الفصل الثاني..

الفصل الثاني ..
يسرح قليلا ، ثم يعود ليسألها عن توركو وهاندا ما رأيهما في امر غياب زميلتهما في السكن ، ترد ان هاندا ستجن ، لا تصدق انها هربت ، اما توركو فهي تأخذ طرف يونس ، تراه محقا في ما قاله ، تقول ان توركو هي صديقة ليونس منذ بداية الامر ، حتي قبل ان يتعرف الي أيسل ، هي من عرفتهما ببعض ، تضيف ان توركو لا تعرف شيئا ايضا لانها خارج اسطنبول من قبل اختفاء أيسل ، يعني لا فائدة من رأيها علي اية حال ، يسألها عمر اذا ما كان لديها صورة لأيسل يرفقها بالبلاغ ، تسرع وتخرج صورة من محفظتها وتقدمها له ، ينظر للصورة ويعود لينظر الي أسيل ، تلاحظ موجدة علامات الدهشة علي ملامحه ، تقول انها سبق واخبرته انها توأمتها ، يرد انه تخيلها تشبهها كثيرا ولكن ليس الي بهذا القدر ، هما متطابقتان تقريبا ، ترد أسيل ان هناك فرق بسيط بوجنة أيسل ، فقد ازالت منها منذ عام كيسا دهنيا ترك غوارا بسيطا لا يمكن ان يراه الا من يعرفهما جيدا ، يعود لينظر الي الصورة فيلاحظ هذه العلامة الفارقة بينهما ، لا تكاد تري لكن بعدما نبهته اصبح من السهل عليه ان يراها بوضوح وهي تبدو كأحدي علامات الحسن علي خدها ، ينظر الي الصورة مرة اخري ، وكأن الصورة تحدثه ، في عيونها نداء خفي يجعله يرغب ان يجدها بشدة ، يرفع عيناه لينظر الي اختها الجالسة امامه تستنجد به عيناها ان يجدها من اجلها ، اي العينين يريد ان يجيب ، لا يدري كيف فقد اتصاله بالزمان والمكان للحظة وهو يقارن بين عيون الصورة وتلك العيون الباكية المحمرة التي تناديه ان ينقذهما ، يعود ليطلب منها بعض العناوين الخاصة بمحل اقامة يونس ومحل عمله ، كما طلب منها مكان عمل أيسل وعنوان سكنها ، يعدها بعدما اتم كل الاجراءات ان يبذل كل ما بوسعه كي يجد اختها ، يحاول ان يطمئنها وهو يقول ان الامر قد لا يعدو شجار بين حبيبين انتهي باختفاء مقصود كي تزيد من لهفته عليها او تجذب اهتمامه لها ، لم يتوقع ثورة أسيل علي هذا الافتراض الذي افترضه ، تصيح انه لا يصدق انها لا تفعلها ، هو اذن لن يبذل الجهد من اجلها ، تتسائل اذا ما اخطأت حين أتت الي المخفر فالامر لا يعدو ان يكون اختفاء شخص لا أهمية له عنده ، لابد وان تكون ابنه شخص مهم او شخصية معروفة كي يبذل الجهد لاسترجاعها ، يطلب منها الهدوء ، يقول انه صادق في وعده ولكن ، تصيح ، ** ولكن ماذا ** ، يرد ان الامر ليس كما تظنه سهلا ، هو سيبحث عنها كأبرة في كومة قش ، لا يعرف اين يبحث ، لكنه سيبدأ بيونس ، تعود لثورتها ، تقول ان يونس سيجعله يصدق انها هربت ، تصيح ان اختها لم تهرب ، لم تهرب ، اختها في خطر ، وهي لم تفعل ما يجب عليها ان تفعله منذ اختفت ، هي تأخرت كثيرا ، تعود لتجهش في البكاء بمرارة وهي لا تكف عن لوم نفسها ، لا يدري كم مرة رأي مشهدا مشابها لهذا المشهد ، لكن هذه المرة مشاعره مضطربة ، ود لو قام من مكانه واحتضنها حتي تهدأ ، ود لو انه مسح علي رأسها وعاهدها ان يبقي بجوارها حتي يجداها ، يرتجف قلبه وهو يحاول ان يبدو طبيعيا امامها ، يسألها اين هي مقيمة الان ، ترد من بين دموعها انها مقيمة لدي موجدة ، صديقتها ، تستلم موجدة زمام الكلام وهي تملي عليه عنوانها وارقام هواتفهما ، تقول انه يستطيع ان يتصل في اي وقت شاء بالليل او بالنهار اذا ما اراد منهما شيئا ، يشكرها وعيونه لا تفارق وجه أسيل الذي ازداد احمرار مع بكاءها ، تربت موجدة علي ساق أسيل ، تهمس انهما انهيا البلاغ وعليهما الانصراف ، لا يدري كيف رد سريعا انهما يمكنهما البقاء الي ان تهدأ أسيل هانم ، لا يريدها ان تمضي وهي بهذه الحالة ، لكن أسيل تقوم من كرسيها في الحال وهي تشكره ، تقول انها تريد ان تعرف تفاصيل تحقيقه خطوة بخطوة ، لعلها تكون ذات فائدة في اي مرحلة يذهب اليها خلال هذا التحقيق ، تكادا تنصرفا من مكتبه في الوقت الذي يفتح صالح الباب ليدخل مبتهجا الي غرفة زميله ليقف متسمرا علي باب الغرفة وعلي وجهه علامات الدهشة حين يري أسيل وموجدة .
ان لم تخف ، فأنت لست بانسان
تسمع صوت الخطوات ، تتسارع دقات قلبها رعبا ، تغمض عينيها في محاولة يائسة تدعي فيها النوم ولكن انفاسها المتسارعة تفضحها ، يقول انه يعرف انها يقظة وتسمعه ، تزيد من غلق عينيها ، لا تريد ان تراه ، ولا تريد ان تسمع صوته ، يقول انها من تسببت بما وصلا اليه ، لم يكن عليها ان تتدخل فيما لا يعنيها ، فلتنظر الان الي ماذا اوصلتهما ، تغلبها دمعة فرت من بين جفنيها وتساقطت علي جانب وجهها ، تزم شفتيها ، لا تريد الرد ، لا تريد الكلام ، لا تريد ان تفتح عيونها ، لو استطاعت ان تغلق اذنيها ايضا لفعلت دون تردد ، تسمع الخطوات تبتعد عن سريرها ، السرير الوحيد المنصوب في تلك القاعة الواسعة القديمة ، لا تدري اين هي ، لا تعرف شيئا عن هذا المكان المحبوسة فيه منذ مدة لم تحسبها ، لا تعرف كم مضي عليها فيه ، لم تري سوي ممرضات وطبيب وهذا المقيت الذي لا يتركها لتمضي مهما اعطته من وعود بالا تتكلم ، فهمت انها هنا وستظل هنا ، لا تعلم نهاية لهذا الوضع الغريب الا ان يتخلصوا منها يوما ، لا تريد التفكير في هذا الامر الان ، لا تزال تحت تأثير مخدر غريب يجعل كل جسدها مخدر الا عقلها ، هي تري وتسمع ولكن لا تملك ان تحرك يدا او قدما ، لا تشعر بكل جسدها ، يمدونها بالمحاليل طيلة الوقت ، يقلبونها من موضع لآخر ، يعاملونها معاملة المشلول ، هي كذلك بالفعل ، لا تدري ان كانت ستظل علي هذا الحال ام ستتغير احوالها ، تعود لتتذكر أسيل ، تسقط دموعها بغزارة وهي تتذكر كلماتها قبل ان تغادر اسطنبول انهما لم يخلقا ليعيشا في تلك المدينة القاسية ، كم كانت علي حق حين ذهبت ، لا تعرف كيف استقبلت غيابها وماذا تفعل الان ، هل يمكن ان تكون يأست من عودتها ولم تعد تبحث عنها ، هي لا تفعلها لو كانت في مكانها ، كذلك تعرف ان أسيل لن تهدأ حتي تجدها ، تهدأ انفاسها قليلا وقد اطمأنت للتفكير بان اختها لابد وان تجدها لا محالة ، لابد ان هناك امل في خروجها من هذا المكان البارد ، صوت اقدام آخري تتقدم منها ، تعرف هذا الصوت ، لابد وانه وقت تغيير السيروم المغذي لها ، انه صوت الممرضة الصغيرة التي تتابعها بحنان من بينهم ، تشعر وكأنها مرغمة علي ما تفعله هي ايضا ، الوحيدة التي تربت علي كتفها الذي لا تشعر به ورغم هذا تشعر بنوع من الاتصال مع هذه الفتاة ، هل يمكنها ان تساعدها اذا ما جاءت اللحظة الفاصلة ، تصدر تنهدة تلاحظها سيبال ، تمسح علي رأسها ، تقول انها تتألم من أجلها ولكن ليس بيدها شئ لتفعله ، تغير السيروم ، تعود لتمسح علي رأسها بحنان ثم تودعها بخطوات تبتعد عن سريرها بلا كلام .
وقف صالح متسمرا علي باب غرفة مكتب عمر بملامحه المندهشة وعيونه المتسعة ينظر الي أسيل التي تحيطها موجدة بذراعها في طريقهما الي الباب ، لاحظ عمر حالة الجمود التي اصابت صالح ، يتقدم منه وهو يحاول ان يقطع هذا الجمود ويقدم زميله ، يقول الكوميسار صالح ، زميله في وحدة التحقيقات الخاصة بالمتغيبين ، تنتبه أسيل اليه وتمد يدها لتصافحه وعمر يقدمها لصالح انها الانسة أسيل سانجو ، لديها اخت متغيبة منذ عشرة ايام وقد جاءت لتبلغ عنها ، ينتبه صالح لحالته و ينفض الافكار عن رأسه وهو يمد يده ليصافح أسيل في الوقت الذي يقدم فيه عمر موجدة اليه انها صديقتها وقد جاءت معها ، تلاحظ موجدة غرابة تصرف صالح مع أسيل ، كان يبدو وكأنه يعرفها ولكن أسيل لم تتعرف عليه ، تصافحه هي الاخري وعيونها تطرح اسئلة لم تجرؤ علي طرحها امام أسيل كي لا تزيد الموقف تعقيدا ، يقول عمر موجها كلامه لأسيل انهما سيتعاونا معا كي يحلا لغز اختفاء اختها في اقرب وقت ، تهز أسيل رأسها في اجهاد واضح عليها و هي تتجه للباب مرة اخري لتغادر مكتب التحقيق مع موجدة بخطوات متثاقلة لتترك وراءها المحققين وحدهما بالغرفة و تتجه و موجدة الي حيث صفت سيارتها خارج المخفر كي تذهبا لبيت موجدة حيث ستكون اقامتها ، تنطلق موجدة بسيارتها وقد ملئت الافكار رأسها في سبب اندهاش هذا المحقق لدي رؤيته لأسيل ، لابد وان هناك ما جعله يندهش لرؤيتها ، ولابد ان هذا الامر متعلق بأيسل ، قررت موجدة ان يكون لها لقاء آخر معهما ولكن بدون أسيل .
يجلس صالح شاردا علي الكرسي الذي كانت تجلس عليه أسيل منذ قليل ، يسأله عمر اذا كان قد رأي أسيل هانم في وقت سابق ، ينتبه صالح من شروده ، يقول انه ايضا رآها ، لابد انه يتذكرها ، يرد عمر متعجبا متسائلا اين عليه ان يتذكرها ، يقول سنان انه لابد رآها في ذاك اليوم الذي ذهبا فيه لذلك المتجر الذي تختفي بعده الفتيات ، يقول ان تلك القضية التي يبحثا فيها و يتقصيا اخبار تلك الفتيات التي تختفي اوصلتهم لذلك المتجر الشهير بنيشان تاشي ، هناك كانت أسيل موجودة بجوار مدير المتجر ويبدو انهما كانا يتشاجران ، يقول انها اثارت انتباهه يومها لسببين ، اولا لانها جميلة جمالا غير اعتيادي ، ثانيا لانها كانت تتكلم بغضب وثائرة عليه ، يسأله كيف لم يلاحظها في ذاك اليوم ، يرد عمر وقد سرح بخياله ، يقول انه كان مهتما بامر الفتيات التي تتجولن وحدهن اكثر ممن لديهن مرافق او تتكلم مع احدهم ، يقول ان امر هؤلاء الفتيات لازال يؤرقه ، لا يعلم كيف يختفين بعد زيارة لاحد المتاجر المشهورة كذلك المتجر ، يعود ويقول انهما امسكا باول الخيط كما هو واضح ، عليهما ان يزورا هذا المكان مرة اخري ولكن بحجة جديدة ، لعل في هذه القضية الجديدة مفاتيح لتلك القضايا المفتوحة والمقيدة ضد مجهول للان ، يوافقه صالح ويقترح عليه ان يذهبا لزيارة هذا المتجر في الحال ، يرد عمر ان الامر ليس مستعجلا لهذه الدرجة ، فعليه ان يذهب للاطمئنان علي امه اولا ، يرد صالح معتذرا ، يقول انه نسي في خضام كلامهما ان يسأله عن الخالة جولاي ، كيف حالها الان ، يرد عمر ينبرة حزينة انها كما هي ، لا تتقدم ، اليوم كان لديها جلسة غسيل كلوي ، لابد وان يذهب ليطمئنها ويطمئن عليها ، يطلب منه صالح الاسراع اليها وتوصيل تحيته ، يقول انه سينتظره هنا حتي ينهي ما عليه و يعود ، سيكون جاهزا للتحرك وقتما يشاء ، يهز عمر رأسه موافقا وهو يتجه للباب ليمضي في طريقه ، يتوقف امام الباب ويلتفت لصالح ، يقول بنبرة تعجب ، جمال استثنائي يرد صالح ضاحكا ، جمال غير عادي ، يبتسم عمر ويمضي في طريقه ويغلق الباب من خلفه .
جلست فوق فراشها وقد ضمت ساقيها الي صدرها واحاطتهما بذراعيها ، اسندت ذقنها علي ركبتيها ودموعها لا تتوقف عن بلل بنطال منامتها ، ، تربت موجدة عليها تحاول تهدئتها ، تخبرها انهم علي الطريق الصحيح الان بعدما اخبروا الشرطة عن غيابها ، ترد أسيل بلوم انها قصرت في حق اختها ، تقول حتي المحقق تعجب لتأخرها في الابلاغ ، هي لم تتصرف في الوقت المناسب كي يتحروا عن غياب أيسل ، تقول لو كانت أيسل ما تأخرت كل هذا ، ترد موجدة انها ما فعلت ذلك الابسبب هذا الغليظ يونس الذي اخبرها انها هربت مع احدهم ، ترفع أسيل رأسها وتنظر بعيني موجدة ، تقول انها لم تصدقه ، لكنها انتظرت ظهورها بين ليلة وضحاها ، لكن انتظارها كان خطئا كبيرا ، ما كان يجب عليها ان تنتظر ، كان لابد ان تسرع بالابلاغ عن اختفاءها ، تقول لولا انهما في بلدين ما تأخرت ، و رغم هذا كان عليها ان تترك كل شئ وتبحث عنها دون تأخير ، تقول موجدة ان تكرار لومها لنفسها لن يجدي شيئا ، تصمت موجدة قليلا وكأنها تفكر ثم تسألها ان كانت قابلت هذا المحقق من قبل ، ترد أسيل انها لم تقابله ، اليوم تراه لاول مرة ، تسألها لماذا سؤالها ، ترد انها رأت بعينيه شيئا .
تسألها ساخرة اذا ما رأت ما هو ابعد من سخريته منها ، تقول موجدة انها لم تقصد هذا الساخر الذي تتكلم عنه ، تتعجب أسيل ، تسألها من تقصد غير عمر ، تميل موجدة برأسها وهي تنظر اليها متعجبة ، تقول انه اصبح عمر ، ليس المحقق عمر يعني ، كما انها نسيت انهما قابلتا محققا اخر قبل ذهابهما ، تسرح أسيل قليلا ، تتذكر صالح ، تقول اذا هي تقصد المحقق الذي قابلهما علي باب غرفة عمر ، تعود وتقول غرفة المحقق عمر ، تبتسم موجدة ، تنظر اليها أسيل بغضب ، تقول انها ليست في مزاج لمزاحها الان ، تعود موجدة لتسألها اذا ما كانت قد رأته من قبل ، تفكر أسيل قليلا ، تقول انها لا تعتقد هذا ، تسألها عن اسمه ، ترد اسمه المحقق صالح ، تمط شفتيها وتقول انها لا تذكر اسمه ولا انها قابلته يوما ، تعود لتسألها لماذا السؤال ، تتردد موجدة في الاجابة ، تحثها أسيل ان تخبرها ، لكن موجدة تقول انها لا تريد ان تختلق احداثا من رأسها ولكنها تعتقد من خلال نظراته انه عرفها بمجرد رؤيته لها ، تتعجب أسيل كيف عرفها ، تعود موجدة لتقول في ارتباك ان من الممكن انه اختلط عليه الامر ، تعود لتسألها كيف ، ترد موجدة انه قد يكون رأي أيسل يوما واعتقدها هي حين رآها ، تستطرد ان الشبه بينهما كبير ويمكن لاي شخص ان يخطئ فيهما ، تنتبه أسيل وتعتدل في جلستها ، تقول اذن هو يعرف أيسل ، ترد موجدة انه مجرد تخمين ، ربما يعرفها وربما هناك شئ اخر ، تسألها ما هذا الشئ الذي تفكر فيه ، ترد انه قد يكون اعجب بها اول ما رآها ، هذا احتمال وارد ايضا ، تهز أسيل برأسها نافية اي احتمال غير انه لابد يعرف أيسل ، تقفز من الفراش ، تطلب منها ان تستعد ، تحاول موجدة منعها لكنها كانت قد بدأت بتبديل ملابسها في الحال ، دخل عليها باسما يناديها بما تحب * السلطانة جولاي * ، تبتسم له وهي تفتح ذراعيها ليضمها وتشمه وهي تقبل رأسه ، يمسك بيدها ويقبلها قبلة طويلة ، يسألها عن حالها اليوم ، هل تشعر بتحسن ، ترد انها لا تريد ان تخيب ظنه ولكن احوالها كما هي ، يكفيها سؤاله عنها لتشعر بالتحسن ، هي افضل الان بعدما رأته ، يعلم ان اجابتها تعني انها ليست بخير ، يقول انه علم ان هناك متبرع قد تتطابق تحليلاته معها ، يقول ان الامل كبير في ان تزرع كلية سليمة وتعيش بلا غسيل ولا تعب بعدها ، ترد انها لن تعيش سوي العمر المقدر لها ، لا يجب ان يهتم بهذا الامر لهذه الدرجة ، يعود ليقبل يدها متسائلا ان لم يهتم بها فبمن سيهتم ، تقول ان عليه ان يهتم بنفسه ، تريد ان تطمئن عليه قبل ان تغادره ، يضع يده علي فمها ، يقول انها من ستربي له اولاده ، عليها ان تستعد لهذه المهمة ، يقول انه لا يري من يصلح لها غيرها مهما احسن الاختيار ، تضحك ، تقول ان عليه ان يجد الوقت اولا ليري احداهن ، هو منكفئ علي عمله طوال الوقت وحين يستريح تجده مشغول بها ، تقول انه يتعبها اكثر من واخويه ، تريد ان تري ذريته وتسعد بامرأة تحبه ، لا يدري لماذا خطرت علي رأسه صورة أسيل في هذا الوقت ، ولماذا شعر ببعض الغضب مع وصف صالح لجمالها ، لماذا ما ان استدارت اليه وهي تسأل عن محقق شعر بخفقان قلبه ، لماذا هاجمها دون ان يعرف ما بها ، تتكاثر الاسئلة علي رأسه ويبدو شاردا لجولاي التي تبتسم وهي تسأله فيما شرد ، وتعود لتسأله فيمن شرد ، يبتسم لها ، يقول في العمل ، يقول لديه الكثير من العمل عليه ان يتمه اليوم ، هو جاء فقط ليطمئن عليها و سيعود الي المخفر ليتمم عمله ، تضحك ، تقول انها صدقته ، يعرف انها تقرأه جيدا ولكنه لم يفعل ما يثير انتباهها لما يدور في رأسه ، يقول انه يصدُقها القول ، عليه اعمال متراكمة لابد وان يعود من اجلها ، تقول وكأنها تري ما يدور بعقله ، اذا هي من اسباب التعجل للعمل ، يضحك ، يقول ان الفتيات يأكلن رأسها ، لا تفكر سوي بهن من اجله ، تقول يبدو انها نجحت اخيرا في ان تجذب اهتمامه لاحداهن ، تدعو له ان ينير الله دربه ويرزقه من تستحقه ، يفكر كثيرا في دعوتها ، هل يستحقها .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي