الفصل 2 محاولة قتل

كانت نيرة جالسة في مكتب زوجها في الشركة فرغم فقده للملك لكنه ما زال المدير العام للشركة وتحدثه عن فيروز قائلة
-فيروز بنت عمرها 23 سنة يتيمة الأب ومتخرجة من كلية التجارة شايلة مسئولية بيتها كأنها راجل البيت دا عندها اختها بتدرس في كلية الأداب اسمها ورد لسه في سنة أولى ووالدتها مريضة كانسر ومحتاجة للفلوس جدًا عشان تعليم اختها ووالدتها لازم تعمل عملية بمبلغ متتخيلوش وعمرها ما مسكته ولا هتمسكه دا من ناحية حياتها من ناحية شكلها بنت زى القمر يا عامر وبراءتها غالبة ملامحها لدرجة أنى لما شوفتها أول مرة قبل ما تقولى على حكاية الوصاية فكرت أجابها وأجوزها لحمزة وأعمله فضيحة أبن القصور أتجوز بنت الغلابة والنسب لكن بعد ما سمعت الخبر جتلى الفكرة دة تبقي نصابة، براءتها هى سلاحها وعفويتها هى سحرها، البنت دى حمزة مش هيأخد وقت فى أيدها، وبرائتها دي اللى خلتها صدقت أنى مش هأخد من حمزة غير نص الثروة بس حقى متعرفش انى هخليه على الحديدة

تبسم عامر بمكر شيطاني وهو يشرد بخياله في تلك اللحظ التي سيسلب بها من حمزة الحداد كل ما يملكه ثم قال بنبرة حماسية
-برافو عليكى يا نيرة بس يا رب تنجح

تبسمت نيرة وهى تقف من مكانها وتقول
-هتنجح بس دلوقت همشي عشان عندي ميعاد معها عشان أعرفها كل حاجة عن حمزة

غادرت المكان بحماس شديد لتركب المصعد وعندما غادرته رأت فيروز تسير في ساحة الشركة وتغادرها، دهشت من وجودها هنا وهى لم تخبرها بأى شيء فسارت خلفها حتى غادرت الشركة وقبل ان تصعد فيروز إلى الأتوبيس أوقفت نيرة سيارتها أمامها، أنحنت فيروز لها لتدهش عندما رأت وجه نيرة على عكس هذه المرأة التي تبسمت لها وهى تقول
-أركبى يا فيروز

تنهدت فيروز بخوف مما هي مقبلة عليه ثم فتحت الباب وصعدت جوارها لتنطلق نيرة بها..


في مكان أخر كانت زهرة تجلس في الجامعة البريطانية مع أصدقاءها لتمر رؤي من جوارها وهى تقول بطريقة غليظة تثير أستفزازها
-الزهور دبلت والله

تنهدت زهرة بأختناق شديد وهى تتجنبها وتتجاهل حديثها تمامًا فقالت دارين صديقتها بصوت خافت
-أعتبريها مش موجودة يا زهرة

نظرت زهرة لها بضيق شديد تكبحه بداخل صدرها حتى لا تفتعل الشجار مع هذه الفتاة التي تحمل نفس دمها غادرت رؤي مع أصدقاء بضيق شديد من تجاهل زهرة لها فقال مسك صديقتها بفضول شديد
-أنتوا المفروض عائلة واحدة ليه الكره اللى بينكم دا

تبسمت رؤى بسخرية وقالت
-يا حبيبتى إحنا منعرفش يعنى ايه عائلة إحنا اللى ميأكلش لحم اخوه بيموت دى أسرار وماضي وخلاصة تتنحصر في الفلوس وبس سيبك أنتِ بس تعالى ندخل المحاضرة قبل ما نتأخر

دخلوا لمبنى الكلية بينما أنصرفت زهرة إلى مرأب السيارات لتأخذ سيارتها وتغادر الكلية لكنها وجدت عادل يقف أمامها، شاب في نهاية عامه الثلاثين من العمر وأكبر أولاد عامر الحداد لديه زوج عيونه سوداء ضيقة وبشرة متوسطة البياض أصلع الرأس ولديه لحية خفيفة بجسد رياضي وطويل القامة فتبسمت بوجه ملاكي وبسمة مُشرقة وسارحة تزيد من تسارع نبضات قلبه فسارت نحوه بدلال حتى وصلت امامه وقالت
-جاى عشانى ولا عشان اختك

ضحك وهو يأخذ يدها اليمنى في قبضت يده وهو ما زال يتكأ على سيارتها بأسترخاء ليقول
-أختى أنا بشوفها في البيت مش محتاج اجى وراها على الكلية أنا جاي لحبيبة قلبى

تبسمت أكثر لأجله فتحدث بهيام من هذه البسمة التي تخطف قلبه في كل مرة لتسقطه في عشقها من جديد
-هاااااي برفق على قلبى يا بنت بضحكتك دى

قهقهت ضاحكة أكثر على دلاله لها ثم وقفت جواره وهى تتبأطا ذراعه وتقول
-هتأكلنى أيه

ضحك عادل بعفوية عليها وهى تحب الطعام أكثر منه بمراحل فهذا ما يعتقده ليقول وهو يفتح باب سيارته قائلًا
-أنا نفسي في مرة تحبنى أنا أكثر من الأكل يا زهرتى
ضحكت وهى تركب السيارة جواره بسعادة تغمر قلبها العاشق والبريء فهى لا تهتم بهذه العائلة وصراعاتها على المال ولم يُصيب قلبها وعقلها الصغير الكره والحقد الذي يغمر الجميع لا تكترث لشيء سوى لهذا الرجل الذي تكن له المشاعر والحب الصادق فتبسمت بعفوية وهو يقود السيارة بها ويمد يده الأخرى لتضع يدها به ويتشابك الأصابع بحب فقالت زهرة بقلق
-عرفت موضوع الوصية

تلاشت البسمة من وجهه وقال بوجه عابس
-اه عرفت وقلقان من الحرب اللى هتبدأ

تنهدت تنهيدة مليئة بالخوف والقلق وبدأت الحديث بصوت ضعيف
-أنا خايفة على حمزة يا عادل كلهم هيبدأوا يفكروا يأخدوا منه الفلوس والشركة ازاى وبابا مش هيسكت على كدة أنت عارف قسوته على حمزة أزاى وقد ايه بيكرهه وكأنه مش ابنه وعمه كمان مش هيقعد ساكت ويتفرج

شد عادل على يدها بقبضته بلطف وهو يقول
-متقلقيش يا زهرتى انا معاه وفى ظهره ومتأكد ان الوصية سليمة مش مزيفة ولا حاجة لأن كلنا عارفين قد ايه حمزة كان قريب من جدي وقد ايه هو اللى تعب في نجح الشركة دى وموت جدي وهو غضبان ومقاطع ولاده سبب كافي يخليه يحرمهم من الورث

تنهدت بصمت لينظر عادل لها بدهشة من ربكتها وتوترها فقال بنبرة قوية صادقة
-أطمنى يا زهرة أنا معاه وفى ضهره ومفيش حاجة هتحصله
أومأت له بنعم وهى تبتسم بخفة لأجله فتبسم عادل لها بالمثل


وصلت نيرة إلى كافى في وسط البلد وجلست مع فيروز فبدأت الحديث معها عن حمزة قائلة
-اسمه حمزة الحداد عنده 32 سنة وعازب حمزة يبقى ابن هادى الحداد اخوه جوزى الصغير وعنده اخت أسمها زهرة بنت طيبة كدة وبريئة في نفسها مش هتحطيها في حسبتك لأنها مش مهمة اوى، حمزة محدش بيحبه في العائلة كلها حتى ابوه

تعجبت فيروز من حديثها وقالت بأستغراب
-في أب بيكره ابنه

تبسمت نيرة وهى تحمل فنجان قهوتها بين يديها لتقول
-لما يكون ابن حرام اه بيتكره عادى

أرتشفت نيرة القليل من قهوتها ببرود تاركة المجال إلى فيروز لتندهش وتُصدم مما تسمعه فهل هذه حياة الأغنياء التي تسمع عنهم، أنزلت نيرة الفنجان عن شفتيها ثم تابعت ببرود شديد
-هادى الحداد كان راجل نسواجي وما زال وهو شاب غلط مع خادمة في القصر وحملت منه لكنه رفض يتجوز خادمة فقيرة وأمرها تنزل الطفل لكن فؤاد الحداد لما عرف خد الخادمة ورعاها لحد ما ولدت حمزة وطبعًا الموضوع دا جنن هادى الحداد وأزاى ابن القصر يبقى عنده ابن من خادمة ومعترفش بأن حمزة ابنه لحد اللحظة دى ومن لحظة ولادة حمزة وهو عايش مع جدو فؤاد الحداد لحد ما اتوفى لازم تعرفى أن حمزة شخص مغرور جدًا ومستحيل يثق في أي ست بسبب والدته اللى جابته في الحرام بعنى مهمتك صعبة جدًا لكن أنا واثقة أن إصرارك على إنقاذ والدتك هيخليكى تنجحى يا فيروز، لكن حذرى الوحيد ليكى أوعى تحبي حمزة لان وقتها هتجنى على نفسك بالموت لأن الماضي مش هيكرر نفسه وابن القصور مش هيحب الفقيرة

أومأ فيروز لها بثقة رغم أرتباكها وتوترها من ما ستفعله وهل ستنجح في الحصول على توقيعه على ورقة واحدة ام لا ثم سألت بفضول
-هي الورقة فين

تبسمت نيرة بخبث شديد وهى تقول
-الورقة انا هبعتها لك لما اتاكد انك قدرتي تحصلى على ثقته لأن من غير ثقة حمزة مستحيل يوقع على ورقة منك لأن اى ورقة بيوقعها بيقرأها كويس اوى هو وزين، وزين دا سر حمزة ودرعه اليمين وحمزة مبتحركش من غيره ومبيثقش في حد قد ثقته في زين

أومأت فيروز لها بنعم ثم نظرت في يدها على ساعتها ووقفت بتعجل قائلة
-ماشي أنا هستأذن دلوقت عشان اروح لمامتى الزيارة

أستوقفتها نيرة ببرود شديد وهى تضع الفنجان في طبقه وتقول
-حاجة مهمة يا فيروز من اللحظة دى انتِ من غير أهل وأهلك تنسيهم تمامًا لأنك قدام حمزة بنت يتيمة ومالكيش أهل

أتسعت عيني فيروز بصدمة قاتلة ألجمتها ليتوقف لسانها عن الحديث من صدمتها وهى لا تستوعب هذا الأمر فقالت وهى تعود للجلوس امامها قائلة
-أنتِ بتقولى أيه؟ أزاى يعنى انا امى وأختى مالهمش غيرى

وضعت نيرة الفنجان على الطاولة ثم رفعت نظرها إلى فيروز بهدوء بارد يثير غضب فيروز ويقتلها لتتفوه بالحديث الجاد
-أهلك انا هأهتم بيهم وهبقى أطمنك عليهم من فترة للتانية لكن علاقتك بيهم أتقطعت نهائي وإلا أزاى هتكونى قريبة من حمزة وتدخلى القصر وتعيشي فيه وأنتِ عندك اهل وبيت
قاطعها فيروز بذعر شديد تقول
-بس أنا مقدرش أبعد عنهم

وضعت نيرة يديها على الطاولة وأقتربت نحوها أكثر ثم بنبرة قوية جادة
-وقربك منهم هيعمل أيه ولو كان البُعد عنهم هو اللى هيحيهم ويديهم الحياة مش دا افضل ليكى وليهم ولا تفضلى قريبة ومامتك تموت بالمرض وأختك تتفصل من الجامعة عشان المصاريف اللى مبتدفعش

صمتت فيروز بحيرة شديدة والخوف يتمالكها وهى تفكر في حديث هذه المرأة فقربها منهم لن يصلح الأمر ولن يُشفى مرض والدتها وهكذا اختها لن تبقى بجامعتها بالقرب بل بالمال هي بحاجة للمال فقط ليصلح أمور حياتها التعيسة فقط، تدمع عينيها بضعف ثم هزت رأسها المنخفضة للأسفل بالموافقة فتبسمت نيرة بسعادة وهى تبني سعادتها على حاجة وحزن هذه الفتاة الضعيفة قليلة الحيلة امام قسوة الزمن والدهر عليها لكن نيرة لا تهتم سوى بغايتها هي فقط


كانت ورد تقف في المستشفى أمام غرفة والدتها الفاقدة للوعى فتاة لم تكمل العشرين عام وترتدي فستان أبيض عليه زهور زرقاء وطويل فضفاض وبكم وشعرها متوسط الطويل مرفوع للأعلى تنتظر عودة اختها التي خرجت صباحًا بكذبة ذهابها للعمل ومع طول الأنتظار جلس على المقاعد الحديدية لتشعر بالملل وأختها فيروز لا تجيب على الهاتف لكن تلاشي الملل واليأس عندما رأت فيروز تأتى من بعيد لتقف ورد بسعادة لها ثم قالت
-أخيرًا يا فيروز كنتي فين

عانقت فيروز عناق طويل وكأنها تودعها وتأخذ منها طاقتها وشجاعتها لتبدأ هذا العمل فأربتت ورد على ظهر أختها بحنان وقالت
-حصل حاجة يا فيروز

تبسمت فيروز وهى تخفى خوفها وحزنها عن أختها لتقول وهى تبتعد عنها وتنظر في وجهها
-لا يا قلب فيروز محصلش

تبسمت ورد في وجهها بسعادة وقالت
-الدكتور قال ان ماما هتعمل العملية بكرة

أومأت فيروز لها بحماس وسعادة حقيقة بسبب إنقاذ والدتها من حافة الموت مهما كان الثمن لتقول
-عرفت أسمعى يا ورد أنا لاقيت شغل في شرم الشيخ وهستلموا من بكرة فغصب عنى هسيب مسؤولية ماما عليكى

تلاشت بسمة ورد فور سماعها لهذا الحديث لكنها قالت بشجاعة
-متقلقيش يا فيروز أنا قدها وكفاية تعبك وشيلك للمسؤولية كلها لوحدك

تبسمت فيروز وهى تحتضن رأس أختها بين راحة يديها وقالت بدلال
-وأنا عارفة أنك قدها يا ورد وجدعة المهم تخلى بالك منها كويس ومتتعبهاش ها واهم حاجة تركزى في مذاكرتك يا ورد

أومأ ورد لها لتعانقها فيروز بضعف شديد لتدمع عينيها بحزن وضعف وهى لا تعلم متى ستسنح لها الفرصة بلقاء أختها ووالدتها مرة أخرى فجففت دموعها سريعًا قبل أن تبتعد عن اختها وترى ورد هذه الدموع وبعدها دخلت فيروز على غرفة والدتها وكانت نائمة على فراش المرض فاقدة للوعى والأجهزة تحيط بها وبجسدها الضعيف ثم جلست جوارها وقالت باكية
-سامحينى يا أمى انا عارفة أن اللى هعمله غلط بس أنا مقدرش أخسرك أبدًا سامحينى لأنك عارفة أنى أضعف بكتير من أنى أشوفك بتروحى منى أو أشوف ورد بتخسر مستقبلها بسبب الفقر

جهشت باكية وهى تحتضن يد والدتها وتنام فوق صدرها بحزن وضعف وبداخلها تشعر أن روحها على وشك الموت أو مغادرة جسدها والألم والوجع بداخلها أكبر بكثير من قدرتها وطاقتها لكنها لا تجد سبيل سوى الذهاب للجحيم من أجل عائلتها الصغيرة لتغادر الغرفة بوجه شاحب من شدة البكاء وعينيها حمراء من كثرة البكاء فرأت حسن جاء للمستشفى ويقف مع اختها فقالت بهدوء
-خلى بالك منهم يا حسن

صمت وهو غاضبًا ويعارض ما ستفعله لكنه لا يملك شيء يفعله وهو قليل الحيلة خرج معها من المستشفى تاركين ورد مع أمها ليقول بضيق
-خلى بالك من نفسك يا فيروز وأبقى طمنينى عليكى

أومأت له بنعم ثم قالت بحذر
-أممم خلى بالك منهم يا حسن وأوعى تقولهم أنا فين أنا فهمت ورد أنى مسافرة شرم الشيخ بلاش صورتى تتهز قدامهم

أومأ لها بنعم فغادرت وحدها إلى العنوان التي أرسلته نيرة لها لتُصدم عندما وجدت سيارة الأجرة توقفت أمام مبنى شركة دبليو واىللتكنولوجيا التي يعمل بها حسن وما كانت بها صباحًا رن هاتفها مُعلن عن أستقبال رسالة جديدة لتفتحها لتفزع بصدمة اكبر عندما رأت نيرة أرسلت لها صورة حمزة وكان هذا الرجل هو من رأته صباحًا في المصعد، تذكرت حديثها عنه أمامه فهل حدثته عنه بتلك الصفات السيئة رفعت نظرها للشركة ولتزدرد لعابها الجاف في حلقها بصعوبة بالغة عندما رأته يخرج من الشركة لتختبيء سريعًا خلف شجرة بخوف وشعرت بقشعريرة تسير في جسدها وتنفست بصوت عالية وصدرها يصعد ويهبط بخوف وهى لا تعرف كيف ستتقرب منه بعد أن تحدثت عنه بالسوء
صعد حمزة على سيارته وزين يقودها لتفزع من رحيله وتشير على سيارة اجرة وقالت بقلق
-وراء العربية دى لو سمحت

كان يقود زين السيارة وحمزة ينظر في هاتفه بصمت دون أن يكترث للطريق ليصطدم صدره في المقعد الأمامى وسقط الهاتف من يدها عندما ضغط زين على المكابح فجأة ليقول حمزة بضجر
-مش تخلى بالك

قطعه زين وهو يفتح حزام الأمان بجدية
-خليكى هنا يا حمزة واضح أن عائلتك بدأت

نظر حمزة للأمام وكانت سيارة سوداء تقطع عنها الطريق وعندما نظر للخلف ليرى سيارة سوداء أخرى ترجل زين أولًا بعد أن نزع سترة بدلته ليقول
-خير يا شباب

أجابه قائدهم بحدة وهو يقول
-خليك أنت بعيد لو خايف على عمرك

بدأ الشجار معهم ليرأه حمزة وهو يلكم البعض ويتلقى اللكمات من البعض وهؤلاء الرجال يحملون مضارب البيبسول الخشبية لكن عددهم يفوق قدرة زين القتالية ليترجل حمزة بشجاعة وهو يرفع كم قميصه لساعده بغرور ويقول بنبرة قوية
-مش عيب عليكم تلعبوا في الطريق كدة

لكم أحدهما في وجهه بقوة ليسقطه ارضًا ثم قال بغرور شديد وهو يهز يده الذي لكم بها
-مكنتش ناوى أدرب النهاردة بس أعمل أيه بقي

أخرج بعض الرجال السكاكين الحادة لتفزع فيروز وهى جالسة في السيارة وتراقب الوضع ففزع سائق سيارة الأجرة وقال
-أمشي يا أنسة ولا هتنزلى انا مش هفضل واقف هنا

تنحنحت بخوف وحيرة مما يجب ان تفعله ثم قالت
-نزلنى وأمرى لله

ترجلت من السيارة لينطلق السائق سريعًا هاربًا وأختبأت هي تقف خلف أحد السيارات المصفوفة جانبنا تراقبه وهو يلكمه البعض ويتلقى لكمه في وجهه لتضع يدها على وجهها فجأة وتقول بخوف وهو امام عينيها يصارع الرجال
-أوبس مش كنت تهرب أحسن

وقف زين خلفه وظهره متكأ بظهر حمزة ليقول بتمتمة وعينيه تراقب الجميع ورافعين قبضتيه أمام وجهه مستعدا للدفاع عن نفسه
-تعرف تهرب

ضحك حمزة بحماس شديد وهو يلكم احدهم وقال بنبرة حماسية وكله نشاط كأنه يلهو فى حلبة المصارعة
-متعودتش أهرب يا زيزو

تلقى حمزة طعنة خفيفة في خصره من احدهما لتسيل الدماء وتلوث قميصه الأبيض بلون الدم لتفزع فيروز بهلع مما تراه وتساءلت هل ستعيش وسط هؤلاء البشر الذين يشبهوا العصابات لترى أحدهم يحمل سكين ويقترب من حمزة من خلفه كى يغدر به
كان حمزة يمسك أحد الرجال ودفع رأسه في نافذة السيارة بقوة وأستدار ليرى الرجل على وشك غرس السكين في قلبه فسقط على صندوق السيارة والرجل فوقه يضغط على السكين وحمزة يحاول مقاومته وهذا السكين بدأ يخدش صدره فتألم بضيق لكن سريعًا ما سقط الرجل أرضًا وظهرت فتاة من العدم تحمل أحد المضارب وتأخذ يده تعجب من ظهره فيروز وجرائتها في ضرب هذا الرجل نظرت فيروز له ووجهه مليء بالكدمات وفمه جُرح غير جرح خصره الذي ينزف وهو يضع يده اليسرى محاولًا كتم النزيف تتطلع بها وكانت تلهث بخوف رغم شجاعتها وأثناء نظراتهم حصلت فيروز على طعنة في ظهرها بالسكين من يد هذا الرجل الذي ضربته لتفقد توازنها صارخة من الألم، وضعت يديها على صدره وعينيها تنظر لعينيه بضعف وكأنها تصرخ من الداخل على تشابكها مع هؤلاء الناس وتحديدا هذا الرجل المهدد بالقتل والسرقة، عينيه كانت مصدومة من ظهور هذه الفتاة من العدم فى حين أن فيروز كانت تتسائل رغم كل شيء هل يستحق حمزة ان يكن كل هؤلاء الاعداء فى حياته، شعرت بدوار فى رأسها والدم تسيل على ظهرها تشعر بكل قطرة تخرج منها لتغلق أناملها على قميصه من الأمام بضعف واستسلمت لألمها وأغمت عينيها شيء فشيء، تشبث حمزة بها بذراعيه قبل أن تسقط على الأرض فاقدة للوعي فحدق بها مُعتقدًا بأنها توفت...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي