شما

Rabab Abd elsamad`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-09-15ضع على الرف
  • 168.5K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل 1

كان جالسا فى مكان تدريباته وكانه فى معتقل ولكن معتقله ما كان بسبب عمله فهو على العموم القائد انما كان معتقله داخل صدره فهو يعمل كانسان ليس له قلب فى حين ان قلبه بداخله مسجون ينبض بدلا من النبضات اهات ويضخ بدلا من الدم اوجاع
اعطى لجنوده ساعة راحة قبل ان يطلعهم على خطته وبينما الجنود يتصارعون نحو الراحة اذ به ينزوى عن الجميع ويختلى بذكرياته واوجاعة فطالما ما كانت اوجاعه تحييه لانها ما كانت الا لذكريات تمنى ان تعود بين يديه حقيقة ولو ليوم واحد
ابتسم ككل لحظة حين يختلف فيها بنفسه لانه يتذكرها وما اجمل حياته معها
خفق قلبه بشدة ورف بداخله مثل حمامة بيضاء شعر ان ما يمنعه عنها انما هو در شاهقة فتمنى لو حطمها وازاح الركام عن الطريق بينه وبينها وتمنى لو زرعه بالورود بمجاهدته لمد الوقت الذى كاد يغلبه حتى الرمق الاخير
كان قد انهى محاضرته لجنوده فى حوالى الثانية عشر ومضى فترة راحته فى الحيرة والترقب والخيال والذكريات وظل ينزف من دماء الصبر حتى خشى عليه ان ينتهى لولا ان بوارق الامل والذكريات فى اللقاء الساحر الذى تخيله ويظل يتخيله تمده بقطرات جديدة من الدماء
فى القديم كان ينظر الى الدقائق التى تفصله عنها الى انها جبال شاهقة تحجب كل البشر وهى سيدتهم عن عينيه . وقتها ادرك ان كلاهما كان مريضا بالاخر
همس لنفسه قائلا يهجوها وشوقى اليك وذكرياتى اذابت قلبى من الحزن فاين اهرب منك وانت بذكراكى تلوحين لى من كل صوب وما هجرى يؤلمنى بقدر حنين الذكريات فكل جمال منها يهز اوتار القلب ولا بيدى المفر سوى انى اجاهدها بالتمنى باللقاء قريب فهكذا انا اخادع حزن قلبى واعده ان ارسم صورتك له فى المنام فاجده يستريح وينام مطمئناً
الذكريات شىء فوق الارادة وفوق القلب وفوق المشاعر لانها هى التى تحوى كل هذا فى باطنها
فتح ورقة لم تفارق جيب بنطاله ابدا وقراها وكانه يقراها لاول مرة رغم انه كل يوم يكررها على نفسه وكانه يؤكد لنفسه شىء يخشى ان ينساه او ربما انه يعاتب نفسه على شىء قد اضاعه لا يهم السبب مادام فى النهاية هو يتالم ولا ينكر عن نفسه الوجع والرغبة فى العودة
ونرى العمر يمتلىء شيئاً فشيئاً ولا نشعر الزيادة كيف زادت فان فارقنا من احببناهم نبه القلب فينا معنى الفراغ فكان من الفراق على اكبادنا ظمأ كظماء السقاء الذى فرغ ماؤه فجف وما كان الجفاف الا من فراقه
فارقنا ولازلنا نبحث عن الحياة برغم اننا فيها نبحث عن يد نتشبث فيها لا تغادرنا نعشق تلك الروح التى ما فكرت يوما ان تستبدلنا باحد غيرنا
نعانق القلوب التى لا تمل منا مهما فعلنا وتبتلع عيوبنا وتغفر تجاوزاتنا وحينها فقط ربما شعرت انى على قيد الحياة
اخذ يتخيل انه ذهب اليها فهل توافقه الرجوع ام انها سترفض انتقاما لكرامتها ؟
طرقت بابها فما فعلت طرقاتى المتتالية سوى قطع اخر خيط كان يربطنا فاغلقت بابها فى وجهى وعاملتنى بلا رحمة وبلا رفق ومكثت مكان ابكى واسمعها مثلى تبكى انا ابكى ندما ووسلا وهى تبكى على عمر اضاعته مع من لا يستحق. يكذب ولا يعرف قيمة للصدق
سمعتها تسال نفسها اتراه كان يبصر ان الكذب منجيه ؟ فاى غباء هذا ولكن كيف لم يصدقنى القول وكنت بالصدق ابنى معه جنتى ؟
سمعتها تقسم على نفسها انه لو لان قلبها لطعنته فى الصميم وفى العمق وستقتل حنينها وشوقها . الا يا ويلتى فكيف ويا ضيعتى
وككل يوم يقبض على الورقة بقوة حتى يكرمشها قبل ان يعاود فردها ثانية ويطبقها وكانها حجاب يحميه
اخذ يبمى الذكريات ورغم البكاء الا انه كان يستلذ العذاب وهل للذكريات لذة خاصة ؟ الاجابة نعم ان كانت تجعلنا لا نبتسم الا اذا كنا معها ان فلحت فى ان تجعلنا نشتهيها لاجل تلك الدقائق البسيطة من لذة السعادة التى نعيشها ونحن فيها
نعم ما اجملها رغم مرارتها ما دمنا فيها نعود الى طبيعتنا ونسختنا الاصلية
فى الذكريات لا نهتم بمقدار الوقت الذى نعيشه فيها بقدر ما نهتم بمدى السعادة التى نعيشها ونحن فيها
...................
ولم يكن الحال عندها بمختلف عنه ربما كان اشد ايلاما لانها لا تملك الاجابة عن سبب الهجر ولا الاجابة عن موعد اللقاء
وكانت كعادتها ان انفردت بحالها ولو للحظة اتتها ذكرياتها على الفور امام عينيها وكانها كما لو كانت منظارها الطبى فوق عيونها لا ترى منه دنياها قط الا اذا رات منه ماضيها وما كان حاضرها الان هكذا الا بسبب ماضيها فكان المنظار الطبى او بمعنى الاخر ذاكرتها تلازمها اينما كانت والعجب كل العجب انها هى ذاتها تهوى الانفراد بنفسها لتختلى بذكرياتها رغم انها تعلم ان كل لالم فيها ولكن ما اجمل الالم ان كان من بين طياته الامل فى العودة
والغريب ليس فى كونها تهوى العودة الى الماضى وانما العجب وكل العجب ان هناك على الناحية الاخرى من هو مثلها يهوى الانفراد بنفسه لنفس السبب وكان الفراق بينهما ما جائهما الى ليتذوقا طعم الاشتياق فى البعد
ابتسمت بتلقائية رغم انها وحيدة فى المكان لانها تذكرت وكانه الان يهمس لها

هو - هلم نلعب بالمشاعر
هى- مشاعرى اهون من اهينها بمجرد لعبة
هو - قولى احبك
هى - وهل لم تسمعها منى بعد ؟
هو – قلبى عاش منتظر طهور قلبك
هى بخوف - واثقة انك الان صادق ولكنى اخشى ان تعلق بك اكثر اجد وقتى لديك قد انتهى
هو- وقتى معك لن ينتهى الا عند قبرى
هى - دعنى اكمل فانا اخشى ان تتركنى وانا فى قمة احلامى حتى اسمع صدى صوتك يخبرنى انه النصيب وقد حكم
كاد ان يطمئنها الا انها اردفت : لا اريد علاقة اقل ما نصفها به انها علاقة موجعة
لا تكن فى حياتى الرحيل فانا لا احب اختياره ابداً بل اجعل نفسى فيه مجبرة وما اجبر عليه اعلم انه يمزقنى لانى ياتى على نفسى ثقيلا بخطى متباطئة وكانى اجرجر العالم باسره خلفى
خطوات ثقيلة على اقدامى حتى انى ساظل مع كل خطوة اقف وانظر خلفى وما ان نظرت حتى توجعت اكثر حيث ارى انى قد تركت احلامى وروحاً كانت متعلقة بك من خلفى فلا هى بقت معى ولا انت احتفظت بها
يا حبيبى اهون علي ان اغسل دموعى من وجهى ولا اغسل روحى منك
حبيبى كسر اياً من اعضائى يصلح معه الضماد الا قلبى

اكتفى بضمها لتطمئن فاستكانت وهدات حتى ابتسمت وعادت تناغشه فقالت له : ان فارقتنى سادعوا عليك
ابتسم لها ظناً منه انها ستدعو عليه بمن يقتله فوجدها تقول : ساناجى ربى واقول رب ابتليه بشوق موجع حتى يعود ويلملم شتاتى
فاختفت ابتسامته فقد تاكد ان حبه لها دائم وانه قاتله لا محاله فى اى حال من الاحوال سواء كان بجوارها او بعيدا عنها ففى كل الاحوال هى قد ملكت قلبه ولم يعد له قلب دونها
قال لها بجدية اما انتى ان فارقتينى فلن ادعو عليك ولكنى ساكتفى بالذهاب للطبيب النفسى ليخلع عنى ماساتى لانى بالتاكيد ساكون وقتها مجنوناً او مصروعاً ولكن للاسف ان سالنى بعد علاج سنين كيف حالك ساخبره انى قد نسيتها ولا اتمنى الا ان اراها لاخبرها انى قد نسيتها
ضحكت ضحكة عالية وقالت له سينتقل جنانك للطبيب فلا تشفى انت ولا بقى هو سليماً
قال لها سيجن لانه عشقك من عشقى
ثم انشدها من حلو الكلام ما كانت تهوى ان تسمعه منه وقد حفظته من كثرة ما كانت تطلب ان يردده على مسامعها واصبحت تردده معه ارتجاليا وكانه كان عن لسانه
هو ميلى براسك فوق صدرى واسمعى دقات قلب غير حبك لا يعىكل اللواتى زرنه غادرنه لما راوك مقيمة فى اضلعى طارت من خلفه وحاوطته من عنقه وعقبت قائلة : لا تحسبى ان عشقك لاهياً لان والذى اجرى بخدى ادمعى
لازالت على نفسها وضعها واسند راسها فوق راسه بينما كان هو جالسا فوق صخرة على شاطئهما : انتى التى قالت احبك ليلة فلقيت فيها دون وعى مصرعى
عيناى فى عينيك يمضى ليلها فضعى عيونى فى عيونك وازرعى
التفت اليها ناظرا وابتسم ومد لها يده وجذبها للامام ليلتقيها امام عينيه : هذا فؤادى دون سيفك فاضربى وخذى وتينى ان كذبتك واقطعى ساطير فى فلك السماء مغردا لو مس ظفرك ذات يوما اصبعى
احتضنت وجهه بكفيها واقتربت حتى التصقت به وقالت له :انى احبك عامدة متعمدة وقد سلمتك قلبا قد هام فى عينيك وعمرى فداك خذه لا تتردد انت الحياة وحلوها بيديك وقد عقدت الود بين قلبى وقلبك عقدا لا يحله الا ريب المنون

نفخت باسف وقالت آهة مؤلمة ذابحة وردتت وكانها تعاتب ذاك الذى امامها والذى لم يتجسد سوى فى الفراغ المحاوط لها : كم هى البدايات جميلة ولكن رغم الجمال خلفتها الالام بينما القوة تكمن فى كيف لكل محب يعافر لكى ينسى فيجد انه يتناسى لا ينسى
اعترفا ان القوة انما كمنت فى بحث كلاً منهما عن الاخر حتى اخر انفاسة حفاظاً منهما على المواثيق بينهما وكانهما اقروا انهما ماداما عرفا للعشق طريق فلابد لهما من الجهد والمعافرة ولكن من منهما سيصمد ومن منهما سييأس ام كلاهما سينجع وتعود المواثيق وتتجدد
فى الذكريات فقط ما نشعر بخليط جميل من كل شىء ناقص فينا او بمن احببناهم خليط يزيدنا جمالا وخاصة ان وجدنا فى ذكرياتنا من احبنا رغم نواقصنا واحببناهم كما لو لم نرى غيرهم رغم نقصهم
( لقد اكتفيت منك وجعا وحبا وشوقا اكتفيت فقدا وحزنا والما وجرحا
اكتفيت بكل شىء وعكسه ما دام منك وعنك ولك اكتفيت بك وحدك وفيك كل شىء فلم يعد بقلبى اتساع لاى احساس اخر وكل الاحاسيس اخذتها منذ ان رحلت فكان الحب لك كما كان الوجع منك وكان العشق فيك كما كان الشوق اليك كنت انت المفقود لدى وكان البكاء عليك
ولكنى لازلت اتعجب واعاتب )
اخذت نفس عميق وعادت تردف : اتعجب من الفراق واعاتبه فكيف تجرأ علينا وعلى ما كان بينى وبينك من جنة الورود
هل تجرا لمجرد ان يجعل من احلامنا حكاية كان ياما كان ؟
هل من المعقول ان ياتى يوما نشكر فيه الفراق لانه كان لنا دليل حب ؟ هل كان الفراق رسول بين قلبينا لينعش حبنا دوما ؟ هل قد تاتينا ليلة مطيرة نودع فيها الفراق ونشكره على ايام وهبها لنا كانت فى الحب مرار ولكنها كانت للقلب شهد لانه اطلق فيها اعذب الاشواق ؟
هل اعشق الفراق لانه اكد لى صدق حبى ام انهره على الم قلبى ؟
هل ساقوى على هذا الفراق او الرحيل الابدى ؟ كيف وانت تعيش معى كانك فى سفر ستعود منه ف غدى . اشياءك فى مكانها لا تتريد ان تصبح ذكرى . لازلت كما كنت دوما احتضن كل ما لامسته اناملك لانه قدرى

بينما هو على الجانب الاخر كان يردد بهمس لنفسه وكانه على نفس الوصف يحادثها ويرد عليها : ماذا اقول غير ان الفراق قسوة يا عمرى . حتى قلبى خاننى ورحل معك ليؤنسك فى بعدى . زادى اصبح مر يا عمرى . العبير الذى تركته اخاف عليه من حنوى .اين الظلال الحانية التى كانت بالحب تأوينى ؟ اين لحظات الشوق لما لم تهدنى عند رحيلك ؟
من بعدك تبعثرت نبضاتى واوصالى وحياتى وايامى الى الان لم الملمها فرحيلك وفراقك موجع واضنانى .
هى وكانها ترتجل معه :هل ارضاك ان تقطعت شرايينى واصبحت بالدم تقطر وبالحزن فقد كنت انت ذكرياته ؟
رحيلك عذبنى اين عيونك التى كانت تقرأنى ؟ اين راحتيك التى كانت تحتضنى وبها الامانى ؟ اين بسماتك وضحكاتك التى كانت تحيينى ؟
يا رفيق الدرب صفحات عينى خاصمتنى وانت بعيد عنها الدموع لا تعيش الا فى عينى


اما هو فكان يصرخ قائلا : والله ما اقهر فراقنا الا انه اسلم طريق فانى ان اقتربت منك اكثر لخشيت عليك اكثر من قلب رجل تحول لقلب عقرب سام لا تنبض فيه المشاعر
صمت قليلا ورد على نفسه وكانه تفاجأ : رباه ما انا فيه لم يكن الا لانى لازلت احي بقلب يحب ويعشق
اعذرينى حبيبتى فلما عرفت قدر حبك لم يكن بوسعى الا ان اجعلك تكرهينى و تهجرينى
انزعينى من فؤادك واتركينى للدمارواعتقينى من هواك وانثرينى كالغبار
اكرهينى وشتتينى او اقتلينى فلم اعد اهاب الاحتضار
امسحى اسمان نحتناهما منذ ان كنا صغار واحذفينى من حياتك واحجبى ضوء النهار
ليس جرما صدقينى وليس ظلما واقتهار لكنه حبا حد الدمار. اطعنى قلبا احبك واسمحى لى بالفرار فوالله لهذا عذب الاحتضار
ارجوك انزعى باقى جذورى من قلبك فكفانى اموت لتعيشى انتى
لا تقيمى على عزاء ولا تبكى رثاء ولا انكسار
ارتدى ثوبا انيقا وافرحى فهذا جل افراحى وان سالوك عنى فقولى انه كان يهوانى فهوى الانتحار

حاول بكل جهده الا يسمع ما تقول فخانته اذنيه وابت الا ان تسمعه الامها فيه
قرأت وقرأت وفى النهاية مزقت الورقة ونثرتها فوق الياسمين وغادرت المكان فى هدوء كما اتت
حب الذكريات لا يعنى سوى شىء واحد اننا ربما ابتعدنا لاننا احببناهم اكثر من انفسنا للدرجة التى اصبحنا نتالم من ابسط الامور واهونها لنتاكد اننا لم نكره ابدا شخص احببناه بكل ما فينا لانه كان اجمل ما فينا

..................
هناك فى مكان ما قريب من البحر المتوسط بمحافظة الاسكندرية بيت يتكون من طابق واحد يتوسط حديقة صغيرة وفى الحقيقة هو ليس بالقرب الذى يكون فيه البيت على الشاطىء مباشرة ولكنه فى ذات الوقت ليس بالبعيد الذى لا يرى البحر
ولكنه فى ضواحيها المتطرفة فى منطقة قليلة السكان وكان لموقعه هذا سمة تميزه وهو انه يتميز بالهدوء الكامل وكان اصحابه يهون الهدوء ولبعد اذ ان ما بداخلهم من ضجيج ما كان يسمح لهم بتحمل ضجيج اخر يحاوطهم من الاخر وكان موقع المكان جعله الله مناسبا لما حوته قلوبهم وكان المكان خلق خصيصا لهذا
يحتوى البيت من الداخل على غرفتين ذات مساحات واسعة مما سمح لكل غرفة ان تحتوى على عدد ثلاث من الاسرة
وعلى الرغم من هدوء المكان وصغر البيت الا ان بداخله توجد قصص وروايات
منها ما يدعو الى الحزن احيانا والى الارادة القوية احيانا ولكن الغريب فى هذا البيت ليس موقعه ولا شكل بناءه ولا حتى حكاياته وانما الشىء الغريب هو ان البيت لا يسكنه الا عدد من الفتايات وكانه بيت طالبات وكان لكل فتاه منهم حكاية
منهن من قاومت حياتها وانتصرت ومنهن من قاومتها الحياة وانتصرت عليها
منهن من تحملت الصعاب ومنهن من كانت تهزم من قبل حتى البداية
منهن من كان عمرها فى مهد العشرون ومنهن من تخطت الثلاثون ومنهن من شارفت عليى الثلاثون ورغم انهن جميعا فى مراحل الانوثة اليافعة الا ان ما كانت تحمله قلوبهن من حب واهات يفوق اوجاع اولئك الذين تخطوا عمر الكهولة . اصبح لديهم من تجارب الحياة ما لم يصل ايه اولئك من هم فى عمر الستون
جميعهن انشدن نفس الابيات لان الحزن كان واحد فان تعددت اسباب الفراق فالم الحنين كان واحد
- عمرى لتوه تخطى العشرون . وانا عمرى الى الثلاتين يجرى مسرعاً
* انا روحى تسبقنى بعشرون عاما
- انا الشيب يحرز بى تقدما وما اقساه شيب الثلاثين
* مالت بى الايام فامسيت اسابق الدهر من حين لحين
- كنت اطيرفى اللهو زاهدة فغدوة فجاة مقصوصة الجناحين
* لقد دارت بى الايام فهل وجدت من قبل مرء عاش عمرين ؟
.. سقى الله اياماً لنا انصرمت وها نحن الان يمضى بنا العمر على رصيف الانتظار منا من تنتظر فرجاً ومنا من تنتظر حباً ومنا من تنتظر حقاً وكرامة تردا اليها ومنا من تنتظر الشفاء من الاسقام وما اهون اسقام الجسد وما اهلك اسقام الروح
-- جائتهم الاخيرة وقالت بابتسامة ساخرة على حالها وكانها تواسيهم بحالها الذى هو اصعب احوالهن قولت له فديتك بروحى ارسل لى عيناك تواسينى فما غر قلبه ان نفسى صابرة على على الحنين لان احلامى كانت تواسينى ولكن ما الصبر انقذ روحى من مخاوفها ولا حتى احلامى من الامى تشفينى
الذكريات تعنى انهم كانوا ضعفاء لاجلنا واقوياء على من مسونا بالسوء لانهم كانوا لنا الحياة

زفرت نفس ضعف وعادت تكمل منشدة بقية احزانها تحديت لاجل عيونه المستحيل ولكنه ابى الا الرحيل ومن وراء ظهرى رحل عنى وحل بى برد ثقيل ولم ينفعنى انى كنت اغنى له فقد غلبنى المى رغم انى جاهدت العويل حتى لا يقال انى ذى صبر قليل ورغم مرور سنوات عمرى الا انى لازلت اترك خلفى الدليل ليتبعنى من جديد
كان جلحلمى احتضان وتقبيل وان اغفو فى حضنه وما ضره انى كنت بنت الاكابر بين يديه ذليلة
ردت عليهن اصغرهن وكانها احكمهن: دائما هناك محاولة اخيرة نشر بعدها بالراحة قبل ان نتخلى تماما
ضحكت الوسطى وعقبت: بل اوهمته انى كلما مضى بناالوقت فى كل مرة امنحه الاف الفرص حتى اطمئن لطيبتى ولكنه لم يعلم بعد انى سافاجئه انها كانت الفرصة الاخيرة

كان البيت يلحقه حديقة صغيرة وفى مكان منزوى فيها يوجد الة الهارب الموسيقية ولكن كساها التراب وارخلى اوتارها رغم انها كانت يوما يعزف عليها اعذب وادفأ الالحان
.......

فى احدى المكاتب المتخصصة فى تجهيز حفلات الزفاف واعياد الميلاد تجلس فتاة تبلغ من العمر الثلاثون عاما خلف مكتبها وتتحدث فى هاتفها وتتناقش مع احدى العميلات بخصوص حفلة عيد ميلادها
واهم سماتها الجمال الهادىء الغير متكلف فيه لا تضع من مساحيق التجميل سوى ملمع شفاه ولا ترتدى سوى بنطلون من الجينز وبلوزة بسيطة ذات الوان هادئة وحذاء رقيق يعطيها ليونة وبساطة فى حركتها
اما عن شعرها فقد عقصته بعفوية فوق راسها حتى انسدلت فوق جبينها خصلات ناعمه منه فاعطتها جمال وبساطة وجعلتها اكثر جاذبية
واثناء حديثها فى الهاتف يدخل عليها شاب انيق لا يقل فى بساطة ملابسه عنها فعلى الرغم من ان ما يرتديه من اشهر الماركات الا انه اختار منها ما يتسم بالبساطة بالاضافة الى الالوان الهادئة التى توصف بالالوان الميتة وعلى العكس من بساطة ملابسه الا ان وجهه يتسم بالرجولة الفذة ويبلغ من العمر السابعة والثلاثون
هو : فاتحا ذراعيه وبطريقة ساخرة ااه الان فقط ردت الى روحى
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي