الفصل الثاني

عندما وصلت تالين إلى المنزل دلفت إلى غرفتها ولكنها لم تستطيع اغلاقها بسبب كسر الباب فقامت بإسناد الباب بأحد المقاعد، ثم جلست على الفراش وأخرجت الورقة التي اعطتها يقين وكتبت رقمها على هاتفها وقامت بالاتصال لها.

يقين :
"الو"
تالين بكلمات متقطعة :
"ازيك….يا…يقين؟"
يقين بسعادة تظهر في صوتها :
"انا الحمدلله يا قلبي، انتي روحتي؟"
تالين :
"ايوه، لسه وصله البيت"
يقين :
"طيب يا حبيبتي انا كل شوية هبقى اطمن عليكي."
تالين :
"ماشي سلام."
يقين :
"سلام يا قلبي."

وبعد أن أغلقت تالين مع يقين ذهبت لكي تتحدث مع جيرارد.

جيرارد :
"انتي كنتي فين؟ انا اتصلت بيكي كتير."
تالين :
" انا كنت في المستشفى. "
جيرارد :
" كنتي في المستشفى ليه؟ "
تالين :
" تعبت عادي. "
جيرارد :
" الف سلامة عليكي، عايزه تتكلمي النهاردة؟ "
تالين :
"لا مش قادرة هناك، بكره ان شاء الله هبقي اتكلم معاك"
جيرارد :
"تمام ماشي "

ثم اغلقت معه ووضعت الهاتف بجانبها وقامت بدفن جسدها أسفل الغطاء وغطت في ثبات عميق، وفي اليوم التالي استيقظت تالين على صوت صراخ والدتها.

وفاء بصراخ وهي تهز جسد تالين :
" قوووومي يا استااااذه، انتي هتفضلي نايمالي طووول اليوم قووومي"
تالين بكلمات متقطعة وبدأت تخرج أصوات لاارادية:
"ايه…في ايه؟"
وفاء وهي تضع ما في يدها امام وجه تالين :
"ايه اللي جب الساعة بتاعت تولين عندك؟"
تالين بصدمه وكان نظرها مثبت على الساعة التي في يد والدتها :
" معرفش. "
وفاء وهي تضرب تالين على وجهها :
" انتي قرفتيني، انا مش عارفه الاقيها من فين ولا من فين؟ يعني مريضة وقولنا مااااشي، لكن حرمية؟! اعمل فيكي اييييه؟ اقتلك؟! "
تالين ببكاء وكلمات متقطعه وهي تحاول أن تبتعد من تحت يد والدتها :
"معملتش….معملتش حاجه، انا…..انا مش حراميه"
وفاء بصراخ :
"اسكتي، ده انتي اياامك سووودا معايا يااا معاااقه."
تالين بصراخ :
" انا مش معاااقه، ومش حراااميه، هتلاقي تولين هي اللي حطتها هنا علشان تيجي تضربيني"
فقامت وفاء بجذبها من خصلاتها :
"انا هربيكي من جديد."

وعندما كانت تحاول تالين الافلات من يد والدتها وجدت تولين تقف عند باب الغرفة وتبتسم بانتصار،فنظرت لها تالين بدموع وكسره، وهنا بدأت تخرج منها الأصوات اللاإرادية وبدأت رأسها ويدها يتحركان بسرعه فتركتها والدتها ونظرت لها بأشمئزاز بينما ركضت تولين قبل أن تراها والدتها وعندما ظلت وحيدة في الغرفة بدأت في البكاء بصوت مرتفع، ثم أمسكت هاتفها وظلت تبعث لجيرارد رسائل كثيرة لكي يقوم بالرد عليها.

جيرارد :
"في ايه؟"
تالين :
"انا تعبت اووي يا دكتور بجد، تعبت من اللي بيحصلي، وتعبت من اللي بيعملوه معايا، والله تعبت."
جيرارد :
"انا مش فاهم حاجه ايه اللي حصل."

فقصت له تالين كل ما حدث معها.

جيرارد :
"طب بصي يا تالين، انا كل اللي هقولك انك تتجاهليهم واتعاملي وكأن مفيش اي حاجه علشان لو انتي ماتجهلتيش اللي بيعملوه صدقيني هتتعبي اكتر، وعايز اقولك ما تثقيش في اي حد بسهوله."
تالين :
" همشي بنصيحتك، وصدقني انا مش بثق في اي حد"
جيرارد وهو يحدث نفسه بضحك :
"اكبر حمارة شوفتها في حياتي. "

ثم بعث لها :
" برافو عليكي انا عايزك تفضلي ماشيه على هذا الأساس."
تالين :
"انا عايزه اقولك حاجه."
جيرارد :
" اتفضلي."
تالين :
" انا….انا معجبه بحد"
جيرارد :
" ومين سعيد الحظ ده؟ "
تالين :
" انت."
جيرارد :
"انا؟"
تالين :
"ايوه انت، علشان انت الوحيد اللي قبل يسمعني، انت الوحيد اللي اتحملني وبقى يسمعني، بجد شكرا ليك. "
جيرارد وهو يحدث نفسه بعد أن قرأ كلماتها :
"ياااه ده انتي سهلتي عليا الموضوع، شكرا يا تااالي."
ثم بعث لها :
" انا بصراحه مش عارف اقولك، بس انا كمان معجب بيكي. "
تالين بسعادة :
" بجد، حتى بعد ما عرفت أني معاقة؟"
جيرارد :
" انتي مش معاقة يا تالين، انتي كل اللي بيحصل معاكي خارج عن إرادتك، عارف انك بتحاولي تسيطري على الحركات الخارجة عن إرادتك والأصوات اللي مش بتقدري تتحكمي فيها إلا نادرًا أنا عارف معاناتك يا تالين."
تالين :
"شكرا انك متفهم معاناتي يا دكتور، انا مش عارفه اشكرك ازاي."
جيرارد :
" بلاش دكتور اسمي جيرارد."
تالين بفضول :
" كنت عايزه اعرف ازاي انت اسمك جيرارد ووالدك اسمه محمد؟"
جيرارد :
" الحاجه يا ستي بتحب ان كل حاجه تبقى مختلفة، فقررت تسمي عيالها أسماء مختلفة، يعني أنا اسمي جيرارد، اخويا اسمه كايل، وكده يعني."
تالين :
" طب ومعنى الاسم ده ايه؟"
جيرارد :
"اسمي يا ستي من أصل ألماني معناه الرمح والقاسي، أو الشجاع والجريء."
تالين :
"واو بجد مامتك هااايله."
جيرارد :
" بما اننا في بداية اليوم هتعملي ايه؟ "
تالين :
" ولا حاجه هفضل قاعده."
جيرارد :
" طب كُلي، ما تقعديش من غير اكل."
تالين بسعادة لأنها اخيرًا وجدت احد يهتم لأمرها :
" حاضر هأكل."
جيرارد :
" عايزه حاجه؟ هقفل انا بقى علشان عندي شغل. "
تالين :
" تمام، ربنا معاك، سلام."

ثم أغلقت الهاتف ونظرت إلى سقف الغرفة بسعادة عارمة.

وفي مكان آخر لا يعلمه أحد، كان يجلس شاب أمام أحد أجهزة الكمبيوتر، وكأن يجلس خلفه على احد الارائك شاب آخر.

الشاب الذي يجلس على الأريكة :
" واخرتها يا فارس؟ "
فارس بابتسامة ونظرة منصب على شاشة الكمبيوتر:
"آخرتها حلاوة ان شاء الله، خليك ماشي ورايا انت بس يا علي والدنيا هتبقى جامده."
علي وهو غير مستريح لما يحدث :
"خليني نشوف اخرتها معاك، مع اني واثق ان اخرتها هتبقى دماار."
فارس ولم يزيل اعينه من على شاشة الجهاز :
"بطل انت بس نبر في أهلها وهي هتحلو، مانت عارف انها مش اول مره اعملها وكل مرة بكسب الشهد. "
علي وهو يهز قدمه بتوتر :
" ربنا يستر."

أما عند تالين عندما جلست مع عائلتها على الطاولة لتناول طعام الغداء بدأت تصدر منها الأصوات اللاإرادية وبدأت حركة رأسها ويدها حتى انها قامت بدفع أحد الصحون بيدها، فنظر لها والديها بغضب، بينما وجهت لها تولين نظرات اشمئزاز.

تالين بكلمات متقطعة وهي تنهض من المقعد :
"اس…اسفة بجد…. اسفة."

ثم ركضت إلى غرفتها وألقت بجسدها على الفراش وبدأت في البكاء عندما تذكرت نظراتهم لها، كانت تشعر بأن نظراتهم أسهم تنغرز في صدرها ظلت على هذا الحال حتى غفت، واستيقظت على صوت هاتفها فوجدتها الطبيبة يقين.

تالين بصوت أجش :
"الو."
يقين بإستغراب :
"ايوه يا تالي، انتي نايمه ولا ايه؟"
تالين وهي تنظر إلى ساعة الحائط :
"ايوة، في حاجة؟"
يقين وهي تشعر بأن تالين بها شيء ما :
"مالك يا تالي؟ انتي كويسه؟ طب انتي تعبانه؟ اجي اشوفك؟"
تالين بهدوء :
"لا انا تمام، انا بس مش عارفة اتكلم علشان لسه صاحيه."
يقين وهي تشعر بأن تالين تكذب :
" طب يا تالي لما تفوقي ابقى طمنيني عليكي."
تالين :
"حاضر. "

وبعد أن أغلقت تالين مع يقين بدأت تعود لها التشنجات والأصوات اللاإرادية.

تالين بصراخ وكلمات متقطعه :
"يااااارب…… انا …. تعبتتت بقى، يارب ريحني من اللي انا فييييه."
تولين من أمام باب الغرفة :
"بطلي صدااااع بقى ماتقرفناااااااش بقى . "
تالين بصراخ :
" سبيني في حالي بقى، هو انا عدوتك؟ انتي لييه بتعملي معايا كده؟ انا عملتلك ايييه؟ ده انا عمري ما اذيتك، انا دايمًا بأخد الاذى منك بصمت ولا بتكلم ولا بشتكي وبقول ممكن تتغير، لكن انتي حيوااانة."
تولين بغضب :
" ايوه يااا ستي انا وحشه انا قلبي اسوووود، انا مش بحب غير نفسي، وعمري ما هحبك يا تالين، انا عمري ما اقبل ان اختي تبقى معاقة وانا مش هقبل انك تبقي اختي. "
تالين بهدوء ضد الصراع الذي يحدث بداخلها :
" ده انا حتى أختك الكبيرة يعني المفروض لما اتعب الاقيكي واقفه في ضهري وتسنديني."
تولين ببرود :
" ده لو انتي سليمة، لكن انتي معاااقة."
تالين بصراخ :
" انتي بتذليني، هو بأيدي، انتي ليه محسساني اني فرحانه باللي انا فيه ده."

وقبل أن تجيب تولين عليها وجدتها بدأت في اصدار هذه الأصوات وبدأ وجهها ويدها في التحرك بعشوائية.

تولين بسخرية :
" اديكي بدأتي اهووو، امشي انا بقى علشان بجد بتصعبي عليا."

ثم تركتها وذهبت إلى غرفتها بينما نظرت تالين إلى الأعلى بألم وهبطت دمعه من عينها تدل على مدى حزنها وكسرت نفسها، ثم نهضت وأرسلت إلى جيرارد بعض الرسائل وكان محتوى هذه الرسائل، أنها أصبحت لا تتحمل ما يحدث لها، وأنها أصبحت تفكر جديًا في الانتحار، ثم قامت بمهاتفت يقين.

يقين بسعادة لاستجابة تالين لها :
"كنت متأكده انك هتتصلي بيا."
تالين بإستغراب من تعامل يقين معها :
"انتي ليه بتعامليني كده؟"
يقين بإستغراب من سؤلها :
"بعاملك ازاي يعني؟"
تالين :
"بتعاملي معايا كويسه، ولما كنت في المستشفى وبدأت اعمل الحركات دي وأخرج صوت ماقرفتيش مني، ليييه؟"
يقين بحنان :
" علشان انا من اول ما شوفتك وأنا اعتبرتك اختي الصغيره، وعلى فكرة انتي مش مقرفه خالص دي حاجه خارجه عن إرادتك وانتي مش بتقدري تتحكمي فيها."
تالين بعدم وعي :
"جيرارد برضو قالي كده. "
يقين بإستغراب :
" مين جيرارد ده اخوكي؟ "
تالين وهي تحاول إصلاح ما ارتكبته :
"مين جيرارد، انا قولت جيرارد؟"
يقين :
"ايوه انتي قولتي جيرارد، قوليلي مين جيرارد ده وما تخافيش سرك في بير. "
تالين بتوتر :
" وعد؟"
يقين بأبتسامه لثقة تالين بها :
" وعد يا استاذه تالي."

وبالفعل بدأت تالين تقص ليقين كل شيء ومن هو جيرارد وانحرف الحديث إلى عائلتها ومعاملتهم السيئه لها.

يقين بشك :
" طب ممكن تبعتيلي ايميل جيرارد؟ "
تالين بمزاح :
" ليه هو انتي كمان محتاجه دكتور نفسي؟ "
يقين بهروب من سؤالها :
"لا يا حبيبتي ما انتي عارفه اني دكتورة فإستغربت ازاي معرفهوش، أو ممكن اعرفه بس انا ناسية."
تالين بسزاجه :
"تمام هبعتلك لينك ايميله على الواتس."
يقين بحنان :
" بصي بقى يا قمر، اي حاجه تضايقك قوليلي عايزاكي تخرجي كل اللي في قلبك ليا انا اختك الكبيرة ومتخافيش عمر ما اي حاجه هتقوليهالي هتطلع برا، وحاولي على قد ما تقدري تتجاهلي كل اللي عيلتك بتعمله."
تالين ببساطه :
" ايوه ما جيرارد قالي كده برضو."
يقين :
"تمام يا قلبي، اسيبك انا دلوقتي علشان عندي شغل هبقي اكلمك بعدين. "
تالين :
" تمام ربنا معاكي. "

وبعد أن أغلقت يقين مع تالين فتح اللاب توب الخاص بها وبدأت في البحث عن ايميل جيرارد بعدما بعثته لها تالين وظلت تعبث به قليلًا.

يقين بصوت مرتفع :
" انا مش مطمنالك. "

ثم أغلقت اللاب توب وبدأت في تبديل ملابسها للذهاب إلى المستشفى، بينما تالين وجدت ان جيرارد قد أجاب عليها.

تالين :
"كان عندك شغل؟"
جيرارد :
"ايوه، المهم بقى النهاردة هتحكيلي عن عيلتك."
تالين :
"بص يا سيدي بابا كان عايز ولد بس اللي حصل اني انا اللي جيت لا والكبيرة عندي متلازمة توريت فده اللي عقد الأمور أكثر و ماكنش بيحبني ولا بيحب يشيلني، وماما لما خلفت تولين بعدي بسنتين اهتمامها بدأ يقل بيا وبقى كل تركيزها مع تولين بحجة انها الصغيرة، ولما بدأت افهم بقوا يقولولي في وشي انهم مش بيحبوني علشان انا معاقه ومش هما بس ده العيلة كلها عيلة امي وابويا وكل الاهتمام لتولين، بس على فكرة انا عمري ما كرهتها انا بحبها جدا علشان هي اختي الصغيرة بس هي بتعاملني معامله وحشه اووووى، بس انا بحاول استحمل معاملتهم ونظارتهم ليا. "
جيرارد :
" انا مردتش ارد على مسدجاتك اللي بعتهالي بس اتمنى انك متفكريش في حاجه كده تاني الانتحار كفر يا تالين، عايزه تبقي كافرة؟ ك
تالين :
"حاضر هبعد الفكرة عن رأسي."
جيرارد :
"انتي ليه مش بتنشري صورك؟"
تالين :
"عادي مش بحب انشرها."
جيرارد بخبث :
"طب ماتبعتهالي.:
تالين :
" ليه؟ "
جيرارد :
" مش المفروض اعرف شكل حبيبتي عامل ازاي؟"
تالين :
" حبيبتك؟! "
جيرارد بخبث اكبر :
" ايوه حبيبتي، انا بحبك يا تالي."
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي