حلاوة تمارا

سوما العربي`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-07-26ضع على الرف
  • 310.4K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

فى أحد الأحياء الشعبية لمدينه القاهره حيث اولاد البلد من شباب وفتيات ،مازالت تربطهم الاصول وتحكمهم العادات والتقاليد.

إنها الساعه التاسعه صباحا ،لكن بقاهرة المعز التى لا تعرف النوم مازال الوقت باكراً والشوارع تقريباً خاليه،لم تزدحم بعد.

إنها القاهره،هى حتى قاهره لأى شخص يفكر فى فهم نظامها ،لا احد يعرفها او يعرف سرها.

ربما هذا هو سبب سحرها،فأوقات تجدها مزدحمه ،متكدسه بالمارين فى الشوراع،واحيانا كما الأن الشوراع خاليه ولا يعلو بها صوت إلى ذلك الصوت الناجم عن دقة بائع اللبن بزوجى من اصفاد الالومنيوم يستخدمهما كصوت مميز له ينبه السكان بمروره،صوت اصبح مميز يعرف به أرباب تلك المهنه من مئات السنين.

وقف بائع اللبن يضع كيس بلاستيكي به لتر من اللبن فى تلك السله المصنوعة من الخوص ونظر للسيده ذات الخمسون عاما التى تطل من الشرفه يردد:تمام كده يا ست قدريه.

هزت قدريه رأسها تقم بسحب الحبل الذى يجر خلفه السله الموضوع به الكيس إلى أن وصل للطابق الثالث حيث تقطن هى.

اخرجت الكيس من السله ودلفت للداخل تغلق دلفتى الشرفه وتزيح حجابها فيظهر شعرها الرمادى حيث امتزج الأسمر الشبابى مع بداية الأبيض من المشيب فكونا ذلك المزيج الرائع.

تتقدم بخطى متثاقله بسبب ثقل جسدها على قدميها خصوصاً بعدما أخبرها الطبيب أنها تعانى مرض خشونة الركبة.

رغم كل ذلك هى شخصية تعشق النظافه،مهووسه برائحة التطهير التى تفوح من المكان حين يكون نظيفاً،لابد وان يكن كل شيء بمكانه،كما يجب،لكن كونها لم تنجب فتيات ،وكل ذريتها ذكور هذا جعلها تعانى كثيرا،فهم همجيين،غير مرتبين ولا منظمين،لا يحملون شئ من مكانه ،وهى على العكس تماما ومصره على ذلك.

وضعت صحن الفول فى منتصف المائده تعدل الأطباق من حوله بشكل منظم لطيف.

ثم نادت بعلو صوتها:يا صالح،صالح،يالا يابنى الفطار.

فتح باب المرحاض و خرج منه رجل تعدى الخمسون عاما ،تقريبا خمسه و خمسون يجفف وجهه فى منشفه قطنيه موضوعه على كتفه و هو يسأل بصوته الخشن:شكلهم ماصحيوش بردو.

زمت شفتيها بضيق ثم زفرت بتعب و همت كى تتحرك لغرف الشباب لكنه زجرها بنظره من عينه وقال:رايحه فين؟هتتحايلى عليهم كمان ولا ايه.

قدريه: أمال اسيبهم من غير فطار يا شداد.

سحب مقعده على رأس الطاوله يشير لها على مقعدها بجواره وقال:اقعدى افطرى ،مش ناقص غير تحطى لهم الأكل جوا بقهم كمان،الا ما حد منهم بيناولك حاجه ولا بيساعدك فى حاجه،ماحدش قال امى تعبانه ،كبرت وصحتها بقت على أدها لما اساعدها لكن لا،جبلات.

هزت قدريه رأسها بأسى ورددت:هعمل ايه،أدى الله و أدى حكمته،خلفتى كلها رجاله.

مد يده يقطع كسرة خبر يرفقها بصحن الفول ويلتهمها بنهم مرددا:ماكنتيش جبتلنا بت حلوه كده تطرى النشفان الى فى البيت ده؟بدل جوز التيران دول

ضحكت قدريه تقول:هو انا الى بجيب،ربك عايز كده.

استصاغ طعامه يبتلعه ويقضم اخرى وهو يهز رأسه مرددا: ونعم بالله.

اخذ نفس عالى ينظر على أرجاء المكان حوله وقال مبتسماً: ياه لو جوز التيران الى جوا دول يتجوزوا ،وكل واحد فيهم يجبلى نص دسته ،والبيت ده يتملى صراخ وبكا وخناقات بين العيال وبعضها وانا وانتى نبقى مش ملاحقين نفض مابينهم،لحد ما نزهق ونمسكهم نضربهم كلهم في قلب بعض نعجنهم ،وبعدها نحس بالذنب فنصالحهم.

كانت أثناء حديثه تستمع له بإنصات تنظر على كل الأركان مثله تتخيل وهى تضع يدها اسفل وجنتها تبتسم.

تناول قطعه من الخيار المقطع وهو يكمل:ياما نفسى يغمضلى عين وافتحها الأقى الواد صالح بيتجوز .

صدح صوت رجولى من خلفه يردد:واشمعنى صالح بقا يا حاج؟

زم شداد شفتيه بملل ولم ينظر خلفه بعد و ردد:يمكن عشان الكبير مثلا.

ابتسمت قدريه تنظر لولدها وتقول:تعالى يا صالح اقعد أفطر.

تقدم ذلك الشاب من خلف شداد فظهر طوله الفارع وشعره الأسود الكثيف ،صدره العريض،قوة ساعديه،رشاقة بنيانه .

يسحب مقعد مجاور لشداد وهو يكمل:بس انا مش ناوى على جواز دلوقتي خالص يا حاج.

ضحكة مستهزءه ساخره خرجت من شداد الذى قال:حوش يا واد حوش،ده قصر ديل يا ازعر،هو انت فى واحده ترضا بيك .

صدح صوت قدريه تتحدث بتعصب لابنها:وماله ابنى بقا يا سى شداد،ده ماشاء الله عليه طول بعرض و يمشى يهد الأرض،وماسك كل تجارتك يعنى كسيب،ومعاه شهادة أحسن شهاده فى الدنيا ،شهادة كلية التجارة ،ده غير انه مستقيم و عمر ما كان له فى المشى البطال،يعنى لا كاس ولا سجاره .

صدح صوت صالح يكمل: ولا نسوان يا امى والله.

شداد ساخراً:ماهو ده الى مخوفنى،ده الى نخوووفنى.

اتسعت أعين صالح مما وصله من مغزى حديث والده يردد: إيه يابا الى بتقولو ده .

مال شداد على ابنه يهمس له مجاهدا ألا يصل همسه لأذنى قدريه التى تحاول استراق السمع يقول له:لو فيك حاجه مثلا،و لا مثلاً مثلاً عندك مشكلة قولى ،انا ابوك،ستر و وغطا عليك .

لكن صالح تحدث بزهول يردد: إيه الى بتقولو ده يا حاج عيب عليك والله ،ابنك جامد ،جامد جدا .

اعتدل فى مقعده يقطع كسرة خبز يغمسها فى صحن الفول و يردد و وهو يلتهمها: ياكش أنا بس ماليش مراره على مرقعة الحريم ،دول عليهم حاجات ،يابااااى تجيب الضغط .

كان الحديث الغاضب هذه المره من جهة قدريه التى تكلمت بغضب:ليه يا خويا مالنا،ده إحنا غلابه ومنكسرين الجناح ،مش طالبين غير الكلمه الحلوه و المعامله الطيبه ،لو عملت كده مع مراتك تبقى ملكتها العمر كله.

نظرت على شداد تشير عليه و هى تكمل:عندك ابوك اهو،عشان طول عمره شهم و أمير معايا عمرى عمرى عمرى ما غلبته ،مش كده يا شداد؟

لم يصدر عن المعنى بالحديث أى جواب ،فصاحت مناديه من جديد:يا شداد، شداااد.

تصنع شداد أنه و أخيراً انتبه يردد:هااا.

رفعت قدريه حاجب واحد تتحدث بشر مردده:كنت بقول انى عمرى ما غلبتك و لا طلعت عينك ،و لا انت ليك قول تانى؟

ابتلع شداد رمقه يشعر انه تحت تهديد السلاح و نظر لابنه يقول: لأ صح عندها حق عمرها ما غلبتنى ،امك دى نسمه يا صالح يا ابنى.

ضحك صالح بقوه يردد شامتا: الله عليك يا رجوله ،يعجبنى فيك يابا أنك شداد أوى ،اسم على مسمى.

تحدث شداد ساخراً يردد:شوف يابنى الراجل مننا شديد على الناس كلها،الا الست بتاعته،ماتفهمش كده فى إيه،هو سر لا يعلمه الا الى خلقنى وخلقك .

صمت لثوانى ثم صاح غاضبا يشيح بيديه: و بعدين انت قعدت كده و اخدتنى يالحبيتن بتوعك دول و توهت على الموضوع الاساسي.

صالح بتهرب متصنعا النسيان: موضوع ايه يا حاج كفا الله الشر؟

خرج الحديث من فم قدريه تقول: الجواز يا عين أمك.

اشار عليها شداد يقول: اهى دى من أهم صفاتهم،دايما مركزين.

صمت لثوانى يرفع حاجبه ويردد: انا سبق واديتك موهله شهرين لو ما قررتش تخطب و تتجوز هحرمك من كل فلوسى و تجارتى حصل و لا لأ؟

صك صالح على أسنانه يجيب:حصل.

اكمل شداد بكبر:وبعد بكره اخر يوم فى الشهرين.

اتسعت أعين صالح يردد: آخر يوم ايه يابا انا فكرتك بتهزر معانا.

شداد بحده: و انا اهزر معاك بتاع ايه يا واد أنت ،هو انا عيل؟

ضرب بقبضة يده على الطاوله يتصنع البأس يردد بحسم: المعلم شداد كلمته واحده و تمشى على الكل.

حاول التحدث معه يبرر،هو ليس ذلك الشخص الذي يكن جل طموحه الزواج بفتاه وتكوين أسره،بالأساس هو لا طاقه له ولا باع بدلالهن المستفز وتمردهن.

اخذ نفس عميق وردد بعده بهدوء يحاول التروى: يا با..سا با أنا مش حمل زن النسوان ولا سهوكتهم،دول عالم مناخوليا،وعايزين واحد باله رايق وخلقه طويل وانا زى ما انت شايف،خلقى ضيق وروحى فى مناخيرى،ماليش انا فى جو الطبطبه ده ولا تعرفه ز لا يعرفنى.

تحدث شداد ساخراً:انت هتقولى،جلف طول عمرك، أنا عارف انت جايب الجليطه دى منين،الا مافى بت فى العيله راضيه بيك بسبب طباعك الزفت و صوتك الى تملى عالى .

اشاح بيده يحدث قدريه:طفش البنات منه ،قال وهو الى رافض ،ده على أساس إيه؟

نظر له يردد ساخراً:ياد ده انا عشان اجوزك هدلل عليك و اقول عروسه يا ولاد الحلال ،ده أنا قسما بالله و يمين اتحاسب عليه لأدفع لها اغلى مهر اتدفع فى عيتلك كلها و كل ده ليه؟

ضرب كف بأخر و جاوب هو: عشان انا مشفق عليها،هنغميها ،سايقنها بأيدنا للتهلكه،هنجوزها ابو جهل وأبو لهب ميكس كده فى بعض ،كأنهم ضربوكوا فى الخلاط كوكتيل.

عبثت ملامح قدريه تردد برفض تام: إيه بس يا خويا الى بتقولو ده،ده انا ابنى زينه الرجال وقلبه طيب و حنين والله .

نادها شداد بصوت ساخر يردد:يا قدرريه.

لان صوتها تخفى وجهها وهى تشيح بيدها مردده:ياكش هو بس طبعه حامى حبتين،ومالوش فى الكلام المزوق عامل زر دى القطر،انما قلبه أبيض من البافته.

صوت ساخر خرج من حنجرة شداد يردد بعده:اه اوى ،حتى مافيش بت فى العيله هوبت مره ناحيته.

زفر صالح بتعب وسأم،حوار واحد يعاد يوميا وهو كالعادة ردد:طب بقولك ايه يا حاج،ماعندك حسين،نحنوح ومسهوك ،وشعره مسبسب ولسانه حلو و معسول، بينقط شهد، ده غير انه هيتجوز على نفسه.

اشاح له برأسه يقول:مالو عايز تفرح بحد فينا ،جوزوا اهو حتى يخف الزحمه الى فى البيت ويخلصنا من زنه ،و نحنحته طول الليل فى التليفونات.

اتسعت أعين شداد يردد وهو يشيح بيده: بقا يا واطى عايز تجوز اخوك عشان تخلص منه؟!!

اشاح هو الأخر بيده يردد بسأم شديد: ياحاج ،ياحاج الواحد مش عارف يتهنى على نومه ،طول الليل التليفون مابطلش وهو ماشاءالله ،مش مقصر ربنا يديله الصحه،السؤال بقا هو ازاى بيقدر ينظم مواعيده بينهم لأ وكمان صراحه الولد مجتهد ،حافظ مواعيد كل واحدة فيهم ومش بيتلغبط فى اساميهم ،يعنى يبنى له تمثال.

ضرب شداد باطن كف بظهر الاخر وردد:هو يا كده يا كده يا ربى مافيش وسط.

نظر لأبنه وقال : انا ماعنديش واد يتجوز قبل اخوه الكبير،لازم انت تتجوز الأول.

صدح صوت صالح صارخا متوسلا:طب ليييه؟ليييه؟مش بتقول عايز تشوف احفادك..من امتى وانت بتفكر بالطريقه دي ،ولا هو إحنا بنات عشان تقول الكبير الأول،ما البنات بس الى بيحصل معاها كده.

هز شداد رأسه يردد ساخراً: عشان لو عملت كده وجوزت اخوك من قبل ،هيبقى عليه العوض ، و أنسى إنك فى يوم ترضى تتجوز،لكن طول ما انا حاطك سد فى طريق جواز اخوك كده هيفضل فى أمل ،يمكن ربك يكرم وتتحل عقدتك .

صرخ صالح:وكمان خليتنى عندى عقده يابا !!

نظر فى الأرجاء كالمجنون يصرخ: بقا عشان مش عايز زن ولا نحنحه ومشاكل وزعل وقمص ووجع دماغ ابقى عندى عقده.

ضم اصابع يده ينصح والده مرددا:يابا.. يابا ،ده البعد عنهم غنيمه ،بيقوى الصحه ويروق البال ويطول العمر .

صدح صوت قدريه تقول: أنت بتقول حاجه يا صالح؟

أبتسم صالح يغمس كسرة خبز فى الفول يتهرب منها ،فنادت مجددا عليه حينما لم يصلها اى ترضيه او تطييب خاطر منه .

فرفع وجهه لها يمضع لقمته بصعوبه ثم قال:الفول ناقص ملح.

ضربت بيدها على الطاولة تردد:كمااان،ده بدل ما تقولى كلمه عدله تصلح الى اتهببت قولته ،كمان بتزود الطين بله.

حاول التحدث يصلح موقفه ،يفكر ،بل يقلب رأسه يمينا ويسارا يبحث عن ما يقال يمكن به تصليح الموقف فهز كتفيه وردد:دول البنات ياما هو انتى بنات.

اتسعت أعين قدريه بصدمه وضرب شداد مقدمة جبهته .

صرخت قدريه به:منك لله،ده انت زى الى جت تكحلها عماتها.

وضع شداد وجهه بين كفيه يردد: ده انت مافيش منك رجا.

وقف صالح يردد بضيق شديد:لااا ده انا اتهزقت اووى،انا رايح اغسل وشى.

و سريعاً سريعا خطى ناحية المرحاض يختفى داخله و يغلق الباب.
ضرب شداد كف بأخر ينظر ناحية قدريه ويقول: ابنك مفقود فيه الأمل يا قدريه.

تنهدت قدريه وخرج صوتها مهزوز يائس: ابصم بالعشرة ياخويا.

و بصوت مهزوز أكملت بتحسر: ألا مافى بت فى بنات اخواتى ولا بنات اخواتك بيرضوا يهوبوا ناحيته،الواد كده هيعنس جنبى يا شداد.

نظر لها وردد: اهو ده اللي بقالى سنين بحكى فيه ،الواد مش عارف حتى يصلح غلطته فى الكلام معاكى ويزوق كلامه وحبتين وانتى أمه.

رفع رأسه عاليا يردد:ااااه ،سامحنى يارب لو هخلى بنت ناس تتجوزه عميانى كده.

زمت شفتيها ثم ابتسمت بحنان وقالت:بس والنبى طيب وغلبان هو اه مدب وقطر بس الى زي دول بيبقوا أغلب من الغلب.

تنهد شداد بتعب ومسح وجهه بكف يده يردد:عارف يا قدريه عارف ،بس بردو لازم يتجوز.

تنهدت قدريه وقالت:انا عندى بنت اختي كانت عايشه برا هى وأمها واخواتها جايه هنا كمان اسبوعين،احنا نرتب كل حاجه وناخدها على الحامى كده عميانى ونقرا فاتحتهم ماتلحقش تعرف طباعه إيه قولك؟

فكر قليلا يزن الكلام برأسه ثم قال:كلام موزون ،يسلم فمك يا ست الستات هو ده الحل الى مافيش غيره.

رفعت رأسها تبتسم بفخر ،لكنها انتفضت على صوت يصدح خلفها يردد:هى مين دى يا امى،قرى واعترفى عملت فيكى ايه عشان تبقى عايزه تأذيها بالشكل ده؟!

نظرت خلفها تجد ابنها حسين ..ذلك الشاب ذو الخمسه وعشرين عاماً ،حسن الوجه دمس الملامح ،بشعر غزير كثيف وغمازه فى وجنته اليمنى ،انه مثال للشاب اللعوب حقا.
حتى نظرته لعوب ماكره ،لكنها ساحره مغويه.

هو على النقيض تماما مع أخيه  فى كل شىء،كل شئ حتى الطباع.

فقد تقدم يميل على رأس والدته يقبلها قبله مطوله ذات صوت عالى مسموع يردد:يا صباح الخيرات على ست الستات.

ابتمست  ترفع رأسها كى تنظره له مردده:صباح الرضا ياحبيبى.

ضحك شداد بقوه يضرب كف بكف بأخر وهو يتعجب قائلا:يا سبحان الله،صحيح البطن قلابه،اهو البطن الى جابت الجلف الى فى الحمام هى هى الى جابت الحلنجى ده.

اشار على نفسك يمثل التظلم وهو يردد: بقا انا حلنجى يا حاج؟!

استدار حول الطاولة حتى وصل لعند والده يقبل رأسه هو الأخر وقال:بس تكرم ،تكرم لأجل إنك ابويا وفى بينا عيش وملح .

نظر على طاولة الطعام يردد: الله فول وطعميه سخنين ،انا ريقى جرى.

تقدم يشمر عن ساعديه وهو يردد بصوت عالى:بسم الله.

التقط كسرة خبز يغمسها فى صحن الفول ويضعها فى فمه يمضعها و هو يغمض عينيه مهمها :همممم..تسلم ايدك يا ست الكل،الفول مظبوط على الشعره.

اخذت قدريه نفس عالى بزهو وابتسمت قائله: والنبى ماحد مدلعنى فى البيت ده غيرك،الف صحه و هنا مطرح ما يسري يمرى.

نظر لها شداد شزرا يردد:بقا ماحدش مدلعك فى البيت غيره،تصدقى بقا الولا صالح ابنك عنده حق ،عشان انتو فعلاً عاملين زى القطط تأكلوا وتنكروا.

زمت قدريه شفتيها تهز رأسها ساخره وتردد: دلوقتي بس بقا ابنى عنده حق!!

اشاح بوجهه عنها ينظر للناحيه الأخرى فابتسمت بدلال و بدأت تناديه:حاج..يا حاج.

لم يجيب ،كل هذا تحت أنظار حسين المتسليه يردد:جوزين عصافير كناريا يا خواتي.

زجره شداد بحده طفيفه:اتلم ياد.

غمز له حسين بتلاعب يقول:ماشى يا عم،الله يسهله.

نادت قدريه مجددا تقول: شداد.

التف و نظر لها ثم قال: خلاص مافيش حاجه.

ضحكت مردده:كنت عارفه قبلك ابيض زى صالح بالظبط.
نظر لها بضيق يردد :زى صالح بالظبط؟!صالح هو الى زيى يا قدريه مش أنا .

قدريه بتفخيم: أيوه طبعا ،اماال طالع لابوه.

وقف عن كرسيه يهندم ياقة جلبابه الفخم النظيف وهو يجلى صوته مرددا: انا نازل على المحل.

شهقت قدريه مستغربه تسأل:و ناول بدرى كده ليه يا خويا،ده لسه ماحدش فتح.

شداد:بدرى من عمرك ياست الستات ،هفتح انا ،فى شوية حسابات ملعبكه كده عايزه تتعمل بعيد عن زحمة الشغل و العمال و دخول و خروج الزباين الى يبص هنا و الى يبص هنا،عايز اركز فيها وامخمخ لها ،انتى عارفه الضرايب فاتحه عنيها علينا أد كده.

وقفت تردد:وماله يا خويا روح ربنا يفتحها فى وشك ،ويقويك على مين يعاديك، ويبعتلك من كرمه و فضله قادر يا كريم.

فتح باب الشقه يقول:اللهم امين.

نظر من خلفها على ابنه المنغمس فى الطعام ثم قال:خلص ياد انت و اخوك وتعالوا ورايا مش عايز لكاعه و مرقعه فى الشغل.

خرج من البيت يغلق الباب خلفه وقدريه تودعه بحراره .

وقف حسين يردد بمراوغه: بقولك ايه يا ست الكل،ماتحولى تدارى عليا ونزلى له صالح اصلى عندى مشوار ضرورى.

رفعت قدريه حاجب واحد تردد: مشوار،مشوار إيه لو ماكنش شغل مع ابوك،هو انت فالح فى حاجه؟

زم شفتيه بغيظ يردد:ماحدش عارف قيمتى والنبى مافى زيى اتنين .

قدريه : لا من الناحيه دى ابصم بالعشرة،و الحمدلله إن مافيش منك اتنين وإلا كانت خربت الدنيا.

تقدمت تلكزه فى كتفه مردده:ماتنتطق ياواد رايح فين كده على الصبح!

أبتسم بحالميه ثم استحالت نظرته للخبث يردد:عندى راندڤو.

قدريه بجهل:ايه؟

حسين:معاد،معاد يا امى

قدريه:ااااااه... أهو ده الى انت فالح فيه.

زمت شفتيها ترفع حاجبها الأيمن ثم تردد مستغربه:بس معاد إيه الى على الصبح كده ياولا فى عز البرد؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي