الفصل السادس

"يحيـي..أنا عارف إن أي كلام هقوله دلوقتي ملوش لزمه و عارف كمان إن مهما قلت لا يمكن هتسامحني، أنا بس عايزك متزعلش من أبوك لإنه ملوش دخل في اللي حصل وكان رافض الموضوع من الأول خالص بس أنا اللي ضغطت عليه بالعيال عشان يوافق، قدورة كمان ملوش ذنب تقاطعه بسببي، إنت عارف إنه طول عمره مبيحبش يزعل حد وإذا كان وافق فوافق عشان أنا طلبت منه ده، يمكن بعد كلامي ده هتكرهني بزياده بس أنا حبيت أكتب لك اللي في قلبي، أنا ندمان صدقني، ندمان إني جنيت على حقك و ظلمتك و قلبتلك حياتك، عشان كده أنا همشي من اسكندريه خاالص و هروح اي مكان تاني لا حد فيه يعرفني ولا اعرف حد، اخر طلب هطلبه منك انك تطمن ابوك اني عايش و كويس و بلغهم كمان محدش يحاول يدور عليا، أنا كده هبقا مرتاح و إنتوا كمان مرتاحين.. سامحني يا أخويا"

إنهالت دمعات يحيـي وهو يقرأ ذلك المكتوب الذي تركه له أخاه ليطوي بعدها الورقه بين قبضة يده بإهمال و يلقي بها إلي سلة القمامه الموجودة بجواره ثم نهض واقفاً و قام بتبديل ثيابه و خرج من الغرفه ليجد غزل في طريقها إليه فإبتسمت وقالت: صباح الخير يا يحيـي.

أومأ بلطف محاولاً إخفاء ضيقه ثم قال: صباح النور يا غزل، إيه اللي مصحيكي بدري كده؟

_قولت ألحق أعملك تفطر قبل ما تنزل.

إبتسم ثم نظر إليها مطولاً ليردف قائلاً: أنا آسف يا غزل، إمبارح مزاجي كان زفت و مقعدتش معاكي ولا اتكلمنا خالص، إعذريني.

كلماته البسيطه تلك جعلتها تتيقن أنها لم تتعجل في قرارها ولم تخطئ حينما وافقت على الإرتباط به.

برز صوتها الهادئ قائلة: متتأسفش عن أي حاجة يا يحيى أنا فاهمه و مقدره كل حاجه.. بس إزاي قابلته و فين؟!

تنهد مطولاً ثم أمسك بيدها وهو يتجه نحو الأريكه و يجلس عليها و جلست هي أيضاً فقال: إمبارح يا ستي كنت سهران أنا و قاسم في المكان بتاعنا البي بنسهر فيه عادةً، إتفاجئت بيه هناك بيرقص وسط شوية بنات زباله ملمومين حواليه و بيقلبوا اللي في جيبه وهو سكران، روحت كلمته و لقيته بيهرتل بكلام أهبل كده و عرفت انه معندوش مكان يبات فيه، تقريبا كل الفترة دي بينام يا اما في النايت كلاب يا اما عند واحده من اللي كانوا معاه.

كانت غزل تحملق بهِ بدهشه و ذهول بينما إستطرد هو قائلاً: من غير ما أفكر لقيتني جايبه علي هنا، مع إني مكنتش عايز ولا حابب أشوفه ولا أتكلم معاه بعد اللي قاله.

تسائلت علي إستحياء: قـاللك إيه؟!

نظر إليها و كإنما ينظر إلي الفراغ من حوله ثم قال: قال كل حـاجة يا غزل، كل اللي كان في قلبه ظهر فجأه، سليمان من زمان وهو بيبص للي حواليه و مش راضي باللي بين إيديه،كان مستكتر عليا إني متجوز و مخلف و معايا فلوس مع إن ده رزقي الي ربنا قسمهولي، مش عارف ان هو كمان رزقه بيوصله ٢٤ قيراط زيه زيي، بيعلق كله علي شماعة إنه إتحرم من الخلفه.

توقف عن الحديث قليلاً ليتنهد بتعب ثم قال: للأسف أنا إمبارح بس عرفت إنه كان طمعان فيها لإنه كان عايزها هي مش قصة إنه يخلف ولا الكلام الفاضي ده، بدليل إنه لو كان بيدور علي خلف و فارق معاه أوي كده كان إتجوز من عشرين سنه من اول ما عرف ان مراته مبتخلفش.. بس نفسه المريضه و عينه الفارغه خلوه يبص لمرات أخوه وهي لسه علي ذمته و ما صدق انهم قالوا مات، فرصه و جاتله علي طبق من دهب، قاللك أخيراً هطولها وفي نفس الوقت أهي تجيبله العيل اللي بيستعطف الكل دلوقتي بسببه.

نظرت إليه غزل بحزن وقالت بترقب: لسه بتفكر فيها يا يحيي؟

نظر إليها يحيي بشرود ثم قال: مش عارف يا غزل، غصب عني بفكر، اللي حصل ده كله كشفلي كل اللي حواليا و خلاني أشوف حقايق كتيرة كنت مغمّي عنيا عنها.

لم ترغب في الإسهاب في ذلك الحديث الذي لن يجدي نفعـاً لتقول مديرةً دفة الحوار: خلاص إنسي كل اللي حصل و ركز في حياتك الجديدة أهم.

أومأ موافقاً وقال: معاكي حق، أنا لازم ألتفت لحياتي و أشوف مستقبلي و مستقبل ولادي أهم من أي حاجة تانيه.

أومأت بإبتسامه لتجده ينظر إليها بثبات وقال: أنا متشكر جدا يا غزل.. بتقفي جمبي وإنتي مش مجبره أبداً....

قاطعته قائلة: مفيش حاجه تستاهل الشكر يا يحيى، أنا أسعد إنسانه في الدنيا إني وسطكوا..و ده يكفيني.

ربت علي ذراعها بإمتنان بينما توترت هي قليلاً فنظرت إليه وقالت: هـاا.. تحب تفطر إيه؟

_لو هتفطري معايا هفطر، مش هتفطري هبقا أفطر في الشركه.

إتسعت إبتسامتها وقالت: أيوة هفطر معاك.

أومأ مبتسماً وقال: تمام يبقا اعملي اللي تحبيه بقا وأنا هصحي زياد و نور ونفطر كلنا.

وقفت تعد لهم طعام الإفطار بحب و قلبٍ نابض بالفرح ليتناولوا بعدها طعامهم سوياً ثم ينصرف مغادراً لعمله.

بمجرد ما إن دلف إلي مكتب قاسم ليجده يقف متأهباً وهو يستدير ليجلس علي المقعد المقابل له ثم قال بلهفه:إتأخرت كده ليه يبني أنا مستنيك من بدري.

ألقي يحيي بجسده بإنهاك إلي المقعد من خلفه وإلتزم الصمت ليتسائل قاسم قائلاً: هاا عملت إيه مع أخوك؟

تنهد يحيى بثقل ثم أردف قائلاً: ولا حاجه..متكلمناش في حاجه..هو قام من النوم مشي وأنا كنت نايم.

زم الآخر شفتيه بأسف ليقول: روق يا يحيي كل حاجه هتتحل إن شاءالله.

_خلاص يا قاسم مبقيتش فارقه..أنا بالنسبه ليا كل حاجه منتهيه من وقتها.

أومأ بهدوء وقال:يحيي أنا عايزك تساعدني.

نظر إليه يحيي متفحصاً ثم قال: في إيه عالصبح؟!

_أنا عايز أتجوز عمة مراتك.

نطق بها قاسم مباغتاً يحيى الذي نظر إليه متعجباً ثم قال:تتجوز عمة مراتي؟! إشمعـنا؟

زفر قاسم بنفاذ صبر وقال: أنا من يوم ما شوفتها وأنا مش علي بعضي..حاسس إني رجعت مراهق تاني و عايز أروح عند بيتها و أقف تحت شباك أوضتها و أغني...

إرتفعت ضحكات يحيي بصخب ونظر إليه بعدم تصديق وقال: معقوله؟! ده إنت حالك يصعب على الكافر يا أخي.

نظر إليه قاسم حانقاً وقال: إنت بتتريق؟! علي فكرة أنا بتكلم جد!

_طيب إهدي بس.. عالعموم أنا مش هتدخل في أي حاجة تخص صافيه تاني، كفايه أوي اللي جرالها من ورانا.

=ليه بس يا يحيي، مانتا عارف إني مش زي أخوك.. و بعدين أنا بفكر في الموضوع بجدية صدقني.

نظر إليه يحيي مرتاباً ثم قال: قاااسم..أنا مش عايز أتسبب لها في وجع هي في غني عنه، كفايه عليها اللي شافته من سليمان.

_متقلقش والله.. أنا كل اللي طالبه منك بس تمهدلي الطريق.. يعني تساعدني أقعد معاها و نتكلم..بس.

حك يحيي ذقنه بتفكير قليلاً ثم قال: خلاص سيبني أفكر الأول وبعدين هرد عليك.

أومأ الآخر موافقاً لينهض يحيي عن مقعده قائلاً: أنا همشي دلوقتي لإن ورايا شغل كتير، هبقي أكلمك.

غادر يحيى منصرفاً إلي مقر شركته الخاصة و دلف إلي غرفة مكتبه و شرع في متابعه عمله محاولاً فض النزاعات الموجودة بداخل عقله و لكن باءت جميع محاولاته بالفشل.

حاول كثيراً أن يصب كل تركيزه بالأوراق الموجوده أمامه ولكن كلمات شقيقه حالت دون ذلك.

"أنا عايزك متزعلش من أبوك لإن ملوش دخل في اللي حصل"

ظلت تلك الكلمات تتردد في عقله بإلحاح ليتنهد بتعب ملقياً بالقلم الموجود بين إصبعيه إلي سطح المكتب بإهمال ووضع رأسه بين كفيه يحاول لملمة شتاته و لكنه نهض واقفاً فجأه وإلتقط سترته ثم غادر المكتب مستقلاً سيارته في طريقه نحو منزل والده.

توقف أمام المنزل ينظر نحوه بضيق و حزن لتقفز إلي مخيلته سريعاً كل الذكريات القديمه التي عاشها في ذلك المنزل برفقة والديه و إخوته و...برفقتـها أيضاً.

ترجل من السياره و دخل إلي البيت بقدمين مرتجفتين ثم توقف أمام شقة والده و طرق الباب بهدوء ينافي ما يحدث بداخله الآن.

إنفرج الباب ليظهر والده من خلفه...

نظر يحيـي إلي أبيه بإشتياق كبير..لقد نالت منه الأيام حقاً كما أخبره شقيقه و ظهر عليه تقدم العمر جلياً كما أنه خسر الكثير من وزنه أيضاً و بدا عليه الإعياء واضحاً.

نظر "علـي" إلي إبنه الذي يقف أمامه وكأنه يراهُ لأول مرّة، لقد تغير شكله كثيراً و أضحي رجلاً حزيناً مهموماً.

_يحيـي!!

تمتم بها الأب وهو ينظر إليه بدهشه و عدم تصديق ليحتضنه يحيـي علي الفور و قد قرر التخلّي عن جموده و عن كل ما كان ينوي فعله.

_يااه يا يحيى أخيراً رضيت عن أبوك و جيت تشوفه؟!

قالها الأب وهو يشدد من إحتضانه له ليقبّل يحيي يديه و يقول بأسف: العفو يابا متقولش كده.

ربت والده علي كفه الذي يحتضن يديه وقال بإبتسامه حنونه: ادخل يا يحيي..البيت نور.

دلف يحيي إلي شقة والده وهو يجول ببصره يميناً و يساراً يتذكر تلك التفاصيل التي إشتاقها كثيراً بعد أن فقدها بين جنبات ذلك البيت.

جلس والده و جلس هو بِدَورهِ أمامه ثم نظر إلي والده قائلاً:.أخـبار صحتك إيه يابا؟! و عبدالقادر و زينب و العيال عاملين إيه؟!

نظر إليه والده بفرحه وقال: أنا بقيت كويس لما شوفتك يا يحـيي، قدورة و عياله بخير والحمد لله..طالغين مطروح بقالهم يومين.. طمني عليك إنت عامل إيه و العيال عاملين إيه؟! مجيبتهمش معاك ليه؟ دول وحشوني أوي.

إبتسم يحيي قائلاً: كلنا كويسين يابا الحمدلله..هبقي أجيبهملك تشوفهم مرة تانيه.

_و سايبهم قاعدين لوحدهم إزاي يبني الدنيا مبقاش فيها أمان .

=قاعدين مع غـزل! مش لوحدهم متقلقش.

إنزوي حاجبي أبيه وتسائل: غزل؟!

أومأ يحيي مؤيداً وقال: أيوة يابا.. أنا إتجوزت غزل.

تفاجأ والده و إعتراه شعور بالصدمة فقال: بتتكلم بجد؟! إمتا و إزاي؟

=لسه من كام يوم بس..هي كانت الجليسه بتاعتهم من فترة و هما كانوا متعلقين بيها عشان كده خدت الخطوة دي، محدش هيعرف يراعيهم زيها ولا أنا هبقا مطمن عليهم مع حد غيرها.

_طب وهي وافقت إنكوا تتجوزوا عشان كده بس!!..يعني وافقت تتجوزك وهي عارفه إنك متجوزها عشان العيال؟

=أنـا صارحتهم بكل حاجه و كنت علي نور معاهم من الأول، وهما وافقوا..و بصراحه غزل متفهمه الموضوع و متقبله كمان.

أومأ والده بهدوء وقال:وإنت عامل إيه في شغلك..مش محتاج فلوس؟

إقترب يحيي من والده وقال:أنا كويس يابا الحمدلله..مش محتاج أي حاجة..محتاج رضاك عليا بس.

قال الأخيرة وهو ينحني ليقبل يدي والده مجدداً بينما ربت والده علي رأسه وقال: راضي يا يحيي..قلبي و ربي راضيين عليك يبني ربنا يسترها معاك دنيا و أخره.

إحتضنه يحيـي بقوة ثم قال: أنا شوفت سليمان!

جحظت عينا والده بدهشه وقال: إيه! شوفته فين؟ إتكلمتوا؟! وهو فين دلوقتي؟!!

سرد يحيي لأبيه ما حدث ليلة أمس و الحوار القصير الذي دار بينه وبين سليمان و المكتوب وما إحتواه.

شرد الأب أمامه بتيه وقال بنبرة صوت يغلفها الحزن: لا حول ولاقوة إلا بالله..لله الأمر من قبل ومن بعد.

ثم نظر إلي يحيي وقال: متروحش الأماكن دي تاني يا يحيي، إنت طول عمرك تعرف ربنا و بتصلي وتصوم يبني.

ربت يحيي علي كتف والده و قال بعد أن منحه إبتسامه هادئه: متقلقش عليا يابا أنا عارف أنا بعمل إيه.

نهض واقفاً ليتسائل والده بضيق: إنت ماشي؟!

_معلش يابا هبقا أجيلك تاني أنا و نور و زياد، بس دلوقتي لازم أروح الشركه عشان عندي شغل.

أومأ والده بموافقه ثم قال: و تجيب غزل كمان معاك عشان أشوفها.

_حـاضر من عينيا.

ودّع والده و إنصرف عائداً إلى عمله ليتابع عمله الآن بذهنٍ صافٍ و قلبٍ مطمئن.

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

بعد مرور أسبوع...

كان يحيي يجلس برفقة قاسم و إثنين آخرين من شركائهما في عشاء عمل بإحدي المطاعم الفاخرة ليتلقي إتصال من غزل فإستأذن ليجيب الإتصال و من ثم يعود إليهم مجدداً.

وقف علي منأى من الناس وأجاب: أيوة يا غزل؟

أتاه صوتها هادئاً ساكناً وكإنما يغلبها النعاس فقالت: أيوة يا يحيي.. إنت إتأخرت ليه كده؟!

_معلش نسيت أعرفك إن عندي عشا عمل مع ناس في الشغل.. قدامي شويه لسه لو عايزة تنامي إنتي نامي.

أضافت بصوت جاهدت كثيراً أن يبدو طبيعياً:طيب أنا هنام لإني مش قادره، لما تيجي بالسلامه لو إحتاجت حاجه إبقا صحيني.

ليتسائل هو بشك: إستني..مال صوتك؟ إنتي تعبانه؟!

تحاملت علي آلامها وقالت: لا أبداً أنا كويسه..عايزة أنام بس.

_طيب نامي و إرتاحي وأنا شويه وجاي..تصبحي علي خير.

أنهي المكالمه و عاد سريعاً إلي الطاوله التي كان يجلس عليها و عادوا ليستأنفوا عملهم من جديد بينما إنفجرت غزل في البكاء الصامت من قوة الألم الذي يصيبها.

بعد إنتهاء عشاء العمل عاد يحيـي إلي بيته في ساعة متأخرة من الليل ليجد السكون يخيم على المكان من حوله، أدرك بأن الجميع قد خلد إلي النوم فدلف إلي المغسل يأخذ حماماً ساخناً لعله يصيبه ببعض من الإسترخاء ليستمع إلي أنين مكتوم صادر من غرفة غزل فأوصد المياه سريعاً وإرتدي ملابسه سريعاً و خرج من غرفته.

وقف أمام باب غرفتها يرهف السمع مرةً أخري ليستمع إلي صوت بكاء خافت فطرق الباب بقلق ثم أدار مقبض الباب بغتةً و دلف إلي الغرفة بقلق ليجدها منكمشه في فراشها تضم ركبتيها إلي قفص صدرها المغلق بأغلال الضجر و الكدر، تعانق جسدها المنهمك براحة يديها و تذرف الدمعات بصمت.

هرع إليها مسرعاً و إنحني بجزعه إلي مستوي وجهها وقال بلهفه: مالك يا غزل؟! إيه اللي تاعبك؟

نظرت إليه بأعين باكيه و وجهٍ شاحب و حمحمت تجلي حلقها ثم قالت: مفيش.. شوية تعب بس و هيروحوا.

جلس إلي جوارها ثم قال: شوية تعب إيه..أنا كنت شاكك إنك تعبانه من ساعة ما كنتي بتكلميني..قومي بسرعه نروح لدكتور.

هزت رأسها بنفي وقالت: لا ملوش داعي أنا هاخد مسكن وهبقي كويسه.

_طب إيه اللي بيوجعك بالظبط؟!

أشارت إلي القسم العلوي الأيمن من بطنها وقالت: هنا.

_دي المرارة! إنتي أول مرة تشتكي منها؟

أومأت بتأكيد ليقول: طيب أنا هعمل لك حاجه دافيه تشربيها و نشوف لو الألم خف شويه تبقا نوبة بسيطه لو مخفش تبقا محتاجه تتشال بقا نروح لدكتور.
إتسعت عينيها بفزع وقالت: تتشال؟! لأ طبعاً.

قال ممازحاً: يستي متتفجعيش كده لو لزماكي أوي ممكن أتبرع لك بالمرارة بتاعتي ولا تغلي عليكي.

ضحكت من بين دمعاتها لينصرف سريعاً و يصنع لها كوباً دافئاً من الأعشاب ثم عاد إليها و ساعدها للجلوس على الفراش فإمتدت يداه خلف ظهرها و الأخري علي خصرها يساعدها في الإعتدال بمقعدها ثم نظر إليها وهو لا يزال ممسكاً بخصرها بيده وقال: مرتاحه كده؟! ولا تحبي تتعدلي؟

نظرت إليه و إزدردت ريقها بتوتر ،تحاول السيطرة علي مشاعرها و إنفعالاتها من قربه الشديد منها بينما أمدّ هو النظر إلي عيناها اللتان تشبهان عينا الغزال و أنفاسها القريبه منه جعلت قلبه يضطرب بشده ليبتلع لعابه ثم إبتعد قليلاً فإنتبهت هي وقالت: أيوة كده كويس.

ناولها كوب الأعشاب وجلس إلي جانبها مجدداً بينما بدأت هي تحتسيه بهدوء حتي فرغت منه ليقول: مش حاسه إنك أحسن شويه؟

أومأت بموافقه دون أن تنطق ليقول: هتبقي كويسه إن شاءالله.. إنتي أكلتي حاجه حارة؟

_لا أبداً.

=يبقي أكيد نفسيتك تعبانه..بتفكري في حاجه؟! الإنفعالات الزياده هي السبب أكيد.

نظرت إليه مطولاً ثم قالت: لا أبداً.. أنا كويسه.

أومأ وقال: طيب يلا حاولي تنامي وأنا هفضل جمبك.. لما تنامي هبقا أروح أوضتي.

أغمضت عينيها سريعاً وغطت في النوم وهي تشعر لأول مرة بالأمان والطمأنينة لمجرد أنه يرقد إلي جانبها.

إنتظمت أنفاسها سريعاً لينظر هو إليها مبتسماً وقد علم بأنها راحت في النوم سريعاً.

إعتدل في مرقده بجانبها و راح يتطلع نحوها متفحصاً ملامحها الهادئه الناعمه قبل أن تقترب منه وهي نائمه مما جعل قلبه يثور بشدة ليجدها وقد أحاطت عنقه بيديها لينسحب من فراشها مسرعاً ويعود إلي غرفته محاولاً تجاهل تلك الإحساس الذي راوده قبل قليل ثم تدثر بفراشه و إستسلم إلي النوم.

________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي