ان يطوف الحديث حيثما لا تريد
أما هو فابتسم بخفة وجلس مجددا وفتح الرسالة ليقرأها: صحيح لا يمكنك الوقوف لمواجهة الأمواج ولكن بيدنا أن نتعلم العوم لان تلك هي الحياة فالعوم فيها كما الصبر ويجب أن نتعلمه
أحمق من يظن ان أيام هذه الحياة رائعة، فالحياة ليست كما نتمناها بل شعارها أن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، لذا فكلما عاندتنا يجب أن نصبر ونبتسم لأن الأوجاع لن تنتحر إلا علي ضفاف ابتسامتنا
فتعلمي عزيزتي أن تبتسمي رغما عن الالم…
فمن يعشق القمر لا يهاب الليل، ومن يغرم برائحة الورود لا يخشي أشواكها..

تنهد بعمق وهو يشتم الوريقة ويعيد قراءة مضمونها مرارا وتكرارا يستمد من سطورها الأمان ويتلمس من حروفها الوجهة وكأنه كان تائها وجاءت كلمات الشيخ حسن في الوقت المناسب لتحدد وجهته وتذكره بأنه صبر لسنوات ومازال سيصبر حتي يأتي الفرج، وكان فرج سليم في تلك اللحظة إنما يتمثل في فرحته بأن جنة أعطته رسالة أبيها واجتهدت لتفرج عنه وان تهدئه

جال بنظره للصالون ليتفاجئ انها لم تعد جالسة مع إخوته فأدرك هربها لغرفتها فابتسم بخفة وتنهد مجددا ووضع الوريقة بجيبه قائلا: فليرحمك ربي يا شيخي الغالي

قاطعه صوت هاتفه ليخرجه من عزلة فكره ليجدها مدام أمل مديرة الملجأ، اعتدل في جلسته وأجاب:
السلام عليكم مدام أمل
مدام أمل: وعليكم السلام يا سليم، كيف حالك بني
سليم: أنا بخير الحمد لله وانت كيف حالك؟
مدام أمل: أنا بخير عزيزي ولكن هناك موضوع مهم يجب أن أخبرك إياه
سليم: كلي آذان صاغية
مدام أمل: اسمع جيدا بني فأنت محامي جيد ولا يمكنني أن أثق في غيرك
سليم: وأنا تحت امرك عزيزتي.
مدام أمل: كما تعرف فمنذ ايام لقد مرضت وبناءا علي ذلك أخذت اجازة وتم تعيين رجل ليكون مسؤولا كبديل احتياطي، ولكن أشعر أن ثمة شئ غريب يحدث ولكن للأسف لا يسمح احد لي بالسؤال عن شئ وحين اتصل باحدي الفتيات اجدهن خائفات ولا يخبرنني بشئ
سليم: هل تشكين في المسؤول الجديد؟
مدام أمل: أجل واحتاجك أن تزور الملجأ فالأطفال يحبونك وربما ستفهم شى لتطمئن قلبي عليهم
سليم: حسنا ولكن تعرفين لايمكنني دخول مبني الفتيات لأن لا صلة لي بأحد هناك؟ وممنوع أن يدلف رجل غريب فهل استعين بجنة؟
مدام أمل: لا لا لا ان ثبت وجود شئ ربما ستحزن علي صديقاتها فلنطمئن أولا.
سليم: اممم جائتني فكرة..
سأذهب للمدرسة وانتظر مريم صديقة جنة لأسألها
مدام أمل: جيد
سليم: وساذهب للملجأ أيضا وسأقابل ذاك المسؤول
مدام أمل: خيرا تفعل بني
سليم: اطمئني واتركي لي الأمر بعد الآن سأوافيكي بالتفاصيل
مدام أمل: وأنا في انتظارك بني، والآن يجب أن اغلق لانه حان وقت دوائي
سليم: ليشفايكي ربي ويعافيكي عزيزتي
مدام أمل: اللهم آمين يارب

واغلق معها وبدأ عقله يجول به بالكثير من التساؤلات والقلق حول ما أخبرته إياه مدام أمل وشعر أن ثمة شئ خفي بالفعل، فأغمض عينيه بقوة متنهدا: عونك ربي

وظل علي وضعه لدقائق طويلة وسرعان ما عاد ليفكر في جنة وفي معاملتها له طوال اليومين الماضيين، لايفكر محدثا نفسه: غريب أمرها بدلا من أن تسأل تظل تتهمني انني تخليت عنهم وتزوجت، هل هذا منطقي اصلا!
غبية لا تعرف قلبي الي اين تمتد اوصاله ولكنها صغيرة مؤكدا حين تدخل الجامعة ستعي وتنضج أكثر وحينها ستفهمني ، ولكن ..
صمت برهة وفكر ليردف في قرارة نفسه وارتسمت البهجة علي معالم وجه وخفق قلبه قائلا بهمس خافت يحمل في طياته حروف من غرام: إنها تغار!
جنة تغار لأنها ظنت اني سأتزوج!
اه يا أنيسة روحي لو تعلمين أنك أسطورتي الخالدة♥️


في غرفة جنة..
كانت تجلس ممسكة بدفترها وبدأت تكتب دون تخطيط او ترتيب:

لماذا يثير سليم الألفي بداخلي كل هذا الاهتمام ؟
سأكون اكثر صراحة: هل هو مجرد اهتمام؟
ام تحول هذا الاعجاب الذي خلف بقلبي منذ الصغر..هل تحول لما هو اكثر؟
لقد حاولت جهدي أن أقاوم هذا الاعتراف ولكنها الحقيقة وما أشعر به، ولكن سأظل أقاومه!
هذا لأن سليم ليس شخصا عاديًا، أجل لم أره يوما بشخصية واحدة ففيه من الشخصيات الكثير المختلف لدرجة تجعل الدماغ يستشيط…
فلسليم وجوه عدة وكل منها مختلف عن غيره كل الاختلاف، وأحيانا حين افكر اشك ان كل هذه الشخصيات موجودة في كيان شخص واحد،
فلديه وجها طيبا بريئا حالما حين تطالعه ستفكر ان هذا الوجه إنما هو لطفل حساس لم يكبر بعد!
ولديه وجها طموحا عاشقا للحياة شجاع مقدام، ووجه اخر يختلف عنهما تماما فهو وجه غامض يخفي الكثير ولديه من القدرة لأن يثير عواصفك ويحيرك وفي النهايه يتركك دون إجابة لأسئلتك

وفي النهاية…
من أنت في كل هؤلاء يا سليم؟
ام أنك جميع هؤلاء؟
مزيج غريب من إحساس طفل وشجاعة الرجل وحكمة الكهل!

واغلقت دفترها ثم طالعته بنظرة مبهمة تنم عما داخلها فهي لا تفهم نفسها ولا تفهم ما يدور بين خلجاتها، لا تعرف سبب حزنها حينما علمت بزواجه وفرحتها حين اخبرها الحقيقة، ولا بهجتها وشموخ قلبها حينما أخبرها انها وخديجة كل ما يملك، تخاف أن تصدق كل ذاك، نعم تخاف!
فلقد مرت سنوات منذ أن ترك الملجأ وهي تتهرب من التعلق به بشدة وتحاول أن تستقيم بحياتها دون الاعتماد علي احد ولا تدرك انه انخرط في حياتها سهوا واصبح كما الأمر الواقع جزءًا لا يتجزأ منها وانتهي!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي