2وفاه أصدقائى الواحد تلو الآخر

الجزء الثاني

صوت باب يفتح خلفي، مصدرا صرير مخيف مكبوت، كانه لم يفتح منذ قرن أو ما شابه،
استدرت خائفا، لقد عثرت بالفعل على باب فُتح، رأيت ممرًا قصيرًا مظلما، وآخرها درج عتيق كأنه من الآونة الغابرة ينزل لأسفل، سمعت صوت شخص يقترب.

لمحت بطرف عيني مصباح يدوي على المكتب، ركضت لأخطفه وعدت إلى الممر المظلم بسرعة، أغلقت الباب الثقيل خلفي بصعوبة، معتقد أنه لن يغلق بسهولة

لكنه أقفل بسهولة، كما لو كان منصوبا عجل صنع أسفل عقبه، فتحت الكشاف ووجهته إلى الممر وكان جسدي يرتجف من الخوف والرعب.

رأيت نورًا قادمًا من نهاية الدرج بالأسفل، لا أعرف لماذا كان فضولي يحترق بداخلي لكي أكتشف هذا المكان؟ الفضول يريد مني النزول والخوف يريدني أن أعود، لكن فضولي قد تغلب على الخوف.

نزلت وساقاي تتخبطان في بعضها، وصلت إلى الأسفل، ويا ليتني ما وصلت، ذهلت مما آراه أمامي وكان كالتالي.

غرفة كبيرة جدا، جدرانها مكتوب عليها ومرسوم أشياء وكلمات غريبة غير مفهومة لكن ليس هذا الشيء الغريب الوحيد في ذاك القبو المخيف السري، كان في نجم كبير جدا مرسوم على الارض.

على حافة النجم، كانت هناك شموع، وكانت الصدمة أن هذه الشموع مضاءة، و هناك الكثير من الكتب مفتوحة، وملقاه بشكل عشوائي غير مرتب داخل النجمة، اقتربت من هذه النجمة، دخلتها بدون تردد أو تفكير، نظرت إلى الكتب، ولم أفهم شيئًا منها!
لقد رأيت للتو كتابًا غريبًا، كان الوحيد الذي تم قفله، انحنيت عليه اخذته، لكن هذا ليس كتابًا.

هذه اجندة مكتوب عليها اسم بالفرنسية من خارج اسم "دياز انطوان"
فتحت تلك الأجندة، لكنني سمعت صراخ خلفي، صرخة شلت ساقي، وقف الدم في عروقي، خفق قلبي بعنف، سقطت الأجندة والكشاف من يدي، كان علي أن أرى ما كان خلفي، استدرت ببطء ولكن

وجدت رسمه جدي في وجهي مباشرة، رسمه لجدي علي الجدار، لكنه ينظر لي
كانت عيناه حمراء للغاية، قرونه ضخمة، والنجمة نفسها مرسومة على صدره، أيضا هناك كلمات مكتوبة بكلمة غريبة!
كلمات نقشت رأسا علي عقب، كلام غير مفهوم، بسبب خوفي أدرت ظهري.

لكن سقطت للتو على إحدى الشموع، انطفأت الشمعة، شعرت بالرعب وجدت بقية الشموع تتساقط واحدة تلو الأخرى، رغم أنها بعيدة عن بعضها البعض.

جسدي يرتجف، أسمع شخصًا ما يتنفس، التنفس حار، حار جدًا، عدت بظهري للخلف بتروي، حاولت أن ازحف بيداي، أريد أن أصل إلى الدرج وأهرب، أهرب من هذا الجحيم.

لكن يدي مسكت مغلف ما، نظرت بهلع، رأيت تلك الأجندة الغامضة، اخذتها بسرعة، أردت أن آخذ المصباح اليدوي، لكنه كان بعيدًا.
خشيت أن أذهب إليه لأستعيده فضلت الزحف والهرب، لكن الكشاف تحرك ضوئه لتثبيته في مكان ما.

الكشاف ظل يفتح ويغلق ضوئه بجنون، نظرت إلى المكان الذي كان يسيطر عليه الضوء صرخت، صرخت بأعلى صوتي، رأيت بقايا هيكل عظمي، صرخت بهستيري.

وقفت بسرعه كي اركض، لكنني سمعت خطى وخطوات ثقيلة تزحف وتقترب مني بعنف على الأرض، ضوء الكشاف لم يظهر أي جزء من تلك الغرفة الواسعة شيئا
باستثناء الهيكل العظمي، باقي المساحة الشاسعة غير مرئية.

خطوات اقتربت من الضوء الضعيف، ظهر رجلان للجدي، أنا تحجرت مكاني، شعرت بأطرافي تتجمد كأنني بداخل جبل ثلجي، كنت مرعوب وغير قادر على الصراخ!
ركضت للدرج على يدي وقدمي مثل الكلاب.

وصلت إلى الباب وأنا اركض واتعثر، أنهض مجددا واكمل ركض حتي وقفت أمام الباب، كنت متأكدًا من أنه لن يفتح لكنه فتح، خرجت اركض، واصطدمت بشخص ما بينما كنت أركض واستدرت، كان أحد رفاقي، نادي علي كثيرا، لكنني لم اتوقف عن الركض.

خرجت من مدرستي اللعينة، لكن بينما كنت أركض، سمعت شخصًا يناديني
صوت أحد رفاقي ولكني كنت خائف من أنني لا أستطيع الوقوف أو النظر خلفي.

فضلت الركض حتى وصلت إلى المنزل، قرعت الباب بطريقه عنيفة لن أعهدها في نفسي يوما، فتحت اختي، تركتها راكضا إلي غرفتي، قفزت على فراشي، مختبئ مثل الأطفال تحت الغطاء، كأنني احتمي فيه مما رأيته.

كنت أسمع صوت "والدتي" تناديني، ولكن حالي كما لو كنت دخلت في غيبوبة أو فقدت الوعي.
في اليوم التالي استيقظت وذهبت إلى المدرسة ، لكنني كنت أخشى حتى أن أنظر إلى المكتبة، سألني أصدقائي ماذا حدث؟ لكن من المعقول أن أقول لهم حقيقة ما حدث في ذاك القبو اللعين، أنهم سيسخرون مني بشده حتى نهاية العام!

المهم أنني عدت إلى المنزل، لم ترحمني والدتي من التحقيق فيما حدث أمسو وكيف هرعت لفراشي ولم أرد عليها؟ لكنني اضطررت للكذب عليها، اخبرتها بان الرفاق ضايقوني وكنت غاضبا، اعتذرت لهاو دخلت غرفتي وانا متضايق من نفسي كثيرا.

لكنني لمحت الأجندة فضولي اللعين دفعني مره أخري لقراءتها ومعرفه حقيقة ما حدث في ذاك القبو وما سبب وجود كل تلك الشعوذة والخزعبلات .
فتحت الاجندة وأنا متحمس لكني أرتجف ولا اعرف السبب، لا اعرف لماذا أفعل بنفسي هذا لكني اردت ان اقرا ما بداخلها.

لسوء الحظ لم أفهم منها شيء، كلها مكتوبة باللغة الفرنسية، لكني لم أستسلم بسهولة، أحضرت قاموس اللغة الفرنسية، وبدأت في ترجمتها، المهم أنني مكثت 3 أيام
أقوم بترجمته من القاموس بعد عودتي من المدرسة بالطبع، انتهيت منه أخيرًا وحصلت على الترجمة لقراءتها

سأقولها لك كما ترجمتها
(انا"دياز ماركيز انطوان" اليوم لا أعلم تاريخه، لكني اعلم التاريخ السابق جيدا، هذا الوقت وقت احتلال دوله "مصر"، ابي من المحتلين، اتي بنا انا امي واخواتي من بلدنا لنعيش هنا ونستعبد المصريين، كباقي الغزاة انا اكبر اخواتي، كنت رافض تماما لأفعال ابي والغزاة جميعا، لكن تلك ليست قضيتنا، ابي اخذ قطعه أرض ف جنوب مصر كان عليها منزل ضخم، احتل ابي البيت بالأرض، جعل الفلاحين عبيده، ذات ليله ابي أقام احتفال بعيد الفصح خاصتنا، لكن أصدقاء ابي لم يعجبهم نسائهم من الأجانب ف طلبوا من ابي ان يحضر الفتيات المصريات الصغيرات، ليرقصوا لهم ويتمتعوا بجمالهم، وينهشوا في لحمهم اخر السهرة، بالفعل فعل ابي هذا، اخذ الصغيرات من بيوتهم بالإجبار، لكن ثار الفلاحيين، هجموا ع البيت، أخذوا بناتهم وحبسونا ف البيت، قطعوا اي وسيله اتصال بحكومة الاحتلال، خاف الفلاحين من العقاب ف قرروا ان يحبسونا ف البيت لحين التوصل لحل، كانوا يحضرون الطعام لنا لكن بعض المتغطرسين من المحتلين رفضوا الطعام منهم خشيه من التسمم، بعضهم مات من الجوع وقتها ثار أحدهم كان رجل من عبده الشيطان، طلب من الجميع ان يشاركوه وان يطلبوا العون من الشيطان ابي رفض لكنهم صمموا علي هذا، أخذنا ابي وهربنا اعترض طريقنا الفلاحين امي بكت لهم ليتركونا ابي اخبرهم بما يفعله الآخرين ف البيت الأن، تركونا وهربنا الي بيتنا هذا، علمنا في اليوم التالي إن حكومة الاحتلال وجدت ضيوف ابي ممزقين أشلاء ف البيت، ف عاقبوا الفلاحين المساكين ظنوا انهم من فعلوا هذا، عذبوهم وجلدوهم حتي مات منهم العشرات، فتلك الليلة مساءا، استيقظت ع صراخ أبي، ركضت انا واخواتي إليه لكننا صرخنا بدورنا وجدنا امي معلقه ف الهواء رأسا ع عقب، حاول ابي انزالها ضربته بقوه لم ولن انسي عيناها السوداء المرعبة علمنا وقتها اننا لم نعد وحدنا من الجنوب، بل مسنا مس شيطاني، ابي طلب المساعدة من الكنيسة لكن ظروف البلد لم تسمح بهذا النوع من المساعدات وقتها، اضطر ابي ان يعالج امي بنفسه اعتقد بأنه سيقدر علي إخراج هذا الشيطان منها اشتري كتب عديده، وبدأ بالفعل ف تنفيذ ما فيها لكن الأمور تحولت للأسوء، استيقظت علي همهمة، بكاء، صراخ مكتوم، كنت وقتها انام ف غرفه بعيده عن الجميع لأنني كنت استيقظ من نومي واجد أشخاص حولي، أشخاص قصيري القامه لهم عيون مشعه كعيون القطط بعد منتصف الليل، فخفت من البقاء مع عائلتي ف نفس الطابق صعدت إليهم، لكن وجدت ابي يهبط السلالم وهوه يجر جثث امي واخواتي، أخذهم لهذا القبو ورسم نجمه خماسية ضخمه و قام باستحضار الجن وقدم لهم دماء عائلتي كقربان، ولم يكتفي بهذا بل رأيته رأيت ابي يأكل اخي الصغير وهوه حي، كتمت صراخي وبكائي لكني صممت ع الانتقام منه، انتظرت حتي صعد لغرفته، ذهبت للمطبخ واحضرت سكين ضخمه عدت لغرفته وقفت امامه رفعت السكين، كنت اهم بضربه بقوه لكن عينه فتحت نظر لي بقوه لكنه قال بأصرار:
_ أفعلها دياز، أفعلها يابني، اقتلني ثم اقتل نفسك لا مفر يا صغيري، لن يتركونا ابدا.
انا غضبت اكثر لم أعي لنفسي إلا بعد أن طعنته الكثير من الطعنات المميتة وجدت يدي ووجهي كلي ملئ بالدماء، حاولت الهروب، لكنهم لم يسمحوا لي كانوا عند كل مخرج للبيت هم نفسهم الأقزام الصغيرة المفزعة كانوا يرددون بصوت واحد مفزع:
_ كل ابيك، كل لحم ابيك، كله، كله، كله، لم احتمل اكثر، ركضت الي القبو، رأيت دماء فكل مكان فيه ولم أجد بقايا لعائلتي، بكيت كثيرا لكني رأيت صدفه كتاب لحبس الشياطين والجان المتمردة، فعلت كل ما ذكر ف الكتاب، اشعلت شموع بعد أن رسمت طلاسم عليها ووضعتها عند أطراف النجمة أتممت كل المطلوب لتنفيذ وتفعيل التعويذة لكن المشكلة الوحيدة هيه انتي لن اقدر ع فتح البوابة وإلا ستفشل التعويذة ولن يرحموني وقتها كان علي ان اظل هنا ف القبو اموت بالحياة لأحبسهم هنا وجدت هذه الأجندة وقررت ان اكتب كل ما حدث لكن المشكلة بما انك تقرأها، إذا ف انت ضحيه مثلي، حكم عليك بالهلاك الأبدي انت، عائلتك، أصحابك، وكل شخص تعرفه ع قيد الحياة، لأنه إذا وصلت لأجندتي فهذا معناه انك افسدت التعويذة وأعلم اذا انطفئت الشموع ف انت هالك، إذا اغلقت الكتب ف انت هالك، إذا دخلت النجمة ف انت هالك، وإذا رأيت رسمه الجدي ف اعلم انه الآن خلفك، لا مفر منه هوه لن يرحمك مهما حاولت الهرب منه مهما حاولت اعاده تفعيل التعويذة لن يجدي شيء نفعا لأنه إذا سجن بسبب إنسان واستطاع ان يخرج، لن يرحم من بالمكان وانت هوه من بالمكان اعتذر منك لكن لا يوجد عندي حل لك، سوي الانتحار مثلما فعلت انا، عليك بقتل نفسك، لأنه لم يرحمك بالقتل، بل ستحيا اسوء وارعب ايام حياتك انقذ نفسك منهم وانتحر)

لا أعرف كيف أصف شعوري! إنها مشاعر كثيرة لكن الخوف ليس منها للأسف
على الرغم من أنني يجب أن أخاف من هذا الحديث، لكن بصراحة، لم تدخل الكلمات إلى ذهني
لأنني ببساطة لم أسمع عن قصة القتل والذبح هذه، إذا كانت قد حدثت أثناء الاحتلال بالفعل، أليس كذلك؟

من المؤكد بأنني كنت سأسمع عنها، المهم هو أنني تجاهلت كل هذا، قلت لنفسي لاهتم بدروسي قليلا وأخصص وقتا للدراسة لفترة.
كنت اهم بالجلوس علي المقعد امام مكتبي الخاص بالدراسة عندما سمعت صرخة خلعت قلبي من مكانه.
سمعت صراخ، صراخ فظيع، سقطت من علي المقعد من كثره الفزع، فتحت والدتي الباب دلفت لغرفتي بالداخل تبكي وتقول:
_حسن حبيبي البقاء والدوام لله يا ابني صديقك محمد مااااااات.
يليه الجزء الثالث
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي