الفصل الثاني

ادرك وسيم خلال اليوم ان العمل هو ما يقوم به الناس
من حوله فاستنتج ان عليه العمل ليحصل على نقود ليجلب بها طعام ،كان قد اكتشف ذلك متأخراً والشمس قد قاربت على الزوال ،وجد فتى يحمل الصناديق ويبدو عليها  انها ثقيلة وينقلها من العربة الى مخزن صغير ففكر وسيم ان يفعل مثله فاقترب من الرجل قائلا_هل يمكننى حمل هذه الصناديق ايضا مقابل بعضاً من النقود لأجلب الطعام ،  كاد الرجل ليرفض ولكن نظر  الى وسيم والى ملابسه والتى اصبحت فى حالة مزريه ولكن يبدو عليها غالية الثمن فعلم انه ربما كان ميسور الحال وغارت عليه الايام فأشفق عليه وهو يقول حسنا_سأدُعك تنقل هذه الصناديق مع هذا الفتى ولكن ليس مقابل المال وانما سأعطى لك وجبة عشاء تقتاتها،
سُر وسيم بذلك وقال حسنا _موافق
باشر وسيم عمله الاول فى حياته فى حمل هذه الصناديق،كان الامر صعب عليه وحملها بصعوبة كبيرة فتعجب كيف لفتى صغير مثل هذا يحمل الصناديق بسلاسه فى حين انه يجد صعوبه بالغة فى حملها ،عندها أدرك وسيم انه اذا اراد الاستمرار فى هذه الحياة فعليه بالعمل ليجد قوت يومه وانه يوجد الكثير من الاشياء التى يجهلها هو وعليه تعلمها حتى يتسنى له العيش  كما الاخرون وانه لن يكون بالامر السهل ابدا فالحياة ليست كما يظنها او يتوقعها ،انهى عمله بعد جهد كبير وحصل اخيرا على الطعام كما وعده الرجل ،وسيم_شكرا لك
الرجل _اذا كنت تريد جمع المال فعليك بذل جهدا أكبر من هذا ،فهذه الحياه لا تقبل بالضعفاء فيها ابدا
ادرك وسيم ان هذه نصيحة من الرجل وعليه الاخذ بها ،فقال وسيم_معك حق ،هل لى ان اعود اليك فى الصباح لأعمل مقابل المال
الرجل_حسنا ولكنى اظن ان هذا العمل ليس مناسباً لك
وسيم_ما باليد حيلة ايها العم ،ليس لدى حل اخر
الرجل_يبدو انك غريب ،فهذه أول مرة اراك فيها هنا
وسيم_أجل انا غريب ولا اعرف احد هنا ابدا،
الرجل_اذا فستعثُر عليك ،لا تقلق
وسيم بعدم فهم_من الذى ستعثر عليّ؟
الرجل _اسمع احذر المخادعون،وحافظ على ما تحاول حمايته حتى تجدك ،واعلم انها لن تتركك
وسيم_لم افهم شيئا،من هى ؟
الرجل_انها اللصة
وسيم _ماذا لصة ،ولماذا اريدها ان تجدنى على اى حال فأنا ليس لدى شىء لتسبنى اياه.

ذهب وسيم الى المكان حيث نام فيه ليلة أمس فلقد كان تعباً للغاية لأول مرة يبذل هذا الجهد الكبير فهو ليس معتاد على هذا ابدا ،لكنه لم يجد الولد الصغير الذى كان نائما بالامس لم يفكر وسيم بالامر كثيرا فلقد كان مرهقاً بدرجه كافيه لعدم التفكير فى شىء سوى النوم ،جلب الورقة الكرتونيه التى قد خبأها فى الصباح فردها على الارض ونام من فوره ولم يستيقظ الا فى الصباح على ضوء اشعة الشمس تداعب وجهه ،اعتدل وسيم فى جلسته وقال فى نفسه ،ان عليه ان يبحث عن مكان لينام فيه بدلا من هذا ،لذا قرر ان يسأل العم صاحب المخزن ان يجد له مأوى ،وهو فى طريقه الى مكان المخزن حيث سيعمل هناك ،اعترض طريقه شاب ما ،وسيم باستغراب_أهناك شىء!
الشاب وهو ينظر بخبث لهيئة وسيم وملابسه الغاليه رغم اتساخها والى تلك الساعه التى فى  يده وتبدو باهظة الثمن  _لقد رأيتك تنام بالعراء ،هل أجد لك مأوى؟!
وسيم بفرحة_أحقاً ستفعل؟!
الشاب بكذب وهو مازال ينظر للساعه بيده _اجل طبعا طبعا ،لكن كل شىء بالمقابل
وسيم_لكنى ليس لدى نقوداً
الشاب_وهو يشير الى ساعه يد وسيم ،لكن لديك هذه
وسيم _انها ساعتى ،اوه حسناً ،اذا اعطيتها لك ستدبر لى مأوى أنام فيه فالساعه غاليه جدا
الشاب بابتسامة عريضه فهو سوف يحصل على مبتغاه بسهولة _اجل بالطبع اعطنى اياها لأدبر لك مكانا تنام فيه وقابلنى هنا بالمساء اتفقنا
خلع وسيم ساعته بكل سذاجه واعطاه للشاب الذى لا يعرفه ويراه لاول مرة _تفضل ،نتقابل فى المساء يا صديقى ،اخذ الشاب الساعه واخفاها فى ملابسه بسرعه وانطلق وهو يقول فى نفسه بخبث_لست صديق أحد ايها الاحمق ،اخذت ساعتك بكل سهوله

كانت هناك تتابع مايحدث من بعيد وهى تكور قبضتها فى غضب فلقد استطاع هذا المخادع خداع وسيم بسهوله ،وهذا الاحمق صدقه بسرعه جدا ،لذا كان عليها أن تتصرف ....
ذهب وسيم الى المخزن بفرحه من أنه لن يكون مضطرا للنوم فى الشارع مرة اخرى ،القى وسيم التحية على الرجل الطيب وباشر عمله فى حمل الصناديق بحماس ،كان معه فى العمل هذه المرة ولدان صغيران ،كانوا يحملون الصناديق بسهوله وبسرعه كبيرة فى حين ان وسيم يمشى ببطىء شديد ويبدوا انه يعانى صعوبه فى نقل الصناديق،لذا كانوا كلما يعملون حموله ويضعونها وهم فى طريق العودة للعربه يجدون وسيم مازال لم يقطع منتصف المسافه يسخرون منه ،لكن وسيم لم يلتفت اليهم ،هو يعلم انه ينقصه الكثير من الاشياء ليتعلمها ،يعلم انهم لا يعرفون عنه شىء لذا لم يلقِ لكلامهم بالًا
فى المساء وبعد أن انهى عمله وأخذ استراحه طويلة من هذا العمل الشاق ،تناول طعامه وهو يستند على السور

المطل على البحر بالنقود التى تقاضاها مقابل عمله ،ومن ثم ذهب الى المكان حيث تقابل مع الشاب فى الصباح ليأخذه الى المكان حيث سيبيت

انتظره طويلاً لكنه لم يظهر ،كان وسيم يزفر بضيق فهو تعب جداً ويريد ان يريح ظهره بعد هذا اليوم الشاق ،وسيم_اين انت ،لمَ تأخرت هكذا ،اريد أن استلقى فظهرى يؤلمنى كثيرا ،ليسمع ذلك الصوت الذى سمعه من قبل _لن يأتى ولو انتظرته اسبوعاً كاملا
نظر وسيم الى صاحبة هذا الصوت فوجدها نفس الفتاة التى اعطته التفاحه وترتدى نفس الملابس فقال _لن يأتى!!! ،لمَ فهو وعدنى أنه سيدبر لى مأوى
قالت بضجر _أتعرفه من قبل ؟
وسيم ببراءه_لا
_فلمَ وثقت به
_قال انه سيدبر لى مأوى
_اوصدقته بهذه السهوله
_ولمَ سيكذب علىّ
_أظنه فعل
_احقاً يفعل ،لكنه اخذ المقابل
_تقصد انه احتال عليك ،ليأخذ ساعتك باهظه الثمن
_اتعنين أنه لن يجد لى مكاناً ابيت فيه
قالت بنفاذ صبر_أولم تفهم بعد!
وسيم بحزن_اذا اين سأبيت؟
_ألست حزيناً بأمر الساعه؟
_ماذا أفعل بالساعه وأنا ليس لدى مأوى
_ايها الاحمق كان بامكانك بيعها وتأجير مكاناً تمكث فيه
قال ببلاهه_احقاً ما تقولين !!
_غريب أنت ،لمَ أرى احداً بسذاجتك تلك
ليقول وسيم بأسى_ لا أفقه كثيرا فى هذه الامور
_أرى ذلك
_حسنا سأذهب لمكانى المعتاد كى أنام وأسلم أمرى لله
وقفت مربعه يدها الى صدرها_ستنام فى الشارع مرة اخرى ؟!
_ليس لدى خيار أخر
_حسناً فلتأتى معى
_الى اين ؟
_سأجد لك مأوىً
_وكيف أثق بكِ بعدما حدث مع الشاب
قالت باعجاب_ جيد،يبدو أنك تتعلم بسرعه
قال_ليس كثيرا ،فالعم حذرنى من المخاعدين ،لكنى لم انتبه ،ولكن كيف لى ذلك وأنا لم اتعامل مع اناس من قبل
قالت بسخريه_لمَ أكنت تعيش على القمر أم ماذا !
_بل كنت أعيش فى شقة معزوله عن العالم ،لم اخالط أحداً من قبل
_ولمَ
_لا تشغلى بالك ،فها أنا مطلوب منى ان اواجه العالم وحدى دون اى خبرات سابقة ،اتعرفين شيئاً
نظرت له باهتمام
فأكمل _أنا سعيد أنى مازلت على قيد الحياة الى الان ،فالعيش ليس بالامرالسهل كما توقعت
_هون عليك ،فلست وحدك فى هذه الحياة من تعانى
_معك حق ،فلقد رايت طفلا صغيرا ينام وحده فى العراء اول أمس ولقد حذوت حذوه فى النوم فى الشارع ولكنى بعدها لم أره ارجو ان يكون بخير
_اتقصد سامى ! لا تقلق هو بخير
_اوتعرفينه!
_أظن ذلك
_حسناً ،شكرا لك ،اعتذر لابد أن اغادر فأنا متعب كثيرا
_ألن تأتى معى
_انتِ علمتنى ألا اثق بأحد لا اعرفه ،وأنا لا اعرفك
قالت وهى تضع يدها فى جيب جاكيتها _أنا  ......اللصة
رفع وسيم حاجبيه وهو ينظر لها بتعجب_اهذه انتِ اللصة
_أظن عم جليل صاحب المخزن،اخبرك بشأنى
قال باستفهام_وفيما تريديننى ايتها اللصة،ليس لدى شىء كما ترين ،فالساعه قد اخذها المحتال ذاك
_اريد ان اساعدك
_أوأجد المساعدة عند اللصة !
_جرب هذا،فعلى كل حال انت ليس لديك شىء تخشى أن اسلبك اياه
وسيم بتفكير_ممم معك حق ،اذا اين سنذهب؟

تقدمت للامام تسبقه بخطوات وهى تقول_اتبعنى
سار وسيم خلفها ومن ثم قال بشك _كيف عرفتِ بأمر الشاب المحتال الذى سلبنى ساعتى
توقفت عن السير وأدارت رأسها له وهى تقول_كنت اراقبك منذ ان جئت الى هنا ،اعلم كل شىء حدث معك فى اليومين الذين قضيتهم فى بلدتنا

وسيم بدهشه_تراقبيننى !،لماذا

قالت وهى تكمل مسيرها_سأخبرك لاحقا والان اسرع فلقد تأخرت على البقية
سار معها وسيم فى مكان لم يذهب له من قبل ،كان قد ظن انه عرف كل مكان فى هذه البلدة ولكن ها هى تأخذه الى مكان غريب لم تصل اليه قدماه
فنظر باستغراب الى المكان حوله المقفر والمهمل فالمبنى يبدو أنه اثرى ابنيته محطمة الا من بعض الاسقف نوافذه مهترءة مكسور زجاجها بابه ملصم حتى يثبت مكانه اذا حركته حركه خاطئة فسوف ينخلع فى يدك ،عليته الخشبيه محطمه الا من بعض الاخشاب المثبته به ،قال وسيم _ما هذا المكان !
_انه المكان حيث نعيش جميعنا
_ماذا تقصدين بجميعنا؟
_أدخل وسترى
_اين ،هذا المكان لا يصلح للعيش فيه ،الا ترين جدارنه قد تسقط فى اى لحظة؟
_لا تقلق هى لن تسقط
بدى وسيم مترددا فقالت _أظن هذا المكان أفضل لك من المبيت فى الشارع ،لا تقلق ستعتاد على الأمر ،هيا تقدم
اقتربت من الباب وقامت بطرق الباب لينفتح فتحة صغيرة بالباب ويظهر منها ولد صغير وهو يقول _كلمة السر ،لتقول _افتح انه انا الزعيمة ايها الأحمق
لينفتح الباب فى الحال ويُسْمَع صوت من بالداخل يهللون بفرح بعودة زعيمتهم ليجد وسيم بعضاً من الاطفال الصغار يلتفون حولها بفرح _اهلا بعودتك ايتها الزعيمة ،لتربت هى على كتف أحدهم وهى تبتسم وتمسد شعر الأخرى وهى تقول_لقد اشتقت لكم ايها الصغار ،كيف حالكم
الصغيرة_وانتِ ايضا اشتقنا لك كثيراً

الطفل الآخر باشتياق ولهفه _أين حلواى ،لتضع الزعيمة يدها فى جيب الجاكيت خاصتها وتعطى له نصيبه من الحلوى هو والطفلة الصغيرة وتبتسم لهم بحب ،ليقترب شاب صغير فى السابعة عشر من العمر  طويل القامة اسمر اللون وهو يقول باحترام_مرحباً بعودتك ايتها الزعيمة ،لتؤمى له وهى تقول بجديه_أَكُل شىء على ما يرام ياسفيان ؟
سفيان_أجل ،لا تقلقى ،الجميع بخير ،
_هل تناول الجميع عشاءه وخلدوا الى النوم
سفيان_اجل ايتها الزعيمة ،بيسان قامت بتحضير العشاء وتأكدنا من أن الجميع تناول عشاءه وخلد للنوم
قالت بإعجاب_احسنتم بارك الله فيكم ،فلتأخذ الطفلين للنوم ولتخلد أنت وبيسان للنوم ايضا ،اعلم انكما لا تناما قبل الإطمئنان علىّ
ليقول سفيان بطاعة_حسناً ،ايتها الزعيمة ،تصبحين على خير
الزعيمة_وانت من اهل الخير سفيان

ليغادر سفيان ومعه الطفلين ،وتلتف الزعيمه لتجد وسيم يقف ،لا يفقه شىء مما يحدث أمامه وينظر لها ببلاهه

لتقول بابتسامة _ما بك ،اراك تقف مندهشاً
وسيم_ماهذا المكان ،ومن  هؤلاء الاطفال ،ومن هما سفيان وبيسان وعلى ما يبدو أن هناك آخرون بالداخل ولماذا ينادونك بالزعيمة
لتبتسم هى _على رسلك ما كل هذه الاسئلة ,ستفهم كل شىء ولكن لندخل أولا

دخل وسيم خلفها فوجد باحة صغيرة تؤدى الى باب بنى اللون دفشته لينفتح ،فوجد وسيم طاولة  كبيرة وطويلة  متهالكة بعض الشىء ويحيط بها طاولات قصيرة صغيرة يبدو انها تستخدم الجلوس عليها وعلى اليمين كان هناك ستارتان وعلى اليسار باب بنى اللون ايضا وسلم يؤدى الى السطح المتهالك بالاعلى وغرفة ليس لها لا باب ولا ستار

لتقول الزعيمه _اهلا بك وسيم فى بيتك الثانى ،حيث نقيم جميعنا هنا معا ،نحن هنا جميعا ليس لدينا عائلة ولا مأوى ،لذا هذا يعتبر بيتنا الذى لا نملك سواه

تفآجىء وسيم بما تقول واشفق على هؤلاء الصغار الذين لا أهل لهم
لتكمل كلامها_دعنى أصف لك المكان هو ليس جيدا كثيرا لكنه يفى بالغرض على أى حال ،على هذه الطاولة التى امامك نتناول طعامنا ومجتمع لمناقشه المشكلات التى تواجهنا
اما على يمينك وخلف هاتين الستارتين،غرفتين واحدة للبنات والاخرى للاولاد
اما على اليسار فذاك المطبخ وهذا الباب خلفه الحمام وهذا السلم يؤدى الى السطح ،ها ما رأيك ،اعتقد انك كنت تعيش فى مكان افضل بكثير من هذا بالطبع

ليقول وسيم _أجل ،أفضل عشرات المرات ولكن يتراجع وسيم ويقول_ولكن هذا لا بأس به فأنا أظنه أفضل من المبيت فى الشارع
_اجل اعتقد ذلك ،انتظر هنا
دخلت غرفة الفتيات واحضرت ملاءة قديمة ووضعتها على احدى الطاولات الصغيرة وهى تقول فلتنم هنا الليله وفى الصباح سوف اطلب من سفيان أن يصنع لك سريراً اكثر راحة من هذا
وسيم _شكرا لك ،ولكن هل لى أن أسألك سؤالا
_تفضل
_لما ينادونك بالزعيمة
_أنا الاكبر والاقدم هنا ،سوف تعرف كل شىء عنا بمرور الوقت
_حسنا هل لى أن أسألك سؤالا أخر
اومأت برأسها ليكمل _لماذا احضرتنى الى هنا معكم
_اظن انك بحاجة الى مأوى ولقد قلت لك انى تبعتك طوال اليومين الماضيين بدوت كالتائه الذى لا يفقه شيئا ،ظننتك فى البداية من ذوى الاحتياجات العقلية ولكن علمت بعدها انك بخير ولكن تفتقد للخبرة فأنت حسن السريرة لا تحتاط من أحد ،واذا ظللت وحدك هكذا فستتعرض لمشكلات كثيرة ،لذا بقاؤك هنا هو أمان لك حالما تستطيع العودة الى منزلك ،ولكن هل لى أن أسألك كيف ابتعدت عن منزلك وجئت الى هنا؟

ليتنهد وسيم وهو يقول بنعاس_هل لى أن اجيبك على سؤالك فى الغد .
_حسنا ،تصبح على خير
لتخرج هى خارج المكان وتتجه للباحة
_اين تذهبين
_حيث أنام ،لى غرفة صغيرة فى الردهه بالخارج
_أحقاً لم الحظها
_أجل أعلم فهى غرفه لا يعلم بشأنها سواى أنا وسفيان وميسان  ،صحيح لم أعرف بماذا أناديك
_وسيم
_حسناً ،ايها الوسيم ،تصبح على خير
_تصبحين على خير ايتها الزعيمة
___

فى الصباح
استيقظ الجميع باكرا وجلس كل فى مكانه استعدادا لتناول فطوره الذى لم يكن سوى قطع من الخبز وبعض الجبن ،استيقظ وسيم هو ايضا وجلس فى مكانه
ليجد الزعيمة تقول له_صباح الخير وسيم ،هل نمت جيدا
_اجل، صباح الخير
ثم نظر الى الاطفال الذين يجلسون حول الطاولة ،لم يكن شاهدهم فى الامس لانهم كانوا نائمين بغرفهم
عرفتهم الزعيمة بوسيم  فانتبهوا لها عندما بدأت كلامها_صباح الخير جميعا ،انضم الينا عضو جديد لمجموعتنا ،فلترحبوا بوسيم  ثانى اكبر عضو فى مجموعتنا ،اظنه فى مثل عمرى فلترحبوا به ولتكنوا له كل الاحترام
الجميع مرحبا_اهلا بك بيننا
وسيم وهو ينظر فى وجوههم جميعا_اهلا بكم ،كان وسيم سعيداً لبقاءه اخيرا وسط مجموعة ولن يكون وحيداً بعد اليوم ،فكم تمنى لمن يشاركه طعامه ويشاركه حديثه ،
_وسيم ،لمَ لا تتناول فطورك كى تذهب الى عملك
انتبه وسيم لها بعدما كان شارداً _حسناً
التهم وسيم الطعام الزهيد الذى كان امامه بشهيه كبيرة فكيف لا يتناوله بهذه السرعه فهذا الطعام البسيط أحب اليه من الطعام الفاخر الذى كان يقدم اليه فى شقته ويأكله وحيداً ،فلقد كان الطعام رغم لذته الا انه لا يستساغ بدون رفيق .
ضحك فتى عليه وهو يقول_يبدو انك كنت جائع جدا فلقد التهمت كل الطعام الذى أمامك بسرعه كبيرة ،ابتسم له وسيم فى حين رمقته الزعيمة بحدة
فقال الفتى وهو ينظر للزعيمه_اسف لم اقصد شيئا
_حسناً،اذا انتهيتم من الطعام فليذهب كلٌ الى عمله بسرعة
الجميع فى نفس واحد _حاضر ايتها الزعيمة ،الى اللقاء
انتبه وسيم الى ذلك الصبى وتذكر أن نفس الصبى الذى كان ينام فى الشارع وتعلم منه أن ينام فى الشارع بعدما كان متحيرا اين ينام ،فذهب اليه وسيم_مرحباً ،اتذكرنى ؟
هز الصبى رأسه بنعم ،فقالت الزعيمه_هذا سامى ،أحدث عضو بمجموعتنا وجدته ينام فى الشارع فاحضرته الى هنا
وسيم _لهذا اختفى الطفل ولم أره فى اليوم التالى .
الزعيمة _أجل
نظر وسيم اليها وكاد يقول شيئاً ،لكنه سمعها تقول_هيا الجميع الى العمل
فصمت فوجدها تقول_اعرف انك لا تعرف الطريق الى مخزن العم جليل ،سامى سوف يأخذك الى هناك
وسيم _حسناً ،شكرا لك

لم ترد عليه وانما التفتت تتفقد هل الجميع غادر الى عمله أم لا ،ومن ثم قالت لبيسان_هل تحتاجين شيىء احضره لك لإعداد الغداء
بيسان _لا ايتها الزعيمة ،بارك الله لنا فيكى
الزعيمة بابتسامة_وفيكى ايضا ،اعلم انك تتعبين هنا وتتحملين مسؤلية التنظيف والترتيب وحدك ،سأحاول أن اعود باكرا كى اساعدك
_لا بأس عليكِ،فأنا اعلم كم تتعبين انتِ ايضا من اجلنا ،وتتعبين فى البحث عن من لا مأوى له ،تحملين همنا جميعا
_انتم اخوتى بيسان ولا يمكننى التخلى عنكم
ابتسمت لها الزعيمة بحب فهى حقاً تحبها كأختها الحقيقية وضمتها إلى صدرها بحنان بالغ ،لتقول بيسان باستفسار فالزعيمة تثق بها وبأخيها سفيان كثيراً ولا تخفى عنهم اى شىء _ماذا ستفعلين مع ذلك الشاب الجديد ،اعلم جيداً أنك لا تثقين به بعد .
لتقول الزعيمة وهى تنظر للفراغ _مازال الوقت مبكراً لأثق به بيسان
بيسان بجديه _ليس هذا ما اقصده ،تعلمين جيداً ما أعنيه
لتتنهد الزعيمة بحيرة _اخشى أن يكون ما اشك به صحيحاً سنكون فى ورطة حقيقية
_اذا لابد أن نأخذ حذرنا منه جيداً
_لا تقلقى ،سفيان يراقبه جيداً ،كما طلبت منه ،ودون أن يشعر وسيم بذلك .
_أجل هذا أفضل ،ولكن بمَ أنك تشكين به لما احضرتيه إلى هنا
_لست أدرى ،عملت منذ أن رأيت الساعة فى يده أول مرة من هو ،ولكنى اشفقت عليه عندما وجدته دون مأوى
لتقول بيسان بتفكير_ربما يكون فخاً للايقاع بكِ ،اخشى عليكِ كثيراً
لتتنهد الزعيمة بضيق وهى شاردة وتنظر للفراغ_لست أدرى هناك شىء ما داخلى يجعلنى ابقيه معنا هنا ،شىء يقول لى أنه لا يعلم شيئا ً
_أتعني أنه ليس منهم
لتقول باستياء_لست أدرى ،أنا فى حيرة من أمرى حقاً ،ولكن الايام ستُثبت من يكون
لتزفر بيسان بضجر_لم أعارضك على قرارٍ يوماً ولكن اخشى أن يوقِعك حدسك هذا فى مشاكل

لتربت الزعيمة على كتفها_لا تقلقى ،فأنا لدى احتياطاتى حبيبتى ،لا تقلقى ،هيا إلى المطبخ فالاطفال يأتون جائعون للغاية
لتلبى بيسان أمرها وتقول وهى تتجه الى المطبخ_أمرك يا زعيمة

لتذهب الزعيمة الى حجرتها السرية والتى لا يعلم مدخلها احد سواها وبيسان واخيها،وتجلس على الاريكة التى بها والتى تتخذها سريرا لها تفترشه أثناء النوم وتخرج من علبة ما موضوعة على الطاولة جوارها "الساعة" التى كانت مع وسيم والذى خدعه ذلك الشاب واخذها منه بعد ان احتال عليه،والذى استطاعت ان تأخذها منه الزعيمة بالقوة .
ظلت تقلبها فى يدها وهى تقول_ترى ما هو سرك ايها الوسيم ،هل أنت حقاً ممن يلحقون بى ،أم انك أبله تائه حقاً ؟
ثم تحولت لون عينيها الى الشرر ،وهى تقول _اذا كنت منهم واتيت الى هنا لتؤذى الاطفال فلن أرحمك ،أنت لا تعلم بعدُ من تكون هى الزعيمة .
ظلت على وضعها بعض الوقت ومن ثَم غادرت الغرفة متجهة إلى عملها هى الأُخرى
___
وصل وسيم الى مكان عمله عند العم جليل بعدما اوصله الفتى سامى فهو أدرى منه بالاماكن
وسيم بامتنان حقيقى_شكرا لك ياصديقى،تعبتك معى
ابتسم سامى قائلا_لا بأس فأنا ألبى أوامر الزعيمة فلا داعى لشكرى .
وسيم_اعلم هذا ،ولكن كان يجب أن اشكرك ايضاً
ابتسم سامى وهو يغادر _الى اللقاء ،سأعود لاصطحبك عندما انتهى من عملى كما أمرتنى الزعيمة
وسيم_حسناً سأكون بانتظارك
كان العمل يزداد مشقه يومًا بعد يوم على وسيم ،لذا قرر أن يطلب من العم جليل أن يجد له عملا آخر غير ذلك ولكنه خشى من ردة فعله او ان يغضبه فصمت واكمل عمله الشاق بصعوبه وتعب شديدين الى أن انتهى وقت العمل وانتهت معه قوته فخارت قواه مع آخر صندوق يحمله فوق ظهره ،افترش الارض بإنهاك واسند ظهره على الحائط يستريح قليلا ويستعيد نفسه وقوته الى ان يأتى سامى لاصطحابه ،ليمر عليه أحد الصبيه الصغار اللذين يعملون معه وهم يضحكون ويسخرون منه_يالك من ضعيف اتعبت من حمل  هذه الصناديق وانت مازالت فى عمر الشباب ؟نحن نحمل ما هو اثقل من ذلك
رمقهم وسيم بوجه خال من الملامح فهو تعب للغاية وليس لديه قدرة على مجادلتهم فبدا أنه يتجاهلهم ولا يبالى بكلامهم مما جعل الاولاد يرحلون من أمامه دون أن يحصلون على مايريدونه من المتعه بإزعاجه والسخريه منه ،

جاء سامى وأصطحبه عائدين الى حيث يقيمون ،وجد المعظم قد عاد من الخارج ويجلسون لتناول الطعام بهدوء فلا أحد يستطيع التحدث بسبب تعلميات الزعيمة رغم انها ليست قاسية معهم الا انهم يصمتون احتراماً وهيبة لها ،لحق بهم سامى بسرعه يجلس الى جوار الفتيه فهو جائع ويريد تناول طعامه،كانت بيسان تضع له الطعام فى طبقه وهى تقول بهدوء_سامى هل يمكنك الذهاب وتنظيف يدك اولا بالماء ومن ثمَ تبدأ فى تناول طعامك
سامى بضجر _حسناً سأفعل
لاحظه وسيم فقال وهو مازال واقفاً عند المدخل _لا تقلق سامى فطعامك لن يذهب الى اى مكان سأنتبه له حالما تعود ،فاطمأن سامى وذهب لغسل يده قبل الاكل،جهزت بيسان طعام وسيم وقالت له بإحترام وحيطة معا _طعامك جاهز ،تفضل بالجلوس
ابتسم لها وسيم مجاملةً وهو يتلفت حوله باحثاً عن الزعيمة فقال بتساؤل _أين هى الزعيمة ،انا لا أراها
لتقول بيسان بتوجس منه فهى لا تثق به بعد_الزعيمة لم تَعد بعد ولكنها على وصول
فقال وسيم وهو يجلس الى جوار الفتيه ليتناول طعامه معهم _حسناً .
كانت الزعيمة فى هذه الاثناء قد عادت من الخارج للتو وكان سفيان فى انتظارها
شاهدته وهو يفترش الارض الى جوار الباب الخارجى ،فقال بدهشه _سفيان ماذا تفعل هنا ؟
_انتظرك يا زعيمة
نتظرت له ببسمه_اعلم انك تقلق علىّ

_وكيف لا اقلق بعد ما حدث معك  آخر مرة 
لتتنهد هى لتخرج ما بجوفها من ألم وضيق وتظل شاردة بعض الوقت ومن ثَم تقول له محاولة أن تغير الموضوع وهى تحمل حجرا كبيرا نوعاً ما وتجلس إلى جواره _اتعرف سفيان رغم كونك أصغر منى الا انى اعتبرك أخى الاكبر الذى احتمى به واعتمد عليه ليشدد بعَضدى ويأخذ بيدى .
ليتنهد سفيان وهو يقول وهو يعبث بالارض بعصا صغيره معه _ما مررنا به فى الحياه كفيل بإن يجعلنا نكبر قبل أواننا ،جعلنا نحمل هموما فوق عاتقنا أكبر من عمرنا ،ولكنى على يقين أن الله سيهبنا القوة كى نتحمل ذلك فهو سبحانه لا يُحَّمل أحداً فوق طاقته وسيعيننا على ما نمر به من صعاب وسنتغلب عليها باذن الله
لتقول هى بيقين وايمان بمعية الله لهم _باذن الله
صمتت قليلا ثم قالت_أعاد وسيم ؟
_أجل ،هو بالداخل اظنه يتناول طعامه مع البقيه 
قالت وهى تنظر له _هل تبعته كما طلبت منك
_أجل ،ولم يفعل شىء سوى العمل ومن ثَم عاد الى هنا
_ألم يتحدث اليه أحد ما ،أو يتبعه ؟
قال بحزن _لا ،بل هناك من يتبعكِ أنتِ
لتقول بضيق_أجل أعلم انهم يتبعوننى
________
كان وسيم بالداخل يتناول طعامه مع الفتية والفتيات الصغار بسعادة بالغة ينظر فى وجوههم بفرحة عارمة ،لاحظ أحدهم قد انهى طبقه ويتلفت حوله ،علم وسيم انه ما زال جائعا فأمسك طبقه وتقدم منه قائلا ببسمة_فلتكمل هذا الطبق عنى فلقد شبعت ،الحمد لله
فرح الولد الصغير وقال ببسمة على محياه_حسناً اعطنى إياه ،ناوله اياه وسيم بحنان فقد صدق حدسه بان الصبى كان مازال جائعا رغم انه قد انهى حصته من طعام
رجع الى مكانه على الطاولة يتأملهم بهدوء ثم قال_هل لى ان اعرف فى اى شىء تعملون

فاخبرهم احدهم انه يبيع اكياس الليمون على أرصفة الطرق للمارة وسائقى السيارات التى تمر فى طريقه

_وأنا مثله ولكن فى مكان آخر
_وأنا أعمل فى تنظيف الاحذيه وتلميعها
_أما أنا فأعمل فى ورشه نجارة أساعد معلمى فى صنع الابواب والشبابيك
قالت فتاة _وأنا أساعد سيدة كبيرة فى السن فى شئون بيتها
_وانا اعمل فى مصنع للملابس اجلس على ماكينة للخياطة
_وأنا أعمل معه ولكنى اجلس على مكواة فاقوم بكى الملابس ،ولكن هذا العمل يحتاج لمجهود بدنى كبير
_وأنا اعمل فى ورشه لتصليح السيارات ....
ظل الاطفال يخبرونه بالمهن التى يقومون بها رغم صغر سن بعضهم .
لاحظ وسيم أنهم ما زالوا صغاراً على هذه الاعمال الشاقة ففى سنهم من حقهم أن ينعموا باللعب والتدليل وليس العمل الشاق مثل هذا ،لذا اشفق عليهم كثيراً نعم طفولته كانت قاسية ايضا لانه قضاها وحيداً ولكن كان يُقدم له الطعام والشراب والملبس دون عناء ،أما هم فبحاجة الى العمل كى يعيلون انفسهم فلا معيل لهم سوى أيديهم وأكفهم الصغيرة التى لا حول لها ولا قوة

قال وسيم  باهتمام وهو يتذكر الصبى الذى كان فى مثل عُمرهم ويتلقى الضرب من رب عمله _اوتتعرضون للضرب فى العمل ؟
نظر الجميع الى بعضهم البعض ومن ثم اخفضوا بصرهم فى صمت ولم يعلقوا  ،نظر وسيم اليهم فى حزن فهو علم انهم يتعرضون للضرب والإهانة فى عملهم ولا يسلمون من ذلك كيف لا وهم مشرودن دون أهل او أحد يهتم بهم ،حتى سمع أحدهم يقول وقد كان فتى كبيرا يبلغ من العمر اثنا عشر عاماً _قليلا فقط عندما نخطأ فى شىء ما فى العمل وهذا بفضل الزعيمة  ،كنا فى السابق نتلقى الاهانات والضرب دائما ولا أحد يهتم بنا الا القلة القليلة ،أما الان فالزعيمة لا تسمح لأحد ان يضربنا، وتقف  بالمرصاد الى من يحاول ان يسخر منا او يهيننا بالضرب او السب ،نحن ندين لها بالكثير
فرح وسيم بذلك كثيرا وقرر أن يفعل مثلها أن يُكرِّس حياته من أجل اولائك الصغار المساكين ،لذا اراد أن يرسم البسمة على وجوه الاطفال فأخذ يمازحهم ويلاطفهم ،إندمج الجميع معه ونسوا ما يؤلمهم واخذوا يضحكون ويمرحون معه فى سعادة كبيرة ،كان وسيم سعيدا بهذا كثيرا فهو ايضا كان بحاجة  الى هذا الجو العائلى الدافىء الذى حُرم منه وكثيراً ما كان يفتقده
____
قالت _أظنك تثق به ؟
قال_لا بل اثق بكِ انتِ واثق بحدسك ،واعلم طالما انك اتيتِ به الى هنا ،أنك ايضا تثقين به ولو قليلا
لتشرد هى قليلا وتقول _بيسان لا تثق به وتعامله بحذر
_بيسان اختى مرهفه المشاعر ،تخشى عليكِ كثيراً،لن تثق به بسهولة
_معها حق ،فالساعة التى معه تقلقنى
_اذا فماذا ستفعلين أنا معك فى اى قرار تأخذينه
_سنستمر فى مراقبته ،الى ان نطمأن له تماما ،وايضا انا اريده معنا لسبب ،سأتحقق منه لاحقا
_وما هو
قالت وهى تنهض وتنفض الغبار عن ملابسها_سأخبرك به فى وقته ،هيا دعنا نلحق بهم لنتناول غدائنا
قام ايضا ونفض الغبار عن ملابسه ودخلا معاً الى الداخل ليتفآجئون بالاطفال يتمازحون بمرح مع وسيم الذى كان يمرح معهم كطفل صغير ويدخل السرور لافئدتهم البريئة ،وقفت تربع يدها أمام صدرها وتنظر لهم بسعادة فهذا جُل ما تريده أن ترى الاولاد يضحكون من قلبهم ولا شىء يعكر صفو قلوبهم ،

أما سفيان فدخل الى اخته فى المطبخ ليطلب منها تحضير الطعام لثلاثتهم ،فبيسان لا تأكل الى عندما يعود أخيها والزعيمة وتطمأن ان الجميع قد نال حصته من الطعام

انتبه فتى للزعيمة وهى تنظر لهم فلكز صديقه الذى يجلس بجواره ويلهو مع وسيم والبقية فانتبه الآخر له ونظر الى ما يشير اليه رفيقه فتنصم مكانه وهو يقول_ الزعيمة !!
انتبه وسيم والبقية اللى ان الزعيمة تقف خلفهم وتنظر اليهم فصمت الجميع وجلس كُل فى مكانه ،قال وسيم_اهلا بعودتك يا زعيمة
_اهلا بك وسيم،لمَ توقفتم هيا اكملوا لهو كما تشاءون سأتناول طعامى بالخارج فلتفعلوا ما يحلو لكم
فرح الاولاد بذلك كثيرا وعادوا للعب والمزاح من جديد يقضون ولو جزء بسيط من طفولتهم المفقودة فى العمل .
جلست الزعيمة وسفيان واخته بيسان بالخارج فى الردهه يتناولون طعامهم
الزعيمة _ارى ان الاولاد قد اعتادوا على وسيم بسرعة
بيسان بشك فى أمره_مازلت لا اثق به
الزعيمة_حسناً ،سنرى ذلك لاحقاً
بعدما انتهوا من طعامهم وجدوا وسيم يخرج اليهم بالخارج فقد كان يريد أن يسأل الزعيمة إذا ما كان الاطفال قد تلقون تعليما ولو قليل أم لا
ولكنه عندما خرج اليهم قال له سفيان_وسيم اعتذر لم انهى سريرك بعد ،كنت مشغولا فى أمر ما سيحتاج الامر منى يومين اضافيين لانتهى
وسيم بايمائه متفهمه _لا بأس سفيان ،لا ترهق نفسك ،سأنتظر الوقت الذى تحتاجه لتنتهى من صنعه ،اتعمل انت ايضا ورشه نجارة كمالك ؟
سفيان_أجل ،مالك يعمل معى هناك
وسيم_جميل ،اعانكم الله ،كم عمرك سفيان
سفيان بهدوء_سبعه عشر عاماً
وسيم بتلقائيه _اذا أنا اكبُرك بأربعه أعوام فلقد شارفت على إتمام عامى الحادى والعشرون ينقصنى بضعه اشهر فقط.
ما ان استمعت الزعيمة العام الحادى والعشرون حتى زادت ضربات قلبها وتغير لون وجهها بتوجم ورهبه وهبت واقفه مغادرة المكان دون أن تتفوه بكلمة واحده ،كان سفيان يعلم ما بها لذا تركها بمفردها حتى تهدأ أما بيسان فلقد لحقت بها لتكون بجوارها ،لم يفهم وسيم لمَ غادرت هكذا فجاءه ودون ان تقول شيئا ،لكن سفيان اخرجه من شروده قائلا_العمر الطويل لك وسيم
وسيم بابتسامة_ولك ايضا ،شكرا لك
فى هذه الاثناء جاء الفتية الصغار متلفون حول وسيم ويمسك احداهم ببنطاله فلقد كان وسيم طويلا بالنسبه لهم وهو يقول_وسيم ارجوك العب معنا الغميضة
لينظر له وسيم _الغميضه!!
لتقول فتاة صغيرة وهى تمسك ببنطال قدمه الاخرى_ارجوك وسيم العب معنا ،ارجوك
ليقول هو بحيرة ويحك رأسه بيده_لكنى لا اعرف اللعب ،المرة الوحيدة التى لعبت بها مع الاطفال ،طارت الكرة بعيدا ولم يستطع الاطفال استعادتها

ليقول احد الصبيه_ الغميضة لا تحتاج للكرة ،هيا دعنا نلعب
وسيم_اذا كيف تعلب الغميضة هذه!!
لتقول فتاة صغيرة_انها سهلة جدا فقط قف هنا عند الجدار واغمض عينيك وعد حتى عشرة حالما نختبأ كلنا وعليك بعد العد أن تأتى للبحث عنا حتى تجدنا
رفع وسيم احد حاجبيه بفهم_ااه،هذه هى الغميضة اذا ،حسنا فهمت
الصبى_فلتبدأ هيا ،قف هنا وعد الى العدد عشرة

وسيم بحماس_حسناً ،تبدو لعبه شيقه حقاً
الصبى_الم تلعبها من قبل فى صغرك ؟
وسيم بوجه خال من الملامح_لا ،لم العب مع احد من قبل ،شرد قليلا فى ماضيه وهو صغير كيف كان يلعب بملل بالمكعبات الصغيرة التى كانت بحجرته وحده دون أنيس ،كيف كان يبكى طويلا ولا أحد يدرى عنه وعن حاجته لرفاق فى مثل سنه فهو ممنوع من الخروج من المكان الذى يوجد به ولا يعلم عنه شىء حتى الان ولا حتى موقعه ، كيف كان بعاني ولا يشعر بمأساته أحد فاق من شروده بتنهيده طويلة يخرج بها همه وما مر به وهو يقول محتفظا بابتسامة عريضة على ثغره_حسنا لنبدأ
ليقول الأطفال بحماس _رااااائع ،سنلعب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي