الفصل 4

الفصل 4

أراه صورا لعائلته من هاتفه بينما ابتسم ويليام قائلا:
_ حسنا أنت تستحق هذه السعادة بعد كل ما مررت به، كنت في وضع سيء عندما أتيت لزيارتي قبل ثماني سنوات، عندما تزوج صديقك من الفتاة التي تحبها، لكنني سعيد لأنك وجدت الحب الحقيقي.

تغيرت ملامح ويليام وهو يضيف:
_ أتمنى لو أن زواجي نجح أيضا لقد بذلت كل جهدي كل يوم لثماني سنوات لكن بلا فائدة.

ربت فيكتوريو على كتفه قائلا:
_ لا بأس عليك، ربما تكون بداية جديدة لكليكما ربما ستجد السعادة مع روز وأنجيل ستجد شخصا ما.

بعد ساعات طويلة وصلت أنجيل إلى الفندق أخيرا وأخذت قسطا من الراحة وبعد أن استعادت نشاطها، اتصلت بسكرتيرة والدها لتأخذ موعدا معه، لكنها أخبرتها أنه في مدينة أخرى ولن يعود إلا بحلول يوم غد.


تنهدت بعمق وهي تفكر إنها المرة الأولى التي تزور فيها موطن والدها لقد عاشت كل حياتها في إيطاليا في أحد الأحياء الفقيرة رفقة والدتها الإيطالية "بلانكا"، لقد كانت سيدة مستهترة وتتهرب من مسؤولياتها كأم، وقد قضت أنجيل معها طفولة تعيسة فهي بالكاد كانت توفر لها المأكل والملبس، لكنها لاحقا حصلت على عمل مربح على حد قولها وصارت تدفع تكاليف دراستها، ومع ذلك لقد عانت أنجيل من الرفض من قبل زملائها في المدرسة.

وقد سمعت كثيرا منهم يتحدثون عنها بسوء وعن والدتها، كون والدها مجهولا، لكنها لم تكن أبدا تعلم أن والدتها كانت بائعة هوى إلا عندما صارت في الإعدادية، ولم تعد والدتها تحاول إخفاء شيء، فقد اكتفت من تظاهرها بكونها امرأة صالحة.

بعد مدة ومع تقدم والدتها في السن على الأغلب لم يعد مرغوبا بها، وبذلك تحولت حياتهما إلى جحيم حقيقي وانتهى بهما الأمر للانتقال إلى حي شعبي أكثر فقرا.

منزلهما كان أشبه بكوخ مهجور، من دون كهرباء وأي من ضروريات الحياة، واضطرت أنجيل للدراسة ليلا على ضوء الشموع وهذا ما جعل نظرها يضعف، ولكونها من المتفوقين حظيت بمنحة لمتابعة دراستها

واستمرت في تلك الحياة التعيسة إلى غاية ذلك الحادث اللعين الذي بالكاد تتذكره، ولكنه ترك في نفسها أثرا كبيرا

ومنذ ذلك اليوم هي لم تقابل والدتها قطولا تعلم عنها شيئا

كانت تلك المرة الأولى التي تقابل فيها والدها، لقد أخبرها أنه تأكد أنها ابنته بعد أن أجرى الفحص وقد اشترى لها منزلا في مكان محترم ووظف خدما لرعايتها وسجلها في أحسن المدارس، إلى أن انتقلت إلى الجامعة.

وطبعا لقد أبقاها للعيش في إيطاليا وهو عاد إلى موطنه وكان يتفقد أحوالها عن طريق الخدم.

لكنه كان يرسل هدية لها في عيد ميلادها كل سنة وما زال يفعل ذلك إلى الآن، لقد كانت سعيدة بحياتها الجديدة، لكنها أيضا كانت تتساءل عن مصير والدتها لقد اختفت كما لو أن الأرض ابتلعتها.

لقاؤها الثاني بوالدها كان في ظروف غريبة، لقد أتى فجأة عندما كانت في العشرين من عمرها وقدمها إلى بعض معارفه وأولادهم الشبان.

من بينهم عائلة فرانس وعائلة ويليام، وبعد بضعة أيام أخبرها أن تختار أحد أولئك الأشخاص لتتزوجه، لم يمنحها مجالا للرفض، مع أنها كانت معجبة بشخص آخر حينها.

وفي نهاية المطاف اختارت ويليام لسببين لأنه كان لطيفا معها ولأن لديه عائلة جميلة، فهي التي لم تجرب دفء العائلة في حياتها.

شعرت بسعادة غامرة عندما قابلت والدي ويليام وتعاطفت معهما عندما علمت بوفاة ابنتها، لقد رغبت أن تكون جزء منهم وهذا ما حدث فعلا.

وخلال فترة قصيرة تم الزفاف، لكنها وجدت نفسها ضائعة فهي لا تعلم أبدا كيف يفترض أن تكون علاقتها مع زوجها فقد عاشت حياة منغلقة لا تعرف شيئا عن المشاعر ولا عن كيفية التصرف، لا تعرف كيف عليها أن تعبر خاصة أنها تخشى أن يساء فهمها ومع مواصلة الآخرين السخرية منها في كل مناسبة زادت عقدتها وشعرت أنها فقدت نفسها كليا.

مر يومان على سفر أنجيل وفي ذلك الوقت بذل ويليام جهده لإيجاد طريقة لإخبار والديه، حتى أنهما غضبا كثيرا عندما علما بذهاب أنجيل لرؤية والدها فجأة واتهماه بمضايقتها.

كره تردده، أنجيل كانت شجاعة وذهبت لمقابلة والدها لكنها إلى الآن لم تخبره شيئا، هل يعقل أن والدها منعها من العودة بعد أن أخبرته سيكون واقعا في مشكلة حينها هو يريدها أن تبقى إنها جزء مهم من عائلته، ربما كان عليه مرافقتها.

ومن جهة أخرى دييغو استمر في السؤال عنها، واضطر لإخباره أنها مسافرة في رحلة عمل، طبعا ردة فعله كانت سلبية.

وطبعا صديقه فرانس فرح كثيرا بقراره وشجعه، وروز بدت متفائلة عندما علمت بسفر أنجيل.

لكنه لم يستطع منع نفسه من القلق، إنه يعلم أن أنجيل تحب والديه وهو لا يريد إبعادها عن جو العائلة هو لا يريد جعلها تعيسة لن يكون سعيدا على حسابها.


في لوكسمبورغ

كانت أنجيل تشعر بحزن عميق لقد أخبرتها السكرتيرة أن والدها قد عاد لكنه رفض رؤيتها، بكت بهدوء وقد أدركت أن والدها يعتبرها وصمة عار على ما يبدو ويرفض حتى مجيئها إلى بلده، بالتأكيد فهي ابنة غير شرعية، وجد نفسه ملزما بالتكفل بها لتجنب الفضيحة، والأهم من ذلك لقد أخبرها بوضوح أن زوجته وأطفاله لا يعلمون بوجودها لذلك عليها أن تكون حذرة.

ذلك يشعرها أنها منبوذة من العالم كله والدها، ويليام، حتى ابنها دييغو لا يحبها ويستمر بتوجيه تلك النظرات إليها، صدقا ما الخطأ الذي ارتكبته؟ لقد كانت تعيش بهدوء لكن كل شيء انقلب رأسا على عقب.

كانت تجلس في باحة الفندق عندما تقدم منها أحدهم وهو يقول :
_ من الأحمق الذي جعل سيدة جميلة تبكي؟

مسحت أنجيل دموعها وأجابت:
_ شكرا على المجاملة لكنني لست جميلة.

استغرب سماع ذلك منها وجلس بجانبها قائلا:
_ مؤكد أن الشخص الذي أخبرك بذلك جاهل تماما.

تنهدت بعمق، إنها تدرك جيدا رأي الآخرين فيها، لذا كل ما قال أحدهم شيئا جميلا تشعر أنه يسخر منها.

كرر سؤاله قائلا:
_ لماذا تبكين؟

أدركت أنه لن يدعها وشأنها إلا إن أجابته فقالت:
_سوف أنفصل عن زوجي، ظننت أنه طالما أحبني لكن يبدو أنه لم يكن سعيدا معي يوما.

تنهد بعمق وقال:
_ أنا أيضا سأنفصل عن شريكتي لكنها على خلافك أنا واثق من أنها لن تفلت دمعة واحدة من أجلي.

رمقته أنجيل بانزعاج قائلة:
_ حتى لو بكت فهي لن تبكي أمامك، أنتم الرجال قساة ولا تحكمون إلا على الظاهر.

تفاجأ بسماع ذلك وسألها:
_ هل أنت جادة؟

أومأت برأسها إيجابا وقالت موضحة:
_ زوجي هو من طلب الانفصال عني لذلك يستحيل أن أبكي أمامه ولاشك أن موقف شريكتك مماثل، حتى لو كانت تحبك فهي لن تبكي أمامك ولن تطلب منك التراجع ليس بعد أن جرحتها.

وقف على وجه السرعة وهو يقول:
_ أتعلمين؟ أنا أدرك أن شجارنا كان لسبب سخيف، وكلانا كان عنيدا لذلك تطور الأمر وقلت أنني أريد الانفصال في لحظة غضب لكنها صدمتني عندما وافقت وقالت أن هذا ما تتمناه لكن إن كان كلامك صحيحا...

قاطعته أنجيل:
_ عليك التحدث عن مشاعرك بصراحة، لا تتردد، كما فعلت أنا.

شكرها من أعماقه وغادر مباشرة، بينما شعرت هي بسخرية القدر إنها توجه نصائح للآخرين لكنها عاجزة عن إنقاذ زواجها.

التعبير عن المشاعر إنها عاجزة عن ذلك تماما.

تهافت زملاء روز لتهنئتها ببقائها معهم في الشركة وقد صار جليا للجميع أن ويليام يحب روز وسينفصل عن زوجته.

روز بدت مسرورة أكثر من أي وقت مضى فقد تحقق ما حلمت خلال الأشهر الماضية، في البداية كان مجرد حلم فتاة مراهقة بتجربة رومانسية مع مديرها في العمل لكن الواقع أخذ مجرى آخر وتحول حلمها إلى حقيقة واقعة، واتضح أن ويليام يحبها لدرجة أنه مستعد للتخلي عن عائلته من أجلها.

والآن بمجرد عودة أنجيل من سفرها سيصبح ويليام حرا وسيرتبطان، ومع ذلك لم تستطع منع نفسها من الشعور بالذنب.

وعزاؤها الوحيد أنها تعلم أن ويليام لم يكن سعيدا مع أنجيل وابنه، وهي ستبذل جهدها لتعويضه ستمنحه الحب وتجعله يعيش أجمل أيام عمره معها.


كان ويليام في مكتبه، لقد قلق كثيرا لأن هاتف أنجيل مايزال مغلقا ترى ما الذي حدث معها؟

زفر بعصبية ولام نفسه على تقصيره ليس من العدل أن يتركها تواجه والدها بمفردها أساسا إنه يعلم أن علاقتهما سيئة، فكريستوف لم يأتي لزيارة أنجيل منذ زواجها.

قاطع أفكاره دخول روز التي أخبرته بموعد الاجتماع

أومأ لها وحدق في هاتفه، بينما اقتربت منه ممسكة يده وقالت بحزن:
_ أعتقد أنني فتاة أنانية.

تطلع إليها متسائلا لتضيف:
_ لست متأكدة إن كان يتهيأ لي فقط أم أنك حزين حقا على مفارقة زوجتك.

تنهد بعمق وأمسك يديها قائلا:
_ روز لا أريدك أن تسيئي الفهم، لقد اتخذت قراري ولن أتراجع عنه لا أريد أن أعود إلى ما كنت عليه، أنا سعيد لأنني أفعل ما أريده لا أريد أن يتحكم أحد في حياتي بعد الآن.

شعرت بالارتياح لسماع ذلك بينما أضاف:
_ لكنني لن أفترق عن عائلتي، أنجيل ودييغو جزء منها أتمنى منك أن تفهمي ذلك.


تطلعت إليه بعدم فهم ليضيف:
_ أنجيل مهمة جدا بالنسبة لي فهي تذكرني بشقيقتي الراحلة ودييغو هو ابني الوحيد كلاهما مهم ولا أستطيع قطع علاقتي بهما أريدك أن تكوني على دراية بذلك.

ترددت للحظات قبل أن تقول:
_ طبعا أنا لا أريدك أن تقطع علاقتك بابنك، وحتى أنجيل فهي والدة طفلك لكن يجب ألا تتواصلا إلا عندما يكون الأمر ضروريا.

أكد لها أنه سيلتزم بذلك، عندما اهتز هاتفه معلنا وصول رسالة من أنجيل ليعلم أنها وصلت للتو من رحلتها وستذهب إلى المنزل لترتاح.


استلقت أنجيل على سريرها وهي حزينة لما آلت إليه الأمور قبل أسبوع كان كل شيء على ما يرام و فجأة انقلبت حياتها لتدرك دون سابق إنذار أنها مجرد فاشلة لم تنجح في شيء طوال حياتها.


يبدو أن السنوات الثماني الماضية كانت كلها عبارة عن كذبة لا تعلم من نسجها لكنها بالتأكيد منعت نفسها من رؤية الحقيقة واستمرت في تصديق تلك الكذبة ولم تتوقع أن الحقيقة ستجرحها إلى تلك الدرجة... لدرجة أنها حقا تكره نفسها وتكره عجزها عن إخبار ويليام أنها ليست كما يعتقد هي ليست باردة طالما كانت سعيدة معه لكن.

كان جورج والد ويليام يغلي من الغضب وحاولت زوجته كريستينا التهديء من روعه لكن بلا فائدة هي نفسها كانت قلقة وخائفة، الحوادث الأخيرة لا تبشر بالخير إطلاقا.

بذل ويليام جهده لإنهاء أعماله باكرا والعودة إلى المنزل إنه يريد الحديث مع أنجيل أولا ثم إخبار والديه .طبعا سيكون رد فعلهما كارثيا لكن لا يهم لقد اتخذ قراره ولن يماطل أكثر من ذلك سيعيش من أجل نفسه من أجل سعادته بالطريقة التي يريدها هو لا التي يمليها عليه الآخرون.

وفور عودته وكما توقع والداه كانا في انتظاره ونظرة ساخطة على وجهيهما إنهما يلومانه لكن على ماذا تحديدا؟ لأنه سيتحرر أخيرا من سيطرتهما، ويعيش حياته بسعادة؟

تقدم ناحيتهما وسألهما عن أنجيل لكن والده رد بحدة كالمعتاد:
_ ويليام، لينا في غرفتها أريد أن ننهي سوء الفهم السخيف الذي حصل قبل قدومها.

شعر ويليام بالمرارة وهو يسمع كلمات والده يتحدث عن مشاعره باستهزاء ويصفها بسوء فهم سخيف.

ضغط على قبضته بشدة بينما سأله جورج:
_ لماذا عادت تلك الفتاة إلى الشركة ألم ينتهي عقد عملها ما الذي تحاول فعله، أنت تهدم زواجك؟

لم يحتمل ويليام أكثر وانتفض قائلا:
_ هذا يكفي لقد نلت كفايتي من أنانيتكما أنتما لم تفكرا في مشاعري يوما لم تهتما لما أريده وما أحبه، كل ما تفعلانه هو إصدار الأوامر متوقعين أن أنفذ دون اعتراض، أنا ابنكما ولست عبدا، لماذا تصران دائما على إجباري على فعل ما لا أريد لقد حاولت أن أكون متفهما. حاولت ألا أجرحكما وراعيت حقيقة أنكما حزينان على وفاة أختي وكذبت على نفسي ومضيت في ذلك الزواج لكنني في الواقع، لم أحب أنجيل في حياتي، بل لم أنظر إليها كزوجة قط أنا أيضا كنت مثلكما منذ أن رأيت أنجيل للمرة الأولى تذكرت شقيقتي إيلينا، ولم يتغير ذلك أبدا هل تدركان العذاب الذي كنت أعيشه؟ لقد عشت ضد مبادئي، بسبب أنانيتكما لقد فقدت شقيقتي مرتين عندما ماتت إيلينا وعندما تزوجت أنجيل، فقدت الحق في أن أكون أخا لها أيضا.

صدم والداه بسماع كلماته، هما لم يتخيلا أبدا أن ابنهما كان يشعر بهذه الطريقة، لقد اعتقدا أنهما أحسنا الاختيار له،و وأنه كان سعيدا لكن من كان يظن أن كل هذا الألم كان يعصف به.

بكت أنجيل في صمت وهي تسمع كلماته زوجها كان ينظر إليها طوال هذه السنوات كشقيقة ولم يحبها يوما والأسوأ أنها في كل مرة كانت تعتقده سعيدا بتمضية الوقت معها هو كان يجبر نفسه ويحاول تغيير مشاعره اتجاهها لكنه فشل فهي بالنسبة له صورة عن شقيقته الراحلة.

شعرت أنها غاضبة من نفسها هي فقط فكرت في نفسها واستقرارها ولم تفكر في ويليام كيف يشعر وكيف يفكر . والنتيجة سينفصلان عن بعضهما بطريقة كارثية لقد عاشا معا لمدة ثماني سنوات دون خلاف واحد . لكن الأمر يبدو الآن أن علاقتهما ستنتهي إلى الأبد ولن ينظر أي منهما إلى الآخر بعد الآن، هي لا تريد ذلك.

مع أنها تكره حقيقة أن ويليام يرى فيها صورة أخته، إلا أنها لا تريد أن تحرمه من تلك الذكرى، ليس خطأه أنه لم يتمكن من حبها لا أحد يجبر على الحب ويليام ضحية مثلها تماما، كلاهما كان ضحية لأنانية أشخاص آخرين لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية.

مسحت دموعها محاولة استعادة ملامحها الجادة عندما سمعت جورج يقول بغضب:
_ سأقولها لمرة واحدة ويليام ابتعد عن تلك الفتاة وعد إلى زوجتك وطفلك وإلا ستنسى أن لديك عائلة.


لكنه صدم عندما تدخلت أنجيل قائلة:
_ أبي رجاء لا تفعل.

نظر إليها ويليام بأسف وقال:
_ أنجيل لست مضطرة للدفاع عني خاصة أنني.

لكنها استجمعت شجاعتها وثبتت على موقفها قائلة:
_ أنا لا أدافع عنك بل أدافع عن قرارنا نحن الاثنين لقد اتخذنا هذا القرار معا لست الوحيد الذي يرغب في الانفصال هذه إرادتي أيضا لذلك.

تطلع إليها جورج بحزن وقال:
_ أنتما تريدان الانفصال! لينا لماذا لم تخبرينا؟

بكت كريستينا بصمت وهي ترى عائلتها تنهار لقد خسرت ابنتها سابقا والآن إن انفصل ويليام عن أنجيل ستضطر للرحيل عنهم وسيكون ذلك مؤلما جدا.

تألمت أنجيل وهي ترى الألم والحزن في عيني جورج وزوجته إنها تعلم جيدا أنهما يحبانها، لقد حظيت بالحب والحماية من قبلهما ومعهما عرفت معنى أن يكون للمرء عائلة وأشخاص يكترثون لأمره ويساندونه.

لكن من جهة أخرى هناك ويليام، ليس من حق أحد إجباره على البقاء تعيسا، مادام قد وجد السعادة الأفضل أن يتركوه.

تطلعت إليهما قائلة:
_ أنا آسفة، لكن كما قال ويليام تماما نحن طالما كنا ننظر إلى بعضنا كأخوين، بذلنا جهدنا لتغيير ذلك لكن بلا فائدة، ما يجمعنا ليس حبا بين زوجين ومن المؤسف أن علاقتنا تشوهت بتلك الطريقة.

ثم تطلعت إلى ويليام وأضافت:
_ أتمنى حقا أننا لم نتزوج، كنت سأكون سعيدة بالحصول على أخ مثلك.

حزن ويليام كثيرا لسماع ذلك وأجاب:
_ أنجيل، طالما أننا ننظر إلى بعضنا باحترام فهذا كاف بالنسبة لي، سأحبك دائما كما أحببت إيلينا، وأتمنى ألا تكرهيني أيضا.

هزت رأسها نفيا وأجابت:
_ لن أكرهك أبدا، على العكس أنت كنت صادقا ومخلصا طوال سنوات زواجنا رغم أنك لم تكن سعيدا إلا أنك لم تؤذني يوما أنا ممتنة لك.

شعرت كريستينا بحزن عميق وهي تدرك فداحة الخطأ الذي اقترفاه في حق أنجيل وويليام.

في حين حدق فيهما جورج متسائلا هل حقا هما جادان فيما يقولانه؟ هل حقا نظرتهما إلى بعضهما لم تتغير حتى مع وجود طفل بينهما؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي