العميد برتبة عاشق

oumaimamega`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-10-24ضع على الرف
  • 59.2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الثاني

(المتسولة الشقراء 2)

العميد

أحد كبار قادة الضباط الأمراء، و فوق رأسه قبعة بشارة النسر الذهبية في المنتصف، و كما هو المتعارف أن النسور في عادتها ترمز للقوة والعنف.

كانت القبعة  تخفي النصف من وجهه الجاحض ولا يظهر حول عينيه سوا الظلال، ولا يرى منها الا فمه الصلب، ذا تجاعيد الصرامة والتجبر، وبيده ندبة خنجر عميقة، تحمل عصا خاصة به.


حرك رأسه فور خروجه الى السرير ليجده فارغاً راغم بعثرته، تعالت شبه إبتسامة الخبث على شفته، واستدار بكل هدوء بوقع أقدامه المتسلطة الموازية لكل عقرب و لكل ثانية تمر.

وفور خروجه من الجناح بدأ يخطو بصوت حذاءه القوي في ذاك الممر الطويل، ممر مضييء بوجود النوافذ العملاقة.

و بين كل نافذة وأخرى مرآة على طول الممر، فلم تكن سوى صورة السيد العميد تتكرر باستمرار مع خطواته، و الساعة اللعينة لا تكف عن الأنين و الصراخ، حتى خروجه من ذاك الممر.

فألقيا الجنديين الحرسين التحية لسيدهما، بينما إستمر بضخامته يمشي فوق أرضه إلى دولاب الدرج الطوييل، الذي لم يتواجد فيه خادم واحد، فقط "العميد" خطواته الثقيلة تابتة  فوق كل درج تسمع صداها الرهيب.

واللوحات الملونة والمرسومة  تحوم حوله، لوحااات عائلته المتسلسلة منذ عقود، لوحات رجال أشداء ببزات العسكر إنها عائلة "العمداء" من زيوس الأول "الجد الأكبر" الى زيوس الرابع "الجد الأصغر".


نزل متوجها لجناح الطعام، والخدم مصطفيين بهدوء وبإستقامة تامة دون ان يرفعوا من رؤوسهم، بينما شوشرات الضباط الخمسة أخذت تتختفي فور سماع خطوات حذاء حضرته.

الى أن وصل لكرسيه الملكي المزاح من طرف الخادم، جلس موازيا  لوصول العقرب الى المنتصف يعلن عن بداية الساعة الثامنة.

جلس بروية دون النظر اليهم، فبوجوده المهيب يعلن عن إقصاء الجميع في حضرته، واضعاً عصاه فوق المائدة.

ازال الخدم الغطاء عن طبقه، بيض مقلي ونقانق مع خضروات، على عكس مائدته الضخمة التي يوجد فيها اشهى أنواع الأكل و أفخمها، معجنات بالكريمة الفرنسية و العصائر اللذيدة مع الشاي و القهوة الساخنتين.

أخذ السيد العميد يأكل بهدوء بالشوكة الفضية  و السكين و ندبة الخنجر على يده، ما أضفت على شكله الوحشي الا رجولة و جاذبية.




هز رأسه النقيب الأسمر صاحب الرتبة العسكرية التالثة بين الضباط: سيدي العميد لقد توصلنا برسالة من السيد المرشيل

(هنا توقف العميد عن أكله دون ترك الشوكة من يديه و هز برأسه حتى ظهرت عيناه كنسر لعين صاحب حواجب عريضة وعيون صقرية، كان بدون ملامح لدرجة أنه أربك خلالها النقيب حتى تحركت تفاحة آدم لديه من شدة ارتباكه و أكمل بهدوء ) لقد رفض المخطط ح.م.إ.٧ (الحرب المستقبلية للاحتلال7)


صمت، هدوء مميت، لا كلمة ولا حرف، فقط أنظاره الميتة اتجاه النقيب، وجهه صلب كالحديد يشبه بشاعة وقسوة الحروب، لم يقم بحركة مضادة سوى العودة لطبقه.

بعدما قدمت له إحدى الخادمات أحد المعجنات الفرنسية (les croissants) فاكتفى بحمل السكين و أخد بعض كريما (la crèmes) ووضعها فوق المعجنات.

كأن الآخر لم ينطق احد بكلمة في حضرته الآن، أعاد النقيب أنظاره الى طبقه، و تنهد بروية، حقا الحديث معه صعب جدا فهو يفضل خوض معركة ضد ألاف الجيوش على أن يوصل رسالة واحدة للسيد العميد



فكسر الهدوء الشاب صاحب الوسامة و الابتسامة الساحرة الرائد "دانتي ": سيدي العميد ألا يبدو لك أن المارشيل أطال الجلوس في منصبه، ألم يحن وقت إزاحته


(هز السيد العميد رأسه و عيناه تشعان غضبا بنظرة مميتة فللتو حرض أحد أتباعه بالانقلاب و في حضرته، بينما اهتز بقية القادة بصدمة، إنقطعت أنفاس الرائد على هذه الأنظار المظلمة الخالية من الرحمة و لكنه أكمل جملته) فلا أحد يتجرأ على رفض مخطط للسيد العميد زيوس الخامس حتى لو كان المارشيل نفسه.



صمت مرة اخرى، و هدوء مرة اخرى، لا صدى يتردد ولا كلمة تنطق ولا حرف يباح به؛ في إنتظار رده، و لكنه لم يفعل كالعادة، فقط الصمت.

أعاد نظره لطبقه لإكماله، تنفس الرائد "دانتي" الصعداء. كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة من نظراته  ومن ثم عاد لأكله.

بضع ثواني بضع دقائق، و ها قد إخترق المكان والهدوء صوته الجوهري الشجي الصلب الذي هز نفوس القادة وصداه يتردد في جدار الغرفة و بدون النظر الى وجوههم وبصوت رتييب خشن: أرسل رسالة تعزية للمارشيل مع المخطط ح.م.إ.٧


العقيدة "سديم "باستغراب: رسالة تعزية؟ لماذا؟ هل  فقد السيد المارشيل أحدا من عائلته؟




لم تكمل كلامها حتى وضع الشوكة والسكين مكانهما ونهض من كرسيه معلنا عن نهاية وجبة الافطار.

كأنه قاضي أنهى المحاكمة تواً، و لا يتجرأ أحد على إيقافه او الحديث معه، او اعتراضه، استدار و عصاه في يده، بينما اكتفى الجميع بالنهوض واللحاق به.

استدار زيوس الخامس بطوله وعرض اكتااافه، هرول اليه خادمه بالركض نحوه يحمل معطفه الأخضر العسكري الفخم الثقيل الطويل ووضعه فوق اكتافه.

بينما هو اكتفى بهز عصاه بين يديه، و توجه مع كتيبته العسكرية من الضباط الكبار نحو بوابة القصر الضخمة، مع وقع أحذيتهم تكاد تدك الأرض كالزلزال، و ترعب مسامع الكل، لدرجة انه لا يجرؤ أحد من خدمه على رفع رأسه، حتى تكاد أعناقهم تكسر بفعل الخوف منه.

بمجرد خروجهم كانت أمام القصر، نافورة ضخمة من الجبس الأبيض بيها تماثيل شبه عارية تنفث المياه في كل مكان، كان حولها خمس سيارات عسكرية مختلفة، و حوالي خمسة عشرة جندي مجهز و مسلح و مستعد كاستعداده للحرب.


تعالت اصوات التحية بأقدامهم واصواتهم و رفع ايديهم الى رؤوسهم، و بجملة واحدة نطق الجميع "يحيى السيد العميد واسياد الضباط".

توجه السيد العميد الى السيارة التي في المقدمة التي من نوع "ليموزين ميرسيدسس بونز" الضخمة والمقاومة للرصاص والمغطاة بشكل كامل وهي السيارة المفضلة والمناسبة بدرجة كافية لنقل العميد زيوس الخامس الذي لا يرحم.

حيث فتحت ابوابها الخلفية ليصعد ويجلس بمنتهى الاريحية، كأنه ملك المكان، و في الأمام سائقه من الجيش لا يتحرك لا يمينا ولا يسارا كأنه مبرمج فقط على القيادة والنظر الى الأمام.

بينما القادة الكبار صعدوا للسيارة المكشوفة، حيت كانت العقيدة سديم بجوار السائق، والبقية جلسوا كالملوك في الخلف، بينما الخمسة عشرة جندي صعدوا لثلاثة شاحنات خلفية، مستعدين ومجهزين كالدروع الحامية لموكب العمييد.

إنطلق الموكب بهدوء بقيادة سيارة العميد صاحبة المحرك النفاث السريع أنذاك، لكن الدرع المحصن بالسيارة، جعلها تمشي ببطأ شديد.

لكن بالنظر للجنون العظمة الموثوق جيدا من قبل السيد العميد زيوس، فمن المحتمل انه لا يهتم لا بسرعتها و لا ببطئها.

إنطلق الموكب عبر ممر القصر الطويل، الذي يبعد باميال عن الباب الرئيسي، تفصل بين البوابة والقصر غابة ذات اشجار ضخمة لاخفاء القصر اضافة لوجود العديد من الالغام والاكواخ الوهمية القابلة للانفجار، لحظة دخول اي دخيل، ناهييك عن البستانيين المجندين المتنكرين والمنتشريين في الارجاء.

مسافة الطريق حتى غادر الموكب خارج القصر، الذي كان محميا بطريقة عجييبة، بوجود محرابين خاصين بالعسكر الحرس المنتشريين.

والاسوار المطوقة باسلاك كهربائية، بمجرد خروجه الجميع كان مصطفا و متأهبا للتقديم التحية للعميد، الذي كان يخرج بشكل دقيق في نفس الوقت كل يوم ليقوووم بجولته حول هذه المدينة الشاسعة ويحييي سكانها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي