الفصل الفصل الثاني

، ثم و اذ بتلك المرأة تمد يدها لِتُخرِج محفظتها ثم قاقامت بإخراج مبلغ من المال ، و بدأت تلح على والدتي من اجل ان تقبل بذلك المبلغ ، الا ان امي رغم إلحاح المرأة و اصرارها لم تقبل بمساعدتها ، تلك هي أمي لطالما كانت عفيفة النفس مكتفية بما لديها و راضية بقدر الله خيره و شره ، امي هي المثال الأكبر للصبر فلقد صبرت و تمسكت بالصبر ، دائماً ما تعلمنا و ترشدنا الى الطريق الصحيح ، و عندما لم تقبل امي بمساعدة تلك المرأة ، بدأت المرأة في التحدث اليها قائلةً :

: انا ادعى ندوى و يناديني الجميع بأم غيث ، انا كأختك الكبيرة يمكنك قبول هذه المساعدة البسيطة مني

أمي : شكراً لكِ على مساعدتك لكن لا يمكنني قبول هذه المساعدة منك ، ارجوكِ اعذريني و شكراً لك على لطفك

ام غيث : حسناً اذاً الن تعرفيني عن نفسك !

أمي : انا ادعى ابتسام ام محمد من فلسطين و هذه ابنتي ايناس

ام غيث ( ندوى ) :  تشرفت بمعرفتك ، يا لها من طفلة جميلة هل لديكِ ابنة واحدة فقط

ام محمد ( ابتسام ) : لدي ثلاثة ابناء ، محمد و أحمد و ايناس

ام غيث : ماشاء الله تبارك الله ، حفظهم الله

ام محمد ( ابتسام ) : شكراً لكِ حفظك الله و ادام ظلك يا اختي

ام غيث : هل يمكنني مرافقتك إلى منزلك من اجل أن احفظ عنوانك و نبقى على تواصل

ام محمد ( ابتسام ) : بالطبع ، اتشرف بك

ثم ذهبت ام غيث ( ندوى ) برفقة ام محمد ( ابتسام ) الى منزلنا و عندما وصلوا كنت ُ في المنزل حينها و اذ بأمي تنادي لي من الخارج

ام محمد ( ابتسام ) : محمد لقد عدنا هل انت هنا و هل عاد اخوك أحمد برفقتك

فخرجت و اذ بتلك الخالة التي كانت تقف بالقرب من والدتي ، كانت تبتسم لي بكل محبة لقد كان عمرها في الخمسينات تقريباً ، كانت بيضاء ناعمة الملامح و كأنّ النور يتربع في وجهها ، شرعتُ في سلامي عليهم ثم بدأت في الحديث طبعا بدون ان اصافح فقد علمتني امي ان لا مصافحة بين رجل و مرأة غرباء

نظرت ام غيث ( ندوى ) إلى امي و قالت : اذا هذا هو ابنك الذي حدثتيني عنه محمد حفظه الله ، و لكن أين أحمد انا لا اراه

ذهبت أمي لتنادي أحمد من اجل ان يأتي و بعدها دخلت الى منزلنا ، ثم ادخلناها اليه و جلست على الأريكة الوحيدة التي في منزلنا ، لقد كانت قديمة و بالية الطراز ، بدأت المرأة تنظر في زوايا المنزل و الجدران التي من الأقمشة البالية و القديمة لكنها كانت تتحاور مع امي و كانتا يتعارفا على بعضهم البعض أكثر ، لقد كانت تلك المرأة بسيطة جداً و طيبة القلب ، لم يسبق لي برؤية مثل هذه المرأة من طيبتها و بساطتها و عفويتها ، ثم بدأت في الحديث قائلة

ام غيث ( ندوى ) : انتِ طيبة و لطيفة جداً يا ام محمد ، ارجوكِ انا هنا بالجوار متى ما اردتني او اردتِ مساعدتي يمكنك ان تزوريني

رأيت في وجه امي الاحمرار يدل على خجلها من ضيفتها الجديدة بسبب حال بيتنا الرث و لكن ام غيث لم تدع امي تشعر بشيء فقد كانت دائمة التبسم لا تلتفت إلا إليّ انا و اخوتي

فأسرعت اذهب إلى تلك الزاوية المقسومة من المنزل و قد احطاناها هي الاخرى ببعض الكراتين و التي نسميها المطبخ اخرجت ظرفاً من مسحوق شراب البرتقال و ملأت كأسين من الماء و جهزت كأسين من الشراب و عدت مسرعاً إلى امي و ضيفتها و قدمتهم لهم ووقفت بجانب اختي إيناس اداعب خصلات شعرها

تناولت ام غيث كأس العصير و رشفت منه بضعة رشفات متبسمة لي
و امي تحاول ان تخفي ارتباكها و تفتح اي حديث مع ضيفتها كي لا تحس بأن لا شيء امامها من كرم الضيافة ...

نظرت ام غيث إليّ و قالت : شكر لك يا بني شراب لذيذ

هززت برأسي متقبلا ذاك الثناء الذي احسسته قد اسعد امي

ام محمد ( ابتسام ) : شكراً لكِ هذا من لطفك و كرمك

ام غيث ( ندوى ) : ما رأيك هل تجيدين الخياطة ؟

ام محمد (ابتسام) : نعم اجيدها ، كنتُ قد تعلمت هذه المهنة في صغري و لكن لماذا تسألين ؟

ام غيث (ندوى) : جميل جداً ، لدي فرصة عمل لكِ تقضين اوقات فراغك بها

أتذكر بهجة وجه أمي حينما سمعت بأن هناك فرصة عمل ، فلطالما كانت تبحث عن عمل يناسبها كامرأة لكنها لم تجد أي عمل مناسب فهي لا تحب ان تعمل في مجال مختلط و لم اكن انا اسمح بذلك و لطالما حاولت ان اغطي حاجتنا بعملي هنا و هناك إلا انني لم استطع

اكملت حديثها ام غيث ( ندوى ) قائلةً و موجهةً بحديثها الى أمي

فرصة العمل هي خياطة و تصميم الملابس و يمكنكِ العمل و انتِ في المنزل و برفقة أطفالك أيضاً و براتب جيد أيضاً ، فنحن لدينا ورشة خياطة و يعمل الكثيرون بها بالاضافة الى ان البعض يعمل لدينا لكن من منزله بالاضافة الى ان ابنك محمد يمكنه العمل مع زوجي من أجل ان يتعلم المهنة ، فما قولك يا اختاه

سُعدت أمي في ذلك و قبلت على الفور بكل سعادة و فرح ، و أخيراً سوف نتمكن من عيش حياة هنيئة بعملنا و جهدنا

هزت امي برأسها موافقة و قالت : من دواعي سروري يا امي غيث شكرا لك ..

و بعد ان قبلت اتفقتا بأن تبدأ في العمل من الغد و سوف تحضر الخالة ام غيث ( ندوى ) آلة الخياطة بالإضافة الى المعدات و اللوازم من أجل البدء بالعمل ، اما انا فسوف أبدأ في العمل مع العم أبو غيث من الغد أيضاً ، مما جعلني ذلك الخبر أن أطير من سعادتي الكبيرة و أحلق فأخيراً سوف أحصل على عمل ثابت ، أساعد به والدتي و أكون لها عوناً و سنداً و نخرج من حالنا هذا
لطالما احببت ان اكون انا سند البيت و عضده و ان املأ الفراغ الذي تركه والدي بعد مماته رحمه الله ،

و من ثم رحلت الخالة أم غيث بعد ان رسمت الابتسامة على وجوهنا جميعاً ، فلقد كنا جميعنا سعداء كيف و لا و قد استجاب الله لدعوات أمي و دعواتنا ، و أخيراً سوف نقف على اقدامنا و نصحح البعثرة التي رافقتنا لسنوات طويلة و أخيراً سوف نعيش حياة هنيئة كريمة و ذلك بفضل الله و منّته علينا ..

حلّ منتصف اليل و نام اخوتي الصغار ايناس و أحمد بينما انا و أمي لم نتمكن من النوم و ذلك بسبب تفكيرنا و سعادتنا ، بدأت أمي برسم احلامها فلقد قالت لي و الابتسامة قد رُسمت على ثغرها بأنها تريد تأسيس عائلتنا من الصفر ، فلقد عزمت على شراء منزل صغير بعد ان تجمع مالاً كافياً من عملي و عملها و هكذا كانت أمي تخطط لتحقيق أحلامها بعد ان رُزقنا بعمل و أخيراً ، و هكذا أمضينا الليلة بين أحلامنا و آمالنا و خططنا للمستقبل ..

ثم سمعنا أذان الفجر فقامت امي و بدأت تفتح النوافذ و طلبت مني أن اوقظ إخوتي ايناس و أحمد من أجل الصلاة ، فوالدتي دائماً ما كانت تعلمنا على الالتزام بالصلاة و الفرائض و الواجبات ، لقد كانت دائماً ما توصينا بالصلاة و عدم قطعها ، و بعد ان استيقظ احمد و استيقظت ايناس ، قمنا للصلاة و توجهنا انا و أحمد الى المسجد ، أما والدتي بقيت في رفقة ايناس ليصليا في المنزل ، و بعد ان انتهينا من الصلاة عدنا انا و أحمد الى المنزل حيث كانت والدتي تقوم بترتيب المنزل و توظيب الأشياء و كانت ايناس تقوم في مساعدتها أيضاً ، اما أنا فذهبت لأبدأ في تلاوة القرآن الكريم و أحمد عاد الى النوم كالعادة

دقت الساعة معلنة انها العاشرة و النصف و أتت الخالة ام غيث برفقة زوجها حيث احضرا لنا المعدات و اللوازم من أجل ان تبدأ أمي في العمل ، فبقيت الخالة ام غيث مع امي تعطيها ارشادات و تنبيهات تخص العمل ، أما انا فلقد اصطحبني العم ابو غيث الى الورشة من أجل أن أبدأ في عملي معه ..

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي