عشق من الجحيم

نور زيزو`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-07-25ضع على الرف
  • 123.2K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل 1 الوصية

في مطار القاهرة تحديد في أمام بوابة الخروج ووسط زحام الأشخاص والأهالى المُنتظرين لأقاربهم في حالة من الشغف والحماس فكان يقف شاب بملامح جاد ويرتدي بدلة رمادية وقميص أبيض اللون يرفع شعره الأسود القصير للأعلى وبدون لحية وشوارب ويملك زوج من العيون البنية البندقية وأنف حاد ببشرته متوسطة البياض طويل القامة وبجسد نحيف تبسم بعفوية عندما رأى صديقه ورئيس عمله حمزة الحداد يخرج من البوابة بوجه جاد شاب في عمر أوائل الثلاثينات بوجه غليظ وبشرة بيضاء ويملك زوج من العيون الخضراء ويرفع شعره الأسود الكثيف للأعلى ومثبته بالأستشوار رغم نعومته الشديد وجسده العريض وطوله يزيده وسامة على وسامته التي تخطف قلوب جميع النساء لكنه ذو قلب جليدي مُجمد لا يهتم لأى امرأة في الكون، تفحصه زين بعينيه وصديقه يرتدى بدلة سوداء وقميص أسود ويسحب بجانبه حقيبة ملابس السوداء ذو العجلات من الأسفل فأخذها زين منه وهو يقول
-حمد الله على السلامة، مش قولت هترجع بعد يومين أيه اللى اخرك

تبسم حمزة الحداد بمكر خبيث ثم تفوه بكلمات جادة بلهجة أكثر برود
-كان عندى شغل مهم لازم اخلصوا في باريس قبل ما ارجع المهم طمنى أنت الأخبار ايه

خرجوا معا للخارج ليضع زين الحقيبة في صندوق السيارة السوداء رباعية الدفع من ماركة المرسيدس وكان حمزة يفتح باب السيارة الخلفى ويصعد بها ثم جلس زين بمقعد السائق وضغط على زر التشغيل وهو يقول
-منتظرين على نار لفتح الوصية بعد وفأة فؤاد بيه الحداد، عمك عامر ووالدك هادى الحداد كل واحد فيهم متحمس يشوف ورث ايه من تركة الحداد كلها

كان حمزة ينظر إلى الشوارع من النافذة بصمت قاتل ويفكر في ما سيفعله وسيقول وهو مدرك تماما ما سجله جده فؤاد الحداد في الوصية فتنهد تنهيدة معبأة التوتر ثم قال
-دلوقت نعرف الحماس دا أخره ايه

وصلت السيارة على قصر الحداد لتفتح الأبواب الحديدية تلقائية ثم دخلت السيارة لتسير في ساحة خضراء كبيرة وواسعة حتى وصلت أمام نافورة مائية من الرخام أمام القصر فأوقف زين السيارة ثم ترجل منها وفتح الباب الخلفي للسيارة فترجل حمزة الحداد منها ونظر للقصر وهو يغلق زر سترته ثم صعد أربعة درجات ودلف من باب القصر وكان قصر فاخر وأنيق كمتحف أثرية مر من بين أربعة أعمدة رخامية كل أثنين على جانب لينزل أربعة درجات رخامية وسار في صمت بوقار وبرود شديد لتنحى له الخادمة بترحيب لعودته سار حتى وصل إلى غرفة المكتب مُتجاهل الخادمة لتهرع إلى صديقتها وتقول بحماس
-يخريبتك جماله

نكزتها صديقتها بضيق شديد ثم قالت
-خليكى في شغلك بدل ما يطردك

تعجبت لحديثها وقوست شفتيها للأسفل بعبوس وتقول
-يطردنى ليه ان شاء الله

ضحكت صديقتها وهو تسكب القهوة في الفنجان وتمتمت قائلة
-أصلك لسه جديدة يا حبيبتى حمزة الحداد له قواعد صارمة جدا واللى يخالفها نصيبه الطرد يعنى مثلا الفطار لازم يكون على السفرة سبعة بالدقيقة لو اتاخر ثانية حضرتك مطرودة والقهوة سبعة وخمسة وتكون سادة أي غلطة طرد وبسبب طبعه الحاد مفيش واحدة من الخدم تحب تخدمه فمتتغريش بوسامته يا روحى دا شيطان في وجه ملاك

دب الخوف في قلبها منه لتحمل الصنية الموجود عليها فناجين القهوة.....

فتح باب المكتب ودلف حمزة بهدوء صامتًا وكان بالداخل والده هادى الحداد رجل في الستينات من عمره يجلس على الأريكة الجلدية السوداء وبجواره تامر المحامى الخاص بالعائلة وعامر الحداد الأخ الأكبر لهادى الحداد يجلس بعيدًا وفور دخول حمزة تحدث عامر ببرود شديد يقول
-هل هلالك يا حمزة ما كنت تلطعنا في انتظار جنبك شوية كمان

رمقه حمزة ببرود يثير غضبه أكثر ثم جلس وهو يقول
-عطلتك يا أستاذ تامر

أستشاط الجميع غضبًا من بروده وتجاهل حمزة لهم وهكذا والده تحدث تامر بهدوء وهو يفتح الوصية قائلاً
-ولا يهمك يا أستاذ حمزة

فتح الوصية ليُصدم الجميع بغضب سافر عندما وجوده ان فؤاد الحداد كتب القصر والشركة باسم حمزة الحداد حفيده الأكبر وترك مبلغ وقدره مليون جنيه فقط في حسابه لأبناءه عامر وهادى وبقية الأموال والأصول من سيارات ومكاتب لـ حمزة فأتسع اعين الجميع بصدمة وهم يرمقه حمزة بعيني تبث شرارة وبراكين نارية ليبتسم حمزة بغرور وهو يضع قدم على الأخر ويديه يضعهم في جيب بنطلونه ثم قال
-أظن اللى متجمعين عشانه خلص

وقف من مقعده ببرود ثم قال وهو يهندم ملابسه
-عن أذنكم بقي عشان تعبان من السفر

تمالك هادى الحداد أعصابه قبل ان تفلت منه على ابنه المتعجرف ليغادر المكان وهكذا خرج عامر الحداد وهو يتواعد بالانتقام من حمزة الحداد وسلبه كل ما يملك بعد أن استولى على ورثهم كله ..



في مكان اخر بعيدًا في القاهرة داخل مطعم إيطالى فاخر كانت تجلس نيرة زوجة عامر على الطاولة مع صديقاتها وكانت امراة في الخمسينات من عمرها لكنها تهتم بمظهرها كثيرة ترتدي تنورة قصيرة تصل لركبتها وقميص نسائي أسود تدخله في التنورة وترفع شعرها البني للأعلى، قطعها صوت ضجيج من بعيد لتنظر تجاه الضجيج وكان مدير المطعم يتشاجر مع نادلة...

تحدثت فيروز بنبرة خافتة تخشي أن تعانده أو تشاجره قائلة
-يا مستر أكرم بقولك أن هو اللى حاول يمسك أيدى وحضرتك كل اللى مهتم بيه أن العصير وقع على هدومه

تأفف بغضب شديد من هذه الفتاة العنيدة وقال
-هو أنا قولتلك برر ليا أي حاجة أنا طلبت منك تعتذري للراجل على وقاحتك

دمعت عينى فيروز العسلية بحسرة وانكسار وكانت فتاة بجسد ضعيف وهزيل، قصيرة القامة ونحيفة جدًا وترفع شعرها الأسود الناعم للأعلى على هيئة ديل حصان وأحمرت وجنتها البيضاء من بكاءها ثم قالت
-بس أنا مش هعتذر

صاح بها بانفعال شديد من بكاءها وضعفها المثير للشفقة قائلًا
-يبقى تعتبرى نفسك مطرودة وأتفضلى روحى غيرى هدومك وأمشي

-بس
قالتها بفزع من فصلها عن العمل وهى في أمس الحاجة له لكنه تجاهلها وغادر وكانت نيرة تتابعهم بنظرها ثم أشاحت النظر عنها وأنهت وجبتها مع صديقاتها ثم وقفت تدفع التكلفة وعندما غادرت المكان رحلوا أصدقاءها لتسير إلى سيارتها الزرقاء السيدان فرأت فيروز تخرج تبكى بعد أن بدلت ملابسها وأرتدت بنطلون جينز وتي شيرت أبيض اللون وعلى ظهرها تحمل حقيبتها السوداء وبقدمها حذاء رياضي أبيض اللون وشعرها مسدول على ظهرها وعلى الجانبين فتنحنحت نيرة بهدوء شديد وقدمت لها الأموال لترفع فيروز نظرها إلى نيرة بدهشة وقالت بعزة نفس
-متشكرة أنا مش محتاجة فلوس

تبسمت نيرة بغرور شديد وقالت
-شكلك محتاجهم على فكرة متتكسفيش

رن هاتف فيروز وهى تقف أمام نيرة لتجيب عليه وهى تسير بعيدًا وتقول
-ايوة يا ورد

أتاها صوت بكاء أختها الشديد وهى تقول
-ألحقينى يا فيروز ماما وقعت منى ومبتردش خالص

أتسعت عيني فيروز بذعر شديد وهى تقول
-يعنى ايه مبتردش عليكى خديها المستشفى يا ورد وأنا هجيلك على هناك بسرعة

أغلقت الخط معها ثم أستدارت لكى تأخذ النقود من نيرة بضعف وهى في أمس الحاجة لهذا المال وركضت إلى الطريق لكى تأخذ سيارة فقالت نيرة
-أركبى هوصلك

لم تفكر فيروز كثيرًا وصعدت إلى سيارتها ...



نزل حمزة الدرج من الأعلى لتأتى أخته الصغيرة زهرة إليه فتاة في العشرينات من عمرها بجسد ممشوق وترتدي فستان أزرق اللون يصل لأسفل ركبتها وترفع شعرها البنى من الجانبين بدبابيس شعر وتملك عيون خضراء كأخيها ونفس بشرته البيضاء لتعانق أخيها بسعادة من عودته فقالت بعفوية
-حمد الله على السلامة يا حمزة

طوقها حمزة بيديه بدلال وهى الفتاة الوحيدة الموجودة في حياته وغيرها من النساء لن يصدق أحد ولن يثق بسبب شخصيته المتعجرف فتحدث بنبرة دافئة وهو يبتعد عنها
-أميرتى الجميلة كانت فين كدة

تبسمت زهرة بعفوية وهى تتبأطا ذراعه وتسير معه للسفرة
-كنت بعمل شوبنيج مع صحابي، لو كنت كلمتنى وقولت أنك جاي النهاردة كنت قعدت استنيك

بعثر غرة شعرها بلطف ثم قال
-ماشي يا حبيبتى أقعدى كلي انتى بقى عشان انا عندى شغل مهم

أومات له بالموافقة فسحب ذراعه من يدها وغادر القصر بأكمله

في مستشفى الهلال المخصصة لمرضي السرطان
كانت تقف فيروز مع ورد أختها الصغيرة ذات التسعة عشر عام أمام غرفة الفحص مُنتظرين خروج الطبيب ونيرة تقف بعيدًا تتحدث مع عامر في الهاتف والغضب واضح في وجهها بعد أن اخبرها بالوصية لتقول
-ابن أخوك نصب عليك انت وأخوك يا عامر وخد كل حاجة في جيبه، ولا أنت عايز تفهمنى ان فؤاد الحداد أكبر رجل اعمال فى مجال التكنولوجيا وصناع رواد العالم ميملكوش في رصيد البنك غير مليون جنيه

أتاها صوت عامر يستشيط غضبًا مما يحدث وكيف خسر كل ورثه الذي كان سينقله إلى مكان أخر يقول
-المحامى بيقول كدة يا نيرة

قهقهت ضاحكة بسخرية على حديثه لتقول بنبرة أكثر غيظًا
-ما هو كلام يا حبيبى ابوك ميعرفش الجنيه وعملته الدولار دلوقت لما مات بقى جنيه ما علينا انت ناوى على ايه مع حمزة

تنهد بضيق شديد من عجزه وقال
-مش عارف بس هفكر بحكمة أزاى أخد حقى منه بصياعة لأن القانون معه

أومأت له بنعم لترى الطبيب يخرج من الغرفة فقالت
-طب هكلمك تانى

أنهت الاتصال وذهبت تجاه فيروز لتسمع الطبيب يقول
-للأسف حالتها بتزداد سوء ولازم العملية

نظرت ورد إلى فيروز بخوف شديد من فقد أمها ثم قالت
-بس العملية غالية وإحنا كنا مستنين دورنا على نفقة الدولة

هز الطبيب رأسه بيأس ثم قال
-للأسف مضمنش أنها هتقدر تستنى

تبسمت نيرة بخبث شديد وقد خطر على بالها فكرة ثم قالت بنبرة هادئة
-ممكن كلمة يا فيروز

تركت فيروز يد أختها بدهشة ثم ذهبت نحوها لتأخذها نيرة إلى الكافتريا ثم طلبت كوبين من العصير وقالت بجدية
-أنا هدفع لك تمن عملية والدتك وكمان علاجها الكيماوى

تعجبت فيروز من هذه المرأة لتشعر بالقليل من الخوف منها فمن ستدفع للغرباء مبلغ يتجاوز المائة ألف جنيه لتعلم بأنها ستطلب مقابل لهذا المبلغ فقالت
-والمقابل

تنهدت نيرة بقلق وهى لا تثق بأن هذه الفتاة ستوافق على خطتها وقالت بهدوء
-أنا والد جوزى أتوفى من شهر والرجل دا ملياردر بمعنى الكلمة لكن اكتشفنا أن ابن أخوه جوزى زيف ورق وأخد كل حاجة أنا بقى مش محتاج منك غير انك تخليه يمضي على ورقة واحدة

أتسعت عيني فيروز على مصراعيها بصدمة ألجمتها من طلب هذه المرأة ثم قالت
-أنتى عاوزنى أسرق منه فلوسه

هزت نيرة رأسها بلا وأدعت البراءة وقوست شفتيها للأسفل بحزن مُصطنع وتحدثت قائلة
-لا طبعا إحنا مش هنأخد منه غير حق جوزى من الورث بس.. فيروز أنتي هتساعدنى ارجع حقى وأنا هساعدك تنقذي أمك من الموت

صمتت فيروز وهى لا تعرف بماذا تجيبها ووالدتها على فراش الموت وفى الصباح طردت من عملها وهو سبيل رزقها الوحيد لمصاريف البيت ومرض والدتها وتعليم اختها ورد....

كان يركض حمزة صباحًا يمارس الرياضة ويضع في أذنه سماعات بلوتوث ويستمع للموسيقى حتى وصل للقصر فنزعهم وهو يدخل مُرتدي تي شيرت أسود بنصف كم وبنطلون اسود بحذاء رياضي وكانت الخادمة في أنتظاره بزجاجة مياه معدنية ليأخذها منها ثم قال بجدية
-أنا هفطر في الشركة

صعد لكى يبدل ملابسه فسار إلى غرفة الملابس وأختار بنفسه بدلة كحلى اللون وقميص ابيض ليبدل ملابسه بعد أن أخذ حمام دافي وصفف شعره للأعلى ثم وقف يختار ساعة يده من الدرج المليء بالساعات المختلفة ومن ماركات عالمية ثم نزل للأسفل وكانت نجلاء مديرة الخدم تقف أمامه وتقول
-مكتب الخدم بعت 4 خادمات جدد تحب تشوفهم

أجابها وهو يغادر القصر قائلًا
-خلى زهرة تشوفهم أنا مستعجل

خرج ليجد زين ينتظره أمام السيارة ثم غادر القصر وكان والده هادى الحداد يقف في الشرفة ويراه وهو يغادر ليقول
-بقى كل دا يطلع منك يا حمزة تسرق حق أبوك بس ملحوقة يا ابنى بكرة لما تموت أكون الوريث الوحيد ليكى ويرجعلى كل الملك

أخرج هاتفه من جيبه وأتصل بأحدهم وهو يقول
-عربيته خارجة دلوقت من القصر أستعدوا

أنزل الهاتف عن أذنه وهو يبتسم بمكر شديد ثم دلف على غرفته

في مكان أخر داخل فيلا فاخرة في مجمع سكانى فاخر نزلت رؤي فتاة ذات الواحد والعشرين عام من الأعلى مُرتدية بنطلون أبيض اللون وتي شيرت أزرق وتضع حول خاصرتها حزام سلاسل وشعرها القصير يصل إلى عنقها فقالت لمرح
-صباح الخير يا بابى

أجابها عامر الحداد بنبرة دافئة قائلاً
-صباح النور يا أميرة بابى يلا أقعدى عشان تفطرى

وضعت قبلة على وجنته بدلال لتقول نيرة بتذمر
-هو دا اللى بيأخده منك يا أميرة بابى ودلعه فيكى دا اللى هيلجطنى

ضحك عامر بمرح وهو يأخذ يد زوجته ويضع عليها قبلة رقيقة ثم قال
-وهو في حد بيدلع زيك يا سلطانة قلبى

جاء مصطفى ابنهم الأوسط وقال ببرود وهو يقول
-بدأنا محن مبكر على الصبح

جلس على مقعده فسأله عامر بنبرة غليظة قائلًا
-طب قول صباح الخير مش داخل على كفار قريش وبعدين اخوك فين

أجابه مصطفى وهو يضع المربي في لقمته ببرود شديد قائلًا
-هتلاقى راح لحمزة ما أنت عارفه حبيب حمزة

تأفف عامر بغيظ مكتوم لتضغط نيرة على يده بلطف ثم قالت وهى تغمز له هاتفة
-متقلقش كله ماشى تمام

تبسم بخبث شديد لها وهو يأمل بأن تنجح خطتها ويستطيع أخذ حقه من حمزة الحداد لكنه ذو شخصية ذكية وعبقرية فلن يثق بهذه الفتاة بسهولة وخصيصًا بأنها فتاة وهو يكره النساء جدًا ولن يسمح لأى فتاة للأقتراب منه

وصلت سيارة حمزة الحداد امام مقر الشركة وكانت عبارة عن مبنى بهيئة زجاجية من الخارج وحوالى 20 طابق فترجل من السيارة مع زين ليأخذ الأمن السيارة إلى مرأب السيارت ودخلوا للشركة ليفتح الأمن الأبواب الزجاجية لكى يعبر حمزة الحداد وهو اليوم رئيس هذه الشركة وليس المدير فقط فضغط زين على زر المصعد المخصص للرئيس ودقائق ثم فتح الباب وقبل أن يدخل حمزة أصطدم به أحد من الخلف ودخل المصعد قبله فنظر ليرى فتاة قصيرة كعقلة الأصبع وهيئتها فوضوية فكانت فيروز ترتدي بنطلون أسود وتي شيرت أحمر اللون ولونه مُلفت جدًا في أجواء هذه الشركة وشعرها الأسود مسدول على الجانبين يحيط وجهها الصغيرة وكأنه كالقمر وسط عتمة السماء، نظر زين لها بدهشة بعد أن دفعت حمزة الحداد بدون خوف ولم تعتذر منه وصعودها للمصعد الخاص به ليدرك بأنها ليست موظفة في شركته بل غريبة ولا تعلم من هذا الذي تقف أمامه خصيصًا أن مؤطفين الشركة يملكون زي موحد، بينما حمزة كان يقف واضعًا يديه في جيبه بغرور ويحدق بها باشمئزاز شديد لتقول بنبرة صوت دافئة
-مش هتدخلوا

دخل حمزة بضيق شديد وخلفه زين وكانت تقف في زواية المصعد تنظر بهاتفها وقد تأخرت بالفعل على صديقها وهى لا تعلم بأن هذا الرجل الذي تحدثت عنه نيرة فهى لم تخبره بأسمه او اسمه شركته تنهدت بهدوء وهى ترى زين يضغط على رقم الطابق العشرين فقالت بحرج
-ممكن الدور الرابع معاك

نظر زين لها بدهشة من طلبها ثم ضغط على رقم الطابق الرابع ليسألها زين قاطعًا هذا الصمت
-أنتِ موظفة هنا

هزت رأسها له بلا ثم قالت
-لحسن حظى لا

رفع حمزة حاجبه بدهشة من ردها فشركته الأول في مجال التكنولوجيا وصناع رواد العالم والجميع يرغب بدخولها حتى في أقل الوظائف لكنها لا تريد ثم قال بتعجب
-لحسن حظك!! ليه

تنهدت وهى لا تعلم من أين تبدأ ثم قالت
-محبش أشتغل عند مدير مغرور ومتعجرف ومبهتمش بموظفينه وكل اللى يهموا الوقت وبيدخل كام في الساعة واحد عايش للفلوس بس

أتسعت عين زين بذهول من جراءتها في الحديث عنه وهى تتحدث بالسوء عنه امامه بكل سذاجة كالحمقاء، كاد ان يتحدث ليمسك حمزة يده يمنعه من المعارضة او مقاطعتها فتابعت الحديث
-أكيد بما انكم موظفين هنا عارفين كل دا عنه والصراحة الله يكون في عونكم أنكم مستحملين شخص شرير زيه وببروده

سألها حمزة بغضب مكبوح بداخله يقول
-ولما انتِ مش موظفة هنا عرفتيه كل دا عنه منين

تبسمت بعفوية وهى تضع يدها قرب فمها وهمست له ببراءة قائلة
-من العصافير

توقف المصعد في الطابق الرابع لتغادر المصعد مُبتسمة فتنحنح زين بحرج وهو يقول
-تحب اعرف لك مين اللى بيقول الكلام دا عنك

هز حمزة رأسه بالنفى ثم قال
-لا مفيش داعى

سارت فيروز في الرواق حتى وصلت إلى قسم خدمة العملاء وكان هناك صديقها حسن لتشير له بيدها ليذهب نحوها بنشاط ثم اخذها إلى الكافتريا وفى طريقهم كانت تقصي له ما حدث معها وطلب نيرة منها وسوء حالة والدتها فقال بتحذير رافضًا هذا الموقف
-لا يا فيروز انا مش موافق

نظرت للأسفل بضيق شديد ثم قالت بخذلان ويأس
-خلاص حد أيدك في جيبك وطلعلى مائة ألف جنيه للعملية ،

صمت حسن بضيق لتقول بجدية
-بس أنا وافقت يا حسن عشان أنقذ أمى

أتسعت عينيه بصدمة من موافقة صديقته على عملية الأحتيال تلك وسألها بضيق
-معقول اللى بسمعه دا يا فيروز أنتى توافقى على حاجة بالوقاحة دى

دمعت عينيها بضيق شديد ثم قالت
-عشان أمى يا حسن واحدة زي هتجيب منين مية الف جنيه للعملية ولا أسيب أمى تموت

صاح بها بأختناق شديد وهو لا يقبل أن تتحول صديقته البريئة إلى مُحتالة قائلا
-وأنا مش موافق أتفضلى كلمى الست دى وقولي لها انك مش هتعملى كدة

أزدردت لعابها الجاف في حلقها ثم تمتمت بضعف وحرج من فعلتها
-بس أنا وافقت يا حسن ومضيت وصلات امانه بالمبلغ دا

زفر بأختناق شديد فبعد فعلتها لم يتبقى مجال لها سوى تنفيذ هذه العملية المحتالة وأن تتنازل عن برئتها فصرخ بها وهو ينظر حوله حتى لا ينتبه له أحد قائلًا
-أنتِ مجنونة هو انتِ قد الناس الأغنياء دول وأزاى تثقي فيهم عشان تمضي على وصل امانه بمبلغ عمرك ما هتعرفي تمسكي بلاش دا مفكرتيش لو الراجل اللى هتنصيبى عليه دا كشفك هيعمل فيكى أيه وأن ممكن يكون مصيرك السجن

تنحنحت بحزن شديد بعد ان ذرفت الدموع من عينيها وقالت بضعف ولهجة واهنة
-مفكرتش غير في امى وورد يا حسن

تنهد حسن تنهيدة معبأة بالأنكسارات واليأس فهى جاءت له بعد أن صنعت المشكلة وليس بيديه حيلة سوى دعمها ومساندتها في هذه الكارثة..



دخل عاصم السكرتير إلى مكتب حمزة وسار بخطوات ثابتة حتى وصل على المكتب وقال بهدوء ولهجة رسمية
-أستاذ عادل برا

أشار حمزة له بأن يُدخله ليخرج عاصم وبعد دقيقة يدخل عادل وهو يقول بمرح وصوت مرتفع
-بوب يا حبيبى والله نورت مصر والشركة كلها

رفع حمزة عينى عن الورق الموجود امامه ثم قال
-أيه يا عادل وطى صوتك وقولى أيه سر الزيارة العزيزة دى

جلس عادل بعفوية ورفع قدميه على الطاولة الموجودة امامه ثم قال
-والله واحشنى يا حمزة

تبسم حمزة بسخرية شديدة وهو يعود بنظره إلى الورق الموجود أمامه ثم قال بمكر شديد
-ودا قبل ما تعرف أنى ورثت كل التركة من والدك العزيز وعمك الأعز ولا بعده

أتسعت عينى عادل على مصراعيها وأنزل قدميه عن الطاولة أرضًا وهو يقف من مكانه حادقًا ببرود في حمزة الحداد وهو يتحدث هكذا كأنه يستمتع بضم عدو جديد لقائمة أعداءه ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي