الفصل 3 إنقاذ

فتحت فيروز عينيها بتعب شديد وكانت نائمة على جانبها الأيمن لترى مكتبة خشبية مليئة بالكتب ومقعد أرجوحى يشبه عش العصفور وطاولة زجاجية صغيرة دائرية فوقها شمعة عطري يخترق عطرها أنف فيروز وكان هذه المظهر وحده كافى بأن يجعلها تنتفض من فراشها لتتألم من جرح ظهرها فوضعت يدها الأخرى عن كتفها لتُصدم عندما وجدت ذراعيها عاريتين وقد نزع أحد عنها ملابسها وظلت ببدى بحمالة قطنى لتلتف وهى تمسك كتفها بألم تتفحص بقية الغرفة وكانت غرفة نوم مستطيلة الشكل وكانت طويلة جدًا وربما هذه الغرفة بمساحة شقتها كاملة باللون الرمادي وأثاثها أسود، بأستثناء الكتب والمكتبة تشبه الغرفة المكان المهجور المليء بغبار ورماد الموتى وهناك أنترية أسود اللون وأمامه طاولة خشبية على شاشة تلفاز كبيرة الحجم قطعها صوت رجولى خشن يقول

-خلينا نقول أنك متهورة

لفت رأسها تجاه الصوت بخوف وهى لا تعلم أين هى وكيف جاءت إلى هنا لترى وجه حمزة يقف مٌتكأ على باب الشرفة وبين شفتيه سيجارة قد انهى نصفها فأزدردت لعابها بتوتر وهى لا تعلم ماذا ستقول وكيف سترتب كلماتها حتى لا يشك بها بينما هو أخرج السيجارة من بين شفتيه بسبابته والوسطى وألقاها بعيدًا خارج الشرفة وهو يسير تجاهها مُبتسمًا بمكر شديد على خوفها حين أنتفضت من صوته وتابع حديثه قائلًا:-

-لا وكمان جبانة

تنحنحت بخوف من نبرته وجدية ملامح وجهه وهو يسير تجاهها فقالت وهى تتسلل من الفراش ربما تحاول الهرب من امامه

-تهورى دا أنقذ حياتك

هز رأسه بنعم وهو يوافقها الحديث ثم قال بمكر عندما توقف أمامها يحجب عنها المرور من أمامه

-دا حقيقى بس دا صدفة ولا ترصد

أتسعت عينيها على مصراعيها من أن يكشف سر وجودها هنا وقالت بسرعة بتلعثم شديد

-وأنا هترصدك ليه يكونش عاشقاك فى الضلمة مثلًا

تبسم حمزة بغرور من وسامته وهو يضع يديه فى جيوب بنطلونه ثم قال بعد أن رفع حاجبه الأيسر بكبرياء

-ممكن ليه لا

قهقهت فيروز ضاحكة عليه فهل هذا هو السبب الذي توصل له ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور تام مثله ورفعت حاجبها الأيمن وقالت

-يا لسوء الحظ أنت مش نوعى المفضل

أندهش من ردها فهى أول من تخبره بأنه ليس مناسب لها بل جميع الفتيات التى حاولوا الأقتراب منه، كانوا مغرمات بوسامته أو محبات لأمواله فقال بغرور

-بس فلوسي نوعك المفضل

أصطنعت فيروز الجهل وتذكرت لقاءها معه فى المصعد وحديثها معه عن الرئيس المتعجرف فتبسمت بغرور مُشمئزة منه وقالت

-فلوسك!! أنت حتة موظف فى شركة هيكون حليتك كام ولا مرتبك كام يا مغرور أنت عشان تتكلم عن الفلوس ثم أن الفلوس مش هى اللى تخلى البنى ادم محبوب بين الناس

نظر لها بصمت وهو يتذكر حديثها عنه فى المصعد وهى تجهل هويته تابعت الحديث بقلق:-

-أنت اللى جبتنى هنا؟

لم يجيبها فتذكرت جرح خصره فأقتربت بقلق منه تحاول رفع قميصه وتقول:-

-عالجت جرحك..

دفعها سريعًا بعيد عنه مُندهش من تلقائيتها وقال بحذر:-

-أنتِ بتعملي أيه؟ أنتِ مجنونة؟

تنحنحت بحرج منه ثم قالت:-

-أنا أسفة بس فاكرة أنك أتجرحت

أعاد هندمت ملابسه بضيق من تصرفها ثم أستدار بغرور شديد ويهتف قائلًا

-الدكتور قال أنك لازم ترتاحى أسبوعين وأنا هسمح لك بأسبوع راحة هنا، ترتاحى فى السرير وكمان هتلاقى اللى يخدمك ويلبى كل طلباتك وأعتبرى الأسبوع دا كرم منى وشكرى ليكى على أنقاذ حياتى

كادت أن تتحدث لكنه كان يتحدث وهو يسير بعيدًا عنها ويعطيها ظهره وفور أنتهائه من الحديث غادر من الغرفة وأغلق الباب خلفه دون أن ينتظر رد منها أو جواب فتعجبت من غروره ثم جلست على حافة الفراش بهدوء تفكر بأن هذا الأسبوع كافى لها كى تنهى المهمة المطلوبة منها دقايق ودق باب الغرفة ودلفت زهرة وخلفها خامة تعرفت على زهرة بأنها من سكان هذه المنزل من هيئتها وملابسها التى تظهر رُقيها وثرائها الفاحش أم الخادمة كانت تحمل على يدها ملابس فتبسمت زهرة بعفوية وهى تقول

-أنا جبتلك هدوم من عندى عشان هدومك كانت مليانة دم فأتمنى تكون على مقاسك

أشارت للخادمة بأن تضع الملابس على السرير لتفعل الخادمة ثم غادرت لتقول فيروز بلطف

-مُتشكرة جدًا وأسفة على الأزعاج اللى سببته

جلست زهرة جوارها بسعادة وفرحًا من هذه الفتاة التى أنقذت حياة أخاها ثم قالت

-إزعاج أيه بس دا إحنا اللى المفروض نشكرك ، إحنا مديونين لك بحياة حمزة اخويا

تبسمت فيروز بحرج من هذه الفتاة بعد أن علمت أنها زهرة أخته ثم تمتمت وهى تمسك ذراعها بتعب

-العفو على ايه أنا عملت اللى اى حد مكانى كان هيعمله

ضحكت زهرة بعفوية وهى تقف من مكانها لكى تغادر وقالت بسخرية من حال هذه القصر والجميع يرغب بأذية اخاها وليس إنقاذه

-أشك أن كل الناس ممكن تعمل اللى عملتيه يا ..

أستدارت زهرة لها بفضول ثم سألت

-أسمك أيه

وقفت فيروز من مكانها بإحراج لتقول بلطف

-فيروز

أومأت زهرة لها ثم غادرت الغرفة تاركة لها المجال بأن تبدل ملابسها وتسترحي قليلًا



بداخل فيلا عامر الحداد بالصباح الباكر خرجت نيرة من غرفة نومها لترى عادل يغادر غرفته فقال بلطف

-صباح الخير يا ماما

تبسمت نيرة فى وجهه بضجر شديد من مُساندته إلى حمزة وأرتباطه من زهرة ضد رغبة والدته ثم قالت وهى تنزل الدرج

-صباح النور يا خبية أمك إلا قولى يا عادل هو حمزة بعد ما خد كل حاجة هيوافق يجوزك أخته السنيورة ولا هيستقلك

نزل عادل خلفها وهو يتأفف بضيق من بداية الصباح مع والدته المليء بالمشاحنات الكهربائية ثم قال

-أنا بعتمد على مالى وملكى مش مستنى ورث، ممكن أموت أنا والناس تورثنى يا ماما وبعدين أنا بحب زهرة بعقلى وقلبى مش بقيس حبى بالفلوس عندى أيه وعندها ايه

وصلت للأسفل وهى تضحك بسخرية على أبنها ثم قالت

-الشاى يا قادرة

حدثت خادمتها ثم ألتفت إلى عادل وقالت نيرة بضيق من تفكير ابنها المليء بالعواطف

-مش بقولك خيبة أمك خليك يا حبيبى فى أملاك المحصورة فى عربية وأنت بتتكلم كأنك تملك الأطنان

تبسم عادل من حديث امه ومقياس حياتها الأساس المال فقال

-أنا غني القلب وغنى بحب زهرة يا ماما مش بالفلوس عن أذنك

قالها وسار إلى الخارج لكى يغادر فأستشاطت نيرة غضبًا من هذا الأبن وقالت بأنفعال

-خلى زهرة تنفعك

أستدارت لترى رؤي تنزل من الأعلى وتقول بضيق

-يا دى زهرة اللى لحسة مخ ابنك أقسم بالله يا ماما أنا ما فاهمة هو أيه اللى عاجب ابنك فيها

سارت نيرة للداخل غاضبة وهى تقول

-أعمى مبيشوفش

دلفت إلى مكتب عامر وكان فى أشد حالة من الغضب وهو يتحدث فى الهاتف بانفعال شديد يقول

-يعنى حمزة فلت من الموت محظوظ

أغلق الخط ونظر إلى زوجته وهى تقول

-موت ايه اللى فلت منه المحروس

تحدث عامر بمكر شديد وغضب ويقول

-الظاهر أن هادى أخويا بدأ مكره وبعد التفكير وصل لقتل ابنه عشان يورث

تعجبت نيرة من حديثه لتقول

-هيقتل ابنه عشان الفلوس أنا مشوفتش فى قذارة اخوك وغله

ضحك عامر بسخرية من حال اخيه اليأس من أسترداد المال ولا يهتم لحياة ابنه ولا يكثرت إلا بمصلحته وكيف تنجى المال...



فى مكان أخر داخل قصر الحداد

خرجت فيروز من الغرفة مُرتدية بنطلون أحمر فضفاض وعليه تي شيرت أبيض بنصف كم وحافية الأقدام، ترجلت للأسفل بذهول من ضخامة القصر وجماله لم تحلم يومًا بدخول مكان مثله أو رؤيته من بعيد فوصلت للأسفل ووقفت تحدق بالردهة لكنها فزعت بهلع عندما تحدثت نجلاء من الخلف وتقول:-

-محتاجة حاجة

صرخت فيروز بخفة من الهلع ثم قالت بحرج

-أنا أسفة جدًا

تبسمت زهرة وهى تقترب من الخلف وتقول

-شكلهم طلعوا مقياسك فعلا بس أنا بعت لك جزمة

نظرت فيروز على قدميها الحافتين وهى تستدير إلى زهرة ثم قالت بحرج شديد

-أنا بحب أكون حافية

أومأت زهرة لها بنعم ثم قالت

-على راحتك تحبى تفطر معايا

تبسمت فيروز بصمت شديد وهى تسير نحو السفرة مع زهرة لتمر من أمام غرفة المكتب المغلقة وحمزة بداخلها جالسًا ويستعد للذهاب إلى العمل وزين يقف أمامه يقول

-أمبارح كانت فى الشركة بتزور صديق لها فى خدمة العملاء وأعتقد أنها سمعت عنك الكلام اللى قالته من صديقها دا لكنها متعرفكش

أومأ حمزة له ببرود دون أن يكثرت للحديث كثيرًا وقف وهو يضع الهاتف فى جيبه ثم قال

-يلا بينا

خرج من باب المكتب ومعه زين وسار بخطوات ثابتة وهو يغلق زر سترته لكنه سمع صوت ضحكات وعندما نظر رأها تجلس مع أخته على السفرة ويتحدثان معا وبسمتها تمليء وجهها ليغادر وهو يقول

-نبه على الحراس متطلعش من القصر أبدًا لحد ما أرجع

أومأ زين له بنعم ثم تابع حمزة قائلًا

-عرفت عاملة امبارح كانت من تخطيط مين فيهم

أجابه زين وهو يفتح باب السيارة له قائلًا

-واضحة جدًا من تخطيط والدك

رمقه حمزة نظرة غضب وكره ليسحب زين كلمته وقالت

-أسف قصدى هادى بيه

ركب حمزة السيارة فى الخلف ليصعد زين بمقعد السائق وقال

-محدش هيستفيد من موتك غيره وعامر الحداد مش بالغباء اللى يخليه يعمل الحركة دى

هز حمزة رأسه بالموافقة على حديث زين ويؤيده الرأى ثم أنطلق زين بالسيارة...



ألقي هادى الحداد الهاتف بالحائط بعد أن أخبره الرجل بفشله فى قتل حمزة وأستشاط غضبًا وهو يقول

-للمرة الكام ولحد أمتى هتفضل ماسك فى الحياة يا حمزة من وأنت فى بطن أمك

أتاه صوت حمزة يقول

-لحد ما أدخلك قبرك هو مش الابن بردو اللى بيدخل ابوه القبر

أستدار هادى بأغتياظ شديد من ظهور حمزة فى هذا التوقيت وقال بأختناق وكره سافر يخيم على قلبه

-يا عالم وأن خابت المرة دى متضمنش المرة الجاية هيحصل أيه

تبسم حمزة وهو يسير للداخل ثم جلس على المكتب ثم قال

-كل مرة هتخيب ما دام العقل اللى بيفكر وبيخطط هو عقلك أنت

تبسم هادى وهو يسير نحو المكتب ثم جلس على المقعد وقال بخبث

-متثقش أوى كدة أنا سمعت أنك كنت على وشك الموت لولا البنت اللى إنقذتك

لف حمزة نظره إلى هادى بغضب مكبوح بداخله ثم قال

-كان لازم أشكرها على إنقاذها ليا وفى نفس الوقت أواسيها لأنها وقفت فى طريق شرك ومقابل إنقاذ حياتى كان ممكن تخسر حياتها هى

تبسم هادى بمكر ثم قال

-يا عالم هتخسرها ولا لسه ما هى الجايات أكتر من الرايحات يا حمزة بيه

وقف حمزة بضيق شديد ثم قال بتهديد

-رايح نفسك يا هادى بيه أنا تربى الحداد الكبير ولو مُت مش هتلاقى جنيه تورثه خاف من وصيتى تبسم حمزة بمكر ثم غادر المكتب ليشتعل هادى غضبًا مما حدث وهل كتب حمزة وصي بالفعل وضرب المكتب بقبضته..



بداخل المستشفى كانت ورد تقف مع حسن أمام غرفة العمليات بقلق شديد على والدتها التى بداخل فأربت حسن على كتفها بلطف وقال

-خير أن شاء الله

تنهدت ورد بقلق وهى ترفع نظرها إليه وهو بمثابة أخ أكبر لها هى وأختها ثم قالت

-خايفة اوى يا حسن

قبل أن يُجيبها خرج الطبيب ليخبرها بأن الجراحة نجحت والأن ستبقى والدتها تحت الملاحظة فرحت بسعادة وأخرجت هاتفها لكى تخبر فيروز لكن هاتفها كان مُغلق



كانت تجلس فيروز على الأرض فى الحديقة فوق العشب الأخضر وتضم قدميها إلى صدرها بضعف والخوف مُتمكن منها وهى تعلم بأن والدتها الان تجرى الجراحة وتدعي لها بصمت وجسدها يرتجف خوفًا من أن يُعاقبها ربها على ما تفعله فى والدتها وتفقدها وحتى هاتفها تخشي أن تفتحه وتغضب نيرة منها وهى السبيل الوحيد لإنقاذ والدتها، سالت دموعها على وجنتها ومنها إلى أقدامها العارية وهى تحتضن ركبتيها بذراعيها وقلبها ينتفض ذعرًا ورعبًا لا تصدق بأنها تجلس هنا ووالدتها هناك بغرفة العمليات وأختها الصغيرة ربما تكاد تموت رعبًا وحدها لكن علقت أمالها على صديقها حسن بأن يكون خير سند لأختها فى لحظة كهذه ..

عاد حمزة للقصر مساءًا بعد يوم طويل فى العمل وكانت الساعة بلغت مُنتصف الليل ليراها تجلس فى الحديقة على الأرض وسيارته تمر من أمامها ليقول

-أستن يا زين هنا

أوقف زين السيارة قبل أن تبلغ جهتها أمام باب القصر ثم ترجل حمزة من السيارة وذهب نحوها لكنه رأها تهز جسدها بتوتر شديد فوقف أمامها فى صمت وعندما رأت فيروز قدمه أمام عينيها رفعت رأسها للأعلى فرأى دموعها تتغلغل فى جفنيها ليجثو على ركبتيه وهو يسأل ببرود

-أتمنى ميكونش الجرح بيوجع للدرجة اللى تخليكى تعيطى

لا تعلم بماذا ستجيبه فأومأت له بنعم فهى لا تستطيع أخباره عن والدتها شيء، تنهد حمزة بضيق ثم جلس على العشب ورأى قدميها حافيتين تعانق العشب بنعومتهما فقال

-الدكتور قال ترتاحى وأنا أمرتك ترتاحى فى السرير أيه اللى وصلك لهنا

أجابته بضيق شديد فهى بهذا الوقت لا تستطيع الحديث أو تلقى الأمور من أحد

-أنا مبأخدش أوامر من حد وأنا مش جارية عندك عشان تتحكم أقعد فين وأعمل أيه

وقفت من مكانها لتشعر بدوران فى رأسها من وقفتها فجأة بانفعال كاد أن يرفع نظره للأعلى لها بعد أن عض شفته السفلى بضيق من ردها عليه الذي أشعره بالحرج لكنه صُدم عندما سقطت بين ذراعيه فاقدة للوعى ليسقط معها أرضًا وهى فوقه وبلا إرادى تشبث بيها بكلا ذراعيه ليشعر بشيء بارد أسفل يده فرفع يده لينظر بها كانت مليئة بالدم فأسقطتها أرضًا وهو يبتعد عنها ليرى جرح ظهرها فُتح ولوث تي شيرتها الأبيض بالدم، حملها على ذراعيه ودلف للقصر وجلب الطبيب ليُغير لها الضمادة ويفحص الجرح ثم غادر وألتف حمزة لكى يغادر معه لكنه أستوقفه صوت غمغمتها وهى نائمة ليقترب منها ويجلس على الفراش بجوارها ثم قرب أذنه من فمها ليسمعها وهى تُتمتم بدون وعى

-ماما..ماما متسبنيش …..

أبتعد عنها ثم غادر الغرفة وكان زين أمام الباب فقال حمزة وهو يسير تجاه غرفته بجدية وحزم

-أجمع لي كل المعلومات عنها وعن أهلها وخصوصا مامتها

أعترض زين بجدية قائلًا

-أنا معرفش حاجة عنها

رد حمزة بجدية وبرود شديد

-اسمها فيروز

تبسم زين بسخرية وهو يقول

-وهو كدة هعرف عنها حاجة على الأقل أسمها كامل أو عايشة فين حتى

رمقه حمزة بغضب فأزدرد زين لعابه بصمت وأومأ له بنعم ثم غادر ليدخل حمزة غرفته وهو يُحدث نفسه قائلًا

-أنا حاسس أن وراكي حاجة يا فيروز حاجة كبيرة أوعى وأنا إحساسى مبيكدبش....



كانت زهرة جالسة بغرفتها تتحدث بالهاتف مع عادل وتقول

-الحمد لله لولا فيروز دى كان زمن حمزة جرى له حاجة لقدر الله

أجابها عادل بنبرة هادئة يقول

-متقلقيش يا حبيبتى حمزة حظه فى رجله

تذمرت زهرة على حديثه لتقول بضيق

-أنت بتهزر فى وقت زى دا يا عادل بقولك حمزة كان هيموت وأنت بتهزر

تبسم عادل بخفوت على غضب فتاته الصغيرة وقال

-ههه يا حبيبتى والله ما بهزر هو فعلا محظوظ وبك فى صفه دايمًا متقلقيش عليه

صمتت للحظات ثم قالت بلطف:-

-بس تعرف البنت دى جميلة اوى من جواه يا عادل وطيبة

أجابها عادل بنرة ناعمة وغزل قائلًا

-مش أجمل من حبيبتى

ضحكت زهرة على حديثه ثم قالت

-بكاش والله بس بحبك

سمعت صوت خطوات بالخارج فقالت بقلق

-هكلمك تانى يا عادل

أغلقت الخط معه وترجلت من فراشها ثم فتحت باب الغرفة لترى والدها يسير فى نهاية الرواق بجسد متأرحج يمين ويسار لتعلم أنه عاد من ليلته فى القمار بعد شرب الكثير من الخمر وبالكاد يستطيع السير على قدمه فتنهدت بأختناق وكادت أن تعود زهرة إلى غرفتها لكنها توقفت بذعر عندما رأت والدها يفتح باب غرفة فيرو فهرعت خلفه وهى تناديه قائلة

-بابا

أغلق الباب خلفه وهى شبه فاقد الوعى فعضت على شفتيها بضيق وعى لا تعلم ماذا تفعل، أنتهى بها بالأمر بالركض إلى غرفة حمزة لتيقظه من نومه قائلة

-أصحي يا حمزة

أجابها وهى تضع الوسادة فوق رأسه ليقول:-

-شوية يا زهرة

-شوية أيه أصحى فى مصيبة

أبعد الوسادة عن رأسه ونظر إليها لتخبره بذهاب والدها إلى غرفة فيروز فتنهد بضيق شديد وهو يغادر الفراش قائلًا

-رايح يقتلها بنفسه عشان بوظت خطته

كسر باب الغرفة بغضب سافر يحمل كل ذرة كره فى قلبه لهذا الرجل ودلف مع زهرة ليرى والده يتسلل للفراش ويضع يده على كتفها فهو بهذا السكر لا يرغب بقتلها بل بشيء أخر فأستدار حمزة لكى يغادر لتوقفه زهرة بضيق من تصرفه وقالت

-هتسيبه يأذيها بعد ما أنقذت حياتك

تأفف حمزة بضيق شديد ثم ذهب للفراش ودفع والده بقوة ليسقط أرضًل وحملها على ذراعيه وفيروز فاقدة للوعى وألتف ليرى أخته تنظر على والدها بشفقة فتمتم حمزة بضيق

-أخرجى يا زهرة لأحسن يأذيكي أنتِ وهو مسطول كدة ..رجل نجس

أخذ “فيروز” إلى غرفته خوفًا من والده وجعلها تنام على الأريكة وصعد لفراشه يكمل نومه وكأن شيء لم يكن …
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي